الصحويون السعوديون يتلمسون أثراً بالثورات والحوالي إلى الواجهة

اضيف الخبر في يوم الإثنين ١٩ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: إيلاف


الصحويون السعوديون يتلمسون أثراً بالثورات والحوالي إلى الواجهة

ابن تيمية الصغير ينصح بالحريات وإقامة الأحزاب السياسية والنقابات
الصحويون السعوديون يتلمسون أثراً بالثورات والحوالي إلى الواجهة

يوسف الهزاع


السلفية تتغير، فلم يكن الحديث عن الديموقراطية والانتخابات وتأسيس الأحزاب والنقابات شيئًا أقل من الكفر والحاكمية لغير الله في تاريخ السلفية القريب، لكن أحداث الربيع العربي وغيرها من المتغيرات فرضت رؤى جديدة، قد يكون أشهرها حديث الشيخ السعودي الشهير سفر الحوالي ذي التاريخ المثير للجدل.


أربعة من رموز "الصحوة الإسلامية" في السعودية

الرياض: مع اختتام مؤتمر نظمته الحملة العالمية لمقاومة العدوان أمس السبت في تونس، يبرز خطاب جديد تقدمه رموز سلفية سعودية، كانت إلى وقت قريب من أكبر منظّري خطر الديموقراطية، بل وتكفرها.

يقول سفر الحوالي، وهو أحد أبرز رموز ما يعرف بالصحوة الإسلامية "على الأنظمة التي لم تصلها رياح الثورات، أن تأخذ العبرة مما جرى، وأن تتصالح مع شعوبها والقيام بإصلاحات شاملة، وفتح المجال لقيام أحزاب سياسية ونقابات مهنية وإقامة انتخابات حرة ونزيهة".

جاء ذلك في كلمة الافتتاح للمؤتمر، الذي اختير لها عنوان "ولدنا أحراراً"، ويرأس الحملة الحوالي نفسه، رغم مرضه منذ العام 2005.

المؤتمر يعقد في تونس، وانتهى بعد 3 أيام من الفعاليات والمحاضرات التي اقتصرت على الرجال فقط، ويتحدث خلاله عدد من ممثلي التيارات الإسلامية في الدول العربية، بمن فيهم رئيس حزب النهضة التونسي راشد الغنوشي.

من السعودية يشارك أيضاً رجل الدين الشهير ناصر العمر، فيما يشارك وليد الطبطبائي عن الكويت، وعن مصر طارق الزمر، وعن ليبيا يحضر وزير الأوقاف حمزة أبو فارس، ومن اليمن عبد الوهاب الحميقاني، ونادر التميمي عن فلسطين، فيما مثل سوريا خير الله طالب.

بالعودة إلى حديث الحوالي، فإنه لا يمكن المرور عليه بكرم التجاهل. فالحوالي، الذي لقبه مفتي السعودية الراحل عبدالعزيز بن باز بابن تيمية الصغير، وقال إنه ابن تيمية عصره وفق شهادات متواترة عن مريدي الاثنين، قال كلاماً لا يتوافق مطلقاً وأفكاره السابقة التي دونتها كتبه وينضح بها موقعه على الانترنت، فهو نفى أن تكون في الإسلام ديموقراطية.

وقال ردًا على سؤال خلال محاضرة بعنوان "الأسئلة" إن كان في الإسلام ديمقراطية فـ"إن الله عز وجل رضي لنا الإسلام، فقال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً) فما رضي لنا الاشتراكية ولا الديموقراطية ولا القومية، ولا أي تسمية أخرى. وقال (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ) فلن يرضى أن يسمّينا بأي اسم آخر، ولا يرضى لنا أن ننتسب إلى أي ملة أخرى".

ووصف خلال تلك المحاضرة ما يسمّيها ديموقراطية وحرية الغرب، قائلاً إنها "حرية الشهوات"، مضيفاً بأنها تعني "حرية التمرد على الله عز وجل، وحرية العبودية لغير الله عز وجل. أما الحرية الحقيقية، فهي التي تتحقق بها كرامة الإنسان، وهي أن لا يُعبد إلا الله، ولا يُخضع إلا لله، ولا يطاع إلا الله، وهذه مفقودة في الغرب تماماً".

للحوالي أيضاً محاضرة شهيرة بعنوان "وجوب الحكم بما أنزل الله"، شنع فيها على (الياسق)، وهو تشريع وضعي أقرّه القائد المغولي جنكيز خان، وكثير من مبادئه إسلامية، لكنه يحتوي أيضًا على قوانين وضعية ومن ديانات أخرى تخصّ أحوال الناس وتنظيم الجند والحروب والأسرى والمرأة.

وقال أيضاً في المحاضرة نفسها "فلا يعدل الإنسان أو يخرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر، في كل زمان وعصر، ولا يعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات، أي: سواء كانت فلسفات أو قوانين أو أعرافاً.. أياً كانت التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، أي: إن القضية ليست قضية اجتهاد من العلماء في النصوص". وأضاف "نقلاً عن ابن كثير "كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات".

موقف الحوالي يتوافق كثيراً مع مواقف تعتبر منفتحة، وبدأت تتجه نحوها بوصلة الخطاب السلفي التقليدي في المملكة، ويمكن أن يكون السكوت عن الديموقراطية ومشاركة السلفيين في مصر مثلاً أضعف الإيمان بالنسبة إلى عدد من المشايخ المعروفين بتحريمهم لهذا الأمر، لكن شيوخاً آخرين وقفوا على مبادئهم نفسها ولم يتغيروا، كما هو الشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء السعودية.

قال الفوزان خلال جواب عن سؤال يتطرق إلى دعم حزب النور المصري السلفي "الواجب على المسلم فى وقت الفتن أن يتجنبها، وأن يبتعد عنها، حتى تهدأ، ولا يدخل فيها، هذا الواجب على المسلم"، مضيفًا أن "هذه الأحزاب والتكتلات قد تجّر إلى شر وفتنة واقتتال في ما بينها، فالمسلم يتجنب الفتن مهما استطاع، يسأل الله العافية، ويدعو للمسلمين بأن يفرج الله عنهم ويزيل عنهم هذه الفتنة وهذه الشدة".

وفي حين يعتبر موقف الداعية الشهير سلمان العودة أحد أهم أقطاب الصحوة في المملكة متقدماً جداً، فإنه يأتي في سياق طبيعي مع توجهاته، التي تطورت كثيراً في السنوات الأخيرة، ما سبب له الكثير من الانتقادات من كبار وصغار المدرسة، التي تخرج منها. وقال العودة عن تونس "الشعب التونسي تحرّك من أجل الحريات، ولذا يجب أن يحصل على حريته، بما في ذلك حرية العمل السياسي وتنظيم التجمعات والأحزاب".

أما الداعية ناصر العمر، المعروف بتشدده في كثير من مواقف الانفتاح والتنمية والمرأة، فضلاً عن الحريات السياسية، فكان له حديث ملفت في مؤتمر الحملة العالمية لمقاومة العدوان، إذ أثنى خلاله على التجربة التونسية، ولكنه كعادته ترك الباب موارباً في الكثير من القضايا التي يتجاذبها تياران إسلاميان قويان.

وكان العمر قال إن "الديمقراطية مصطلح يعني: السيادة للشعب، أي إن الشعب يحكم نفسه بنفسه، بمرجعية يحددها هو، لا بمرجعية ربانية تتمثل في دين ارتضاه الله لعباده".

وأضاف خلال مقال بعنوان (من توابع الانتخابات الأميركية: وماذا صنعت الديمقراطية؟!) "هي في نهاية المطاف تمرّد على حكم الله، الذي لا حكم مقبول عنده سبحانه إلا حكمه، كما قال تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ}، فهي والحال كذلك لا يمكن قبولها شرعاً".

عن هذه المتغيرات يقول الباحث الشرعي السعودي عبدالله العلويط في حديث لـ إيلاف "بالنسبة إلى تحول السلفيين، فيجب أن نميّز بين نوعين من السلفية، الأولى هي السلفية السياسية الموالية للحاكم، والثانية سلفية لا تشارك في الحياة السياسية إلا بالعقيدة السلفية المعروفة، ويمكن تسميتها بالسلفية العقائدية".

يوضح العلويط "الأولى مصلحية، أي تتبع مصالحها، ولذا شاركت في الانتخابات الأخيرة في مصر، وقد تتراجع عن مواقفها المتصلبة، وتحمل شيئًا من التجديد والتغيير، وحينها لن تعترف بها السلفية الأصلية، وإن أسموا أنفسهم بذلك، ولذا لا يحظى حزب النور السلفي بقبول لدى المشيخة التقليدية.

أما السلفية العقائدية فقد تقبل التجديد في الآليات السياسية، كالديمقراطية والحرية وغيرها، بعدما كان أتباعها يحرمونها، فالسلفية السياسية تحرّمها مصلحة لها، والعقائدية تحرّمها جهلاً بها، ثم حصل لهم شيء من التنور السياسي، كالذي حصل للعمر والحوالي، فقبلوا بها، فحالها كحال الفضائيات حين حرّموها، ثم عادوا وأباحوها، ثم شاركوا بها وبقوة، وذلك بسبب أن البنية الفكرية لديهم تراثية تاريخية، وليست عصرية، وهذا ما يجعلهم يترددون كثيرًا في قبول الشيء، ثم إذا قبل وانتشر من غير إرادتهم ،وزال ما كانوا يتصورونه عنه، بدأوا بالمشاركة فيه".

ويختم العلويط مداخلته قائلاً "إن هؤلاء قد يقبلون التجديد السياسي. أما تسمية الحوالي بابن تيمية الصغير فكانت بسبب مواقفه المتشنجة من المذاهب العقائدية الأخرى، ولعل هذا هو ما أضفى عليه لقب السلفية، لأن السلفية أيضًا لا تعترف بالآخر، إضافة إلى عامل آخر عند السلفية العقائدية، وهو أن لديهم نفسًا أخوانيًا، بل إن مواقفهم السياسية شبيهة بالإخوان، والإخوان كما هو معروف كانوا جماعة تتبنّى العنف، ثم دخلوا إلى التجديد، ولعل هؤلاء نالهم ما نال الإخوان لتشابه المواقف السياسية".

اجمالي القراءات 972
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق