ياعزيزي كلنا دواعش (2)

سامح عسكر Ýí 2015-11-24


على صفحتي بالفيس بوك وتويتر توجد كل تنويعات الفكر الرئيسة..يوجد المؤمن والملحد..السلفي والتنويري..السني والشيعي..المسيحي والبهائي واليهودي..الإخواني والعلماني..هذا الخليط المتمايز من الفكر يسمح باستخلاص أفكار جيدة من إجابات الأسئلة الهامة، لذلك أحرص كل فترة على إلقاء سؤال هام أرى من خلال الأجوبة عليه أبعاد رؤيته في المخزون الإنساني..لأن الأديان تمثل حالة مخزون بشري في الأخير تحوي بداخلها كل أنوع وطرائق التفكير.

لكن هذه الحالة لها سلبياتها فأحيانا يفرض عليك هذا التنوع عدم كتابة ما يغضب الجمهور، وهي آفة تزعج كل الكُتاب أن يكتب حسب هوى الجمهور خشية مركزه الفكري والاجتماعي، فلو كانت الحالة مؤيدة-مثلا- للمزاج الشيعي فترى الأكثرية من المتفاعلين شيعة..وهكذا في السنة..وقتها لو كتبت ما يعارض هذا المزاج ترى هجوماً غير معتاد أو تعليقات على شاكلة.."كنت فاكرك موسى طلعت فرعون"..وهو قالب نزعوي يرافق كل متعصب ويشتهر به الدواعش..لأن الانقلاب على المحبين والمؤيدين له درجات ومراحل يجب أن لا تحدث في أقل من عام أو عامين وليست بمجرد مقال..!

كذلك بالنقاش والتواصل يحدث الفارق

كم منا خاصم الآخر لمجرد فكرة قرأها في مقاله، أو مصطلح كتبه في سياقٍ ما، رغم أن هذه الفكرة أو ذاك المصطلح قد يوجد بشكل غير مقصود، أو مقصود ولكن بفكرة تخدم على فكرة رئيسة يتفق معها المخالف، يظهر هذا غالبا بالتواصل ويتضح سوء الفهم الذي تحقق.

هذا يعني أن الجميع لديه ما يجمعه مع الداعشي سواء من رفض الآخر والحجر عليه وإقصائه أو المطالبة بقتله أحيانا..وأعتقد لو عقدنا استطلاعا بين جموع الشعب المصري –مثلاً- هل توافق على إقامة شرع الله؟.. سنجد 99،9% موافقون، وهذا تقرير منهم أن الدولة كافرة وشعبها لا يقيم شرع الله..وهي نفس الفكرة المسيطرة على خيال الداعشي وحَمَلتهُ على تكفير الجميع والتمايز عنهم..!!

في المقابل لو عقدنا استطلاعا في أي مظاهرة تنوير أو من يطالبون بالعلمانية في مصر وسألتهم السؤال التالي: هل تعارض وجود علاقات بين مصر وإيران؟..ستكون الإجابة بالمثل 99،9% منهم موافقون، وهذا تقرير بأن سياستهم قائمة على أساس ديني..وهذا مبدأ غير علماني في الأخير..وبالمناسبة أيضاً أفكار هؤلاء هي المسيطرة على خيال الداعشي، فهو يربط علاقاته بالدول جميعا على أساس الدين.. وبالذات إيران.. كون صراع المسلمين الحالي هو طائفي بالأساس.

سنرى من نتائج هذه الاستطلاعات أن المسلم العادي الموافق على تطبيق الشريعة هو يوافق على كل ما تفعله داعش كقتل المرتد ورجم الزناه وقطع اليد والجلد والصلب وقتال غير المسلمين واحتلال أراضيهم وإخضاع الجميع لنظام الجزية..كذلك سيقضي على مساواة الرجل بالمرأة في الشهادة والعقوبات والعمل ، كذلك سيعيد نظام الرق والسبي وتعود العبودية في مجتمعات المسلمين بعدما أصبحت من جرائم ومخلفات الماضي، كذلك ستُحطم التماثيل والصور والآلات الموسيقية ويجري منع أي فنون واتهام أصحابها بالكفر..

سيحدث ذلك من المسلم العادي رغم زعمه أنه يخالف داعش أو أنه يفهم الدين أفضل منهم..!!

كذلك سنرى من نتائج الاستطلاع أن التنويري الموافق على قطع العلاقات مع إيران سيوافق على اضطهاد شيعة مصر وبخس حقوقهم الدينية والاجتماعية ومنعهم من أي حق إنساني كفله الدستور وإعلان حقوق الإنسان العالمي..كذلك ستقوم سياساته على أساس ديني بحيث لو تدين الشعب العراقي أو البحريني بالتشيع سيقطع علاقاته معهم..وهو مدخل بعد ذلك لقطع علاقاته مع إيطاليا أو ألمانيا وفرنسا لو تحولت شعوبهم للتدين المسيحي..وسيعادي إسرائيل من منطق ديني وينظر معها ليهود مصر كأنهم خونة..

سيحدث ذلك مع التنويري رغم زعمه أنه يؤمن بعلمانية فرنسا وتنوير ألمانيا وإيطاليا التي اتخذت قرار التواصل مع إيران وعدم إقامة علاقات مع أي شعب على أساس ديني..وهي مفارقة دالة على عدم نضج علمانية العرب وأن التنوير في بلادهم لا زال في مرحلة الطفولة..!!!

الجميع لم ينتبه أن حالة الانقلاب الفكري أو التحديث التي تجري هي للمسلم وليست للإسلام..هي للإنسان وليست للأديان، تحديث المسلم وليست تحديث الدين..فالأديان بحاجة لمتدين كي تكون دين، والنظر بالتجديد لهذا المتدين بالأساس..والدليل أن البعض حين ينشغل بتحديث الدين في حين يهمل الإنسان يجد أفكاره غير ملائمة أو تتصادم مع واقع ينتج عنه فتنة، لذلك فالاهتمام ينبغي أن ينصب أولا لتحديث الإنسان..

عملية التحديث نفسها ستتيح النظر للدين بلغة مستنيرة، ولن تجعل الإنسان في حلٍ من دينه، حتى لو كان الشخص ملحد فيجب تحديثه كي لا تُصبح أفكاره في الأخير مجرد أوهام و.."ميثولوجيا"..ولنا في بعض ملاحدة سوريا والعراق مثال..اعتقدوا أن مجرد التخلص من حكومتي بشار ونوري المالكي سيفرض التنوير..فوقعوا جميعاً في خطيئة داعش، والغريب أنهم لا زالوا يعتقدون أن الصواب ما فعلوه..ولو نظروا بعين الاعتبار سيروا أن موقفهم كان مبنيا على رؤى أيدلوجية مثالية وليست مادية واقعية..وهي نفس رؤية داعش المثالية مع اختلاف التكوين..

اجمالي القراءات 7825

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2012-09-25
مقالات منشورة : 788
اجمالي القراءات : 7,597,288
تعليقات له : 102
تعليقات عليه : 411
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt