كيف تروي اللافتات والجرافيتي والشتائم حكايا الثورات؟

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٣٠ - مارس - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسة


كيف تروي اللافتات والجرافيتي والشتائم حكايا الثورات؟

منذ أربعة أعوام كانت البداية، انطلاقًا من تونس مرورًا بمصر ومن ورائها اليمن والبحرين وصولًا إلى سوريا. على نفس النهج ساروا وإن اختلفت المسارات وأضحت النهاية غير معروفة حتى الآن. ربيع عربي هب على المنطقة بأسرها ليُحرك جمودًا أصابها لعقود لم يحدث خلالها حادث يذكر يختص بتغيير شكل النظام الحاكم، أو حتى تغيير في وجوه الحكام.

اختلفت الدروب التي سلكها كلٌ في موطنه لكنهم اتفقوا على عدة أشياء، كانت من السمات الموجودة بكل دولة مرت بها نسائم الربيع، ما بين لافتات كفر نبل، وجرافيتي محمد محمود، وتغير اللغة والنسق القيمي الذي كان معهودًا قبل الثورات، فأضحى التنابذ بألفاظ قد تبدو غير مقبولة اجتماعيًا واقعًا يوميًا يعايشه أبناء المنطقة.

في هذا التقرير استعراض وتوثيق لبعض من الحكايا التي ترويها اللافتات والجرافيتي والشتائم ومطلقوها.

لافتات كفر نبل المحتلة بسوريا المُدمّرة

 

 

 

 

 

 

 

 

لافتات كفر نبل المحتلة، إذا كنت متابعًا لمآلات الحادث في سوريا وما يجري بها فلابد وأنك قد طالعت صورًا لأشخاص يحملون لافتات أو رسومات كاريكاتير بتاريخ اليوم الذي خرجوا للتظاهر فيه، إنها “كفر نبل” التابعة لريف معرّة النعمان محافظة إدلب.

“رائد فارس” و”أحمد جلل” رسامان حملا مهمة إيصال رسائل للعالم يكون أبطالها من “كفر نبل”، في البدء كانت اللافتات تحمل اسم كفر نبل المحتلة وبعد تحريرها أصبحت اللافتات تحمل توقيع “كفر نبل المحررة”، كأنها رسالة توثيق للعالم، في كل جمعة تخرج الجموع في كفر نبل حاملين لافتاتتهم بتاريخ واسم الجمعة موقع أدناه، سواء ليُعبروا عن غضبهم، إدانتهم لما يحدث أو حتى فقدانهم الأمل في كل شيء، حتى رفعوا لافتتهم الأشهر “يسقط النظام والمعارضة، تسقط الأمة العربية والإسلامية، يسقط مجلس الأمن، يسقط العالم، يسقط كل شيء“.

وفي الوقت الذي قام “بشار الأسد” بأول مجزرة للكيماوي في غوطة دمشق الشرقية في أغسطس 2013 رفعت “كفر نبل” لافتة تُفيد بـ”أن كفر نبل يعتريها القلق جراء ممارسات الأسد”.

 

 

 

 

 

 

 

 

وهكذا توالت تباعًا رسائل كفر نبل حتى أصبحت رغم صِغر مساحتها وعدد سكانها من أشهر المدن السورية، التي تنتهج النهج السلمي منذ بدء الثورة السورية التي آلت إلى حرب واسعة الأطراف.

 

 

 

 

 

 

 

 

في حديث صحفي لـ”بي بي سي” وعند سؤال “الأسد” حول استخدامه “للبراميل المتفجرة” في سوريا ضد الشعب السوري، رد “الأسد” بأنه “شيء طفولي” أن يتم ترديد هذه الاتهامات، وبعد عدة أيام من إذاعة الحوار، كانت البراميل المتفجرة تنهال على منازل السوريين في “دوما”، فكان هذا الكاريكاتير.

وفي انكسار رفعت “كفر نبل” لافتة تتضامن مع “دوما” أكبر مدن الغوطة وأكثرها كثافة، وصاحبة النصيب الأوفر من عمليات الأسد في مطلع هذا العام، حيث تم اقتحامها من قبل الجيش النظامي السوري وذبح العشرات، غير البراميل المتفجرة التي دمرت أكثر من 500 منزل، وخلّفت وراءها 100 قتيل و400 جريح، غير تدمير نقطتين طبيتين.

 

 

 

 

 

 

 

 

وفي الذكرى الرابعة لقيام الثورة السورية 14 مارس/آذار رفعت كفر نبل لافتة تختصر الوضع المستمر 4 سنوات:

 

 

 

 

 

 

 

 

تُعد صفحة لافتات كفر نبل المحتلة توثيقا من نوع جديد لأحداث الثورة السورية وما آلت إليه، وتوثيقًا للانتهاكات من الأسد وداعش والنصرة وكل الأطراف المتصارعة، توثيقًا من لافتات وصور على الإنترنت ووجوه متجهمة على الوضع السوري.

الجرافيتي.. صوت الثورة وسط زخات الرصاص

الجرافيتي والذي كان للمفارقة سببًا من أسباب قيام الثورة السورية، حين كتب 15 طفلا – كلهم تحت سن الـ17 – بعد خروجهم من المدرسة على جدران مدرستهم بدرعا السورية “الشعب يريد إسقاط النظام” كمحاكاة لما رأوه في تونس ومصر، فاعتقلتهم قوات الأمن وعذّبتهم، فانطلقت شرارة الثورة من درعا.

بعبارات مخطوطة على جدران ممتدة مصمتة تُصدر ضجيجًا ينال من كل الطغاة سواء كان الأسد أو داعش. بدأت المدن السورية باستخدام الجرافيتي كوسيلة للتعبير، بدأت حرب الجرافيتي في بدايات الثورة بين الشباب السوري المؤيد للثورة وبين قوات الأسد، ففي الصباح تجد حصيلة ما رسمه الثوار في الليل لتقوم قوات الأمن بمسحه أو تشويهه، استمر الحال هكذا في غالب المدن السورية حتى بدأ الثوار بحمل السلاح، فقلت الأنشطة السلمية مثل اللافتات والجرافيتي لكن كفر نبل لم تهن قوتها ولم تستهن بالحل السلمي حتى بعد اقتحام داعش لها في ديسمبر 2013، يقول “أمير” من مجموعة “الشارع” لتقرير في “المونتير” أنه بعد اقتحام الأسد للمدينة وضربها بالطيران وبعد غزو داعش للمدينة، وانتشار القتل، أصبح أقل نشاط يمكنه أن يُعرض السكان للقتل، حتى بدأت إرادتهم تخفت شيئًا فشيئا، ومع دخول الثورة في مرحلة الحرب، كان لزامًا علينا أن نعيد إيمان الجموع بالثورة، وبأن الثورة لم تجلب الإرهاب، بل النظام وبشار هو من جلب هذا لسوريا.

“بعد ثلاث سنوات من الحرب أثبتت أن السلاح فشل في إسقاط النظام لكنه أغرق سوريا في حرب دموية لا نهائية، هذا النوع من المقاومة – الجرافيتي – هو مخاطرة ومحاولة لاستعادة بعض من المدنية التي تمت سرقتها بالسلاح”، يقول “مرزوق” أحد أعضاء “الشارع” للجرافيتي في كفر نبل.

 

 

 

 

 

 

 

 

وبما أن قيام الثورات كان متتابعًا، كانت كل دولة تشعر بما تجابهه الدولة الأخرى في بدايات ثورتها، تعلم الشعوب ما قد يستخدمه النظام ضد المعارضين، وأي إستراتيجية يجب على الثوار اتباعها، فكانت الثورة المصرية رائدة في الجرافيتي وكانت هناك شوارع بعينها مخصصة كليةً للجرافيتي، شارع “محمد محمود” مثالًا والذي شهد على أحداث محمد محمود 2011 ومواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن أسفرت عن 52 قتيلًا.

لم يخل الجرافيتي في مصر أو سوريا من العنف اللفظي أو الألفاظ التي تعد غير مقبولة اجتماعيًا، فكانت الشوارع تضج بما لا تستطيع القلوب كتمانه، كان طبيعيًا أن تمشي بشوارع القاهرة فتجد حرب الجرافيتي دائرة وموثّقة على الحوائط، سواء بمحمد محمود أو جدران قصر الاتحادية.

 

 

 

 

 

 

 

 

ولم تخل الشوارع المصرية من الجرافيتي المؤيد للثورة السورية الناقم على بشار الأسد وممارساته، فكان العنف اللفظي حاضرًا.

 

 

 

 

 

 

 

 

وبسوريا كان للألفاظ غير المقبولة اجتماعيًا على الحوائط وجود كبير، سواء في وسط المقاتلين أو رسامي الجرافيتي المدنيين:

 

 

 

 

 

 

 

 

العنف والتراشق اللفظي

لغة الشتائم هي ظاهرة قديمة، وما شابهها من الحركات والإشارات، في كل اللغات والثقافات والمجتمعات. يلجأ إليها معظم الأفراد بغض النظر عن مستواهم الثقافي والاجتماعي، عند تعرضهم إلى حالات انفعالية معينة ولكن بنسب وأساليب مختلفة حسب نوع الحالة والوضع الاجتماعي. لجوء الأطفال إلى البكاء عند حالات الغضب ورفض تنفيذ رغباتهم يعتبر شيئًا مألوفًا ومقبولًا لدى المجتمع كوسيلة، ولكن البكاء بالنسبة للكبار يعد أمرًا غير مرغوب فيه لذلك يرى في الشتم واللعن خير ملاذ لذلك.

اجمالي القراءات 1668
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق