الاذاعة الامازيغية و افاقها المستقبلية؟ :
الاذاعة الامازيغية و افاقها المستقبلية؟

مهدي مالك Ýí 2015-05-31


 

 

الاذاعة الامازيغية و افاقها المستقبلية؟

 

                                 مقدمة

يشرفني ان انشر هذا المقال مساهمة مني في التعريف بمسار الاعلام الناطق بالامازيغية و المدافع عنها عبر الصحف الامازيغية لكنها مكتوبة بالعربية و بالفرنسية و  بالامازيغية كذلك بالاعتبار ان تدريس اللغة الامازيغية لم ينطلق منذ استقلال المغرب سنة 1956 بل انطلق منذ سنة 2003 مما سيعني ان هناك فرق زمني شاسع بين استقلال المغرب و انطلاقة عملية تدريس الامازيغية في المدرسة المغربية....

المزيد مثل هذا المقال :

                         مدخل الى صلب الموضوع                                        

يعتقد البعض بان المذياع قد تجاوزه الزمان و تطوراته الهائلة في ميدان الاعلام و الاتصال حيث ان المذياع هو وسيلة مهمة ضمن المنظومة الاعلامية في العالم منذ بداية القرن الماضي  .

و تاسست الاذاعة الامازيغية الوطنية كما اسميها سنة 1938 حيث ان امازيغي المغرب كانوا يعرفون معنى الاعلام اجتماعيا قبل سنة 1938 من خلال ما يسمى بالبراح الذي هو شخص مكلف بالاعلام الاجتماعي حيث انه يمشي في الاسواق و في دروب القرى معلنا عن حدث سار من قبيل زواج احدهم او عن حدث مؤلم من قبيل موت احدهم مستعملا لغة السكان و يبدأ خطابه المعروف بقول الشهادتان و الصلاة على النبي  الكريم الخ من هذا الكلام الطيب .

و كما عرفوا معنى الاعلام بمختلف ابعاده من خلال فنونهم الاصيلة مثل فن احواش في الجنوب المغربي او احيدوس في الاطلس المتوسط  حيث ان الشعراء انذاك يمثلون الاعلام من الاذاعة و الصحافة المكتوبة حيث يشرحون للناس الجالسين امامهم ما الذي يجري من حولهم عبر لغة الشعر الغارقة في الرمزية و في المعاني السامية الخ بمعنى ان الشعر الامازيغي قد لعب دور الاعلام في مختلف مراحل و فترات يصعب فيها الحديث عن الامازيغية كهوية و  كثقافة من خلال أمثلة سنقف عندها لاحقا في هذا المقال .

ان الحديث عن الاذاعة الامازيغية يستوجب منا الواقعية و الموضوعية لان هذا المنبر الامازيغي منذ سنة 1956 الى حدوث 2001 كان وسيلة لنشر ايديولوجية التخلف القروي المانعة لاي تقدم مهما كان نوعه.

  و كان هذا المنبر الامازيغي وسيلة جوهرية لنشر السلفية الدينية حسب المقاس الايديولوجي للحركة الوطنية.

 انني بدات الاستماع الى الاذاعة الامازيغية منذ 1996  و عمري انذاك 13 سنة حيث وجدت بعد مرور سنوات من ذلك التاريخ ان هذه الاذاعة كانت بعيدة كل البعد عن هموم مجتمعنا الامازيغي الكثيرة كالتنمية و اعادة الاعتبار للثقافة الامازيغية لكن هناك محاولات قليلة للغاية لابراز هذه الثقافة الام من طرف بعض المنشطين كالاستاذ عبد الله طالب علي الذي كان يقدم برنامج حول الثقافة الامازيغية وفق شروط ذلك الوقت القاسية حيث ان هذه الشروط كانت  تعادي أي تقدم او انتشار للوعي الامازيغي في صفوف المجتمع بل تحاربه الى ابعد الحدود رغم وجود خطاب 20 غشت 1994 الشكلي بالنسبة لي و انطلاق ما يسمى بنشرة اللهجات صيف سنة 1994 على القناة الاولى الرسمية .

 و هناك برنامج تاوسنا تامزيغت اي الثقافة الامازيغية حيث كان  يقدمه الاستاذ محمد اكوناض حيث انطلق هذا البرنامج سنة 1996 حسب ما اتذكره  حيث كان يبث من اذاعة اكادير الجهوية محليا بعد الزوال  و يبث على الصعيد الوطني على الساعة الحادي عشرة و ربع ليلا على الاذاعة الامازيغية الوطنية..

 و من هنا يظهر مدى رغبة السلطة انذاك في عدم انتشار الوعي الامازيغي و جعل امازيغي المغرب يعيشون بعيدا عن قضايا هويتهم و قضايا تنمية مناطقهم المقصية اصلا من اسس النماء و النهضة.

و من هذا المنطلق فالاذاعة الامازيغية ظلت متخلفة على كافة المستويات و الاصعدة بسبب ضغوط السلطة عليها من اجل انتاج برامج للترفيه السطحي و التغييب كل ما يتعلق بالنضال الامازيغي نهائيا عن هذا المنبر الاعلامي حيث كنا لا نسمع  الاغاني الحاملة لهموم القضية الامازيغية او الاعتزاز بهويتنا الام بينما في المجتمع بدات البوادر الاولى للوعي العصري بهذه القضية من خلال وجود الجمعيات الثقافية الامازيغية على الساحة من اجل تغيير العقليات الجامدة الخ...

و من خلال وجود وعي اولي لدى فناني الثقافة الامازيغية عبر الوطن  بحيث  في منطقة سوس مثلا انطلق بعض الروايس في الدفاع عن هذه القضية حسب ذلك السياق الصعب...

 و بدا هذا الوعي مع المرحوم الحاج محمد البنسير  و استمر بعد وفاته سنة 1989   مع الرايس احمد اوطالب و الرايسة فاطمة تاباعمرانت الخ بمعنى ان هؤلاء الفنانين  سبقوا الاذاعة الامازيغية في حمل مشعل النضال الامازيغي في المجتمع .

لعل تاسيس المعهد الملكي للثقافة الامازيغية قد ساهم في انطلاق مسار طويل من التحديث و الاصلاح على الاذاعة الامازيغية كمنبر عليه مواكبة العصر بايجابياته و مواكبة ورش  النهوض بالامازيغية كمسؤولية وطنية منذ خطاب اجدير التاريخي حيث تم زيادة عدد ساعات بث هذه الاذاعة من 12 ساعة قديما الى 16 ساعة حاليا و ذلك في نونبر 2005 و تم ادخال جيلا جديدا من الشباب لتقديم برامج ذات حمولة حديثة تتوخى استقطاب شرائح مثقفة للاستماع الى الاذاعة الامازيغية  بينما في الماضي كان الاثير الامازيغي يسمعه بعض الناس الذين يفوق عمرهم اكثر من 50 سنة او الذين يحبون سماع الى الاغنية الامازيغية مثلي كطفل معاق انذاك و الذي اخذ يتعرف  على اسماء نجوم فن  الروايس التقليدي و المجموعات العصرية .  

لعل الاذاعة  الامازيغية منذ 2005 استطاعت ان تكون منبرا للحداثة و النقاش العمومي في مختلف قضايا الساعة وطنيا و في مقدمتها القضية الامازيغية و قضية تنمية المناطق الامازيغية حيث مازال يعيش بعضها تحت التهميش و الحكرة الخ حيث  قلت في مقال  لي نشرته في صيف  2011 ان الاذاعة الامازيغية خلال هذه الشهور الاخيرة اصبحت اكثر تطورا و مواكبة للسياق المغربي ما بعد 20 فبراير و ما بعد خطاب 9 مارس 2011 بفضل الجيل  الجديد داخل الاثير الامازيغي و بينهم  الاستاذ رشيد بوقسيم  المعروف في اواسط الحركة الامازيغية و يستحق منا كل التشجيع و التنويه على عمله الاذاعي الرائع  حيث انه يقدم برامج في المستوى مثل برنامج اوال ن تاسوتين الذي كتبت مقالا خاصا حوله منذ شهور لان اوال ن تاسوتين اي حديث الاجيال كان

 برنامج جديد على هذه الاذاعة انطلق منذ شتنبر 2010 باسلوب جديد يرمي الى الحوار مع المستمعين  حول مواضيع  من صميم واقعنا المغربي بدون خطوط حمراء لضمان الصراحة و معرفة مشاكلنا الاجتماعية حق المعرفة و  من بين المواضيع المتداولة هي الخيانة الزوجية و الصداقة قبل الزواج  الخ.

و الى جانب هذه المواضيع الاجتماعية تناولت برامج هذا المنشط الشاب مواضيع تتعلق بالقضية الامازيغية خصوصا فترة من بين ظهور حركة 20 فبراير و

حملة  الاستفتاء على الدستور الجديد و من بين المواضيع هي الاسماء الامازيغية و حضور الامازيغية في الاعلام الوطني و استغلال الدين في السياسة الخ

و كما قدم الاستاذ بوقسيم برنامج اوال ن ايت تامزيرت اي حديث اهل البلاد حيث استضاف  اسماء بارزة  في الشان الامازيغي مثل الاستاذ احمد الدغرني الامين العام للحزب الديمقراطي الامازيغي المغربي لاول مرة في تاريخ الاذاعة الامازيغية و ربما في تاريخ  فضاء السمعي البصري الوطني و الاستاذ احمد ارحموش رئيس الشبكة الامازيغية من اجل المواطنة وقتها الخ من هذه الاسماء.

و كما دخل هذا البرنامج الى سجل التاريخ حيث استضاف احد اعضاء المجلس الانتقالي الليبي داخل  مقر الاذاعة و اخر عبر الهاتف  حيث كان اللقاء رائعا و تاريخيا .

لا بد هنا ان نشيد ببعض البرامج الهامة ضمن سياسة الاذاعة الامازيغية الجديدة و الرامية الى احياء لغتنا الام من خلال برنامج سمازغ اوال او تمزيغ اللغة و هو من تقديم الاستاذ و المناضل منذ سنوات عبد  الله طالب علي و برامجه عبارة عن نافذة نطل من خلالها  على الشعر الامازيغي الجميل و على المصطلحات العريقة في لغتنا الام حيث اتمنى لهذا البرنامج الاستمرارية في العطاء في حقول الشعر الامازيغي  .

و هناك برنامج المشاهير الذي تقدمه الاستاذة فاطمة اكبوض و الاستاذة زهرة ارجدال و هما من الجيل الجديد حيث ان برنامجهن يهتم باستضافة المشاهير في مختلف الحقول و الميادين حيث استمعت  لاغلب حلقات هذا البرنامج المهم حيث انه يحاول النبش في ماضي مشاهيرنا من خلال التعرف عن مسارهم الشخصي بمعنى اننا يجب ان نشجع مثل هذه البرامج الثقافية و أكثرها مستقبلا أي في الاذاعة الامازيغية بصيغتها الجديدة أي البث المتواصل على مدى 24 ساعة كما جاء ذلك في دفاتر تحملات القطب العمومي الجديد حيث كان من المقرر ان تنطلق الاذاعة الامازيغيةة في البث على مدار 24 ساعة منذ شتنبر 2012 و كذا القناة الامازيغية غير ان هذه الاجراءات لم تتحقق اطلاقا بل ظلت حبرا على الورق .

ان التحديات المطروحة على الاذاعة الامازيغية هي كثيرة خصوصا بعد ترسيم الامازيغية حيث من بينها هي تجديد الخطاب الديني داخل اعلامنا العمومي عموما و داخل الاذاعة الامازيغية الوطنية حيث لا يعقل ان نسمع  احد الفقهاء و هو يمارس سياسة تحريم اسماء اجدادنا الامازيغيين من قبيل يوبا و تيليلا و ادر الخ من هذه الاسماء الاصيلة في مجتمعنا لقرون غابرة.

 و ليست غريبة حسب قول احد الفقهاء على امواج الاذاعة الامازيغية منذ سنوات قليلة في معرض جوابه على اسئلة المستمعين الدينية بحكم اننا مسلمون و  لسنا بسلفيين حيث يجب التفريق بين الاسلام و السلفية كاتجاه معادي اصلا للهوية الامازيغية منذ سنة 1930 ..

و هنا يطرح  اشكالية الخطاب الديني العويصة و الشائكة حيث تحدثت عن هذه الاشكالية طويلا في كتابي الجديد لكن اقول في هذا المقام باختصار شديد نريد التغيير الجذري في برامج الاذاعة الدينية باضافة جوعات من التجديد و الربط بين الاسلام و الامازيغية كمشروع يحتاج الى وقت طويل قصد تحقيقه على ارض الواقع و التنظير له  .

انني لست اعادي أحدا لكن نظرا لما تعرفه الاذاعة الامازيغية من الاصلاح و التقدم الى الامام فمن الضروري ان يقع تغييرا جذريا على  برامجها الدينية و جعلها تتخلى عن ملابسها السلفية بصفة نهائية  من اجل الغوص في بيئتنا المغربية الحقيقية  من خلال ابراز حقائق تاريخنا الاجتماعي و من خلال قراءة الاسلام قراءة معاصرة و مواكبة لترسيم الامازيغية كلغة رسمية في بلادنا فلم يعد من الطبيعي  ان يتجاهل الفقهاء عموما ما وصلت اليه الامازيغية من النهوض و الادماج في التعليم و في الاعلام مثل ذلك الفقيه الذي ظل اكثر من 30 سنة يقدم برنامجه الاسبوعي على الاذاعة الامازيغية بدون أي تجديد حيث انه يظن ان هويته الام تساوي التحريم و خروجا على الطريق المستقيم الخ من افكاره المتجاوزة اصلا منذ خطاب اجدير التاريخي .

اذن يجب على ادارة الاذاعة  الامازيغية ان تفكر بشكل واقعي في اعادة تاهيل برامجها الدينية و ادخال عناصر شابة لها دراية بامور الدين و لها دراية بعلوم العصر كالتاريخ و علوم الاجتماع الخ ...

و اختم هذا المقال بالترحم على  روح المرحوم الاستاذ العسري حماد امزال الذي رحل الى دار البقاء في مارس 2012 حيث يعتبر هذا الرجل قيدوم الاذاعة الامازيغية و مقدم برنامج ابارز ن ايت ؤمارك اي ساحة اهل الغناء حيث كان ذو صيت كبير لدى الجماهير الامازيغية منذ سنوات طويلة.

و كما لا ننسى الترحم كذلك على  روح الاستاذ و المنشط حماد امغار الذي رحل الى دار البقاء بعد مسار  طويل في التنشيط الاذاعي طيلة فترة التسعينات الى تقاعده سنة 2002 و اتذكر ان المرحوم كان يقدم  بعض البرامج و يسهر على تقديم المادة الموسيقية و التفاعل معها .

المهدي مالك

 

للتواصل معي ها هو الايميل حيث ارحب بامازيغي مصر و ليبيا الخ و ارحب باصدقائي  القرانيين

mehdi1983k@gmail.com

اجمالي القراءات 7373

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2014-12-04
مقالات منشورة : 261
اجمالي القراءات : 1,248,037
تعليقات له : 27
تعليقات عليه : 29
بلد الميلاد : Morocco
بلد الاقامة : Morocco