المرأة ... صانعة المادة الحية والحاضنة لها:
التمييز ضد المرأة

احمد شعبان Ýí 2007-06-19


هذه المقالة نشرت بمجلة نصف الدنيا في 15 / 4 / 2007

من أقوال أرسطو المأثورة "إذا وقع الناس في فوضى الفهم وقعوا في فوضى السلوك " .
والتمييز والعنف ضد المرأة يقع داخل هذه المقولة
ففوضى الفهم هو الذي أدى بنا إلى عدم معرفتنا لحقيقة المرأة ، وجعلنا وإياها نكرس للتمييز ضدها وإساءة التصرف معها وبالاعتياد أصبح سوء التصرف هذا مغروسا في اعماقنا وأصبح أساسا لعاداتنا وتقاليدنا مما أصاب المرأة بالإضطراب ( الاستكانة والسلبية في جوانب وتعويض ذلك بالجموح فى جوانب أخرى حتى اصبح من العسير وليس المستحيل ان المرأه المضطربة والتى تتوفر لها حياه صحية أن لا تستجيب لها بحكم موروثها وإعتياد الإضطرابات المحيطة بها ( عدم الثقة فى الحياه الصحية ) .


وهذه التقاليد والموروثات جعلت من وسائل إعلامنا حتى المنفتحة منها تتناول قضايا المراه من على السطح ولا تغوص فى اعماق النفس الانسانية للمرأة ولذلك لا يتم إلا علاج هوامش من مشكلات المرأة ، وهذا يصيب الرجل ايضا بأبلغ الأضرار لان التأثير مباشر وعميق بين الرجل و المرأة
فمثلا : إعتدنا القول بان المرأة خلقت من ضلع أعوج والنساء ناقصات عقل ودين وذلك منافى للحقيقة ولا دليل عليه ومن سوء الفهم الذى غالبا ما نقع فيه حين مطالبتنا بمساواه المرأة بالرجل هو الخلط بين الجنس والنوع ، لذا ما يجب علينا عمله أولا هو ان نفصل بينهما " الجنس والنوع " .
وهذا الفصل يتبعه أن لا نفرق بين جناحى الجنس البشرى ( الرجل والمرأة ) وهذا ما فعلته البشرية مؤخرا .
فمن المعلموم ان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قد اكتسب سلطة رمزية مرجعية يجب أن نأخذ بها ، ولأن هذا الاعلان لم يأخذ فى الاعتبار هذا الفصل ، لذا اختلط علينا الأمر فنحاول ان نسحب ما قصد به الجنس الإنسان " ذكر وأنثى " والذي يعني به هذا الإعلان على النوع من حيث الوظائف الطبيعية .
لذا نجد الخطاب القرآنى يفرق ، فخطابه للإنسان عام للذكر والأنثى فى السلوك والتكاليف العبادية وإقامة الحدود وعلى رأس هذا جميعه الحريات العامة , فالاسلام اعطى الإنسان ( ذكر أو أنثى ) كامل الحرية فى أعلى مراتبها (حرية الإعتقاد ) ، فما بالنا بماهو دون ذلك وبالأخص حرية المرأة فى استمرار زواجها من عدمة .
فالجانب الانسانى لا مجال لمناقشته .
والخلاصة أن الإنسان سواء كان رجلا ام امرأة متساويان تماما فى الحقوق والواجبات الإنسانية سواء كان ذلك من خلال المرجعية المدنية أو الدينيه .
أما ما يجب الفصل بينهما فيه هو النوع وخصوصا فى الجوانب لوظيفية والذى يبنى على اساسها تعنتا التميز و العنف .
فإذا ما نظرنا إلى الجوانب الوظيفية نجد :
المرأة هى صانعة المادة الحية ، ولو توقفت عن هذه الصناعة لانتهت الحياة لأنها هى صانعة للكيان الحى .
فالمادة الحية التى يتكون منها كياننا هو من صناعة المرأة فالتقليل من شأن المرأة سواء جاء هذا التقليل من الرجل أو من المرأه فهو تقليل من شأن الكيان الانسانى ، وهذا لا يكون إلا عن طريق من هم مرضى نفسيا أو عقيديا وبالتالى فكريا وحياتنا .
وأيضا المرأة هى الحاوية أو الوعاء للكيان الانسانى من لحظة احتواء بويضة الأنثى للحيوان المنوى للذكر ، مرورا بأحتوائها للأجنة فى رحمها ، إلى احتوائها للاطفال وجدانيا ماديا وعاطفيا ، إلى احتوائها للرجل حيث هى السكن له ، وانتهاءا باحتوائها للاسرة وتدبير معيشتها .
اما الرجل فهو المحرك لهذا الكيان منذ اختراق الحيوان الحيوان المنوى لبويضة الانثى فيتفاعل معها لتتكاثر( فهو عنصر القوة ) وتستمر صفة التحريك هذه مع استمرار الحياة .
والقرأن الكريم أخبرنا عن علاقة الرجل بالمرأة .
فالرجال قوامون على النساء ومعنى القيام هو تلبية مطالبتهن , وللاسف فهمنا القوامة بمعنى فرض النفوذ والسيطرة بديلا عن القيام بالواجبات او بدونها .
اما مسألة ( واضربوهن ) فقد وردت مادة ضرب فى القرأن الكريم فى 58 موضع جميعها بمعنى الاضرار .... بـ ، وهذا واضح من مقطعى كلمة ضرب وهما ضر ...... بـ بهدف الاخضاع والسيطرة ، والتى منها ضرب الأمثال ( ان يكون المثل تحت تصرفنا ) و لكن المعنى الذى اخذنا به ( الشائع ) هو وجه واحد من أوجه الإضرار وليس كل الأوجه , فالمسألة الهدف منها هو الاخضاع و السيطرة باى صورة من صور الاضرار , و كلمة اضربوهن وردت فى آية واحدة وهى الخاصة بالنشوز ، والنشوز معناها إدخال شريك ثالث فى الزوجية حسب قول د/ جلال القصاب ( البحرين ) وليس عدم الطاعة كما نظن والضرب بالمعنى الذى ذكرنا آخر مرحلة قبل التفريق وبسبب الخيانة الزوجية بعد الهجر فى المضاجع والذي يهدف إلى أن لا يكون هناك حمل نتيجة الخيانة الزوجية وينسب إلى الزوج .
أما مسألة الميراث ( للذكر مثل حظ الانثيين ) فنحن نعلم ان القرآن الكريم يحدثنا عن الماضى والحاضر والمستقبل والانفاق فى العموم على الرجال ، لذا كان حظ الذكر ضعف حظ الأنثى ، والتى غالبا ينفق او سينفق عليها رجل اخر , ورغما عن هذا جعل الله سبحانه و تعالى المسألة مفتوحة لمن يرى حسب ظروفه ورغبته من يستحق اكثر لذا كانت الوصية .
أما مسألة الشهادة ، شهادة إمرأتين تعادل شهادة رجل واحد ، فقد ذكر سبب ذلك " حتى تذكر إحداهن الأخرى " ، لأن النسيان لدى المرأة أكثر احتماله بسبب معاناتها من الطمث والحمل والولادة ( دورها الوظيفي ) .
ونتيجة لفهمنا الخاطئ للدين ومحاولات فرض هذا الفهم قهرا بحسبانه من الدين ، هو ما أوقعنا في أكثر الأمراض الاجتماعية شرورا والتي تسببت في جل ما نعانيه من مشكلات وهما " الانغلاق والتسلط " .
الانغلاق داخل مرجعية فهمناها فهما مشوها ، ولم ننفتح على الإطارات الفكرية الأخرى لنزداد علما كما أمرنا ديننا الحنيف ، ومن البديهي أن المعلومة غذاء للفكر فكلما إزدادت معلوماتنا عن شيء ما ووظفناها في مكانها الصحيح إزداد هذا الشيء أمامنا وضوحا .
أما التسلط الذي نعيشه فلا يخفى على أحد ، وأول من ذاق ويلاته هى المرأة بتعدد صوره حين قيام الرجل بدوره الوظيفي من تسلط مادي بالمنع بديلا عن المنح ، وتسلط معنوي بالتحقير والعنف والإذلال بديلا عن المودة والرحمة التي أمرنا بها .
وذلك لأن الإنسان بطبعه ينزع إلى الإفساد وسفك الدماء ، لذا جاءت الرسالات السماوية لتحيطه علما لتقويمه بتقوية جانب التنقوى فيه ، فمنا من يأبى ( يرفض ) وأغلبنا فهم خطأ ، وقليل منا انتصر جانب التقوى فيه بهدى من الله جل جلاله .
وفي النهاية أود القول أنني قد أكون قد تجاوزت الحقيقة بعض الشيء ، ولكن عزائي مطالبتي قارئي العزيز بعمل الرؤية النقدية في هذا الاجتهاد المتواضع بهدف التصويب والاقتراب من الحقيقة قدر الامكان ، والله المستعان .
احمد شعبان محمد

اجمالي القراءات 14379

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-09-27
مقالات منشورة : 144
اجمالي القراءات : 2,209,632
تعليقات له : 1,291
تعليقات عليه : 915
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt