المصريون والبرادعي بين الحلم و .. الوهم!

محمد عبد المجيد Ýí 2010-02-17


 

أوسلو في 17 فبراير 2010

ساعاتٌ قليلة ويعلن قائدُ الطائرةِ النِمْسَاوية عن سلامةِ الوصول إلىَ مدرج مطار القاهرة الدولي.

الإيرانيون استقبلوا الإمامَ الخومَيّني في نفس هذا الشهر منذ 31 عاماً بعد حرب الكاستات التي خاضها الزعيمُ الروحي بعدما أقنع الإيرانيين بحُلم الثورة.

 

المصريون في حيرة بين حُلم لا يثور، وقائدٍ لا يظهر، فالتصفية النهائية بين الدكتور أيمن نور والدكتور أحمد زويل وعمرو موسى انتهت إلى التعادل الصفري رغم أن الأوّل رشح نفسَه فلبث في السجن بضعَ سنين، والثاني، مستشارُ الرئيس الأمريكي للعلوم، رشحَته الجماهيرُ، والثالث لا يستطيع أنْ يتحدى الرئيسَ الذي ركله إلىَ الأعلى من وزارة الخارجية إلى جامعةِ الدول العربية ليكون عينَ القاهرةِ علىَ العالم العربي.

الدكتور البرادعي أعلن منذ فترةٍ عنْ موعدِ وصولِه إلىَ قاهرة المُعز، وترَكَ المصريين يحاولون اقناعَه في استقبالهم له في المطار بأنه الأملُ الوحيدُ المتبقي.

هل تزحف الجماهيرُ المصرية المقموعة، والمقهورة، واليائسة إلى المطار لتحتضن زعيمَها القادمَ، أمْ سيصدمها الدكتور البرادعي متوجّهاً إلى القصر لاعلان وفائِه وولائِه للطاغية؟

أخماسٌ في أسداس، فالقصرُ قد يَعْرض على البرادعي مَنصِباً أكبرَ من الصغار، وأصغرَ من الكبار، ويعيد إليه اعتبارَه، ويوهمه أنه سيشارك في الاصلاح.

والبرادعي قد يقول للجماهير بأنَّ الصحافة هي التي صنعت منه بطلا، والفيس بوك وضع على لسانه أضغاثَ أحلام، وشباب 6 ابريل لم يفوّضهم العائدُ إلى الوطن أنْ يتحدثوا باسمه أو يعبّروا عن أحلام لم تدُرّ بذهنه قط!

قبضة الطاغيةِ لا ترّحَم، وليس كلُّ ظهْر يتحمل الضربَ، والثوارُ المناهضون للحكم هم الذين يصنعون الأحلامَ حتى لو تحوّلت لاحقا إلى كوابيس.

الدكتور البرادعي علىَ مرمى حجر من الوصول إلى قصر العروبة رئيساً أو مَرّؤوساً، قائدا أو مواطنا، شجاعا أو خائفا، آمِرَاً أو مُطيعا، أميرا أو خادما.

قد يصل إلى مصر ويقول بأنَّ المصريين أجبروه على التحدي الذي لا قـِبـَـل له به، وقد يحدث العكسُ ويكون البرادعي قد لعب مع الكبار بذكاء ( كما يؤمن بذلك شاعرنا الرائع عبد الرحمن يوسف)، وحدّد موعدَ وصولِه لقياس شعبيته قبل أنْ يضع نفسَه موازياً ونِدّاً وبَدْيلا للرئيس مُبارك.

مبارك وأمريكيوه وإسرائيليوه وأجهزة القمع ليسوا نائمين، فأحذية الطغاةِ تسحق من يعمل على تحقيق حلم التغيير إلى واقع.

سيكون من أسعد ايام حياتي لو تحدّىَ البرادعي بمساندة وتأييد الشعب الطاغية مبارك وابنه، لكنني لا أريد أنْ أستعجل بيعَ حبوبِ الوهم خشية أنْ أكتشف أنَّ الدكتورَ البرادعي ليس طرَفا في معركتنا مع الارهابي وكلابه الذين يحكمون شعبنا.

ساعات قليلة ثم نستيقظ أو نعود إلى النوم ربع قرن آخر.

ساعات قليلة فينحاز البرادعي إلى الشعب أو يعود إلى بيت الطاعة.

ساعات قليلة يكبر بعدها الدكتور محمد البرادعي فيصبح في قامةِ وطن أو يصغر فيضْحَىَ واحداً من ثمانين مليونا يخدمون أسرة مبارك!

زيارة البرادعي هذه المرّة أكثر أهمية من كل زياراته السابقة للمفاعلات النووية التي كان فيها زعماء وعلماء وخبراء وعقول ، أما الآن فعليه أن يتعامل مع لصوص، وبلطجية، وسجّانين، وارهابيين، وأجهزةِ قمع لا ينام ضباطها مِلَء عُيونهم قبل التلذذ بمشاهد سلخ مواطني هذا البلد الصابر.

حتى هذه اللحظة فالدكتور البرادعي لم يحسم خياره بعد، فالشياطين والملائكة سيكونون في استقباله، وسكان القصر والكوخ ينتظرونه، والكبار لا يحبّون اللعبَ معهم، والصغارُ يكرهون اللعبَ بهم.

 

محمد عبد المجيد

رئيس تحرير مجلة طائر الشمال

أوسلو النرويج

Taeralshmal@gmail.com

 

 
 
اجمالي القراءات 9892

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (6)
1   تعليق بواسطة   عبدالمجيد سالم     في   الخميس ١٨ - فبراير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[45844]

بيت الطاعة ..!!

الأستاذ الكبير محمد عبدالمجيد بعد التحية ،أحييك على هذا المقال الجديد والمبتكر والمتجدد ، بل وأحسدك على هذا التوهج والبريق الدائمين .. فتلك هي الحرية التي تصنع رجالا وبالطبع مقابل العبودية التي تصنع عبيدا .. ومصطلح ( بيت الطاعة ) هو أحسن مصطلح سمعته وقرأته يصف الوضع في مصر المنكسرة حاليا تحت حكم مبارك ، فمصر والمصريين أصبحوا في بيت طاعة مبارك .. فهل سيكسرون هذه الطاعة المهينة ويستبدلونها بمشاركة قوية وندية ظاهرة .. كلي أمل أن يتحقق هذا الخروج من بيت طاعة مبارك وذلك لأن فيه نهاية وإذلالا لمصر والمصريين .


2   تعليق بواسطة   فتحي مرزوق     في   الخميس ١٨ - فبراير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[45850]

نخشى من تكرار مأساة الفيلم المصري .

الفنانة فاتن حمامة وفيلمها الشهير الذي كلن بعنوان أريد حلاً ناقشت فيه مشكلة زوجية كان زوجها طاغية وكانت في المقابل ضعيفة فكانت زيجة فاشلة مع بقائها فترة طويلة وعندما أرادت الحل لم تستطع الوصول إليه ، ومكثت سنوات طويلة  ولم تحصل على حل بعدها،وانتهى الفيلم بنهاية مأساوية  مفتوحة ، فنخشى من تكرار هذه المأساة مع الشعب المصري وأن يطول انتظاره للحل .


3   تعليق بواسطة   محمد عبد المجيد     في   الجمعة ١٩ - فبراير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[45857]

الأستاذ عبد المجيد سالم ومعضلة بيت الطاعة للشعوب

أخي الأستاذ عبد المجيد سالم،


الطاعة لها طرفان: الأول يخيف والثاني يخاف، فإذا حدث خلل في تلك العلاقة كأن تتسلل إلى قلب الخائف  شجاعة ولو بنسبة قليلة، وأنْ تفقد العينان الحمراوان للذي يخيف قوة تأثيرهما، ففي هذه الحالة يمكن أن يحدث التمرد والعصيان.


بعض المصريين دخلوا بيت الطاعة مرغَمين، والكثيرُ منهم دخلوه طواعية.


إنها معضلة العلاقة بين المستبد والمطيع منذ أن رفض هابيل أن يقاوم أخاه إن رفع يده ليقتله.


وتقبل تحياتي ومودتي.


محمد عبد المجيد


طائر الشمال


أوسلو   النرويج


 


 


4   تعليق بواسطة   محمد عبد المجيد     في   الجمعة ١٩ - فبراير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[45858]

الأستاذ فتحي مرزوق و .. أريد حلاً!

أخي الأستاذ فتحي مرزوق،


ومن قال بأن فاتن حمامة في الفيلم أرادت حلاً؟


إنها كانت تبحث عن حل لكنها لم تكن تريده، وهكذا حال شعبنا في مصر، يبحثون رغم أن الإرادة مفقودة.


العادة تجعل كل شيء يبدو معقولا كما يقول ول ديورانت في كتابه عن الفلسفة، وطول الإنتظار هو عادة سيئة تجعل كل مسامات الجسد مترهلة ، وتشعر بلذة الاسترخاء والكسل فيوافقها العقل وينام مع الجسد كما حدث مع شعبنا لأكثر من 28 عاما!


أكثر النائمين يغضبون إنْ حاولت ايقاظهم، أليس كذلك؟


مع مودتي واحترامي.


 


محمد عبد المجيد


طائر الشمال


أوسلو   النرويج


5   تعليق بواسطة   محمد عبدالرحمن محمد     في   الإثنين ٢٢ - فبراير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[45946]

البرادعي قد اجاب على بعض الأسئلة المطروحة

 الفاضل / محمد عبد المجيد أرى أنك مصمم كعادتك على إيقاظ الغافلين تحت قمع الاستبداد وتحرير أسر العبيد من قبضة الفراعنة الظالمين هاهو الدكتور محمد البرادعي قد أجاب على بعض تساؤلاتكم التي أوردتموها في المقال  ومنها أن القصرُ قد يَعْرض على البرادعي مَنصِباً أكبرَ من الصغار، وأصغرَ من الكبار، ويعيد إليه اعتبارَه، ويوهمه أنه سيشارك في الاصلاح.


فالبرادعي قد أجاب على ذلك وقد كان قاطعاً وواضحاً للغاية عندما قال لـ«الدستور» إنه لن يقبل بأي منصب رسمي يعرض عليه لإثنائه عن الترشح للرئاسة، ليقتل بذلك المخاوف في مهدها ويؤكد للجميع أنه ليس طامعاً في منصب بعد أن كان علي رأس أهم وكالة عالمية، وأنه ما جاء إلي مصر إلا ليرد الجميل إلي وطنه، ويعمل مع بقية المخلصين من أجل إخراجه من النفق المظلم الذي يسير فيه منذ عقود ،وهو بذلك قد قطع الطريق على كثيرين ، ونحن فى لهفة وشوق لمعرفة كيف يرد البردعى الجميل لمصر ؟ وهل سيكون الزعيم المنتظر الذى يوقظ النائمين من غفلتهم أم لا ؟


وقد سئل الدكتور محمد البردعي عن البرنامج النووي المصري وقد أفاض بالإجابة وفي نهاية حديثه  قال ( المشروع النووي المصري يجب أن يناقش الآن من منظور فني وليس من منظور سياسي ).

 


6   تعليق بواسطة   محمد عبد المجيد     في   الأربعاء ٢٤ - فبراير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[45994]

الأستاذ محمود مرسي والتفاؤل بالبرادعي

أخي الأستاذ محمود مرسي،


الانتظاران في نفس مستوى الأهمية: ننتظر الخطوة الأكبر من الدكتور البرادعي والتي لا تحتمل أي لبَس أو غموض، وننتظر خطة الاحراق أو التصفية التي يُعدّ لها نظام الطاغية مبارك بالتعاون مع أمريكا وإسرائيل وقوى الارهاب في الداخل، ولكن يظل الأهم هو طلب تغيير الدستور ليصبح من حق المرشح المستقل الدكتور محمد البرادعي منافسه الديكتاتور الأب أو المستبد الابن!


مبارك على استعداد لتغيير الدستور ليضيف مادتين:


ممنوع على أي شخص لا تحمل جيناته وراثة مباشرة من صلب مبارك الترشح!


جميع الحيوانات المنوية التي تريد في المستقبل إخصاب بويضة إثبات أنها من صلب مباركي ، وبعد ذلك تحصل على تزكية بالترشح حتى لو لم تخصب بويضة!


 


وتقبل تحياتي


محمد عبد المجيد


طائر الشمال


أوسلو   النرويج


 


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-07-05
مقالات منشورة : 571
اجمالي القراءات : 5,904,204
تعليقات له : 543
تعليقات عليه : 1,339
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Norway