قلامة ظفر رسول الله

وداد وطني Ýí 2010-08-15


(7)

قلامة ظفر رسول الله

 

أحبتي في الله...

السلام عليكم ورحمة الله

 بعد طول غياب عن الكتابة أعود من جديد لأتنفس معكم بعضا من حريتي الفكرية التي سلبت منا بين حرام الدين وممنوع الدولة..

وفي الحقيقة لم أجد في أرشيف ذاكرتي المتهالك ما أكتبه سوى ما دار بيني وبين أحد الأخوة بالجامعة حيث ذكر فيه أن يهوديان استفزا جماعة من المسلمين منهم ابن مسعود، ومعاذ بن جبل، فنزلت آية "كنتم خير أمة أُخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر.." والرجل هنا يتغنى طربا بهذه الأية لأن القدر وحسن الطالع ولدته أمة في خير أمة أخرجت للناس..!! ومع الفعل "كنتم" نقول...

إنها خير أمة في الماضي، ولكن لنتفق على أنها تُستخدم في الأزلية فيصبح مفعول الآية قائماً إلى يومنا هذا وإلى ما بعده.

ويروي الإمام أحمد في مسنده والنسائي في سننه أن رجلاً سأل الرسول الكريم عن أي الناس خير فقال: "خير الناس أقراهم وأتقاهم لله وآمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر وأوصلهم للرحم"*.

وعلى اعتبار الأزلية المفهوم من هذه الآية يصير لزاماً علينا عدم إيقاف الآية على فهم قاصر لها فنفهم مثلاً أن المنكر شرب الخمر على سبيل المثال وترك ما عظم من المنكرات مثل الخيانة والغش والخداع والكذب وما شابه.

والسؤال هنا هو....

على أي الأسس نحن خير أمة أخرجت للناس؟

وبالنظرة السريعة نرى أننا كذلك في حالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن البديهي القول إن هذه الآية تستدعي طرفاً آخر للتبليغ. تماماً كما نحن اليوم نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، فصورتنا في "الأمم المتحدة" "ناصعة إلى حد الإعجاز" نحتج إلى قوانينها ومرجعياتها، ولا نساوم أبداً على هذه المسألة، لأننا بالمحصلة ننتظر الجزاء العادل في الجنة الأمريكية..

وأقصد بـ "نحن" غالبية الأنظمة العربية التي لم تتخاذل أبداً في اتخاذ "القرارات الصائبة" وإن كانت بحق الأخ والقريب. فلم نساوم ولا لساعة واحدة في إنزال أقصى وأقسى العقوبات على العراق تضامناً مع العالم ومع "الحق".

ولأننا أمة أُظهِرَتْ على أنها خيرُ "الناس للناس" تساهلنا مع "أبناء العمومة من اليهود" - الذين هم بحسب الخطاب الديني وغير الديني أبغض البشر- ومنحناهم من أرضنا فلسطين، مسرى الرسول العظيم ومعراجه**، مستقراً ينجيهم من التيه الرهيب الذي عاشوه عقوداً من السنين..علما بأن هؤلاء اليهود لم يأبهوا كثيراً بنا، فهم منذ يوم "الخندق" يدبرون المؤامرات***.

ومن أعجب ما يقرأ المرء أننا لا نحسب كبير حساب لمؤامراتهم، بل ندع لهم الفرصة كاملة للعبث بنا متذرعين بأنهم محميون من القوة الأعظم في العالم. والحقيقة الجلية التي لا تحتاج إلى برهان، هي أن غالبية هذه الأنظمة لا تريد أن تعلم أنها وجدت بطريق العمالة الناصعة، ومن يوجد على هذه الخلفية لا يملك الإيمان الذي كان للرسول وأتباعه القليلين في وقعة الخندق التي جنّدت لها قريش العرب كلها، وفشلت. والقوة الأعظم اليوم لا يملك أحد أن يتجاوزها، هذا صحيح،

ولكننا نملك لو آمنّا بحقنا أن ننتصر على خلفية أن الشعوب لا تُقهر إذا ما هي كانت حاضرة، ولكن كيف تكون كذلك ومن المحيط إلى الخليج، يعيش إنسان حائر تائه...

لا حظ له من نعيم بلاده. وله من سخط حاكمه وفرة تامة، تغدق عليه العذاب صباح مساء، فيترنح بدوره لا مزهواً.. وإنماً ثملاً من سكرة الخوف والرعب والتعب؟

والسؤال الذي يطرح نفسه:

إلى من يكون التوجه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في سياق ما تم ذكره؟

فالمنكر أولاً

أننا أمة شعارات..

والمنكر أيضاً

أن تعيث الحاشية فساداً فتستولي ظلماً على أملاك المواطن، وتقوم على تشريده بموجب "العقد" الممنوح لها من "أعلى"...

والمنكر أيضاً

أن يتحول رجل فاسد مفسد إلى الواجهة فيصبح مثلاً، مديراً عاماً أو وزيراً أو ما شابه.

والمنكر أيضاً

أن لا تجد في المدن شوارع نظيفة، بل المنكر أن لا تجد حياة في المؤسسات، وأن ترى الموت يكثر في الأزقة والطرقات وعلى الأسطح وفي الدور من مرض القهر والسحق...

والمنكر

أن يصبح الماضي أجمل من الحاضر وأن لا يكون هناك مستقبل. وكلنا قرأ عن كيفية تعامل خليفة عظيم مثل عمر بن الخطاب مع ولاته، وكيف أن الدرّة مع الإيمان الحقيقي كانت أبلغ من دبابة حكام العربية في هذا الوقت المأفون من الدهر.

والمنكر

أن لا تجد في الحياة حياةً، وأن تجد البلاد كتلة هامدة كأنها صرعى من سكرة موت كأنه يوم القيامة.

وآخر منكر

في هذه السلسلة الطويلة من المنكرات هي أن حكام العربية لا يريدون أن يدركوا أنهم بشعوبهم يطاولون النجوم وأنهم بغيرهم إلى جهنم منتهون، وأنهم مهما بلغوا من شأن لا يساوون قلامة ظفر النبي العظيم، الذي أحسن الاستماع إلى الضعيف قبل القوي وأنه هو الذي عوتب من ربّه يوم نسي لوهلة رجلاً أعمى هو عبد الله بن أم مكتوم جاء يسأله بعض العلم فانصرف عنه النبي إلى بعض الأشراف. وكان بعدها عندما يأتيه يقول له "مرحباً بمن عاتبني فيه ربي" ويجعل النبي من تحتِه رداءَه!!!****

فأين أنتم من قلامة ظفره؟

هل تستطيعون الجواب؟

ــــــــــــــــــــــــــــــ

* نحن نبرأ ونتبرأ من هذه الروايات أو العنعنات التأريخية فليس ثمة ما يُسمّى "الأحاديث النبوية" أو "القدسية" فليس ثمة حديث سوى حديث الله تبارك وتعالى وكلامه المقدّس ((فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ)) (الجاثية 6) ((فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ )) (الأعراف 185).. ففيهِ وفّى وكفى ــ وداد وطني

** ملاحظة: يقول المسيحييون: انّ المسيحيين يمجّدون المسيح والمسلمين يمجّدون محمداً، ويُدنْدِنون حولها مراراً وقد صدقوا... أقول: هذه ثرثرة الروايات والتأريخ وشنشنة المفسرين والتراثيين مع الأسف الأسيف قد رانت أوتادها على القلوب والعقول وطغت أوزارها على الأفكار والأمخاخ والصقول و (تلك اذاً هي قسمة ضيزى).. انّ مسئلة المسرى في فلسطين ومنها المعراج نحو الملكوت والعُلى ما هي الاّ ثرثرة تأريخية وتقديس للذات! رُسخت في عقول المسلمين عبر التأريخ لتوظيف تلك الهالة كردّ فعل ليس الاّ وقد أشار اليها القرءان الكريم بدقة متناهية ووضوح وبيان لمن كان له لبٌّ ناجع أو ألقى بأذنيْه وهو سامع! "وداد وطني"

*** هذا الهوس المسكون بألغام نظرية المؤامرة أصبحت تسيطر على عقولنا نحن الشرقيين وجعل الكثيرين منّا ينظرون الى الهزائم والانتصارات وكل ما يجري حولنا بنظرة التآمر والثنائية!! فلابد أن نكون دقيقين في حل تينِك الاشكاليتين ــ إشكالية نظرية المؤامرة واشكالية ثنائية المباديء والمصالح... "وداد وطني"

**** هذا كما ورد في التراث والسّيَر والروايات... وفي القرءان الكريم وُسم بالأعمى ((أن جاءه الأعمى)) حيث لم يُذكر اسمه.. وهذا من خصوصيات القرءان الكريم ــ عدم التركيز على الاسماء ــ عظةً وعبرةً كى لاتُقدّس الاشخاص وحتى لا يتعود المسلم على التقليد الأعمى المقيت ولا يتدرب المؤمن على التقديس والتأليه المميت!! "وداد وطني"

 

اجمالي القراءات 13704

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   نعمة علم الدين     في   الأحد ١٥ - أغسطس - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[50350]

روشتة التقدم ..

الأستاذ وداد وطنى


بعد النحية


الآية الكريمة


(  {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ }آل عمران110)..


هذه الآية الكريمة فيها روشتة كيف نكون خير أمة أخرجت للناس .. حيث اننا لابد أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر .. والمعروف هو ما تعارف عليه الناس ولا يختلف مع القرآن الكريم .. والمنكر هو ما انكره الناس ..ولا يختلف عن ما جاء في القرآن الكريم .


لذلك فأي دولة تريد التقدم عليها بهذين الشرطين .. ومدى تطبيق هذين الشرطين نجد الدول مرتبة في التقدم والتاخر ..


 


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2010-07-15
مقالات منشورة : 28
اجمالي القراءات : 516,169
تعليقات له : 37
تعليقات عليه : 92
بلد الميلاد : Iran
بلد الاقامة : Iraq