الدكتور محمد علي مقلد:نحتاج إلى نابليون ((يعتقلُ البابا

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٠٥ - يوليو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً.


الدكتور محمد علي مقلد:نحتاج إلى نابليون ((يعتقلُ البابا

 

الدكتور محمد علي مقلد:نحتاج إلى نابليون ((يعتقلُ البابا))!  
 
 
 
 
 
  الدكتور محمد علي مقلد:نحتاج إلى نابليون ((يعتقلُ البابا))!
*المحاصصة هي الخطيئة الأساسية وكل القوى السياسية ترتكب فعل الخيانة بمنع قيام الدولة
*8 آذار رفعت العلم السوري لإعادة سوريا و14 آذار رفعته ملطخاً لمعاقبتها
*مصير مشروع ((الشيعية السياسية)) لن يكون أفضل من ((المارونية السياسية)) لأنه قائم على التشنج ومعادٍ للآخر
*بناء دولة القانون يحتاج إلى ثورة وما ((أسهل الثورة الاشتراكية أمامها))!
*جورج حاوي طرح حلاً بتبرئة سوريا مقابل خروجها لكن 14 آذار أصرت على خروجها.. ومعاقبتها
*نحتاج إلى وضع حد لفلتان المعممين فأغلبهم من أكثر الناس جهلاً ولا يحسنون حتى القراءة في القرآن
يتهم الدكتور محمد علي مقلد كل القوى السياسية اللبنانية بارتكاب فعل الخيانة بحق القضية اللبنانية، لأن أياً منها لا يحمل مشروعاً لإعادة بناء الوطن والدولة، دولة القانون والمؤسسات.
ويأخذ د. مقلد وهو من أبرز قادة اليسار اللبناني على فريق 14 آذار انه خيب الآمال حين لم يجعل بناء الدولة في أولوية مشروعه، في حين ما زالت قوى 8 آذار ترفع العلم السوري وتمنع قيامها، واعتبر ان المشكلة الأساسية والخطيئة الأصلية اليوم هي في استمرار سياسة المحاصصة داخل النظام بين السياسيين الذين يتحاصصون كل شيء ويتصرفون وكأن البلد ملك آبائهم وأجدادهم.
((الشراع)) التقت د. مقلد وأجرت معه الحوار التالي:
# أنتم من أكثر الداعين والمنظرين لإعادة بناء الدولة. أين أصبح مشروع بناء الدولة بين فريقي 14 و8 آذار؟
- الصراع السياسي في لبنان يفرض على عموم اللبنانيين هذا الاصطفاف القائم بين 8 آذار و14 آذار، وهذا ليس اصطفافاً جديداً، إنما هو قديم فعلى الأقل كان هناك مثله منذ بداية الحرب الأهلية، إذ حصل اصطفاف بين الجبهة اللبنانية والحركة الوطنية، واصطف الناس من قبل بين من هم مع الفلسطينيين ومن هم ضدهم، ولاحقاً اصطفوا بين من هم مع سوريا وبين من هم ضدها، وضمناً بين من هو مع إيران ومن هو ضدها، وهذه الاصطفافات يمكن القول عنها بأنها غير لبنانية، وبهذا المعنى أوجه الاتهام بكل راحة ضمير إلى كل القوى السياسية اللبنانية التي ترتكب، عن معرفة أو عن غير معرفة فعل الخيانة بحق الوطن، فليس لدى أي منها شيء اسمه قضية لبنانية، وأقول كما يقول الوزير السابق فؤاد بطرس في مذكراته ان حكم الرئيس الراحل الياس سركيس هو آخر حكم في لبنان كان راغباً في البحث عن صيغة للقضية اللبنانية، وكان آخر عهد يتم فيه الكلام عن قضية لبنانية، وهذا انتهى مع نهاية عهده.
# ماذا تقصد هنا بالقضية اللبنانية؟
- مشروع الدولة، أن يكون لبنان بلداً مستقلاً قادراً على النهوض بمشاكله الداخلية مع الأخذ بعين الاعتبار انه ينتمي إلى هذه المنطقة وإلى المجموعة العربية وأنه يلتزم بالقضايا العربية ولاسيما القضية الفلسطينية. وأذكر قبل الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 كنا على المنابر الحسينية في الجنوب نواجه دائماً عند كل حديث عن العدو الإسرائيلي ومواجهته مقولة شهيرة وترجمتها الشعرية ((أأنا العاشق الوحيد لتُلقى تبعات الهوى على كتفيّا))، وحركة ((أمل)) حينها كان لسان حالها ان شعب الجنوب غير قادر على الاستمرار في تحمل تبعات القضية الفلسطينية وحده، ولكن اليوم يقولون نعم شعب الجنوب قادر على ذلك، والخطاب السياسي السائد اليوم متمثلاً بخطاب الشيعية السياسية عند حركة أمل وحزب الله، ينفي نفياً قاطعاً الكلام الذي كانت تقوله هذه الشيعية السياسية قبل 1982، فاليوم هل يمكن للشعب اللبناني كله، وليس فقط أهل الجنوب، أن يتحمل تبعات القضية الفلسطينية وحده؟! رأيي أنا لا. وإذا كنا حققنا بعض الانجازات والانتصارات، فإننا دفعنا الثمن من الوحدة الوطنية اللبنانية، وبالتالي فإن هذه القضية التي كنا نحملها سابقاً لم يكن مشروع الدولة أو الوحدة الوطنية هو الأساس فيها، والانقسام بين الجبهة اللبنانية والحركة الوطنية كان انقساماً خارجياً، ولم يكن انقساماً على ((كيف نبني البلد))، بل على ((كيف نقسِم البلد))! وكان من الطبيعي آنذاك أن يطرح اليمين اللبناني على تسميات ذلك الوقت، مشروع التقسيم لأننا نحن في المقابل كقوى أو حركة وطنية كنا نطرح مشروعاً غير لبناني، فاليمين كان يريد مشروعاً لبنانياً ليس بمعنى لبنان ((10452 كلم2))، ولم يطرح مشروع ((لبنان 10452 كلم2)) إلا حين جاءت إسرائيل، أي عندما صار بإمكان هذا اليمين إعادة توحيد البلد ولكن على أساس مشروع غير وطني أيضاً، مشروع الوطن القومي المسيحي والحفاظ على امتيازات المسيحيين التي كانت قائمة، وأنا أستخدم هنا مصطلحات لا أوافق عليها تماماً ولكن هذه اللغة السياسية التي كانت سائدة حينها، فإذن أين نحن من بناء الدولة؟ الجواب هو ان القوى السياسية جميعاً يساراً ويميناً ومنذ سنة 1975 على الأقل وحتى هذه اللحظة ترتكب كلها فعل الخيانة بحق قضية لبنان، أي قضية إعادة بناء الوطن وإعادة بناء الدولة.
# حين انطلقت حركة 14 آذار كنت قريباً منها ومن شعاراتها. كيف ترى واقع هذه الحركة اليوم وما عُلّق عليها من آمال؟
- أنا لم أعلّق في أي مرة آمالاً على فريق 14 آذار، ومن ثم أنا لم أكن في أي مرحلة منضوياً في صفوف مشروعه، بل كنت دائماً أحمل وجهة نظر نقدية حياله تنطلق من ان مشروع 14 آذار لم يكن في أولويته مشروع إعادة بناء الوطن والدولة، ولكن كانت في أولويته معاقبة سوريا، أي كان مشروعاً خارجياً مثله مثل مشروع فريق 8 آذار الذي هو مشروع خارجي لحماية سوريا أو لإعادتها إلى لبنان مشروع حمل العلم السوري على ((طريقة المونديال هذه الأيام))، بينما فريق 14 آذار حمل علماً آخر وحمل راية معاقبة سوريا أو بمعنى آخر حمل العلم السوري ملطخاً، وأنا لست في أي من المشروعين، ما أحمله أنا هو مشروع بناء الدولة، وأنا اتهم جماعة 14 آذار بأنهم لم يحملوا مشروعاً لإعادة بنائها وأتهم جماعة 8 آذار بأنهم يقفون ضد مشروع إعادة بنائها. ولكن في اللحظة التي نشأ فيها الانقسام بين 14 و8 آذار كنا نعتقد ان حلقة أساسية من التطورات في الأزمة اللبنانية دار حولها الصراع وهي الموقف من الوجود السوري في لبنان، وباعتقادي أنا ان السوريين دخلوا عام 1976 إلى لبنان خطأ، وهم دخلوا من أجل مشروعهم السياسي وظلوا منذ ذلك الحين حتى لحظة خروجهم يروجون ان دخولهم كان لحماية وحدة لبنان من التقسيم ولحماية المسيحيين من التهجير ولحماية المقاومة الفلسطينية، وهذه لم تكن الحقيقة فالحقيقة ان النظام السوري دخل من أجل مشروعه هو ودافع عن مشروعه بكل ما لديه من اساليب، ومخطىء كل من ظن انه دخل لغير ذلك، سواء الذين استدعوه واستدرجوه للدخول والذين دافعوا عنه حين كان موجوداً او الذين طالبوا بعودته بعد خروجه من لبنان، ولذلك حين خرج النظام السوري من لبنان اعتبرت ان الموقف السليم دفاعاً عن القضية الوطنية اللبنانية، هو الموقف الذي يدعو الى تثبيت علاقة ايجابية مع سوريا ولكن مع سوريا وهي وراء الحدود، الا ان 14 آذار/مارس ارادت تثبيت العلاقة، ولكن علاقة مع سوريا خارج الحدود غير ايجابية، اما 8 آذار/مارس فهي في محل آخر ما زالت ترفع العلم السوري، وللأمانة مع النفس اقول انني شاركت في كل مناسبات 14 آذار/مارس، ولكن مشاركتي كانت من موقع نقدي لقوى 14 آذار ولـ 8 آذار/مارس لتجنُّب الانقسام ولتجنب تكرار المآسي وتكرار الحروب الاهلية، لأنه آن لنا ان نعيد النظر في صيغة الانقسامات، وبهذا المعنى انا لم اكن مع 14 آذار/مارس انما كنت مع القضية التي حُملت في 14 آذار/مارس وهي استقلال البلد! ولكن هل يمكن ان يمارس الاستقلال بالصيغة التي تمارسها 14 آذار/مارس، بمعنى ان الرئيس سعد الحريري زار سوريا، وأنا كنت اتمنى لو انه زارها وفق ما كان طرحه جورج حاوي وهذا ما قاله لمجموعة من اصدقائه ورفاقه بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وانا كنت من بينهم، قال الحل الممكن ان تبرَّأ سوريا من الاغتيال بطريقة ما، وان تخرج من لبنان وان تقوم علاقات طبيعية بين البلدين، غير ان فريق 14 آذار/مارس لم يرضَ بهذا الطرح.
# قيل انه طرح فرنسي؟
- هذا ما طرحه حاوي على السفير الفرنسي، والسفير الفرنسي نقله الى وزارة الخارجية الفرنسية التي نقلته بدورها الى مصر ومن ثم جاء منها هذا الاقتراح وهذه التفاصيل اعرفها من جورج حاوي، الا ان هذا الطرح لم يكن مستساغاً عند احد من فريقي 8 و14 آذار/مارس، فلا فريق 8 آذار/مارس يريد ان تخرج سوريا، ولا فريق 14 آذار/مارس كان مكتفياً بخروج سوريا مقابل تبرئتها، ولذلك أصر على شعار الحقيقة والعدالة، غير ان وليد جنبلاط عاد في مرحلة لاحقة وقال ((نريد الحقيقة))، او ((لنكتف بمعرفة الحقيقة)) اي عودة الى مشروع جورج حاوي، وبالعودة الى السؤال الاول فأنا ابداً لم اعلق الأمل اطلاقاً على قوى 14 آذار/مارس بل بالعكس هي خيبت املي اما 8 آذار/مارس فقد اساؤوا التصرف بحق بلدهم، وكان واضحاً منذ البدء ان مشروع الشيعية السياسية لن يكون مصيره بأفضل من مصير مشروع المارونية السياسية، ولن تكون الاساليب التي يستخدمها أرقى من اساليب المارونية السياسية لأنها قائمة على التشنج المذهبي والتعبئة ضد الآخر، وهو كمشروع المارونية السياسية مشروع معادٍ للآخر.
# بين الشكوى من فريق وخيبة الأمل من فريق آخر كيف ترى المخرج للأزمة اللبنانية؟
- العنوان العريض هو اعادة بناء الوطن والدولة.
# كيف وبمن؟
- هنا السؤال، من أين نبدأ؟ وعليه فالسؤال الذي تتوجب الاجابة عنه اي مشروع لبناء الدولة؟ فنحن كيساريين كان مشروعنا هو مشروع الدولة الاشتراكية، وكان للآخرين مشاريعهم. فكان هناك مشروع الوطن القومي المسيحي ومشروع الدولة الاسلامية ومشروع الدولة السورية، ومشروع الدولة القومية ضمن اطار الوحدة العربية واستجد مؤخراً مشروع دولة الخلافة او دولة السلطنة، وكل هذه المشاريع لا علاقة لها بمشروع اعادة بناء الوطن والدولة، لأن المشروع الذي ينبغي للبنانيين ان يتوحدوا حوله هو مشروع إعادة بناء الوطن والدولة الديموقراطية اي الدولة البرلمانية التي تحترم دستورها، فنحن نعيش في ظل نظام لا احد يحترم فيه الدستور، وكل طرف في عدم احترامه للدستور، وللتغطية على ذلك، يوزِّع التهم جزافاً على الآخرين، بدءاً من التخوين وغير ذلك من اتهامات العمالة او التبعية، فهذا عميل لاسرائيل وذاك عميل لإيران او اميركا او سوريا الخ.. وهذا الكلام يجب ان يقلع عنه اللبنانيون جميعاً ومن العيب الاستمرار بهذه السياسة التخوينية، والمؤسف ان من يمارسها هم السياسيون الكبار، فالخلاف او الاختلاف لا يمكن ان يحل برمي التهم بل عبر المؤسسات والاحتكام اليها، ومن هنا نبدأ، علينا ان نبدأ باحترام المؤسسات، وهنا لا بد من تسجيل نقدٍ واضح وصريح يُدين الممارسات التي تعطل المؤسسات او التي عطلتها خلال السنوات الاربع الماضية من مجلس النواب الى مجلس الوزراء وهذا ما مارسته الشيعية السياسية قبل سواها والذي تمارسه كل القوى السياسية من 8 و14 آذار/مارس حيث لا تحترم الدستور والقوانين، وفي هذا الاطار فان الخطيئة الاساسية التي يرتكبها الجميع هي المحاصصة القائمة منذ اولى حكومات ما بعد اتفاق الطائف، فسياسيو البلد يتحاصصون، وهذه هي مشكلة البلد الاصلية، وليست الطائفية. ومن هنا علينا ان نبدأ من احترام المؤسسات وتطبيق القانون على الرغم مما فيه من ثغرات. علينا ان نبدأ بتطبيقه اولاً ومن خلال الممارسة تجري عملية الاصلاح، لكن المشكلة اننا ونحن نبحث في إعادة بناء الدولة، لا احد يبحث باعادة بناء دولة القانون والمؤسسات والكفاءة وتكافؤ الفرص، وهذه المسألة تُطرح اول ما تُطرح على اليسار اللبناني لأن هذا اليسار لا يريد هذه الدولة، هو يريد دولة اخرى، وأنا اقول ذلك من موقع العارف وليس المتهم فالدولة التي كان اليسار يريدها هي الدولة غير الرأسمالية، هي الدولة الاشتراكية، ولهذه الدولة صيغة مختلفة تماماً عن الدولة الديموقراطية التي نتحدث عنها وهذا ما اعتبره تحدياً مطروحاً امام اليسار الماركسي، فهل يمكن ان يناضل الشيوعيون من اجل اقامة دولة ديموقراطية اي رأسمالية؟! وهذا سؤال صعب مطروح على اليساريين وهو اكثر صعوبة على المحاصصين لأن الدولة الديموقراطية تُلغي المحاصصة في البلد، فالمحاصصة امر مرعب يتنافى كلياً مع الديموقراطية، فالسياسيون يتحاصصون في كل شيء بالبلد وكأنه ملك لآبائهم وأجدادهم وهم الورثة فيه، فمن هنا علينا ان نبدأ وهذا يحتاج الى ثورة، ثورة ما اسهل الثورة الاشتراكية امامها وهو امر قد يحتاج الى شخص كنابليون في زمانه، الى ديكتاتور امبراطور، تجرأ وأقدم على اعتقال البابا ووضعه باحترام كبير في قصر، وقام هو بزيارته ليفاوضه وليقول له: ((أنا احتراماً لك اعتقلتك في قصر وليس في سجن واحتراماً لمقامك جئت انا اليك لأقول لك نحن بحاجة لبناء دولة الدنيا وأنت عليك ان تبني دولة الآخرة فافعل ما تشاء لبناء دولتك ونحن نحميك ونحمي حرية المعتقد الديني، ولكن عليك ان تتركنا وشأننا لنبني دولة القانون))، فنابليون جاء بدولة القانون وأنهى نظام المحاصصة وأعطى ما لقيصر لقيصر وما لله لله، وأنهى حكم الدولة من قبل الكنيسة من جهة وشخص يريد بركة الكنيسة من جهة اخرى، وهذا ما لم يحصل في بلادنا، فعلى رجال الدين الا يتدخلوا في السياسة، ورجل الدين حين يتدخل في السياسة عليه ان يخلع جبته لأنه حين يفعل ذلك وهو يلبس عمامة او قلنسوة فإنه ينتهك حرية الدين، لأن السياسي لا يمكن ان يكون مقدساً، فالسياسة مصالح وعلاقات وتحالفات، وبالتالي كل بحث عن مصلحة قد يكون مدنساً وليس مقدساً، فنحن لنبني دولة القانون يجب ان نضع حداً لهذا الفلتان العمائمي ولفلتان المعممين، ولا اقصد الفلتان الاخلاقي، لكن فلتان من يسمون انفسهم علماء دين وأغلبهم من اكثر الناس جهلاً، حتى ان معظمهم لا يحسن القراءة في القرآن.
# هل ترى في المدى المنظور ((نابليون))؟!
- لا، ولا اتمنى ذلك الا بالمعنى الرمزي الذي قصدته في الحديث عن نابليون.
حوار احمد الموسوي
 
 
اجمالي القراءات 6648
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق