اليتيــــم

في الخميس ٢٦ - سبتمبر - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

 

- ( اليتيم ) هو الطفل دون البلوغ الذي فقد آباه أو أمّه بالموت . أما من يفقد أباه أو أمه بعد البلوغ فلا يعد يتيماً . نفهم هذا من قوله تعالى  "ولا تقربوا مال اليتيم  إلإ بالتي هى أحسن حتى يبلغ أشده :6/152 " فإذا بلغ اليتيم أشده صار رجلاً مسئولاً عن إدارة ماله وحينئذ يعقد له إمتحان بعد البلوغ لإثبات أهليته لإدارة أمواله, "و ابتلوا التيامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم4 /6.

2- واليتيم الذي حرمه الله من رعاية أبيه وحنانه يكون أحوج الناس إلى الرعاية والحنان وأشد الناس حساسية لأي إساءة ولو غير متعمدة, ومن هنا كان حرص القرآن الكريم على إكرام اليتيم , فيقول تعالى للنبي (ص) "فأما اليتيم فلا تقهر" وأي هفوة إساءة لليتيم تكون قهراً لنفسيته وجرحاً لإحساسه, ومن طبيعة اليتيم أن يتضخم لديه الإحساس بالحرمان والاضطهاد, والمؤمن هو من يراعي ذلك في تعامله مع اليتيم ، أما الكافر قاسي القلب فهو كما قال الله تعالى, "أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم .." وأولئك يؤنبهم رب العزة فيقول "كلا بل لا تكرمون اليتيم 89/17" .

3- ورعاية اليتيم في مفهوم القرآن الكريم هو أن ينشأ في أسرة يكون له فيها تعويض عن الذي فقده من الأب وحنانه, وذلك حق لليتيم كفله له رب العزة حين أشار القرآن الكريم إلى مشروعية تعدد الزوجات وربط ذلك بالقسط باليتيم في إشارة واضحة إلى أن يكون تعدد الزوجات معناه استحباب زواج الأرملة  وكفالة أولادها الأيتام ، يقول تعالى" وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة :4/3 ".

   واليتيم سواء دخل ضمن أسرة أو لم يتيسر له ذلك فمن حقه أن ينعم بإحسان المجتمع له , يقول تعالى للمجتمع المسلم  "واعبدوا الله و لا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين ... النساء 26".

   ومن وسائل القرآن الكريم في إعاشة اليتيم داخل أسرة ينعم فيها بالرعاية والحنان أن يجعل من حق اليتيم أن يأكل مع أفراد الأسرة مع قدرة اليتيم  المالية  على أن يأكل بنفسه وأن ينفق من ماله, ولكن المراد هنا أن يتم لليتيم إشباع رغبته في أن يكون عضواً في أسرة بدلاً من الأسرة التي حرم منها  ، يقول تعالى في إطعام اليتيم و كيف أنه من صفات الأبرار "و يطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً 76 / 8 " . أي يطعمونهم أحب الطعام .. !!

   وإذا كان اليتيم من ذوي القربى فحقه أكبر ، خصوصاً في الأزمات الاقتصادية حيث يكون أحوج الناس لمن يلوذ به،  يقول تعالى في صفات أصحاب الجنة وأعمالهم " فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيماً ذا مقربة أو مسكيناً ذا متربة:90/ 13 :16  ".

4-  والمجتمع المسلم يراعي اليتيم في ماله كما يراعيه في نفسه .

   فالقرآن يحرم الاقتراب من مال اليتيم إلا بالتي هىّ أحسن حتى يبلغ أشده, وجاء ذلك صريحاً في آيتين في القرآن(6/ 152 , 17 / 34)  وحرم القرآن على الوصي على مال اليتيم أن يأخذ أجراً على رعايته لمال اليتيم إذا كان الوصي غنياً، أما إذا كان الوصي فقيراً فله أن يأخذ أجرا مناسباً وفق المتعارف عليه ثم إذا بلغ اليتيم مبلغ الرجال وأثبت أهليته للتصرف فمن حقه أن يباشر إدارة أمواله بنفسه, " وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فأن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم و لا تأكلوها إسرافاً وبداراً أن يكبروا ومن كان غنياً فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم:4/6 "

5- ومهما كان لليتيم من مال فله حقوق مالية أخرى كفلها له القرآن الكريم .. فله حق في الصدقة الفردية التطوعية, يقول تعالى عن الأبرار "وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل .. 2/ 177 " ويقول عن أوجه الإنفاق الفردي في سبيل الله "يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خيرا فإن الله به عليم : 2/215 " وإذا حضر اليتيم تقسيم تركة كان له حق فيها " وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولاً معروفاً :4/8 ". أي أعطوه المال والحنان ..

   ثم هناك حق لليتامى تكفله لهم الدولة في الغنائم الحربية وفي الإيرادات التي تفيء إلى خزانة الدولة .. يقول تعالى عن حقهم في الغنائم " واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل: 8/41 " وعن حقهم في الفيء يقول تعالى" ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين  وابن السبيل  كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم.. 59 /7 "

   وحقوق اليتامى عند الدولة ينبغي أن توجه إلى صالح الفقراء  منهم ، وبإقامة مؤسسات عامة لخدمتهم . وحقوق اليتيم عند الأفراد المسلمين الهدف منها أن يشعر اليتيم بلمسة حنان ونظرة اهتمام عند من يعرفهم من هؤلاء الأفراد .. والهدف من ذلك كله أن ينشأ اليتيم  ويشب ولديه استقرار نفسي محباً لمجتمعه, أما إذا نشأ في حرمان ومعاناة لم يعرف إلا الحقد على المجتمع .. وكم عانت البشرية من أحقاد زعماء عانوا في طفولتهم أيتاماً فلما كبروا انتقموا من شعوبهم ، كما فعل هتلر ..وصدام حسين .!!