مالمقصود بالصلاة على النبي في القرآن الكريم ؟!:
مالمقصود بالصلاة على النبي في القرآن الكريم ؟!

ايمن حمزى Ýí 2016-10-24


وجدنا آباءنا يصلون على النبي بقولهم (اللهم صلي وسلم على محمد)!! (عليه الصلاة والسلام)!! (صلى الله عليه وسلم)!!
فهل بمجرد ترديدي لهذه العبارات ومثلها أكون قد صليت على النبي كما أمرني الله تعالى ؟!
 
للإجابة على هذا السؤال دعونا نتأمل في اﻷمر الإلهي بالصلاة على النبي حيث يقول تعالى :
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)
[سورة اﻷحزاب 56]
 
- نلاحظ أن الله تعالى يخبرنا أنه وملائكته يصلون على النبي !!
- ثم يأمرنا أن نصلي عليه نحن ونسلم تسليما !!
 
والآن لنرى تنفيذنا للأمر :
- نحن ننفذ اﻷمر كما تعلمنا فنقول ( اللهم صلي وسلم على محمد)
لنتأمل عبارة التنفيذ سنجد أننا قلنا (اللهم) نطلب من الله (صلي وسلم على محمد) أن يصلي على النبي !!
إذا نحن نعيد الأمر بصيغة طلب إلى الله تعالى أن يصلي هو على نبيه في حين أنه تعالى قد أخبرنا أنه يفعل ذلك أصلا هو وملائكته !!
ويأمرنا نحن أن نصلي عليه فأين صلاتنا نحن وأين استجابتنا للأمر؟!
إن مثل ماسبق كمثل أن أقول لك إني أدعو لفلان فادعوا له أنت فتجيبني بقولك ادعو له أنت !!!
فهل أنت بخيل ؟! أم هل أنت لا تحب فلان فكأنك تقول لي يكفي دعائي أنا ولست معنيا به ؟!
أم هل أنت بليد لترد الطلب إلي مع أني أصلا قد أخبرتك أني أدعو له ؟!!
إذا أعتقد أننا وجدنا آباءنا يطلبون من الله أن يصلي على النبي فاتبعناهم دون تفكير !!
بل ونجد أننا نطلب من الله أن يسلم على نبيه في حين أن الله تعالى لم يخبرنا أنه يسلم على النبي ﻷنه سبحانه وجل في علاه ما ينبغي له أن يسلم ﻷحد من خلقه بينما يسلم له كل شيئ مما خلق ﻷن التسليم في الآية ليس بمعنى التحية كما سنعرف لاحقا !!
 
ولمعرفة كيف نصلي على النبي كما أمر الله تعالى يجب أن نعرف:
 
أولا : المقصود بالصلاة !!
ثانيا : كيف يصلي الله وملائكته على النبي !!
 
وﻷن الموضوع يحتاج إلى تفصيل وبحث أدق ليس هنا مجاله فسأحاول الاختصار والاكتفاء ببعض الأدلة والاستشهادات لتصل الفكرة للقارئ وسأحاول التفصيل أكثر في بحث مستقل إن شاء الله .
 
أولا : الصلاة
 
يمكن فهم معنى الصلاة من القرآن الكريم من المقابلة في قوله تعالى :
(فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّىٰ * وَلَٰكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ)
[سورة القيامة 31 - 32]
 
صدق يقابلها كذب
صلى يقابلها تولى
 
ونفهم أن من تولى هو من أدار ظهره وأدبر وابتعد فيكون من صلى هو من اتجه بوجهه وأقبل واقترب .
 
وكذلك في قوله تعالى : أرأيت الذي ينهى . عبدا إذا صلى .
يأمر الله تعالى عبده بعدم طاعة ذلك الذي ينهاه عن صلاته في آخر السورة بقوله :
كلا لا تطعه واسجد واقترب .
بمعنى لاتطعه وأدي صلاتك بالسجود والاقتراب .
فيكون معنى الصلاة هو التوجه والإقبال والاقتراب بما يؤدي لتكوين صلة أو اتصال أو وصول يمكن من تحقيق هدف او فائدة معينة .
وبتدبر بسيط للآية البينة والواضحة في قوله تعالى :
(قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ ۖ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ)
[سورة هود 87]
نجد أن قوم شعيب يتحدثون عن صلاتين لنبيهم ، 
اﻷولى فيها اﻷمر لشعيب ودل عليها القول (تأمرك) وهي الصلة أو القناة التي تلقى بها شعيب اﻷوامر من الله تعالى وهي الوحي (صلاة الله على نبيه شعيب)، 
والثانية فيها الأمر لقومه ودل عليها القول (أن نترك) وهي الصلة أو القناة التي بلغ بها شعيبا قومه تلك اﻷوامر وهي تلاوتها عليهم مباشرة (صلاة شعيب على قومه) .
 
إذا الصلاة هي التوجه والاقبال لتكوين رابط أو قناة بين طرفين لنقل قول أو فعل من طرف لآخر .
 
ثانيا : كيف يصلي الله وملائكته على النبي ؟!
من خلال معرفتنا لمفهوم الصلاة يمكن باختصار القول بأن الله تعالى يصلي على نبيه كما يلي :
أ ) في حياته :
- وجده يتيما فآوى .
- وجده ضالا فهدى .
- وجده عائلا فأغنى .
- أرسل ملائكته عليه بالوحي .
- أيده بنصره وأنزل سكينته عليه .
- أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد اﻷقصى . 
- فتح له فتحا مبينا .
- مدحه وأثنى عليه .
- غفر له ماتقدم من ذنبه وما تأخر.
- بين له مهمته وعلمه مالم يكن يعلم .
- وكل مادل على مثل ذلك في كتاب الله تعالى تم عبر صلة الله تعالى ورعايته وعونه لنبيه في حياته .
 
ب) بعد مماته نجده 
- يأمرنا بطاعته وجعله أسوة حسنة.
- يأمرنا باتباعه والسير على نهجه .
- يخبرنا بصفاته وبسيرته .
- يطلعنا على حياته في بيته ومع أهل بيته وأزواجه ومع أصحابه .
- وهكذا في كل ما ينقله كتاب الله عن رسول الله من أحوال وأقوال وأفعال يذكرها الله لكل جيل حتى قيام الساعة .
 
وأخيرا : كيف إذا نصلي نحن على النبي ؟!
لاشك بعد العرض السابق أن صلاتنا على النبي لايمكن أن تكون مجرد بضعة كلمات لامعنى ولافائدة منها ولكن ستعنى أن نقبل ونتوجه ونقترب منه حتى نصل لمعرفة تامة بما أمره الله تعالى في كتابه أن يقول لنا وأن يبلغنا وكيف كانت حياته وعلاقاته بأهله وأصحابه وأعدائه وكيف كان ينفذ أوامر الله تعالى فنتبعه ونقتدي به ونجعله أسوة حسنة .
 
كل ذلك معرفتنا به وحبه واتباعه هو صلاتنا على النبي التي أمر بها الله تعالى ﻷنه بعدها أمرنا أن نسلم تسليما أي أن نؤمن و نصدق وننقاد ونتبع ما وصلنا إليه من معرفة بصلاتنا عليه وليس كما قيل أن نلقي التحية عليه وهو يرد عليها فهذا مما يخالف القرآن فرسول الله قد مات والموتى لايسمعون كما أخبر الله سبحانه وتعالى .
 
والله أعلى وأعلم .
اجمالي القراءات 8288

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   سعيد علي     في   الأربعاء ٢٦ - أكتوبر - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[83506]

اضافة جميلة استاذ أيمن حمزى


لقد كتب و فصّل كتّاب و معلقي أهل القران في هذه المسألة جزاهم الله كل خير و بدأوا بالضبط بالتسآؤل كما بدأت أنت و لك إضافة جميلة - من وجه نظري - في تسآؤلك : صلاة الله على شعيب و صلاة شعيب على قومه هذه إضافة جميلة تزيد الموضع وضوحا .



شكرا لجميل كتاباتكم وفقكم الله جل و علا .



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2016-09-23
مقالات منشورة : 19
اجمالي القراءات : 275,058
تعليقات له : 79
تعليقات عليه : 31
بلد الميلاد : Tunisia
بلد الاقامة : Tunisia