ماهية الرسائل المشفرة للحركة الامازيغية بمناسبة تعيين سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة القادمة ؟

مقدمة مطولة الى النهاية                                      

ان المغرب بعد سنة 1956 لم يستطيع انتاج حركة اسلامية مغربية الجذور و الاغصان بحكم ان الاغلبية العظمى من الامازيغيين هم مسلمين منذ قرون خلت حيث استطاعوا بناء حضارتهم الامازيغية الاسلامية و المستقلة عن ما يسمى بالخلافة الاسلامية و استطاعوا ابداع انظمة متطورة ذات الطابع العلماني الاصيل في مناطق الامازيغيين اي بلاد السيبة كما سماها تاريخ المخزن الرسمي بغية بناء شرعية دينية  بدون هوية هذه الارض الامازيغية على الاطلاق... فكانت انطلاقة تيارات الاسلام السياسي ببلادنا في اواسط سبعينات القرن الماضي بشكل سري مع الشبيبة الاسلامية لكن بدون اي ارتباط بالامازيغية كلغة و كثقافة و كبعد ديني و كتاريخ اجتماعي الخ لان السلطة قررت بعد سنة 1956 بكل سهولة اقبار الامازيغيين و هويتهم الاصيلة على مختلف المستويات و الاصعدة عبر تبني افكار ما يسمى بالحركة الوطنية و اكاذيبها حيث لعل من ابرزها على الاطلاق هي اكذوبة الظهير البربري الحقيرة بالنسبة لي ككاتب كتاب حول هذه الايديولوجية المعادية لكل ما هو امازيغي و المعادية الان لاي ادماج للامازيغية كلغة و كثقافة الخ داخل حقلنا الديني الرسمي  حيث على فكرة فانني ارسلت كتابي للمراجعة و للاغناء الى الاستاذ زهور منذ دجنبر الماضي حيث اصبح عنوان الكتاب هو الامازيغية و الاسلام و اسطورة الظهير البربري حيث اشكر جزيل الشكر الاستاذ زهور على مساعدته القيمة لي و اتمنى ان اجد دار للنشر قريبا لطبع هذا الكتاب   ...

اولا انني اعتبر بصفتي الشخصية ان تعيين الملك محمد السادس للاستاذ الجليل سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة هو حدث سياسي عظيم في هذا السياق لان هذا الاستاذ الجليل يمثل بالنسبة لي على اقل التيار الامازيغي الاسلامي داخل حزب العدالة  و التنمية حيث لا يهمني ماضي هذا الرجل و تصريحاته المعادية للامازيغية بصريح العبارة لكن بالمقابل يهمني تصريحاته لصالح الامازيغية في عز النقاش العمومي حول الاصلاحات الدستورية لسنة 2011 بينما كان الاستاذ عبد الاه بنكيران قد رفع في وجه الحركة الامازيغية شعار اسلمة الدولة كاننا كفار منذ 14 قرنا و كأن اجدادنا لم يساهمون قط في ترسيخ الاسلام و قيمه العقلانية او انهم لم يقاومون الاستعماران الفرنسي و الاسباني قط.

من فضائل هذا الاستاذ الجليل على الامازيغية هي دعوته المثيرة للاعجاب حين كان وزير الخارجية و التعاون قصد حذف مصطلح المغرب العربي في اجتماع وزراء خارجية اتحاد المغرب الكبير على هامش القمة العربية في مارس 2012 حيث أحدثت هذه الدعوة العديد من الردود الغاضبة لدى رموز العروبة و الاسلام السياسي علما ان الدستور الحالي اصبح لا يعترف بمصطلح المغرب العربي الاقصائي لكن اعلامنا الوطني مازال يستعمل هذا المصطلح الغير دستوري الان..

انني حقيقة لا ادافع عن حزب العدالة و التنمية بعد تعيين سعد الدين العثماني رئيس الحكومة لان موقفي من الاسلاميين ذوي النزعة السلفية هو صريح عبر مقالاتي و عبر كتابي غير اننا علينا عدم النسيان او التجاهل ان التاريخ الثقافي للحركة الامازيغية قد سجل بالمداد من الفخر و الاعتزاز رسالة جامعية قيمة للغاية  حول الواح جزولة و التشريع الاسلامي لدار الحديث الحسنية في اواسط السبعينات للمرحوم امحمد العثماني الذي هو والد الاستاذ سعد الدين العثماني حيث ان المرحوم امحمد العثماني كان فقيه لكنه تمرد على السلفية الرسمية في ذلك الزمان حيث قام ببحث استنثائي حسب مقاييس ذلك الزمان البعيد حول العرف الامازيغي و علاقته بالشريعة الاسلامية و حول تقاليد الامازيغيين الاجتماعية و الدينية حيث وجدت هذا البحث كتابا طبعته ورارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية في خزانة  جدي منذ سنوات..

و يتضمن هذا الكتاب على حقائق نادرة من تاريخنا الاجتماعي  لمنطقة سوس من قبيل ان العرف الامازيغي كان لا يعترف بالحدود الاسلامية كحد القتل و حد الزنى و حد السرقة لان  العرف الامازيغي او القانون الوضعي الامازيغي هو ذو نزعة انسانية تحترم حقوق الانسان كما متعارفة  عليها دوليا الان بمعنى ان المرحوم امحمد العثماني لو عاش الى اليوم لناضل من اجل اسقاط ايديولوجية الظهير البربري و امن ان العلمانية هي صلب تاريخنا الاجتماعي بينما فقهاء عصرنا الحالي يعتبرون ان الامازيغية جاهلية قائمة الذات ...

ان ابرز رسالة مشفرة للحركة الامازيغية ببعدها المدني و السياسي بعد تعيين العثماني رئيسا للحكومة هي ان الجهات العليا تريد التغيير الجذري في البلاد بعد عودة المغرب الى اسرته الافريقية حيث ان حكومة بن كيران حطمت كل المكاسب التي جاء بها الدستور الحالي من قبيل ترسيم  الامازيغية و تحقيق المناصفة بين الرجال و النساء و بالاضافة الى هذا المخلوق العجيب كان يستعرض قاموسه السلفي امام العامة الخ  .

هناك رسالة مشفرة اخرى تقول ان الجهات العليا تريد محاربة الارهاب السلفي من جذوره حيث نتذكر جميعا دعوة الملك محمد السادس في فبراير 2016 الى مراجعة مادة التربية الاسلامية لكي تتماشي مع اسلامنا الامازيغي  المغربي لان اجدادنا الامازيغيين هم اصحاب الحضارة الاسلامية المغربية الحقيقيين ليس غيرهم حيث علينا كحركة امازيغية التحرك في هذا الاتجاه الان بالتمام و الكمال حيث ان سعد الدين  العثماني هو ابن المرحوم امحمد العثماني صاحب الرسالة الجامعية حول الواح جزولة و التشريع الاسلامية التي ظلت في الهامش بالرغم من وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية طبعتها في سنة 2004 غير ان لا احد من العامة يعرف بوجود هذا الكتاب اصلا لهذه الوزارة لم تعطي اي اهتمام للامازيغية كهوية اسلامية في يوم من الايام حسب رايي  الشخصي كصاحب كتاب الامازيغية و الاسلام و اسطورة الظهير البربري .....

في ختام هذا المقال اتمنى من اعماق القلب الخالص التوفيق و النجاح للاستاذ سعد الدين العثماني  بصفتي الشخصية....

توقيع المهدي مالك