ابن إسحاق النصراني:
بني قريضة

عبدالوهاب سنان النواري Ýí 2016-09-21


بالنسبة لموضوع ذبح وسبي أسری يهود بني قريضة، فقد سبق وتحدثنا في هذه الكذبة التاريخية كثيرا.

وقلنا: أن حكم الأسری في الإسلام (القرآن الكريم) لا يعدو شيئين: إما من، وإما فداء، وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالی: فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتی إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتی تضع الحرب أوزارها (محمد 4) .

ولا يمكن لخاتم النبيين أن يخالف القرآن، ولو حدث ذلك لنزل الوحي يعاتبه ويؤنبه، كما عاتبه علی أخذه أسری من خارج أرض المعركة، حين قال له رب العزة: وما كان لنبي أن يكون له أسری حتی يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم ، لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم (الأنفال 67-68) .

أما بالنسبة لليهود بشكل عام فقد تكرر غدرهم وخيانتهم فكتب عليهم الجلاء، والجلاء هو الرحيل بالنفس والأهل والأموال المنقولة، حتی أنهم كانوا يخربون بيوتهم قبل رحيلهم، وفي ذلك يقول سبحانه وتعالی: هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار ، ولولا كتب عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار (الحشر 2-3) .

الذي كان يحدث أنهم يبدؤن العدوان ثم يتحصنون، وبعد أن يقعوا في الأسر يفتدوا أنفسهم بممتلكاتهم الثابتة ويرحلوا.

وبالنسبة لورود قصة ذبح رجال بني قريضة وسبي نسائهم وذراريهم في السيرة التي كتبها ابن إسحاق النصراني، فلاسباب سياسية.

فقد كتب ابن اسحاق النصراني السيرة بما يتوافق مع ثقافة الجاهلية الثانية، كتبها واهداها للخليفة أبو جعفر المنصور العباسي، تماما كما فعل مكيافيلي في كتابه الأمير.فقد كلفته السياسة العباسية أن يجعل لجرائمها مصوغا ومرجعية شرعية من خلال سيرة مزورة منسوبة لخاتم النبيين.

توفي ابن إسحاق النصراني سنة 151 في زمن ابو جعفر المنصور الذي تكفل بدعمه لكتابة السيرة على النحو الذي يضمن ترسيخ دعائم حكم العباسيين الذي قام المنصور بجعل المذاهب المختلفة والروايات تقوم مقام وحدة الدين... كان المنصور بعيد النظر فأسس لكل ما نعرفه عن النبي وزوجاته وعن الصحابة والخلفاء وكل القصص التي يعتبرها رجال الدجل ديناً لايقبل النقاش والنقض... وقد شجع الكتاب على كتابة ما يشاءون في نطاق مايسمح به وجعل الحكم في ذريته بعد ان قتل اعمامه وكل من ينتسب إلى بني العباس كما قام هو وذريته بتصفية كل معارض سياسي أو ديني يحاول فهم التنزيل بعيداً عن المرويات التي أبدعتها خيالات من شجعهم المنصور وأولاده.

بعد ذلك جاء كل المؤرخون في العصور الوسطی ونقلوا عن ابن اسحاق النصراني، ولم يجدوا في ذلك مشكلة، لأنها كانت تتوافق مع ثقافة العصور الوسطی، أو الجاهلية الثانية التي بدأت بموت خاتم النبيين.

وحاليا هناك العديد من الدراسات والكتابات المعاصرة التي تنفي وتفند هذه الكذبة التاريخية، وأهمها كتابات والدي الدكتور/ أحمد صبحي منصور - رئيس المركز العالمي للقرآن الكريم.

اجمالي القراءات 6141

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2014-11-03
مقالات منشورة : 84
اجمالي القراءات : 960,726
تعليقات له : 60
تعليقات عليه : 67
بلد الميلاد : Yemen
بلد الاقامة : Yemen