حقيقة مفهوم.."الدولة الإسلامية"..

سامح عسكر Ýí 2015-01-12


في مقال قديم قلت فيه أن مفهوم.."الدولة"..لا يعبر عن قيمة، بل عن إطار يحكمه العديد من القيم، وأن من يفهم الدولة على أنها قيمة سيغضب ويحزن لو كان من خصوم داعش، وسيفرح ويبتهج لو كان من مؤيديها..

ما معنى هذا الكلام ؟

القيم ثلاثة أنواع..النوع الثالث منها يحوي معايير الخير والشر والأخلاق والفضيلة والشجاعة..إلخ..وهذا النوع يخص الدين، أي كل معاييره داخل الأديان، فلا يمكن أن يكون المؤمن مؤمناً وهو جبان أو عدواني أوقاتل أو ساقط بذئ، وعلى هذا المعيار يتم تصنيف كل متدين حول العالَم..

ولمن يسأل عن النوعين الآخرين من القيم فالنوع الأول يخص الكمّ كالطول والعرض والارتفاع وغيرها..لذلك يسمونها قيم كمومية وهي التي تهتم بها الفلسفة الوضعية ، أما النوع الثاني فيخص الشكل واللون والرائحة والملمس وغيرها.

ما يهمني أن هذا النوع الثالث من القيم يؤمن به كل إنسان على وجه الأرض، داعش وخصوم داعش، أمريكا وروسيا، الصين وإيران والسعودية، حتى الهنود الحُمر يعلمون أن هذه القيم ضرورية لحياة الإنسان.

والدولة هي تعبير عن مجتمع يعيش ضمن إطار معين قد يكون محدد جغرافياً، وهذا يعني أن في كل دولة قد توجد دولة أخرى ذات مجتمع آخر وطبيعة مختلفة، بالتالي هي ليست قيمة لأن التنوع سمة أساسية لها، ولا تجوز عليها القيمة أصلاً، وبالتالي كلمة.."الدولة الإسلامية"..هي خطأ منطقي يُعطي القيمة لكيان غير معلوم أو متعدد.

والخلط بين الدين والدولة هو الذي أنتج هذا الخطأ..

فالدولة في النهاية هي كيان مستهلك يخدم الإنسان ويوفر له ظروف معيشة مناسبة، بالضبط كالسرير الذي يستهلكه الإنسان في راحته، وكالمصنع يستهلكه الإنسان لتوفير احتياجاته، وكرغيف الخبز يستهلكه الإنسان ليضمن حياته، فهل يجوز أن نقول.."سرير إسلامي أو مصنع إسلامي أو خُبز إسلامي".؟؟

ولأن هذا الكيان مستهلك فيعني أن الإنسان يمكنه أن يعيش بدونه ، أي يمكن للإنسان أن يعيش بدون دولة، واسألوا الأعراب في الصحاري والفلاحين في القُرى، فبعض المجتمعات الريفية والصحراوية لا علاقة لها بالدولة التي تأويها، ورغم ذلك تعيش ضمن نظام وإطار يحكمه العديد من القيم، أي أن الدولة خيار إنساني بالأساس..بخلاف القيم التي تحكم الإنسان دون أن يختار.

أما خصوم داعش الذين يغضبون من تسمية داعش بهذا الإسم فهم يخلطون بين الدين والدولة، أي أنهم يعانون من نفس مرض داعش، واسألوا الإخوان وجماعة برهامي والأزهر لماذا يخرجون للتنديد بوصف داعش بهذا الإسم؟...هذا يعني أن الخلاف بينهم في الدرجة وليس في النوع، أي أنهم دواعش ولكن بطريقتهم الخاصة...

يبقى لدينا أن الغرب يُطلق هذا الإسم.."الدولة الإسلامية"..على داعش ذمّاً وقدحا ، فالشعوب الأوروبية تتعامل مع هذا المفهوم بامتعاض، أي عندما تقرأ في ال BBC أو CNN أو Sky News هذا المفهوم فيعني أنهم يذمون داعش ليس كما وقع في نفس الأزهر وجماعة برهامي، وهذه إحدى نتائج المرجعية في تصوّر المفاهيم.
 
اجمالي القراءات 10671

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2012-09-25
مقالات منشورة : 788
اجمالي القراءات : 7,600,888
تعليقات له : 102
تعليقات عليه : 411
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt