12- الكرم وأشياء أخرى

في الخميس ٢١ - ديسمبر - ٢٠٠٦ ١٢:٠٠ صباحاً

  يقول ابن الجوزى فى : عبيد الله بن أبي بكرة ضمن وفيات 80

( ولي سجستان أيام زياد بن أبي سفيان ( هو زياد ابن أبيه الذى استلحقه معاوية بنسبه )وغزا رتبيل ( رتبيل هو ملك ما يعرف الان بأفغانستان ) في أيام الحجاج ( كان الحجاج واليا على العراق ويتبعه الشرق حتى خراسان و )  وتوفي في هذه السنة‏.‏ وكان جوادًا .....أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك ومحمد بن ناصر قالا‏:‏ أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار قال‏:‏ أخبرنا أبو محمد الجوهري قال‏:‏ أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر بن الأنباري قال‏:‏ حدثني أبي قال‏:‏ حدثنا أحمد بن عبيد قال‏:‏ أخبرنا المدائني قال‏:‏

كان عبيد الله بن أبي بكرة يومًا جالسًا مع أصحابه فأتي بوصيف ووصيفة أهديا إليه فقال لبعض جلسائه‏:‏ خذهما إليك‏.‏ ثم فكر فقال‏:‏ إيثار بعض الجلساء على بعض قبيح فقال‏:‏ يا غلمان يضم إلى كل واحد من جلسائنا وصيف ووصيفة فضم إليهم ثمانين بين وصيف ووصيفة‏.‏

أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز قال‏:‏ أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي عن أبيه أن شيخًا من أهل الكوفة قال‏:‏أملقت حتى نقضت منزلي فلما اشتد علي الأمر جاءتني الخادمة فقالت‏:‏ والله ما لنا دقيق ولا معنا ثمنه‏.‏ فقلت‏:‏ أسرجي حماري فأسرجته فخرجت هاربًا حتى انتهيت إلى البصرة فلما شارفتها فإذا أنا بالموكب مقبل فدخلت في جملتهم فرجعت الخيل تريد البصرة فصرت معهم حتى دخلتها وانتهى صاحب الموكب إلى منزله فنزل ونزل الموكب ونزلت معهم ودخلنا فإذا الدهليز مفروش والناس جلوس مع الرجل فدعا بغداء فجاءوه بأحسن غداء فتغديت مع الناس ثم دعا بالغالية فضمخنا ثم قال‏:‏ يا غلمان هاتوا سفطًا فجاء غلمانه بسفط أبيض مشدود ففتح فإذا فيه أكياس مشدودة في كل كيس ألف درهم فبدأ يعطي فأمرها عليهم ثم انتهى إلي فأعطاني كيسًا ثم ثنى فأعطاني آخر ثم ثلث فأعطاني آخر فأخذت الجماعة وبقي في السفط كيس واحد فأخذه بيده وقال‏:‏ هاك يا هذا الذي لا أعرفه فأخذت أربعة أكياس وخرجت فقلت لإنسان‏:‏ من هذا فقال‏:‏ عبيد الله بن أبي بكرة‏.‏

وبلغنا أن رجلًا انقطع إلى عبيد الله بن أبي بكرة فألحقه بحشمه وكفاه مؤونته فبطر النعمة فسعى به إلى عبيد الله بن زياد فبلغ ذلك ابن أبي بكرة فأطرق مفكرًا فقيل له‏:‏ فيم فكرت فقال‏:‏ أخاف أن أكون قصرت في الإحسان إليه فحملته على مساوئ أخلاقه‏.‏ )

 التعليق

هنا رجل اشتهر بالكرم والجود. زاره ضيوف فأعطى كل واحد منهم وصيفا ووصيفة. أى جارية وغلاما. أى أعطى الجميع ثمانين وصيفا ووصيفة. هذا هو الجانب الايجابى من الصورة، أما الجانب السلبى منها فهو استعباد العرب الأمم المفتوحة وأخذ أبنائهم وبناتهم غلمانا وجوارى ، يتحولون الى سلع وبضائع تباع وتشترى ويهديها هذا لذاك. قد يقال انها ثقافة العصر ، ولا يجوز تاريخيا أن نحكم على هذا العصر بثقافة عصرنا,هذا صحيح تاريخيا., لكل عصر ثقافته ولا نحكم تاريخيا على عصر ما إلا من خلا ثقافته وحضارته وما يراه معروفا مألوفا أو ما يراه غير ذلك. ولكننا هنا لا نحكم عليهم بالتاريخ ولا نحكم عليهم كعرب. بل نحكم عليهم بالاسلام كمسلمين. ليس فى الاسلام استرقاق للآحراروليس فيه سبى وليس فيه من الأساس غزو لبلاد الاخرين واستعمارها و استعباد أبنائها. ينطبق هذا على الأموال التى كان يبعثرها هذا الرجل الكريم عبيد الله بن أبى بكرة فيعطى الوافدين عليه أكياس المال فى كل منها ألف درهم.  هذا المال تم نهبه من البلاد المفتوحة حيث كان للوالى أن يستنزف من أموال أهل البلاد ما يقدر عليه بالخراج والجزية والمصادرة ، ويعطى نصيب الخليفة و يحتفظ بالباقى لنفسه. لم تكن المحاسبة المالية الدقيقة والتدوين المنظم للمصروفات والايرادات قد اكتمل., وحتى لو اكتمل فلم تكن الخلافة الأموية تحاسب ولاتها على ما يغتصبون من أموال أهل البلاد المفتوحة. كان مقياس الشهامة أن تأكل أقوات أهل البلاد المفتوحة ظلما وعدوانا ثم تبذره على الشعراء و الأصدقاء لتشتهر بالكرم وليتحدث عنك الناس. من الغريب أننا ننقم على الاستعمار الأوربى وقد كان أرأف و أهون من الاستعمنار العربى الاستيطانى لمعظم بلاد العالم من حدود الهند والصين شرقا الى جنوب فرنسا غربا. ومن أسف أن احدا لم يكتب بالتفصيل عن معاناة الأمم المفتوحةفى كل تلك الأصقاع.