وللحرية الحمراء باب.. بكل يد مُضرجة يدق

سعد الدين ابراهيم Ýí 2009-06-27


صادف وجودى فى العاصمة الأمريكية واشنطن، يوم السبت ٢٠ يونيو ٢٠٠٩، وهو اليوم الذى نظم فيه الإيرانيون فى مشارق الأرض ومغاربها مظاهرات احتجاج ضد سلطة آيات الله فى طهران، لما يعتقده معظمهم أن أصواتهم قد سُرقت فى الانتخابات الرئاسية التى عقدت قبل أسبوع (١٢/٦/٢٠٠٩) من مرشحى المعارضة لصالح الرئيس أحمدى نجاد! خاصة من المرشح مير حسين موسوى.



وقد بدأت تلك المظاهرات فى طوكيو «اليابان» وسيول «كوريا»، شرقًا، مرورًا بروما وباريس وبرلين ولندن وسطًا، وواشنط&au;ن ولوس أنجلوس غربًا، ويصل حجم الجاليات الإيرانية خارج إيران إلى حوالى عشرة ملايين - غادر أو هرب معظمهم احتجاجًا أو خوفًا من الشاه، قبل ١٩٧٩، أو احتجاجًا وخوفًا من الثورة الإيرانية الإسلامية التى اقتلعت الشاه، وتحكم إيران باسم الإسلام منذ ذلك الوقت.

وقد عرف العالم منذ عام ١٩٧٩ لأول مرة نوع «الدولة الثيوقراطية» الإسلامية، ونقول لأول مرة، لأن المسلمين طوال ١٤ قرنًا هى كل تاريخهم لم يحكمهم رجال الدين. فالإسلام، بعكس اليهودية والمسيحية، لا يوجد فيه «كهنوت»، ولا طبقة متخصصة من رجال الدين، فحتى فى ظل عهد النبوة والخلفاء الراشدين، ومع تطبيق الشريعة، لم يكن رجال الدين يحكمون، ولكن الذين كانوا يحكمون كانوا أشخاصًا يفهمون فرائض وأحكام الدين، كما فهموها من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.

ومع عهد الفتنة الكبرى بعد مقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان، وانقسام المسلمين إلى أتباع لعلى بن أبى طالب ومعارضين له من أتباع معاوية بن أبى سفيان، تطور هذا الانقسام إلى مذهبين رئيسيين، سيعرفان فيما بعد باسم «الشيعة»، و«السنة»، وجاء اسم الشيعة نسبة إلى أولئك الذين تشيعوا لعلى بن أبى طالب ونجليه، الحسن والحسين، ابنى فاطمة الزهراء، بنت الرسول صلى الله عليه وسلم،

ولطول عهد الشيعة فى المعارضة السياسية فى العهود المتعاقبة للدولة الإسلامية، فإن فقهاءهم أصبحوا فئة متخصصة فى أمور مذهبهم، وتتمتع بنفوذ روحى واجتماعى كبيرين على أتباع المذهب، وظل أتباع المذهب الشيعى أقلية عددية فى معظم البلدان الإسلامية، وعليه فإيران كانت الاستثناء الكبير، حيث إن معظم أبنائها كانوا أتباعًا مخلصين للمذهب الشيعى.

وقد زرت إيران مرة واحدة فى حياتى، وذلك فى الأسبوع الأخير من ديسمبر ١٩٧٨، والأسبوع الأول من يناير ١٩٧٩، ورأيت المشهد الأول، لما سيصبح خلال نفس العام ثورة شعبية، تنهى حكم أسرة الشاه، وتبدأ نظامًا جديدًا، غيّر اسم البلاد إلى «جمهورية إيران الإسلامية»، وكان ذلك حدثًا جليلاً، غيّر إيران، والشرق الأوسط، والعالم، خلال العقود الثلاثة التالية.

كانت زيارتى تلك، بدعوة من الشاه محمد رضا بهلوى، ضمن عشرين شخصية أكاديمية، من مختلف أنحاء العالم، إذ بتعبير أدق من كبريات الجامعات وأشهرها على الإطلاق - مثل هارفارد، وبرنستون، والسوربون، وأكسفورد وكمبردج، وكان ثلثا المدعوين من الحائزين على جوائز نوبل فى العلوم الطبيعية والطبية والاقتصادية، وكنت ضمن الثلث المتخصصين فى العلوم الاجتماعية والإنسانية، كذلك كنت المصرى والعربى الوحيد، وكنت الأصغر سنًا بين هذه الكوكبة، حيث لم أكن قد تجاوزت الأربعين إلا قبلها بأيام.

أما لماذا قام الشاه بدعوة هؤلاء جميعًا، ولمدة أسبوعين كاملين فى ضيافة ملكية مُعتبرة؟

كان محمد رضا بهلوى «حالمًا»، مع نزعة مسرفة بالعظمة، ورغبة جامحة فى الخلود، فقبل زيارتنا بعدة سنوات، مثلاً، أقام احتفالات صاخبة بمناسبة الذكرى الألفين لإعلان «الملكية» فى بلاد فارس، وهو الإمبراطور «سايروس الأول»، الذى كان العرب يطلقون عليه اسم «قمبيز»، ويلقبونه باسم «كسرى»، وقد دعا الشاه إلى ذلك الاحتفال كل ملوك ورؤساء العالم، ولبى معظمهم الدعوة، ومنهم الرئيس المصرى الراحل أنور السادات،

كان الشاه محمد رضا بهلوى يريد أن يوحى لشعبه وللعالم بأنه سليل هؤلاء الأكاسرة، رغم أنه ليس كذلك، فهو ابن «رضا» الذى كان ضابطًا فى الجيش الإيرانى، واغتصب السلطة فى انقلاب، ألغى به حكم أسرة «المكثار» التى حكمت إيران لعدة قرون، إن الشاه محمد رضا كان الوريث لأبيه الضابط الانقلابى، أى أن العُمر الحقيقى لأسرته لا يتجاوز جيلين.

وضمن ما أراده الشاه الابن، «محمد رضا» كان تخليد اسم ابيه «رضا»، الضابط الانقلابى الذى استولى على السلطة، وأعلن نفسه ملكًا «شاه» وقد أراد الشاه الابن أن ينشئ جامعة عتيدة، تحمل اسم الشاه الأب، وتسمى «جامعة الشاه رضا الكبير» لذلك دعا هذه المجموعة من الأكاديميين للمساهمة فى التخطيط لمشروع تلك الجامعة، التى أراد لها أن تكون فى مصاف أعظم جامعات العالم - مثل هارفارد وكمبردج وأكسفورد والسوربون.

ومرة أخرى، تلعب الصدفة وحدها دورًا أكون بمقتضاه شاهدًا على انتهاء عهد وبداية عهد جديد فى إيران، فخلال نفس الأسبوعين، زار الرئيس الأمريكى جيمى كارتر إيران، واستقبله الشاه محمد رضا بهلوى استقبالاً حافلاً، وبادله كارتر بكلمات طيبة، كان أهمها أن الشاه جعل من إيران قوة إقليمية عظمى، وأنها أصبحت عماد الاستقرار فى منطقة الخليج. هذا، رغم أنه كان هناك معارضون كثيرون للشاه داخل إيران وخارجها.

وقد انتهز المعارضون فرصة زيارة الرئيس الأمريكى لتنظيم مظاهرة سلمية أمام مقر إقامته وسط العاصمة طهران، وحاول الشاه بدوره أن يبدو متحضرًا أمام ضيفه الأمريكى، فسمحت السلطات الأمنية الإيرانية- لا فقط- بالمظاهرة، وإنما أيضًا بحمايتها، مثلما يحدث تمامًا فى البلدان الديمقراطية،

وكان المشهد بالفعل حضاريًا ومشرفًا، ولكن بعد أسبوع من مغادرة كارتر لطهران، حينما عادت قوى المعارضة للتظاهر فى طهران، ففتحت عليها قوات البوليس السرى «سافاك»، النيران فأردت منهم عشرات القتلى ومئات الجرحى، وكنت أيضًا أحد شهود هذا المنظر الدموى من شرفة فندق سميراميس طهران.

لم أدرك فى ذلك اليوم من يناير ١٩٧٩، أن تلك كانت الشرارة الأولى فى مسلسل سيتكرر كل أربعين يومًا، ولذكرى الأربعين عند الشيعة مغزى خاص جدًا منذ مقتل الحسين، والتمثيل بجثته على يد يزيد بن معاوية وأنصاره، ومع كل ذكرى الأربعين لمجموعة من الشهداء كانت الجماهير التى تحتفى بالذكرى تتضاعف حجمًا وغضبًا، وكان يغذيها آية الله روح الله الخومينى من منفاه فى إحدى ضواحى باريس، من خلال أشرطة الكاسيت،

إلى أن تحولت المظاهرات إلى أعداد مليونية تواجه القوات الأمنية للشرطة والمباحث السرية «السافاك»، ومع خريف ١٩٧٩، أصبح حجم المظاهرات ودوى هتافاتها الصاخبة يخيفان قوات الأمن نفسها، فلجأ الشاه إلى طلبة الكليات العسكرية، وبينما رفض هؤلاء الطلبة إطلاق النار على المتظاهرين، أدرك الشاه أن خط دفاعه الأخير قد تهاوى، فاستقل الطائرة هو وأسرته، وهرب من إيران، وفى الأثناء نفسها كان آية الله الخومينى يهبط بطائرة فرنسية خاصة فى مطار مهاباد بطهران.

كان الإيرانيون المتظاهرون فى العواصم الديمقراطية من سويسرا وواشنطن، فى تضامنهم مع أمثالهم فى شوارع طهران، يشعرون بالفخر والاعتداد بأن شعبهم بعد طول المطاف، قد هب فى انتفاضة شعبية من أجل «الديمقراطية»، وكان معظم الإيرانيين فى تلك العواصم يشعرون بالخجل من كونهم إيرانيين بسبب ما أظهره زعماء الثورة الإيرانية من تزمت فى الفكر، وتشدد فى الممارسات،

وهو ما جعل إيران تبدو مجتمعًا متخلفًا، ويزداد ارتدادًا إلى القرون الوسطى، أما الآن، فإن المتظاهرين فى الغرب يتضامنون مع أقرانهم فى الوطن الأم، ومن أحاديثى معهم خلال المسيرة من مقر السفارة الإيرانية القديمة فى حى جورجتاون إلى البيت الأبيض أدركت أنهم مع ترحيبهم بانضمام كثير من الأمريكيين إلى المظاهرة،

إلا أنهم يريدون لأمريكا الرسمية أن تظل بعيدة عن الانتفاضة الديمقراطية فى إيران وذلك حتى لا يستغل «آيات الله»، الذين يحكمون فى طهران، أى تأييد أمريكى رسمى لتشويه وجه الانتفاضة، ودمغها بأنها صناعة أمريكية وعربية.

ومع سقوط عشرات الشهداء والشهيدات خلال الأسبوع الأول للانتفاضة الديمقراطية، برز اسم وصورة الفتاة «ندا سلطان» كرمز للاستشهاد - يجرى تشبيهها بفاطمة الزهراء- وردد المتظاهرون شعارات تحتفى بدور المرأة الإيرانية فى الانتفاضة الديمقراطية، وكانت زوجة قطب مرشحى المعارضة مير حسين موسوى قد لعبت دورًا محوريًا فى تعبئة النساء الإيرانيات للمشاركة فى الانتخابات، ثم فى المظاهرات..

وأصبحت دماء ندا سلطان، التى سقطت برصاص عناصر الأمن الإيرانية، رمزًا لحركة ديمقراطية شابة، ويواجه أعضاء هذه الحركة «آيات الله» المعمرين الذين يتحكمون فى مؤسسات الدولة الإيرانية الإعلامية والقمعية والمالية ولا يملك الشباب الإيرانى فى هذه المواجهة إلا عقولهم وعواطفهم ومهاراتهم التدوينية على الشبكات الإلكترونية «العنكبوتية»،

ولذلك لم يكن مستغربًا أن تقوم السلطات الإيرانية بإغلاق هذه الشبكات على الأراضى والأجواء الإيرانية، منذ اليوم الثانى للمظاهرات «١٤/٦».

وجدير بالذكر أن المدونين المصريين والعرب خفوا إلـى نجدة أقرانهم الإيرانيين فى مشهد نادر للتضامن الإقليمى بين القوى الشبابية الساعية للتعبير عبر الحدود القطرية، ويبدو أن ذلك، مع نتائج الانتخابات اللبنانية والكويتية، يشير إلى بذور جنينية لشىء أكبر فى الأفق،

وربما أشبه بما حدث فى أوروبا الشرقية منذ عقدين، وربما سيكون هناك شهداء وشهيدات مثل ندا سلطان، وصدق أمير الشعراء حينما أكد لنا فى قصيدة عصماء «للحرية باب بكل يد مضرجة يدق». والله أعلم.

اجمالي القراءات 31925

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (8)
1   تعليق بواسطة   عابد اسير     في   الأحد ٢٨ - يونيو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[40548]

آيات الله الإيرانيين والإسلام والحل المزعوم

ما فعله من سموا أنفسهم إسلاميون فى إيران  وكذلك الوهابيون فى السعودية هو السيناريوا الذى ينتظرنا إذا قفز الإخوان على السلطة فى مصر بإسم الدين الذى هو برىء من إفتراءاتهم التى يلصقونها ظلما وبهتانا بالدين الحنيف فهم يرفعون شعار الإسلام هو الحل وأعتقد أنهم يقصدون بهذا الشعار ليس الحل فى سبيل الإصلاح  لأن الإسلام الذى يناذون به ويرفعونه شعارا لهم أبعد ما يكون عن الإسلام الذى أنزله الله ليخرج الناس من الظلمات الى النورولكنه إسلام مفترى من صناعتهم وأكاذيبهم


ولكن الحل الذى يقصدونه هو الحل الذى يمكنهم من إغتصاب الحكم الذى يحلمون به ويطمحون إليه  كى يمكنهم من ركوب ظهور شعوبهم فتلهبها سياط إستبدادهم وكهنوت جهلهم


نسأل الله أن ينجينا من  طموحاتهم و أطماعهم وجهلهم 


2   تعليق بواسطة   AMAL ( HOPE )     في   الأحد ٢٨ - يونيو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[40567]

سيدي الفاضل د. أحمد صبحي منصور المحترم

تحية صادقة ,


العبارة التالية : (( فالإسلام، بعكس اليهودية والمسيحية، لا يوجد فيه «كهنوت»، ولا طبقة متخصصة من رجال الدين ))


وجدتها في المقال اعلاه .  وقد ارسلت لحضرتك سؤالا يتعلق بها في باب الفتاوي  , أرجو ان تجيبني عليه ,  مع جزيل الشكر والامتنان لحضرتك.


دمت بالف خير وفرح


أمل


3   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الإثنين ٢٩ - يونيو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[40606]

أهلا بالأخت العزيزة أمل .. وأقول

أنت أختنا العزيزة أدرى بالمسيحية وأن ما لله لله وما لقيصر لقيصر ، ومع وجود هذا الفصل بين الكنيسة و الدولة فقد تعاظم الدور السياسى للكنيسة الكاثولوكية فى العصور الوسطى مما أسفر عن ثورة مارتن لوثر الاصلاحية ، وتبعه لوزنجلى وكالفن ،وجدّ  أنقسام فى الكنيسة الأوربية الغربية لا يزال موجودا ، ومتشعبا .


الاسلام فيه دولة لاقامة العدل وحرية الرأى و الفكر و العقيدة ليكون الدين خالصا لله تعالى يحكم فيه يوم القيامة بين الناس فيما كانوا فيه فى الدنيا مختلفين . كتبنا فى هذا وأكّدنا التناقض بين دولة الاسلام القائمة على العدل والحرية و السلام وحقوق الانسان وبين الدول المستبدة التى أقامها المسلمون بدءا من الدولة الأموية الى الدولة الدينية فى الجزيرة العربية وايران .


أى كما ترين ـ أختنا العزيزة الفاضلة ـ هى نفس العادة السيئة فى استغلال الدين فى أغراض دنيوية ، والخروج به عن هدفه و قيمه العليا وتشريعاته المثلى . أى تحويل الدين من دعوة للخير الى دعوة للقتل والكراهية و القتل والظلم . وكلنا فى هذا الهمّ سواء .. وشركاء.


4   تعليق بواسطة   مهندس نورالدين محمد     في   الإثنين ٢٩ - يونيو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[40618]

عذرا د.ابراهيم

مع كل الاحترام للدكتور سعد الدين ابراهيم ...ليس صحيحا على الاطلاق <أن المسلمين طوال 14قرنا هي كل تاريخهم لم يحكمهم رجال الدين > بل الصحيح أن المسلمين لم  يحكمهم الا رجال الدين الانادرا جدا ولكن من وراء الستار وهذا هو السبب الرئيسي لما نحن عليه من يباب وخراب ورحم الله الامام محمد عبده الذي قال :


لكنه دين أردت صلاحه          مخافة أن تقضي عليه العمائم


وعلى كل حال فأفضل ما في المقال الكلمتان الأخيرتان


 


5   تعليق بواسطة   AMAL ( HOPE )     في   الإثنين ٠٦ - يوليو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[40761]

سيدي الفاضل الدكتور أحمد صبحي منصور , شكرا جزيلا للرد , ولكن

اولا, طاب يومك بكل خير ,

وثانيا , اعتذر لتأخري بشكرك على الرد وذلك لظروف خاصة تتعلق بي , وثالثا , عفوا , لم يكن هذا سؤالي لحضرتك . 

سيدي الفاضل , جاء في تعليق حضرتك مالله لله وما لقيصر لقيصر ,وعبارة السيد المسيح هي اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله , اي ان كلامه واضح جدا فعلاقة الانسان بالله جلت قدرته علاقة خاصة جدا ويترتب عليها امور وواجبات يجب ان نقوم بها وباكمل وجه , وقيصر لا يمثل الا الدولة بكافة مناحيها الدنيوية اذا صح التعبير وعلينا ايضا اكمال كافة واجباتنا اتجاهها من دون الخلط بين بما لقيصر وبما لله . ورجال الدين المسيحيون اخطأوا في القرون الوسطى بتسلطهم على الحكم انذاك وكانت النتيجة ولعدم تقيدهم بكلام المسيح سيئةعلى مجتمعاتهم وبما جلبت عليهم من حروب ومأسي لهم ولشعوبهم في تلك الحقبة من الزمان .

سيدي الفاضل , انا بأعتقادي بأن الدول الاسلامية  ( ما عدا البعض )  الان تعيش فترة القرون الوسطى التي عاشتها أوربا والدليل ما يحصل في العراق وافغانستان والصومال والسعودية وحتى في مصر . ان كانت اوربا اخطأت قبل اكثر من 500 عام وتجاوزت تلك الفترة فالاخوة المسلمين الان يمرون بتلك الحالة الخاطئة وهذا حسب تصوري طبعا .

اما سؤالي فكان عن العبارة التي وردت في المقالة (( فالإسلام، بعكس اليهودية والمسيحية، لا يوجد فيه «كهنوت»، ولا طبقة متخصصة من رجال الدين )) كلمة كهنوت وحسب معرفتي هي تخصص مجموعة من الناس , دارسة ومتعمقة في الكتاب المقدس وتتولى شؤون الناس من تعليم في الامور الروحية واقامة شعائر العبادة في الكنائس وحالات الزواج والوفاة والرعاية الروحية للناس . وفي هذه المجموعة البشرية قد يظهر ناس تغلط وتحاسبهم الكنيسة وانهم في الاول والاخير بشر . وحتى السيد المسيح وبخ رجال الدين اليهود انذاك لتعصبهم وتحميل الناس امور اكثر من طاقتهم وتبعدهم عن عبادة الله , ولكن من المؤكد ايضا كان يوجد رجال دين غير متعصبين وفهموا الدين بالشكل الصحيح .

وتساؤلي كان , لماذا الدكتور سعد , وبالحقيقة ليس كلامه فقط  فقد سمعته الاف المرات فالاخوة المسلمين يحاولون ابعاد حالة وجود الكهنوت في الدين الاسلامي , لو سمينا رجل الدين المسيحي بالكاهن , فبالمقابل ماذا يمثل او ما هو تخصص او لنقل وظيفة الشيخ والامام والداعية والمفتي وعالم دين في الدين الاسلامي اليس هذا يقابل الكهنوت في المسيحية .

ما اريد ان اقوله هو كما انه في اي مجال في الحياة سواء كان الطب او الهندسة او التعليم او القضاء او اي مجال هناك ناس متخصصين به ويفهمونه كذلك في مجال الدين هناك الاشخاص المتخصصة به .

فلو وجد الكهنوت في المسيحية فهناك الحاخامات ( لست متأكدة) او اي اسم اخر لرجل الدين اليهودي وفي الاسلام هناك الشيخ والامام والداعية ووو وفي البوذية هناك رهبانهم وووو واكيد في جميع الاديان يوجد اشخاص يتولون امور الدين .

المطلوب من من يقوم بهذا العمل ( سواء كان الكاهن في المسيحية او الشيخ في الاسلام او الحاخام في اليهود او ما يقابلهم في الاديان الاخرى ) ان يساعد ويعلم الناس الطريق الصحيح لعبادة الله لا ان يكون حجر عثرة والسبب في هلاك هذه النفوس .


 توجد تكملة رجاءا


6   تعليق بواسطة   AMAL ( HOPE )     في   الإثنين ٠٦ - يوليو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[40762]

تكملة الرد

السيد المسيح قال للرسول بطرس انت الصخرة وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي . واعتقد الكنيسة اعتمدت على قول المسيح الذي ذكرته واوجدت منصب البابا ( وهذا ايضا حسب ما اعتقد ) ليتولى امور جماعة المؤمنين بالمسيح والذي نسميه الكنيسة  . وأن اخطأ او يخطئ بعد الكهنة فهذا خطأهم ولا اعتقد بوجود اي سفينة من غير قائد والا غرقت , ولكن في نفس الوقت يجب ان يكون هذا القائد حكيما فاهما ولا يقود السفينة ومن فيها لاعماق البحر .

سيدي الفاضل د. أحمد , لقد فهمت قصد حضرتك وما عنيته بان لا يوجد نص في القرأن لوجوب وجود وما يطلق عليه ويقابله في المسيحية الكهنوت , ولكن ,(هذا طبعا ما دار في فكري) كيف ستدار الشؤون الدينية او كيف يفهم عامة المسلمين او من يلبي طلبهم وسيجيب عن تساؤلاتهم وكابسط مثال , في اي جامع الا يوجد امام يؤمم الصلاة ( اعتذر ان كانت الكلمة غير صحيحة ) او خطيب في الجامع , او مثلا درجة المفتي , اليس تواجد هذه الدرجة اصبحت من الواجب , وكما نرى في هذه الايام كل داعية يفتي حسب معلوماته , وطبعا هذا خطا والاصح فأن الفتوى يجب ان لا يقررها الا المفتي الذي يكون قد درس وتعلم .

وبأبسط تصور , وجود امام لكل جامع ومسجد او حسينية وكذلك وجود المفتي هو من الضرورا ت حتى لا يفتي اي داعية بكيفه . فالامام والمفتي هم وابسط تسمية يمكن أن تطلق عليهم هم رجال الدين او ما يقابله الكهنة في المسيحية . مع التشديد على ان هؤلاء الناس يجب ان يقوموا بواجبهم على احق واكمل صورة ولا ان يكونوا حجر عثرة ويؤدوا لهلاك الناس في الاخرة ويتحملوا هم وزرهم . وقد تخطر فكر ة في بال احد و يقول كل انسان لديه عقل ويستطيع ان يقرأ ويفهم الموجود بالكتاب واقول هذا صحيح , ولكن ليس الكل يجيد القرأءة ونسبة الامية كبيرة خاصة في العالم الاسلامي ..و سكان الوطن العربي والذين عددهم 300 مليون نسمة هم فقط الذين يتكلمون العربية ويفهموا القرأن لو قرأوه ولكن ماذا عن الدول الاسلامية الاخرى التي لا تجيد العربية ونضيف اليها الامية .( لا ادري متى حصلت اول ترجمة للقرأن للغات الاخرى لانه ايضا قد يخطر ببال احد ويقول بوجود القرأن المترجم , وحسب اعتقادي لم تحصل الترجمة الا في فترة ليست ببعيدة جدا , وانا في العراق كنت قد سمعت بانه حرام ترجمة القرأن لوجود الاية ( وانزلناه بلسان عربي ) , فكانوا يقولون لا يجوز ترجمته , وطبعا هذه جملة اعتراضية تذكرتها مع سياق الحديث و قد تكون خطأ و لا ادري .

.هذا هو تصوري عن موضوع الكهنوت والذي لا اعتقد بأن اي دين يخلو منه وان كان باسماء مغايرة . واعتذر جدا ان كنت قد تجاوزت حدودي ومن المؤكد جدا بأنه من غير قصد على الاطلاق .

دمت بالف خير وفرح وعافية

أمل


7   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الثلاثاء ٠٧ - يوليو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[40798]

الأخت العزيزة أمل .. أقول بكل احترام

أضع بعض النقاط :


1 ـ هناك فرق بين الكهنوت و البحث فى الدين ، وهناك فارق بين رجال الدين والباحثين فى الدين . الكهنوت هى مؤسسات رسمية أو شعبية ذات نظم وترتيب ، وتكون جزءا من أيمان من يتبعها وينصاع اليها معتقدا أنه لن يدخل الجنة أو ملكوت السماء إلا عن طريقها . وهى عنده الممثلة للدين ، و الواسطة بين الناس ورب الناس.


البحث فى الدين هو شأن فردى مفتوح للجميع ، والسبق فيه لمن هو أكثر كفاءة وأهلية حسب انتاجه العلمى بالكم والكيف ، ولا شأن له بهداية أحد ولا يزعم لنفسه العصمة من الخطأ ، بل هو يقف ضد تلك المؤسسات الكهنوتية وتحكمها فى العقل .


2 ـ طبقا لاعتقادى كمسلم متبع لقرآن الكريم وحده فإن المسيح عليه السلام جاء بالدين الحق (لا اله إلا الله ) ولكن أتباعه جعلوه الاها ، وأقاموا له كهنوتا تمثل فى  كنائس وفرق ومذاهب دينية تختلف فى كل شىء و لكن تتفق فى الحفاظ على ذلك الكهنوت الذى يضمن لهم السلطة الدينية (على الشعب ) الخاضع لهم ، ولو جاءتهم سلطة سياسية فبها ونعمة .


3 ـ حدث نفس الشىء مع المسلمين ، فى تراثهم إذ أصبحوا ( محمديين ) مقابل ( المسيحيين ). وتكونت لهم بدرجات مختلفة أنماطا من الكهنوت الدينى ، تجده بارزا أكثر لدى الشيعة والصوفية ، وبصورة أقل لدى السنة .


4 ـ حديث د. سعد ـ كعادة علماء الاجتماع ـ يخلط بين الاسلام و المسلمين ، ولا يضع فارقا أساسا بين هذا وذاك . من هنا يقع الخطأ .


8   تعليق بواسطة   AMAL ( HOPE )     في   الجمعة ١٠ - يوليو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[40877]

سيدي الفاضل د. أحمد صبحي منصور , شكرا جزيلا

أولا طاب مساؤك ,


اشكرك للوقت الذي صرفته بالاجابة على سؤالي  . واعتقد الان فهمت قصدك وذلك مما جاء في النقطة رقم 1. هذه هي  نقطة اختلاف بين المسيحية والاسلام تضاف الى كثير من نقاط الاختلاف الاخرى الموجودة بينهما . واسمح لي فقط ان اقول شيئا ان ما نقصده بالكنيسة هو جماعة المؤمنين بالمسيح , وحقا لا نعتقد بان الكاهن هو الواسطة بيننا وبين ربنا !!!.   وان كنا نقول احيانا للقس , ابونا ادعي لنا او صلي من اجلنا ,  فتصرفنا هذا ياتي كاي تصرف بشري نقوم به , فمثلا اذا خرجنا لقضاء مهمة صعبة او مثلا لاداء امتحان أقول مثلا فبدون شعور نقول لامنا او ابينا ادعوا لنا بالنجاح وهذا ليس معناه ان ننصبهما واسطة بيننا وبين الرب , لا ادري  , ولكن الذي يعرف القراءة ويستطيع قراءة الكتاب المقدس لا يحتاج للكاهن ليشرحه له فهو مفهوم , وقد نحتاج للكاهن عند الزواج او الوفاة  او لاقامة القداس في الكنيسة . انا حقا احترم الكهنة كما احترم اي انسان اخر وهناك بعض من يقبلون يد الكاهن وهذا غير موجود بالانجيل وان فعلوه فمن باب زيادة في اظهار الاحترام ليس الا مثلما يقبل بعض الناس يد والديهم ( وهذه لم افعلها انا لا مع اي كاهن ولا حتى مع والدي ولكني احبهم واحترمهم جميعا )  .


اشكرك الشكر الجزيل مرة اخرى وأكيد وصلني ما اردت حضرتك توضيحه ومن نقطة رقم 1 .


سيدي الفاضل  د . أحمد , ارجو ان لا اكون قد اثقلت عليك .


دمت بكل خير وعافية


أمل


 


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-03-23
مقالات منشورة : 217
اجمالي القراءات : 2,324,744
تعليقات له : 0
تعليقات عليه : 410
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt