الصفر والواحدأساس بناء الحاسبات:
الصفر والواحد في كتاب الله

محمد خليفة Ýí 2011-11-28


الصفر والواحد ..... لتعلموا عدد السنين والحساب

 

الصفر والواحد هما أساسا كل النظم الرقمية والعددية الموجودة بالفعل على كرتنا الأرضية ، والتي تتدخل بصورة مباشرة في كل مناحي الحياة العامة والأكاديمية البحثية ، وبغيرهما ما كانت هناك حياة متحضرة ولا كان هناك تقدم .

المزيد مثل هذا المقال :

 

 ومفهوم الصفر الرقمي هو أنه قيمة متدنية في التصاغر لدرجة العدمية أو ما يمكن أن نتغاضى عن وجوده وتجاهله كأنه لم يكن ، هذا عن قيمته الذاتية في حد نفسه ، ولا يشكل  - حقيقة الأمر- أي قيمة معنوية يمكن أن تعنينا إلا إذا جاء مترادفا مع ( رقم / عدد ) آخر ملتصقا به أو مرصوفا معه ،عندئذ تتعاظم القيمة إن جاء ترتيب الصفر على اليمين من الرقم الصحيح الموجب ، وعلى العكس منها أي تتصاغر القيمة إن جاء الصفر على شمال العدد الكسري .

 

أما الواحد فهو يشكل الوحدة الرئيسية والتي منها يتم بناء أي قيمة عددية في أي من نظم الأرقام المتداولة ، فالواحد إذا أضيف إلى مثيله لصارا اثنتين ، فإذا أضيف لهما آخر لأصبحا ثلاثة وهكذا إلى مالا نهاية له من الأرقام والأعداد.

 

ملحوظة مهمة :

يعرف الرقم   بأنه : كم حسابي ذو طبيعة فردية يعبر عنه برمز خاص ويكتب في خانة نظامية واحدة .

يعرف العدد  بأنه : هو عبارة عن مجموعة متلاصقة متراصة مرصوفة من الأرقام والتي يجمع بينها نظام  رقمي خاص والتي يتحدد بناء عليه القيمة المعنية لهذه التكوينة الرقمية

 

 

كان هذا الذي سبق وعرضناه آنفا عن الصفر والواحد ، إنما يلمس القيم الحسابية لهذين الرقمين , لكن ما نحن بصدده لا يتعرض بالشكل المباشر لتلك القيمة ، لكنه يلمس الصورة الشكلية لهما،  وذلك لأنها بصورة ما لها أعظم الأثر في التوصل إلى أساليب الحساب فائقة السرعة ، والتي تمكننا ، ومكنتنا ، من التوصل إلى ما يقارب المعجزات من حلول لمشاكل كثيرة وكان لها تداخل في معظم مناحي الحياة ألا وهو بناء الحاسبات الإلكترونية.

 

فهذه الآلات الجبارة قد يسرت لنا السبل ، وأضافت من الوسائل الجديدة ، ما سهلت به الحياة .

لكنها ومع أدائها الفائق إلا أنها لا تعدو أن تكون آلة ، وهي آلة تعتمد البساطة في الفكرة التي تقوم عليها ، فهي تعتمد النظام الرقمي الثنائي ، أي النظام  الذي لا يتعامل إلا مع رقمين فقط من مجموعة الأرقام الصحيحة الموجبة ألا  وهما الصفر والواحد.

 

وهي في ذلك لا تتعامل مع القيم الرقمية في الصفر والواحد لكنها تتعامل مع حالتين لشئ واحد ، بمعنى أن القيمة لا تعني عندها أي معنى ، لكنها الحالة التي عليها الكيان المختار للعمل هي التي تعنى بها.

 

فمثلا لو وقع اختيارنا على المصباح الكهربائي ، فإنه لا يكون له من حالات إلا حالتين فقط حالة الإضاءة، وحالة الانطفاء، وليس هناك ثمة حالة سواهما.

فإذا رمزنا إلى أحد هذه الحالات ( الإضاءة مثلا )  بأنها تعبر عن الحالة التي يمكن أن يشار إليها  (واحد)

فإنه من البديهي أن تكون الحالة الأخرى  المضادة  ( حالة الانطفاء )      إنما يعبر عنها بالرمزية (صفر).

 

وبنفس هذا البديهية فإنه  يمكن أن ينسحب ذلك المفهوم على قطعة من الحديد  إذا تعرضت لمجال مغناطيسي

فإذا تحولت من حالتها كقطعة حديد عادية والتي سنختار لها الدلالة       (صفر)

إلى مغناطيس فتكون بذلك قد لزم أن نختار لها دلالة معاكسة وهي الدلالة (واحد) .

 

وهكذا يتبين لنا أنهما حالتين فقط ولا ثالث لهما

نعبر عن إحداهما بالدلالة الرمزية (واحد) ، والأخرى تكون هي الدلالة الرمزية  (صفر) .

 

وهذا يعني أن هذه الآلة لا تفقه شيئا مما يدور داخلها وإنما هي تمارس ظاهرة طبيعة دون أي معنى فإذا أوصلنا التيار الكهربائي إلى أي مصباح فإنه سوف يضيئ وإذا قطعنا عنه هذا التيار انطفأ فورا ، لكنه الإنسان بما أنعم الله عليه من مفاتيح المعرفة هو الذي قام بهذا الإعجاز ووضع الدلالات والتي تحول الجوامد المجردة إلى معاني تموج بالحياة.

 

وقد أشار الحق في محكم كتابه إلى هذه البديهية البسيطة ، فقد ورد في سورة الإسراء

{ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (12) }

 

فالإشارة واضحة إلى أن الأرض يعتريها حالتين حالة النهار ، وحالة الليل  فإذا رمزنا لحالة النهار بأنها تشير إلى الدلالة (واحد) ، كان البديهي أن تكون حاله الليل هي المقصودة بالرمزية الصفرية

والمثير أن يرد في هذه الآية لفظي العدد والحساب
 ( وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ) ,

وقد يتصور البعض أن لفظ الحساب هنا إنما جاء ليشير إلى حساب السنين
 -  فقد فسرت قديما هكذا – لكنا نلاحظ توارد كلمة " عدد " قبل كلمة السنين وهذا التعداد للسنين يكفي للإشارة إلى عدها وإحصائها ، وتكون بذلك لفظة
 " الحساب " التي وردت بعدهما إنما بالضرورة تعني شيئا آخر.

 

 مما يعني أن هذه الدلالات وهذه الرمزية ( الصفر والواحد )  سوف تكون هي الأساس الذي سوف تقوم عليه أعمال الحساب والتحاسب في دنيا البشر، وفي هذا تنويه إلى المفهوم الذي تقوم عليه الحاسبات الآلية ، هكذا في بساطة وفي يسر ولذلك مبحث خاص لاحق، ولسوف نستعرض فيه بإذن الله علائق وقواعد نظم الأرقام ( النظام الرقمي العشري، والثماني، والثنائي، والسداسي عشر)، وكذا نظم الترميز الرقمية والتي فيها تحال كل الرموز وأحرف الهجاء إلى طبيعة رقمية خالصة، حتى يتسنى للحاسبات التعامل بها ومعها، وسنتعرض كذلك إلى العمليات الحسابية والمعادلات الرياضية والكيفية التي تقوم بها هذه الآلآت الجبارة في إنجازها.     

 

ملحوظات مهمة :

1.                        ورد في الآية المذكورة تعريفات للنهار والليل , فقد وصف النهار بأنه " مبصرا " , أي يمكن الإبصار فيه ذاتيا ( أي بدون استخدام وسائل الإضاءة الصناعية ) وهذا يتأتى بديهيا بطبيعة الحال مع طلوع الشمس ,إلا أننا وقبل إشراقها ( وقت الغسق ) يمكننا الإبصار وهذا يعني أن بداية ما يمكن أن يسمي بالنهار ونهاية ما يسمى بالليل هو بالفعل قبل الشروق بحوالي نصف الساعة , وكذلك وعلي الجانب الآخر من الشمس ونعني بها ما بعد الغروب ( مرحلة الشفق ) أيضا يمكننا فيها الرؤية بسهولة حيث هو وقت شفافية العتامة , وهي الأخري تمتد إلى ما بعد الغروب بحوالي نصف الساعة , ليبدأ الليل وطبقا للتعريف القرآني .

2.                        وردت هذه الصياغة ذاتها " لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ"في موقع آخر في سورة يونس ولم تظهر ثالثة في القرآن ,ذلك مع أن لفظ الحساب ورد في القرآن ( 25 ) مرة , وجاءت على النحو التالي                

{ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5) }                       
وهنا أشار الحق إلى " جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً " أي ذاتية الإضاءة أي أنها تولد الضوء من ذاتها وحسبما قدر لها وجبلت عليه وتولد معه حرارة الحياة أو الحرارة اللازمة لاستمرار الحياة مما يوحي بالصخب والإضطرام ، وأشار أيضا إلى " وَالْقَمَرَ نُورًا " واستخدام لفظ النور هنا يوحي بالهدوء والبرودة والسلام ، وهما شكلان لنوعية صدور الطاقة، فآناً تكون ذاتية الإنبعاث ، وأخري تكون عاكسة للإضاءة .

والحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله،،،

                    رؤية وإعداد المهندس / محمد عبد العزيز خليفة داود
                   استشاري تصميم وبناء نظم معلومات الحاســـب الآلي
                   معهد الدراسات والبحوث الإحصائية – جامعة القاهرة

 

اجمالي القراءات 27997

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   غالب غنيم     في   الثلاثاء ٢٩ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62458]

حقيقة الرقم صفر

إن الحساب كما قال تعالى بدأ من تتابع الليل والنهار، ومن حركة وتبدل حالة القمر والفصول ...الخ


وهذا هو "التأريخ" القرآني لتعلم البشر الحساب، وحيث لم يكن الرقم صفر موجودا لم يكن هناك سوى النظام (التسعي) - إن امكننا تسميته هكذا، واختلف على من إخترع الصفر ولكن الأغلب اتفقوا على أنه الخوارزمي (من صفر اليدين أي "خالي القيمة") - وآخرون قالو انه اخذه عن الهند..




وبعد ظهور الصفر علميا - من بعد الخورزمي- بدأت الرياضيات بالتطور سريعا جدا، لإختراعهم النظام العشري المستخدم بيننا حاليا، ومن بعد ذلك تم اختراع الأنظمة العددية الأخرى من ثنائي وغيرها...


ويلعب الصفر دورا كبيرا جدا، بل أساسيا في تسهيل "تصوير" الخانات الحيادية وإعطاء قيمة للخانات المضاعفة للنظام المستخدم (فكل صفر على يمين العدد يعني ضعف القيمة النظاميه - عشرون 20 ، ثلاثون 30 في العشري و إثنان 10 ، أربعة 100 ، ثمانيه في الثنائي 1000 ... وهكذا)


وتم تعلم (الحساب) قديما بدون استخدام الصفر، وكذلك عدد السنين (حيث استخدموا النظام التسعي (من 1 إلى تسعة))، وتم الإستعاضة عن الخانات المضاعفة بتسميات لها بدلا من ترقيمها (كما في الأرقام اللاتينيه )، أما الصفر فأدى الى "تسهيل" الحساب وبالتالي إلى "تسريع" تطوره.


ولا أظن لليل دور فيه! مع صحة القول بالفرض بأن الليل صفر والنهار واحد، وهذا من علم المنطق الرياضي فقط.


وكذلك يمكننا القول أن الموت صفر والحياة واحد .. القيام واحد والجلوس صفر..النوم صفر والصحو واحد...وهكذا...وهذا ما يسمى بعلم المنطق في الرياضيات، (وجود الكهرباء في اللمظة ومن ثم الترانزستور ومن ثم الألياف الضوئية تعني واحد وعدمها تعني صفر - وهذا هو أساس علم الحاسوب)

وشكرا







أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2011-11-20
مقالات منشورة : 103
اجمالي القراءات : 1,594,485
تعليقات له : 5
تعليقات عليه : 107
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt