عادل حمودة يكتب: عودة برلمان الحزب الواحد؟

اضيف الخبر في يوم الخميس ١٦ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الفجر


عادل حمودة يكتب: عودة برلمان الحزب الواحد؟


 
 

عادل حمودة يكتب: عودة برلمان الحزب الواحد؟


مجلس تمرير التوريث!
ما فعله أحمد عز حالة نادرة من الاحتكار السياسي لم يفرق فيها بين الشركة والدولة ولا بين البورصة والأمة!

عندما يصبح النظام السياسي مهدداً بالسقوط.. قابلاً للاحتراق.. علي وشك الغرق.. لا نملك أن نخاطبه بالفوازير والكلمات المتقاطعة والغاز السودوكو.. وإلا كنا هاربين من التجنيد.. ونستحق الحبس في زنزانة مظلمة بتهمة التزوير في محررات وطنية.

الكتابة في هذه الحالة مادة نارية.. إذا لم تفجرها.. فجرتك.. والكلمة مثل الحقيقة غير قابلة للخدعة.. أو القسمة.. والصراحة إذا لم تصل إلي حد التحذير من الكارثة أخذت شكل التهمة.

لقد وحد الغضب مما حدث في الانتخابات القوي الوطنية المختلفة بما فيها جماعات من الحزب الحاكم نفسه.. لم يستوعب أحد صرعة " التكويش " علي البرلمان بأغلبية كاسحة لا يحتاجها النظام لتمرير القوانين وتعديل الدستور ومنع الاستجوابات المحرجة.. وكأنه اختار " العنوسة " السياسية فلا يتزوج من أحد.. ولا أحد يتزوج منه.. وكأننا عدنا لزمن التنظيم الواحد.. علي طريقة الاتحاد الاشتراكي.. فكان السؤال: لماذا لا يعين كل أعضاء مجلس الشعب ونوفر الجهد والمال والعنف والتشهير ؟.. وكان هناك سؤال آخر له مغزي طرحه الدكتور مأمون فندي في ظل الإجهاز علي التعددية الحزبية: هل يرشح مبارك نفسه لرئاسة الجمهورية مستقلا ؟

في مجلس الشعب السابق كان حجم المعارضة 120 نائبا بمن فيهم 88 عضواً يمثلون العدو الأكبر للنظام.. الإخوان المسلمون.. ورغم ذلك لم يكن وجودهم مؤثراً.. وإن كان صاخباً.. وهو صخب جعل الديكور الديمقراطي متعدد الألوان مجسم الصوت والصورة.. لتكون مسرحية " الديمقراطية الوهمية علي الطريقة المصرية " لافتة ومثيرة ومسلية رغم أنها ستنتهي بكلمة واحدة يرددها الدكتور فتحي سرور أو من يخلفه: " موافقة ".. " موافقة ".

لكن.. الرغبة في " تنظيف " المجلس من الإخوان بدعوي أنهم جماعة غير شرعية جعل الحزب الوطني يكمل عملية " كنس " باقي القوي ولو كانت تتمتع بالشرعية.. فهدم ديكورا ولم يبن غيره.. وحرق جسورا ولم يقم غيرها.. وهو ما فرض حالة من التوجس المضاد.. بأن للبرلمان القادم مهمة استثنائية توجب فرض حظر التجول علي حناجر نوابه.. فلا يخرج منها صوت معترض ولو همس.. وكانت مهمة " تمرير التوريث " هي المهمة الاستثنائية المتوقعة بإجماع آراء شخصيات معارضة وشخصيات موالية.

ويفسر ذلك نتيجة الانتخابات التي لعب فيها الحزب الوطني مع نفسه أو مع فرق ضعيفة جداً اختارها بنفسه.. في حالة نادرة للاحتكار السياسي.. لم يفرق فيها أمين تنظيمه أحمد عز ــ مهندس العملية ــ بين الشركة والدولة.. وبين البورصة والأمة.. وبين الحصانة والبراية.. وهو أمر متوقع من شخصية دخلت العمل الحزبي من باب الثروة ونجحت في ربطها بالسلطة ولن تتردد أن تنفرد بالقوة لو أتيح لها ذلك.. فطموحه في الحكم بلا حدود.

إن من السهل تغيير جلد الرجل الأسمر إلي جلد أشقر.. وتحويل المرأة السويدية إلي امرأة سودانية.. ومعالجة برودة الإنجليز بتغيير الهرمونات الوراثية.. لكن.. من سابع المستحيلات علي ما يبدو إقناع المجموعة التي توصف بالإصلاحيين في الحزب الوطني بأن قوتها تقاس بحجم شراسة المعارضة.. وإلا كانت اللعبة مستوردة من حضانات الأطفال.. كي جي وان.

والمثير للدهشة أن كلاً من الحزب الوطني وجماعة الإخوان المسلمين يعلن أن الشارع في جيبه.. يستطيع تحريكه بطرف واحد من أصغر أصابعه.. لكن.. ما حدث أن الذين صوتوا في الانتخابات كانوا أقل من عدد أعضاء الحزب وعدد المتعاطفين مع الجماعة.. بل إن الغالبية العظمي من المصوتين كانوا فقراء ذهبوا يبيعون أصواتهم لمن يدفع أكثر.. فذهبت الأصوات الأعلي للحزب الأقوي والأعلي جماهيرية.. حزب الفساد القومي.

ولو كانت هناك شركة متخصصة في تشويه سمعة النظام مقابل مائة مليار دولار ما توصلت إلي ما حدث.. يكفي التشكيك في مصداقية خطابه السياسي الذي حمل تعهداً علنياً بأن تكون الانتخابات هذه المرة نزيهة.. ويكفي تفجير التجربة الحزبية الهشة من داخلها.

التجمع فقد ما تبقي من قياداته القوية.. ليحتل رفعت السعيد كل مناصبه.. ويستولي علي كل مقدراته.. ويمرح في كل مقراته.

والوفد أصبح " فتافيت " صورة قديمة.. باهتة.. تمضغها الريح.. وتلفظها المصالح.. وتسهل علي نوابه الذين وضعوا صورة سعد زغلول خلفهم أن يضعوا صورة أحمد عز أمامهم.

بل إن المأساة وصلت إلي الحزب الوطني نفسه.. فهناك رموز قتلت علي طريقة خيل الحكومة.. ونواب أنهيت خدمتهم ــ علي طريقة الغز ــ " بعلقة ".. وعلي القمة كشفت التشققات عن صراعات وانقسامات زادت ضراوتها بين جيل الخبرة السياسية وجيل النظرة التجارية.

والمقصود أن هذه الانتخابات كانت إعلانا عن سقوط الدولة الحزبية في مصر وإيذانا بولادة المعارضة العشوائية.. الشرسة.. شباب الإخوان سيتضاعف إيمانهم بالتنظيم العسكري.. شباب الأقباط سيتدربون علي تصنيع زجاجات المولوتوف.. شباب الوفد والتجمع والناصري سيظلون في حالة تمرد دائم علي سلم نقابة الصحفيين.

إن القاعدة الحربية التي لا يعرفها أحمد عز ورفاقه أن خنق جماعة محاصرة يحولها من أسري لديك إلي انتحاريين بأحزمة ناسفة.. يقتلونك قبل أن ينتقلوا إلي العالم الآخر.. لكن.. أحمد عز كان أسعد الناس بسقوط رموز المعارضة.. وكأن الانتقام الشخصي من خصومه أصبح قاعدة دستورية علينا احترمها.

لقد توقعنا أن يدخل الحزب الحاكم الانتخابات بخبرة معلم.. وإيمان واعظ.. وشفافية شيخ طريقة.. لكنه.. دخلها بقبضة ملاكم.. وعضلات مصارع.. وقسوة لاعب كاراتيه.. فتحولت الساحة الوطنية إلي حرب أهلية.

علي أن هناك من يؤمن بسباق المسافات الطويلة.. ويغيرون الضمير علي طريقة حنفية المية.. نقطة.. نقطة.. نقطة.. صحيح أن المسدس أشطر منهم.. والرصاصة أسرع منهم.. ولكن.. " الوردة حتي تطلع بحاجة إلي تسعة أشهر من الحب والشغل والتحضير ".

نحن من سلالة أيوب عليه السلام ولدينا من مخزون الصبر والتحمل ما يرشحنا للانتصار بالضربة القاضية علي كل ترسانة الأسلحة المخزونة تحت جلد الحزب الوطني".

لقد انتهي زمن الانفراد بالشعب المصري سحقاً وضرباً وتعذيباً دون أن يدري أحد.. فنحن في عصر الفضيحة بالإنترنت والفضائيات وكاميرات التليفونات المحمولة.. ومهما فعلت بنا قبائل الماو ماو الهمجية فإنها ستجبر ذات يوم علي الانتماء إلي الأحزاب الحضارية.

اجمالي القراءات 5073
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   سيد أبوالدهب     في   الخميس ١٦ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[53850]

في انتظار عادل حمودة أن يعود لنفسه ولنا ..!!

عادل حمودة نموذج مصري تعرض للكثير من المطبات .. وكان المطب الأكثر تأثيرا عليه هو المطب الأخير .. حيث انتقل من الليبرالية اليسارية إلى الدروشة الصوفية ..
وصاحب هذا المطب مطب آخر حيث كان يهاجم أعداء النظام الذين لا يرضى هو عنهم ، كان جهد عادل حمودة يصب في صالح نظام مبارك ولا يزال يصب في صالحه ..
بعد ان أصبح نظام مبارك مثل الجربة التي تعدي كل من يقترب منها ، فإننا ننتظرك  فارسا مصريا وأن يستعيد مرحلة شبابه الفكري في مجلة روزاليوسف .. وان يكون قد اتضح له أنه لم يستفد من السلطة سوى المزيد من السقوط .. وأن السلطة هي من استفادت منه ..
مصر تحتاجك يا عادل فلا تبخل عليها ..
اترك عداواتك الضيقة من اليمين لليسار ودع قلمك يذهب لسابق عصره .. كفر عن ذنك بالمزيد من الهجوم على الفساد والمفسدين من أول مبارك وأولاده مرورا بضباط التعذيب وصولا لرجال الأعمال الذين نهبوا مصر ..
لا تنسى أن السبب في كل هذا هو مبارك وابنه .. فلا تكن نصيرا للفاسدين ..

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق