ßÊÇÈ المسلم العاصى
أحاديث الخروج من النار والرد عليها :

في الخميس ١٨ - أبريل - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

1ـ ينسب البخارى للرسول قوله " يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ثم يقول الله تعالى : أخرجوا من كان فى قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فيخرجون منها قد إسودوا فيلقون فى نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة فى جانب السيل ".

ومعنى هذا القول أن من يقل إيمانه إلى درجة حبة الخردل يخرج من النار ،ومعناه بالتالى أن الكافر أيضا يخرج من النار ، لأن الكافر إيمانه بالله قليل ، يقول تعالى عن اليهود الذين حرفوا التوراة وعصوا الله " وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً " ( النساء : 46 ) فأولئك الكافرون إيمانهم قليل استحقوا عليه اللعن من الله . ويقول تعالى عنهم "فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاء بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً " ( النساء : 155) وأولئك إيمانهم أكبر من حبة الخردل التى يقول عنها البخارى فى حديثه الكاذب. إن القرآن يجعل مصير الكافرين من أهل الكتاب والمشركين هو الخلود فى جهنم يقول تعالى "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ " ( البينة :6) إذن لا خروج من النار لمن كان فى قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ، وإلا كان فرعون الذى آمن حين الغرق أسعد الناس بذلك .



2ـ ويروى البخارى حديثا آخر يدعى أن النبى محمدا عليه السلام قال " يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفى قلبه وزن شعيرة من خير ، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفى قلبه وزن برة من خير ، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفى قلبه ذرة من خير ".

ومعناه أن الخروج من النار يستلزم مجرد النطق بلا إله إلا الله مع أقل كمية من الخير فى القلب . ومعناه أيضا أن المنافقين سيخرجون من النار لأنهم كانوا يقولون لا إله إلا الله "إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ" (المنافقون :1) . وكانوا أيضا يؤدون الصلاة ويقدمون الصدقات ، ولكن لم يقبل الله تعالى صلاتهم ونفقاتهم "وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ " ( التوبة :54 ) والمنافقون بعد قولهم لا إله إلا الله وبعد صلاتهم ونفقاتهم هم فى الدرك الأسفل من النار "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً" "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا " ( النساء 142 ،145 ) والمنافقون لن يخرجوا من النار أبدا وهذا وعد الله لهم "وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ " ( التوبة : 68 ).



3ـ ويروى البخارى أحاديث أخرى مطولة فى الخروج من النار يصور فيها رب العزة جل وعلا كآلهة الأغريق يتندر مع الخلق ويضحك عليهم ، منها حديث " إنى لأعلم آخر أهل النار خروجا منها وآخر أهل الجنة دخولا : رجل يخرج من النار كبوا فيقول الله : إذهب فأدخل الجنة فيخيل إليه أنها ملأى فيرجع فيقول : يا رب وجدتها ملأى فيقول إذهب فأدخل الجنة فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها فيقول : تسخر منى أو تضحك منى وأنت الملك ..!!".

ويروى البخارى صيغة أخرى لذلك الحديث " إن آخر أهل الجنة دخولا وآخر أهل النار خروجا من النار رجل يخرج حبوا فيقول له ربه أدخل الجنة فيقول رب ملأى فيقول له ذلك ثلاث مرات فكل ذلك يعيد عليه الجنة ملأى فيقول إن لك مثل الدنيا عشر مرات ، وتستمر الرواية تزعم أن هنا محادثات مطولة جرت بين الله وبين ذلك الرجل الذى يدخل الجنة أخيرا يقول البخارى فى آخر روايته " فيقول يا رب لا تجعلنى أشقى خلقك فلا يزال يدعو حتى يضحك الله عز وجل منه ثم يأذن له فى دخول الجنة ..".

4ـ ومن السهل الرد على كل هذه المزاعم بحقيقة قرآنية هى أن النبى لا يعلم الغيب وإن الله أمره أن يعلن للناس عدم علمه بالغيب "قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ " ( الأنعام : 50 ) .

والإخبار عن أحوال القيامة من أهم أنواع الغيب ، بل حتى موعد الساعة لم يكن النبى يعلمه ، وسئل فى ذلك كثيرا وجاء الرد فى القرآن كثيرا "يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ " ( الأعراف : 187 :188) . وتكرر السؤال فتكررت نفس الاجابة تؤكد أنه عليه السلام لا يعلم الغيب (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا " ( النازعات 42 ـ ) بل أن الله أمر النبى أن يعلن أنه ليس متميزا على أحد من الرسل وأنه لا يدرى ماذا سيحدث له أو سيحدث للناس ، وأنه مأمور بإتباع الوحى "قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ " ( الأحقاف : 9) .

والمضحك أن دعاة الإفك فى عصرنا يستشهدون على أكذوبة علم النبى محمد بالغيب بقوله تعالى : " عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا " ( الجن 26 :27 ) فيزعمون أن الرسول الذى ارتضاه الله تعالى وأعلمه بالغيب هو النبى محمد عليه السلام ، وهم بذلك يتهمون القرآن الكريم بأن آياته تتناقض مع بعضها ، بل وأكثر من ذلك أنهم يكذّبون بالقرآن وهم يعلمون ، لأنهم يعرفون أن قبل الآيتين الكريمتين آية تقول : " قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا" ( الجن 25 )..وهذا نوع آخر من التحريف فى معانى القرآن الكريم. أى إنهم عندما عجزوا عن تحريف النص القرآنى المحفوظ من لدن الله جل وعلا قاموا بتجاهل آية و تأويل أخرى ، ثم أضافوا لذلك أحاديث ضالة. وبالتحريف فى معانى القرآن الكريم وتاويل آياته و بالكذب على رسول الله تأسست عقائد مخالفة للاسلام والقرآن ، وكلها تعتمد على اسناد علم الغيب للنبى محمد عليه السلام. ولنقرأ آيات سورة الجن مع بعضها لنتاكد من استقامة التاكيد القرآنى أن النبى محمدا لا يعلم الغيب : " قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ." ( الجن 25 : 27 ) أى لا أدرى و لا أعلم هل سينزل عليكم العذاب قريبا أم بعد وقت بعيد لأن عالم الغيب جل وعلا لا يعطى بعض غيبه أحدا غلا من ارتضى من بعض رسله، فيأتيه ذلك الغيب عن طريق (رصد ) من الملائكة، أو وحى عن طريقهم.

والمؤمن مطالب بالإيمان بأن الرسول متبع للوحى ، فطالما أمره ربه أن يعلن أنه لا يدرى ما يفعل به أو ما يفعل بالناس فلا بد أن يعلن ذلك ويتمسك به ولا يقول كلاما يخالف أوامر ربه .

أما من يصدق روايات البخارى وغيره هو بالتالى يكذب آيات القرآن الواضحة ويضيف عليها إتهاما للنبى بأنه خالف أوامر الله وتقوّل على الله ما لا يعلم .

وأولئك الذين يدافعون عن الحديث والسنة ألم يقرأوا حديث عثمان بن مظعون الذى كان من السابقين وأصحاب الهجرتين ثم أصيب فى غزوة أحد ، وهو يحتضر على فراش الموت قالت له إمرأة من الأنصار " لقد أكرمك الله فقال لها النبى وما يدريك أن الله أكرمه ؟ فقالت المرأة : بأبى أنت وأمى يا رسول الله فمن يكرمه الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما هو ـ أى عثمان بن مظعون ـ فقد جاءه اليقين ـ أى الموت ـ والله إنى لأرجو له الخير ، والله ما أدرى وأنا رسول الله ماذا يفعل بى ".

إذا كانوا يعتقدون أن هذا حديث صحيح قاله فعلا النبى محمد فيجب عليهم أن يبرءوا النبى من مئات الأحاديث الأخرى التى رواها البخارى و غيره و التى تجعل النيى محمدا يتكلم فى الغيبييات ومنها علم الساعة و الشفاعة و اسطورة الخروج من النار. وأحاديث الغيبيات المنسوبة للنبى محمد هى أساس تخلف المسلمين وابتعاد عقيدتهم عن منهج الاسلام الصافى الذى يخلص الاعتقاد فى الله وحده لا اله معه ولا اله غيره.

أما ما نؤمن نحن به وما نؤكد عليه فهو إن تلك الأحاديث ليست جزءا من الاسلام، وأنه

عليه السلام كان ملتزما بالوحى ، وينبغى لمن يحب النبى محمدا عليه السلام ويواليه أن يبرئه من الإفتراء الذى ينسبه له علماء السنة والحديث.