البرادعي في بيان الانسحاب: ضميري لن يسمح لي بالترشح إلا في نظام ديمقراطي حقيقي

اضيف الخبر في يوم السبت ١٤ - يناير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الشروق


البرادعي في بيان الانسحاب: ضميري لن يسمح لي بالترشح إلا في نظام ديمقراطي حقيقي

قرر الدكتور محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق، الانسحاب من سباق الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، وقال إن ضميره لا يسمح له بالترشح للمنصب أو لأي منصب رسمي آخر، إلا في إطار نظام ديمقراطي حقيقي يأخذ من الديمقراطية جوهرها وليس فقط شكلها.

مقالات متعلقة :

 

نص البيان

 

إلى أهلي، إلى أهل مصر

 

تقترب ثورتنا المجيدة من إتمام عامها الأول وانتهز هذه الفرصة لأقدم خالص التعازي مرة أخرى لأهالي شهدائنا الأبرار وآلاف الضحايا من المصابين اللذين بذلوا دماءهم وأرواحهم من أجل أن ننعم وأبناءنا بمصر حديثة قائمة على الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، مترحماً عليهم وراجيا المولى عز وجل ان ينزلهم منازل الشهداء الأبرار.

 

لقد خاضت سفينة الثورة طريقاً صعباً تقاذفتها فيه أمواج عاتية وهى تعرف مرفأ النجاة جيدا وتعرف طريقة الوصول إليه، ولكن الربان الذي تولى قيادتها - دون اختيار من ركابها ودون خبرة له بالقيادة - أخذ يتخبط بها بين الأمواج دون بوصلة واضحة، ونحن نعرض عليه شتى أنواع المساعدة، وهو يأبى إلا أن يمضى في الطريق القديم، وكأن ثورة لم تقم، وكأن نظاماً لم يسقط.

 

وبدلا من لم شمل الأمة في عملية سياسية منظمة ومتفق عليها، نطلق فيها الحريات ونفتح النوافذ لإدخال الهواء النقي وتطهير العقول والنفوس من مخلفات الاستبداد، ونمنح أنفسنا المدة اللازمة لنكتب فيها دستورنا معاً بأسلوب متروي بروح توافقية تقوم على احترام الحقوق الأصيلة للإنسان، وننتخب ممثلينا وقادتنا في إطار سياسي ودستوري يضمن انتخابات حرة عادلة وأيضاً ممثلة لكل طوائف واتجاهات الشعب، أدخلنا هذا الربان في متاهات وحوارات عقيمة في حين انفرد بصنع القرارات وبأسلوب ينم عن تخبط وعشوائية في الرؤية، مما فاقم الانقسامات بين فئات المجتمع في الوقت الذي نحن فيه  أحوج ما نكون للتكاتف والوفاق.

 

وتواكب مع هذا اتباع سياسة أمنية قمعية تتتسم بالعنف والتحرش والقتل، وعلى إحالة الثوار لمحاكمات عسكرية بدلاً من حمايتهم ومعاقبة من قتل زملائهم. وكل هذا في إطار حالة الطوارئ الفاقدة  للمشروعية وغياب غير مفهوم للأمن وإدارة سيئة للاقتصاد، بالإضافة لعدم اتخاذ خطوات حازمة لتطهير مؤسسات الدولة – وخاصة القضاء والإعلام -  من فساد النظام السابق، أو حتى عزل رموزه ومنعهم من الاستمرار في إفساد الحياة السياسية. إن العشوائية وسوء إدارة العملية الانتقالية تدفع البلاد بعيداً عن أهداف الثورة، مما يشعرنا جميعاً أن النظام السابق لم يسقط.

 

ومع ذلك فإنى لا أود ان يتطرق اليأس الى النفوس. فدروس التاريخ تعلمنا أن الثورات العظيمة كلها تمر بمثل هذه الانخفاضات والارتفاعات، ولكنها فى النهاية تصل لبر الأمان. وأهم ما تحقق خلال العام المنصرم هو كسر حاجز الخوف واستعادة الشعب لإيمانه بقدرته على التغيير وبأنه هو السيد والحاكم. كما أن المشاركة بكثافة في العملية الانتخابية - برغم عيوبها الواضحة - يعزز الثقة فى قدرة الشعب على ممارسة الديمقراطية وحكم نفسه بنفسه.

 

وإني على ثقة أن هذا الشعب سيستمر في المطالبة بحقوقه حتى يحصل عليها كاملة. وأدعو قوى الثورة كلها للعمل مع فئات الشعب كافة لتحقيق هذا الهدف، متمسكين دائماً بسلمية الثورة، فالاحتجاج السلمي هو الذي يعطي الثورة قوتها ونقاءها.

 

 

 

إخوتي وأخواتي مواطني مصر الغالية

 

لقد استعرضت أفضل السبل التى يمكنني منها خدمة أهداف الثورة في ضوء هذا الواقع فلم أجد موقعاً داخل الإطار الرسمي يتيح ذلك، بما فيها موقع رئيس الجمهورية الذي يجري الإعداد لانتخابه قبل وجود دستور يضبط العلاقة بين السلطات ويحمي الحريات، أو في ظل دستور تلفق مواده في أسابيع قليلة.

 

وفي ضوء هذه الظروف فقد قررت عدم الترشح لمنصب رئيس الجمهورية. وقراري هذا ليس انصرافاً من الساحة، بل استمرار لخدمة هذا الوطن بفعالية أكبر، من خارج مواقع السلطة ومتحررا من كل القيود.

 

لقد قلت مراراً أن هدفى هو مساعدة أهل بلدى على إعادة بناء مصر التي ننتمي إليها ونفخر بها، وليس تحقيق مصلحة شخصية. بل إني تحملت الكثير من الإساءة والكذب والتدني الخلقي، قبل قيام الثورة وبعدها، من جانب نظام ترتعد فرائصه من قول الحق، آخذاً على نفسى عهداً ألا ألتفت لهذه الإساءات وأن أركز جهدى على ما فيه المصلحة العامة. لكني أكدت ومنذ البداية أن ضميري لن يسمح لي بالترشح للرئاسة أو أي منصب رسمي آخر إلا فى اطار نظام ديمقراطي حقيقي يأخذ من الديمقراطية جوهرها وليس فقط شكلها.

 

إن الثورة تعبر عن ضمير الأمة الذي انتفض، وليست مرتبطة بشخص، وفي حين أن كل الأشخاص إلى زوال، فإن الثورة ستستمر مادام ضمير الأمة حياً. لقد قلتها منذ عامين وأكررها الآن: إن الذى سيعيد بناء هذه الأمة هم شبابها، الذين لم يلوث ضميرهم فساد النظام وأساليبه القمعية. هؤلاء الشباب هم الحلم وهم الأمل، ولذلك سأستمر في العمل معهم خلال الفترة القادمة، وسط جماهير شعبنا، لتمكينهم من المشاركة الفعالة في العمل السياسي، كي يتولوا زمام أمور مصر ومقدراتها في المستقبل القريب، ويحققوا أهداف الأمة كلها: الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية. إنى على ثقة من أن شباب مصر، ومعهم كل من يؤمن بهم وبأهدافهم، سوف ينجحون، بفكرهم الجديد المجدد، وسوف يقودون هذه الأمة نحو مستقبل أفضل، وسيكون ذلك خير تكريم لمئات الشهداء وآلاف المصابين الذين قدموا أنفسهم فداءً لمصر وشعبها.

 

عاشت مصر بشعبها حرة أبية

                                                                                                   محمد البرادعي

اجمالي القراءات 6547
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   نورا الحسيني     في   السبت ١٤ - يناير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[63880]

عالم ... وعوالم .

العالم هو الدكتور محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق، الذي أخذ على عاتقه مهمة تبصير أبناء بلده بحقوقهم ومساعدتهم على نيلها رغم كل الإساءات التي تعرض لها والتشهير به وبأسرته
أما العوالم هم الذين يتصارعون على مقاعد البرلمان ومن بعده كرسي الرئاسة وفي مقدمتهم الإخوان والسلفية .

2   تعليق بواسطة   الشيماء منصور     في   السبت ١٤ - يناير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[63883]

نعم! لقد قمنا بالثورة ولكن؟!

مما لا شك فيه اننا قمنا بثورة  مجيدة  اطاحت بنظام فاسد ولكنها لم تستكمل بعد ولم تنته بعد وفي امس الحاجة لكل مصري حر ان يظل صامدا متحديا كل الصعاب والتحديات فنحن الان في ساحة المعركة ولم تنته الحرب بعد فكيف قائد مثلك يا برادعي ينسحب من الساحة فانت انسحبت فما نحن بفاعلين؟!!!!!!!!!!

3   تعليق بواسطة   نوري حمدون     في   السبت ١٤ - يناير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[63887]

إنسحاب البرادعي درس قوي :

 إنسحاب البرادعي هو نفسه فعل سياسي من الدرجة الأولى .. و هو أشبه شئ بعملية العزل السياسي التي قد تفرض على طائفة سياسية منفلتة .. و مثل العصيان المدني الذي يلجأ اليه الشعب ليدفع بإتجاه الحل الجذري عبر قيامه بالتسميم الكامل للجو السياسي . التحية للبرادعي الذي أثبت أنه يملك رؤية مستشرفة و بصيرة نافذة . إن ما يحدث في مصر أصاب العالم أجمع بالحيرة و العالم العربي خاصة بالصدمة .. الصدمة لرؤية المصريين و هم رواد النهضة و أصحاب أم الحضارات يسقطون ضحايا للمخدر السلفي و الأفيون الفكري المتخلف في أقل من عام واحد . و العزاء أن المعركة لم تنته بعد .. فحال المصريين أشبه بلعيبة فريق لكرة القدم إنتهى شوط مباراتهم الأول بخسارتهم أربعة صفر .. فطالما هناك شوط آخر وجب أن نأمل في تغيير النتيجة و أن نشمر عن ساعد الجد . و يجب أن لا نسمح للحريات بأن تنتهك عبر الدستور القادم . فمن حق الشعب الإنتفاض و الثوران لأية محاولة لخنق الأنفاس و خرق الحقوق و إهدار الحريات . فالذين جاءوا الى البرلمان جاءوا بهذا الشرط .. و عليهم أن يبقوا بناء على هذا الشرط .. أو أن يذهبوا ( طوعا أو كرها ) بناء أيضا على هذا الشرط . إنه نفس الشرط الذي أراد البردعي أن ينبه على ضرورة فتح العيون لمراقبة تنفيذه .. على الأقل في مرحلة صياغة الدستور القادمة .

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق