تدمير مصر عن طريق أخونة التعليم

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ١٩ - سبتمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: مجلة روز اليوسف


 

 

 

 

واحدة من أخطر قنابل الفتنة التى نرصدها لإحباطها، «أخونة المناهج» التى لا تظهر بفجاجة فى العديد من الكتب الدراسية التى تركز عيون الجماعة عليها حتى الآن، على طريقة «أخونة النفس الطويل»، فالخطورة ليست فى التعديلات الجديدة للمناهج التى يبدأ التلاميذ فى دراستها من اليوم «السبت»، بل فى التعديلات الجوهرية التى تخطط لها وزارة التربية والتعليم فى العام الدراسى المقبل، لكن حتى الآن لم يخترق البنا وجماعته كتب التاريخ أو حتى العربى.

مقالات متعلقة :

 

ورغم تأكيدات مسئولى تطوير المناهج بعدم وجود مخطط للأخونة بل هناك إرساء لقبول الآخر، ونظرة أكثر على الحقبة والتاريخ الإسلامى، إلا أن حادثة «المدرس الملتحى» على غلاف كتاب اللغة العربية للصف الثانى الإعدادى الذى تصدره «دار النهضة» أثار قلق الكثيرين خاصة أننا علمنا من مصادرنا أن التعليمات بأخونة المناهج لا تكون رسمية بل أحيانا شفوية، وبالإيماءات بين مسئولى الوزارة ودور النشر والمتنافسين فى مناقصات تعديل المناهج، حيث يغازلونهم بإضافة التاريخ الإخوانى والبنا وقطب وحتى الإشارة للدعوة السلفية!

 

وعلمت روزاليوسف أن أعضاء مركز تطوير المناهج والمواد التعليمية التابعة للوزارة يعكفون حاليا على وضع المعايير والمواصفات لمناهج 2014- 2015 فى سرية تامة استعدادا لمناقصة يتقدم إليها المؤلفون سواء بشكل فردى أو من خلال دار نشر حيث يعتبر المؤلف الذى يحصل على أقل من 90 درجة غير مقبول طبقا للقرار الوزارى رقم 429 لسنة .2007

 

وتنفرد «روزاليوسف» بنشر المناهج الجديدة المقررة فى مواد التربية الوطنية والتاريخ والجغرافيا والميكانيكا وتكنولوجيا الصناعة للثانوية العامة، إضافة إلى كتاب «المواطنة وحقوق الإنسان» والذى يقرر لأول مرة على طلاب الصف الثانى الثانوى ونستعرض فصوله بالتفصيل لاحقا فضلا عن التعديلات النهائية التى تمت إضافتها فى منهج التاريخ للصف السادس الابتدائى عن التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى شهدتها مصر خلال الفترة من ثورة 23 يوليو 1952 وحتى ثورة 25 يناير .

 

وكتاب التاريخ المعدل الجديد لثانية ثانوى أدبى الذى تم تقسيم فصوله العشرة لتشمل السنة الثانية التى تعتبر سنة نقل «حقبة التاريخ الإسلامى» يليها فى السنة الثالثة تاريخ مصر الحديث مرورا بالحملة الفرنسية والاحتلال البريطانى وحتى ثورة يوليو ثم العدوان الثلاثى نهاية بحرب أكتوبر.

 

وكذلك كتاب «جغرافية الوطن العربى» للصف الثانى الثانوى الأدبى المعدل والذى تضمن دراسة جيولوجية جغرافية للوطن العربى تتخللها دراسة طبيعية وبشرية لإقليم شمال أفريقيا وشبه الجزيرة العربية وإقليم الهلال الخصيب ودول إقليم القرن الأفريقى.

 

ومن جهة أخرى، لم تتم إضافة أى تعديلات على مناهج مواد اللغة العربية للثانوية العامة بمراحلها الثلاث وكذلك مناهج الفلسفة وعلم النفس، وإن تمت بعض التعديلات الطفيفة على المواد العلمية كالكيمياء والميكانيكا وتمت إضافة مادة جديدة للتعليم الفنى وهى «تكنولوجيا الصناعة».

 

ومن المواد الجديدة التى سيتم تدريسها هذا العام إجباريا على طلاب الصف الثانى الثانوى كتاب «المواطنة وحقوق الانسان» الذى يشتمل على أربعة فصول يهدف فى النهاية إلى تنمية التنوير السياسى والاجتماعى للطالب نحو عدة قضايا وهى «المواطنة بحقوقها وواجباتها»، و«الوعى السياسى» وطرق تنميته وقياسه، و«المجتمع المدنى» ومكوناته، وأخيرا «حقوق المرأة» ومشاركتها فى الحياة السياسية.

 

ويشير الفصل الأول إلى المواطنة باعتبارها جزءا من ثقافة اجتماعية وسياسية جديدة وجزءا من نظام سياسى يقوم على الدستور ودولة تقوم على السيادة الوطنية وجزءا من حقوق وواجبات ينتظم فيها الفرد بموجب عقد اجتماعى يصبح من خلاله الفرد مواطنا فى الدولة، حيث يشير المؤلفون إلى تطور مفهوم المواطنة عبر العصور التاريخية مع إقرار أهم الحقوق التى أقرها الدين الإسلامى للمواطنين غير المسلمين.

 

أما الفصل الثانى فيتناول الوعى السياسى باعتباره الركيزة الأساسية التى يبنى عليها النظام السياسى والاجتماعى إذ إن إغفال الوعى فى عملية بناء الدولة ستعنى البناء على الرمال أمام أى أزمة قد تمر بها الدولة أو المجتمع مهما كان حجم البناء السياسى أو العمرانى، حيث يتضمن الفصل عدة مفاهيم والفروق بينها ومنها الارستقراطية والاتوقراطية والفيدرالية والكونفدرالية والليبرالية والبيروقراطية.

 

ثم تترك الفصل إلى تعريف الوعى السياسى الإسلامى بأنه إدراك واقع المسلمين وواقع العالم بكل مايعنيه ذلك من معرفة طبيعة العصر ومشكلات البشر والقوى الفاعلة والمؤثرة الظاهرة والخفية فى مواقع القرار لتكون هذه المعرفة مساعدة فى حسن رعاية الأمة ومصالحها كما فى دفع المفاسد والإخطار عنها، وبالتالى فالوعى السياسى من وجهة نظر إسلامية هى إدراك الإنسان لما حوله على أساس العقيدة الإسلامية ومن خلال علاقته بمكونات الأمة.

 

وبالرغم من أهمية ماذكره الكتاب فى حقوق المواطنة والمجتمع المدنى إلا أن المؤلفين قاموا بتخصيص جزء للوعى السياسى فى الإسلام وللعجب فإنه لم يذكر مواقف لماهية الوعى السياسى فى الإسلام سواء فى علاقة المسلمين بالحاكم أو بالعكس بل إنهم انتحوا جانبا آخر يثير الغرابة ويتناقض مع حقوق المواطنة حيث أقحموا الدين الإسلامى بدون مناسبة فى السياسة، وأشاروا بطريقة غريبة إلى الوعى السياسى فى الإسلام دون اعتبار لوجود مواطنين مصريين آخرين يعتنقون ديانات أخرى، حيث كان يجب أن يذكر مفهوم الوعى السياسى لأصحاب الديانات الأخرى.

 

ثم عاد المؤلفون وقالوا إنه لم تكن هناك تعددية حزبية حقيقية فى ظل النظام السابق الذى أسقطه الشعب من شدة ظلمه وعظم فساده حيث كان هناك حزب واحد مهيمن يحتكر السلطة بصفة دائمة وإلى جواره مجموعة من الأحزاب الضعيفة، لكن كانت هناك 3 أسطر لذكر إيجابيات النظام السابق فى بدايته وقبل فساده. أما بعد ثورة يناير فتغيرت عدة أوضاع سياسية أهمها إلغاء لجنة الأحزاب مما أزال العقبات أمام القوى السياسية وأصبح من اليسير للمصريين تكوين أحزاب حيث شهد عام 2012 وصول عدد الأحزاب السياسية إلى أكثر من ثمانين حزبا سياسيا وهذا لأول مرة يظهر فى تاريخ مصر المعاصر وتنوعت مابين الإسلامى والليبرالى والاشتراكى، ولكنهم لم يشيروا إلى شعارات المصريين الأحرار، والحرية والعدالة ، والعدل، والنور، والنور، والوسط.

 

 

وصنف الفصل المعوقات التى واجهت المجتمع المدنى قبل ثورة 2011 إلى معوقات سياسية نتيجة التوجهات السلبية التى كانت تنظر للمجتمع المدنى على أنها مضيعة للوقت والأسوأ من ذلك أنه كانت توجه اتهامات للمنظمات على أنها إما موجهة من جهات خارجية للتأثير على سياسات البلد أو أنها تحت تأثير جهات سياسية أخرى وكذلك معوقات مدنية بسبب الرفض الجماهيرى الذى كان لا يؤمن بفائدة وجود هذه المنظمات أو على الأقل لا يؤمن بقدرتها على التغيير وكذلك معوقات لوجستية ومادية وتشريعية كانت تحذر نشاطات هذه الجمعيات.

 

 

وتناول الفصل الرابع والأخير «حقوق المرأة» والتطور التاريخى لنظرة الشعوب إلى المرأة عبر العصور المختلفة بدءا من عصر الفراعنة مرورا بالمرأة فى العصر الإغريقى والرومانى ثم المرأة فى المسيحية حيث اعتبرت المرأة والرجل جسدا واحدا لا تقديس ولا تفضيل بل مساواة تامة فى الحقوق والواجبات وحرم الطلاق بل وأعطت لمؤسسة الزواج تقديسا خاصا ومساواة فى الحقوق بين الطرفين، وأخيرا حقوق المرأة فى الإسلام ودورها المؤثر بمنأى عن الرجل، حيث ضرب مثالا للمرأة صانعة السلام كدور أم سلمة فى درء الفتنة التى كادت تتبع صلح الحديبية فضلا عن دورها كمحاربة فى الفتوحات الإسلامية.

 

 

ثم تطرق الفصل إلى وضع المرأة اليوم قائلا: إنها تابعة لسياسة البلد أكثر من تبعيتها لدين أهل هذا البلد، ففى البلدان الغربية نجد المرأة حصلت على حريتها فى كل مجالات الحياة، أما فى البلدان العربية فلا يزال وضع المرأة مماثلا لوضعها التاريخى بسبب الموروث الثقافى المهيمن عن المرأة والتمييز القانونى بالرغم من وصولها إلى مناصب عدة واعتلائها مجلس الشعب والقضاء والمجتمع المدنى إلا أن معدلات العنف ضد المرأة فى البلدان العربية ذات التشريع الإسلامى لا تقل عن مستوياتها فى البلدان الأخرى.

 

 

وتناول الفصل فى نهايته دور المرأة فى ثورة 25 يناير وما بعدها، حيث قال المؤلفون إن المرأة خرجت لتقف بجانب الرجل فى ثورة شعبية سلمية ارتفعت فيها أصوات الفتيات والشباب المسلمين والمسيحيين مطالبين بالحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية ومحاكمة الفاسدين وإسقاط النظام بأكمله، فالثورة وحدت المصريين تحت مظلة واحدة، الكل توحد عقائديا ومذهبيا وفكريا من أجل إسقاط النظام.

 

 

وعن منهج الدراسات الاجتماعية للصف السادس الابتدائى فقد شملت التعديلات إضافة ملحق عن التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى مرت بها مصر خلال الفترة من ثورة 1952 وحتى ثورة 25 يناير حيث تناولت الوحدة الرابعة أحوال مصر قبل ثورة 25 يناير، والفساد الإدارى الذى انتشر فى المجتمع مع ظهور طبقة من رجال الأعمال الذين تضخمت ثرواتهم على حساب الشعب المصرى فضلا عن المواقف السلبية للسياسة الخارجية لمصر والتى تمثلت فى مواقفها تجاه بعض القضايا الإقليمية والمحلية بالإضافة إلى سوء أحوال الجهاز الادارى الحكومى وانتشار الرشوة والمحسوبية.

 

 

وتناول الفصل أهم النقاط الفاصلة فى أحداث الثورة ورصد إنجازات الثورة ومنها إسقاط رأس النظام السياسى المتمثل فى الرئيس السابق ومحاكمته مع عدد من أركان نظامه المنتهى وحل مجلسى الشعب والشورى والإفراج عن المعتقلين وتشكيل الأحزاب السياسية بمجرد الإخطار والتلاحم بين المسلمين والأقباط.

 

 

ومن جهته يرى محمود حنفى أستاذ التاريخ المتفرغ أن هذه التعديلات والتغييرات التى تمت على منهج التاريخ للمرحلة الأولى من الثانوية العامة لم تؤثر على المحتوى الرئيسى للمادة التاريخية ولكن تم تقسيم المنهج على مرحلتين لتخفيف أجزاء كبيرة من الحقب التاريخية التى كان يدرسها الطالب.

 

 

مشيرا إلى إنه لم يتم إضافة أى أجزاء عن تاريخ جماعة الإخوان المسلمين ومؤسسها حسن البنا وكل ما يتردد مجرد شائعات والمناهج ثابتة، والتعديلات فقط مجرد تقسيمها إلى خمسة أجزاء فى ثانية ثانوى وتشمل الحقبة الإسلامية يليها فى السنة الثالثة تاريخ مصر الحديث مرورا بالحملة الفرنسية والاحتلال البريطانى وحتى ثورة يوليو 52 ثم العدوان الثلاثى وحتى قيام حرب أكتوبر.

 

 

ونفى ما تردد حول تضمين كتب التاريخ الحديث لطلاب الصف الثالث الثانوى للثانوية العامة الجديدة أى أحاديث عن نشأة وأهداف جماعة الإخوان المسلمين والصعوبات التى واجهتها منذ الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وصولاً إلى ثورة يناير وصعودهم للسلطة

 

 

أما عبدالعزيز مختار مشرف مادة اللغة العربية بمدرسة الخديوية الثانوية العسكرية بنين فيؤكد أنه لم يتم إضافة أى تعديلات على مناهج مواد اللغة العربية للثانوية العامة بمراحلها الثلاث، فمقررات النصوص والنحو والبلاغة لم تتغيير، وهى منفصلة فى كل مرحلة على حدة وليس بها أى تسلسل تاريخى أو زمنى وهذا بعكس إذا حذفت أى فترة تاريخية لا يمكنك دراسة الفترة التالية لها .

 

وهذا ما أكدته سمية رأفت - أستاذة مادة علم النفس بمدرسة السيدة زينب بنات - قائلة: لم تشمل التعديلات الجديدة أى تغيير فى مناهج مادتى علم النفس والفلسفة للمجموعة الأدبية مضيفة أننا فى انتظار المناهج الجديدة التى سيتم تغييرها اعتبارا من العام القادم متوقعة بعدم حدوث أى تعديلات فى النظريات الفلسفية وربما تحدث بعض التغييرات الطفيفة فى أنشطة وتدريبات المواد العلمية المقررة على طلاب الصف الثالث الثانوى.

 

د.صلاح عرفة مدير مركز تطوير المناهج والمواد التعليمية قال لنا إنه يجرى حاليا وضع المعايير والمواصفات الفنية لمناهج 2014- 2015والتى يعقبها مناقصة يتقدم إليها المؤلفون سواء بشكل فردى أو من خلال دار نشر، مشددا على أنه لا تسييس للمناهج فى مصر والتركيز على شخصية تنتمى للتيارات السياسية أو غير ذلك.

 

وأشار إلى أنه ليس هناك اتجاه لأخونة المناهج، سواء فى مناهج التاريخ أو اللغة العربية مشيرا إلى أن المناهج تبنى على الأحداث وليس الأشخاص، وبالتالى لم يذكر أى شخصية داخل كتب التاريخ الدراسية إلا فى ضوء الأحداث التى تحدث، لأن التاريخ ليس له علاقة بالأشخاص أو أن تبنى على الشخصية حتى لا تخرج عن الحقائق، مضيفا أن جماعة الإخوان المسلمين لا تتدخل من قريب أو من بعيد فى عملية تطوير المناهج، مؤكدا أن نظام المناهج الجديدة لا يسمح بذلك وأن المركز مرتبط فى عملية التطوير بوثيقة للمنهج يعمل بها من أولى ابتدائى حتى ثالثة ثانوى، وبالتالى فإن المركز يعمل وفقا لمعايير ومواصفات محددة تسمى وثائق منهج.

 

وفى سياق متصل يزيد علامات الاستفهام حول هذا الكلام أثارت صورة الرجل الملتحى على غلاف كتاب الأضواء للغة العربية للصف الثانى الإعدادى حفيظة البعض والذى أعتبره اتجاها واضح لأخونة الدار، ومغازلة للإسلاميين، لكن اضطر د.أحمد إبراهيم رئيس مجلس إدارة مؤسسة نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع نفى ما يتردد حول فكرة أخونة المناهج أو دار النشر قائلا إن الرسام الذى اختار هذه الصورة يعبر فقط عن مدرس اللغة العربية الذى يدرس العربى والدين كما أن إطلاق اللحية هنا رمز فقط للوقار وليس للتدين.. مضيفا أن هذا المدرس عبارة عن شخصية كارتونية للبروفسير الموجود بالكارتون الفرنسى «تان تان» قائلا إن ما أثير على المواقع الإلكترونية ووسائل الإعلام من شأنه الإساءة لسمعة الدار التى تطور من نفسها كل عام، وما يتردد نوع من المنافسة للإساءة إلينا ونحن نحترم للقواعد والمواصفات التى تضعها الوزارة كل عام.

اجمالي القراءات 4381
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق