( 6 ) العمل للفوز برزق الآخرة :
دورالزكاة المالية ( الصدقة ) فى تزكية النفس عقيديا:

آحمد صبحي منصور Ýí 2010-02-01


مقدمة :

رزق الدنيا نوعان : رزق أساس يقيم الجسد وتقوم به حياة الانسان ، ورزق وهمى من أموال سائلة وعقارات تترك الانسان أو يتركها الانسان .

المزيد مثل هذا المقال :

وهناك رزق للآخرة هو نعيم الجنة الذى يسعى اليه المؤمن ، ومن أجله يعطى ماله يتزكى وهو حىّ  يسعى فى هذه الدنيا ، يؤمن بالله جل وعلا لا اله غيره ولا تقديس لسواه ، ويعمل الصالحات من العبادات و يتمسك بالأخلاق السامية فى التعامل مع البشر. المؤمن مريد الآخرة يعطى جزءا من الرزقOgrave;ق الوهمى المؤقت الزائل يشترى به النعيم الذى لا حد أقصى للاستمتاع به ، ولا حد أقصى لاستمراريته وخلوده .

يؤمن مريد الآخرة بوجود الجنة و النار إيمانا يدفعه للتمسك بالعمل من أجل أن يكون (صالحا ) لدخول الجنة ، ولأن يكون ناجيا من دخول النار ، ومن عناصر إيمانه بالآخرة أن يؤمن بوجود رزق الآخرة فى الجنة للذين آمنوا وعملوا الصالحات .

هذا الرزق ألأخروى فى الجنة نتعرف عليه من القرآن الكريم ، حتى يعرف المؤمن الفارق بينه وبين رزق الدنيا الوهمى .

ولأنها كثيرة تلك الآيات القرآنية التى تحدثت عن الجنة ونعيمها ورزقها وعذاب النار فإن المنهج هنا هو الاقتصار فقط على الآيات الكريمة التى وصف الله جل وعلا نعيم الجنة بأنه ( رزق ) . وهى تعطى لمحة موجزة عن نعيم الآخرة ،أو رزق أهل الجنة.

أولا : نوعا الرزق للمؤمنين بعد هذه الحياة الدنيا:

1 ـ رزق الآخرة هو موضوع هذا المقال .

ولكن نشير سريعا الىى (رزق البرزخ ) لمن مات قتلا فى سيبيل الله عزوجل،أستغفر الله العظيم ، فالله جل وعلا ينهى أن نقول عنهم أموات، لأنهم أحياء فى مستوى آخر من

الوجود فى هذا العالم ولكننا لا نشعر به ولا نراه ، يقول جل وعلا :(وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ) ( البقرة 154 ).

2 ـ ولأنهم أحياء فلا بد لهم من رزق يقيم أود حياتهم فى ذلك المستوى من الحياة الذى لا نعرفه.   ولأننا لا نشعر به ولأن الأمر يحتاج منا الى تأكيد بوجودهم أحياء يرزقون فى هذا العالم الغيبى المعاصر و الموازى لنا فإن الله جل وعلا يؤكد تلك الحقائق بصيغة التأكيد( نون التأكيد الثقيلة ) فيقول جل وعلا :(وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (آل عمران : 169).لم يقل : ( لا تحسبوا ) ولكن قال :(وَلاَ تَحْسَبَنَّ ) .

والتأكيد هنا أولا :على حياتهم عند ربهم يرزقون ، ثم التأكيد فى الآية التالية على أنهم هم الذين يحسون بنا ويحسون باخوانهم فى مستوى حياتنا نحن ، يتمنون أن يلحق بهم اخوانهم ليتمتعوا معهم بنفس الرزق فى تلك الحياة البرزخية ، يقول جل وعلا : (فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ) ( آل عمران 170 ـ ).

3 ـ ويقابل هذا الرزق و النعيم فى البرزخ (الذى لا نشعر به) عذاب آخر فى البرزخ ، (لا نشعر به أيضا) ، وهو من نصيب فرعون وآله : ( غافر 45 : 46 ) ( القصص 6 ، 8 ) و من نصيب قوم نوح :( نوح 25) ( هود 38 : 39 ). وقوم نوح وفرعون وآله هم أئمة الكفر لكل البشرية.

4 ـ نلتفت الآن لرزق أهل الجنة فى اليوم الآخر.

ثانيا : أوصاف إجمالية لرزق الجنة :

1 ـ رزق الدنيا ليس كريما ، الله تعالى وصف الحلال فى الطعام بالطيبات، ولكن هذه الطيبات من الرزق ينتهى بها الأمر الى نفايات وفضلات نعتبرها نجاسات نتطهر منها، ثم يعاد تدويرها سمادا يسهم فى الزراعة ، وحتى الجسد الانسانى نفسه يتحول بعد الموت للنفس الى جثة تتعفن و تعود الى تراب وسماد.

2 ـ الرزق الكريم الحسن ـعلى حقيقته لا يكون إلا فى الآخرة .يتكون من زاد التقوى فى الدنيا ، وهو التزكية بالعمل الصالح.والنفس المطمئنة التى تدخل الجنة سيكون جسدها

هو عملها الصالح فى الدنيا ، أى يتحول العمل الصالح الى نور يتخلل نفس صاحبه وتتجسد فيه نفس صاحبه فى الآخرة، وبهذا النور تكون درجة قربه من الله جل وعلا ، فالأعلى درجة هم المقربون السابقون ، والأقل درجة هم أصحاب اليمين ( الواقعة 1 ـ )، وجميعهم متقون فى مقعد صدق عند مليك مقتدر(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ)(القمر54 :55).  

3 ـ هذا المستوى لا نستطيع الآن تصور عناصر النعيم فيه من الرزق،ولكنه موصوف بأنه كريم و حسن ،حسب فهمنا الدنيوى.

3 / 1 ـ نعيم الجنة رزق كريم: يقول جل وعلا عمّن قضى حياته مؤمنا مهاجرا مجاهدا مضحيا:(وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)(الأنفال 74) .أى لهم غفران لما سلف من السيئات ، وبالمغفرة ينجو من النار ،ويدخل الجنة يتمتع فيها برزق كريم .

 3  / 2 ـ نعيم الجنة رزق حسن: ويقول جل وعلا (وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا ) ( الطلاق 11) .فهنا وصف للجنة بأن الله تعالى قد أحسن رزق أهلها.ونحوها قوله جل وعلا (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ لَيُدْخِلَنَّهُم مُّدْخَلا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ ) ( الحج 57 : 59) فالوصف هنا لنعيم الجنة بالرزق الحسن ، يرزقه لهم الله جل وعلا وهو خير الرازقين.

 

ثالثا : أوصاف تفصيلية لرزق أهل الجنة :

ونتوقف مع بعض لمحات عن وصف رزق اهل الجنة :

 يقول جل وعلا :(وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ  ) ( غافر 40)

هنا المساواة المطلقة فى المسئولية والحساب والثواب والعقاب بين الذكر والانثى ، ثم تكون المساواة المطلقة فى الآخرة ، حيث لا ذكر ولا أنثى بل جنس واحد يتنعم بالجنة أو يتعذب بالنار . الجديد هنا أن ذلك رزق الجنة الخالد ( من حيث الزمن ) ليس له حد أقصى أو حساب من حيث الكيف أو الكم.

2 ـ يقول تعالى :(وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)( البقرة 25 ).

2 / 1 فالرزق هنا متجدد ومتنوع ومختلف من الثمرة الواحدة ، أى هو متشابه ومختلف و

متجدد فى نفس الوقت. وهى نوعية لا نعرفها فى حياتنا الدنيا. (كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهًا).

2 /2 . ثم يتمتعون بما خلق الله جل وعلا لهم من حور عين لم تكن موجودة من قبل فى هذه الحياة الدنيا ،إذ سيكون أصحاب الجنة جنسا واحدا بعد انتهاء الدنيا بمافيها من زوجية الذكر والأنثى ، هذه الزوجية تحمل بذور البقاء المرحلى والتجدد الوقتى ثم الفناء فى طبيعة هذه الحياة التى هى بطبيعتها مرحلية ووقتية وزائلة ،أى تجمع بين خاصيتى التكاثر (الحياة)والموت فى نفس الوقت ، الى أن يأتى تدمير العالم وانتهاء (يوم الدنيا ) المؤقت ومجىء ( اليوم الآخر )الخالد.

تأتى الآخرة بالخلود حيث لاموت ولا تكاثر بل يكون الناس بين :عذاب أبدى ، يمتزج فيه العذاب بجسد الذى يعانى العذاب ،أو بنعيم أبدى بنفوس مطمئنة خالدة ، ومن خلال جسدها النورانى تتمتع بالحور العين .

الحور العين مخلوقات لم تخلق بعد ، لهن صفات لا توجد فى إناث الدنيا، ينتمين الى عالم أخروى الذى سيتم خلقهن فيه، وقد يأتى التفصيل عنهن فى مقال مستقل ، ولكن جاءت إشارة عنهن بأنهن أزواج مطهرون، (وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ) أى المطهرات مما كان يلحق بالذكر والانثى فى الدنيا من نجاسات وقاذورات ، ( فالعورات ) فى الدنيا هى موضع اللذات وموضع النجاسات أيضا.

نحن لا ندرى شيئا عن مفردات رزق الجنة ونعيمها سوى التصوير المجازى له فى القرآن الكريم ، و الأسماء التى أطلقها رب العزة عليها لتقريب غيب الآخرة لنا .

2 / 3 ـ وقوله جل وعلا (وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) يعلل الاختلاف بين رزق الجنة و نعيمها وبين ما نعرفه فى هذا العالم الدنيوى . فنحن وكل ما نراه ونتغذى عليه تسرى عليه دورة التكاثر والموت الى أن ينتهى هذا العالم ويأتى عالم آخر ، هو اليوم الآخر الذى له بداية و

ليست له نهاية بل خلود أبدى  لأصحاب الجنة وعناصر رزقهم ، ولأصحاب النار وعناصر تعذيبهم ، ويجب على مريد الآخرة أن يعمل لها ويستعد من أجلها بتزكية النفس لتكون صالحة لرزق الجنة .

2 / 4 ـ ولكن مداركنا مرتبطة بهذا العالم المادى المشهود ( عالم الشهادة ) وما سيأتى يوم القيامة هو غيب مؤجل لم يحدث بعد ، وبالتالى فكيفية الرزق والنعيم لا يمكن تخيلها ، ويأتى الحديث القرآنى عنها بلغة البشر للتقريب مستعملا لغة المجاز.

وهذا يعطى فرصة رائعة لأعداء القرآن الكريم للتندر والسخرية والسعى فى آيات الله معاجزين،  مع أننا لو طلبنا من أحدهم أن يعبر بلغته البشرية عن المعانى التى يحس بها ما استطاع ، لوقيل صف اللذة الجنسية ،أو صف الفارق بين طعم بين نوعين من البقول ما استطاع،مع أنه يعرف ويحس بالطعم ، ولكن اللغة البشرية قاصرة على وصف الأحاسيس والمعانى مما نسمع من الموسيقى ومما نتذوق من الطعام ومما نرى من المناظر،ومما نحس من متعة وعذاب  ـ

هذا فى عالمنا المادى الذى نعيشه فكيف بعالم غيبى لم يتم خلقه بعد ؟.

3 ـ ويقول جل وعلا :(جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلاَّ سَلامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا ) (مريم 61 : 63  ) ، فالجنة هنا وعد الاهى غيبى ولكن سيتحقق .

3 / 1 ـ وكونه غيبيا يعنى أنه ليس من عالم الشهادة و المشاهدة ،التى هى سمة عالمنا المادى ، وبالتالى فإنه لا يمكن لمداركنا أن تتخيل هذا العالم الغيبى المحجوب عنا .

3 / 2 ـ وهو ليس مجرد عالم غيبى محجوب عنا ، مثل غيب السماوات والأرض الموجودة حاليا ومثل غيب البرزخ وعوالم الجن والملائكة التى تعيش معنا ولكن فى مستويات أخرى متداخلة أو متوازية مع عالمنا ، إن غيب الآخرة والجنة و النار غيب أعمق وأدق وأبعد لأنه عالم لم يأت أوانه بعد ، ولم يخلق الله ناره بعد ، ولم يخلق جنته بعد .فنعيم الجنة سيكون جزءا من النسيج الحىّ لأصحاب أهل الجنة بمجرد دخولهم الجنة، أما أصحاب النار فستكون أجسادهم وقود النار ، وبهم وبأجسادهم يبدأ ويستمر إشعال النار أبد الآبدين.

 

3 / 3 ـ وليس فى الجنة لغو ولا ما يسىء من الكلام ، بل تداول التحية بالسلام ، وليس عليهم تكلف السعى للرزق بل يأتيهم فى مواعيدة صباحا ومساءا .

3 / 4 ـ هذه الجنة التى يرثها المتقون فى كل زمان ومكان .

أخيرا :

1 ـ لن يدخل الجنة إلا من كان تقيا (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا)(مريم 63) .

2 ـ وتحديد المتقى ليس فى هذه الدنيا ، ومن يزكى نفسه بمجرد الكلام ويمدحها بالتقوى  فى هذه الدنيا يكون عاصيا لرب العزة الذى نهى عن تزكية النفس بالتقوى (فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ) (النجم 32) (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا ) ( النساء 49 : 50).

3 ـ تتحدد التقوى بعمل الفرد الصالح وإيمانه الخالص ، وتأتى المحصلة النهائية للفائز بأن يموت وقد أسلم لله جل وعلا قلبه خالصا التقديس و العبادة له جل وعلا وحده ، وأن تسلم جوارحه من الاعتداء والظلم والبغى والعصيان . وهذه العملية تسمى ( التزكية ) أو ( التطهر ) أو ( التقوى )

4 ـ والمؤمن فى هذه الدنيا هو الذى يحاول أن يتطهر ويتزكى فى الدنيا استعدادا لليوم الآخر ، ليسعد بجسد نورانى يكون به صالحا لنعيم الجنة ورزق الجنة.

5 ـ وطريقته فى التزكية فى الدنيا هى استغلال كل نعم الله عليه من رزق اساس ( صحة وعافية وجسد وشباب وذكماء ومعرفة ) ورزق وهمى (مال وعقارات وسندان وأسهم وأرصدة ..الخ ) فى الفوز بالآخرة بأن يؤتى ماله يتزكى وأن يبيع الله جل وعلا ماله ونفسه مقابل أن يفوز بالجنة مع من أنعم الله تعالى عليهم (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ )( النساء 69 ) .

6 ـ وثمرة التزكية فى الآخرة أن يتمتع المؤمن بجسد نورانى يشع فى وجهه بياضا عكس مريد الدنيا :(يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ

فِيهَا خَالِدُونَ ) ( آل عمران 106 : 107)،( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ ) ( عبس 38 ـ  ) .

وأن يصحبه النور يسعى بين يديه وحواليه (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ  )( الحديد 12).

7 ـ وبهذا دعا الله جل وعلا المؤمنين فى الدنيا للتوبة والتطهر والتزكى لكى يفوزوا بثمرة التزكية فى الآخرة :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )(التحريم 8) .

8 ـ بهذه التزكية وبالتضحية ببعض الرزق الوهمى الدنيوى يتمتع برزق الجنة الذى لا تدركه عقولنا الآن.

اجمالي القراءات 12622

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (5)
1   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الثلاثاء ٠٢ - فبراير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[45434]

رزق البرزخ

ينهى الله تعالى عن تسمية من قتل في سبيل الله  بالميت ويؤكد رب العزة على حياتهم ولكن بدون أن نشعر بهم  . هل بترقيهم عن البشر العاديين  لذا إننا لا نشعر بهم  وهم يشعرون بنا  ؟ علما ان في الكون مخلوقات تتمكن من رؤيتنا ولم نبادلهم نفس الرؤية : ذلك ما وصفه القرآن عندما كانت الآيات تتحدث عن غواية الشيطان ورؤيته لنا هو وقبيله  من حيث لا نراهم  : {يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ }الأعراف27


طبعا الذين قتلوا في سبيل الله ليسووا هم الشهداء كما هو مشهور عنهم ، نريد معرفة المزيد عن الذين قتلوا في سبيل الله  من هم بالتقريب ؟


2   تعليق بواسطة   نورا الحسيني     في   الأربعاء ٠٣ - فبراير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[45447]

الحور العين .

من خلال القراءة في هذا  البحث القيم  فهمت أن الحور العين لها طبيعة مختلفة عن إناث الدنيا  ولهن صفات لا توجد فى إناث الدنيا، ينتمين الى عالم أخروى الذى سيتم خلقهن فيه،   {مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ }الطور20. {حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ }الرحمن72. {كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ }الدخان54.


فهل نفهم من ذلك أنهم بدل إناث  وهل هذا للرجال فقط الذين لا يكون معهم زوجاتهم .


ولكن ما موقف الإناث التي لم تتزوج ، أو التي  لا يكون معها زوجها في الجنة فما وضعها في هذه الحالة ؟؟ .فعدل الله تبارك وتعالى يقتضي أن يكون للأنثى  مثل ما للرجل .


ننتظر الإجابة في البحث الذي سوف يكون عن الحور العين إن شاء الله تعالى ونرجوا أن يكون قريباً .


وجزيل الشكر  للدكتور أحمد صبحي على جهوده الهادفة والنافعة لنا ولآخرتنا .


3   تعليق بواسطة   sara hamid     في   الأربعاء ٠٣ - فبراير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[45476]

اللهم تقبل منا صالح الاعمال

بارك الله تعالى فيك دكتور احمد


انا يعجبني ما تكتبه عن عالم البرزخ والاخرة -حيث احلق عاليا في ذالك الملكوت الطاهر


واتذكر بعض تفسيرات الدكتور مصطفى محمود رحمه الله لعالم الغيب خاصة عند تفسيره للظواهر الكونية


انا في شوق لما ستكتبه عن حور العين باذن الله- لا لشيئ وانما لانك ذكرت ذالك في المقال


اعانك الله وتقبل منك صالح الاعمال


4   تعليق بواسطة   ايناس عثمان     في   الجمعة ٠٥ - فبراير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[45516]

رزق الدنيا أم الآخرة سؤال للدكتور أحمد

الدكتور أحمد صبحي  تحدثت عن بعض لمحات عن وصف رزق أهل الجنة فقلت : ونتوقف مع بعض لمحات عن وصف رزق اهل الجنة :

1ـ يقول جل وعلا :(وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ) ( غافر 40)


أريد أن أسأل هل وصف الرزق بأنه " بغير حساب  "خاص بأهل الجنة يوم الدين فقط  ؟ إذا كان الجواب بنعم فماذا عن الآية التي جاءت على لسان مريم :" إن الله يرزق من يشاء بغير حساب  " ؟ ولك جزيل الشكر


5   تعليق بواسطة   أيمن عباس     في   السبت ٠٦ - فبراير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[45545]

آل فرعون وخصوصية العذاب في البرزخ .

  الدكتور الفاضل / أحمد صبحي  منصور  قرأت البحث  مرات عديدة وتوقفت عند هذا الجزء منه (ويقابل هذا الرزق و النعيم فى البرزخ (الذى لا نشعر به) عذاب آخر فى البرزخ ، (لا نشعر به أيضا) ، وهو من نصيب فرعون وآله : ( غافر 45 : 46 ) ( القصص 6 ، 8 ) و من نصيب قوم نوح :( نوح 25) ( هود 38 : 39 ). وقوم نوح وفرعون وآله هم أئمة الكفر لكل البشرية.)

  فعذاب البزخ لآل فرعون كما هو واضح من الآيات الكريمة {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ )45{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ }غافر46. فعذاب البرزخ لآل فرعون واضح من الآيات .


فهل هذه الآيات من سورة هود  المقصود بالعذاب المقيم أنه دائم في البرزخ .{وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ )38 {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ }هود39.


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4981
اجمالي القراءات : 53,342,522
تعليقات له : 5,323
تعليقات عليه : 14,622
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي