ابن رشد :
ابن رشد رضي الله عنه 2

زهير قوطرش Ýí 2007-11-14


ابن رشد رضي الله عنه (2)

مأ أحوج الامة الاسلامية اليوم الى اعادة انتاج فكر ابن رشد الفقيه ،والفيلسوف، وابن رشد العالم.
إن حاجة العالم الاسلامي الى هذا الفكر هو مثل حاجة أوربا أنذاك آبان عصور الانحطاط إليه. نحن بأمس الحاجة إلى روحه العلمية النقدية الاجتهادية. نحن بحاجة الى منهجهه العلمي في البحث عن الحقيقة،وربطه العلم والفضيلة على مستوى الفكر والسلوك.وقبل الخوض في فكر أبن رشد لابد من تعريف بسيط بهذه الشخصية الفذة ،والتي على مدى قرون خلت ،كانت أسما من&Oacutute;ياً مع كل اسف في عالمنا الاسلامي.وذلك بسب الحكم الجائر الذي اشاعه علماء الحسبة من فقهاء الامة الذين حاربوا العقل ، حيث أتهموا ابن رشد بالكفر والزندقة ،الى أخر التهم الجاهزة في قاموس علماء الاديان الارضية الذين فرقوا دينهم الى شيع وطوائف. علماء عميت عيونهم وأبصارهم عن اشعاع الحقيقة ،فكان لابد من محاربته ومحاربة من يعيد انتاج فكره، حفاظاً على مصالحهم السلطوية. ومع كل اسف هذا العالم الجليل يكرم خارج الجفرافيا الاسلامية، ليقوم علماء الغرب بدراسة فكره وتدريسه ،لأنهم يعتبرونه ابو المذهب التجريبي التي قامت عليه الحضارة الاوربية.
ولد أبن رشد سنة 520 هجرية،1126 ميلادية ،وتوفي عام 595هجرية ،1198 ميلادية.
نشأ في بيت علم كما يقال. اباه وجده كانا من رجال العلم المعروفين،وكانا على صلة بالدولة من خلال التدريس والقضاء. من هنا أكتسب أولى معارفه العلمية،وزاد على علم ابيه وجده ،في معرفة واسعة بعلوم الطب.حيث كان مستشاراً طبياً للخليفة الموحدي أبي يعقوب يوسف بن عبد المؤمن وابنه يعقوب المنصور.وقد بقي ابن رشد محافظا رغم علاقته بالامير على استقلاله الفكري،منصرفاً الى مشروعه العلمي. والذي يمكن أن نطلق عليه أسم فتح باب الاجتهاد في الفقه،وتصحيح العقيدة. والأهم من ذلك رفع الظلم عن أم العلوم الفلسفة وتحريرها من علم الكلام. اضافة الى علم الفلك الى جانب مشاريع أخرى.عاش ابن رشد خمسة وسبعين سنة.قضاها في البحث والتأليف. تولى قضاء اشبيلة ثم قضاء قرطبة،وتنقل مابين الاندلس والمغرب.
كان ابن رشد طيلة حياته ينطلق من وحدة الحقيقة وتكامل المعرفة.وكانت مقولة تطابق العقل والوجود هي الحقيقة، أي أنه كان يعمل من خلال مقولة أن العلم هو الحق،وبرهانه المطابقة في الوجود.كان رحمة الله عليه وأسكنه فسيح جنانه ،يعيب على أبو حامد الغزالي رحمه الله عليه:كونه يفتقد للفضيلة العلمية، أي غياب الفضيلة العلمية الذي يجسمه في سلوكه " أنه لم يلزم مذهباً من المذاهب في كتبه. بل هو مع الاشعرية أشعري،ومع الصوفية صوفي،ومع الفلاسفة فيلسوف وهكذا...أي "متذبذب الفكر" . لقد شهد له جميع الذين ترجموا لحياته بالفضل والاستقامة والنزاهة وخدمة الصالح العام. حتى قال عنه ابن الأبار " ولم يشأ في الاندلس مثله كمالاً وعلماً وفضلاً،وكان على شرفه أشد الناس تواضعا وأخفضهم جناحاً....
وقال عنه ابن عبد الملك المراكشي"كان على حظوته عند الملوك وعظم مكانته لديهم لم بنفق جاهه قط في شيء يخصه،ولا استجرار منفعة لنفسه. إنما كان يقصره على اهل بلد خاصة ،ومنافع سائر بلاد الأندلس عامة." وكان إذا تدخل الحليفة المنصور في ميدان العلم ،من غير علم ،صاح فيه كما يصيح الاستاذ في تلميذ أو طالب"تسمع ياأخي " يقولها باللغة الطبيعية، جارياً في ذلك على طريقة العماء في الإخبار عن ملوك الأمم وأسماء الاقاليم.،غير ملتفت الى الى مايتعاطاه خدمة الملوك ومتحيلوا الكتاب فيمن الاطراء والتقريظ. يشهد بذلك ما ختم به كتابه "فصل المقال" في معرض الثناء على الدولة ،لا ليمدح بل ليسجل واقعاُ ويبرر ايجابيات بلغة تراعي النسبية في القول.عبارات فيها المدح والتقريظ. يقول:" وقد رفع الله كثيرا (وليس جميع) من الشرور والجهالات،والمسالك المضلات(التي أصابت الحكمة والشريعة) بهذا الغالب ،وطرق به الى كثير (وليس الى جميع) من الخيرات،وبخاصة على الصنف الذين سلكوا مسلك النظر ورغبوا في معرفة الحق(الفلاسفة).
نقد من سبقوه من الفلاسفة والشراح كالفارابي ،وابن سينا ،والاسكندر وثامسطيوس قبلهما، وكان شديدا في نقده عند ملاحظته ارتكابهم الاخطاء التي لاتليق بالعلماء. ولم يكن هو شخصيا يتردد في الاعتراف بالخطأ إذا تبين له أنه ارتكبه.وكان يطلب من قرائه أن ينتقدوه.
وقال في آخر مقالة الزاي من كتابه "شرح ما بعد الطبيعة" الذي استغرق في تأليفه ما لا يقل عن اربعين عاماً "هنا انقضت هذه المقالة،والحمد لواهب العقل كثيراً. وقد بلغت في تفسيرها أقصى ما انتهى إليه جهدي بعد تعب طويل وعناية بالغة. وأنا أقول لمن وقف على تفسيرنا لهذا الكتاب ما قاله أرسطوا في آخر كتاب السفسطة:إنه من وقف على تقصير منا في ما وضعنا فليعذرنا" . ويقول في شرح كتاب النفس."ولما كان ذلك كما وصفنا فقد ينبغي أن ندلي هنا برايينا.وإذا كان ما ظهر لي لا يفسر كل شيء فقد يكون منطلقاً لتفسير أكمل. ولهذا أطلب الآن من الأصحاب الذين سيقرؤون هذا الكتاب أن يطرحوا أسئلتهم كتابة،لأنه قد نجد الحقيقة بهذه الطريقة،إذا لم أكن قد صادفتها بعد. وإذا كنت قد صادفتها،كما يخيل ألي ،فإن أسئلتهم ستساعدني على توضيحها أكثر. وكما يقول أرسطو .فالحق يوافق الحق ويشهد له"
وقد حمل رجال الكنيسة على ابن رشد حملة شعواء منذ القرن الثالث عشر واستمرت الحملة الى القرن الثامن عشر،وكان أخطر شيء في فكر ابن رشد في نظرهم هو تلك الحقيقة التي نوه فيلسوفنا عليها وهي: وحدة العقل الهيولاني وأزليته،وخلود النوع الانساني .وهي الحقيقة التي رأى أنها " ما يقتضيه مذهب أرسطوا ،في المسألة التي تركها هذا الأخير معلقة، مسألة طبيعة العقل الهيولاني: امفارق هو وأزلي، أم لا ؟
الغرب استفاد من الجانب الأرسطي الإغريقي عند ابن رشد،وأخذ عنه فكرة التوفيق بين الشريعة والفلسفة، أي بين الوحي والعقل. ثم اتكأ عليه،ولا سيما في شرح ارسطوا،ليطور فكرة الاعتماد على العقل كسبيل التقدم والنهضة كون ابن رشد كان هو وابن سينا وابن خلدون والفارابي تقريبا خارج الثقافة العربية آنذاك والتي كان يمثلها الغزالي ،وابن تيمية والشافعي والاشعري وغيرهم ،بينما كان الفقهاء العرب يرددون في ذلك الوقت عبارة " من تمنطق فقد تزندق" والملاحظ أن الغزالي الذي كتب "تهافت الفلاسفة" لينقض به كتاب أبن رشد "تهافت التهافت" لم يكن ليختلف كثيرا عن توما الأكويني الذي ظل يهاجم ابن رشد الى أن تمكن من استصدار مرسوم كنسي في سنة 1270 ميلادية يدين فيها ابن رشد وافكاره ويحرم تداولها ،ولا سيما قوله بأزلية العالم وعدم خلود الروح، لكن الفرق بين أوربا والعرب ،هو أن أوربا تمكنت من اقصاء الكنيسة بالتدريج عن مكانتها كحارسة للافكار،وأعلت مكانة العقل كثيراً، بينما استطاعت السلفية العربية الاسلامية أن تنتصر على الافكار النقدية من ذلك الزمن البعيد، أي منذ انتصر الغزالي على أبن رشد. وهكذا ساهمت سيطرة الفقهاء على الفكر في تنمية عوامل الركود والتخلف التي ما زالت سائدة في حياتنا منذ ما قبل السلاجقة حتى اليوم.
ملاحظة تاريخية ( ظهر ابو حامد الغزالي في القرن الحادي عشر فكفر الفلاسفة، ثم جاء أبن رشد في القرن الثاني عشر فرد عليه. لكن ظهور ابن تيمية في القرن الثالث عشر ،وفي عهد الحروب الصليبية،حسم الصراع لمصلحة الغزالي ،وهيمنت أفكاره علىالمشرق العربي،وقطعت الطريق على الافكار العقلانية.

للحديث بقية(دراسة وتليخص اهم افكار ابن رشد رضي الله عنه)

مراجع المقالة : مركز دراسات الوحدة العربية ابن رشد سير وفكر- الجابري.
الدين والدهماء والدم – فكر – دراسات- صقر ابو فخر.

ملاحظات تقريبية:
العقل
للإسكندر الأفروديسي رسالة صغيرة "في العقل" ترجمت إلى العربية وكان لها تأثير هائل في الفلاسفة المسلمين وفيها يقسم العقل إلى ثلاثة أنواع:
1_ العقل الهيولاني،
2_ العقل المستفاد،
3_ العقل الفعّال.
والأول سمي بذلك لشبهه بالهيولي (المادة)، وهو العقل بالقوة عند أرسطو، وهو خال من كل تحديد. وليست له صورة، لكن يمكنه أن يتخذ أية صورة. ويبقى طالما كان الإنسان حياً، ويفنى بفنائه(.ابن رشد قال بأزلية العقل الهيولوني).
أما العقل بالملكة أو العقل المستفاد فلم يذكره أرسطو، وفيه توجد المبادىء التي هي المقولات الأولى.
وأعلى هذه العقول الثلاثة العقل الفعّال: إنه مثل النور الذي يضيء لنا المعقولات، وبواسطته ينتقل العقل الهيولاني من القوة إلى الفعل.

أما الكندي فيقسم العقل إلى أربعة أنواع:

1_ عقل بالفعل دائماً _وهو العقل الفعّال،
2_ عقل بالقوة،
3_ عقل ينتقل _في النفس _ من القوة إلى الفعل _وهو العقل بالملكة.
4_ عقل بياني (أو بائن).
ويمكن إدراك الفارق بين هذين النوعين الأخيرين بأن نقول أن العقل الثالث هو الذي اكتسب الملكة، والعقل الرابع هو الذي يمارس ما اكتسب: الثالث مثل الطبيب الذي تعلم الطب لكنه لا يمارسه بالفعل، والرابع مثل الطبيب الذي يمارس مهنة الطب بالفعل، والتفرقة _كما هو واضح _ ضئيلة.


العقل الهيولاني توضيح:

العقل الانساني من جهةماهو هيولاني،ومن جهة أخرى ما هو فعال، ينقل الفعل الهيولاني من القوة الىالفعل ،بعد عملية التجريد ،وبطريق اتصال العقل الهيولوني الانساني بالعقل الفعال الذي هو مظهر من مظاهر النفس الانسانية وليس خارجاعنها ولا يفارقها( النفس الانسانية أزلية) ونظرية الاتصال بالعقل الفعال ،ليست في الحقيقة الا تجريد المعاني الكلية التي تنتهي بانتقال العقل المادي من القوة الى الفعل.

اجمالي القراءات 8907

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   farah mashnouk     في   الخميس ١٥ - نوفمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[13444]

Mr Zouhair

I'm so happy to read this analysis to Abn Alrusd who had big influance on the Europe revolution. This Ilamic scholar had an amazing thinking and ohilosoohy strategy to explain the relation between mind and soul. Please, help me to know this scholar and learn more about his thiking. I apptieciate your contrubution to this amazing website which is going to awake the Muslim minds.

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-02-25
مقالات منشورة : 275
اجمالي القراءات : 5,712,564
تعليقات له : 1,199
تعليقات عليه : 1,466
بلد الميلاد : syria
بلد الاقامة : slovakia