إخوان و«قطريون».. وسلفيون و«سعوديون»

سعد الدين ابراهيم Ýí 2011-12-17


رغم الإقبال غير المعهود، والنزاهة النسبية فى المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية المصرية، فإن عدة قرائن رصدها مُراقبون ميدانيون، توحى بأن ثمة أموالاً طائلة قد وجدت طريقها إلى المُرشحين السلفيين من هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المُنكر من السعودية، وإلى الإخوان المُسلمين من مُرتادى مسجد النور، الذى يؤمه الشيخ يوسف القرضاوى منذ أكثر من ثلاثين عاماً فى الدوحة، عاصمة دولة قطر الشقيقة، ونحن لا نتحدث هنا عن عدة ملايين من الريالات، لكن عن مئات الملايين من الدولارات.

ويكفى أن نذكر هنا قرينة واحدة ضمن عشرات، وهى مليونية التحرير يوم الجمعة ١٨/١١/٢٠١١، التى نظمها السلفيون، فقد رصد مُراقبو الحملة الانتخابية ثلاثة آلاف أتوبيس سياحى فاخر، نقلت المُشاركين فى تلك المليونية من كل أنحاء الديار المصرية، ليلة وصباح الجمعة ١٨/١١/٢٠١١.

وبحسبة بسيطة، فإن تكاليف النقل وحدها، ذهاباً وإياباً، (٣٠٠٠ أتوبيس × ٤٠٠٠ جنيه يومياً) تتجاوز اثنى عشر مليون جنيه، ومثلها نفقات الإعاشة. أى أننا نتحدث عما لا يقل عن أربعة وعشرين مليون جنيه خلال يوم واحد. فمن أين لأى جماعة أو حزب بمثل هذه الأموال من مصادرها الذاتية؟

إن آل مُبارك، وبعدهم المجلس العسكرى الأعلى، أقاموا الدنيا ولم يقعدوها حول المُساعدات التى تتلقاها ٢٥.٠٠٠ جمعية من منظمات المجتمع المدنى، والتى لم تتجاوز مائة مليون دولار عام ٢٠١٠، أى بمتوسط أربعة آلاف دولار لكل جمعية.

فهل الأموال التى تأتى عبر البحر الأحمر «حلال»، وتلك التى تأتى عبر البحر الأبيض «حرام»؟ هل حليب النياق، (جمع ناقة، وهى أنثى الجمل أو البعير) «حلال» وحليب الأبقار «حرام»؟

إن الأموال الطائلة التى تدفقت على الإسلاميين، من الجزيرة العربية والخليج قد أعطت حزبى الإخوان والسلفيين «الحُرية والعدالة» و«النور» ميزات نسبية لم تتوفر لغيرهما من الأحزاب المُتنافسة ليس فقط فى الدعاية لمُرشحيهما، بل أيضاً لتوزع حقائب وأكياساً من الأطعمة والمواد التموينية، مصحوبة بقائمة مطبوع عليها أسماء ورموز المُرشحين والحزب (أو التحالف) المطلوب انتخابهم. هذا فضلاً عن استخدام الشعارات الدينية بكثافة مثل «الإسلام هو الحل».. أو «نحن ندعو إلى الحُكم بشرع الله»، أو «نحن نأتيكم بالخير.. فأعطونا ثقتكم وأصواتكم».

وليت الأمر توقف على الدعاية والرشاوى الانتخابية، لقد رصد المُراقبون بعض ألوان الخداع الانتخابى بواسطة الناخبات المُنتقبات من التيار الإسلامى. فقد قُمن تحت دعوى «الاحتشام» وعدم الكشف عن وجوههن، وبالتالى صعوبة التحقق من هويتهن، بالتصويت أكثر من مرة، باستخدام أرقام قومية، لنساء أخريات.

ولكن الأنكى من هذا وذاك، هو اختراق التيار الإسلامى المؤسسة القضائية، وهو الأمر الذى رصدته عدة فضائيات مصرية وعربية، فقد أقفل أحد القُضاة اللجنة التى يُشرف على الانتخابات فيها، بعد ساعات قليلة، وقبل موعد الإقفال الرسمى بأربع ساعات، وكان السبب الذى برّر به ذلك الإجراء هو عدم وجود مُحجبات أو مُنتقبات فى طابور الانتظار، وتعجبت لحظة رؤية رجل يجهر بذلك على شاشة التليفزيون: كيف أصبح ذلك الرجل قاضياً؟

وحينما عبّرت عن ذلك الخاطر أمام بعض الأصدقاء من المؤسسة القانونية، فسّروا لى الأمر كالتالى: «حينما أطلق الرئيس الراحل أنور السادات قيادات وكوادر الإخوان من السجون التى كان سلفه عبدالناصر قد وضعهم فيها بعد مُحاولة اغتياله فى ميدان المنشية بالإسكندرية عام ١٩٥٤، فإنهم نشطوا فى تجنيد الشباب الجامعى، وعلى مر السنين خرج هؤلاء من مُختلف الكُليات، ومنها كُليات الحقوق. وتم تعيين النابهين منهم فى سلك النيابة، وتدرّج بعضهم إلى قُضاة ومُستشارين. ولابد أن يكون ذلك القاضى الغاضب لغياب أو نُدرة المُحجبات فى لجنته من ذلك الجيل من القُضاة الإسلاميين أو المُتأسلمين»، وأضاف هذا الصديق إلى ذلك أن مثيلين لهم يوجدون بين المُهندسين والصيادلة والمُحامين، وبسبب تنظيمهم المُحكم فإنهم ينجحون فى السيطرة على نقابات هذه المهن، بما فى ذلك أندية القُضاة.

ولكن رصد المُراقبون أن المئات من شباب الإخوان جلسوا منذ الصباح الباكر فى أفنية المدارس، وأمام كل منهم منضدة، ومعه حاسب آلى، وكان يعرض مُساعدته على الناخبين للاستدلال على أرقام لجانهم، وكيفية التصويت.

ولمن لم يأتِ لمركز الاقتراع وهو يعرف من يُريد التصويت له أو لها، فقد كان من اليسير استهواؤه والتأثير على قراره فى اختيار مُرشح الإخوان. وليس فى ذلك تجاوز واضح، أو انتهاك فاضح للقانون، وإن كان ينطوى على سلوكيات غير أخلاقية.

وحينما ناقشت أحد المعارف من الإخوان حول هذه الأمور، ردّ ببساطة: «إن الانتخابات مثل الحرب، والحرب خدعة»، ثم إن المسلم «كيس فطن»!

وهكذا بين تمويل بلا حدود عبر البحر الأحمر والخليج العربى، وبين الفطنة، والخدع الانتخابية، والتبكير فى الذهاب إلى اللجان، والرشاوى والمُساعدات التطوعية، استطاع الإخوان أساساً، والسلفيون فى أعقابهم، أن يبلوا بلاءًَ حسناً فيما سماه أحد شيوخهم «غزوة الصناديق»!

والله أعلم

اجمالي القراءات 10337

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (4)
1   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   السبت ١٧ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[63126]

عمرهم الإفتراضى قصير .

استاذنا دكتور سعد الدين إبراهيم . لخص  فى مقاله هذا طريقة وصول الإسلاميين للبرلمان المصرى . وهى طريقة غير شريفة وتُظهرهم على حقيقتهم وإستخدامهم لكل الوسائل الغير مشروعة للوصول لكرسى البرلمان، ومن ثم الحصول على تصاريح وتراخيص لمصانعهم وصالحهم التجارية التى يريدون أن يسيطروا بها على إقتصاد البلد أولا ،ومن ثم تسهل سيطرتهم على مقاليد حكمها .. 


ولكن .. نذكرهم بالحكمة القائلة (إذا إستطعت أن تخدع بعض الناس بعض الوقت فلن تستطيع خداع كل الناس طول الوقت .) .. ونقول أن عمرهم (الإخوان والسلفيين) السياسى الإفتراضى قصير ،لأن الشعب الذى أبهر العالم بثورته العظيمة فى 25 يناير 2011. لن تخدعه مجموعة من النصابين والأفاقين الجدد.


2   تعليق بواسطة   ميرفت عبدالله     في   السبت ١٧ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[63130]

التجربة العملية هى خير دليل

لن يقتنع الشعب المصري بأنهم مغرضون  - وأقصد السلفية والإخوان - من وراء محاولاتهم الاستيلاء على أكبر مقاعد ، وعدم مصداقيتهم إلا من خلال التجربة العملية التي سوف تثبت فشلهم السريع والزريع في إدارة البلاد .


ولكن إذا حدث هذا  ستخسر مصر الكثير من خيراتها وسمعتها الطيبة المتسامحة زخاصة  علاقاتها الخارجية مع العالم المتقدم  الذين يصفونه بالكفر !


3   تعليق بواسطة   رضا عبد الرحمن على     في   السبت ١٧ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[63137]

يا دكتور سعد سوف اكرر ما قلته مع حضرتك من قبل

الدكتور والاستاذ الفاضل / سعد الدين ابراهيم


السلام عليكم ورحمة الله


مقال مختصر وكل ما ورد فيه تناقشنا فيه معا يوم الثلاثاء الماضي في مركز ابن خلدون حين تقابلنا مع حضرتك فالمقال ليس غريبا على قراءة ما فيه


وأجد وأكرر ما قلته في مداخلتى في رواق ابن خلدون إن مصر يحيط بها عصابة من المجرمين الذي لا يتقون الله وهناك مسئولية كبيرة جدا على المثقفين في مصر وتحتم عليهم تنوير الناس وتبصيرهم لكي يفرقوا بين الإسلام كدين وبين المسلمين وان يميزوا بين الآخوان والسلفيين وبين الاسلام وان يفرقوا بين الاسلام وبين الفكر الاسلامي وأن يفرقوا بين الاسلام وافعال المسلمين وان يعلموا تماما ان الاخوان او السلفييون لا يمثلون الاسلام كل هذه الامور لابد من تنوير وتبصير الناس بها لأن هناك مخطط من آل سعود لإسقاط مصر في غياهب التطرف والتعصب والتخلف والهرب الأهلية وكل يوم تزداد ملامح هذا المخطط وتظهر جلية على السطح وقلت أيضا أن دولة آل سعد من مصلحتها ألا تقوم لمصر قائمة وألا يحدث فيها تحول ديمقراطي حقيقي لأن هذا معناه سقوط وانهيار الفكر الوهابي وبالتالي سقوط وانتهاء دولة آل سعود لأنها عملية ثأر قديم بين آل سعود ومصر لأن مصر كانت سببا في سقوط دولة آل سعود مرتين عام 1818م وعام 1891م وهذه حقائق تاريخية فما يفعله الاخوان والسلفيون لا علاقة له بمصر ولا شعبها هو تنفيذ لمخطط آل سعودي بعيد المدى يتم الانفاق عليه بصورة كبيرة جدا ويشارك هؤلاء جميعا تخبط المجلس العسكرى وفشله في إدارة المرحلة ووقوع في خطأ عسكرى مكرر وهو الاستعانة بالتيارات الدينية للقضاء على الليبرالية وأنصارالحرية والديمقراطية والدولة المدنية القضاء على كل صوت ينادي بانهء الحكم العسكرى في مصر هي عمليات سياسية والضحية الوحيدة هم الشباب الثورى والشعب المصري ومصر كدولة تحترق كل يوم وتنهار


هذه مجرد إطلاله على الأحداث وعلى وضع الااخوان والسلفيين وتوضيح دورهم بكل شفافية فى هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ مصر المسألة ليست مسألة تمويل فقط المسألة تنفيذ مخطط لهدم مصر وإرجاعها عقودا للوراء حتى لاتقوم لها قائمة وهي فائدة لآل سعود والحكم العسكرى لكي يستمر ويستطيع التحكم من جديد في شعب جاهل فقير متخلف سطحي مريض والاخوان والسلفيون يقومون بالدور على اكمل وجه ..


4   تعليق بواسطة   اسلام المصرى     في   السبت ١٧ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[63146]

ما اقام على بطل فهو باطل

 اولا اشكرك سيادة الاستاذ  على هذا الكلام الملخص والحاضر والواقعى للكل من يريدون اللجوء الى السلطة بالاشكال الغير شرعية والوصول الى الحكم عن طريق استخدام الدين والترويج بها حتى يعبروا الى اهدافهم التى فى حقيبتهم الهاوية الفارغة 

ومن ثم اقول لهم انا ما بنى على باطل فهمو باطل وان استمر عدة ايام او عدة شهور او عد قرون

فان شاء الله سيقعون مثلا وقع المخلوع مبارك وغيرها من الحاشية الملكية التى كانت مسيطرة على الدولة 

وانا اوجه لهم سؤال للجماعات الاسلامية وعلى راسها جماعة الاخوان المسلمين 

اقول لهم هل تستطيعوا أن تخدعوا كل الناس كل الوقت ؟

وشكرا لك استاذ سعدد الدين


 


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-03-23
مقالات منشورة : 217
اجمالي القراءات : 2,324,361
تعليقات له : 0
تعليقات عليه : 410
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt