هنا صول.. خرافة السحر التى طلقت سيدة وأزعجت 80 مليون مصرى

اضيف الخبر في يوم الخميس ١٠ - مارس - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الشروق


هنا صول.. خرافة السحر التى طلقت سيدة وأزعجت 80 مليون مصرى

هنا صول.. خرافة السحر التى طلقت سيدة وأزعجت 80 مليون مصرى

آخر تحديث: الخميس 10 مارس 2011 9:21 م بتوقيت القاهرة

 
-

 «شمال.. شمال.. قدام»، يشير رجال بجلاليب بلون تراب الأرض، ازدحمت بهم شوارع القرية الضيقة.

إنهم أهالى صول فى أطفيح. يعرفون أن كل ضيف جاء قاصدا موقع كنيسة الأزمة. هنا موطن الشرارة الأخيرة التى ألهبت الفتنة. شرارة طائفية امتددت خارج أراضى صول لتصل إلى المقطم ومنشية ناصر والقلعة والسيدة عائشة.

بعد أسبوع تقريبا على حرق كنيسة الشهيدين وهدمها يخلد سكان القرية إلى الهدوء الحذر.

هنا نساء على أسطح المنازل وهناك نساء خلدن إلى بيوتهن على شاطئ الترعة التى تقطع القرية لتفصل بين شرقها وغربها.

أم محمود أو هكذا اختارت أن يطلق عليها رافضة الإفصاح عن اسمها، وقفت على سطح منزلها الصغير. حولها التفت الجارات والبنات، تختبئ وجوهن خلف نقاب أسود. تطل الأعين على منزل لا يشبه بيت أم محمود الفقير فى شىء. ثلاث طوابق دهنت باللون الأخضر، قصر أبو النصر المحامى، كما يسميه الأهالى القرية.

فى شرفة الطابق الثانى وقف الشيخ محمد النفرى، إمام صول ممسكا بالميكروفون يخطب فى الناس «المسلمون والمسيحيون يعيشون فى أخوة ووئام تام، وأتحدى أن يأتوا باسم مسيحى واحد تم الاعتداء عليه».

الخطاب لا يختلف كثيرا عند أم محمود وجاراتها. «والله عشنا إخوات والرجالة حاشوا عنهم لما الناس كانوا داخلين عليهم». تتدخل زينب لتشرح من هم هؤلاء «الناس» الذين حاولوا الاعتداء على مسيحيى القرية. تنهرها أمها لتمنهعا من الحديث. «لما دفنوا الموتى، الشباب جم غضبانين من الجبل علشان اللى مات معاه 7 عيال. كانوا رايحين يحرقوا دور ولما لاقوا السحر هدوها»، تكمل الأم روايتها لأحداث الفتنة. رواية تكاد تتطابق مع روايات باقى سكان القرية من المسلمين.

فلا حديث هنا سوى عن «سحر وأعمال وكشوف بأسماء المسلمين وتواريخ الميلاد ومصاحف ملقاة فى الحمامات» تم العثور عليها داخل المبنى المهدم. روايات تقترب من الخرافات أحيانا وبطلتها كوافيرة «كان القسيس بياخد منها شعر المسلمين بفلوس. الستات بتطلق والولاد حرنانة. والمسلمة سحبوها بالسحر مع راجل من عنديهم»، هكذا تبرر أم محمود العلاقة بين السيدة المسلمة والرجل المسيحى التى أشعلت القرية.

تقطع السيدة الخمسينية حكايتها بزغرودة مدوية تستقبل بها ضيف القرية. الشيخ محمد حسان جاء زائرا فى محاولة لوأد الفتنة وإقناع المسلمين الذين اعتصموا عند الكنيسة المهدمة بالعودة إلى بيوتهم وترك «حكماء القرية» يبحثون عن حل. «دلوقتى الشيخ يحلها واللى يقول عليه هانعمله. هو يقول تتهد والا متتهدش»، تقول أم محمود بخنوع، لكن سريعا تعود إلى إصرارها وصوتها الجهورى: «احنا مكناش خناهم علشان يخونونا».

أم محمود مثلها مثل هذا الشباب الغاضب والمعتصم عند الكنيسة. حوار متناقض ما بين «المسيحيين إخواتنا» لكن ليبحثوا لكنيستهم عن مكان آخر بعيدا عن غرب البلد. «يبنوها عند معمل الفراخ بره البلد» تقول السيدة وهى تعدل من غطاء رأسها الأسود هابطة السلالم الأسمنتية مستندة إلى فتاة صغيرة عوضا عن الدرابزين الذى غاب عن المنزل وفضل أهله استبداله بدش على السطوح لمشاهدة قناة «الرحمة».

تقف مريم أمام البوتاجاز تعد الشاى لضيوف زوجها. إلى جانبها بناتها الثلاث نجلاء وهناء ولمياء أما الصبيان فجلسوا أمام شاشة للكومبيوتر يعلوها نتيحة عليها صورة السيد المسيح.

بيت ميسور الحال إلى حد بعيد مقارنة ببيوت القرى. يقتحم الزوج الساحة الصغيرة التى اتخذتها مريم مطبخا متحدثا بصوت خافت لا يخلو من تهديد. «ولا كلمة. الناس دى هاتمشى وتسيبنا مش عايزين وجع دماغ بعدين»، يقول سليمان فى إشارة إلى زواره من وفد شباب 25 يناير.

ومثل أم محمود وبناتها يختفى شعر مريم وبناتها تحت غطاء ملون هذه المرة. «هو خايف علشان الكلام إلى طلع انهم هايدخلوا بيوتنا»، تتحدث مريم عن إشاعات سرعت سريعا فى البلد عقب هدم الكنيسة عن هجوم يقوم به المسلمون لإخراج المسيحيين من القرية.

غادرت مريم طوعا وخوفا مع بناتها إلى قرية مجاورة على بعد كليومترات من صول. «رحت البرمبل عند أبويا، قعدت ليلة وبعدين جوزى جه أخدنا وقال الحال كويس».

لكن الحال لا يسمح لها أو لبناتها بالخروج من البيت وانقطعت علاقتهم مع جيرانهم من المسلمين. «حتى أصحابى فى المدرسة كانوا بيرنوا عليا كل يوم دلوقتى اختفوا»، تشكوا نجلاء الطالبة فى ثانوية عامة. «الكنيسة بره زى جوه دى أرض مطرانية. إزاى ناخد الولاد الصغيرين نوديهم بره البلد».

يقتحم الأب المكان مرة ثانية «خافوا علينا. إحنا قفلنا بيوت الشباب اللى غلط وعارضينهم للبيع».

«هل تعاهدون الله على سماع صوت العقلاء؟» ترد الجموع: «نعم» على الشيخ حسان. «تعاهدون الله»؟ نعم».

عند حوائط الكنيسة المهدمة، يهتف الشباب «على جثتنا». مع هبوط الظلام تهدأ النفوس. ينسحب الجزء الأكبر منهم، راضين بواسطة الشيخ، لإعطاء مهلة يومين «للحكماء» لإيجاد حل للأزمة.

 

 

 

اجمالي القراءات 3858
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق