ثورة جياع:
خزانة معطلة وبنك مشيد

عبدالوهاب سنان النواري Ýí 2016-10-15


مهما بلغ فساد المستبد العلماني فإن الأوضاع في بلاده لن تصل إلی الصفر، فالعلماني يعمل علی تعمير الأرض والتمتع بنعيم الدنيا، لهذا فهو حريص علی استقرار الأوضاع، فيهادن هذا، ويشتري ذاك، ويقدم التنازلات لؤلئك، بالتعبير الشعبي: (يأكل ويؤكل من حوله) والوطن في النهاية يتسع للجميع.

أما في عهد المصلح الكهنوتي، فالأوضاع تصل إلی ما تحت الصفر، لأن البلاد تحكم من قبل جاهل معقد، يكره الحياة، ويكره الزهور، ويكره التنوع الفكري والثقافي .. الخ. هو إنسان مستهتر يعشق الموت والدمار والدماء، ويتلذذ بآلام الناس وأوجاعهم، وبثقافة الموت يقود البلاد نحو ذلك المنحدر الرهيب المخيف، منحدر الموت.

صحيح أن الخدمات التعليمية والصحية والأمنية والعمرانية وغيرها تسوء في عهد الفاسد العلماني، ولكنها في النهاية موجدة وتعمل بالإمكانات المتاحة، وصحيح أن الفساد يضرب كل قطاعات الدولة، إلا أنه في النهاية فساد منظم وشبه قانوني، والمؤسسات قائمة.

أما في عهد المصلح الكهنوتي فإن هذه الخدمات تنعدم وتزول، فهو لا يريد متعلمين، والمرض والفقر مشيئة الله تعالی، ولا يصح للمؤمن أن يعترض علی مشيئة الله جل وعلا، وبهذه العقلية يتعامل مع كل نواحي الحياة. ويطلع الفساد من تحت الطاولة، وينزع وجه الحياء، ليصبح فسادا شرعيا وبالغصيباني، وتنهب وتدمر مؤسسات الدوله، وكله بما يرضي الله.

العلماني أيضا يتعامل مع دول العالم بحكمة وحنكة، يتواصل مع الشرق والغرب، ويعرف حجم دولته إقليميا وعالميا جيدا. وحتی إذا خاض حربا فهو يخوضها من أجل السلام، هذا بعد أن يستنفذ كل الوسائل السلمية، فإذا رأی أن الحرب فوق طاقة دولته، جنح للسلم، ولو علی حساب جزء يسير من الأرض، مقابل تجنيب بلاده وشعبه الدمار الشامل.

أما الكاهن فيركب عقله ولا يعرف حجم دولته، فيستفز دول الجوار، ويقلق دول العالم، وحروبه دائما من أجل الحرب، يحارب كي يحارب، يبدأ الحرب كي لا تنتهي، لانه مصاص دماء، جاء بالحرب وبقائه مرهون ببقاءها، وما نبالي ما نبالي.

وفي كل الأحوال، فالمستبد العلماني لا ينسب جرائمه وأخطاءه إلی الله جل وعلا، فهو يقول: أخطأت تقديراتنا .. خذلنا حلفاؤنا .. عليا وعلی أعدائي .. هذه مؤامرة إقليمية ضدنا .. الخ.

أما الكاهن فينسب أخطاءه وجرائمه لله تعالی، فالله جل وعلا هو الذي استفز دول العالم وأتی بها لتدمير البلاد، وهو الذي يقتل أبناء الشعب، ويكمم أفواههم، وهو الذي يدمر المدن ويهدم المساكن علی رؤس ساكنيها .. الخ.

ومهما يكن من أمر، فإن الشعب يستطيع أن يتحمل فساد العلماني بمفرده، أو طغيان الكهنوتي بمفرده، ولكن ماذا عندما يعقد الفاسد العلماني زواجا متعة مع الطاغية الكهنوتي، هل يستطيع أي شعب في العالم أن يتحمل هذا الجور والطغيان المزدوج؟

لا أعتقد أنه يستطيع أن يتحمل كثيرا، سيصبر علی الفساد المالي والإداري ونهب الدولة، وسيصبر علی قمع الحريات وتكميم الأفواه، وسيتحمل الضرب والعدوان الخارجي، ولكن ماذا حين تصل الأمور إلی نهاية المطاف .. حين تصل الأمور إلی قطع لقمة عيشه؟

هنا لا بد من إندلاع ثورة جياع تلتهم وتدمر كل شيء، هي حتمية تاريخية يجهلها الكهنة ومن أعماهم الحقد علی شعوبهم التي طالبتهم بالرحيل، بسبب فسادهم.

وصدق الله القائل: فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية علی عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد ، أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو ءاذان يسمعون بها فإنها لا تعمی الأبصار ولكن تعمی القلوب التي في الصدور (45-46) الحج

اجمالي القراءات 4123

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2014-11-03
مقالات منشورة : 84
اجمالي القراءات : 960,635
تعليقات له : 60
تعليقات عليه : 67
بلد الميلاد : Yemen
بلد الاقامة : Yemen