ما الذي يمكن أن تجنيه إسرائيل و حماس من الصراع الدائر في غزة؟

اضيف الخبر في يوم الإثنين ١٤ - يوليو - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: بى بى سى عربى


ما الذي يمكن أن تجنيه إسرائيل و حماس من الصراع الدائر في غزة؟

سبعة أيام على بدأ الحرب التي لا يبدو أن أحدا يريدها أن تندلع أو يعرف كيف يوقفها.

وعندما انتهى الأسبوع الأول من يوليو/ تموز، كان هناك شعور بأن الأجواء السياسية كانت تشتد سخونة، لكن دون إشارة إلى مواجهة متواصلة بين إسرائيل وحماس.

وأبّن الإسرائيليون ثلاثة صبية من المستوطنين كانوا قد اختطفوا وقتلوا أثناء عودتهم إلى البيت بعد انتهاء دروسهم المسائية عبر الضفة الغربية، في حين فجع الفلسطينيون جراء اختطاف صبي وقتله بصورة مروعة كرد فعل انتقامي أثناء انتظاره لصلاة الفجر في أحد مساجد المدينة.

واندلعت في القدس الشرقية وبعض المدن في شمال إسرائيل التي تسكنها أعداد كبيرة من الفلسطينيين أعمال شغب واضطرابات لكنها هدأت نسبيا بسرعة، ولم يكن إطلاق الصواريخ من قطاع غزة الا قرقعة في خلفية خلفية ، إذ ليس هناك ما لا يستطع نظام القبة الحديدية المضاد للصواريخ التعامل معه بشأنها.

وفي هذا الجانب كانت الغارات الإسرائيلية مدروسة بعناية، إذ استهدفت مراكز التدريب ومواقع إطلاق الصواريخ في غزة. وكانت قائمة الأهداف كافية لإقناع الجمهور الإسرائيلي بأن في ذلك عقابا لحماس على إطلاق صواريخها، لكنه لم يكن كافيا لدفع الحركة المسلحة إلى تصعيد هجماتها.

وكانت هناك تلميحات لإمكانية الاتفاق -وإن كان بحذر- على هدنة من كلا الطرفين، إسرائيل وحماس، لكن الصيغة المتفائلة للهدنة هي أن هدوء الطرف الآخر يجب أن يقابله هدوء مماثل.

لكن، وخلال ساعات تفاقمت الأعمال العدائية، وفي نهاية الأسبوع قالت مصادر عسكرية إسرائيلية إن الجيش ضرب أكثر من ألف هدف في قطاع غزة، في حين أطلقت الحركات المسلحة هناك أكثر من 500 صاروخ باتجاه إسرائيل. والأهم من ذلك هو أن عدد القتلى في غزة ارتفع إلى أكثر من 100 قتيل ومئات الجرحى، بينهم عدد كبير من المدنيين.

استراتيجية حماس

ولم تتحقق هذه الهدنة المحتملة، ليس بسبب ما وقع في الأسابيع القليلة الماضية،حسب بل لأن التحولات الواسعة في الساحة السياسية للشرق الأوسط خلقت ضغوطا هائلة على حركة حماس.

وكان الرابط بين اختطاف الصبية الإسرائيليين الثلاثة والتصعيد المفاجئ للأعمال العدائية مع قطاع غزة كافٍ بصورة واضحة.

أدى اختطاف الثلاثة مستوطنين وقتلهم في الضفة الغربية إلى اندلاع غضب في أنحاء إسرائيل

 

اشتباكات بين القوات الإسرائيلية ومتظاهرين فلسطينيين عقب أنباء عن مقتل صبي فلسطيني

 

إذ ألقت إسرائيل مسؤولية اختطاف الصبية على حركة حماس، وأغرقت الضفة الغربية بجنودها الذي اعتقلوا المئات من نشطاء حركة حماس. ورأى الفلسطينيون الاعتقلات عقابا جماعيا بدلا من البحث الحقيقي عن أدلة.

وكانت الأداة الوحيدة التي تمتلكها حركة حماس للرد على عمليات الاعتقالات الجماعية هي إطلاق الصواريخ من قطاع غزة، وكانت هذه الاعتقالات سببا كافيا لتكثيف القصف.

وتساعد التحولات الواسعة في الشرق الأوسط في شرح الأسباب التي ربما جعلت حماس ترى قيمة استراتيجية في تصعيد صراعها مع إسرائيل.

أذ تعرضت المنظمة (حماس) إلى ضرر كبيرمن جرّاء تغيرات الربيع العربي وتحولاته، التي تركتها مع عدد قليل من الحلفاء وأموال شحيحة جدا.

ففي الماضي، كانت الحركة تتلقى دعما من إيران وسوريا. لكن حماس تنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين السنية، وعندما اتخذت موقفا مؤيدا للمتمردين السنة المعارضين لنظام بشار الأسد العلوي وداعميه من الشيعة في طهران، ردت إيران على ذلك بإيقاف المساعدات المالية. وكانت إيران تتبرع بنحو 20 مليون دولار شهريا، وهو ما يكفي لتمويل الإدراة الحكومية في قطاع غزة.

التحولات الواسعة في الشرق الأوسط تساعد في شرح الأسباب التي ربما جعلت حماس ترى قيمة استراتيجية في تصعيد صراعها مع إسرائيل.

ولم يؤثر ذلك طالما أن محمد مرسي الذي ينتمي للإخوان المسلمين هو من كان يمسك بمقاليد السلطة في مصر. فهو متماه بقوة مع حماس، وعندما أغلق مرسي عددا من الأنفاق التي تقع على الحدود مع القطاع إبان فترته الرئاسية ظلت أنفاق أخرى مفتوحة.

وكان بعض الأنفاق يستخدم بالطبع في تهريب الأسلحة، لكنها تستخدم كذلك في تهريب البضائع الاستهلاكية التي كانت تخضعها حماس للضرائب.

وتعد حكومة عبد الفتاح السيسي المصرية الجديدة جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، وتنظر إلى حماس على أنها خرجت من نفس العباءة.

وجرى إغلاق العديد من أنفاق التهريب، وبذلك إوقف مصدر آخر للموارد.

وانتهت حماس يائسة إلى عقد نوع من المصالحة مع خصمها اللدود حركة فتح، التي تدير من خلال السلطة الفلسطينية الضفة الغربية تحت الاحتلال الإسرائيلي.

وعلى الرغم من ذلك، لم تجلب العلاقة الجديدة أي شيء لحماس حتى الآن، وبالشكل الذي بقيت عليه الفوائد الملموسة والاختلافات الكبيرة باقية بين الجماعات الفلسطينية المتصارعة.

مطالب الهدنة

وبالطبع لن يحل إطلاق الصواريخ الذي تجدد أيا من تلك المشكلات على نحو فوري.

لكن قادة حركة حماس العسكريين ربما يعتقدون بأن مشاهدة المدنيين الفلسطينيين وهم يعانون تحت القصف الجوي المروع سيجبر السلطة الفلسطينية على إظهار مزيد من التضامن ودفع الحكومات العربية إلى إظهار المزيد من الدعم.

وقد تفكر حماس في أنه لم يكن لديها الكثير من المميزات في الاستمرار في حالة الهدوء، في حين أنه بمجرد بدء الأعمال العدائية تستطيع المطالبة بتنازلات من أجل القبول بإيقاف إطلاق النار.

يبدو أن الإدانة الدولية ستتزايد في حالة ارتفاع عدد الضحايا المدنيين في غزة

 

ومن جانبها، فإن إسرائيل تبدو يائسة من إيقاف إطلاق الصواريخ أو من تدمير حماس.

وتبدو صواريخ غزة بالنسبة للعالم خارج القطاع غير فعالة، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنها مصنوعة محليا ولأنها لا تضاهي قدرة نظام القبة الحديدية الإسرائيلي المضاد للصواريخ.

لكن المدنيين في إسرائيل يحكمون على الصواريخ من خلال الأهداف التي وراءها لا من خلال فعاليتها العسكرية. فهم ساخطون من طقوس الركض إلى الملاجيء مع أطفالهم حين يسمعون صافرة الإنذار التي تمهلهم 15 ثانية فحسب للاختباء. فهم يعتقدون بأنه على حكومتهم إيقاف ذلك.

وتكمن المشكلة في أنه ليس هناك طريقة بسيطة للقيام بذلك.

وحتى إذا كنت تؤمن بأسطورة دقة أنظمة الأسلحة الحديثة عليك أن تقبل بأن الغارات الجوية ستقتل الأبرياء.

وربما تقول إسرائيل إنها تحاول تجنب سقوط الضحايا من المدنيين بينما تقوم حماس باستهدافهم. لكن الصور التليفزيونية للقتلى المدنيين في غزة –خاصة الأطفال- ستساعد في رسم التصورات عن إسرائيل حول العالم.

وتقول مصادر عسكرية إسرائيلية إن الحركات المسلحة في غزة ربما تمتلك 10 الآف صاروخ، ويعترفون بأنهم لا يعلمون أماكن تخزين الصواريخ بعيدة المدى. وربما يأخذ العثور عليها وتدميرها في الحقيقة وقتا طويلا. وترتفع أعداد الضحايا من المدنيين ومعها تتعالى الإدانة الدولية.

هدف بعيد المنال

ولا يبدو إرسال قوات برية خيارا جيدا هو الآخر.

فيجب أن تقرر أولا ما هو حجم العملية التي تشنها، فهل ستقوم بغارات كوماندوز دقيقة على مخازن أسلحة معروفة؟ أو إعادة احتلال واسعة للسيطرة على القطاع بأكمله واضعة في الاعتبار جميع المخاطر والمسوؤليات التي قد تظهر؟

تعهدت إسرائيل بتدمير قدرة حماس الصاروخية

وسيكون هناك المزيد من الضحايا المدنيين، بالإضافة إلى الخسائر في صفوف العسكريين، وهو ما سيجعل من الصعوبة بمكان إقناع الرأي العام العالمي والداخلي.

ووضعت حكومة إسرائيل سقفا عاليا للغاية عندما تحدثت عن إيقاف إطلاق الصواريخ الى الأبد وليس هدنة تستمر لأسابيع أو لشهور.

قد يكون ذلك صعب التحقيق. فهناك الكثير من ورش تصنيع الأسلحة في غزة. ماذا لو شنت إسرائيل عملية ضخمة وأعلنت نجاحها، ومن ثم وجدت نفسها هدفا للصواريخ محلية الصنع تسقط فوقها كالمطر بعد أسبوع أو شهر.

تمكن نظام القبة الحديدية من اعتراض العديد من صواريخ حماس

لذلك كان على إسرائيل أن تندفع في حملتها من دون استراتيجية خروج واضحة.

وقد يظهر بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، في باقي دول العالم بمظهر اليميني العنيد لكن غريزته السياسية قد تلجأ إلى جمع وجهات النظر المتضاربة للصقور والحمائم من حوله والاختيار منها.

وعدا التوصل إلى ذلك الاتفاق البعيد لوقف دائم لإطلاق النار، فإنه من الصعب اعتبار ذلك ما يشبه الفوز من وجهة نظره. وفي الوقت الحالي، يبدو أنه ليس هناك الكثير للمناورة خلف الكواليس لتأمين وقف إطلاق النار.

وتعد مصر وقطر أكثر الوسطاء المرجحين. فلدى مصر اتصالات مع الطرفين، وعرضها التوسط في حل سيزيد من مكانتها الدبلوماسية في المنطقة. ومن الناحية الأخرى قد تجد مصر راحة في أن ترى قدرة حماس العسكرية تتراجع خلال فترة أطول.

لذلك، ليس من الصعب حل لغز التغييرات الاستراتيجية الكبيرة وأعمال الكراهية الصغيرة التي أدت إلى اندلاع موجة اعمال العنف الأخيرة.

لكنه من الصعب رؤية ما هي مجموعة الظروف التي ستضع حدا لها في النهاية.

اجمالي القراءات 1540
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق