أقلية مسلمة في بلغاريا تتمسك بهويتها من خلال الأعراس التقليدية

اضيف الخبر في يوم الجمعة ٠٨ - فبراير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: Aafaq


أقلية مسلمة في بلغاريا تتمسك بهويتها من خلال الأعراس التقليدية


ستتزوج فكرية صبرييفا (17 عاما) وعيناها مغمضتان ووجهها مطلي باللون الابيض وسيزين بالترتر اللامع. انها تعيش "في نهاية العالم" في الوقت الذي تحاول فيه التمسك بتقاليد ظلت باقية على قيد الوجود لاقلية مسلمة في مجتمع تسكنه أغلبية مسيحية.




احتفظت قرية ريبنوفو النائية الواقعة عند سفح جبل تعلوه الثلوج في جنوب غرب بلغاريا بمراسم الزواج الشتوية التقليدية على الرغم من عشرات السنين من اضطهاد الشيوعيين ثم الفقر الذي أجبر الكثير من الرجال على السعي للعمل في الخارج.


وقال علي مصطفى بوشنك (61 عاما) الذي جاءت ابنته لمشاهدة عرس فكرية "حاولت قرى مجاورة الزواج التقليدي بعد رفع الحظر ولكن التقاليد تلاشت نوعا ما.. فالنساء يرغبن في أن يسعين وراء التحديث."


وأضاف "ربما نكون في نهاية العالم.. أو أن السكان في ريبنوفو متدينون للغاية ويشعرون بالفخر بتقاليدهم." يقول بعض الخبراء ان التمسك بمراسم الزواج التقليدية كان رد قرية ريبنوفو على الاضطهاد في الماضي.


وبلغاريا هي البلد الوحيد في الاتحاد الاوروبي الذي ترتفع فيه نسبة المسلمين إلى 12 في المئة. وحاول النظام الشيوعي الذي لم يتهاون مع أي طقوس دينية أبدا دمج المسلمين عنوة في الغالبية المسيحية الارثوذكسية وممارسة ضغوط عليهم للتخلي عن الزي التقليدي والتسمي بأسماء سلافية.


وعادت طقوس الزواج بقوة بين البوماك وهم السلاف الذين اعتنقوا الاسلام خلال العهد العثماني وهم يمثلون حاليا 2.5 في المئة من سكان بلغاريا البالغ عددهم 7.8 مليون نسمة بعد انهيار الشيوعية عام 1989 .


ولكن في الوقت الحالي تمارس هذه الطقوس فقط داخل مجتمع ريبنوفو المغلق وقرية أخرى في البلاد. ويعود الشبان المسافرون من الخارج الى الثلوج الجبلية لمجرد حضور حفلات العرس الشتوية.


ويعتز سكان ريبنوفو بهويتهم المسلمة وليس بانتماءاتهم العرقية أو بجنسيتهم وتدلل مراسم الزواج على ورعهم. ويوجد في القرية عشرة من رجال الدين ومسجدان يخدمان 3500 من السكان.


وظلت أسرة فكرية تعد جهازها منذ أن ولدت وأغلبه أعمال منسوجة يدويا وأغطية ومرايل مطبخ وجوارب وسجاجيد.


وفي صباح يوم سبت شتوي مشمس علقوا هذه المتعلقات فوق سقالات خشبية طولها 50 مترا وارتفاعها ثلاثة أمتار أقيمت خصيصا لهذه المناسبة على الطريق الوعر الموحل الذي يمر بالمنازل المتواضعة المكونة من طابقين والتي تقع في الطريق الى منزلها.


وحضر جميع من في القرية تقريبا لمشاهدة المعروضات.. فقد تحول الفناء الصغير لمنزل فكرية الى معرض للاثاث والادوات المنزلية التي يتعين على العروس توفيرها لمنزل الزوجية.


بعد ذلك انخرطت العروس مع زوج المستقبل موسى (20 عاما) في رقصة هورو التقليدية في الساحة الموجودة وسط القرية وانضم اليهما أغلب شباب القرية. ولكن أبرز ملامح هذا الحفل هو رسم وجه الزوجة والذي يتم في نهاية اليوم الثاني.


وفي طقوس خاصة لا يحضرها الا نساء عائلة العروس يطلى وجه فكرية بلون أبيض ويزين بترتر ذي ألوان زاهية. وتغطي طرحة حمراء طويلة شعرها وتزين رأسها بأشرطة لامعة ويغطى وجهها بخيوط فضية.


ترتدي العروس سروالا فضفاضا وقطعة علوية زاهية بكل ألوان الطيف ويقدمها للحاضرات زوج المستقبل والام والجدة. ولا يسمح لفكرية أن تفتح عينيها قبل أن يحضر المأذون ليعقد القران.


ويقول خبراء علم أصول الاعراق والثقافات (اثنوجرافي) ان من الصعب ذكر تاريخ محدد لبدء ظهور طقوس طلاء الوجه لان النظام الشيوعي لم يشجع دراسة الاقليات العرقية والدينية.


وقالت مارجريتا كاراميهوفا وهي استاذ مساعد في معهد الاثنوجرافي في الاكاديمية البلغارية للعلوم "من المرجح للغاية أن تكون هذه تقاليد من اختراعهم. انها طريقتهم للتعبير عن هويتهم."


ويقول خبراء ان البوماك لديهم مشاكل تتعلق بالهوية وانهم يواجهون تحديات أكثر من غالبية المسلمين في بلغاريا وهم من أصول تركية.


وقال أحمد باشيف وهو من مواليد قرية ريبنوفو "في الستينات حظروا الموسيقى الاسلامية في الاعراس وبعد ذلك لم يسمحوا بالملابس التقليدية وفي الثمانينات حظرت تماما مراسم البوماك التقليدية للزواج."


كان سكان ريبنوفو يحصلون على قوت يومهم من التبغ والزراعة ولكن تدني الدخول في أفقر بلاد الاتحاد الاوروبي أجبر الرجال على البحث عن فرص عمل في المدن ببلغاريا أو في غرب أوروبا ومن أسباب ذلك جمع المال اللازم لتنظيم حفل عرس.


كانت المؤثرات الخارجية بطيئة في الوصول الى ريبنوفو كما أن من هم في سن الشباب نادرا ما يتزوجون من خارج القرية. وقالت فتاة أخرى اسمها فكرية اينوزوفا (19 عاما) ان النساء لسن في حاجة للتعجل على التحديث. ومن المفترض ألا تتعدى السن المقبولة لزواج الفتيات هناك 22 عاما.


وأضافت "أخي يريد أن يسافر.. أن يرى العالم...الامر مختلف بالنسبة للرجال. يمكنهم أن يفعلوا ما يحلو لهم. أنا أريد أن أبقى هنا وأن أتزوج."

اجمالي القراءات 3208
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق