خربشات على وجه العواصف

كمال غبريال Ýí 2013-09-04


شاهدت أمس جلسة الاستماع لشهادة الإدارة في موضوع توجيه ضربة لسوريا بلجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس الأمريكي، ظللت لثلاث ساعات مشدوداً أمام التليفزيون، غير قادر على مبارحة مكاني، مبهوراً من روعة شخصيات ممثلي الأمة الأمريكية وذكاء وثراء "العصف الفكري" الذي يمارسونه. . قال وزير الخارجية والدفاع وقائد القوات المسلحة ما مجمله، أن هناك تقارير مخابراتية تؤكد استخدام الأسد للأسلحة الكيماوية أكثر من عشر مرات من قبل، وفي المرة الأخيرة قتل المئات من شعبه، وأن الضربة تستهدف عقاب الأسد على استخدامه الأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً منذ قرن مضى، وإضعاف قدرته على استخدام الأسلحة الكيماوية مرة أخرى، كما أكدوا أن الجيش الحر والمعارضة السورية العلمانية صارت أقوى في المرحلة الماضية، وأن الشعب السوري علماني بطبعه، ولن يقبل بدولة دينية، وأن الهدف هو الإتيان ببشار إلى مؤتمر جينيف 2، ليتم تشكيل حكومة انتقالية بدون بشار الأسد، حكومة تؤسس نظاماً ديموقراطياً لكل السوريين. . المشكلة أن ما فعله هؤلاء القوم بمصر أخيراً وموقفهم منها، يفقدني الثقة تماماً في كل ما يقولون. . سيضربون سوريا إذن، وسنرى النتائج المترتبة على هذا، وسنرى علمانية سوريا التي يتحدثون عنها، رغم أنهم في مصر قد استثمروا في قوى الظلام، ومازالوا حتى الآن يراهنون عليها!!. . يبدو أن بشار هو من قام بالفعل بضرب شعبه بالكيماوي، لكن ما يبدو أكثر وضوحاً أن الإدارة الأمريكية تستحضر عفريت القيم الإنسانية في الأوقات المناسبة، لتحقيق أغراض أبعد ما تكون عن الإنسانية.
• لا هوية لمصر غير هوية البنائين، وهوية القادرين على تحويل صفرة الصحراء إلى خضرة يانعة. . الفرق بين "الجماعات" و"المجتمعات"، أن الأولى تتواجد معاً دون تنسيق فيما بينها، بينما في الثانية يجمع التنسيق بين سائر الأفراد، ومصر تسير في طريق التحول من "مجتمعات" إلى "جماعات".
• نحن في الحقيقة لا نكتب دساتير محترمة، بل ننتج معجنات تحوي كل المتناقضات الي عرفتها الدنيا، فنحن بجدارة شعب أدمن التعايش مع المتناقضات. . دستور يمثل كل فئات الشعب. . هذا تصور قمة في القصور إن لم يكن الغباء، فلكل فئة خصوصياتها التي لا ينبغي تضمنها في الدستور، فقط ينبغي أن ينص الدستور على احترام خصوصيات الأفراد والجماعات. . المطلوب دستور يؤسس لدولة حديثة لمواطنين أحرار، وهو ما لا يتيسر وضعه بواسطة ممثلي فئات متنوعة، يحاول كل منهم دس أنفه في الدستور. . الدستور المرجو يمكن أن يضعه ثلاثة أشخاص فقط، أولهما شخص مستنير مؤمن بالحداثة والحرية وفق معايير العصر، والثاني خبير في النظم السياسية، والثالث خبير قانوني ومتخصص في صياغة الدساتير، وغير هذا في شرعي تهريج وتخبط وميوعة وفشل ذريع!!
• الحوار مع تيار الإسلام السياسي يهدف لإقناعهم بما يلي: احترام الوطن- احترام حقوق الانسان- تجريم القتل على الهوية الدينية- المساواة بين البشر بغض النظر عن معتقداتهم الدينية. . هكذا يكون المكان المناسب لإقناعهم بهذه القيم هو مستشفى حديث ومجهز للأمراض العقلية والنفسية.
• التسميات تلعب دوراً محورياً بغض النظر عن حقيقة المسمى، فقيام الجيش بواجبه لحماية الدولة والشعب المصري، يطلق عليه البعض "انقلاباً عسكرياً"، ومجموعة الأفكار الوحشية المتخلفة يطلقون عليها "مشروعاً إسلامياً، والخنوثة السياسية واللعب على كل الحبال يطلقون عليها "موائمة سياسية" أو "توافق وطني". . كثيرة هي التسميات الناعمة نعومة جلود الثعابين، ولا نجد منها غير السم الزعاف. . البداية تكون بأن نتعلم أن نفكر لأنفسنا، ولا نعتمد على الوجبات الجاهزة السريعة من عند أصحاب العمائم واللحى أو سواهم.
• الساحة السياسية والثقافية المصرية طوال ستة العقود الماضية طغى فيها وعليها الحرافيش والأونطجية، وتوارت أغلب الشخصيات المحترمة، وقد صارت أعدادها مع الوقت تتضاءل وإن لم تنعدم، ومازال هذا الوضع سائداً رغم ما نطلق عليه ثورات، وهذا هو السر في العجب العجاب الذي نراه ممن نطلق عليهم تغصباً نخبة، وهم كما يقول التعبير المصري الدارج "نخبة الندامة"!!
• رغم أن التاريخ لا يعيد أبداً نفسه بذات التفاصيل، إلا أننا ربما مقبلون على فترة تشبه التسعينيات، حيث مزيج قمع من الجماعات الإرهابية وقص أجنحتها، مع السماح لها بالتواجد الفعال بالشارع السياسي والاجتماعي والديني. . هي إذن العودة بالزمن ما يقرب من ربع قرن. . بسيطة، هو احنا ورانا حاجة؟!!
• إذا وجدت رجل دين واحد يدفع أمامه آلاف الخراف، يبقى أنت أكيد في مصر!!. . طالما الثقافة الأبوية البطريركية مازالت متغلغلة في القواعد المجتمعية، فلا أمل في دولة حديثة ديموقراطية بحق، فالمسألة كلها أننا نثور لنستبدل أب بطريرك بآخر، فنحن جميعاً نردد "آه يا بلد عايزة ولد". . سنظل ننتظر "الولد" أو المهدي المنتظر، حتى نفنى كسائر الكائنات المنقرضة، ما لم تحدث معجزة تنقلنا مما نحن فيه إلى العصر وحضارته، وهذا ما قد يستحيل تحقيقه، فما لم يثبت أن عبد الفتاح السيسي راغب وقادر على الذهاب إلى الحد الذي وصل إليه مصطفى كمال أتاتورك في تركيا، فلا تغيير حقيقي سيحدث في مصر، ولن نخرج من الكهف المظلم الذي دخلنا فيه منذ ستة عقود. . ربما كان "الولد" القادر على إحداث هذه النقلة مازال برحم أم مصرية تنتظر اللحظة المناسبه لتخرجه للحياة، فالإنجاز الذي حققه أتاتورك لم يكن إنجازاً فردياً لشخص واحد جبار، ولكن لرجل مرحلة كانت الظروف التركية مهيأة وتنتظر قيادته الحاسمة الرشيدة.
• هي عبقرية من الإخوان وإن كانت شريرة، ألا يعتمدوا فقط على كوادرهم وأنصارهم الصرحاء، ولكن أعدوا جيوشاً جرارة بمسميات مدنية براقة، استحوذت على ثقة ومحبة الناس، فإذا ما ضاع رصيد الإخوان في أي ظرف، خرجت تلك الجيوش كالنمل تسعى بطول البلاد وعرضها.

اجمالي القراءات 7285

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-03-23
مقالات منشورة : 598
اجمالي القراءات : 5,200,588
تعليقات له : 0
تعليقات عليه : 264
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt