جهاد النفس قبل أي شيء

رمضان عبد الرحمن Ýí 2009-05-31


جهاد النفس قبل أي شيء

في هذا الموضوع سوف أتحدث عن الجهاد الحقيقي وغير الحقيقي. لكي يصبح الإنسان مجاهدا في سبيل الله لا بد أن تكون لديه قاعدة ثابتة متينة، وهذه القاعدة الثابتة المتينة  لن يكون لها وجود إلا في كتاب الله عز وجل، و من الممكن أن ينطلق منها أي إنسان تجاه الجهاد الحقيقي الذي يخلو من المصالح الشخصية، لكي يكون في سبيل الله وفي سبيل الحق. ولكى يعلم  الإنسان أن ما يقوم به من أفعال  تكون خالصة لوجه الله تعالى ، فلا بد أن يرجع إلى القرآن حتى يتعلم منه كيف بدأ معلمنا الأول الرسول عليه الصلاة والسلام، حين بدأ بنفسه في مجتمع كان غارقا في الكفر والفسوق والعصيان واستعباد الضعفاء، فبقي متجنباً لهذا المجتمع واتخذ لنفسه مسار مختلف في السلوك الاجتماعي بالجهاد النفسي عما كانوا يفعلون، ولم يعادي منهم أحدا ولم يتآمر على أحد، ولم يقم بتأسيس حزب أو جماعة حتى ينصب نفسه سلطانا عليهم، وقد تعلم عليه السلام من القرآن  كيف يجاهد الكفار بالقرآن، يقول تعالى:
((فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً)) سورة الفرقان آية 52.

وحين يصبح الجهاد بالقرآن فلابد ان  يخلو من العنف والقتال والتهديد بغير الحق ، و لا يكمن إلا بالحسنى، حتى لا يتهم الإسلام أنه دين عنف أو سلب لحرية الآخرين، قال تعالى:
((ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)) سورة النحل آية 125.

فالحكمة والموعظة الحسنة لا يوجد بها تنظيم سري ولا يوجد بها صراعات على السلطة حتى يصبح الإنسان صادق مع الله، وما يفعله يكن في سبيل الله، أما إذا فعل العكس مثلما يحدث في الدول الإسلامية التي تتكون فيها جماعات مختلفة وجميعها تتحدث باسم الإسلام والجهاد، فشتان بين الجهاد الحقيقي المتمثل بجهاد الشخص لنفسه قبل كل شيء وقبل أن يتحدث عن أي شيء، وبين الجهاد المتمثل في الصراع على السلطة وانتهاز الفرص واستغلال الآخرين ،بحمل السلاح وقتل الناس باسم الدين، ثم بعد ذلك كل فرقة أو جماعة من هؤلاء يطلقون على أنفسهم المجاهدين من أجل الدين، وفي الحقيقة هم يجاهدون من أجل أشخاص وقعوا في قبضتهم الفكرية، فحولوهم أكباش فداء في محاربة الأنظمة  ومحاربة من يخالفهم الرأي وكأنهم أنبياء مرسلون من عند الله الذي أمر وقال:
((وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)) سورة العنكبوت آية 6.

أي جاهد نفسك ألا تكون سبب في قتل الناس الأبرياء وتشريد الآلاف منهم من أجل الوصول إلى السلطة أو إلى مكاسب مالية لا يلاحقها إلا من يريد أن يكون له نفوذا في الحياة الدنيا، حتى لو كان ثمن الوصول إلى هذا  هو أن يصعد على جثث من يأمرون بقتلهم .

ثم إذا كان الدين هو الهدف لماذا يختبئ البعض من هذه الجماعات في الجبال والحقول ؟ إلا إذا كانوا  يعلمون أنهم على خطأ ولن يستطيعوا أن يواجهوا السلطات والشعوب وجهاً لوجه فكريا ، أم يريدون أن تقتدي بهم الجبال، ثم إذا كانت تلك  الجماعات لم تستطع أن تجاهد نفسها اولا فكيف ستكون علاقتها بغيرها ؟!..

 ولكى يثبت أي إنسان صدق ما يفعله لا بد أن يكون بين المجتمع ويكون قدوة في فعل الخير بدون عنف وإكراه، وأن يقول ما لديه من فكر ويقبل بلغة الحوار التي بدأ بها أنبياء الله وقد نجحوا بها، ثم إن الله لم يجعل علينا في الدين من حرج، لكي يختبئ البعض ويتحدث باسم الدين، أي لا يكتمل جهاد النفس إلا بين الناس، حيث ترى مغريات الحياة ولم يتغير الإنسان الصادق مع الله، وترى من يسيئون إليك وتتسامح  معهم وهذا ما فعله الرسول من قبل، إذا أردتم أن تتبعوا الرسول، يقول تعالى:
((لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ)) سورة آل عمران آية 196.

أي ليس لك علاقة بمن يكفر ولا تغتر به، وإذا كان ذلك عن الرسول المكلف بنشر دين الله فماذا تبقى لنا كمسلمين، السمع والطاعة أم الإقتتال فيما بيننا  باسم الدين.

 الشيء الغريب والفاضح أن أغلبية المسلمين وأغلبية العلماء لا يعلمون ما هو الجهاد الحقيقي؟ وأنهم  إذا استمعوا إلى كلمة جهاد  فعى عندهم لا تعنى سوى  القتال والسلب  والنهب فى مجتمعات  المسلمين وغير المسلمين، هذا هو الجهاد من وجهة نظر الكثير والكثير منهم ، وللأسف هذا ما يحدث  بإسم الإسلام والإسلام من افعالهم برىء . ونصحية لنا ولهم أن يتعلموا جهادهم مع النفس أولا ،وأن يتعلموا أن القتال الذى يفرضونه على الناس لا يكون إلا فى رد الإعتداء ،وأن من يفعل غير هذا ويروع الآمنين من الناس فهو عدو لله ورسوله ورسالته والناس أجمعين .

رمضان عبد الرحمن علي

اجمالي القراءات 16009

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   الأحد ٣١ - مايو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[39616]

هذه هى رسائل السلام الثابتة المتينة يا( أبو الرمض)

هذه هى رسائل السلام المبنية على قاعدة ثابتة متينة مُستمدة قواها من كتاب الله جلّ جلاله .. بارك الله فيك يا أبو الرمض .


2   تعليق بواسطة   sara hamid     في   الأحد ٣١ - مايو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[39629]

ثبتك الله تعالى على الحق يا رمضان

لقد اعجبني مقالك جدا


انت رائع زادك الله تعالى من علمه


انا من متابعي كتاباتك ايها الاخ الكريم


3   تعليق بواسطة   عبدالمجيد سالم     في   الأحد ٣١ - مايو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[39638]


الجهاد هو بالقرآن الكريم ، والسيف هو للدفاع عن النفس ورد الأعتداء ،( إن الله لا يحب المعتدين ) هي آية في القرآن الكريم تعني أن الله يغضب ويكره من يعتدي على المسالمين ، وبذلك فإن ما تقوم به هذه الجماعات من قتل للأبرياء شيئ يكرهه الله سبحانه وتعالى .. فهل يفعل أي مؤمن ما يكرهه الله ؟؟.. أقول لا ..!!


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-08-29
مقالات منشورة : 363
اجمالي القراءات : 5,394,097
تعليقات له : 1,031
تعليقات عليه : 565
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : الاردن