يتداول مدونون موريتانيون منذ عدة أيام مقطع فيديو يظهر المدير العام لإذاعة موريتانيا محمد الشيخ ولد سيد محمد وهو يعتدي جسدياً على ناشط سياسي معارض أثناء مناظرة سياسية بين حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا وحزب تكتل القوى الديمقراطية داخل مبنى الإذاعة.

ويظهر الفيديو المدير العام للإذاعة وهو يمسك بالناشط السياسي سليمان ولد محمد فال من الخلف ويضع يده على فمه محاولاً إسكاته بالقوة. وتظهر اللقطة أيضاً سقوط النظارات الطبية للشاب الذي يشغل منصب المدير المساعد للإعلام في أحد أكبر الأحزاب الموريتانية.

وتنوعت التعليقات التي صاحبت الفيديو والصورة المقطوعة منه في مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر"، حيث وصفها بعض المدونين بـ"الفضيحة المدوية" فيما رأى آخرون أنها تشكل إبداعا "في طريقة تكميم الأفواه" يتجاوز الطرق التقليدية القائمة على منع المعارضين من دخول مكاتب واستديوهات الإعلام الحكومي.

وتحدث مدونون عن تاريخ المدير الحالي للإذاعة مع ما وصفوه بـ"تكميم الأفواه ومصادرة الحريات"، مذكّرين أنه كان يشغل منصب مدير الوكالة الموريتانية للأنباء إبان حكم رئيس موريتانيا الأسبق ولد الطايع الذي سقط بانقلاب عسكري في العام 2005.

والتمس آخرون العذر للمدير قائلين إن الشاب حاول خرق الشروط التي أعلنت عنها الإذاعة، وبالتالي تدخل المدير كان لضبط الحوار. إلا أنهم لم يحاولوا تبرير الطريقة العنيفة التي تم بها التدخل.
وذهب معلقون آخرون إلى القول بأن العاملين في وسائل الإعلام العامة تعودوا على هذا النوع من الطرق في مصادرة الآراء.

"انفتاح مزيف"

ومن جهته كشف الناشط سليمان ولد محمد فال تصريحات حصرية لـ"العربية.نت" أن تصرف المدير العام لإذاعة موريتانيا كان رد فعل عنيف سببه الحقيقي دهشة المدير من درجة مصداقية طرح قادة حزب التكتل، و"كشفهم لفضائح النظام المدوية على أثير إذاعة موريتانيا التي ظلت حكرا على النظام وأنصاره".

وأوضح ولد محمد فال، وهو المدير المساعد للإعلام في حزب تكتل القوى الديمقراطية، أن "تصرف المدير العام للإذاعة جاء بعد احتجاجي على توجيهات قدمها بشكل مباشر للصحفي الذي يدير الحوار، وهو ما جعل الصحفي يخرج عن طور الحياد والموضوعية المطلوب منه بين الطرفين المتحاورين".

واعتبر أن طبيعة اعتداء مدير الإذاعة عليه شخصيا "يكشف مستوى الإحراج الذي شعر به، ويفضح الانفتاح المزيف الذي تدعيه مؤسسات الإعلام العام التي تسيطر عليها الأغلبية، وتستخدمها في خدمة أجنداتها الحزبية، وهو ما يفسر مستوى الخشونة التي تعامل بها مدير الإذاعة مع ضيوفه".
وشدد على أن "ظاهرة تكميم الأفواه ظاهرة قديمة، فالأحكام العسكرية المتعاقبة على موريتانيا عودت الناس عليها منذ أكثر من 30 سنة"، مشيرا إلى أنها "تأخذ أشكالا متعددة بحكم الواقع".

وأشار ولد محمد فال إلى أن وسائل الإعلام العامة في موريتانيا حاولت مسايرة طفرة الإعلام وتحرره حتى لا تبقى على الهامش، لكنها في الوقت ذاته حافظت على الضبط والمراقبة حتى لا تخرج عن رسالتها الأصلية في التطبيل والتزمير للنظام أيا كان، حسب تعبيره.