السيسي حمل لواء الحماية كفرد لا كجماعة

شادي طلعت Ýí 2013-09-27


أيهما أقوى في حماية الأفكار، الفرد أم الجماعة ؟ سؤال لم يفكر فيه كثيريين، علماً بأن الإمعان في تلك المسألة، سيوفر وقت وجهد كبير، وأعني أصحاب الأفكار اللذين قد يضيع منهم وقتهم وجهدهم وفي النهاية تفنى أفكارهم، علماً بأن من يقرأ التاريخ جيداً، سيصل إلى النتيجة إن كان المنطق أداته للوصول إلى الحقيقة.
 
وفي هذا الصدد، أعود بكم إلى بداية الدعوة الإسلامية، والتي كانت تفتقر القوة في بدايتها مما أثر على إنتشارها، فما كان من الرسول (ص) إلا أن دعا الله قائلاً "اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين، عمر بن الخطاب، أو عمرو إبن هشام" إن دعاء الرسول (ص) هنا لا يعني فقط قوة من إختاره الله ليعز به دينه، بقدر ما يعني أموراً أخرى وهي :
 
أولاً/ أن الشخص  لو كان يتمتع بصفات قيادية قوية، فهو أقوى من أي جماعة، لحفظ الأفكار ونشرها.
 
ثانياً/ أن الإنتصار بالجماعة يضر بالأفكار ولا يفيدها، لأنه إن إنتصرت جماعة لفكرة، فإن باقي الجماعات ستعادي تلك الفكرة ! نظراً للصراع بين الجماعات، وتنافسها على المزايا الدنيوية، والمال والجاه والسلطان.
 
ثالثاً/ سيظل وجود الفرد كأداة داعمة للأفكار سارياً، حتى وإن إنتشرت الفكرة، فالأفراد يموتون، إلا أن الفكرة تستطيع أن تلد من يدافع عنها، فإن عجزت عن الولادة فإنها تكون فكرة عاقرة من البداية.
 
إن رسول الله (ص) طلب من الله الدعم بأحد شخصين، بينما لم يطلب من الله الدعم ببني أسد أو عبد مناف أو غيرهم من القبائل العربية الشديدة القوة في تلك الفترة الحالكة التي مر بها الإسلام في بداية الدعوة، وكان رسول الله (ص) بعيد البصيرة عندما إختار أن يمد الله الإسلام بدعم عمر إبن الخطاب أو عمرو إبن هشام، فبدخول إبن الخطاب الإسلام إزداد المسلمون قوة وعزة، وأنا هنا لا أنفي الحكمة الإلهية، من أن الإسلام قضى على أمور الجاهلية الأولى، والتي منها الفخر والإعتزاز بالحسب والنسب، وجعل الأفضلية للتقوى والخلق القويم، حتى تنصهر كافة القيود والسلاسل الحديدية المتمثلة في الحسب والنسب والتفاخر بالآباء والأجداد.
 
ولكن ما وإن إنتشر الإسلام بعد فتح مكه، فإذا برسول الله (ص) يتوفاه الله ! إلا أن الإسلام لم يسقط بوفاة الرسول (ص) ! وإذا بأبي بكر الصديق يظهر على السطح، ويقوى من دعائم الدولة الإسلامية، وحتى بعد وفاة أبي بكر، أتى عمر إبن الخطاب، ليوسع من رقعة الدولة الإسلامية أكثر وأكثر ! وحتى وبعد وفاة عمر، جاء عثمان إبن عفان ثم علي إبن أبي طالب، ثم معاوية إبن أبي سفيان فعبد الملك إبن مروان إلى عمر إبن عبد العزيز، ثم جاءت الدولة العباسية، فالخليفة الأمين ثم المأمون إلى هارون الرشيد، إلى المعز لدين الله الفاطمي فصلاح الدين الأيوبي، فقطز ثم بيبرس، ثم محمد علي فجمال عبد الناصر والسادات إلى أن إنتهينا اليوم إلى عبد الفتاح السيسي، والذي هو مربط فرس هذا المقال .
 
من خلال ما ذكرت من شخصيات تاريخية سجلها التاريخ، وعذراً إن كنت قد أسقطت ذكر الكثير، في إستعراضي هذا، إلا أن المقال لا يسع لذكر الجميع، ولكن ما قصدته هنا من خلال العرض التاريخي، هو البحث في مسألة كانت شديدة التعقيد، ظهرت على السطح السياسي المصري فجأة، بعد تنحي الرئيس مبارك، وظهور جماعة الإخوان كأول مرة في السلطة، فوقتها خشي الجميع من معارضيها من الوحش الإخواني، وكانت خشيتهم تعود إلى كون الجماعة تمثل كتلة بشرية كبيرة لا يستهان بها ! وبالتالي سيصعب إقتلاعها، نظراً لجذورها القوية والراسخة داخل القرى والنجوع، بينما معارضيها سواء أفراد أو كتل بشرية جميعهم منقسمون، شعرت الفصائل والتيارات السياسية المعارضة للإخوان، أن مصر قد إنتهت، وستتحول إلى نظام أشبه بنظام الملالي في إيران، إلا أن بقاء جماعة الإخوان في سدة الحكم لم يدم طويلاً بعد وصول مرشحهم إلى الرئاسة، وكان يوم الحسم في 30 يونيو 2013، ثم كان يوم مولد زعيم جديد إنتصر للإسلام الذي شوهته جماعة الإخوان وإنتصر للشعب الذي لاذ بالقوات المسلحة، وإنتصر لمصر أعرق دول التاريخ، وأقصد الفريق أول/ عبدالفتاح السيسي.
 
سر قوة السيسي التي جابهت أقوى تنظيم سري ليس في مصر فقط وإنما في العالم :
 
أولاً/ السيسي  لم يأتي من فراغ، وإنما أتى ملبياً نداءاً شعبياً، فلم يفرض نفسه على المرحلة وإنما المرحلة هي التي فرضت عليه أن يكون في مقدمة الصفوف.
 
ثانياً/ الشعب لبى نداء السيسي، يوم أن طلب التفويض لمواجهة الإرهاب المحتمل، فإذا بأكثر من أربعين مليون شخص يخرجون عن بكرة أبيهم، يوم 18 من يوليو 2013، فأصبح موقف كل من الشعب والسيسي، مرسل ومستقبل في نفس الوقت، فلكل كان نداء وكل لبى نداء الآخر.
 
ثالثاً/ تمتع السيسي بصفات القيادة النابعة عن حب وليس خوف، بدأت بقيادة أعرق جيوش العالم، وإنتهت بقيادة لشعب مصر العظيم.
 
رابعاً/ دور السيسي كفرد، كان أقوى من دور الإخوان كجماعة، في الحفاظ على فكرة الدولة، وهي الفكرة الأشمل والأعم من فكرة الجماعة التي تبناها تنظيم الإخوان، فكون التنظيم أسس لفكرة، تضم أفراداً منتمين إلى تنظيم يكون ولاء أعضائه له أولاً، هي فكرة في حد ذاتها، ليست كفكرة نشأة الإسلام، فهم لم يأتوا بدين جديد ! وإنما بفكرة دخيلة على الإسلام، حتى وإن إختلفت مع مبادئ الإسلام، إلا أنها لا تنكر أنها جزء من الدين، وبالتالي ليست جماعة الإخوان بالغريبة أو المختلفة، وعلى مدار تاريخ الإسلام، كان لجماعة الإخوان أمثلة كثيرة مشابهة لها، لكن كافة تلك الأفكار سقطت، لأنها أفكار ليست بالروحانية أو المنزلة من السماء، بل كانت جميعها دخيلة على الإسلام، لا تبحث إلا عن مصالح شخصية، إذ أنها إهتمت بالجزء ولم تهتم بالكل، أو بمعنى أدق لم تهتم بالفكرة الأشمل وهو الإسلام نفسه، بيد أن وجه الإختلاف أيضاً بين الإخوان والمصريين، ترسخ في فكرة الدولة التي عاشت في ظل إحتلال إنجليزي لمدة 75 عاماً ولم يتحدث شعبها إلا باللغة العربية، وعاشت في ظل إحتلال إمبراطورية عثمانية دامت قرابة الستة قرون، ولم يتحدث المصريون التركية وظلوا يتحدثون العربية ! لقد كان لشكل الدولة عند الإخوان حدوداً مختلفة عن المتعارف عليها، وتناست الجماعة أو جهلت أن المصريون يفترسون كل من إقترب من مالهم أو أرضهم أو دينهم، لذا كان لظهور الفريق أول/ عبدالفتاح السيسي، الغلبة على الإخوان وتنظيمهم السري المحلي أو الدولي.
 
في النهاية أقول :
 
إن فكرة الدولة المصرية بجذورها العميقة الدينية والعرقية والروحية، كانت وستظل باقية، يحميها شعبها، بأشخاص يخرجون من نبتها وزرعها، لا ينتمون لأفكار خاصة، بل ينتمون للفكرة العامة، هي فكرة الدولة، والتي قدر الله أن تكون أول دول التاريخ وستظل باقية إلى يوم الدين.
 
حفظ الله مصر وشعبها
 
شادي طلعت
اجمالي القراءات 5490

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-11-20
مقالات منشورة : 309
اجمالي القراءات : 3,638,225
تعليقات له : 79
تعليقات عليه : 228
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt