ارتباك أوروبي أميركي في وجه 'مستبدين' لا يعبؤون بالأعراف الدولية الديمقراطية الغربية تنهار

اضيف الخبر في يوم الخميس ٠٣ - أبريل - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً.


ارتباك أوروبي أميركي في وجه 'مستبدين' لا يعبؤون بالأعراف الدولية الديمقراطية الغربية تنهار

 
 
ارتباك أوروبي أميركي في وجه 'مستبدين' لا يعبؤون بالأعراف الدولية
الديمقراطية الغربية تنهار نتيجة ضعف سياسة واشنطن، وروسيا تستغل التردد في فرض العقوبات الاقتصادية لصالحها.
العرب ديفيد رود [نُشر في 03/04/2014، العدد: 9517، ص(7)]
 
أوباما يحشد حلفاءه لمعسكر عقوبات اقتصادية دولية على روسيا
 
أصبحت المتغيرات السياسية التي طرأت مؤخرا على الساحة الدولية محط قلق واسع من عديد المراقبين الذين لم يروا مؤشرات تدفع باتجاه خلق حالة من الاستقرار سواء كان في العالم العربي أو الغربي.

بعد ربع قرن على انهيار الاتحاد السوفيتي ظهر حكام أصبح يطلق عليهم اسم المستبدين، أمثال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس السوري بشار الأسد، خاصة بعدما رأوا أنه بمقدورهم تحدي الأعراف الدولية وقمع المعارضة واستخدام القوة العسكرية في بلادهم أو حتى خارجها كالحالة الروسية، بينما يبدو صناع السياسات الأميركيون ومن خلفهم الأوروبيون عاجزين عن مواجهة تلك التجاوزات.

ومع بروز الحديث بجدية عن عودة الحرب الباردة بين القطبين الروسي والأميركي، تحاول واشنطن محاصرة موسكو بشتى الوسائل لا سيما الدبلوماسية والاقتصادية، حيث يسعى أوباما عبر شركائه الأوروبيين إلى وضع دول الاتحاد الأوروبي في واجهة الصدام مع روسيا.

 

 

موقف أميركا

 

بدعوى الرفض الشعبي لحروب العراق وأفغانستان يتبنى المسؤولون الأميركيون العقوبات الاقتصادية كأداة ضغط رئيسية على الحكومات الأجنبية، ويقول الرئيس الأميركي باراك أوباما إنه في اقتصاد القرن الحادي والعشرين الشديد التشابك تصبح العقوبات الاقتصادية أمضى من أي وقت مضى.

ويحاول الرئيس الأميركي حشد أكبر تأييد ممكن من الدول الأوروبية لسياسته الداعية إلى عزل روسيا عبر فرض المزيد من العقوبات ضدها، في ظل تردد أوروبي لاسيما الدول الكبرى التي تسعى إلى تجنب التبعات السلبية لأية عقوبات ضد موسكو على اقتصاداتها، إضافة إلى التزامها بسياسة الحياد، خاصة وأن صورة الولايات المتحدة كأكبر قوة عالمية هزتها الأزمة السورية التي تدخل عامها الرابع.

وكان أوباما قد حذر في وقت سابق من أنه إذا استمرت روسيا على نهجها الحالي فإن “العزلة ستتعمق والعقوبات ستزيد وسيكون هناك مزيد من العواقب للاقتصاد الروسي.

يقول المراقبون إنه من الممكن تحقيق ذلك من عدمه، فقد يسفر التلويح بالعقوبات الاقتصادية عن تراجع بوتين في القرم وأوكرانيا، وقد تؤدي العقوبات المفروضة على إيران – والتي خفضت مبيعات النفط وعزلتها عن النظام المصرفي العالمي- إلى اتفاق لوقف البرنامج النووي لطهران، لكن إذا لم يحدث ذلك فإن مقولة ميكافيلي التي ترجع إلى القرن السادس عشر ستتأكد من جديد وهي: الطرف الأكثر استعدادا لاستخدام القوة بشكل حاسم سيتفوق على خصمه المتردد.

و يميل الكثير من الخبراء إلى الخيار الثاني وهو عدم تأثر روسيا بالتهديدات الأميركية التي يطلقها البيت الأبيض، خاصة وأن العالم كله قد شهد حالة شبيهة لها في خصوص الأزمة السورية، والتهديدات الشهيرة التي أطلقها أوباما باستخدام القوة وتوجيه ضربة عسكرية لنظام بشار الأسد إن لم يغادر الحكم، وذلك على خلفية استخدامه للسلاح الكيميائي ضد شعبه.

باراك أوباما: إذا استمرت روسيا على نهجها الحالي فإن العزلة ستتعمق

وفي هذا الشأن يقول أندرو وايس خبير الشؤون الروسية في مركز كارنيغي والمسؤول السابق في إدارتي جورج بوش الأب وكلينتون في هذا الصدد “ما رأيناه في حالة الأسد وبوتين هو استعداد لتجاهل الأعراف الدولية والمضي في سياسة استخدام القوة بصرف النظر عن التكلفة، وإذا لم يقف الغرب صفا واحدا وما لم تكن المصالح الأميركية تواجه تحديا فوريا فإن رد الفعل يكون واهنا”.

وعلى مدى أسابيع منذ أرسل بوتين القوات الروسية إلى القرم، انتقد الأعضاء الجمهوريون بمجلس الشيوخ راند بول وتيد كروز وبول رايان رد فعل أوباما، لكن أيا منهم لم يطالب بتدخل أميركي في أوكرانيا، ولا توجد نوايا للقيام بذلك من أساسه.

 

العلاقات الاقتصادية

 

تؤكد فيونا هيل، خبيرة الشؤون الروسية في معهد بروكنغز والمسؤولة السابقة بمجلس المخابرات الوطني الأميركي، أن من يعتقدون أن انهيار الاتحاد السوفيتي يدل على انتصار الرأسمالية والديمقراطية الغربية يخدعون أنفسهم، فكثير من الروس مازالوا يكنون شكوكا عميقة إزاء المعايير الغربية، وقالت “كانت نخبة صغيرة جدا حول الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين مقتنعة بذلك”.

وأضافت هيل أن الأزمة المالية العالمية عززت بعد ذلك وجهة النظر السائدة في أجزاء من العالم بأن الديمقراطية الغربية تنهار سياسيا واقتصاديا، بفضل ضعف تأثير السياسة الأميركية الخارجية.

لكن مسؤولي إدارة أوباما ينفون ذلك ويقولون إن تدخلا جديدا باهظ التكلفة في الشرق الأوسط كان سيتسبب في مزيد من الضعف للاقتصاد الأميركي ويؤكدون أن القوة الاقتصادية والتقنية، لا القوة العسكرية المحضة، ستكون المصدر الرئيسي للنفوذ في العقود المقبلة، و يعزو المراقبون التردد الأميركي الواضح في اتخاد قرار المواجهة العسكرية، إلى خسارتها في كل من العراق وأفغانستان اللتين استنزفتا كمّا هائلا من قواتها العسكرية، إضافة إلى خسائر مادية هائلة، في وقت كانت تواجه فيه أزمة اقتصادية خانقة، كادت تؤثر على أوباما ومستقبله سياسيا في مواجهة الكونغرس الرافض لمعظم سياساته.

تحاول واشنطن تحريض شركائها في الاتحاد الاوربي لفرض أكبر قدر ممكن من العقوبات الاقتصادية على موسكو

ولذا تميل الولايات المتحدة إلى استعمال العقوبات الاقتصادية بديلا عن أية مواجهات عسكرية لعلمها أن تشابك العلاقات الاقتصادية سيؤثر على بوتين، وحاجته الماسة إلى التجارة مع العالم الخارجي، لذا توجد أدوات كالعزلة السياسية والعقوبات الاقتصادية، وهو ما قد يلحق أضرارا بالغة بالاقتصاد الروسي”.

لكن الخبير في مركز كارنيغي وايس أبدى تشككا في قدرة العقوبات الاقتصادية وحدها على وقف الزعيم الروسي، وقال إن بوتين “يفكر في تلك الأمور بدهاء كبير وبسلطوية خالصة”، متسائلا: “ما ورقة الضغط التي نملكها ضد بوتين؟ لهذا السبب هناك حيرة بشأن ما ينبغي القيام به”.

وفي حالة إيران فإن سنوات من مزاعم المسؤولين الكاذبة عن برنامجها النووي حدت بأوروبا أخيرا إلى الاتفاق على عقوبات اقتصادية كاسحة عادت بالسلب على أوروبا بدرجة أكبر من الولايات المتحدة، وقال إنه ما لم يتعمق التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا “فإن الأوروبيين غير مستعدين للذهاب إلى أبعد من ذلك”.

وبعد أن فتح باب العقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا، وسعت دول غربية عقوباتها على روسيا بسبب ضم الأخيرة شبه جزيرة القرم الأوكرانية، لتشمل مسؤولين ومصارف، في مقبال ذلك أعلنت موسكو نشر قائمة عقوبات روسية بحق مسؤولين أميركيين.

وفي تطور ذي صلة، عززت روسيا مراقبة استيراد البضائع على الحدود مع أوكرانيا، وكانت روسيا قد عززت عمليات مراقبة البضائع القادمة من أوكرانيا خلال صيف 2013 على سبيل الاحتراز، بينما كانت الجمهورية السوفيتية سابقا تستعد لتوقيع اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي، وهو الذي لا تنظر إليه روسيا بعين الرضى.

وبينما تحاول واشنطن تحريض شركائها في الاتحاد الاوربي لفرض أكبر قدر ممكن من العقوبات الاقتصادية على موسكو،يظهر التردد الغربي الواضح للإقدام على تلك الخطوة في ظل رفض عدد مــن الدول لذلك وعلى رأسها ألمانــيا، التي صرحت على لســان مستشارتها الالمــانية أنجيلا ميــركل بأنـها لا تجــازف بفرض عقــوبات على روســيا.

يأتي ذلك في وقت تعتمد فيه برلين بشكل كبير على التعاون الاقتصادي مع موسكو، حيث وصل حجم التبادل التجاري بينهما لـ 76 مليار يورو في 2013، كما أن هناك 6000 شركة ألمانية تقدر مشروعاتها في روسيا بـ 20 مليار يورو، وتوفر 300 ألف وظيفة للشباب الألماني، كما أن دول الاتحاد الأوروبي الثمانية والعشرين منقسمة بشأن تصعيد رد الاتحاد من خلال الموافقة على عقوبات اقتصادية على موسكو، وهو ما يستغله الدب الأبيض سياسيا لصالحه.


اجمالي القراءات 1655
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق