وملاحظة
ßÊÇÈ الشورى الاسلامية ( اصولها – تطبيقاتها فى دراسة قرآنية )
المقدمة

في الثلاثاء ٣٠ - أبريل - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

 

بسم الله الرحمن الرحيم
ملاحظة:
كتبت هذا البحث فى عام من اعوام الضنك الشديد . الشيوخ يضغطون على ( أمن الدولة لاعتقالى ) ولا يجد ( أمن الدولة ) سببا لاعتقالى لأننى أعيش منعزلا فى بيتى لا عمل لى سوى الكتابة ، وأبحث عن عمل بلا جدوى فقد أغلقوا فى وجهى سبل الرزق ، ويكتفى (أمن الدولة ) بالاستدعاءات لارهابى ولاسكات الشيوخ . الأوجع من جو القهر والارهاب هو عجز الأب عن توفير المطالب الضرورية لأولاده الذين لا ذنب لهم فيما يحدث سوى أنهم أبناؤه . الشعور بهذا العجز كان يجعلنى أحيانا أفضّل العودة للسجن ليكون السجن ذريعة تبرر العجز . كان المتطرفون وقتها يضغطون بشدة على نظام مبارك بعمليات ارهابية ما لبث أن إتسعت بعد عام 1990 ، وكان هذا الارهاب يجرى فى تناسق مع حملة دعوية يقودها الاخوان وخلاياهم النائمة فى الصحافة والاعلان عن تكفير ( الديمقراطية ) و الحديث عن مناقب الشورى الاسلامية . وكان النظام سعيدا بالهجوم على الديمقراطية ، ولم يكن من المثقفين الليبراليين من يفهم حقيقة الشورى الاسلامية الحقيقية ، كان يعرف عنها الشائع فقط وهى أنها ضد الديمقراطية الغربية . لذا كتبت عام 1990 هذا البحث لهذا السبب ، ونشرته على الانترنت فى سنوات لاحقة . كان الاستغراق فى البحث مع الاستعانة بالصبر والصلاة سبيلى للتغلب على القهر والفقر . كان القلب يطمئن حين أقرا فى الصلاة آية الكرسى ، وأعايش قوله جل وعلا فى وصف ذاته (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ) كان يطمئننى أن ( الحىّ القيوم ) جل وعلا الذى ( لا تدركه سنة ولا نوم ) يعرف بحالى ، ولن يتخلّى عنى ، فليس بين وبين أولئك الناس خصومة شخصية . هى خصومة بسبب رب العزة ودينه ، هم يريدون تشويه دينه وأنا أقف ضدهم . ولا بد أن أتحلى بالصبر والصلاة ، ولا بد أن أرد بالصمود بالبحث والتأليف فهذا هو ما سيبقى منى ، وأما جهلهم وسوء عملهم فهو ما سيبقى منهم .وعشت لأرى ثمار القهر والفقر عشرات الأبحاث منها القصير ومنها مؤلفات بأجزاء منها ما تم نشره هنا ، ومنها الذى أبدأ الآن فى نشره مستعينا بالله جل وعلا رب العالمين .
(لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) البقرة ).
سبرنج فيلد ـ فيرجينيا ، الولايات المتحدة ، 29 سبتمبر 2013 .

مقدمة :
منذ قيام الدولة العباسية عرف المسلمون الحكم الثيوقراطي الاستبدادي الذي يتمسح بالدين ، ومنذ ذلك الوقت ارتبطت الدول الإسلامية بالحكم المستبد ، وتم تصنيف التراث (الإسلامي ) في أحضان دول مستبدة ، لا تعبّر عن حقائق الاسلام . بل تأسس التراث والفقه في مناخ كان لا يرى تعارضا بين الاسلام والحكم الاستبدادي . والغريب ان الاسلام – في حقيقته- مع الشورى ، كأعظم صورة ديمقراطية ، ولم تكن تلك الشورى مجرد سطور في القرآن الكريم بل كانت حياة علمية عاشها النبي مع اصحابه في مكة قبل ان يقيم له دولة ، ثم طبقها في دولته في المدينة .. ومارس المسلمون بعده في عهد الخلفاء ( الراشدين) تلك الشورى بصورة او بأخرى الى ان دخلوا في الفتنة الكبرى وانتهت الخلافة (الراشدة) وجاءت الخلافة (الأخرى) القائمة على القهر والاستبداد فدخلت الشورى الاسلامية في متحف التاريخ ، بل نقول ان التراث الذي كتبه المسلمون في عصور الاستبداد استكثروا عليها دخول متحف التاريخ ، فتجاهلوا رواية ما ينم عن تلك الحياة الديمقراطية في عصر النبي والخلفاء ، ولم يصل الينا الا بعض روايات هزيلة صاحبت بعض المعارك الحربية للرسول والمسلمين وفيها كان النبي يستشير ويخالفه اصحابه في الرأي وينفذ الرسول رأيهم. لكن يبقى القرآن الكريم هو الفيصل في الموضوع بما أورده من نظام الشورى في عهد النبي . ويبقى أن الشورى في الدولة الإسلامية الأولى هي التى ارتقت بالعرب الى مستوى الدولة المتحضرة التى ترسم خريطة جديدة في التاريخ العالمى .
والتيار الديني الذي يسعى لتكوين دولة إسلامية لا يرى في الشورى الإسلامية إلا استبداد الحاكم المتأله مع اعوانه من اهل الحل والعقد ، وفقا لمبدأ الحاكمية التى تعني ان الامام الحاكم هو الراعي والشعب هو الرعية ، وهو يحكمهم بسلطة إلهية وتفويض إلهي ، وليس مسئولا اما الشعب ، بل أمام الله .. وتلك هي مورثات الخلافة العباسية ، التي أنتجت التراث وتلك المقولات ، وكلها تخالف القرآن العظيم ، وتخالف ما كان عليه خاتم النبيين عليه السلام . ومن هنا تكون الحاجة ماسة لهذه الدراسة .. ليس فقط لأنها تلقى الضوء على الشورى الإسلامية الحقيقية التي أهملتها أبحاث التراث .. ولكن أيضا لأنها ترد على دعاة الاستبداد الديني السياسي ممن يؤيدون الاستبداد القائم آو يحلمون بإقالة حكم ديني استبدادي تحت شعارات دينية يخدعون بها جماهير المسلمين .