«إبراهيم» لـ«الوطن»: أمريكا فى طريقها لإعلان «الإخوان» جماعة إرهابية

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ٢٣ - أبريل - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الوطن


«إبراهيم» لـ«الوطن»: أمريكا فى طريقها لإعلان «الإخوان» جماعة إرهابية

كشف الدكتور سعد الدين إبراهيم، أستاذ علم الاجتماع السياسى ورئيس «مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية»، فى حوار حمل الكثير من المفاجآت والمعلومات التى يُكشف عنها لأول مرة، أن الولايات المتحدة فى طريقها لإعلان الإخوان جماعة إرهابية قريباً، وأن هناك محاولات حثيثة من الإدارة الأمريكية لرأب الصدع فى العلاقات مع مصر قبل انتخاب الرئيس المصرى القادم.

وأوضح إبراهيم فى حوار لـ«الوطن» أن الإخوان تعلموا على مدار 80 عاماً كل أساليب التخفى والحذر و«التلاعب مع الدولة»، وأن لجان «الجماعة» الإلكترونية أقوى من كل منظمات المجتمع المدنى المصرية، بحكم تشعب أعضاء وأنصار الجماعة فى 60 دولة حول العالم، نافياً -فى الوقت نفسه- تقدمه بمبادرة لعقد مصالحة بين الدولة والإخوان، قائلاً «علىَّ الطلاق بالتلاتة لم أقدم أى مبادرة ولو فعلتها فلن أخشى الإعلان عنها»!

وأوضح رئيس «مركز ابن خلدون» أن الفريق أحمد شفيق سيعود إلى مصر قريباً وسينشئ حزباً تحت اسم «الحركة الشعبية» ليعود به إلى ممارسة العمل السياسى مرة أخرى، وأنه قد يكون مرشحاً لرئاسة الوزراء فى عهد الحكم الجديد.. وإلى نص الحوار:

■ إلى أين تمضى مصر سياسياً فى تقديركم؟

- أرى أن المشهد حالياً هو استمرار للحيوية والحراك السياسى الذى بدأ منذ ثورة 25 يناير 2011، وأهم ما نتج عن هذا الحراك وتلك الثورة هو الحرية التى نعيشها اليوم، ويمكن تلخيصها فى 3 نقاط أساسية، الأولى أن المصريين كسروا جدار الخوف بعد 6000 سنة من الخوف من السلطة المركزية منذ أيام «مينا» موحد القطرين.

أتوقع أن «يحن» الشعب لـ«الوطنى» فى «البرلمانية».. وقطر مستعدة لتسليم «الهاربين»

وثانياً، أن المصريين جميعاً أصبحوا يتعاطون السياسة ويتحدثون فيها وأصبحت جملة «هى البلد رايحة على فين» جملة لا يخلو منها بيت مصرى.

والنقطة الثالثة، هى التعبئة المجتمعية والتهيؤ للمشاركة الفاعلة، فمثلاً إذا قيل إن هناك مليونية فى «الاتحادية» أو فى جامع القائد إبراهيم بالإسكندرية، على سبيل المثال، تجد الناس تتفاعل وتنزل للشارع، هذا بالإضافة إلى مشهد استفتاء الدستور الذى كان مثالاً قوياً على تفاعل الناس مع الحياة السياسية.

وكل هذه الأشياء أمور جديدة تماماً على المجتمع المصرى، وأرى أنها جوانب إيجابية أفرزتها السنوات الثلاث الأخيرة، فضلاً عن التعددية التى بدأت تظهر فى كل شىء كالسياسة والإعلام، وتلك أشياء محمودة ومرغوبة وأنا أرى كمراقب للمشهد السياسى أنها أشياء تدعو للتفاؤل.

■ لكن ما تتحدث عنه لا يمثل كل جوانب المشهد السياسى المصرى؟

- نعم، فهناك بقعة سوداء فى المشهد السياسى لا يمكن التغاضى عنها وهى الإرهاب والتطرف، وهما وجهان لعملة واحدة، فالإرهابى فى الأساس متطرف فكرياً، ثم إنه حوّل الفكر إلى سلوك، والذى وراء هذا التطرف هو «الإخوان»، فهم الفريق السياسى الوحيد فى تاريخ مصر الحديثة الذى لجأ إلى العنف والاغتيالات السياسية منذ حقبة الأربعينات من القرن الماضى حتى اليوم، ولكن الجديد الآن هو أن الشعب المصرى هو من يقاوم هذه الجماعة، بخلاف مكافحة الحكومات للجماعة على مدار العهود السابقة.

■ هل تعتقد أن هذا التوجه المجتمعى من شأنه أن يقضى على جماعة الإخوان فى مصر أو على الأقل يعيدها للوراء عشرات السنين؟

- لن يقضى عليهم، ولكنه سيبعدهم عن المشهد السياسى على الأقل 25 سنة، فالإخوان فكرة، والفكرة لا تموت، وستظل فكرة الخلافة الإسلامية هى محور حياتهم وعملهم، فضلاً عن أن الفكرة (أى الخلافة الإسلامية) تتجدد لديهم كل 100 سنة. ومنذ انتهاء الخلافة الراشدة وهم يحلمون بعودة دولتها مرة أخرى، وطبعاً هذا وهم كبير ولن يتحقق، فالخلافة الإسلامية فى حد ذاتها لم تكن بكل هذا الجمال والرونق الذى يحلمون به، بدليل أن 3 من الخلفاء الراشدين الأربعة ماتوا مقتولين وعلى يد مسلمين.

■ ماذا عن توقعاتك للانتخابات الرئاسية المقبلة والمراقبة الدولية لها؟

- الحكومة رحبت بالمراقبين الدوليين و«مركز ابن خلدون» سيكون أحد المراكز التى ستتولى هذه المهمة، وسواء الحكومة رحبت أم لا، فهذه مهمتنا منذ 25 عاماً مضت، وفى عز حكم «مبارك» قمنا بذلك ودخلنا السجون بسبب ذلك، فنحن نقوم بما يمليه علينا ضميرنا كنشطاء ومنظمات مجتمع مدنى.

■ هل تتوقع أن يكون هناك حضور كثيف للمراقبة الدولية للانتخابات الرئاسة المقبلة خاصة من منظمات أمريكية وأوروبية؟

حسنى مبارك

- نعم أتوقع ذلك، خاصة فى ظل مرحلة اللغط والهوس الذى يثيره الإخوان خارج مصر عن أن ثورة 30 يونيو انقلاب وليست ثورة شعبية، فضلاً عن أن أبواقهم فى الخارج نشطة جداً، وكتائبهم الإلكترونية لا تكل ولا تمل، لهذا أتوقع وجود رقابة دولية كثيفة على سير عملية الانتخابات الرئاسية المقبلة.

■ كيف استقبلت قرار حبس نشطاء «6 أبريل» الثلاثة أحمد دومة ومحمد عادل وأحمد ماهر؟

- استقبلت الحكم بكثير من الألم والكمد لأن هؤلاء النشطاء لا يستحقون أن يُفعل ذلك معهم.

■ على الرغم من أن هناك اتهامات تطال الثلاثة بالخيانة والعمالة للخارج؟

- (منفعلاً): ماذا تعنى كلمة «خيانة»؟ إن هذه الكلمة يجب أن تلغى من قاموسنا، فهذا كلام فارغ، فهل كل من يختلف معى فى الرأى أوصمه بتهمة الخيانة؟ هذا أسلوب قديم وعقيم ولا يتناسب مع ما بعد ثورة 25 يناير، وكل مصرى وطنى وله حقوق المواطنة كاملة إلى أن يثبت العكس بقرار قضائى بات ونهائى بهذه التهمة. أما توزيع التهم جزافاً فهذا أمر لا يليق بأى شعب محترم.

■ هل يعنى ذلك أنك تعتبر قرار حبس النشطاء الثلاثة قراراً سياسياً؟

- نعم، هو قرار سياسى بالطبع، نتيجة لحالة «الإفلاس السياسى» التى نعيشها حالياً وللبحث عن كباش فداء، وهذا يحدث دائماً كلما تعرضت الحكومة لأى مأزق، لكن هذه التصرفات هى التى أتت بالمصائب لكل من نظامى «مبارك» و«مرسى» وستأتى بالمصائب للقائمين على النظام حالياً، لأن هذه التصرفات من شأنها أن تقلب الشارع مرة أخرى وتعطى ذريعة للخروج فى مظاهرات رافضة لهذه القرارات السياسية.

■ هل صحيح أنك تقدمت بمبادرة إلى المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء للمصالحة مع الإخوان؟

- لا، لم يحدث.

■ لكن هناك تقارير إعلامية تناولت هذه المبادرة وأن مركز ابن خلدون هو من يتولاها؟

- (ضاحكاً): «علىَّ الطلاق بالتلاتة ما حصل» ولا أعرف من أين يأتى الإعلام بهذه التقارير، ولو فعلتها فلن أخشى الإعلان عنها.

■ لدىَّ معلومات مفادها أن بعض «الإخوان» تواصلوا معك للوساطة لدى الحكومة للإفراج عن القيادات المحبوسة؟

- نعم هذا صحيح، وكان منذ حوالى 4 أشهر، لكنى لم أكن متأكداً من نية الذين طلبوا منى هذه الوساطة، وهل هم أناس «محبون للخير» أم أن لهم مآرب أخرى، ولكن يمكن القول إن معظمهم من شباب الإخوان دون ذكر أسماء.

■ هؤلاء الشباب منشقون عن الجماعة أم ما زالوا أعضاء بها؟ وهل يقيمون داخل مصر أم خارجها؟

- فى الغالب منشقون، ومقيمون فى مصر، وقد قلت لهم «حينما تتاح لى الفرصة سأحاول ذلك».

■ لكنك لم تحاول بالفعل؟

- نعم لم أحاول لأنه لم تتح لى الفرصة بالفعل للقاء أحد، بمعنى أننى لم أقابل «محلب» أو وزير الداخلية أو أياً من أولى الأمر.

■ هذا يعنى أنك ستقوم بالمبادرة إذا ما التقيت «أولى الأمر» الذين تتحدث عنهم؟

- طبعاً.

■ حتى مع الرفض الشعبى للإخوان وتصنيفهم جماعة إرهابية بعد سقوط المزيد من الضحايا يوماً بعد يوم؟

- (منفعلاً): هذا سؤال مستفز، وأعتبره ابتزازاً!

■ لماذا هو «ابتزاز»؟

- لأن لى فى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وفى نيلسون مانديلا أسوة حسنة، فالرسول على الرغم من كل ما فعله معه أهل قريش صفح عنهم وقال لهم «اذهبوا فأنتم الطلقاء» حينما دخل مكة منتصراً، كما أن مانديلا قضى 27 سنة مسجوناً، ويعتبر بذلك أقدم سجين فى التاريخ، ومع ذلك حينما عاد منتصراً وانتخب رئيساً لجنوب أفريقيا، كان أول شىء فعله هو تشكيله «لجنة للإنصاف والمصالحة».

وأنا أعتبر هذين المثالين دليلاً قوياً على أنه إذا أردت أن تبنى مستقبلاً فعليك أن تصفح، ويجب علينا أن نأخذ بهذين المثالين، فالرسول فعل ذلك منذ 14 قرناً ومانديلا فعلها فى العصر الحديث، فلا يمكن أبداً أن نكون أقل من النبى أو من مانديلا الذى قضى حياته فى السجن وسأستمر فى العمل على هذه المبادرة.

■ ولكن المصالحة هنا ليست على خصومة.. أنت تدعو للمصالحة على «الدم؟»

- فى النهاية الإخوان مصريون، فلماذا لا نتصالح معهم فى نهاية المطاف؟ وأنا لن أقنع أحداً بضرورة المصالحة، بل الدولة هى من ستفعل ذلك، فهذه ليست مهمتى، وإذا لم يرد هؤلاء الأهالى التصالح فلا يتصالحون، فالمجتمع الآن هو من يملك قرار التصالح مع الإخوان، والناس عندها استعداد أن تفتك بأعضائها حينما تتاح لهم الفرصة، والذى ينقذ الإخوان من أيدى الناس فى الشارع اليوم هو الشرطة، فالذى أخرج المعتصمين فى مسجد «الفتح» كانت الشرطة، وأنا أراهن أن الدولة فى مصر دولة رشيدة، وعلى الرغم من اعتداء الإخوان على قوات الشرطة والجيش فإننى أرى أن الدولة تتصرف بشكل محترم، وأنقذت عناصر الإخوان من براثن الجماهير وهى تحقق معهم قانونياً.

■ إذا افترضنا جدلاً أن مصالحة من هذا النوع قد تتم بطريقة ما فهل تأمن «مكر» الإخوان وأنت أكثر من تعامل معهم على مدار عقود وكنت بوابتهم للغرب بشكل مباشر؟

- لا، لا آمن مكر الإخوان ولا ينبغى أن يأمن مكرهم أحد فهم أصحاب أجندة وأرباب مخطط وهم تنظيم سرى تحت الأرض، وبالتالى لا يُؤمن جانبهم أبداً.

■ فكيف ترضى لرجل الشارع الذى يهدر دمه كل يوم بعمليات إرهابية خسيسة أن يأمن لهم ويتصالح على دمه؟

- هناك مثل شعبى يقول «احذر ولا تخوّن»، إذن علينا نحذر هؤلاء الناس ونفتح لهم فى نفس الوقت باب المغفرة والعفو عند المقدرة.

■ إذا كانت القيادات الإخوانية متورطة بشكل مباشر فى العنف.. فكيف تطلب الصفح والعفو لشىء لا تملكه؟

- القيادات المتورطة تُحاكم، وأى إخوانى متورط فى أى شىء يجب أن يحاسب بشكل قانونى، لكن نحن نتكلم عن أن إجمالى عدد الإخوان فى مصر حوالى 700 ألف إخوانى، والقيادات منهم لا تتعدى 200 إلى 300 قيادى، ولنقل إجمالياً على سبيل المثال أن هناك 1000 إخوانى من القياديين بتدرجاتهم التنظيمية، فهل يجب أن آخذ الـ600 ألف بجريرة هؤلاء الألف؟

■ هل رقم الـ700 ألف إخوانى من مصدر موثوق أم هو مجرد تكهنات؟

- من مصدر موثوق طبعاً، ولقد قال لى هذا الرقم الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح نفسه قبيل الانتخابات الرئاسية أيام محمد مرسى.

80٪ من المصريين ينطبق عليهم وصف «الفلول».. والإرهاب «بقعة سوداء» فى المشهد السياسى

■ وماذا كانت مناسبة الحديث عن هذا الرقم؟

- كان الأمر بمناسبة هجوم الإخوان على أبوالفتوح، لأنه قرر الترشح لانتخابات الرئاسة دون إذنهم، فرد عليهم قائلاً «أنتم كلكم حوالى 700 ألف إخوانى»، ولقد أخذت هذا الرقم مأخذ الجد لأن أبوالفتوح يعتبر المؤسس الثانى للجماعة وكان قائد التيار الجديد داخل التنظيم فى وقت ما.

■ هل تعتبر قرار ترشح أبوالفتوح للانتخابات الرئاسية المقبلة ثم تراجعه فى آخر لحظة نوعاً من «المراوغة السياسية»؟

- لا أعتقد ذلك، لأن أبوالفتوح رجل إسلامى تربى فى صفوف الإخوان كما تربى الكثيرون، لكنه تجاوز ولاية الحرس القديم فى الجماعة ومكتب الإرشاد وقدم نموذجاً لأشخاص يمكن اعتمادهم كأنموذج جديد على الساحة السياسية كنشطاء.

■ هل تتوقع أن «يحن» الشارع للحزب «الوطنى» خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة فى ظل كراهيته لجماعة الإخوان؟

- بالتأكيد، لأن شيئاً مثل هذا حدث بالفعل فى بلدان أخرى، ومنها فرنسا وإيران، على الرغم من أن نفس هذا الشارع المصرى خرج على نظام «مبارك» منذ 3 سنوات، فبعد فترة من الثورة فى هذه البلدان وكثرة القتال والدم، شعر الناس بشىء من الحنين إلى الزمن الجميل الذى كان به استقرار، ألم تشاهدى مسلسل «الملك فاروق»؟ لقد كانت الناس متعاطفة جداً مع «فاروق»، وتقول «ليته كان موجوداً حتى اليوم»، على الرغم من أنه ملك قامت ضده ثورة.

■ هذا يعنى أن الساحة مهيأة لرجال الحزب «الوطنى»؟

- طبعاً، وينبغى أن يعودوا أيضاً.. «لازم يرجعوا»!

■ ألا تعتبر هذا تقهقراً لأهداف ثورة 25 يناير لإسقاط نظام «مبارك» ورجاله؟

- لماذا هذا الكلام الكبير؟ لا طبعاً، هذا كلام غير صحيح، فالبراكين الكبيرة حينما تثور تخرج منها نيران وغازات وغيرها، وبعد قليل تهدأ، فالثورة مثل البركان، لها قمة ولها ما بعد الفوران، وفى النهاية أعضاء الحزب «الوطنى» مصريون، فإلى أين سيذهبون؟ والحزب كان به 2 مليون شخص، هل نقتلهم؟ وإذا كنت أقول «إن الإخوان لا بد أن يعودوا» فكيف أقول «لا لعودة رجال الحزب الوطنى»؟ لقد عاصرت بحكم سنى 5 عهود رئاسية فى مصر منذ أيام الملكية ثم محمد نجيب وعبدالناصر والسادات ومبارك، وكل عهد منهم تكلم عن العهد الذى قبله باعتباره «فلول». فإذا حسبنا «الفلول» فى العهود الخمسة نجد أن 80% من المصريين ينطبق عليهم وصف «الفلول».

■ هل تتفق مع البعض فى اعتبار أن ثورة 25 يناير كانت «مؤامرة» لإسقاط نظام مبارك؟

- لا، فلقد كانت ثورة شعبية حقيقية وكان ينبغى لنظام «مبارك» أن يسقط فسقط، رجل ظل 30 سنة فى السلطة حتى أصابته الشيخوخة، وكان أطول نظام حكم مصر منذ أيام محمد على ورمسيس الثانى! فمحمد على حكم مصر 40 سنة ورمسيس الثانى 42 سنة، ومبارك هو ثالث أطول حاكم حكم مصر لمدة 30 سنة، ولقد طالبت كثيراً بزواله وهو فى عز حكمه حتى دخلت السجن ومن معى فى «مركز ابن خلدون».

■ الموقف الأمريكى يتحول الآن لمصلحة مصر بعد التعنت والعداء الكبير منذ ثورة 30 يونيو.. فما السبب؟

- السبب الحقيقى أنهم يتعاملون وفق المعطيات على أرض الواقع، فأمريكا ليس لديها أصدقاء دائمون أو أعداء دائمون، لكن لديها مصالح دائمة، وحينما كانت مصالحها مع الإخوان تعاملت معهم، والآن مصالحها مع من خلف الإخوان فى السلطة وأسقطهم.

■ لكن الأمريكان كانوا مصممين على اعتبار ثورة 30 يونيو انقلاباً عسكرياً حتى وقت قريب؟

- صحيح، ثم ماذا حدث؟ تابوا وأنابوا! فالدول فى تعاملاتها تبحث عن مصالحها، وأمريكا تأكدت أن مصالحها مع المؤسسة العسكرية التى يتصورون أنها الحاكم الحقيقى لمصر، وبهذا المعنى تحدث جون كيرى فى شهادته أمام الكونجرس الأمريكى فى 3 جلسات استماع على مدار 3 أيام، وهو أمر لم يحدث داخل الكونجرس منذ حرب فيتنام أن تُخصص 3 جلسات خلال 3 أيام للحديث عن مصر ويجيب «كيرى» عن أسئلة كل عضو فى الكونجرس، وهو أمر غير مسبوق.

وهذا حدث لأن مصر دولة محورية وهى أهم دولة فى المنطقة كلها بالنسبة لأمريكا استراتيجياً وأمنياً، طبعاً من أجل عيون إسرائيل، فمصر مفتاح لثلاثة أمور محورية تهم واشنطن، وهى معاهدة السلام، والاستقرار فى المنطقة ككل، وتأثير ذلك على بقية الدول العربية.

■ هل هناك تحركات لرأب الصدع فى العلاقات المصرية - الأمريكية قبل انتخاب الرئيس الجديد لمصر؟

- نعم، هناك محاولات جدية وتحركات تتم على قدم وساق لكنها غير معلنة.

■ لكن على الأقل من المفترض أن تكون لهذه التحركات نتيجة على الأرض؟

- بالطبع، وهناك 3 شواهد فى هذا الصدد، أولاً استئناف صفقات توريد السلاح بين الجانبين، وثانياً إعادة طائرات «الأباتشى» التى كانت محتجزة فى أمريكا للصيانة، وثالثاً دعم التحول الديمقراطى وخارطة الطريق فى مصر، وهذه هى أهم 3 إشارات ورموز لرأب الصدع الأمريكى - المصرى.

■ ولماذا لم تُعين أمريكا سفيراً لها فى القاهرة منذ أكثر من عام؟

- هذا جزء آخر من خطوات رأب هذا الصدع، وأمريكا ستعين سفيراً لها فى مصر قريباً، وسيكون شخصاً على دراية بشئون المنطقة وخبيراً فى شئون مصر، وهناك أسماء كثيرة مرشحة بالفعل لهذا المنصب.

■ وفيما ما بعد مرحلة رأب الصدع المصرى - الأمريكى.. هل ستعمل أمريكا على دمج الإخوان فى المجتمع المصرى؟

- نعم أتوقع أنها ستحاول ذلك وأنا أيضاً سأفعل هذا دون أن أكون عميلاً لأمريكا.

■ ما المبرر هذه المرة فى رأيك؟

- مبررها فى ذلك أنها تريد إعادة الاستقرار إلى مصر، لأن استقرار هذا البلد هو استقرار للمنطقة كلها، وهذا عكس كل ما يشاع عن أن أمريكا تعمل ضد مصلحة مصر وضد استقرارها، وأنها تكرهنا وتريد بنا الشر، فهذا كلام «فارغ»، ولا يوجد أحد لا يحب مصر.

■ وهل التحول الأخير فى الموقف الأمريكى تجاه مصر يمكن أن يكون دافعاً لأن تُعلن واشنطن الإخوان جماعة إرهابية؟

- نعم، فأمريكا فى طريقها إلى ذلك بالفعل، ولقد قدم «مركز ابن خلدون» مؤخراً ملفاً كاملاً عن انتهاكات الإخوان فى مصر فى كل من جنيف ونيويورك، كما تحدثت داليا زيادة، مدير المركز، عن هذه الانتهاكات الإخوانية، حينما استضافها برنامج «التوك شو» الأمريكى الشهير «Daily Show» الذى يقدمه المذيع البارز جون ستيوارت، وهو برنامج له شعبية كبيرة فى الشارع الأمريكى.

■ ماذا عن دور اللجان الإلكترونية الإخوانية فى الخارج؟

- هى تقاوم بشدة ولديها قوة كبيرة، وربما أقوى من كل منظمات المجتمع المدنى المصرية التى تحاول أن تظهر الحقيقة للعالم، وذلك بحكم أموالهم وبحكم تشعب أعضائهم فى 60 دولة حول العالم، ولكن على الأقل فإن المعركة ما زالت مفتوحة.

■ هناك تسريبات إعلامية تتحدث عن عقد اجتماعات سرية لقيادات «الجماعة الإسلامية» فى مقر «مركز ابن خلدون مؤخراً.. فهل حدث ذلك بالفعل؟

- نعم، عُقدت اجتماعات لبعض قيادات «الجماعة الإسلامية» المنشقة فى المركز مؤخراً، لسحب الثقة من قيادات الجماعة، فنحن كـ«مركز ابن خلدون» لدينا استعداد لاستضافة أى أحد يطلب ذلك، ولقد طُلب من المركز أن يستضيف هذه الاجتماعات بعد أن رأى شباب الجماعة أن قياداتها ما زالت تدعم جماعة الإخوان ومتحالفة معهم تحت غطاء «تحالف الشرعية»، خاصة فى الفترة الأخيرة وتحديداً ما بعد ثورة 30 يونيو، وهم يعتبرون أن قيادات «الجماعة الإسلامية» ضلوا طريقهم بعد عزل الإخوان شعبياً.

■ هل لهذا التوجه علاقة بتغير قناعة شباب «الجماعة الإسلامية» تجاه جماعة الإخوان أم محاولة لإيجاد فرصة لممارسة العمل السياسى؟

- لا أعرف، هم من يٌسألون عن الأسباب الحقيقية وراء هذا الانشقاق، فأنا لا أستطيع الإجابة بالنيابة عنهم.

■ لكنك على الأقل تعلم أسباب عقد هذه الاجتماعات وإلا ما فتح المركز الباب لهم أصلاً؟

- «مركز ابن خلدون» منبر من لا منبر له، لكننى لا أنكر أن هناك حالة انشقاقات وانقسامات واسعة فى كل الحركات الإسلامية بما فيها الجهاد والجماعة الإسلامية والسلفيون والإخوان، وهذا نتيجة ما يحدث فى مصر الآن، خاصة بعد ثورة 30 يونيو، فهناك حالة من الحراك وهذا أمر طبيعى جداً، بل على العكس إذا لم تحدث هذه الانشقاقات كنت سأستغرب كثيراً.

■ هل تخدم هذه الانشقاقات مصالح تيار الإسلام السياسى لاحقاً؟

- هذه الانشقاقات لمصلحة مصر، لأنها دليل التنوع والتعدد، وتعطى زخماً للحياة السياسية، فهناك مقولة إنجليزية تشير إلى أنه إذا أردت أن تصنع «عجة» جيدة فعليك كسر العديد من «البيض» ومعها مكونات أخرى مثل «الشبت والبصل والجبن» على سبيل المثال، بمعنى أنه إذا أردنا إيجاد نظام اجتماعى سياسى جديد فإن الانشقاقات والخلافات والانقسامات التى تحدث هى بمثابة «البيض» الذى يتكسر والخضراوات المضافة إليه من أجل الوصول إلى النتيجة النهائية التى نريدها.

■ من يقود الإخوان فى الشارع الآن؟ ومن يمولهم لتعطيل خارطة الطريق وإحداث الفوضى بكل أنواعها وصولاً إلى العمليات الإرهابية؟

- الإخوان هم من يقودون الشارع الآن وليس العكس، وهم لا يحتاجون إلى من يمولهم، فلديهم ما يصل إلى المليار دولار فى حساباتهم الخارجية، ما بين بنوك جزر الباهاما وجنيف ولندن وبعض دول الخليج، والتراكم المالى عندهم لم يتوقف، والجميع يعرف أن هناك قاعدة لديهم فى التنظيم أن يدفع كل إخوانى 6% من دخله للتنظيم منذ تأسيس الجماعة، وهم ليسوا بالسذاجة أبداً أن يضعوا أموالهم فى البنوك المصرية، مع العلم أن الدولة جمدت كل حساباتهم المعلنة والتى لا تتعدى 20% فقط من إجمالى ما يمتلكون من أموال.

■ إذن كيف تدخل هذه الأموال إلى مصر لتمويل إخوان الداخل؟

- من خلال الحقائب والحسابات الشخصية لأسماء غير معروفة بعضويتها للجماعة، فلقد تعلم الإخوان على مدار 80 عاماً كل أساليب التخفى والحذر والتلاعب مع الدولة.

■ هل هذا يعنى أن كل القيادات المحبوسة لديها القدرة على العمل وهى خلف القضبان؟

- طبعاً، فالتنظيم الدولى للإخوان هو الرأس والأفرع هم القيادات فى باقى الدول. وإذا ما سجنت قيادات الصفين الأول والثانى كما هو حادث الآن فإن النظام العنقودى للجماعة يتيح لمن هم تحتهم فى التدرج التنظيمى القيام بنفس العمل، بناء على تعليمات مفهومة ومعروفة من القيادات الأولى حتى وهى فى السجون، وهم يملكون «نظاماً خاصاً» بهم للتواصل مع الإخوان خارج السجن وإعطائهم التعليمات المطلوب تنفيذها.

■ ماذا تقصد بـ«النظام الخاص»؟

- أقصد تواصل هؤلاء القيادات من خلال شفرات معينة وعبر المحامين الذين يدافعون عنهم، فيجب ألا ننسى أن هؤلاء المحامين إخوان أيضاً، وبالتالى يعودون بكل التعليمات حتى فى غياب التعليمات المباشرة من القيادات المسجونة فهم لديهم خطط بديلة وقائمة، وأنه فى حال حدوث شىء يكون التصرف هكذا، ويتم تدريبهم منذ بداية انضمامهم للجماعة على هذه التكتيكات.

■ من هو رجل المرحلة المقبلة؟

- (مبتسماً): رجل المرحلة المقبلة يبدأ اسمه بحرف «العين».

■ وماذا عن مستقبل الفريق أحمد شفيق؟

- شفيق فرصته فى هذه المرحلة لن تتعدى كونه مرشحاً لأن يصبح رئيساً للوزراء على سبيل المثال، خاصة أن فترة بقائه خارج مصر خصمت كثيراً من رصيده فى الشارع المصرى، وهو أعلن من قبل أنه فى حال ترشح السيسى فى انتخابات الرئاسة فإنه لن يترشح، وهو ما حدث بالفعل.

وأنا أكشف لكم لأول مرة عن أن شفيق حال عودته إلى مصر سينشئ حزباً وسيقوده للعمل السياسى فى المرحلة المقبلة، وقواعد هذا الحزب موجودة بالفعل، وهو حزب «الحركة الشعبية»، وقد قال شفيق بصريح العبارة من قبل إنه «يريد أن يكون رئيس حزب معارض».

■ معارض لمن؟

- فى علم السياسة مصطلح اسمه «المعارضة الملتزمة» أو «المعارضة الوطنية»، بمعنى أنه فى كل برلمانات العالم سواء مجلس «الشورى» أو «النواب»، هناك أحزاب معارضة تخدم نفس النظام، أحدها من موقع اتخاذ القرار وآخر من موقع نقد هذا القرار.

والمعارضة هنا لا تعنى أن تكون معادياً للنظام، فهناك فرق ما بين المعارضة والعداء، إذن شفيق يريد أن يكون معارضاً وطنياً، بحيث إنه إذا تعثرت هذه الحكومة فهو جاهز كـ«بديل»، ولديه القاعدة الشعبية والقاعدة السياسية معاً.

■ كيف استقبلت الهجوم العنيف من قبل مرتضى منصور المحامى ضدك واتهامه لك بـ«العمالة» وأنك تتلقى تمويلاً من إسرائيل، وحديثه عن نيته غلق «مركز ابن خلدون»؟

- (ضاحكاً): البينة على من ادعى، و«لا هو ولا جدوده يقدروا يقفلوا المركز، كان اللى أشطر منه مبارك قدر يعملها»! فالمركز مفتوح بحكم محكمة، وإذا كان «مرتضى» يفهم فى القانون فعليه أن يراجع قضايانا.

منصور

■ هناك تسريبات تتحدث عن وساطاتك لرأب الصدع فى العلاقات المصرية - القطرية؟

- أنا أبذل حالياً مجهودات لرأب العلاقات الشعبية المصرية - القطرية وليس على مستوى الحكومات، فالحكومات لا شأن لى بها، لأننى لست مسئولاً حكومياً.

■ لكنك مقرب من العائلة المالكة القطرية وقد التقيت الشيخة «موزة» مؤخراً؟

- نعم صحيح، لكن «موزة» ليست الحكومة، وهى ليس لها أى موقع رسمى فى نظام الحكم القطرى.

■ موزة زوجة أمير دولة قطر السابق ووالدة الأمير الحالى «تميم».. فكيف لا يكون لها القرار الفيصل فى كل شىء؟

- يمكن أن نقول إن موزة لها «تأثير» فقط فى اتخاذ القرار، بحكم أنها زوجة الحاكم السابق وأم الحاكم الحالى، وبحكم أنها شخصية مثقفة ونشطة وحريصة على العمل العام فهذا قد يجعل لها تأثيراً معنوياً كبيراً، وحينما التقيتها، فقد فعلت ذلك على هذا الأساس فقط.

■ و ما الذى دار فى هذا اللقاء خاصة أن مدير مكتبها خرج ونفى أن لقاء مثل هذا جمع بينكما؟

- «موزة» مهمومة جداً بتدهور العلاقات المصرية القطرية، فهى درست فى مصر وقضت صباها وشبابها فى بلادنا ما بين مدرسة المعادى وجامعة الإسكندرية، كما أنها لجأت إلى مصر هى ووالدها وقت تدهور العلاقات بين والدها وحاكم قطر سابقاً، وبحكم موقعى كسياسى مصرى قومى عربى فأنا أيضاً مهموم بتدهور العلاقات المصرية - القطرية، لهذا تباحثت معها فى هذا الأمر.

■ هل اعترفت الشيخة موزة لك فى اللقاء المشترك الذى جمعكما بمسئولية قطر عن تدهور العلاقات مع القاهرة؟

- لا، فهى ترى أن الإعلام المصرى هو السبب الحقيقى والأوحد فى تدهور العلاقات ما بين قطر ومصر، كما ترى أن الذى أشعل الموقف الرسمى والشعبى ضد قطر هو وجود عدد كبير من الإخوان مقيمين فى قطر وعلى رأسهم الشيخ يوسف القرضاوى، وهذا ما زاد الأمر سوءاً، خاصة أنه يعمل طوال الوقت لصالح الإخوان وليس لصالح الإسلام أبداً، فالقرضاوى هو من سهّل إقامة عشرات القيادات الإخوانية الكبيرة فى قطر ويسر لهم التغلغل فى مجتمعها، ولا أعتقد أن الحكومة القطرية هى من تمول أعضاء الجماعة المصريين المقيمين هناك، بل قيادات الإخوان فى قطر هم من يفعلون ذلك.

«الإخوان» الفريق السياسى الوحيد الذى لجأ للعنف والاغتيالات.. والجديد أن الشعب مَن يقاومهم

■ ألا تشاهد موزة قناة «الجزيرة» وما تقدمه من مواد إعلامية وأكاذيب ضد مصر؟

- سألتها عن هذا الأمر، فقالت لى «ألا يوجد فى مصر 28 قناة فضائية، فكيف لا تستطيع هذه الـ28 قناة الرد على ما تقوله «الجزيرة» ضد مصر إن كان غير صحيح؟، وكيف لا تستطيع قنوات دولة بحجم مصر وما تملكه من إمكانات إعلامية هائلة الدفاع عن الموقف المصرى بل وأن تقيم الدنيا ولا تقعدها؟

■ ولكن قطر تؤوى قيادات جماعة الإخوان فى تحدٍ صارخ لمصر؟

- قطر على استعداد لتسليم قيادات الإخوان الهاربين إذا ما طلبت مصر تسليمهم بشكل قانونى وحال صدور أحكام قضائية ضدهم، وبعضهم رحل بالفعل من قطر، ولا أعرف إن كان تم بناء على طلب حكومى من الدولة القطرية أم لا، لكن يمكن القول فى المقابل إن هناك حالة حراك وسخط شعبى قطرى ضد قيادات الإخوان الموجودين على أراضيها، بسبب الدور السياسى الذى يقومون به، فضلاً عن الاعتراضات التى صدرت من دول مجلس التعاون الخليجى ضد قطر بسبب إيوائها لهؤلاء القيادات، وهو ما اعتبره الشعب القطرى استعداء لدول الخليج ضد الدوحة.

اجمالي القراءات 1509
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق