بحث قرآني عن مفردة مَسَكَ – مفردات :
في البحث عن الإسلام - مفردات – مَسَكَ

غالب غنيم Ýí 2013-12-23




( أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُۥ وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنْ هَادٍ ) الزمر، 39 – 36

مقدمة :

هذه سلسلة من المقالات، التي أود من خلالها محاولة فهم الإسلام – دين الله القيم بشكل حنيف قريب الى المراد الإلهي الذي نبتغيه في بحثنا عن الحق، من منطلق عالميته واتساعه لنواميس الكون وسننه والتغيرات التاريخية في المجتمعات منذ نزوله حتى اليوم.

المزيد مثل هذا المقال :


وأنوه أن فهمي لما ورد هنا هو نتاج تدبر خالص لله تعالى مني لكتابه العزيز فقط، حيث أنني لا أعرف غيره مرجعا لي ومصدرا لعلمي وفكري في دين الله تعالى ، وانا اعرض على الكتاب كل صغيرة وكبيرة حسب جهدي وما أوسعنيه الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، وهو عبارة عن رأي – أراء لي في بعض المسائل في الكتاب، التي لم يتعرض لها الكثير ، وهي نتاج آنيّ في زمننا هذا وفي وقتنا هذا ، ولا يلزم كونه الحقيقة بل هو نسبي بحكم أن الحقيقة لله وحده تعالى عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، وهي ما نبحث عنه ونرجوا الوصول اليه.

وأكرر ما قاله تعالى – يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

وبعد،
______________

موضوع البحث :

البحث عن مدلول مفردة مَسَكَ وما من حولها من مفردات قريبة اليها في اللفظ مستقلة عنها في المدلول وهي مجملة ( مَسْكْ - مَسّ - يُمَسِّكْ – استمسَكَ و مِسْكْ  ) !
والاية سبب البحث هي الاية التي وردت عن الطير صافّات، ولهذا قمت بالبحثبداية، كي ارى مدلول الامساك في الايات المختلفة البناء ثم انظر ما هو مدلولها في ايات الموضوع!
ومن الواضح للجميع اختلاف مدلول هذه المفردات عن بعضها البعض فلن نسطيع ان نقول ان مِسك بكسر الميم هي ذات المفردة مَسك بفتح الميم ! ومنه توجب علينا فهم ان هناك اكثر من مفردة وردت في القرءان الكريم من هذا الجذر وربما من جذور اخرى – سنرى لاحقا في البحث ! وسنقوم منذ الان باستثناء مفردة مسّ حيث انها لا علاقة لها بالامساك بالشيء بل التداخل وقمنا بتفصيلها في بحث منفصل! كذلك مفردة مِسْك التي تدلّ على مادةٍ وليس فعل ! ويبقى لدينا موضوع البحث في ثلاث مفردات هن مَسْكْ - يُمَسِّكْ – استمسَكَ
!
وحسب الجذر فهي كلها من جذر واحد هو مَسْك !


______________

المدلول اللساني :

حسب تصنيف سامر اسلامبولي لدلالة الأصوات للحروف العربيه :

م – صوت يدل على جمع متصل .
س – صوت يدل على حركة متصلة غير محددة .
ك- صوت يدل على وقف أو ضغط خفيف .

ومنه نستطيع القول ان مفردة مسك تدل صوتيا على شيء يتم جمعه بالميم ويستمر بحركة متصله غير محدده تنتهي بوقف وضغط خفيف .

وسنعود الى هذه الدلالات لاحقا لما لها من اهمية في وصفها للاصوات بمفرداتٍ مثل " حركة متصلة " ومثل " خفيف " كما تبين لي من البحث ادناه، حيث قمت بكتابة هذه الجزئية بعد ان بحثت في الأيات ذاتها تحليلا
!

ويجب ان نأخذ بالاعتبار هنا انه لا يوجد استخدام " قطع ووقف شديد " لعدم وجود حرف القاف أو " دفع شديد جدا متوقف " بسبب عدم وجود حرف الضاد من مفردة " قبض " كما ان عدم وجود حرف الباء الذي يدل على " جمع مستقر " من مفردة " حبس " له من الاهمية كذلك ما له، ونهاية لا يوجد هنا " ستر واختباء " من حرف نون أو "عمق" في هذا الستر والاختباء من حرف العين من مفردة " منع " !  وسنرى لاحقا هذه الأمور ! 


______________

ترتيل الآيات :
مفردة - مَسَكَ

نرتل الآيات التي ورد فيها مفردة البحث وهي مَسَكَ – يَمْسِكُ – كما وردت في القرءان الكريم لنراها، مع الاتفاق المسبق انه لا ترادف في القرءان الكريم! فأن نقول مثلا ان مسك هي منع، لا حق لنا في هذا القول، لورود مفردة المنع في القرءان الكريم في مواضع اخرى ( ومن اظلم ممن منع مساجد الله ان يذكر فيها اسمه ) على سبيل المثال لا الحصر، ومنه يجب علينا ان نبحث قدر الامكان باخلاص عن مراد الله تعالى في استخدامه – بالذات – هذه المفردة في تلك الاية وضمن ذلك السياق !
وهي كذلك ليست الحبس، فالحبس ورد ذكره في القرءان الكريم عمن يشهدا في الوصية في حال حدوث مصيبة ( فاصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة ) ، كما هي ليست القبض، فالقبض ورد كثيرا في القرءان الكريم كمفردة قائمة بذاتها  !
فيجب ان نتخلى عن الموروث لكي نبحث بدقة اكثر عن مراد الله تعالى في استخدامه مفردة مسك للمطلقات ومن يرتكبن الفاحشة بالذات، وغيرها ولا نقول بالترادف انها هنا حبس لها وهناك منع لشيء وهنا هي قبض لشيء، وهكذا، فتضيع المفردة حسب اهواء القاريء والباحث والتالي وغيرهم كما فعلوا بنا فازلونا عن الطريق بمعاجمهم وتفاسيرهم التي نخرج منها ورؤوسنا تدور لا نعلم شيئا في اغلب الامور !

ابدأ بإيراد اقرب الايات التي اسميها عادة  " المفاتيح " لمفردة مسكَ أي الآيات التي قد لا يختلف عليها اثنان لكونها شديدة البيان عن نفسها، ثم نعرض بقية الآيات على المفردة المفتاح هذه التي فهمناها لنرى صدق فهمنا لها، واقرب ايات بسيطة وجدتها من بين كل الآيات التي وردت فيها مفردة الامساك هي التالية، التي سارتبها من الأسهل فالأصعب – حسب فهمي الشخصي - حتى نرى دقة المفردة القرءانية  :

قي قوله تعالى:
( يَسْـَٔلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَٰتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ ٱلْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ ٱللَّهُ فَكُلُوا۟ مِمَّآ أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَٱذْكُرُوا۟ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ ) 5-4

من هذه الآية نرى – ومن لا يعلم فليسأل اي صيّاد فهذا من الامر الشائع المعروف بين كل البشر – ان مفردة مسك لم تات لوحدها بل في جملة، ومنه سننظر اليها ككل، أي ( أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ )، ولم يقل الله تعالى امسكن لكم، كما تعودنا عليها لغة، بل علينا! واعتقد ان هذا من دقة التركيب اللفظي للسان القرءان وهي اتت كذلك في قول النبي لزيد بأن ( أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ ). ومنه اصبح لدينا صيغة الامساك على أحد ما، شيئا ما! ومن المعلوم للجميع ان الصيد يكون لنا وليس علينا، فكيف اصبح علينا ؟
!
كما انه من المعلوم ومن البديهي ان الكلاب او الجوارح حين يدربونها على جلب الصيد الى الصائد يتم تدريبها بان تعطي – ترسل ، تتخلى – عما تحمله للصائد ولا تتشبث به!  وهذا امر مهم جدا علينا اخذه بالاعتبار لأنه حسب دلالات الصوت اعلاه لا يوجد اي شِدّة وقوة وتشدّد وقطع في مفردة مسك بل هناك جمع متصل وحركة تنتهي بضغط خفيف، كما بينت اعلاه !
 
اي ان هذه المفردة ثقافيا وصوتيا من الاية هذه ومما نعلمه عنها في حياتنا من الصيد لا تدل ابدا على استخدام القوة في دلالاتها ولا القطع والوقف الشديد كذلك لا تستخدم الستر والخفاء في مدلولها
!

ومنه يصبح المسك عمليةً تدل على جمع الشيء بشكل متصل ولا تمنعه من الحركة ابدا اثناء جمعه بل يبقى متحركا متصل الحركة وتنتهي حركته بضغط الكاف الخفيف وبدون استخدام قوة واخفاء وقطع !
 
وهو تماما ما يقوم به الكلب – بعد إذ – يصيد الصياد طريدته بسهمه، فيحضرها الكلب بجمعها في فمه ثم يحضرها للصياد ممسكا بها ولا يتشبث بها بل يعطيها لمن صادها بالسهم أي يرسلها من فمه
!
ومن هنا جائت عليكم !
فالكلب والصقر لا يصيدا لنا بل علينا، اي يحضرا ما اصطدناه  وما علمناه اياها كي تعمل لنا فتمسك علينا، فتصبح الجملة " امسك عليك " او " امسكن عليكم " ذات دلالة لمجموعة اعمال ومواقف في ان واحد وليس عمل واحد، وهو :  انها تمسك – ولا تتشبث بقوة بما تمسكه بل يبقى متحركا متصل الحركة -  وتحضر ما هو لنا وتجلبه الينا وتعطينا اياه .
والآن لنر الآية في زيد :

( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِىٓ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ
وَٱتَّقِ ٱللَّهَ وَتُخْفِى فِى نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَىٰهُ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَٰكَهَا لِكَىْ لَا يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِىٓ أَزْوَٰجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْا۟ مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولًا ) 33-37

ولا اريد التعرض للحادثة وما قيل عنها هنا، ولكن فقط انوه للموقف الذي نفهمه من الجملة، امسك عليك، بأن قول النبي لزيد يدل على ان لا يتخلى عن زوجه ولا يرسلها بعيدا عنه بل يبقيها بجانبه وهنا الحديث ليس عن الطلاق ابدا بل عن العلاقة بينهما من الجفاء والبعد والقرب ليس اكثر.

اي صوتيا وثقافيا عملية الجمع المتصل بينهما مع حرية الحركة لزوجه، المنتهية – اي حريتها وحركتها -  بقيود الزوجية والعائله المتعارف عليها، والتي تقع على الطرفين معا. ومنه جائت امسك عليك زوجك وليس امسك بزوجك، اي ابقها بجانبك .

في قوله تعالى :
( مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُۥ مِنۢ بَعْدِهِۦ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ ) 35-2

نقف هنا لوهلة امام هذه الآية التي استخدم الله تعالى فيها مفردات تصف عملية المسك من عدمه بكونها شيء يسترسل من ابواب متدفقا بحركة متصلة لا تتوقف الا بقدرة الله تعالى، فمفردة " يفتح " مباشرة تدعو اذهاننا لتخيل ابواب يتم فتحها، ومفردة " مرسل " تاتينا بتصور الحركة المتصلة تدفقا.
ومنه الامساك ليس منع للشيء أبدا، فالمنع فيه ستر وخفاء وعمق، وكذلك ليس فيه حبس للشيء فالرحمة لا يتم حبسها، ومنه :
ما يفتح الله تعالى من ابواب رحمته للناس فلن يستطيع احد ان يمسك حركة هذه الرحمة عنهم فلا تصل اليهم كلها او لا يصل اليهم جزء ما منها، فإن فتح ابواب رحمته بقدر فسيصل بذلك القدر المعلوم قليلا كان او كثيرا، وإن كان كثيرا فلن يستطيعوا ان يمسكوا منه شيئا ابدا.
 
هنا الفرق بين المسك والمنع او الحبس !
المسك يتم بخفة وبدون استخدام قوة بل اغلب الاحيان قدرة وليس قوه، اي استطاعة على فعل الشيء،
بينما الحبس والمنع والقبض كلها بحاجة لقوة قد تكون شديدة جدا كما في القبض مثلا.
وما يمسك الله تعالى – بحكم قدرته وعزته – فالقوة هنا ليست مطلبا منه سبحانه ، فلا مرسل له،  أي لن يستطيع اصلا احد الوصول الى تلك الابواب لفتحها.
والابواب هنا ليست ابوابا باقفال كما عندنا بل هي مجرد ابواب افتراضية وهمية افتريتها بحكم مفردة الفتح ليس اكثر – هذا لمن يريد الجدال فيها ! 


أما في قوله تعالى :
( يَتَوَٰرَىٰ مِنَ ٱلْقَوْمِ مِن سُوٓءِ مَا بُشِّرَ بِهِۦٓ أَيُمْسِكُهُۥ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُۥ فِى ٱلتُّرَابِ أَلَا سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ ) 16-59

نرى هنا نفس الصور تتوالى علينا كما في السابق، كلها تدل على ارسال للشيء او الامساك به، ويجب علينا منذ الان التخلي عن الترادف بالقول منع او حبس بديلا عن مسك، فالمسك هو عملية قائمة بوحدها كما يجب علينا تصحيح فهمنا لها !
ومنه، بعض الناس من مرضى النفوس الذين ان بُشِّروا بالانثى ظل وجههم مسودا وهو كظيم، كما يصفهم الله تعالى في الاية السابقة على هذه، يخجلون من ابنائهم الإناث، فيحتارون هل يمسكون ما تم تبشيرهم به، أم يدفنونه؟! وحين نقف هنا عند أيمسكه – العائدة على ابنتهم التي ولدت، فكيف يمسك ابنته ؟
كما وصى النبي زيد تماما ! " ايمسكه على "، اي يبقيها بجانبه متصلة به ليست بعيدة عنه لا يجافيها ولا يكرهها .. اما مسالة الهون فهي من خيال مرضه وليست واقعا – هذا مما لا جدال فيه ومما يصفه القرءان لنا عنهم .

نلاحظ حتى اللحظة كيف ان المفردة " مسك " لم يتم فيها ابدا استخدام القوة والضغط والشدة والقطع، وهذا مهم لما سيأتي لاحقا !

أما في قوله تعالى :
( ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَٱلَّتِى لَمْ تَمُتْ فِى مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ ٱلَّتِى قَضَىٰ عَلَيْهَا ٱلْمَوْتَ وَيُرْسِلُ ٱلْأُخْرَىٰٓ إِلَىٰٓ أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) 39-42

نرى نفس صورة رحمة الله تعالى، في الاية اعلاه، فإما ان يمسك الله تعالى النفس المتوفية وإما ان يرسلها، وهنا انا عاجز عن تصور كيف يمسك الله تعالى النفس التي توفاها وقضى عليها الموت، فلن افتري على الله بغير علم – اللهم إلا انها تكون في كتاب الله الى يوم البعث – وهذا مبلغي من العلم ! ولكن يجب ان نلاحظ استخدام الله تعالى هنا ايضا مفردة ويرسل التي لم يقض عليها الموت، فمقابل المسك هو الارسال للشيء في اغلب الآيات.

وفي قوله تعالى :
 ( قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّىٓ إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ ٱلْإِنفَاقِ وَكَانَ ٱلْإِنسَٰنُ قَتُورًا ) 17-100

( أَمَّنْ هَٰذَا ٱلَّذِى يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُۥ بَل لَّجُّوا۟ فِى عُتُوٍّ وَنُفُورٍ ) 67-21

من هاتين الآيتين، نرى نفس المدلول لعملية المسك، ولكنها هنا ارتبطت بالرزق، ولهذا توقفت عندها، فكثير من يظن ان المسك هنا هو المنع او القبض، وهذا ليس بصحيح ابدا، فلو كان المسك هنا منع او قبض ما وصف الله تعالى الانسان الذي لو امسك خزائن رحمة الله بانه قتورا !
نعم هو سيمسك خشية املاق ولكنه لن يمنع، ولن يقبض والفرق كبير، ولذلك وصف الله تعالى هذا الانسان بكونه قتورا – اي سيمسك ولكنه سينفق بتقتير أي بقلة ولكنه ليس حبس ومنع للشيء ..
والآية الاخرى تتكلم عن ان امسك الله تعالى الرزق عنا، فلم يرسله الينا، وليس منعه عنا ..

الفرق بين المنع والامساك كبير، فالمنع فيه ستر واخفاء للشيء بعمق، اي لن نرى اي شيء منه، بينما الحديث هنا عن مسك الرزق اي قلته وشحته علينا مع اتصال حركته وبقائه بيننا! وليس حبسه او منعه عنا، أو ان يد الله مغلولة حاشاه سبحانه فهو لن يقبض يده علينا ..

في قوله تعالى:
 ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِى ٱلْأَرْضِ وَٱلْفُلْكَ تَجْرِى فِى ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِۦ وَيُمْسِكُ ٱلسَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى ٱلْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِۦٓ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) 22-65

( إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّنۢ بَعْدِهِۦٓ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ) 35-41

الآيتين اعلاه هنا تصفان عملية زوال السماوات العلى التي لا نعرف ماهيتها، ولكن من الوصف نفهم انها لن تقع او تتحطم بل تتلاشى – والله اعلم بماهية السماوات العلى – ولكن يمكننا استشعار كيفية زوالها من خلال مفردة المسك والارسال من بقية الآيات، ويبقى استشعارنا افتراء ظن ليس بيقين.
أما الآية الثانية فهي تتحدث عما نراه باعيننا، اي السماء الدنيا، والمكونة فعليا من سحاب وطبقة اوزون وغازات مكثفة اي ان وقوعها على الارض ممكن، وهنا يمكنني ان اتكلم عن هذه الآية لان الله تعالى وضع سنته في الكون من حولنا حين خلق الارض والسماء ثم بقية السماوات ..
ومنه ومن العلم من حولنا، نرى ان السماء لا تقع لاسباب اكتشفها العلم تقريبا، من قوى جاذبية وحركة وعمد من المجالات المغناطيسية لا نراها، اي ان الله تعالى يمسك السماء بقوانين – لغة – هو وضعها في خلق الكون وسماها سنته في الكون. ما اريد قوله هو :
أن الله تعالى يبقيها مكانها بالقرب من الارض لا تقع ولا تزول ولكنها متحركة متصلة الحركة، غير ساكنة وحركتها مقيدة بحكم قوانين تحكمها لتبقى بالقرب من الارض
!
هل من صلة بين هذا الفهم وبين بقية ما فهمناه اعلاه عن المسك ؟ انا اقول نعم ...!


______________

امساك النساء :


قال تعالى في ايات تخصنا وتخص علاقاتنا الاجتماعية والعائلية وخاصة في الطلاق أومن يأتين بفاحشة ايات فيهن احكام كثيرة، وما زال الكثيرون يبحثون في هذه الآيات بغرض فقهها وفهمها بشكل حديث بعيد عن المفاهيم التراثية التي انقضى اجلها، وعفى عنها الزمن بسبب قدمها، وبسبب التحريف المقصود احيانا في فهمها من البعض، لكي يعيدوا الإصر والاغلال الى المرأة التي كرمها الله تعالى في القرءان وساواها بالرجل، فلم يعد هناك فروقات بين الذكر والانثى الا في حالت خاصة دقيقة متصلة بمحددات ومعايير – مثل قضية الميراث، والتي يحددها معيار مهم تم نسخه من قبل التراث وهو الوصية – ومنه هي ليست قضايا كما يظنها البعض بأن فيها ظلم للانثى بل التراث من ظلم الانثى بإعادة الإصر والاغلال عليها باستيراده للتلمود على شكل روايات مفتريات منسوبة للنبي عليه السلام تنسخ القرءان ذاته واحكامه !
فالقرءان يبيح للرجل ان يوصي لمن يرثه، ومنه الاناث بالذات لحكمة، فاتى التلمود لينسخ ذلك وليبقي الاموال في داخل العشيرة ذاتها ..

قال تعالى:
( ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌۢ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌۢ بِإِحْسَٰنٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا۟ مِمَّآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ شَيْـًٔا إِلَّآ أَن يَخَافَآ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا ٱفْتَدَتْ بِهِۦ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَأُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ ) 2- 229
 

( وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا۟ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُۥ وَلَا تَتَّخِذُوٓا۟ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ هُزُوًا وَٱذْكُرُوا۟ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَآ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ ٱلْكِتَٰبِ وَٱلْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِۦ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوٓا۟ أَنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ ) 2-231

من الآيتين اعلاه، نرى ان الله تعالى استخدم مفردات مغايرة لمفردات الارسال والفتح، فالله تعالى استخدم هنا مفردة التسريح  بمعروف او التسريح باحسان، وغيرها التسريح الجميل ايضا في ايات اخرى !

والتسريح، او فعل السرح هو ان لا يبقى الانسان في مكان واحد بل يتحرك حسب رغبة في نفسه او حاجة، كما قال تعالى في سورة النحل 16 – 6 (
ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون )، اي حين تتحركون حسب حريتكم، ومنه ان تم الطلاق كاملا فيجب ان يعطى للمراة المطلقة الحق في ان تذهب اينما تشاء بحرية منبعثة منها هي، وبدون قيود منا عليها !
والبديل عن التسريح هو ان نمسكهن بمعروف، أي كما في بقية الآيات اعلاه، ان يبقين بالقرب منا متصلات بنا ومن حولنا بدون جفاء ولا بغض مع حفظ حقوقهن في المساواة والحركة ضمن قيود الحياة الزوجية التي تقيد الزوجين معا وليس احدهما فقط !


أما في قوله تعالى :
( وَٱلَّٰتِى يَأْتِينَ ٱلْفَٰحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَٱسْتَشْهِدُوا۟ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُوا۟ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِى ٱلْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّىٰهُنَّ ٱلْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا ) 4-15

بسبب هذه الآية، اصبح البحث على ما هو عليه الآن طويلا، فاعتذر من القاريء ولكن كان لا بد من كل هذا التفصيل كي نحدث التغيير اللازم في المفاهيم الموروثه
!
وقفت امامها طويلا ...  صدقا اعترف انني بسببها اعدت قراءة البحث اكثر من مرة واطلت التدبر والتفكير فيها، فبسببها ظهرت اسألة كثيرة ترد على خاطري حين استحضر الفهم التراثي لها والذي لن اتعرض له هنا كثيرا، إلا بالقول ان المفسرين القدامى كلهم قالوا بان اللاتي ياتين الفاحشة يجب " حبسهنّ " في بيوتهن حتى الموت ! بل منهم من زاد على ذلك في قول الله تعالى او يجعل الله لهن سبيلا بقوله افتراءا على الله الكذب " فقد جعل الله لهنّ، وهو الـجلد والرجم" كما في الطبري والزمخشري وامهات التفاسير التراثيه !

ناهيك عن انهم قالوا بان الفاحشة هي الزنا – وهذا من غريب القول – فالاية تتكلم عن نساء يأتين الفاحشة وليس عن نساء يزنين مع رجال وغيره ، واكتفي بهذا القدر من التراث فمن شاء فليقرا امهات تفاسير التراث وسيشيب شعر راسه مما فيها عن هذه الآية !
الآية تتكلم عن نساء يرتكبن الفاحشة وليس عن نساء يزنين ! فهناك ايات تتكلم عن الزاني والزانية بكل وضوح! ثم ان الله تعالى يقول في مجرى الآية اولا ( مِن نِّسَآئِكُمْ ) كما يتبعها بقوله سبحانه ( فَٱسْتَشْهِدُوا۟ عَلَيْهِنَّ ) ولم يقل عليهما او عليهم ...
فكيف ترجموها الى الزنا؟ وكيف ادخلوا الرجال هنا؟ وكيف حكموا بكونهن محصنات او غير محصنات ؟
لا ادري ! وما ظني إلا ان هذا من مخطط اعادة الإصر والأغلال عليهن ليس اكثر .. وما يهمنا هنا هو نفي هذا الافتراء البغيض الناتج عن الفهم العقيم للاية !
فأن نحبسهن حتى الموت في بيوتهن هو من بغيض الحكم غير الانساني ! وإلا فلم أتْبعَ الله تعالى القول او يجعل لهن سبيلا ؟! ومن الذي قال بان هذا السبيل الذي يهبه الله تعالى لهن هو جلد ورجم ؟! فالرجم اساسا ليس من الاسلام بشيء وتم نفيه واثبات كونه افتراء على الاسلام وانه من التلمود ..
 
كفانا نقاشا لما تم افتراءه على الله الكذب مما وصفته السنتهم زورا وبهتانا ولنعد لبحثنا !
 
مما سبق كله، لا بد ان مفردة الامساك هنا لا تختلف عما سبقها، فالمفردة مدلولها ثابت ما لم يختلف البناء ! وامساك المطلقات بمعروف لن يختلف كثيرا عن امساك من يرتكبن الفاحشة من النساء، فكلهن يتم امساكهن في بيوتهن بداية او نهاية الامر ! بل في المطلقات صرح الله تعالى بصريح العبارة بانهن يلزمن بيوتهن بينما هنا لم يصرح بذلك
!
وكما وضحت كثيرا وبكل الامثلة الممكنة اعلاه ان المسك غير الحبس غير القبض غير المنع ! فلم هنا نكسر كل القواعد والقوانين وسنة الله تعالى التي لا تبديل ولا تحويل لها ؟! أهو فقط لنعيد الإصر والأغلال التي ازالها الدين المخفف ؟ ربما في التلمود نجد مثل هكذا احكام، ولكن الدين المخفف لن يأتي بمثل هكذا احكام ابدا ! ولهذا استخدم الله تعالى مفردة الامساك بالذات لهن !

فهن نعم يبقين في بيوتهن ولكن ليس بحبس لهن بل امساك لهن في البيوت- اي ان حركتهن مقيدة كما في الزواج تماما !!
!
هنا موقف دقيق جدا! قلت اكثر من مرة اعلاه، ان امساك المراة بالمعروف هو ابقائها بجانبنا متصلة بنا متصلة الحركة غير مقيدة لحركتها الا بعرف قيود الزوجية التي تحكم كلا الفردين، واعود اقول هنا انهن يبقين في بيوتهن حتى الموت مقيدات الحركة تحت نفس هذا العرف العائلي سواء كان عرف زواج او عائلة، وكانهن متزوجات تماما، او في بيوت اهلهن، فكيف يكون ذلك ؟!
القضية ليست في حبسهن ابدا ! ولو كانت القضية حبسهن لما اتبع الله تعالى الحكم بامل ان يجعل لهن سبيلا وهو لا بد – الزواج ، وكذلك لاستخدم الله مقيدات اشد قوة وقطع في مفردات اخرى تدل على هذا الحبس، فكيف يتزوجن ان حبسن في بيوتهن كما السجن ؟! حتى استخدام مفردة حبس هنا مرفوضة ابدا لان الله تعالى لم يستخدمها !
 
خلاصة:
من يرتكبن الفاحشة من النساء ويشهد عليهن اربع، يتم ابقائهن في بيوتهن تحت رقابة اهلهن فقط، اي رقابة لحركتهن – كي لا يجتمعن مع بعضهن البعض ليس اكثر - حتى يمُتْـن او خلال ذلك الوقت يجعل الله لهن سبيلا مثل الزواج او انتهاء سبب امساكهن في البيوت! فمن زاوية اخرى، نرى ان امر الامساك جاء بصيغة الجمع " لهن " اي من تمت الشهادة عليهن، وهذا ربما له مدلول على التفريق بينهن كي لا يلتقين فقط ! فإن انتهت الغاية بسفر احداهن او موتها او بُعدها أو زواجها، بطل الامساك بكون الله تعالى جعل لهن سبيلا ! فسبل الله كثيرة وليست محصورة في تصورنا نحن فقط، فإن سافرت الأخرى وبقيت هذه لوحدها في البلدة فقد انعدم سبب الامساك لها واصبح غير منطقي ولا فائدة منه
!

المهم هنا ما وجب فهمه، وهو أن الاسلام دين تخفيف وليس دين إصر واغلال!

ايات الموضوع :
في قوله تعالى :

( أَلَمْ يَرَوْا۟ إِلَى ٱلطَّيْرِ مُسَخَّرَٰتٍ فِى جَوِّ ٱلسَّمَآءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا ٱللَّهُ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) 16-79

( أَوَلَمْ يَرَوْا۟ إِلَى ٱلطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَٰٓفَّٰتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا ٱلرَّحْمَٰنُ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَىْءٍۭ بَصِيرٌ ) 67-19

من كل ما سبق، ومن فهم مفردة يقبضن لسانا على ان فيها استخدام قوة ودفع شديد متوقف، ومن كون مفردة صافات تدل على الحركة المحددة المتصلة، ومن فهمنا لمفردة الامساك للسماء والسماوات والرزق وغيرها، ارى بكل بساطة هنا ان الامساك هنا لا علاقة له بمنع الطير عن فعل شيء ...
فلا علاقة للمنع بالامساك ابدا! بل هي في " القدرة الالهية " على ان تبقى هذه الطيور صافات ويقبضن في جو السماء ولا يتم وقوعها تماما كما السماء ! فالطير في جو السماء ، والله تعالى ممسك السماء ان تقع وكذلك الطير ...
إذن هي معادلة قوى وقوانين خلقها الله تعالى في السماء، وفي جو السماء وعلاقة الجو بالارض والرياح مع قدرة الطير في ذاتها بالقبض والاصطفاف في ذات الوقت !
فسرب الطير يكون بكل دقة كما اللوحة طائرا وكأنها مجموعة طيارين تعلموا هذه الحركة شهور عدة
!
بينما الطير تكون في اصطفاف دقيق جميل متناسق ويقبضن، وفي جو السماء حيث الرياح متغيرة غير ثابتة التيارات، وحيث الجاذبية وعوامل الضغط والرطوبة والامطار ومع كل هذا نراها في جو السماء صافات ويقبضن فسبحان من امسكهن !
اما ان يكون كل هذا الوصف بان الطير يمنعه الله تعالى عن الهجوم علينا كما قال اخ فاضل فلا ارى له هنا من مكان، مع كامل احترامي لكل راي غير ما أرى انا هنا الان، فمن هذا المنطلق الله تعالى كان قادرا ان يقول لنا عن الحيوانات وغيرها من وحوش الغاب انه يمسكها ايضا ! والمهم، وما يهمني الاشارة اليه هنا، هو مدلول مفردة امسك ليس اكثر !


مفردة –استمسك  ب شيء  

وهي كما يبدو من السياق ومن صيغة الفعل كونه استكثار من الفعل كمن استكثر من فعل الشيء وبقي عليه متمسكا مستمسكا به كما الغريق يستمسك بحبل النجاة لا يريد ان يفلته او يتخلى عنه وهذا نراه بكل وضوح في الايات ادناه وخاصة اول ايتين اللتين جعلتهما في البداية لسهولة فهمهما وفهم مدلول المفردة من خلالهما، ناهيك عن ان التاء تدل على الجهد في الفعل، ففعل المسك كما رايناه اعلاه لا جهد قويّ فيه، وبالتاء يكون فيه جهد اكثر يتم بذله .


( أَمْ ءَاتَيْنَٰهُمْ كِتَٰبًا مِّن قَبْلِهِۦ فَهُم بِهِۦ مُسْتَمْسِكُونَ
بَلْ قَالُوٓا۟ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰٓ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِم مُّهْتَدُونَ ) 43- 21:22

( فَٱسْتَمْسِكْ بِٱلَّذِىٓ أُوحِىَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) 43-43


( لَآ إِكْرَاهَ فِى ٱلدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَىِّ فَمَن يَكْفُرْ بِٱلطَّٰغُوتِ وَيُؤْمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَا وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) 2-256

( وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ وَإِلَى ٱللَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلْأُمُورِ ) 31-22

كل الآيات السابقة تستخدم صيغة الاستمساك بالشيء وهي صيغة عدم التخلي عما مسكوه من الشيء ابدا بل التعلق به دوما بجهد التاء، فاصبحوا به مستمسكين، اي نوع من التشدد في المسك بالشيء – ونلاحظ انها كلها اتت بصيغة الاستمساك (ب) شيء ما –  وهو الحق لا بدّ !
بينما في الآية 21 من سورة الزخرف 43 استمسك الكافرون ببما ورثوا عن ابائهم من افتراء على الله الكذب ولم يكن هناك من كتاب يستمسكون به يقول لهم او مكتوب فيه ما يفعلون !


مفردة – مَسَّكَ  ب شيء 

( فَخَلَفَ مِنۢ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَٰذَا ٱلْأَدْنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُۥ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَٰقُ ٱلْكِتَٰبِ أَن لَّا يَقُولُوا۟ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلْحَقَّ وَدَرَسُوا۟ مَا فِيهِ وَٱلدَّارُ ٱلْءَاخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ
وَٱلَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِ
ٱلْكِتَٰبِ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُصْلِحِينَ ) 7- 169:170

وهي لها علاقة بالاية التالية التي لا بد من ذكرها لاننا سنتعرض لها هنا في قوله تعالى :

( ثُمَّ أَوْرَثْنَا ٱلْكِتَٰبَ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِۦ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌۢ بِٱلْخَيْرَٰتِ بِإِذْنِ ٱللَّهِ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ ) 35-32

فجائت مفردة " يُمَسِّكُونَ " اكثر صيغة تشديد للامتثال بما في الكتاب قولا وعملا، وهي اتت بعد آية ميراث الكتاب التي اورثه الله تعالى من بعد موت الانبياء والرسل الذين بلغوا هذا الكتاب لنا! فكانت صيغة تشديد على ان من ورث الكتاب ومسّكَ به ! أي تعلق به كما وأنه حبل نجاة الغريق وأكثر من ذلك ! فهم استمسكوا به ثم مَسّكوا به الآخرين وانفسهم !
فهي صيغة تدل على فعلين في ذات الوقت !
هم يستمسكون بالكتاب
وهم يُمَسِّكون به مَن بعدهم وانفسهم !
لأنهم ورثة الكتاب فلا بدّ انهم يبلغونه كما هو لمن حولهم ومن بعدهم !

إنتهى.

والله المستعان

ملاحظة: لا حقوق في الطبع والنشر لهذه الدراسة.

مراجع :
* المرجع الرئيسي الأساسي الحق – كتاب الله تعالى – القرءان الكريم.
* برنامج أكسيس قرءان  نسخة 8 للأخ الفاضل أحمد بهجت – برنامج متطور جدا في البحث عن مفردات القرءان برسم عثماني وإملائي ومواصفات أخرى كثيرة مميزه :
للتحميل:

http://free-islam.com/modules.php?name=Forums&file=viewforum&f=31

للتعلم عنه:
http://www.youtube.com/watch?v=hnaMmlsx_qE


 

اجمالي القراءات 12636

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2010-11-13
مقالات منشورة : 65
اجمالي القراءات : 825,378
تعليقات له : 265
تعليقات عليه : 151
بلد الميلاد : Jordan
بلد الاقامة : Jordan