الإسلام السياسي بفرعيه السني والشيعي أضاع دين المسلمين ودنياهم

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٣٠ - مارس - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العرب


الإسلام السياسي بفرعيه السني والشيعي أضاع دين المسلمين ودنياهم

ما بين القاعدة في أفغانستان وولاية الفقيه في إيران، وجميع التنظيمات الجهادية والمتطرفة وكل أشكال حركات الإسلام السياسي التي تدور في فلك هذين النموذجين، ضاع الدين الإسلامي والمسلمون، فكل هذه الحركات والتنظيمات والمرجعيات باختلاف أيديولوجياتها ترى أنها صاحبة الحقيقة وهي المفوضة من الله بتبيان الطريق الصحيح لعباده وأن مفهوم الدولة المدنية هي المؤتمنة عليه من خلال شعار “الحكم لله” الذي أقصت به كل رأي مخالف.

كل الحركات والجماعات الإسلاموية تدعي أنها تريد أن تعيد المجتمعات إلى الإسلام الصحيح. إنها ترغب كما تعلن في برامجها عن إصلاح المجتمعات الفاسدة وتطهيرها من العادات الغربية.

بدأ ذلك المسعى الإصلاحي بالدعوة وانتهى إلى السلاح. وفي الحالتين كان التهديد بنار جهنم حاضرا. البعض أرجأ تنفيذ تهديده أما البعض الآخر فقد بادر إلى الفعل المباشر، فكان أن انفتحت أبواب جهنم على المسلمين، وبالأخص العرب منهم.

كانت تلك الجماعات ولا تزال تتصرف كما لو أنها حصلت من الله على تخويل، يبيح لها التعامل مع عباده باعتبارهم جزءا من إرث مستباح. الطريدة، الذبيحة التي لا أهل لها ولا مرجع. وحين أتيحت لتلك الجماعات فرصة الاستيلاء على الأرض وضعت السماء في خدمة أهوائها. فتحت شعار “الحكم لله” وصارت أحكامها بمثابة مفردات من وصية إلهية، ما كان من الممكن الخروج عليها أو الاختلاف معها. في القرن الحادي والعشرين يستعيد جزء من العالم العربي زمن محاكم التفتيش الذي عاشته أوروبا في القرون الوسطى تحت طائلة العقاب الإلهي، وهي قرون مظلمة بكل المعاني التي ينطوي عليها مفهوم الظلام.

أكانت العودة إلى الإسلام الصحيح تحتاج لكل هذا الظلام؟ كيف تستقيم تلك العودة مع قوله تعالى “نور على نور”؟ ولكن أين يقع الإسلام الصحيح؟

في عالمنا المعاصر هناك نموذجان للدولة الدينية، النموذج الأفغاني ومثله حكم حركة طالبان الذي بدأ عام 1996 لينتهي بكارثة عام 2001 والنموذج الإيراني الذي أنشأه آية الله الخميني عام 1979 على أساس مبدأ ولاية الفقيه.

تم تغليف الرغبة في التسلط، وهي رغبة دنيوية بطابع ديني أحكم خناقه على رقاب الناس من خلال التجهيل

وهناك اليوم المئات من الحركات والجماعات الإسلامية التي تدور في فلكي النموذجين المذكورين وتصنف جميعها باعتبارها حركات وتنظيمات وجماعات إرهابية، استنادا إلى العنف الذي تمارسه بحق المدنيين.

ولو عدنا إلى نموذجي الحكم في أفغانستان وإيران لاكتشفنا من خلال النتائج الكارثية التي انتهى إليها الأفغان والإيرانيون أن قدرا كبيرا من التضليل كان قد مورس من أجل أن يكون النظام مقبولا عل أساس كونه يمثل الإسلام الصحيح.

لقد تمّ تغليف الرغبة في التسلط، وهي رغبة دنيوية بطابع ديني أحكم خناقه من خلال التجهيل على رقاب الناس، بطريقة تمزج المأساة بالملهاة، حيث أنتجت تلك الطريقة أوضاعا شاذة في عصر الانفتاح على الفرد باعتباره منجما للحريات.

فلا شعار طالبان الذي ينص على العودة إلى عصر النبي ولا الطغيان باسم ولاية الفقيه المفوض إلهيا، يمكن النظر إليهما بطريقة تجعلهما يستقيمان مع مبادئ الحياة الإنسانية الكريمة وشروطها ومقوماتها وقيمها.

وهما في الأساس يقومان على مبدأ مصادرة الحقوق والحريات الفردية. فلا حقوق للإنسان في ظل الاستسلام للحق الإلهي ولا حرية للإنسان أيضا في مواجهة ما يقره الملالي من واجبات شرعية.

لقد تم تدمير المجتمعين الأفغاني والإيراني حين أفرغا من قوتهما الخلاقة القائمة على حرية واستقلال الفرد وتم إخضاعهما لنسقي طالبان والجمهورية الإسلامية، وهما نسقان يقومان على القطيعية، حيث كل فرد يشبه كل فرد آخر، لا في هيأته الخارجية فحسب بل وأيضا في طريقته في التفكير.

أما التنظيمات والأحزاب الملحقة بهاتين المعجزتين، بدءا من جماعة الإخوان المسلمين المصرية وانتهاء بحزب الله اللبناني مرورا بحزب الدعوة وجبهة النصرة وداعش وحماس وعصائب أهل الحق ومنظمة بدر وأنصار الشريعة وسواها من التنظيمات المتشددة التي صارت تعيث بالأرض وساكنيها فسادا، فإنها تقيم بين قوسي النموذجين المذكورين، أو إذا شئنا التحديد أكثر بين هلالي الحرام والحلال.

وهما مصطلحان دينيان، اكتشفت الجماعات الدينية أن في إمكانها اللعب على مرونتهما وغموضهما، حيث يمكن أن يكون الحرام حلالا غير مستحب ويكون الحلال حراما مستحبا، وهكذا ضاع الإسلام.

ولكن الأهم من ذلك أن حياة الناس قد ضاعت. فلا هم كسبوا من دينهم شيئا ولا هم مشوا في طريق الدنيا المنيرة مثل باقي البشر.

 
 
 
اجمالي القراءات 1187
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق