هل سيعدم السيسي قادة الإخوان المسلمين؟

اضيف الخبر في يوم الخميس ٢٦ - مارس - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: المقال


هل سيعدم السيسي قادة الإخوان المسلمين؟

 

الكاتب :

رأى الكاتب والباحث عبد الرحمن الرشدان، وهو أستاذ العلوم السياسية، في مقال نشره موقع “عين على الشرق الأوسط” أنه من أجل ترسيخ العلاقات المصرية السعودية في المناخ السياسي الحالي، يجب على السيسي التصالح مع جماعة الإخوان.

مقالات متعلقة :

في العالم العربي اليوم، كما كتب، أصبح من الصعب أكثر فأكثر عزل الشؤون الداخلية لبلد ما عن التفاعلات الإقليمية والدولية. ومصر في هذا ليست استثناء، فهي البلد الذي تلعب فيه الأطراف الإقليمية دورا أساسيا في كيفية اتخاذ للقرارات من طرف قائد الانقلاب العسكري.

كيف سيتعامل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع قادة الإخوان المسلمين في ضوء أحكام الإعدام المتتالية التي صدرت ضدهم من قبل عدد من القضاة الذي يُنظر إليهم أنهم تابعون للنظام؟ جزء كبير من الإجابة، كما هو الحال في العديد من الحالات الأخرى، يكمن في فهم التفاعلات الإقليمية الجديدة التي تشكلت في الفترة الأخيرة.

نظام السيسي هو في أمس الحاجة إلى المال إلى الحدَ التي قد يُهدد فيه بقاء النظام. فقد كان يعيش على المساعدات الخليجية لمدة 20 شهرا تقريبا، على الرغم من احتقار السيسي لزعماء دول الخليج. فقد أغرقت السعودية والكويت والإمارات نظامه بأكثر من 30 مليار دولار لدعم اقتصاد البلد.

ومع ذلك، فإن المال أُنفق في ظل غياب خطة معلنة للتنمية الاقتصادية. ولا يزال النظام، إلى الآن، يسأل المزيد من المال للحفاظ على تسيير الأمور وتجنب الاستياء الشعبي، وتجدد الطلب في مؤتمر المانحين والمستثمرين الذي انعقد مؤخرا في شرم الشيخ.

ومن أجل الحفاظ على المال السعودي المتدفق إلى مصر، كما يرى الكاتب، فإن السيسي يحتاج لتبني سياسات جديدة تجاه المملكة في عهد الملك سلمان. فالمملكة مهددة بسيطرة الحوثيين على مناطق في اليمن المجاورة لها –وتمثل حركة الحوثي جزءا من التنامي السريع لقوة إيران الإقليمية وتمددها- ، وحتى تكون السعودية قادرة على مواجهة هذا الخطر، يحتاج سلمان إلى تشكيل تحالف قوي مع الفرع الإخواني القوي في اليمن، وهذا أمر لا يمكن أن يحدث حتى يرفع نظام السيسي قبضته الوحشية على إخوان مصر.

* الأسئلة الأساسية:

مع ذلك، يتساءل الكاتب، ما الذي يجعل الحليف القوي للولايات المتحدة القوي يشكل تحالفا مع جماعة إسلامية دعمت الولايات المتحدة الإطاحة بها في عام 2013؟ ألا يمكن للولايات المتحدة الاكتفاء بدعم الضغوط الدولية لمساعدة الرئيس الشرعي السني استعادة السيطرة في اليمن بحيث يتم الحفاظ على أمن الحليف الإستراتيجي للولايات المتحدة الغنية بالنفط؟

وهنا، وفقا للكاتب، تبرز تعقيدات التحولات السياسية الإقليمية الجارية:

التهديد الرئيس الحالي ضد مصالح الولايات المتحدة في العالم العربي هو الحركات الإسلامية المسلحة المتطرفة، والتي تهدد الاستقرار في العراق وسوريا واليمن وليبيا. ولتكون قادرة على التدخل بشكل فعال، فإن الولايات المتحدة شكلت التحالف الدولي للحرب ضد تنظيم كجزء من مغامرة “الحرب على الإرهاب” التي لا تنتهي.

والهدف الحقيقي من هذه الحرب هو الحركات الإسلامية المسلحة المتطرفة في المنطقة.

ولأن إدارة أوباما ضد إشراك قواتها البرية في الحرب، فإنها “لا تستطيع أن تفعل للعراقيين ما يجب عليهم القيام به لأنفسهم”، لهذا استخدمت القوات المحلية في مواجهة تنظيم الدولة. والمثير للدهشة، أن الحليف الأقوى للولايات المتحدة على الأرض في هذه الحرب هو إيران والميلشيات التابعة لها.

وبما أنه لا يوجد شيء مجاني في السياسة، فإن إيران أعادت التفاوض بشأن برنامجها النووي لتُطلق يدها بهذا في المنطقة، واليمن هي واحدة من ضحايا هذه الصفقة.

 ومن ضحاياها أيضا السوريون، إذ من المرجح أن تدفع الولايات المتحدة نحو المصالحة بدلا من الإطاحة بالأسد، وتصريحات كيري الأخيرة بالتفاوض شاهدة على ذلك.

* السعودية على خط الدفاع:

مع التوسع الإيراني المستمر واحتمال حصول اتفاق محتمل بشأن برنامجها النووي، تبدو المملكة العربية السعودية على خط الدفاع. ذلك أن الولايات المتحدة وحلفاءها، جنبا إلى جنب مع روسيا، يساعدون العدو اللدود الشيعي، فيما يتطلع الملك سلمان إلى حلفاء آخرين للحصول على الدعم. وبهذا، يلوح في الأفق شكل جديد من الشرق الأوسط.

 وفي حين تقف الولايات المتحدة وروسيا وإيران وسوريا والعراق ولبنان واليمن في طرف واحد، تصطف السعودية ومعظم دول الخليج وتركيا وقطر على الطرف الآخر، مع احتمال التعاون مع إسرائيل في هذا. وهذه التحالفات ليست دائمة ولا هي واضحة، بأي حال من الأحوال، إنها ظرفية ومحددة بهدف معين.

ومع ذلك، يقول الكاتب، يحاول الملك سلمان توسيع هذه الكتلة الجديدة ما أمكنه ذلك لمواجهة إيران. وهو في هذا قد أحدث تغييرا في السياسة التي اعتمدها سلفه الملك الراحل عبد الله الذي رأى في حركات الإسلامية باعتبارها التهديد الرئيس للمملكة.

حماس، التي كانت مدعومة من قبل إيران ويحتضنها الأسد في سوريا، يبدو أنها تنتقل إلى المعسكر السعودي، بالنظر إلى التحسن السريع في العلاقات بينهما.

وفي الوقت نفسه، يتطلع الملك سلمان إلى ضم السيسي إلى هذا التكتل.

* أين يقف السيسي من كل هذا؟

كان التوتر بين سلمان والسيسي واضحا جدا منذ اليوم الأول للملك في منصبه. ومع التعهد باستثمارات سعودية في مصر تقدر بحوالي 4 مليار خلال مؤتمر شرم الشيخ الأخير، من الواضح أن الرياض على استعداد للتعامل ببعض الجزر على العصا عندما يتعلق الأمر بالسيسي.

لعبة حساسة يلعبها الملك سلمان لسحب السيسي بعيدا عن المعسكر الإيراني وفي الوقت نفسه دفعه للمصالحة مع الإخوان المسلمين، أخذا بعين الاعتبار حاجة مصر الملحة للمال. إذ السيسي في حاجة ماسة المال، ولكنه لا يستطيع أن يسمح بعودة إلى الحياة السياسية.

السيسي، على ما يبدو، حاول اختبار عصاه الخاصة مع السعوديين. يوم 2 مارس عام 2015، كتب ضيف الله الشامي، وهو عضو بارز في حركة الحوثيين على صفحته في الفيسبوك أنه في طريقه إلى القاهرة مع وفد لمناقشة “التعاون الثنائي”. وبعد يومين، نفت وزارة الخارجية المصرية عقد اجتماع مع الحوثيين.

وبالإضافة إلى ذلك، في مقابلته مع صحيفة وول ستريت جورنال، في 20 مارس، قال سيسي: “نحن حريصون على العلاقة الإستراتيجية مع الولايات المتحدة فوق كل شيء آخر، ولن ندير ظهورنا عنكم إطلاقًا حتى لو أدرتم أنتم ظهوركم عنا”، وكلا الردَين رسائل دبلوماسية موجهة إلى النظام السعودي حول عواقب إغراق الفرعون المصري.

في الوقت الراهن، وفقا لرأي الكاتب، فإن السيسي يقبل بفرح المال السعودي وكذا التفاوض مع قادة جماعة الإخوان. وقد كشف د. الكتاتني عن محاولات نظام السيسي للتصالح مع الجماعة.

 * نقطة الانهيار:

 ومع ذلك، يبدو أن السيسي يتبع إستراتيجية جديدة قائمة على دفع أعضاء جماعة الإخوان إلى نقطة الانهيار من خلال أحكام الإعدام الأخيرة التي صدرت ضد كبار قادة الجماعة.

إذا قبل قادة الجماعة بخيار المصالحة، فإن عقوبة الإعدام ستُلغى بموجب عفو رئاسي أو تُعاد المحاكمات، وسوف تنشر وسائل الإعلام أن أعضاء جماعة الإخوان المسلمين ليسوا كتلو واحدة، فمنهم معتدلون ومنهم متطرفون، وحرب السيسي موجهة ضد المتطرفين وليس كل أعضاء جماعة الإخوان المسلمين.

ولكن إذا رفض الإخوان، كما هو متوقع، المصالحة، ويبدو أن سلمان طلب هذا الأمر كشرط مسبق لاستمرار المساعدات، فإن الدبلوماسية قصيرة الأجل التي حاول السيسي مؤخرا اعتمادها سوف تنتقل إلى مثواها الأخير. وهو ما ينذر بحمام دم مع احتمال رد فعل عنيف في الشارع.

اجمالي القراءات 1485
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق