تطرف الملحدين فى مواجهة تطرف وكلاء اللة

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ٢٢ - سبتمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الفجر


تطرف الملحدين فى مواجهة تطرف وكلاء اللة

 

تطرف الملحدين فى مواجهة تطرف وكلاء اللة

 


جمعة
 تاريخ ووقت اضافة الخبر  9/18/2010 12:00:00 AM
الحرب لم تنته، إنها بالكاد بدأت 
لم يكن قرار القس الأمريكى تيرى جونز بالتراجع عن حرق المصحف الشريف، نهاية الحرب بين المسلمين والغرب، ولكنها كانت نقطة البداية والانطلاق، لحرب أعتقد أنها ستطول لأكثر مما نتخيل أو نحتمل، لكن الأهم من الحرب فى حقيقة الأمر، هو ما ستخلفه هذه الحرب، الأهم من المعركة غبارها الذى سيعمى العيون ويزكم الأنوف ويسد شرايين القلوب، فلا تصبح قادرة على أن تتنفس مجرد أن تتنفس 
لقد حاول البعض التخفيف والاستخفاف فى الوقت نفسه من حرق تيرى جونز وآخرين للمصحف، فقالوا إن ما يريدون حرقه ليس القرآن وليس المصحف، ولكنه ترجمة لمعانى القرآن باللغات الأجنبية، ووجه الخفة والاستخفاف أن الذين ذهبوا ليحرقوا المصحف، إنما كانوا يريدون من ذلك حرق الرمز والمعنى الذى يمثله القرآن، فهو فى النهاية صلب العقيدة الإسلامية، وإذا انقضى الصلب انهارت العقيدة على رؤوس أصحابها 
إننى أسعى وراء ما سيحدث، لا ما جرى بالفعل



الملحدون يعلنون عن أنفسهم
قبل أن يفيق المسلمون من صدمة محاولات حرق المصحف، التى وقع بعضها بالفعل، خرج أستاذ قانون أسترالى بتقليعة أكثر إيلاما، فمن أرادوا حرق المصحف، أرادوا أن ينفوا الإسلام من العالم، لأنه بالنسبة لهم رمز الشر، بل هو الشيطان الأكبر، الذى لن يستريح العالم إلا بعد أن يتخلص منه، أما أستاذ القانون الأسترالى واسمه القس استيورات فقد أشعل النار ليس فى القرآن فقط، بل فى الإنجيل أيضا 
جلس استيورات أمام كاميرا فيديو، قطع ورقة من القرآن الكريم، وورقة من الكتاب المقدس، ولفهما على هيئة سجائر، وقام بحشوهما بالحشيش الذى قال إنه كان حشيشا طبيعيا ونقيا وبدأ فى إشعال النار فى السجائر، التى أراد أن يعرف أيهما سيحترق أفضل وربما أراد أيضا أن يعرف أيهما سيكون أكثر متعة 
وضع القس استيورات الفيديو على موقع اليوتويب الكليب تم رفعه بعد ذلك وهو ما أقام الدنيا حوله، أوقفته جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا التى يعمل فيها عن العمل، وأعلنت استياءها الشديد مما أقدم عليه، لكنه حاول أن يخفف الصدمة عندما قال إن ما فعله لم يكن إلا نوعا من المزاح، وأنه أراد أن يعبر عن رأيه بطريقة عملية لا أكثر ولا أقل 
لكن المفاجأة التى أعتقد أنها مرت على الكثيرين دون أن ينتبهوا لها، أن القس استيورات ينتمى إلى مجموعة ملحدة، وهو ما يبرر إقدامه على التدخين بأوراق القرآن والكتاب المقدس معا، فهو لا يهين دينا بعينه، ولكنه يهين الأديان جميعا 
حتى سنوات قليلة كان الملحدون يخشون الإعلان عن أنفسهم، يلعنون الأديان فى جلساتهم الخاصة، ويتمنون اليوم الذى يأتى على العالم فيصبح فيه دون أديان على الإطلاق، لأن الأديان بالنسبة لهم هى سبب شقاء العالم كله، وأن ارتباط الإنسان بدينه هو سبب حالة الاكتئاب التى يعيشها، ولو جرب وتخلى عن دينه، فإنه سيكون أكثر سعادة 
لكن الآن أصبح الملحدون يعلنون عن أنفسهم ببساطة شديدة، وأذكر أنه منذ عدة شهور جاءنى شاب، يحمل معه مجموعة من الكتب والأفلام الوثائقية، طلب منى أن أطلع عليها ولما سألته عن مضمونها قال هى مجموعة من الكتب والأفلام التى نقدم فيها أفكارنا 
سألته من أنتم وما هى أفكاركم؟ قال نحن مجموعة الملحدين المصريين؟عرفت أن لهم اجتماعاتهم ودراساتهم، بل والأكثر من ذلك، عرفت أنهم يقومون بما يشبه حملات التبشير لدى المسيحيين، فهم يدعون المسلمين والأقباط على السواء إلى نبذ الأديان، والإخلاص لفكرة واحدة هى الإلحاد وإنكار وجود الإله 
كان نبى هؤلاء الملحدين المصريين، الدكتور ريتشارد دوكنز، الذى ولد فى العام ، وتعلم فى جامعة أكسفورد وبقى فيها بعد تخرجه لعمل الدكتوراه مع عالم الأثيولوجيا نيكو تيزجن الحائز على جائزة نوبل، وعمل من حتى كأستاذ مساعد للحيوان فى جامعة كاليفورنيا بيركلى، وأصبح منذ العام محاضرا للحيوان فى أوكسفورد وزميلا فى الكلية الجديدة، وأول كتاب أصدره ولا يزال أشهر كتبه حتى الآن هو الجين الأنانى عام وكان وقتها من أكثر الكتب مبيعا على مستوى العالم، وترجم إلى إحدى عشرة لغة وبيع منه بالإنجليزية وحدها حوالى ألف نسخة 
الملحدون المصريون يعتمدون على كتاب ريتشارد دوكنز وهم الإله الذى ينسف خلاله فكرة الأديان من أساسه، لكنهم يهتمون أكثر بتوزيع فيلمه التسجيلى أصل الشرور ، وهو فيلم يقدم فيه ريتشارد رؤيته للأديان، ويجزم أنها أصل البلاء الذى يعانى منه العالم الآن، وذلك من خلال زياراته للأماكن التى يلعب الدين فيها عاملا مهما فى تأجيج الصراعات والانشقاقات، وينتهى من فيلمه إلى أن العالم بدون أديان سيكون أكثر استقرارا وهدوءا 
الغريب أننى فوجئت أن مكتبة الأسرة فى موسم ، نشرت ضمن سلسلة الكتب العلمية كتابا لريتشارد دوكنز اسمه الجديد فى الانتخاب الطبيعى بيولوجيا وهو الكتاب الذى ترجمه الدكتور مصطفى إبراهيم فهمى، وهو كتاب لا يختلف كثيرا فى الأفكار التى يضمها عن كتبه الإلحادية 
هؤلاء الشباب يعلنون عن أنفسهم ببساطة شديدة عبر شبكة الإنترنت، وعبر الاتصالات الشخصية، بل يعتبرون أن ما يعتنقونه من أفكار حرية شخصية، ومن حقهم أن يمارسوا حريتهم فى نبذ كل الأيادن، كما من حق الآخرين أن يعتنقوا الدين الذى يريدونه 
لكن ما الذى جعل الملحدين ليس فى مصر فقط ولكن فى العالم كله يعلنون عن أنفسهم بهذه الطريقة؟
أعتقد أن أحداث الحادى عشر من سبتمبر كانت العامل الأساسى لإعلان حالة التملص من الأديان، وقد حكى لى الأنبا مكسيموس بطرك كنيسة المقطم أنه فى زيارته الأخيرة إلى أمريكا فوجئ بمعاملة سيئة جدا فى المطار، وكاد العاملون فى المطار أن يفتشوه ذاتيا، لمجرد أنهم عرفوا أنه رجل دين، وأنه قادم إليهم من الشرق 
كان الأمر محيرا، فإجراءات الأمن القاسية هذه يمكن أن تكون مبررة ضد المسلمين القادمين من الشرق، فالـ« » متهما المتورطين فى تفجيرات برجى التجارة العالمى بنيوريوك، مسلمون من بلاد الشرق، لكن لماذا يفعلون ذلك مع مسيحى؟ وليس مسيحيا عاديا، بل رجل دين مسيحى يرتدى زى أكبر درجة كهنوتية؟
كان التفسير الوحيد والمنطقى الذى اقتنع به ماكسيموس، وقاله له أحد أصدقائه هناك، إنه بعد أحداث سبتمبر خلع كثير من الأمريكان أديانهم جميعا، لقد كفروا بها، فقد رأوا أن الله تخلى عنهم، ومؤكد أن الإسلام ليس حقا وإلا لما قام من ينتمون إليه بتدمير البرجين وقتل أكثر من آلاف مواطن أمريكى فى دقائق قليلة، وإذا إله المسيحيين حق، فما كان له أن يترك أبناءه من المسيحيين يموتون بهذه الطريقة، وفى الحالتين فإن العالم بالنسبة لهم لابد أن يكون بدون إله، وإلا لما حدث ما حدث 
ولأن هؤلاء الملحدين أصبحوا فى كل مكان، فإنهم يتعاملون مع من يعلنون انتماءهم الدينى سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو يهودا معاملة سيئة جدا، تنم عن احتقار عميق، فهم ينظرون إلى المتدينين على أنهم متخلفون عقليا، والأولى بهم أن يخلعوا أديانهم، لأنهم بدونها أفضل كثير 
وقد يكون هذا مبررا لما حدث مع البابا شنودة أيضا فى مطار هيثرو بلندن منذ سنوات، عندما رفض مسئولو الأمن فى المطار أن يمر البابا دون تفتيش، رغم معرفتهم الوثيقة بأهميته وقيمته وأنه أكبر رأس بالنسبة للمسيحيين الأرثوذكس فى العالم، إلا أنهم أصروا على تفتيشه بدقة، وأغلب الظن أنهم فعلوا ذلك معه لأنه رجل دين، وهناك الآن من يكرهون الأديان ومن يحملونها بصرف النظر عما إذا كان حامل الدين هذا مجرد فرد عادى أم أنه قيادة دينية كبرى 
هذه المظاهر القليلة هى أول الغيث، ولا أعتقد أن الملحدين سيعتصمون بالصمت بعد اليوم، بل فى الغالب سيعلنون عن أنفسهم بشكل أكبر وأوقح، ولم يكن ما فعله القس استيورات الأسترالى إلا عينة مما يمكن أن يجرى بعد ذلك، فالملحدون الذين كانوا يتوارون سيعلنون عن أنفسهم وبكل جرأة 



تطرف إلحادى فى مواجهة تطرف دينى
هل أحداث الحادى عشر من سبتمبر وحدها هى التى جعلت الملحدين يكشفون عن أنفسهم بهذه القوة؟ أعتقد أنها كانت مقدمة، فما أعقب هذه الأحداث من تطرف ومغالاة أدى إلى أن يضيق كثيرون بالأديان، وما تفعله فى الناس، إننا أمام تطرف يعلنه الملحدون فى رفضهم للأديان ، التى تصر هى الأخرى على أن تتطرف بادعاء أن الحق المطلق معها 
إن الله ليس ملكا لأحد، وأعتقد أنه لم يمنح توكيلا لأحد كى يتحدث باسمه ويغالى فى هذا الحديث، وهو ما يجعل من يضيقون بتصرفات هؤلاء الوكلاء يعلنون الغضب ليس على البشر ولكن على ما يدينون به أيضا 
لقد خسر وكلاء الله خصما أقل حدة وشراسة، وهم العلمانيون، أولئك الذين لا ينكرون الله، بل يعترفون به، كل ما يريدونه أن يكون الدين داخل دور العبادة، لا يتدخل فى حياة الناس إلا بالقدر الذى يصلحها، لكن أن يكون هو كل شىء، فهو أمر مرفوض، خاصة أن الديانات الكبرى تؤكد على ذلك وتحبذه، فالمسيح عليه السلام يقول ما لله لله وما لقيصر لقيصر، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول أنتم أعلم بشئون دنياكم 
الآن يظهر الخصم الرافض كلية لكل ما هو دينى الملحدون الذين لا يكتفون بإبعاد الدين عن مظاهر الحياة، ولكنهم ينفون الدين كلية، ولا يطيقون له وجودا، وهؤلاء كما أطلق عليهم القرآن الدهريون نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر ، أى أنهم يعيشون وظهورهم إلى الحائط، وأعتقد أن المعركة بينهم وبين وكلاء الله ستكون أكثر شراسة وقسوة من المعركة التى دارت وأظن أنها لا تزال دائرة بين وكلاء الله والعلمانيين 



جمعة وشنودة وأبو يحيى
لا أريد أن أذهب بعيدا، فالأحداث التى تحاصرنا لا تزال شاهدة على أن الصراع الدينى يمكن أن يجعل الدين يخسر القضية كلها 
القضية التى لا تزال ساخنة هى قضية كاميليا زاخر شحاتة زوجة قس دير مواس التى قيل إنها أسلمت، لكن الكنيسة أخذتها قسرا، ثم ظهرت بعد ذلك فى تسجيل بالصوت والصورة تعلن فيه أنها مسيحية ولا تزال مسيحية، وأنها ستموت مسيحية 
على هامش هذه القضية ظهرت ثلاث شخصيات مؤثرة جدا، الأولى هى شخصية أبو يحيى واسمه بالكامل مفتاح محمد فاضل، رجل مجهول، لا يعرف أحد عنه شيئا، إلا من قدموه قالوا إنه داعية إسلامى، داعية دون أن نعرف ما هى مؤهلاته، ولا من أعطاه هذه الصفة ولا بلسان من يتكلم، إلا أنه خرج ليشعل النار فى ثياب الجميع، عندما قال إنه كان شاهدا على إسلام كاميليا، وإنه من اصطحبها إلى الأزهر لتشهر إسلامها، إلا أن رجال مباحث أمن الدولة تربصوا بها وأمسكوا بها وأعادوها إلى الكنيسة مرة أخرى 
لم يكن أبو يحيى مجرد داعية بل كان شاعرا أيضا كتب قصيدة باكية فيما حدث لكاميليا التى باعها الأمن للبابا، وأصبح الرجل مصدرا مهما لكل ما يتعلق بكاميليا، رغم أنه على طول أحاديثه وعرضه لم يثبت بالدليل أيا مما قاله، فالإقرار الذى كتبته كاميليا بخط يدها فى بيته تعلن فيه أنها مسلمة ليس معه، ولكنه لدى أمن الدولة، وبطاقة إشهار إسلامها التى حررتها فى الأزهر ليست موجودة لا لديه ولا لدى الأزهر نفسه، ويريد منا بعد ذلك أن نصدقه لمجرد أنه يتحدث 
هذا الرجل كان سببا فى إشعال الفتنة بشكل كامل، لكنه لم يكن وحده 
عندما اشتعلت قضية كاميليا شحاتة كان البابا شنودة فى رحلة علاجية بأمريكا، ولأنه لا شىء فى الكنيسة يحدث إلا بعلم البابا وقراره، فقد توقف رجاله عن التصرف حتى جاء، عندما عاد كانت كاميليا قد ظهرت، وبدلا من أن تعود إلى بيتها، ظلت فى أحد بيوت المركسيات تحت إشراف البابا شنودة شخصيا 
كان يمكن للبابا شنودة أن يطفئ الحريق، لكنه زادها اشتعالا، فقد أصر على أن قضية كاميليا شحاتة أمر يخص الكنيسة وحدها، وكان تعبيره الواضح والصريح أن كاميليا ليست مسلمة ولا داعى للسؤال عن مكانها 
كان هذا تطرفا مسيحيا أو لنكن أكثر دقة، كان هذا تطرفا باباويا نسبة إلى البابا شنودة، وكان لابد أن يقابله تطرف على الجانب الآخر، لكن المفاجأة أن التطرف الإسلامى لم يكن فقط من الجماعات الإسلامية أو التيارات السلفية، ولكنه كان من مجموعات المفروض أنها مدنية، مثل شباب ابريل الذين شاركوا بكثافة فى المظاهرات التى خرجت تندد بالبابا شنودة وبتعنته وبموقفه من عدم إظهار كاميليا 
وهى القضية التى أعتقد أنها الأولى بالرعاية والاهتمام والتحليل، لقد أخرج تعنت البابا شنودة وموقف المتطرف فى قضية كاميليا فئات لا علاقة لها بالقضايا الدينية أو الطائفية لأن ينضموا إلى آلاف المتظاهرين الذين طالبوا بعزل البابا شنودة، وكلما زاد البابا فى رفضه وتعنته زاد أعداد المتظاهرين وزادت الهتافات حدة، والتهبت الحناجر بالهتاف 
على الجانب الآخر وجد مفتى الجمهورية الدكتور على جمعة نفسه متورطا فى القضية من حيث لا يدرى، لقد ابتعد المفتى عن القضية من البداية، وهو ما فعله شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب تماما، لكن المفتى ورغما عنه وجد أنه أحد أطراف الأزمة 
نسبت له إحدى الصحف الأسبوعية أنه أفتى فى ندوة بنادى قضاة الإسكندرية بجواز تسليم الدولة للمواطنة المسلمة كاميليا شحاتة للكنيسة، وهو ما جر على المفتى حالة غاضبة من الهجوم والنقد، فكيف يقول بتسليم مواطنة أعلنت إسلامها للكنيسة 
سارع المفتى وعبر مكتبه بإصدار بيان نفى فيه أن يكون قد قال هذه الفتوى، لكنه بدلا من أن يصمت عند هذا الحد، ذهب فى بيانه إلى أن موقفه الثابت أن الدولة وأجهزتها القضائية والأمنية هى المخولة قانونا وبحكم الدستور بالسيادة على مواطنيها، وأنه يرفض تسليم المواطنين إلى الكنيسة أو أى مؤسسة دينية إسلامية أو مسيحية، أو أى جهة أخرى لم يخولها القانون احتجاز المواطنين أو توقيفهم 
كلام الدكتور على جمعة هنا عاقل جدا، لكن ولأن من يتلقون الكلام كانوا متطرفين إلى أبعد مدى، فقد قيل أن المفتى يرفض تسليم كاميليا شحاتة إلى الكنيسة لأنها مسلمة، رغم أنه لم يذكر اسم كاميليا من قريب أو بعيد، بل إنه لم يقترب من القضية من الأساس، بل كان يتحدث بشكل عام، وبقاعدة يمكن أن تطبق فى أى وقت 
ما حدث فى النهاية يعتبر انعكاسا للمنهج الذى يفكر به المتطرفون فى كل الأديان، فهم يأخذون من الكلام ما يخدمهم، أو يريحهم، ويجعلهم الأقرب إلى الله، رغم أنهم أبعد ما يكونون عن روح الأديان وأهدافها السامية 
هذه القضية نموذج واضح على حرب التطرف الدينى، إن كل دين الإسلام والمسيحية هنا يعتقد أصحابه أنهم على حق، فكاميليا لدى المسيحيين مسيحية لأن المسيحية هى الدين الحقيقى، أو كما قالت هى أنها لا يمكن أن تترك دين المسيح الذى جاء إلى العالم ليتحمل عنه عذاباته الكثيرة، والمسلمون يتمسكون بأنها مسلمة لأن الإسلام هو الدين الحق، الذى ختم الله به الأديان كلها 
إن من كل من سار فى مظاهرة أو كتب مدونة أو صور فيديو فى قضية كاميليا شحاتة يعتبر نفسه قد تقرب إلى الله بما فعله، لا فرق إن كان مسلما أو مسيحيا، فالمسيحى يطمع فى أن يدخل ملكوت السماء على جناح كاميليا، والمسلم يطمع فى أن يدخل الجنة ويرتقى فى درجاتها ببركة الهتاف من أجل أن تعود كاميليا مسلمة كاملة الإسلام 



هل يرضى الله عن متطرفى الأديان؟
الإجابة المنطقية أن الله لا يرضى عنهم، فقد حولوا أديانه إلى قطعة من الجحيم، حولوها إلى نار موقدة دفعت كثيرا من معتنقيها أن يخرجوا منها ويكفروا بها، وهو ما يجعلنا نسأل عن الحل، رغم أن هذه الصيغة ليست مجدية على الإطلاق، فمن يستطيع أن يقدم حلا لمشكلة غاية فى التعقيد، ترتبط فى النهاية بالنفس البشرية المعقدة والتى لا تعترف بالخطا أبدا 
إننى أسال لماذا انتفض المسلمون هذه الانتفاضة العارمة لأن هناك من هدد بحرق القرآن؟
ولماذا انتفض المسيحيون إنتفاضة هائلة لأن هناك من قال إن زوجة كاهن أسلمت ولا تريد أن تعود إلى المسيحية مرة أخرى؟
إننا أمام حالة من التدين الشكلى التى يريد أصحابها أن يعلنوا على الملأ أنهم متدينون رغم أنهم فى حقيقة الأمر ليسوا كذلك، إن الدين حالة خاصة جدا بين الإنسان وربه، ليست فى حاجة إلى إظهارها بكل هذا العنف، لكن ولأن أهل التدين يعرفون حقيقة تدينهم، فإنهم يبالغون فى إظهاره، وكأن الله لا يسمعهم، أو يتقبل منهم إلا إذا هتفوا وخرجوا فى مظاهرات 
إن الأديان عندما تطل برأسها فى كل شئون الحياة تفسدها، لأن العباد أضعف من أن يتحملوا شدتها وعنفها وعنفوانها، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، وهو يقصد ما يقوله
إننا أمام فرصة لأن نعود بالدين إلى نبعه الصافى، أن يحمل كل منا ربه فى قلبه ويمضى بعيدا عن الناس ليعبده بالطريقة التى يريدها، فأن تعبده على الطريقة اليهودية فأنت حر، وأنت تعبده على الطريقة المسيحية فأنت حر، وأن تعبده على الطريقة الإسلامية فأنت حر بل وأن تعبده على الطريقة البهائية أو البوذية أو غيرها فأنت حر أيضا، لا أحد له حكم عليك، لكن عندما تأتى لتتعامل مع الناس فانس تماما من تكون، لأنك فى هذه الحالة تكون مواطنا فقط، لك نفس الحقوق وعليك نفس الواجبات، أن من سيحاسب الناس فى الآخرة هو الله وحده 
لو أننا نترك الدين لله، هو الذى يحاسب عليه، لما وقفنا أمام ظاهرة أطلقنا عليها زورا، ظاهرة اختطاف الفتيات المسيحيات وإجبارهن على الإسلام، ولما خرجنا فى مظاهرات لإعادة كاميليا شحاتة إلى الإسلام، فى مقابل مظاهرات تريد أن تبقيها فى الكنيسة لأنها مسيحية 
الآن نحن نحتاج إلى أن نتفرغ لحياتنا وحالتنا التى انحطت وتدهورت، اتركوا الدين لله يديره كيف يشاء، آن الأوان أن يكف وكلاء الله فى الأرض عن الحديث باسمه، لأنهم فى الواقع ليسوا وكلاءه ولا يحزنون، يربحون باسم الدين، ثم يخرجون علينا من شاشات قنواتهم الفضائية إسلامية ومسيحية ليتباكوا على أحوال الأديان وما صارت إليه وفى النهاية نحن عباد الله الفقراء والبسطاء الضحايا، لأننا نريد أن نعبد الله على طريقتنا، لكن لا أحد يتركنا نفعل ذلك إذ كيف لهم أن يصمتوا وقد حولوا الأديان إلى أكبر سبوبة فى تاريخ البشرية، يربحون منها أكثر مما يربحه تجار المخدرات والدعارة وحسبى الله ونعم الوكيل 

الدكتور استيورات يدخن الحشيش ملفوفافى اوراق المصحف والانجيل

مظاهرات اسلامية بعودة كاميلياشحاتةالى المسلمين
اجمالي القراءات 5655
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق