هجص الخضر عند ابن تيمية :( ب3 ف 4)

آحمد صبحي منصور Ýí 2016-01-16


 كتاب ( الخضر بين القرآن الكريم وخرافات المحمديين )

الباب الثالث  : صناعة اسطورة الخضر فى العصرين المملوكى والعثمانى 

الفصل الثالث : هجص الخضر عند ابن تيمية  

 

خصّص ابن تيمية ت 728 رسالة عن الخضر ( هل مات أو هو حىّ ) بالاضافة الى تعرضه لهجص الخضر فى سطور متفرقة من رسائله الكثيرة . وننصح بالرجوع الى رسائل ابن تيمية المنشورة على الانترنت والتى نقلنا منه بعض أقواله فى هذه اللمحة عن هجص الخضر عند ابن تيمية .

ونضع هذه الملاحظات عن هجص الخضر عند ابن تيمية :

1 ـ إيمانه بأن العبد الصالح الذى إلتقى موسى عليهما السلام إسمه الخضر ، وهذا أساس الهجص . وينبع هذا من إيمان ابن تيمية بصحيح البخارى ، وإعتقاده ان كتاب البخارى وحى الاهى ، ومصدر من أهم مصادر الدين الاسلامى . وابن تيمية بهذا يكفر بقول رب العزة جل وعلا : ( فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ) الاعراف (185)  المرسلات 50  ) وقوله جل وعلا : ( تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) الجاثية ).

2 ـ إتخذ ابن تيمية من رأيه دينا قاطعا وإعتبر من يخالفه كافرا ، مستحقا للقتل إن لم يتب . يقول : ( وكذلك من اعتقد أن أحدًا من أولياء الله يكون مع محمد صلى الله عليهوسلم، كما كان الخضر مع موسى ـ عليه السلام ـ فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه؛لأن الخضر لم يكن من أمة موسى عليه السلام ‏)‏‏.‏وقال فى معرض الرد على تأليههم الخضر وتحرر الولى من الشريعة أسوة بالخضر: ( ومحمد صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى جميع الثقلين؛ إنسهم وجنهم‏.‏فمن اعتقد أنه يسوغ لأحد الخروج عن شريعته وطاعته، فهو كافر يجب قتله‏.‏) وقال : ( من اعتقد أن في أولياء اللّه من لا يجب عليه اتباع المرسلين وطاعتهمفهو كافر، يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، مثل من يعتقد أن في أمة محمد صلى الله عليهوسلم من يستغنى عن متابعته كما استغنى الخضر عن متابعة موسى، فإن موسى لم تكن دعوتهعامة، بخلاف محمد صلى الله عليه وسلم فإنه مبعوث إلى كل أحد، فيجب على كل أحدمتابعة أمره، وإذا كان من اعتقد سقوط طاعته عنه كافرًا، فكيف من اعتقد أنه أفضلمنه، أو أنه يصير مثله‏!‏‏.‏) ( ومن هؤلاء من يظن أن الاستمساك بالشريعة ـ أمرًا ونهيًا ـ إنما يجبعليه ما لم يحصل له من المعرفة أو الحال، فإذا حصل له لم يجب عليه حينئذ الاستمساكبالشريعة النبوية، بل له حينئذ أن يمشي مع الحقيقة الكونية القدرية، أو يفعل بمقتضىذوقه ووجده وكشفه ورأيه من غير اعتصام بالكتاب والسنة، وهؤلاء منهم من يعاقب بسلبحاله حتى يصير منقوصًا عاجزًا محرومًا، ومنهم من يعاقب بسلب الطاعة حتى يصيرفاسقًا، ومنهم من يعاقب بسلب الإيمان حتى يصير مرتدًا منافقًا، أو كافرًا ملعنًا‏.‏وهؤلاء كثيرون جدًا، وكثير من هؤلاء يحتج بقصة موسى والخضر‏.‏ ) ( ومن ظن أن الخضر وغيره سقط عنهم الأمر لمشاهدة الإرادة، ونحو ذلككان قوله هذا من شر أقوال الكافرين باللّه ورسوله‏.‏ ).

وفى مواجهته لأتباع ابن عربى القائلين بالحلول والاتحاد والتحرر من أداء العبادات بتأويل ما قيل عن شخصية الخضر وهجصه ، يقول ابن تيمية :( وقد كان عندنا شيخ من أجهل الناس، كان يعظمه طائفة من الأعاجم،ويقال‏:‏ إنه خاتم الأولياء، يزعم أنه يفسر العلم بوجهين، وأن النبي صلى الله عليهوسلم إنما فسره بوجه واحد، وأنه هو أكمل من النبي صلى الله عليه وسلم،  وهذا تلقاهمن صاحب الفصوص،( يقصد ابن عربى )   ، وأمثال هذا في هذه الأوقات كثيرون، وسبب ضلال المتفلسفة، وأهلالتصوف والكلام، الموافقة لضلالهم، وليس هذا موضع الإطناب في بيان ضلال هذا، وإنماالغرض التنبيه على أن صاحب الفصوص ( يقصد ابن عربى )  وأمثاله قالوا قول هؤلاء‏.‏... فأما كفر من يفضل نفسه على النبي صلى الله عليه وسلم ـ كما ذكر صاحبالفصوص ـ( يقصد ابن عربى )  فظاهر، ولكن من هؤلاء من لا يرى ذلك، ولكن يرى أن له طريقًا إلى الله غيراتباع الرسول، ويسوغ لنفسه اتباع تلك الطريق وإن خالف شرع الرسول، ويحتجون بقصةموسى والخضر‏.‏ولا حجة فيها لوجهين‏:‏أحدهما‏:‏ أن موسى لم يكن مبعوثًا إلى الخضر، ولا كان يجب على الخضراتباع موسى، فإن موسى كان مبعوثًا إلى بني إسرائيل، ولهذا جاء في الحديث الصحيح‏:‏‏(‏أن موسى لما سلم على الخضر قال‏:‏ وإني بأرضك السلام‏؟‏ قال‏:‏ أنا موسى، قال‏:‏موسى بني إسرائيل‏؟‏ قال‏:‏ نعم، قال‏:‏ إنك على علم من علم الله علمكه الله لاأعلمه، وأنا على علم من الله علمنيه لا تعلمه‏)‏‏.‏...الثاني‏:‏ أن قصة الخضر ليس فيها مخالفة للشريعة، بل الأمور التيفعلها تباح في الشريعة، إذا علم العبد أسبابها كما علمها الخضر، ولهذا لما بينأسبابها لموسى وافقه على ذلك، ولو كان مخالفًا لشريعته لم يوافقه بحال‏.)

وعن أتخاذ الصوفية من هجص الخضر حُجة على ترك الصلاة ، يقول ابن تيمية فى كلام طويل ننقل بعضه : (‏وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏بينالعبد وبين الشرك ترك الصلاة‏)‏ وقال‏:‏ ‏(‏العهد الذي بيننا وبينهم / الصلاة، فمنتركها فقد كفر‏)‏‏.‏ فمن لم يعتقد وجوبها على كل عاقل بالغ غير حائض ونفساء، فهوكافر مرتد باتفاق أئمة المسلمين، وإن اعتقد أنها عمل صالح وإن اللّه يحبها ويثيبعليها، وصلى مع ذلك وقام الليل، وصام النهار، وهو مع ذلك لا يعتقد وجوبها على كلبالغ، فهو أيضًا كافر مرتد، حتى يعتقد أنها فرض واجب على كل بالغ عاقل‏.‏..الخ ) ويقول : ( والمقصود أنه ليس في قصة الخضر ما يسوغ مخالفة شريعة رسول الله صلىالله عليه وسلم لأحد من الخلق‏.‏  )

المستفاد أن ابن تيمية إتخذ من رأيه دينا قاطعا ومرجعية يجادل بها الصوفية الذين ربطوا بين هجص الخضر وعقائدهم الاتحادية الحلولية وخصوصا ما زعموه عن سقوط التكاليف التعبدية على الولى الصوفى ( الاله ) طالما يجلس بزعمهم فى ( الحضرة الالهية ) .

  3 ـ ومع هذا كان ابن تيمية متأثرا بالتصوف ورواده الأوائل وومزاعم كراماته ، وقد عرضنا لهذا فى دراسات سابقة ، ولكن نتوقف هنا سريعا مع تناقض ابن تيميه مع نفسه فى موضوع حياة الخضر ، فهو مرة يتقمص زى الفقهاء السنيين وينفى استمرار حياته ، ومرة أخرى ينحنى لدين التصوف ويثبت استمرار حياة الخضر . وفى كل الأحوال فما أسهل عليه أن يحكم بقتل من يخالفه فى الرأى ، بعد أن يتكرم عليه بالعفو عنه لو تاب ، على عادة السنيين السيئة بقولهم ( يُستتاب فإن لم يتب يُقتل ) .! .

 فى نفى حياته ، نقرأ (  وَسُئلَ ـ رَحمَهُ اللَّهُ ـ عن ‏‏الخضر‏‏ وإلياس، هل هما معمران‏؟‏بينوا لنا ـ رحمكم اللّه تعالى‏.‏فأجاب‏:‏إنهما ليسا في الأحياء، ولا معمران، وقد سأل إبراهيم الحربي أحمد بنحنبل عن تعمير الخضر وإلياس، وأنهما باقيان يريان ويروى عنهما، فقال الإمام أحمد‏:‏من أحال على غائب لم ينصف منه، وما ألقى هذا إلا شيطان‏.‏وسئل البخاري عن الخضر وإلياس‏:‏ هل هما في الأحياء‏؟‏ فقال‏:‏ كيفيكون هذا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا يبقى على رأس مائة سنة ممن هوعلى وجه الأرض أحد‏؟‏‏)‏‏.‏

وقال أبو الفرج ابن الجوزي‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍمِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ‏}‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏ 34‏]‏ وليس هما فيالأحياء‏.‏ واللّه أعلم‏.‏).

 هنا يستدل ابن تيمية على موت الخضر بحديث البخارى : (‏ ‏لا يبقى على رأس مائة سنة ممن هوعلى وجه الأرض أحد‏؟‏‏)‏‏.‏

وفى إثبات حياته ، نقرا : ( سُئلَ الشَّيْخُ ـ رَحمَهُاللَّهُ‏:‏هل كان الخضر ـ عليه السلام ـ نبيًا أو وليًا ‏؟‏ وهل هو حي إلىالآن‏؟‏ وإن كان حيًا فما تقولون فيما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏‏(‏لو كان حيًا لزارني‏)‏ هل هذا الحديث صحيح أم لا‏؟‏فأجَـاب ‏:‏ ...... ...وأما حياته‏:‏ فهو حي‏.‏ والحديث المذكور لا أصل له، ولا يعرف لهإسناد، بل المروي في مسند الشافعي وغيره‏:‏ أنه اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم،ومن قال‏:‏ إنه لم يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم فقد قال ما لا علم له به، فإنهمن العلم الذي لا يحاط به‏.‏ومن احتج على وفاته بقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أرأيتكمليلتكم هذه، فإنه على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها اليومأحد‏)‏ فلا حجة فيه، فإنه يمكن أن يكون الخضر إذ ذاك على وجه الأرض‏.‏ولأن الدجال ـ وكذلك الجساسة ـ الصحيح أنه كان حيا موجودا  على عهدالنبي صلى الله عليه وسلم، وهو باق إلى اليوم لم يخرج، وكان في جزيرة من جزائرالبحر‏.‏فما كان من الجواب عنه كان هو الجواب عن الخضر، وهو أن يكون لفظالأرض لم يدخل في هذا الخبر، أو يكون أراد صلى الله عليه وسلم الآدميين المعروفين،وأما من خرج عن العادة فلم يدخل في العموم، كما لم تدخل الجن، وإن كان لفظًا ينتظمالجن والإنس‏.‏ وتخصيص مثل هذا من مثل هذا العموم كثير معتاد‏.‏ واللّه أعلم‏.‏).

 هنا نرى ابن تيمية ينفى حديث البخارى : ‏(‏لا يبقى على رأس مائة سنة ممن هوعلى وجه الأرض أحد‏؟‏‏)‏‏.‏ وفى نفس الوقت يستدل على حياة الخضر بهجص البخارى عن علامات الساعة من ظهور الدجال والجساسة .

وابن تيمية بهذا يكفر بآيات القرآن الكريم التى تؤكد أن النبى لا يعلم الغيب وليس له أن يتكلم فيه ولم يكن يعلم موعد الساعة ولا علاماتها .

  

اجمالي القراءات 7926

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   عبد الرحمن اسماعيل     في   السبت ١٦ - يناير - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[80000]

سقوط ابن تيمية في بحر الخضر


ابن تيمية مع وقوفه ضد التصوف إلا انه لم يسلم من  السقوط في بحر الخصر .. فمع كون الخضر مسرج ومرتع مهم للهجص والخبص  عند الصوقية إلا أن ابن تيمية لم يترك لهم حق الهجص وهجص هو الآخر .. وهذا يثبت أن حق الهجص محفوظ لكل هاجص سواء اكان سنيا أم صوفياً  .  ,,



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4981
اجمالي القراءات : 53,375,867
تعليقات له : 5,324
تعليقات عليه : 14,623
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي