موت الرئيس :

عثمان محمد علي Ýí 2009-02-17


موت الرئيس

فى مصرنا المباركة (مات الرئيس ) إكلينيكياً ،وإمتطى ظهره ،وظهر شعبها وريثه وبطانته ،وإنتقل الصراع على مصر (شعباً وأرضا وثروات ) بين الرئيس وهو فى نزعه الآخير وبين وريث عرشه ،وتحول من صراع خفى بين الكواليس وخلف الستائر ،إلى صراع علنى ،لمسه ورءاه   كل ذى بصيرة من أبناء  مصرنا الحبية . وليس أدل على هذا الصراع من كثرة المشاكل المفتعلة بين الحين والآخر بين رجال الرئيس (الحرس القديم ) ،وبين رجال الوريث (الحرس الجديد) لحاجة فى نفس الرئيس وإبنه وأهله ،يروح ضحيتها الشعب المصرى بين مطرقة هذا وسندان ذاك. لإلهاء الشعب عما يحدث فى كواليس (قصر العروبة ) من ترتيبات و تجهيزات (لتكفين الميت ) ،وتجهيز بذة(بدلة) العرس (للوريث).

ومن هذه المشاكل المفتعلة حديثاً ، مشكلة الصيادلة ومصلحة الضرائب المصرية .

وهى بإختصار  ،وفى عجالة  مشكلة حول كيفية المحاسبة الضريبية بين الصيادلة ومصلحة الضرائب .

ودعونا  نعطى لمحة سريعة عن كيفية المحاسبة الضريبية للصيدليات فى الماضى ،وفى الحاضر ،وما إستجد عليه ،وسببّ المشكلة الآنية .

1-   لا بد ان نقر ونعترف أن هناك فساد إداري ومالي  فى مصر يستفيد منه الصيادلة ،ومصلحة الضرائب ،ومحاسبيها معاً .

2-    لايوجد إحترام للقانون عموماً ،ومن موظفى السطة التنفيذية (الحكومة )خصوصاً ،فقد تحول المخبر ،وضابط الشرطة ،ومفتش التموين ،ومحاسب الضرائب إلى أن اصبحوا  (هم القانون) وأن القانون تابعاً لهواهم ورغباتهم ،بل ربما أحياناً إلى (أمراض بعضهم النفسية ) ،فمثلا يستيقظ أحدهم صباحاً فيخطر على باله أن يعذب خلق الله ،فيذهب ويعذبهم (بفهمه هو للقانون ) وبتصوره أنه هو القانون .

3-   ومن تلك الصور ما حدث مع الصيادلة سابقاً من تفتق ذهن أحد لواءات الشرطة بأن إقترح تشريعاً لجعل الصيادلة والصيدليات ضمن الضبطية القضائية المباشرة (للمخبرين ورجال الشرطة) دون الحاجة لوجود مفتش صيدلى معهم ، وكذلك ما طالب به بعض النابهين من المحاسبين ورجال التموين بإقتراح آخر بأن يجعلوا الصيدليات  ضمن إختصاصات (مفتشى ورجال مباحث التموين ) للتفتيش عن التسعيرة ،(مع العلم أن الدواء فى مصر مسعر جبرياً) . ولكن كل هذا باء بالفشل بعدما أحدث مشاكل مؤقته فى حينه وإنتصر الصيادلة وحافظوا على حقوقهم وحريتهم .

4-   نعود للمحاسبة الضريبية للصيدليات فى الماضى قبل (2005) ،وبعيدا عن الدخول فى تفاصيل القانون ،فكانت الطريقة كالآتى :أ – خصم (1% ) تحت حساب الضريبة من المنبع ،بمعنى عندما أشترى دواء ب(1000جنيه) يدفع عليه (10) جنيهات ضريبة ،وتورد إلى الملف الضريبى للصيدلية بمصلحة الضرائب فوراً

. ب- عند نهاية العام تحسب ضريبة الأدوية طبقاً لقيمة الخصم والإضافة الموردة لمصلحة الضرائب  من فواتير الشراء (1%) السابقة طوال العام .بمعنى لو أن أن مجموع ال(1%) يساوى 500 جنيه مثلا ،فإن الصيدلية قد باعت أدوية بقيمة (50000جنيه) . ثم تحسب نسبة الربح والتى تقدر فى المحاسبة الضريبية على أنها (16%) .ثم يحسب هامش ربح الأدوية بما يساوى (8000)جنيه .—

ج –تحسب قيمة مبيعات المستلزمات الطبية ومستحضرات التجميل والعطور وما شابه بنسبة (115%) من مبيعات الأدوية ،بمعنى أنه إذا كانت مبيعات الأدوية (50000) فإن تقديرات مبيعات المستلزمات ستكون (57500) وتقدر نسبة الربح ب(20%) بمعنى أنها ستساوى (11500).-

د- ثم تحسب الخدمات والتحضيرات الصيدلانية وهى (الميكروكروم ،وصبغة اليود وووو والغيارت على الجروح ووو) بحوالى  (50%) من مبيعات الأدوية مضروبة فى (30%) .بما يقدر بحولى (15000).يكون الإجمالى 8000+11500+15000=34500 جنيه .

ع – ثم تحسب وتخصم  بعد ذلك المصروفات ،ثم تحسب الضريبة طبقاً للشرائح التى تبدأ ب28% وتنتهى ب48% من الربح حسب صافى الربح .وكان هذا مثالاً  تقريباً على ما كان يتم قبل (2005) ___

عيوب هذا الحساب تتمثل فى الآتى .

تقاعس بعض الشركات عن توريد (ال 1%) وتوزيعه على اعضاء مجلس الإدارة ،والضرائب والصيدلى (ياكلوا  بعض ) –

التقدير الخرافى والجزافى لقيمة المستلزمات الطبية ،وتحضيرات الصيدلية من قبل مصلحة الضرائب ---

 بخس قيمة وعدم إحتساب القيمة الحقيقية للمصروفات الفعلية للصيدلية ،وعدم الآخذ بالمصروفات التى يقدمها الصيدلى  ،وإصرار مصلحة الضرائب على إعتماد المصروفات التى تراها هى فقط ،مثل .إحتساب مرتب الصيدلى على أن اساسيه هو(48جنيه فقط لاغير ) فى حين أن مرتب الصيدلى الحقيقى يتعدى ال(500جنيه ) على أقل تقدير .

عد م الإعتراف بزيادات المستهلكات الآخرى مثل (الكهرباء والمياه والتليفون ،وبنزين السيارة ،ومصاريف النقل وووو) .

/المهم .انه كان ينتج عن هذا الحساب  الآتى .---

 عدم موافقة الصيدلى على نتيجة المحاسبة الضريبية فى كثير من الآحيان وفى كثير من الحالات . –

 البدأ فى إجراءات الطعن وتحويل الملف إلى لجنة الطعن داخل المصلحة لإعادة مراجعته ومحاسبتة مرة أخرى .. ثم (آحيانا) عدم الموافقة على نتيجة فحص ومراجعة لجنة الطعن ومن ثم تحويل الأمر للقضاء (وخش بقى سعادتك فى عداد السنين )إلى أن ننتهى من القضية ...

 ومن ثم تجميد أموال الضرائب  على خزينة الدولة عشرات السنين .

المهم فى هذا كله أن النظام المحاسبى يخضع فى النهاية لأهواء ومرونة (محاسب الضرائب)، إن شاء أنهى عمله بما يرضى الطرفين ،وإن شاء أنهاه بما يرضى الصيدلى (مع شوية إكراميات) ،وإن شاء (جمد) أموال الدولة سنوات وسنوات ،مع إنتصار الصيدلى فى النهاية لأنه ببساطة يستطيع أن يثبت التقدير الجزافى الذى تعرض له بعتنت محاسب الضرائب ،ولكن بعد سنوات وسنوات من النزاع القضائى بينهما .

5-   -ماذا حدث منذ (2005) ...

منذ 2005 .إعترفت الدولة المصرية أنها مخطئة فى التقديرات الجزافية الخرافية فى المحاسبات الضريبة مع العملاء جميعاً ،ومن ثم قررت أن تبدى حسن النية ،وتتعامل بالثقة (الحذرة مع العملاء) ومنهم الصيادلة ،وخاصة بعد أن  ضاع عليها ملايين الجنيهات نتيجة لعدم  توريد الشركات لنسبة ال(1%) المخصومة من المنبع ،وتمسك الصيادلة بها .فقررت المصلحة  أن تمنع الخصم من المنبع ،

وأنها ستأخذ بالإقرار الضريبى الذى سيقدمه العميل ممهوراً بتوقيعه ،وتوقيع المحاسب القانونى الخاص به (متضامنان ) ومسئولان مسئولية جنائية أمام أى خطأ يكتشف  فيما بعد ،فيما لو أعيد محاسبته مرة آخرى للتأكد من صحة البيانات المقدمة فيه ،ومطابقتها برقم الأعمال الفعلى . وقد كان ،وإلتزم الجميع ،وزادت حصيلة الضرائب على مستوى كل العملاء بما فيهم الصيادلة بما يساوى الضعف .

تنازل الطرفان (الصيادلة ومصلحة الضرائب )عن القضايا المنظورة بينهما فى المحاكم  ،وتم تعديل حساباتها مرة أخرى برضى تام  من الطرفين .وإنتهى الأمر .

6-   إذن أين المشكلة ؟؟؟ المشكلة الآنية تكمن فى

إستيقاظ السيد –رئيس مصلحة الضرائب –مبكراً .واثناء تناوله لقدح من القهوة البرازيلى الداكنة ،تفتق ذهنه عن أن يوجد لنفسه مكانة على الساحة فخطر على باله الآتى _ إلغاء النظام المحاسبى الضريبى القائم بين المصلحة والصيادلة من طرفه هو ،دون إخطار أو  إشراك الصيادلة فى قراره ، ودون إلتزامه  للقانون المنظم لذلك  

إعادة محاسبة الصيدليات مرة أخرى للسنوات الماضية (2005 حتى 2008) على نظام  محاسبى جديد، وهو إعتبار مادفع من أموال يعتبر تحت بند حساب الضريبة ،ومعاودة محاسبتهم على اساس انهم ممسكون لدفاتر منتظمة مقيد فيها (الصادر والوارد) ،وعلى أن تكون هذه الدفاتر ممهورة بخاتم (شعار الجمهورية الخاص بمصلحة الضرائب) بأثر رجعى ،

 ومن لم يلتزم بذلك من الصيادلة فسيكون عرضة لجريمة (التهرب الضريبى ) والتى تكون عقوبتها السجن + إغلاق الصيدلية إدارياً +مضاعفة مبلغ الضريبة المقررة .يعنى بإختصار نحن فى حاجة إلى سجون جديدة لإستيعاب (40000) صيدلى فى خلال شهرين ،مع إلغاء تراخيص كل صيدليات (مصر) + إفلاس قطاع الدواء نهائياً . ولمن ينجو من كل هذه الحبائل الشيطانية عليه أن يعتمد صيدليته أنها من المشروعات الكبرى ،وعليه بإمساك (سبعة دفاتر ) معتمدة يخاتم شعار الجمهورية لتسجيل (الصادر) من ادوية ومستلزمات وخلافه ،والوارد من مبيعات (الروشتات ) وأقراص الأسبرين، وفورات الهضم  ،والشاش  ،وكل سرنجة  ،وبكرة مناديل ورق ، وواحدة بامبرز وووو،ويا ويله ويا سواد ليله لو أخطأ وتهرب من تسجيل (شلن -5 قروش ) ثمن قرص الأسبرين ،فسيدخل السجن فوراً لأنه تهرب من الضرائب ،وبدد العهدة ،وأصبح مختلس ،ويصبح من ارباب السوابق بين عشية وضحاها .

وهذا ما يرفضه الصيادلة ،ويتمسكون بحقهم فى حريتهم وكرامتهم ،وعدم تنفيذ رغبات وأهواء المراهقين من موظفى السلطة التنفيذية سواء من (مصلحة الضرائب ،او مفتشىا التموين أو المباحث العامة أو مباحث التموين ) .

7-   نعود لعنوان الموضوع

:وهو – أين الرئيس من كل هذه النكبات المفتعلة  نتيجة الصراع بينه وبين إبنه ،وبين رجاله ورجال إبنه ،لإلهاء الشعب تارة ،وللمشى قدماً فى تنفيذ مسلسل التوريث تارة آخرى ؟؟

ألم يسمع ولم يرى  كل ما حدث فى مصر فى السنوات الأخيرة ،من تردٍ متعمد لأوضاع المصرين جميعاً ،وللإعتصامات ،والمظاهرات ،وللبراكين المدفونة التى تقذف بحممها بين الحين والآخر على سطح الشارع المصرى؟؟ . آلا يتخيل ذلك الرئيس (المُنازع ) على فراش الموت ماذا يمكن ان يحدث لشعب مصر لو (أغلقت الصيدليات ،وتوقفت شركات الدواء عن الإنتاج ) لمدة إسبوع واحد فقط ؟؟؟؟

 ألا يعلم فخامته أن (95%) من المصريين يتناولون  الدواء  يومياً، بين مريض بمرض مزمن أو مريض بمرض  حاد، نتيجة للبيئة والضغوط العصبية وسوء التغذية والفقر  والتلوث وووو ؟؟

 هل يليق برئيس (محترم ) أن يترك بلاده على حافة الإنهيار والإنفجار ،ويتسكع بين الدول للسعى  للإفراج عن (شاليط وزعيط  ) و(البرغوثى والطمبوشى ) و(سعدات) وووو؟؟؟

 أيهما أهم يا سيادة الرئيس (الميت) ، المصريون الذين ستسأل عنهم يوم القيامة ؟؟ أم إسرائيل وحماس والسلطة وعباس وترباس ؟؟؟

 أفق أيها الرجل وأنت فى نزعك الآخير هداك الله ،وإنظر بعين المسئولية للمصريين ولو لمرة واحدة تشفع لك عندهم ويترحمون بها عليك بعد وفاتك القريبة إن شاء الله .

اجمالي القراءات 13940

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   احمد شعبان     في   الثلاثاء ١٧ - فبراير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[34474]

أخي وصديقي الدكتور / عثمان

تحية مباركة طيبة وبعد


شكرا لك أخي على هذا الإيضاح لمشكلة الصيادلة والتي لم أكن أعلم عنها شيئا .


بارك الله فيك .


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


2   تعليق بواسطة   خـــالد ســالـم     في   الثلاثاء ١٧ - فبراير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[34480]

فعلا اللى ما يعرفش يقول عدس

فعلا اللى ما يعرفش يقول عدس موضوع إضراب الصيادلة موضوع خطير وأغضب الكثير من المصريين لأنهم لا يفهمون حقيقة الأمر مثلي لكن أعتقد بعد قرائتي لهذا التوضيح من الستاذ عثمان محمد وضحت المسألة تماما وأعتقد أن الأمر خطير فعلا فعلا ويحتاج وقفة أو بمعنة أدق صحوة وإحقاقا للحق معظم المصريين يأخذون الأدوية يوميا ، ولا يوجد بيت مصري يخلو من مريض بمرض مزمن أو مرض عارض ، ولذلك إن أزمة الصيدليلت هذه من الممكن أن تؤدي إلى إزهاق بعض الارواح لعدم توافر الأدوية اللازمة


3   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   السبت ٢١ - فبراير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[34607]

شكراً إخوانى الكرام ::

شكراًجزيلاً إخوانى الكرام - الأساتذة -


أحمد شعبان -


خالد سالم -


محمد الحداد -


على تعقيباتكم الكريمة ،وعلى تفهمكم لموقف الصيادلة ،وحقهم فى الدفاع عن حريتهم وكرامتهم وحياتهم ،ضد إستبداد المراهقين من موظفى الدولة ،الذين تصوروا أنهم هم (القانون ) وأن رغباتهم وأهواءهم أوامر وقوانين تسرى على الباقين ....ونحمد الله على تراجع الدولة وإعترافها بخطئها مرة أخرى .


ولأخى الكريم الأستاذ - محمد الحداد -


نعم أنا معك فى أن (ميكنة العمل التجارى ) ممكنة ،ويسيرة ،ومفيدة ،وتحقق أكبر قدر من العدالة و الشفافية . ولكنها وللأسف لابد أن تكون من الطرفين (بمعنى -الصايدلة من ناحية ،والدولة من ناحية أخرى) ،فإذا وافق عليها الصيادلة ،وبقية الفئات الأخرى ،كالأطباء ،والمحامين ،وصغار ،وكبار التجار ،فإن الدولة سترفضها . لماذا ؟؟ لأنها ستفتح الباب على (الشفافية والمحاسبية والتدقيق ) والمطالبة بكشف حساب من الحكومة عن سبل إنفاقها للأموال التى تجمعها ،وعن الدخول الحقيقية (لكبار موظفيها ) والتى تقترب لدى بعضهم من (المليار جنيه سنويا) ومن البعض الآخر من مئات الملايين ،بل ستكشف عن أموال كبار الدولة المهربة يومياً للخارج . وبالتالى ليس من مصلحة الحكومة أن (تميكن العملية التجارية فى مصر ) لكى لا تفتح عليهم أبواب جهنم أوتوماتيكياً ،لأن لغة الأرقام لا تكذب ولا تتجمل ، وكما تعلم ،وكما ترى سيادتكم (فى أوروبا وأمريكا وكندا) لا يستطيع أحد أن يكذب ويخبىء حقيقة دخله المادى ،وممتلكاته ،او أن يتلاعب فيها ،وإلا كان مصيره السجن والفضيحة العلنية ،حتى لو كان (الملك ،او رئيس الحكومة ) .فهم يسمحون بأقصى قدر من الربح ،ولكن مع الإلتزام بدفع حقوق الناس فى (الضرائب ) ،على عكس بلادنا ،فهم لا يسمحون إلا بما يريدون ،وينهبون كل شىء ،ويتلاعبون فى كل شىء ،ولا يحاسبهم أو يحاكمهم أحد ...


وشكراً لكم جميعا مرة آخرى .


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق