الدويقة وشهادة سوزان مبارك!!

في الثلاثاء ١٦ - سبتمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

الثلاثاء الماضي انهارت صخرة في أحد محاجر الصين الخبر الأول عن الحادث كان إقالة المسئولين عن الكارثة؟!

أما كارثة جبل بخيت بالدويقة فهي فضيحة بمعني الكلمة، تستدعي المحاكمة الجنائية قبل الإقالة.

دليل الإدانة الجنائية الأول هو ما أعلنته الحكومة، بعد ساعات من الحادث عن أن مساكن مناسبة ومتوفرة ومتاحة كان مقرراً نقل الضحايا إليها بعد أيام.

دليل الإدانة الأهم، والأخطر هو أن جميع المسئولين، الذين تحدثوا للإعلام، أكدوا أن الكارثة كانت متوقعة ومنتظرة «!!» بل إن بعضهم أشار إلي أن المنطقة كانت تُخلي من الثامنة صباحاً للثامنة مساء.

لماذا إذن، كان المطل في نقل الضحايا، قبل وقوع الكارثة؟! ألهذا الحد يبلغ الاستهتار بحياة البشر؟! لماذا ادخرت محافظة القاهرة الوحدات، التي أعلنت عن توافرها بمجرد وقوع الكارثة؟!

دليل الإدانة الثالث هو مئات الملايين من الدولارات التي رصدتها جهات أجنبية لإنشاء مساكن بديلة بالدويقة، منذ بداية التسعينيات، والتي وضعت بتعليمات من السيدة الأولي تحت تصرف وزارة الإسكان لإنشاء هذه المساكن البديلة.

في عام 1997، تلقيت دعوة لحضور افتتاح السيدة الأولي لعدد من المساكن البديلة، في منطقة الدويقة، وكذلك لوضح حجر الأساس لمجموعة أخري من المساكن المخصصة لذات الغرض.

كان عدد الحضور محدوداً، وأبرزهم - إذا لم تخونني الذاكرة - وزير الإسكان ومحافظ القاهرة، ورئيس البنك الأهلي محمود عبدالعزيز، وعدد من الشركات العاملة في بناء المساكن وتطوير المنطقة.

كان حديث وزير الإسكان عن الانتهاء من جميع مراحل مشروع التطوير - عشرة آلاف وحدة سكنية - قبل عام 2000، وكان حماسه واضحاً للإنجاز قبل الموعد، خاصة وأنه كان يتأهب لخوض الانتخابات البرلمانية في ذات الدائرة.

وكان محافظ القاهرة واضحاً في حديثه، استناداً لتقارير هندسية جامعية عن حجم خطورة الانهيارات المتوقعة، وأهمية سرعة إخلاء المنطقة خلال أشهر قليلة، مؤكداً أولوية تسكين القاطنين أسفل مناطق الانهيارات.

أذكر في هذا اليوم أن محمود عبدالعزيز - رئيس البنك الأهلي «الأسبق» - تحدث إلي السيدة الأولي، حول أهمية إصدار قانون الرهن العقاري «!!» فأشارت له بالتنسيق معي لتقديم المشروع للمجلس وتمريره «!!» وطلبت منه أن يسهم البنك الأهلي في تطوير المنطقة بالتمويل استكمالاً للإعلانات والمنح الأجنبية المخصصة للمشروع.

في عام 2000 تقدمت بطلب إحاطة عاجل لوزيري الإسكان والحكم المحلي حول ما تم إنجازه لتطوير منطقة الدويقة، وما أثير من مخالفات خطيرة في توزيع المساكن الجديدة التي ذهب بعضها لغير سكان المنطقة، وتحولت إلي استثمار عقاري حيث أصبحت قيمة الشقة تصل لأكثر من 50 ألف جنيه!!

بينما مازال سكان المنطقة ينتظرون الانتقال للمساكن الجديدة التي لا تبعد عن مساكنهم المهددة إلا بأمتار قليلة، بينما الوصول لحقهم فيها، بات حلماً بعد المنال، بفعل الفساد، والمجاملات السياسية والانتخابية!!

الغريب - أيضاً - أن المساكن التي شيدت بالفعل، والتي خصصت لإنقاذ هذه المنطقة، تحولت إلي بدائل تقدمها الحكومة لحالات الإخلاء الإداري الخاصة بسكان مناطق أخري مطلوب إخلائها لفتح محاور مرورية - وغيرها - من المشاريع منقطعة الصلة بتطوير الدويقة!! وإنقاذ حياة قاطنيها «!!».

إذا كان الأهمال جريمة يعاقب عليها قانوناً، فما حدث في الدويقة أكبر من إهمال، بل يرقي إلي حد القتل!! أطلب محاكمة المسئولين عنه، فضلاً عن مسألة الحكومة سياسياً وإقالة المسئولين عن هذه الفضيحة.

أطلب شهادة السيدة سوزان مبارك شخصياً علي ما سمعناه في حضورها منذ أكثر من عشر سنوات.

وأكرر ما سبق وأن طالبت به، تحت قبة البرلمان، والثابت في مضبطة الجلسة 49 في 9 مارس عام 2000، من مراجعة المنح التي حصلت عليها مصر لحساب تطوير العشوائيات وتحديداً منطقة منشية ناصر والدويقة، وتكليف الجهاز المركزي للمحاسبة بمراجعة كيفية إنفاق هذه المنح ومدي توافق توزيع هذه الوحدات مع أغراض وأهداف هذه المنح.

ويبقي السؤال: لماذا حزن الناس علي حادث الدويقة وتعاطفوا وشاركوا في جهود الإنقاذ؟! وتقديم الطعام؟ ولماذا فرحوا في حريق الشوري؟! والإجابة بوضوح لأن كارثة الدويقة وقعت علي ضحايا الحكومة، بينما وقعت في الشوري علي الحكومة «!!».