المستشار فؤاد راشد: الحجة الهراء في مجزرة مجلس الوزراء !!

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٢٧ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: البديل


المستشار فؤاد راشد: الحجة الهراء في مجزرة مجلس الوزراء !!

المستشار فؤاد راشد: الحجة الهراء في مجزرة مجلس الوزراء !!


 

أكثر ما يدمي قلب الجريح أن يلام علي جرحه فيصبح الجرح جرحين عندما يصير الجاني ضحية والمجني عليه جانيا, ولكن ماذا نفعل والبعض منا يصمم بحسن أو بسوء نية علي أن يضع لنا العربة أمام الحصان !

تابعت- ككل المصريين – مايجري علي ساحة وطني الحبيب من مجازر تقع تباعا ,  مجزرة ثم فاصل زمني أو استراحة قصيرة  ثم مجزرة أخري , والعجيب بل والمريب أنه ما أن يقع من أحد الغاضبين  فعل مؤثم سواء كان الفاعل ثائرا أصليا أو عارضا, الا و تهوي مطرقة العدالة علي رقبته ناجزة باترة حاسمة في سرعة تحسد عليها , بينما في  الجرائم الكبار عندما يرتكبها الكبار أو ذيولهم فاننا نري العجب العجاب مجسدا  , مابين تدليل للبعض ونشر أخبارهم وكيف أن مزاج سيادة  أحدهم متعكر أو أنه عازف عن تناول بعض الأطعمة بينما يتناول أطعمة أخري بشراهة , ومرورا بمذهلات مضحكات مبيكيات , فبعض بلاغات عن فساد تزكم رائحته الأنوف لم يحقق فيها أو قطع  التحقيق شوطا  ذرا للرماد في العيون ثم نامت قريرة العين جذلانة في أدراج تئن لكثرة ماحوت من وقائع فساد محبوسة , حتي بت أتخيل لبعض الأماكن دهاليز مظلمة وأنفاق عفنة  تحت الأرض لدفن جرائم وفساد المحروسين بروح حسني مبارك التي لازالت ترفرف علي سماء الوطن حامية لجيش عرمرم من الفاسدين الذين أحالوا حياة المواطن جحيما جراء سرقاتهم المليارية وجعلوا حلم المصري الأعز هو الفرار من وطنه ولو الي المجهول !

قتل نحو الف من ثوار يناير وأصيب الوف وبعض الاصابات رتبت فقد نور العيون ,  ولا زال الفاعل الأصلي مجهولا , وهذا المجهول لم يرتكب جناياته البشعة المروعة في حارة داخل حارة في منطقة مهجورة بل في قلب قلب عاصمة المعز وقلوب قلوب عواصم المحافظات , و قدم الشركاء بالتحريض الي المحاكمة بعد أخذ ورد وترك كبيرهم  في شرم الشيخ ناعما بالنسيم العليل والبحرالممتد  الجميل والفيلا الباذخة ومعه كل أحبائه فضلا عن جيرته لقرة عينه الصهاينة  , ولم تطله يد العدالة الا بعد احن و خطوب ويعلم الله مايكون في قادم الأيام ! ومن المسلم أن  من قدموا للمحاكمة هم في نظر القانون مجرد شركاء بينما ذاب الفاعلون الأصليون كأن الأرض ابتعلتهم أو ربما كانوا من العفاريت الزرق أو الحمر, سرعان ماقتلوا سرعان ما اختفوا ومعهم  كل أثر لجرائمهم  , ولازال الفاعل الأصلي  – اذن – مجهولا في أكثر قضايا قتل الثوار.

لما وقعت مجزرة مجلس الوزراء رحت أتابع مايجري من كل زوايا الرؤية , حتي من يقولون كلاما يقع في باب شر البلاء مايضحك كقول أحدهم ان احدي المسحولات المهانات  ليست منتقبة أصلية بل منتقبة عارضة قصدت بالنقاب اثارة حماس المحتجين , وهو – بالقطع ومن سياق الحديث  – لايراها كاملة المواطنة  ولاتستحق عطف( فضيلته) لنقص أهليتها للتعاطف الكامل الذي لاتستحقه الا منتقبة أصيلة !! قرأت لكل التيارات  , وكل يبدي وجهة نظره ولا مشكلة الي هنا ولكن المشكلة بل والعجب العجاب هو أن هناك كثيرين يتبنون مرتكزا غريبا مضمونه  أن من قتلوا ومن سحقوا ومن ضربوا يستحقون ماجري لهم بحجة السؤال الأكثر غرابة ومؤداه  ماذا  أخرجهم من بيوتهم وبيوتهن الي حيث قتلوا أو  ضربوا وضربن وسحلوا وسحلن وهتكوا وهتكن وعريت أجسادهم وأجسادهن علي يد جنودنا البواسل! وليس من حق مصري كائنا من كان – وفق هذا المنطق الأعوج –  أن يٍسأل عمن أعطي أوامر السحل والضرب وهتك الأعراض لجنودنا الأبطال ,  وفي حدود علمي- وقد خدمت بالقوات المسلحة – أن الجنود المصريين منضبطون لرؤسائهم انضباطا كاملا فلايتصورا أنهم ضربوا وهتكوا دون أوامر , ووفق هذا المنطق فانه ليس  من حقنا أن نطلب محاكمة جنائية لمن أصدر الأوامر التي مرغت سمعتنا جميعا في الحضيض أمام ملأ الدنيا وشوهت لاصورة الفاعلين بل صورة المصريين ملحقة الضرر بالجميع وطنا ومواطنين , فما دام من احتجوا هم المخطئون فانهم يستحق ماجري لهم  جزاء خروجهم !

يقول البعض ان   الاقتصاد  مضطرب منهار وحانت ساعة العمل , وهذا حق مع التحفظ علي أن أسباب الخراب الحقيقيين لازالوا ينعمون ب ( عدالة سبع نجوم !!! )  , ويقول آخرون  ان الأمن مضطرب وحانة ساعة التوحد لاعادة الأمن ,  وهذا حق , ويقال ان هناك مندسين بين الموجودين وربما كان ذلك حق أيضا ولاخلاف علي كل تلك المقدمات , ولكن وجه العجب أن ينتهي أحد بتلك المقدمات الي نتيجة مضمونها أن من خرج الي مجلس الوزراء يستحق القتل أو السحل أو الضرب وجذب النساء – مهانات – من شعورهن وسحلهن علي الأرض بعد تعرية أجسادهن  !! فذلك مهدر للقانون والعدل والمنطق معا ! وذلك مخرب للوطن والمواطن والأمن والاقتصاد معا !

 ومع هذا فسأذهب – كارها  – في الشوط الي مداه , هب أن بين الواقفين مندسين أو حتي  جاسوسا صهيونيا هدفه اثارة الفتن فهل يقبض عليه ويحاكم محاكمة عادلة تليق ببلد هو من علم الكون الحضارة والعدل والقانون  أم يقتل دون محاكمة ؟ هل وجود مندسين بين الثوار – علي فرض صحة ذلك –  مبرر قانوني أو أخلاقي  لسحق خلق الله هكذا في وحشية وهمجية ؟ وهل يليق أن يخرج بعض الجنود ليبول علي رؤوس الناس كما نشر ورأيت ورأي غيري ورأت الدنيا ؟

 ان وضع اللوم علي رأس الغاضبين ظلم ولكنه ليس مجرد ظلم كأي ظلم بل هو خطأ في تشخيص أزمة شعب في مرحلة فارقة من تاريخه , والخطأ في  التشخيص أو نقطة البداية يجر حتما الي سلسلة لاتنتهي من الأخطاء التي قد تكون مع عظم الحالة كوارث!

لنترك اذن شماعة خطأ الغاضبين ولنبحث عن السبب الحقيقي ,

وأستأذن في مقدمة عن معني السبب , فهناك لبعض الأحداث أكثر من سبب وكلها تتعاصر معا وتتضافر , ولبعض الأحداث سبب حقيقي كامن وسبب مباشر مفجر كأن تقع مشاجرة بين خصمين بسبب كلمة لاتستأهل شجارا وتكون هي – علي بساطتها – السبب المفجر بينما يقبع السبب الحقيقي-  وهو الخصومة – كامنا فاعلا قويا وان لم يره من يركزون علي السبب المباشر وحده , فنري من يضرب كفا بكف لتفاهة سبب الشجار بينما السبب الحقيقي هو الحاضر الغائب عن ساحة الشجار .

وفي حالتنا فان الأسباب المباشرة عديدة وقد تكون – كما نشر – متمثلة في  وقوف بعض المتظاهرين أمام مجلس الوزراء وهو ما رآه البعض نيلا من هيبة الدولة  لغلقهم بعض الأبواب أو وقوع احتكاك بين بعضهم وبين بعض الضباط أو الجنود أو اعتداء بعض المحتجين علي بعض الجنود  , وهذا أمر يتكفل به تحقيق نأمل أن يتم  في ظروف مواتيه والا يحاكم مجرم دون مجرم والا فنحن أمام ( خميرة ) نكبات جديدة لأنه كما أن في القصاص حياة فان في الظلم خرابا ودمارا مؤكدين وثارات لاتنتهي!

ان السبب الحقيقي والكامن الفاعل في كل مايجري هو – في يقيني –   أداء حكام البلاد بعد الثورة سواء المجلس العسكري أو وزارة  شرف , لقد أخذ المجلس زمام قيادة الثورة بحكم حقائق القوة علي الأرض , ورجونا جميعا أن يقود ثورة تليق بتضحيات الدم , وصبرنا جميعا ملتمسين للمجلس العسكري مايلتمس ومالايلتمس من الأعذار , وقلنا هؤلاء الرجال هم في البدء والمنتهي جزء منا وهم طليعة مؤسسة وطنية لها مكانها ومكانتها العزيزة ,  ولكننا رأينا من المجلس  أمورا تثير الريب من أول يوم, من ذلك مثلا مابدا الي اليوم لغزا  لايمكن فهمه ولايمكن تبريره وهو ترك  زكريا عزمي يتردد يوميا ساعات طوال علي مقر ديوان رئاسة الجمهورية,  وأيامها  تطوع أحد قادة المجلس – حسبما نشر – ليقول ان زكريا عزمي موظف وهو يذهب الي أداء عمله !! ويتردد- بقوة اللزوم المنطقي-  أن زكريا عزمي رتب أوراقا وأعدم ملفات وأخد وقته وأدي مهمته علي مهل وروية , ولايتصور أنه أداها دون تنسيق  مع مبارك الذي كان يستجم في منتجع شرم الشيخ قبل أن ينتقل الي منتجع علاجي الي اليوم بينما يقبع بعض الثوار في ظلمات السجون الحقيقية  !

تلكأ المجلس في  تقديم مبارك وأولاده الي المحاكمة شهورا ,   وتردد المجلس في اصدار قانون العزل السياسي في وقت ملائم وبصيغة جازمة بما يحول بين الفلول وبين العودة الي الافساد من جديد , ثم رأينا  ماسمي بوثيقة السلمي وماحوت من وصاية للمجلس علي المصريين ومحاولة تقنين أوضاع للجيش لايقبل بها جموع المصريين , ولم يتح المجلس  الصلاحيات الكافية لوزراة عصام شرف وخرج الرجل مكسورا مهزوما لأخطاء لم يكن وحده من وقع فيها , ورأينا ولازلنا نري التعامل الخشن الغليظ من قوات الأمن والجيش مع المتظاهرين في أكثر من موقعه , وعدنا نري مجزرة تقع  وقبل جفاف دم  الشهداء تقع مجزرة أخري , والشاهد أن المجلس لم يتخذ خطوة واحدة ذات قيمة في اتجاه الثورة الا بضغوط شعبية عارمة , ولقد أوشكت الثورة علي دخول عامها الثاني ولازال بعض أعضاء لجنة السياسات سيئة الصيت يشغلون بعض المواقع القيادية حتي اليوم !

ولنا أن نتخيل حال مصر فيما لو أن  المجلس العسكري قد  أثبت من أول يوم أنه يقود الثورة فعلا قيادة تكافيء تضحيات المصريين بالدم وتكافيء تطلعاتهم الي غد مشرق عزيز كريم ؟  هل كانت لأحد من حجة ساعتها للخروج الي الشارع ؟ ولو خرج البعض أما كانت الغالبية الساحقة من المصريين تعلن وقوفها الي جانب المجلس ونحن شعب معروف بالصبر الطويل والاخلاص منقطع النظير ؟ وفي كل الأحوال اليس الطبيعي قبل أن نلوم من صرخ محتجا أن نلوم من أيأسه وألجأه الي  الصراخ؟؟!!!

اجمالي القراءات 3049
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق




مقالات من الارشيف
more