هل يستحق الشعب اليمني الحرية؟

د. شاكر النابلسي Ýí 2012-02-29


 

كانت الانتخابات اليمنية الأخيرة خطوة إلى الأمام لتحقيق الحرية والديمقراطية اليمنية، ولكنها لم تكن النهاية في مسيرة الحرية والديمقراطية. فالشعب اليمني خاصة، أمامه مسيرة طويلة لكي يحقق معظم أهدافه، كما أن أمامه سنوات طويلة لكي يكمل مسيرته. فالشعب الفرنسي منذ الثورة الفرنسية 1789 وحتى الآن لم يُكمل هذه المسيرة، وما زال يسير في طريق الحرية والديمقراطية، الذي لا ينتهي.


نكبات الشعب اليمني
الشعب اليمني شعب منكوب جغرافياً، وتاريخياً، ودينياً، واجتماعياً، واقتصادياً، أكثر من أي شعب عربي آخر.
فنكبته الجغرافية متأتية من جواره لدول الخليج، التي أرغمته على المبادرة الخليجية، والتي اقتلعت علي عبد الله صالح، ولكنها أبقت على نظامه وأسرته كافة، في الحكم.
فقالت الأخبار من اليمن، أنه مع انتهاء الانتخابات الرئاسية في اليمن، وبدء عهد جديد برئيس جديد لليمن لأول مرة منذ 33 عاماً، تبقى شجرة عائلة الرئيس السابق علي عبد الله صالح في الحكم إشكالية كبرى.
فعمار محمد عبد الله صالح، مساعد مدير الأمن القومي. ونجل الأخ غير شقيق، محمد صالح الأحمر، قائد القوات الجوية. والأخ غير الشقيق، علي محسن الأحمر، قائد اللواء الأول وقائد المنطقة الشمالية والغربية في الجيش. والأخ غير الشقيق، علي صالح الأحمر، مدير مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وعلى الصعيد الاقتصادي، تحوي شجرة العائلة صهر صالح، عبد الخالق القاضي، رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية اليمنية. ونجل شقيق صالح، توفيق صالح عبد الله الأحمر، رئيس مجلس إدارة شركة التبغ. وشقيق صهر صالح، عمر الأرحبي، مدير شركة النفط والغاز.
وتشمل الشجرة، عم زوجة صالح الرابعة، أحمد محمد الكحلاني، محافظ محافظة عدن. وعم زوج ابنة صالح، عبد الكريم إسماعيل الأرحبي، نائب رئيس الوزراء ووزير التخطيط ومدير الصندوق الاجتماعي للتنمية. وزوج ابنة صالح، خالد الأرحبي، مدير القصور الرئاسية.
هذا وتشهد اليمن حركة احتجاج تطالب بإطاحة شجرة عائلة صالح، وفي هذا السياق، نظم ضباط القوات الجوية اليمنية، مسيرة حاشدة نحو العاصمة اليمنية صنعاء، حاملين لافتات ويهتفون:
“ارحل.. ارحل”
ضد قائد القوات الجوية، وهو أخ غير شقيق لصالح.
ويقول المعارضون السياسيون والناشطون الذين يشاركون في المظاهرات، والدبلوماسيون الغربيون، إن صالح يظل في السلطة، طالما ظل أفراد عائلته. ويعني ذلك أنه لا يوجد تغيير حقيقي في دولة تواجه صراعاً قبلياً وإقليمياً.


مقادير اليمنيين
فما هي الحرية والديمقراطية التي حققها الشعب اليمني حتى الآن، من خلال المبادرة الخليجية؟
فلو كان اليمن في موقع جغرافي، بعيداً عن دول الخليج، فهل سيُنكب الشعب اليمني بالمبادرة التي أبقت على “شجرة الحنظل اليمنية” بجذورها وأغصانها، ولم (يُقصقص) غير جذع واحد من أعلاها فقط؟
والشعب اليمني منكوب تاريخياً، بعد أن حكمته أسرة الإمام يحيى حميد الدين حكماً قروسطياً ظلامياً، ضمن المملكة المتوكلية اليمنية بمباركة خليجية ودعم خليجي لمدة تزيد عن نصف قرن (1904-1962) وحجبته هذه الأسرة القروسطية التعيسة عن العالم.
والشعب اليمني منكوب دينياً من خلال سيطرة الأصولية والسلفية الدينية على مقدراته، ومن خلال مهاترات عبد المجيد الزنداني السلفي الديني المتشدد، الذي يدّعي بامتلاك علاج الايدز!
والشعب اليمني منكوب اقتصادياً بفقره وقلة موارده، رغم أنه جار الأغنياء الخليجيين، الذين يرفضون ضمَّه إلى مجلسهم التعاوني لفقره، وضيق ذات يده. ولو كانت “أسرة حميد الدين” القروسطية تحكم اليمن حتى الآن، لتمَّ ضمّ اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي بسرعة وسهولة!


الثورة على الثورة
فهل يستأهل الشعب اليمني الحرية والديمقراطية بعد كل هذا، وفيه عبد الله البردوني وعبد العزيز المقالح وغيرهما من مثقفي اليمن الكبار والعظماء؟
إن الشعب اليمني الآن بحاجة إلى ثورة على الثورة.
بحاجة إلى ثورة على المبادرة الخليجية، التي تذكرنا بحرصها على إبقاء عائلة “حميد الدين” القروسطية، متمثلة بعائلة علي عبد الله صالح.
لذا، فالثورة اليمنية ستستمر، كما استمرت ثورة 1962 ضد حكم الإمامية، وعائلة حميد الدين.

 

 
اجمالي القراءات 8585

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الأربعاء ٢٩ - فبراير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[64839]

شكرا استاذنا النابلسى ، ولكن لا أستسيغ العنوان

التحولات نحو الديمقراطية ليست نزهة سياسية أو انقلابا عسكريا ، هى نضال مستمر يبدلأ ويستمر بالوعى الشعبى و تغيير الناس ما بأنفسهم من خنوع وخضوع الى عزّة وكرامة واستعداد للتضحية فى سبيل الحرية . ومن الطبيعى أن تبدأ الخطوة الأولى بمثقفين أحرار ومفكرين يرسمون معالم الطريق ويتحملون العنت والأذى فى ظل مستبد يكمم الأفواه ويرى تأمين عرشه فى فرض الصمت إلا ما كان مديحا وتقديسا له. بصمود المثقفين وتحولهم الى نشطاء وتكاثر عددهم وعملهم فى الشارع يبدأ المستبد فى استعمال الترغيب والترهيب وتقديم تنازلات مظهرية ووعود لفظية ، وبهذا يتحول الصراع الى صراع سياسى حقيقى لا بد من صمود الأحرار فيه ليكتسبوا أرضا جديدة بتفعيل الشارع ليخرج عن صمته وليعلو صوته ، وتبدأ الوقفات الاحتجاجية خجولة مرتعشة تتلقى ضربات الأمن وتتقن الكرّ والفرّ ، وبناء على صمودها تتزايد أعدادها لتصبح مظاهرات عارمة ساخطة ، ويضطر المستبد الى تصعيد زتيرة العنف ، وتتحول المظاهرات الى ساحة معركة بين من يهتف ومن يضرب . ويبدأ التدخل الخارجى والاقليمى كل حسب مصالحه .


هذه هى القاعدة العامة . ومن الطبيعى ان لليمن خصوصيته التى انعكست على اختلاف مصير ( صالح ) عن مبارك والقذافى وبن على . مع ان الثورات فى مصر واليمن وليبيا وتونس لا تزال فى تبلورها ، وأمامها سنوات لتكمل وتنجح فى التحول الديمقراطى .


والمعضلة الكبرى هى فى البديل . وهو الوهابية من خلاله تجلياتها المختلفة فى كل بلد ، وهى التى تطيل من معاناة السوريين حتى الآن ، وهى التى أوصلت الاخوان والسلفيين الى البرلمان المصرى ، وهى التى تهدد مستقبل الثورة اليمنية ، وتجهض ثورة البحرين وتكتم أنفاس الثوار والمصلحين فى بقية دول الخليج . هذه المعضلة لا سبيل لمواجهتها إلّا بالفكر القرآنى الذى يواجه الوهابية سلميا من داخل الاسلام ، وينزع من قنبلة التطرف فتيل الانفجار وهو زعمهم بالانتماء الى الاسلام بينما هم يستخدمون إسمه العظيم للوصول الى الحكم ، وهذا فى حدّ ذاته أكبر عصيان للرحمن جل وعلا. فلنتعاون فى شنّ حلرب فكرية قرآنية سلمية ضدهم أملا فى تجنيب شعوبنا أخطار حروب أهلية تكشّر مقدما عن أنيابها .


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-01-16
مقالات منشورة : 334
اجمالي القراءات : 3,450,458
تعليقات له : 0
تعليقات عليه : 361
بلد الميلاد : الاردن
بلد الاقامة : الولايات المتحدة