عرض مقدمة ابن خلدون: ب4: (ف15: 22):الاستثمار والنفوذ والعمران

آحمد صبحي منصور Ýí 2015-09-10


 كتاب مقدمة إبن خلدون: دراسة تحليلية 

القســــــم الأول : عـرض مقدمــــــــــة إبن خلــــــــــــدون

تابع  الباب الرابع : في عمران المدن والبلاد في البلدان والأمصار وسائر العمران

المزيد مثل هذا المقال :

                               وما يعرض في ذلك من الأحوال

                                                 الفصل الخامس عشر

   تأثل ( إستثمار ) العقار والضياع في الأمصار وحال فوائدها ومستغلاتها

 تغير أسعار العقارات والمزارع بين أنهيار دولة وقيام أخرى محلها

      إستثمار العقارات والمزارع في المدن والأمصار لايكون دفعة واحدة ولا في عصر واحد ، ولكن يكون تدريجيا بالوراثة أو بتحول سعر العقارات في أواخر الدولة إلى الرخص . وحينئذ تكون الدولة القائمة قد انتهت واندثرت وقامت دولة أخرى فتية إنتظمت أحوالها فيأخذ الناس في شراء العقارات والضياع ، وهذا هو معنى الحوالة ، أو تحول ملكية العقارات والضياع إلى ملاك من أغنى أهل المدن . 

إيراد العقارات للمعاش فقط

     ويقولإبن خلدون إن اقتناء العقارات لايكفي إيراداته إلا للمعاش الضروري ، وإنما يقتنيها أصحابها لتكون مأوى ومصدر رزق للذرية إذا كانت ضعيفة عاجزة عن الكسب .

متى يربح الإستثمار العقاري

     أما الإستثمار بشراء أو بناء العقارات فليس مجزيا في الربح إلا نادرا ، وقد يحدث ذلك بالحوالة المشار إليها ، وهي شراءالعقارات القديمة الرخيصة من أصحاب الجاه الغابر . ولكن ربما تمتد إليها أعين الأمراء ورجال الدولة الجدد فيغصبونه أويشترونه بثمن بخس .

                                                الفصل السادس عشر

      حاجة المتمولين ( الرأسماليين)  من أهل الأمصار إلى الجاه ( النفوذ ) والمدافعة

    إن الرأسمالي إذا زادت أمواله وعقاراته وضياعه واستثماراته تطلعت إليه العيون وتنافس مع الأمراء في الترف فيطمع الأمراء بنفوذهم وسلطتهم إلى مصادرة أمواله بشتى السبل والحيل . ويقول إبن خلدون أن أكثر الأحكام السلطانية جائرة في الغالب لأن العدل المحض يكون في الخلافة الشرعية وهي قليلة الدوام . وحينئذ فلابد لصاحب المال والثروة من نفوذ يدعمه ويقربه من السلطان حتى يحمي ثروته ، وإلا ضاع رأسماله .

                                              الفصل السابع عشر

    الحضارة في الأمصار (المدن) من قبل الدول وأنها ترسخ باتصال الدول ورسوخها

   الحضارة أحوال عادية زائدة على الضروري من أحوال العمران . وتتفاوت هذه الزيادة بتفاوت الرفاهية وعدد السكان ، ويتبع الزيادة في الرفاهية زيادة المهارة الصناعية والتفنن في الإبداع ، وبمرور الأيام تزداد المهارة الصناعية وتترسخ . وهذا بدوره يتوقف على ثبات الدولة ورسوخها .

دور الدولة في الثراء الإقتصادي

    فالدولة هي التي تجمع الأموال وهي التي تنفقها في رجالها ، ويدور المال بين رجال الدولة ورعاياها فتتعاظم الثروة والتنمية ، ويأتي الترف والتأنق وهذه هي الحضارة .

العاصمة مركز الثراء

    ويتركز المال والحضارة أساسا في العاصمة ، ولذلك فإن المدن البعيدة القاصية تفتقر إلى الحضارة حتى لو كانت كثيرة السكان ، وذلك بخلاف المدن ذات الموقع المتوسط .

    والدولة والسلطة سوق المجتمع ، فالبضائع تتوافر بالقرب من السلطان وعاصمة الدولة أكثر من غيرها .

رسوخ الدولة يؤدي لرسوخ الحضارة فيها

    واستمرار الدولة ورسوخ سلطاتها يؤكد استحكام الحضارة كما حدث لبني إسرائيل والرومان والفراعنة ، وترى ذلك في مصر والعراق وإيران واليمن والأندلس .

    أما في شمال أفريقيا فلم يكن بها قبل الإسلام ملك ضخم ، وقد سيطر الفرنجة على الساحل فقط ، وبعد الفتوحات لم يلبث فيهم حكم العرب إلا يسيرا وكان العرب في طور البداوة أيضا ، ولم يلبث البربر أن استقلوا بأنفسهم ، وفيما عدا الأغالبة في القيروان ظلت المنطقة أسيرة لبداوة البربر وبداوة العرب الهلاليين .

    أما المغرب فقد انتقلت إليه حضارة الأندلس في عصر الموحدين ، واختلط أهل الأندلس بأهل المغرب ، كما انتقل بعض أهل شرق الأندلس إلى تونس فنقلوا إليها الحضارة ، إلا أن البربر بالمغرب وتونس عادوا إلى ما كانوا عليه من البداوة . ثم يعود إبن خلدون فيقول وعلى كل حال فآثار الحضارة بأفريقية أكثر منها بالمغرب لما تداول فيها من الدول السالفة أكثر من المغرب ولقرب عوائدهم من عوائد أهل مصر .

الخلاصة

    وفي النهاية يقول إبن خلدون أن هناك تناسبا بين حال الدولة في القوة والضعف وبين عدد سكانها وعظم عمرانها ورخائها الاقتصادي ، فالدولة والسلطان صورة العمران ، وأموال السلطان تتسرب إلى الأسواق وتدور وترجع إليه بين الخراج والعطاء ، فعلى نسبة غنى الدولة يكون ثراء الناس ، والعكس صحيح ، والعمران هو الأصل في ذلك .

                                         الفصل الثامن عشر

                      الحضارة غاية العمران ونهاية عمره ومؤذنة بفساده

       العمران كله من بداوة وحضارة له عمر مثل الأشخاص . ويصل الإنسان إلى كمال الفترة في سن الأربعين وبعدها يأخذ التدهور تدريجيا ، وكذلك الحضارة في العمران .

من الترف والسرف إلى التضخم والغلاء

     تصل الحضارة إلى مرحلة الترف والإسراف والتأنق في كل مناحي الحياة ، ويعني ذلك إستحكام الشهوات وتعود النفوس عليها بحيث لايمكن الشفاء منها ، وتتكاثر الحاجات التي كانت كماليات ثم أصبحت بالتعود ضروريات وتصبح باهظة التكاليف وعسيرة الحصول عليها . خصوصا وإن عصر الترف يعني ترهل الدولة  وانكبابها على الإسراف وتغطية عجزها بفرض المزيد من الضرائب ، وينعكس ذلك بالطبع على الأسعار والإنتاج ، فتتضاعف الأسعار ويحجم الناس عن الإنتاج بسبب كثرة الضرائب ، فيحل الكساد في الأسواق .

من الفساد والفسق إلى السفه وعبادة المال

     ويرتبط ذلك بفساد آخر في الناس ، إذ ينتشر فيهم الفسق والشر والسفه والحصول على المال بأي طريق ، ويصبح هذا نمطا سائدا في الحياة ، ويعلو أسافل الناس بما لديهم من أموال ، وتصبح أخلاقهم المثل الأعلى لغيرهم حتى من أهل البيوت العريقة . وبذلك يعم الفساد ويحين أوان الهلاك الألهي مصداقا لقوله تعالى "وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا". ذلك أن مكاسبهم لم تعد تكفي لمتطلباتهم وشراهتهم فيتكالبون على متاع الدنيا ، ويتصارعون حوله بأي طريق ، وتتوارى الأخلاق الحميدة ليحل محلها الفساد ثم الإهلاك .

 التفاخر بالزينة من علامات الإنهيار

     ومن علامات اقتراب المدينة من الهلاك انتشار نبات الزينة ، إذ تعني أن الناس يتفننون في غرسها لمجرد ألوانها وتزيين البساتين بها ، فتصبح علامة على الترف الزائد عن الحاجة . 

الترف عين  الفساد

     ويؤكد على أن أخلاق الترف هي عين الفساد ، لأن الإنسان هو القادر بنفسه على جلب المنافع ودفع الضرر ، ولكن الإنسان المترف لا يستطيع ذلك عجزا وتراخيا حيث تعود على أن يخدمه غيره فيصبح عالة على من يحميه ويخدمه ، وإذا فقد الإنسان قدرته على العطاء وخدمة نفسه بنفسه أصبح مسخا .

                                             الفصل التاسع عشر

                            ( العواصم ) الأمصار التي تكون كراسي

                              الملك تخرب بخراب الدول وانقراضها

إذا اختل نظام الدولة تناقص عمران عاصمة الدولة ، وذلك لعدة أسباب :

    الأول : أن الدولة التي قامت على أنقاض دولة سابقة تكون في بدايتها بدوية بسيطة معادية للترف ، فترغم المجتمع على تقبل البساطة والإبتعاد على ما تعود عليه من الترف ، وهذه الحياة البسيطة بعد الترف تعني الخراب وتناقص العمران في العاصمة .

     الثاني : إن الدولة الجديدة حين تتغلب عسكريا لاتلبث أن تفرض عوائدها وتقاليدها وثقافتها على المجتمع وتصبح عوائد الدولة البائدة مكروهة مستقبحة خصوصا أحوال الترف ، وتنشأ عادات وأعراف جديدة تكون عوضا عن العادات القديمة ، وتؤدي في النهاية إلى نفس النتائج وهي الترف . وفيما بين العهدين تندثر حضارة وتقوم حضارة أخرى . وهذا معنى اختلال العمران في العاصمة .

     الثالث : أن كل أمة لها وطن أصلي ثم يملكون أوطانا أخرى ومدنا أخرى تكون تابعة للوطن الأول والعاصمةالأولى ، فإذا اتسع نطاق الدولة احتاجوا إلى إنشاء عاصمة تتوسط الدولة ، وينتقل العمران والنفوذ إلى العاصمة الجديدة وذلك على حساب تناقص العمران في المدن الأخرى والعواصم القديمة .

    الرابع : أن الدولة الجديدة تقوم بنفي أتباع الدولة القديمة إلى قطر آخر ، وهم أعيان المجتمع الذين عاشوا في أحضان الدولة السابقة ، فتنقلهم الدولة الجديدة من العاصمة إلى الوطن الأساسي للدولة الجديدة قبل أن تستولي على العاصمة .فلا يبقى في العاصمة إلا العوام والسوقة ، ويقيم في العاصمة حامية الدولة الجديدة وأعيانها ، وهذا يعني خراب العاصمة برحيل أثريائها ، وتبدأ عمائر جديدة وحضارة مختلفة .

العلاقة بين الدولة والمجتمع أوالعمران

     ويقول إبن خلدون إن الدولة بالنسبة للعمران كالصورة بالنسبة للمادة لايقوم أحدهما بدون الآخر، واختلال أحدهما يؤدي إلى اختلال الآخر، وانهيار أحدهما يؤدي إلى انهيار الآخر.

وهناك خلل عظيم عام ، وخلل جزئي شخصي .

الدولة الكبيرة لايؤثر فيها الخلل الشخصي للحكام

    والخلل العظيم يصيب الدول الكبرى مثل دولة الروم أو الدولة الأموية أوالعباسية ، أما الخلل الشخصي فلا يؤثر كثيرا في اختلال الدولة الكبيرة ، لأن الدولة ثابتة الأركان مستمرة العمران بغض النظر عن أشخاص الحكام طالما بقيت شوكتها وعصبيتها . فإذا غلبتها شوكة أخرى أو عصبية أخرى كان الخلل العظيم .   

                                           الفصل العشرون

              إختصاص بعض( المدن) الأمصار ببعض الصنائع دون بعض

     تتعاون الأنشطة الإقتصادية والحرفية مع بعضها ، وتشتهر بعض المدن ببعض الصناعات والحرف يتخصصون فيها ويجعلونها معاشهم وفخرهم ، ويكون هذا التركيز والتخصص على حساب صناعات أخرى وحرف أخرى .

    غير أنه توجد حرف ضرورية كالخياط والحداد والنجار ، وتوجد حرف أخرى من الكماليات ومظاهر الترف مثل صانع الزجاج والصائغ والدهان والطباخ والفراش ، وهذه الحرف الكمالية تتفاوت بقدر وجود الترف والحضارة ، وإذا زادت دواعي الترف استجدت حرف أخرى مثل الحمامات العامة التي لاتوجد إلا في العواصم المغرقة في الحضارة ، ولاتوجد في المدن المتوسطة ، وبعض الملوك يقيم الحمامات وعندما لايكون أهل المدينة قد وصلوا إلى هذه الدرجة من الترف فسرعان ما يصيبها الخراب لانصراف الناس عنها .

                                          الفصل الحادي والعشرون

                               وجود العصبية في الأمصار وتغلب بعضهم على بعض

                     " كيف تبدأ العصبيات في الإتحاد والإستقلال وتكوين دولة    

                                           مستقلة عن الدولة الأم "

    الصلة بين البشر تتعمق بالنسب والمصاهرة ، وتتكون بذلك العصبية ، وأهل الحضر تجد في أغلبهم الإلتحام بالنسب والمصاهرة ، وتتكون بين العائلات صداقة وعداء بمثل ما يحدث بين القبائل والعشائر في البدو .

     فإذا دخلت الدولة في دور الهرم وتقلص نفوذها عن الأطراف البعيدة إحتاج أهل الأطراف إلى القيام على أنفسهم وحماية أرضهم ، وتكونت مجالس الشورى ، ومن هنا تتبلور الزعامات ويبدأ الطموح للإستقلال عن الدولة الأم ، وكل زعيم يحيط نفسه بالأنصار والأحلاف ، ويبدأ النزاع المسلح بين الزعامات ، وينتهي بأن يتغلب الأقوى ويصبح ملكا ، وتبدأ مملكة تسير في نفس الطريق ، من البداية والتمهيد إلى التوطيد ثم الإزدهار وبعده الترف والإنهيار.

     وبعض أولئك الملوك الصغار في الأطراف يقلد عظماء الملوك في المظاهر والمآثر وبعضهم يفضل التمسك بالبساطة والبداوة حتى يتجنب السخرية .وضرب إبن خلدون مثلا لذلك مما وقع في الدولة الحفصية وفي أواخر الدولة الصنهاجية .ويقول إبن خلدون أنه في الغالب أن يكون المتغلبون على الأطراف من أصحاب البيوتات ورءوس العائلات ، وقد يتغلب بعض الغوغاء بتحالفهم مع اللصوص وأصحاب العصبيات.

                                           الفصل الثاني والعشرون

                                       لغات أهل الأمصار ( المدن)

سيطرة لغة العرب الغالبين على المجتمعات غير العربية

     لغات المدن تكون بلسان الأمة أو الجيل الغالب كالعربية في الدولة الإسلامية التي غلبت اللغات الأخرى في مواطنها لأنها كانت لغة الدين والدولة . وأصبحت اللغات الأصلية دخيلة أو مندثرة .

تحول العربية إلى لهجات

     إلا أن اللغة العربية الأصلية ما لبث أن لحقها اللحن ، واختلفت لهجات أهل المدن والحضر عن لغة البوادي التي كانت أقرب إلى العربية النقية . ثم ازداد فساد اللغة العربية بقدوم العناصر غير العربية التي حكمت في الشرق والغرب ، مثل البويهيين والسلاجقة وزناته والبربر ، إلا أن اللغة العربية الفصحى ظلت باقية بالقرآن والتراث .

إنقراض العربية في أقصى المشرق

     ثم فسدت اللغة العربية على الإطلاق – حسبما يرىإبن خلدون – في بلاد المشرق في العراق وخراسان وما بعدها عندما أقام التتار ممالك لهم هناك بعد سقوط بغداد ، وبقيت اللغة العربية بمصر والشام والأندلس والمغرب .

اجمالي القراءات 7877

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   السبت ٠٣ - أكتوبر - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً
[79197]

عذرا ابن خلدون نختلف معك .


يتحدث ابن خلدون  عن ان هناك تناسبا بين حال الدولة في القوة والضعف وبين عدد سكانها وعظم عمرانها ورخائها الاقتصادي  وفي رأيه ان اموال السلطان تتسرب للأسواق وتدور وترجع إليه وهذا صحيح في عصره وما سبقه من عصور ربما لكن في عصرنا الحاضر أموال السلطان او الحاكم تذهب للخارج وتصنع عمرانا ورخاءا فيه أما الداخل فهو يتناسب تناسبا عكسيا إذ كلما زادت اموال الحاكم ومن حوله قل الرخاء وانعدم الاقتصاد في بلادنا  عذرا ابن خلدون  نختلف معك



دمتم بخير وشكرا 



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4979
اجمالي القراءات : 53,300,850
تعليقات له : 5,323
تعليقات عليه : 14,621
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي