هل أنا سنية أم شبعية:
هل أنا سنية أم شيعية

زهير قوطرش Ýí 2007-05-13


قصة حدثت معي :( هل أنا سنية، أم شيعية)

أتضايق جداً من عادة التسوق في السوبر ماركت ، وخاصة إذا كنت برفقة زوجتي . فسبحان الله الذي وضع
في خلايا المرأة حب التسوق والشراء أو التجوال في محلات بيع الملابس وغيرها. وحتى أنتهي من هذه المشكلة التي تقلقني دائماً ،عقدت اتفاقاً مع زوجتي الغالية يتضمن بندين فقط .الاول: أن لا أُظُهر امتعاضي وعدم رغبتي في الذهاب الى أي سوبر ماركت وأن أرافقها دائماً. الشرط الثاني : مقابل ذلك تم السماح لي أن استغل الوقت الطويل الضائع في عملية الشراء با&aلجلوس الى المقهى واستغلال الزمن الثمين والذي يتكرر باستمرار في الكتابة أو قراءة الصحف العالمية والمحلية . وتم التوقيع على ذلك شفهياً بشهادة الاولاد. وصدقاً أنزاحت عن قلبي صخرة كبيرة . وهكذا أصبحت  الامور  تسيرعلى ما يرام ، وقبل أيام وبعد الانتهاء من العمل توجهنا مباشرة الى المزار المذكور لشراء بعض الحاجيات. وفور الوصول الى مدخل السوبر ماركت بدأتُ بتنفيذ بنود الاتفاقية ودَّعتُ زوجتي واتجهت الى مقهى باريز الهادئ كي أقضى هذه الفترة التي صرتُ اتمنى أن تطول قليلاً.

مقهى باريز من اجمل المقاهي في هذا المجمع الضخم ، يمتاز بجدرانه ذات الالوان الدافئة وفرشه المتواضع الانيق ، تحيطه من الداخل زهور الصالونات الجميلة والملونة، تفوح من المقهى رائحة البن المميزة التي ما أن يستنشقها الانسان حتى تسري في عروقه نشوة ورغبة تدفعه لاحتسائها والتلذذ بطعمها ونكهتها. ولشرب القهوة عندي طقوس تعودت عليها منذ أن بدأت في القراءة والكتابة. وفنجان القهوة له ايضاً سحره الخاص لذلك فأني استغرق الوقت الطويل في شربه ببطئ ، وتنتابني حالات وجدانية اتمنى فيها لو أنني كلما شربت منها شفة أن تعود وتمتلئ من جد.يد.
توجهت الى الزاوية اليمينية في الركن المقابل لأجمل مجموعة من الزهور .واحببت أن أكون بعيدا حتى لا أسمع حديث الناس، لأنني أصبحت أكره في الفترة الأخيرة الثرثرة عن الموضة والتنزيلات وأنواع البضائع و صرتُ اشعر أن الناس أشركوا بالله والعياذ به، و بدأو يعبدوا الهاً جديداً اسمه الاستهلاك ولهذا الآله نبي مرسل أسمه الدعاية التي تحاصرك اينما كنت . وبالفعل سيطرت الوثنية الاستهلاكية على كل نواحي الحياة العادية وشغلت الناس في كثير من الاحيان حتى عن عبادة الله عز وجل .وما ان جلست وطلبت قهوتي المفضلة وشرعت اتصفح عناوين الصحف على  أجد موضوعاً جيداً من حيث المضمون كيً أقضي بقراءته وقتاً ممتعاً ومفيداً . وأنا في هذه الحالة ، وإذ بأختٍ مسلمة اوربية الأصل اعتنقت الاسلام حديثاً، ما أن رأتني حتى توجهت اليَّ . أعرفها حيث  أنها تتردد على المحاضرات التي تقيمها جمعية اصدقاء الثقافة الاسلامية في مدينتنا. وطبعاً لفتت اليها الانظار كونها محتشمة ومحجبة. وبلكنة عربية ادت التحية بقولها السلام عليك يا أخ زهير .رددت، و عليك السلام  ورحمة الله وبركاته.تفضلي يا أخت علي أن  اساعدك بشيء ما !!!!. شكرتني واعتذرت كونها قطعت عليّ خلوتي وبدون مقدمات سألتني هل بأمكانك أن تجيبني على سؤالي؟ تفضلي يا أختي وبصوت فيه بحة وتردد قالت لي اعتنقت الاسلام وأمنت بالله وحده لاشريك له وأن محمداً رسول الله. اقيم الصلاة وأفعل الخير ، ولكني لا أعرف هل أنا سنية أم شيعيية؟ تجمدت الدماء في عروقي، وشعرت وكأني أنا المسؤول عن كل هذه التفاهات المذهبية . تفاجأت! لأنني تعودت على اسئلة حول الزواج والطلاق والعبادات وحول فلسفة العقيدة والتوحيد الخ. صدقوني تمنيت لو انني كنت أنا وهذه الأخت في هذه اللحظة بحضرة أية الله السيستاني ورئيس هيئة علماء المسلمين السنة في العراق، ليحملوا عني وزر هذه الاجابة على سؤال الاخت . ولكنت فوضولياً كيف ستكون إجابتهم. وكالعادة في هذه المواقف وغيرها أطلب العون من خالق العباد ومصرف شؤونهم في أن يساعدني كي تكون إجابتي بمحتواها ترضي الله عز وجل وتقنع السائل أو السائلة.(وعلى الله فليتوكل المؤمنون) وكالعادة تتشكل الافكار في مخيلني لتتحول الى كلمات وجمل ، استغرب في الكثير من الاحيان من اين لي هذه الفصاحة. وجرى هذا الحوار بيني وبينها:
-يا أختي ما الذي دعاك أن تسألي هذا السؤال؟
- بعد أحداث تفجير العتبات المقدسة كفعل وردة الفعل العنيفة بتدمير مساجد السنة، والقتل العشوائي من كلا الطرفين، في اليوم التالي للاحداث ذهبت الى العمل وقبل أن أحي صديقاتي سألتني إحداهن هل أنت سنية أم شيعية؟ وفعلاً لاأدري أين أنا!
- -هل سألت أحداً من الأخوة أو الأخوات؟
- -نعم سألت الاخت عائشة زوجها شيعي قالت لي أن زوجها أعلمها أن السنة ليسوا على الطريق الصحيح وهم بالنار.

وسألت الاخت نوال زوجها سني قالت أن زوجها أخبرها بأن الشيعة كفرة وهم بالنار.
- صمتُ قليلا ،وقلت في نفسي يارب هل أعطيتَ الحق لأحد من الناس في أن يكفر ويرمي بالنار كما يشاء؟
- -ياأختي قبل أن تعتنقي الاسلام ماذا كنت؟ أجابتني مسيحية
-أعرف ذلك لكن سؤالي! وفوراً أجابت كنت كاثوليكية ،حسناً وهل تعتقدين أن المسيح عليه السلام كان كاثولوكياً أو شرقياً أو بروتستانت. اجابت لاأدري ،   تابعت قولي ...ياأخت المسيح لم يكن سوى رسولاً ونبياً مسلماً الى الله جاء بالتوحيد الخالص .وكذلك النبي محمد(ص) لم يكن لاسنياً ولا شيعياً كان نبيأً ورسولاً موحداً مثله مثل كل الانبياء والرسل جاؤا بدين واحد وعقيدة واحدة وشرعة مختلفة ,وهذه لاتلغي أساس العقيدة. لذلك ارجوك أن تكوني مسلمة الى الله وأن تخلصي اليه وتعبديه وتأمرين بالمعروف وتنهين عن المنكر وتواظبي على إقامة العبادات  ,وتخلصي في عملك الدنيوي وتتحلين بمكارم الاخلاق وهذا هو الدين الصحيح وذكرت لها الاية الكريمة ( ومن أحسن قولاً ممن دعا الى الله ,وعمل صالحاً وقالى أنني من المسليمن) ولم يقل إني من الشيعة أو السنة. شكرتني وودعتني بالسلام وكلي أمل ورجاء من الله تعالى أن يمنحها قوة الايمان وصلاح العقيدة.

اوربا ليست بحاجة الى الخلافات المذهبية ، ولذين اعتنقوا الاسلام في اوربا هم كالمسلمين الاوائل ، جذبتهم الى الاسلام عقيدة التوحيد ، منظومة الاخلاق  التي يمتلكونها أيضاً من خلال تربيتهم حتى المسيحية أو غيرها.لماذا نريد اقحامهم في كل تناقضاتنا وصراعنا المذهبي. أحد الدعاة من فينا جاء ليحاضر عن المصارف الاسلامية لغير المسلمين في الجامعة الامريكية في براتسلافا عاصمة سلوفاكيا.بعد المحاضرة سأله أحدهم: ما الفرق بين السنة والشيعية ؟ وفوراً بدأ الاجابة نحن السنة نكفر الشيعة في مئة وخمسين مسألة شرعية.وأراد أن يعددها ، رفعت يدي واستأذنت الحضور كي أتكلم بالعربية وقلت له سامحك الله يا أخي ماذا ستسفيد من هذه الاجابة؟ ارجوك لاتنشر غسيلنا الوسخ بدون مبرر. امتعض مني لأن الحقد من الطرفين قد تغلغل فيهم وزين لهم الشيطان أعمالهم.أني احب الاتقياء من السنة والشيعة،وأحب الوفاق بين الفرقتين المسلمتين وأجل من يدعوا اليه ،وأكره الشقاق بينهما وأبغض من يسعى اليه.وأضع الحقائق فوق الاهواء ولو شاء الله لما اختلفنا وما أنقسمنا ولكن لله حكمة ولنا في الارض اختبار. ما أجمل أن نكف عن تدريس المواد المثيرة للخلاف والشقاق ونكف عن الترويج لها في وسائل الاعلام وفي المجالس والمنتديات والبيوت والاحزاب . الاختلاف لن ينتهي وهذا دليل حيوية الامة وفعاليتها واحترامها لحرية التعبير والتفكير لرعاياها. وعلينا الاتفاق على الاساسيات التي تجمع شتات الامة.ونعود الى الاسلام وعقيدة التوحيدة والى كتاب الله الذي يجمعنا ، هويتتنا الوحيدة أشهد أن لا أله إلا الله  ،نصدق كل الانبياء والرسل ولا نفرق بين أحد منهم. و نقيم اركان الدين. الاسلام هو الخيمة التي يستظل بها المسلم وغير المسلم من رعايا الدولة فينال كل مواطن حقوقه كاملة غير منقوصة. ويتمتع بالعزة والكرامة المكفولة للجميع . أقسم بالله أن اعداء الاسلام مادخلوا خيمة الاسلام لهدمها إلا من وراء المذهبية والطائفية التي تفرق الامة(العراق مثلاً).
مع كل أسف جاءت زوجتي الغالية ومعها كالعادة اكياس النايلون ذات الالوان البهية وفيها الملابس حيث بادرتني: تصور اسعار رائعة ورخيصة.قلت في نفسي وثنية الاستهلاك شئت أم ابيت هي بيتي ايضاً.فلاحول ولا قوة إلا بالله. زهير قوطرش

اجمالي القراءات 23730

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   اشرف ابوالشوش     في   الإثنين ١٤ - مايو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[6971]

ماساتنا

اخي زهير
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
اخي العزيز
احييك على ردك لهذه الاخت المسلمة, ولا اخفيك سرا ان قلت لك انني تضايقت جدا من سخافاتنا نحن المسلمين عندما نحاول ان نجعل المسلمين الجدد ينضمون تحت الوية صراعاتنا التي لم ولن تؤدي الي خير وابدا لم ترضي الله ولن ترضه عنا.
حقيقة وانا اقراء احسست بمدى معاناتك وانت تحاول الرد بل احسست ان السؤال وجه لي انا الاخر , لكن احمد الله ان فتح عليك بالاجابة.
ووالله هذه الاية التي ذكرتها ( ومن أحسن قولاً ممن دعا الى الله ,وعمل صالحاً وقالى أنني من المسليمن) كانني اول مرة اقرائها الان واحس انها ماقيلت الا لمثل هذه المواقف.
اسال الله العلي رب العرش العظيم ان يثبت اختنا هذه على الاسلام الحقيقي لا شيعية ولاسنية بل مسلمة كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم.

2   تعليق بواسطة   لطفية احمد     في   الأربعاء ١٦ - مايو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[7066]

وثنية الاستهلاك شئت أم أبيت

وثنية الاستهلاك شئت أم ابيت هي بيتي ايضاً.فلاحول ولا قوة إلا بالله.الأستاذ/ زهير قوطرش اسمح لي أن أقتبس هذه الكلمات الأخيرة في مقالك القيم، لكي أبدأ بها تعليقي المتواضع والحقيقة
أن لأسلوبك سحرا لا يقاوم، فلم أنتبه إلى انتهاء المقال، فبدايته طريفة ثم موضوع المقال الذي يؤرق معظم المسلين، مرورا بحالة العراق الشقيق وأصل المشكلة من البداية فكم تحمل هذا البلد من الحروب والمعاناة بسبب التصنيفات المختلفة، من مذهبية وعرقية ...الخ.
وفعلا ما أحوجنا إلى الصدق مع أنفسنا ونعترف بالفجوة الكبيرة بين الإسلام كقاعدة معجزة،
والمسلمين في تشتتهم وفرقتهم
فلا حول ولا قوة إلا بالله .

3   تعليق بواسطة   زهير قوطرش     في   الخميس ١٧ - مايو - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[7073]

شكراً على التعليق

اشكر الأخت لطفية والأخ أشرف على صدق مشاعرهم من خلال التعليق.وأؤكد لكم أننا بحاجة ماسة الى انتاج ثقافة خالصة وبعيدة عن المذهبية والطائفية،وبعيدة عن الجمود العقائدي الذي دمر الامة.لهذا فمشوارنا طويل ،لأننا نقاوم سدنة البقاء على الجهل والفقر. الذين يملكون كل ادوات المقاومة، أنهم يقاومون العقل، يقاومون الحب ,يقاومون العودة الى القرآن الكريم الذي فيه ديننا وعزتنا. ونحن لانرفض أيضاً مدرسة النبي محمد (ص) ولكن التي توافق ما جاء في كتاب الله.فمرجعيتنا كانت ومازالت وستبقى كتاب الهداية الذي جاء للناس أجمعين ...القرآن الكريم.

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-02-25
مقالات منشورة : 275
اجمالي القراءات : 5,712,939
تعليقات له : 1,199
تعليقات عليه : 1,466
بلد الميلاد : syria
بلد الاقامة : slovakia