أسباب توضّح.. لماذا يشهد العراق أكثر سنواته طائفية منذ عقود؟

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٠٥ - مايو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسة


أسباب توضّح.. لماذا يشهد العراق أكثر سنواته طائفية منذ عقود؟

غنيٌّ عن الذكر، أنه وفي ظل التجاذبات السياسية والعسكرية التي يشهدها العراق في سنواته الأخيرة، فإن القسم الأكبر من المعاناة والمأساة يكون من نصيب المدنيين، حيث قُتِل 14 ألف شخص على الأقل في الأشهر الـ12 الأخيرة حسب إحصائية تابعة للأمم المتحدة.

مقالات متعلقة :

شهد العراق منذ الانسحاب الأمريكي 2011 حتى الآن أكثر سنواته دموية واقتتالًا، وما ميز هذه المرحلة أنها اتسمت بصراعات أتت تحت عناوين طائفية بامتياز، ومع تصاعد العنف الدموي فإن ردات الفعل تولد المزيد من ردات الفعل المعاكسة، ما يدخل البلاد في استقطاب طائفي شديد، وصلت إلى اعتبار البعض أن العراق على وشك التفكك أو ذاهب إلى التقسيم المبني على أساس طائفي، مع لجوء الجميع إلى الاستعانة بجهات خارجية لحمايته من أبناء بلده أو فصائل داخلية.

التالي 4 عوامل تبين لك لماذا وصل العراق بعد الغزو والانسحاب الأمريكي إلى هذا المستوى من الاستقطاب الطائفي:

تصرفات قوات «الحشد الشعبي» المدعوم من الحكومة المركزية

تعريف: الحشد الشعبي عبارة عن قوّات ميليشيات تطوعيّة تنتمي إلى المكوّن الشيعي العراقي، يصل عددها إلى قرابة الـ45 فصيلًا، وتشكلت بعد إطلاق المرجع الشيعي علي السيستاني دعوة لمساندة الجيش العراقي في حربه أمام تنظيم الدولة “داعش” السنّي المتطرف في 13 يونيو 2014.

تضم هذه الميليشيات مئات الآلاف من الشباب الشيعي، وتتلقى الدعم المالي واللوجستي من الحكومة العراقية مباشرة، حيث خصصت الأخيرة جزءًا من الميزانية السنوية لبناء قدراته ودفع الرواتب المستحقّة لأفراده، وتتفاوت الفصائل في علاقتها مع إيران بين تلقي الأوامر بشكل مباشر، وبين المشورة والمساعدة في التدريب.

جنازة تُقام في بغداد لـ15 مقاتلًا من الميليشيات الشيعية

الانتهاكات: تتهم منظمة هيومان رايس ووتش هذه الميليشيات بارتكاب أعمال عنف طائفية بحق العراقيين السنة، في المناطق التي تستولي عليها، وهي ممارسات تصل لمستوى جرائم حرب، وقد تصاعدت انتهاكات المليشيات المتحالفة مع قوات الأمن العراقية في المناطق السنية في الشهور الأخيرة، حيث تم إجبار السكان على ترك منازلهم، أو خطفهم، أو إعدامهم ميدانيًّا بالعشرات بشكل متكرر ومصاحب للعمليات العسكرية، وكذلك نهب البيوت المهجورة أثناء القتال، وتنفذ المليشيات الشيعية عمليات انتقام ذات طبيعة مذهبية بحق السكان السنة الذين لم ينخرطوا في الأعمال العدائية.

لم يعد هناك دولة. إنها دولة الميليشيات: شيخ عراقي سني

ولعل أبرز الانتهاكات التي تقوم بها الميليشيات الشيعية حساسيةً وإثارة لحالات الاستياء الشديد وموجات ردة الفعل عند الطرف السنّي هو حالات الاغتصاب التي تتعرض لها النساء من قبل عناصر من الجيش الحكومي نفسه أو فصائل شيعية مساندة، وترافق هذه الانتهاكات عمليات تحرير المناطق العراقية من تنظيم داعش، بالإضافة إلى الإساءة للمقدسات الدينية السنية من قبل تدمير المساجد ونشر منشورات مسيئة للعقيدة السنية.

كما تتهم جهات سياسية عراقية سنيةٌ الحشد الشعبي بالتنكيل الطائفي بالسنّة وبالعمل على إحداث تغيير ديموغرافي حادّ عبر التهجير القسري للعائلات السنية من بعض المناطق السنية المحررة، أو عدم السماح لهم بالعودة إليها حتى بعد مرور أشهر من تحريرها.

 

 

 

 

تصاعد تنظيم «داعش»

نبذة: يعد تنظيم داعش (الدولة الإسلامية في العراق والشام) القوة العسكرية السنيّة الأبرز التي تواجه الميليشيات الشيعية في الصراع الأخير، ومع أنه تنظيم حديث نسبيًّا حيث ظهر وتشكل في عام 2010م لكنه تمكن من التوسع والاستيلاء على مناطق عراقية واسعة.

في شهر يونيو من العام الماضي شهد طفرة في التقدم، حيث تمكن في خلال ما ينيف عن الـ10 أيام بقليل من السيطرة على مدينة الموصل التجارية ثاني أكبر المدن العراقية، ومن ثم تكريت ومدن قرب كركوك و10 مدن بمحافظة صلاح الدين وتل عفر والقائم وغيرها، بعد أن كان قد سيطر من قبل على كلّ من الفلوجة والرمادي.

ما جعل ذلك التقدم على قدر من الأهمية ما رافقه من عمليات فرار جماعية قام بها جنود الجيش العراقي؛ حيث تركوا وراءهم المعدات والأسلحة المتقدمة التي كانت قد أمدتهم بها الولايات المتحدة، وانتهى الشهر مترافقًا مع إعلان أبي بكر البغدادي قيام “الخلافة الإسلامية” تحت إمارته، الأمر الذي أدى بالنهاية إلى حالة صدمة في الوسطين العربي والعالمي من سرعة تقدم قوات التنظيم، والهزائم التي مُنِيَ بها الجيش العراقي، واعتبار تنظيم الدولة عامل تهديد حقيقي خصوصًا مع تصريح البغدادي بأن هدفه النهائي بغداد وكربلاء.

يُذكر أنه يُتهم البعثيون أيضًا بالمساهمة في أعمال العنف من خلال التعاون مع تنظيم داعش، يعزز هذا الاتهام سيطرة التنظيم على مناطق تعد مناطق ثقل بعثي تقليديًّا من مثل الموصل وتكريت، وكذلك ما كشفته صحيفة ديرشبيغل الألمانية في 19 نيسان من أن الرجل الثاني في تنظيم داعش حجي بكر ليس إلا ضابط استخباراتي عراقي سابق.

في العراق، بررت النخب الفاسدة والإرهابيون كل منهما وجود الآخر، كلٌّ يدعي توفير الحماية من الجهة الأخرى: كاتب أمريكي

أثر داعش على التطورات: تحركات التنظيم بين المدن هي العامل الرئيسي في تصاعد موجات النزوح الأخيرة في العراق، وذلك هربًا من عمليات الإعدام الجماعي التي يقوم بها الأخير أو خوفًا من المعارك والقصف اليومي الذي يستهدف المناطق التي تصبح تحت سيطرته، بلغ عدد النازحين عن ديارهم حوالي 2.7 مليون شخص منذ يناير2014 حتى مارس المنصرم، ويمثل نازحو الأنبار ما يقارب 30 بالمئة من إجمالي النازحين حسب بيانات المنظمة الدولية للهجرة.

يقوم التنظيم على أيديولوجية سنيّة تكفيرية معادية للمكون الشيعي بشكل رئيسي، وتتمثل غايته المعلنة بإقامة الخلافة وحماية المسلمين السنة ذوي الأغلبية من “الحكومة الشيعية المركزية”.

وأدى ظهوره بهذه الطريقة إلى اجت margin: 0px 0px 30px; color: rgb(77, 88, 96); font-family: Greta, Tahoma, 'Helvetica Neue', Helvetica, Arial, sans-serif; font-size: 18px; line-height: 27px;"> يُذكر أن السنة يفوقون الشيعة في المنطقة ككل بنسبة تسعة إلى واحد، وتمركز السلطة والقوّة في العراق بيد جهات شيعية مع ما يرافقها مع انتهاكات صارخة ودوريّة للمكون السني يولّد حالة استياء سنيّة عامة قابلة للانفجار، بل إن آية الله علي السيستاني نفسه، وهو من أبرز رجال الدين الشيعة في العراق، حذّر إيران بألا تنسى أن العراق دولة مستقلة.

وآخر التطورات في هذا الشأن تمثّلت بلجوء وفد عراقي رفيع المستوى يضمّ قيادات سنية بارزة إلى الأردن، طلبًا للمعونة والشورى من الدول العربية، حيث إن المكوّن السني يشعر أن محافظة الأنبار قد تُرِكت وحدها في مواجهة تقدم تنظيم داعش ضمن تقاعس أمريكي عراقي عن الزود أو الحماية – وقد برز ذلك عبر مظاهرة قادها محافظ الأنبار نفسه أمام السفارة الأمريكية احتجاجًا على تقاعس التحالف-، في أحداثٍ تبعتها هجرة أكثر من 190 ألف مدني نتيجة هذا التقدم وفق ما أوردته المفوضية العليا لحقوق الإنسان.

 مقاتلون شيعيون من ميليشيات “سرايا السلام”

وضع المسيحيين في العراق

يرى النائب المسيحي في البرلمان العراقي يونادم كنا، أن عام 2014 كان الأسوأ على الإطلاق بالنسبة للمسيحيين؛ حيث أدت الهجمة الشرسة لمسلحي (داعش) على الموصل ومناطق المسيحيين في سهل نينوى إلى نزوح 160 ألف مسيحي على الأقل.

وبشكل عام بدأت عملية إفراغ العراق من المسيحيين منذ عام 2003 مع تصاعد أعمال العنف والتوجه الطائفي، وتصاعدت في عام 2006 لتبلغ ذروتها في السنين الأخيرة، ولا يوجد أرقام دقيقة حول عدد المسيحيين المتبقيين أو المهاجرين، حيث تتحدث بعض التقديرات عن انخفاضها إلى 400-500 ألف بعد أن كان يبلغ إجمالي السكان المسيحيين مليون ونصف تقريبًا قبل حرب العراق.

إنه لأمر محزن ولكنه حقيقي: انتهاء المسيحية في العراق. لقد أردنا العراق, لكن العراق لا يريدنا.

أحد اللاجئين العراقيين المسيحيين

وقد توجّه البابا إلى مسيحيي الشرق بالمناشدة أن “حضوركم بحد ذاته ثمين بالنسبة للشرق الأوسط، إنكم قطيع صغير، لكنكم تتحملون مسؤولية كبيرة في الأرض حيث ولدت المسيحية وانتشرت. أنتم الكنز الأثمن بالنسبة للمنطقة”.، لكن المسيحيين يعتبرون أنهم أصبحوا من “المغضوب عليهم” وغير مرحب بهم ويتم تكفيرهم وملاحقتهم من أجل إبادتهم، ويتخوّف البعض أن يصل الحال فعلًا إلى انتهاء الوجود المسيحي في العراق بعد أكثر من 2000 عام من الوجود.

اجمالي القراءات 2661
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق