دعنا نتخيل
ßÊÇÈ ج 1 من كتاب : دعنا نتخيل : حوارا حدث بين النبى محمد وال سى إن إن .!!
الفصل الخامس : حوار حول آدم وحواء والشيطان بين القرآن والعهد القديم

في الجمعة ١٩ - أبريل - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

 

الفصل الخامس : حوار حول آدم وحواء والشيطان بين القرآن والعهد القديم

 

النبى محمد فى حوار مع ال (سى إن إن )عن قصة آدم وحواء: يأجوج ومأجوج قبل بنى آدم

قال المذيع : الآن ، ماذا يقول القرآن عن هبوط آدم وحواء من الجنة ؟

 قال النبى محمد عليه السلام :  هناك البداية قبل خلق آدم ، ثم  خلق آدم والأمر بالسجود له ، وطرد ابليس من السماوات . ثم حياة آدم وحواء فى الجنة وإغواء الشيطان لهما وهبوطهما الى الأرض ، ثم العظة من القصة .

قال المذيع : ماذا عن البداية ؟

قال النبى محمد عليه السلام : قبل خلق آدم كان عرض الأمر على الملائكة ، قال ربى جل وعلا : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) البقرة ) .

قال المذيع : أفهم هنا أن الله الخالق يستشير الملائكة فى أن يخلق مخلوقا ؟  

قال النبى محمد عليه السلام : الملائكة هنا هم الملأ الأعلى . الله جل وعلا لم يستشرهم . الاستشارة تعنى أنه يسترشد برأيهم ومن الممكن أن يستجيب لرأيهم . لكنه جل وعلا يخبرهم بأنه قرّر أن يجعل فى الأرض خليفة . والتعبير هنا جاء بالتأكيد (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) . ولم يقل لهم مثلا:( ماذا ترون ؟ ) 

قال المذيع : هل هذا الخليفة بمعنى أن يخلف الله فى الأرض ؟ 

قال النبى محمد عليه السلام  : هذا لا يجوز فى حق الله جل وعلا . الخليفة يعنى أن يأتى شخص بعد شخص غاب أو مات أو قوم بعد قوم ماتوا . قال موسى لأخيه هارون عليهما السلام : ( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142)  الأعراف )  . وأصبح هارون خليفة لموسى حين ذهب موسى الى ميقات ربه جل وعلا .  الله جل وعلا لا يغيب ، فهو معنا جل وعلا أينما نكون ( وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4) الحديد )  . 

قال المذيع : إذن آدم خليفة لمن ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : آدم مخلوق ليكون هو وذريته خلفاء فى الأرض لجنس من المخلوقات كان يعمر الأرض ويسيطر عليها .  

 قال المذيع : إذن خليفة تعنى آدم وذريته ؟

قال النبى محمد عليه السلام : نعم .   

قال المذيع : إى من البداية يعلم الله أن آدم سيهبط الى الأرض مع حواء ، وهذا قبل خلق آدم وحواء ، ويعلم أنهما سيعيشان فى الجنة ، وأن الشيطان سيغويهما وأنهما سيعصيان ويأكلان من الشجرة المحرمة ثم يهبطان الى الأرض وأبناء آدم هم الذين سيحكمون الأرض وسيكونون الخلفاء فيها . 

قال النبى محمد عليه السلام: نعم . وهذا ما لم تعلمه الملائكة ، لأنه لا يعلم الغيب إلا الله جل وعلا ، لذا قال لهم : (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) .    

قال المذيع : سيأتى فيما بعد أن الله سيأمر هؤلاء الملائكة بالسجود لآدم ، وأن ابليس سيرفض . فهل كان الله يعلم أن ابليس سيرفض ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : نعم .  الله جل وعلا حين قال :  (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) فهذا يعنى أيضا  أن من بين الملائكة إبليس الذى يضمر فى نفسه كبرا وغطرسة ، وأن الامتحان والاختبار بأمر السجود لآدم سيفضح سريرته .   وهذا ما حدث .

قال المذيع : هنا أمر حتمى من قضاء الله جل وعلا وقدره . لأن الله قرّر من البداية خلق آدم ليكون خليفة فى الأرض ، فماذا عن السيناريو الذى حدث من أبليس وآدم وحواء ؟ هل عليهم ذنب فى فعل أشياء مقدر سلفا أن يفعلوها ؟

قال النبى محمد عليه السلام : فى حتميات القضاء والقدر يكون نوع من تدخل المخلوقات فى أحداث تلك الحتميات ، بالطاعة أو المعصية . وهنا تدخل بالمعصية قام به إبليس برفضه السجود لآدم آدم وحواء ، وتدخل بالعصيان قام به الشيطان حين أغوى آدم وحواء، وتدخل بالعصيان من آدم وحواء حين أكلا من الشجرة المحرمة .  هذه التدخلات من تلك المخلوقات كان يعلمها رب العزة جل وعلا مقدما ، لأن علمه يشمل الشهادة والغيب ، أى الحاضر والمستقبل ، أى يعلم جل وعلا كل ما سيجرى فى الزمن لأنه جل وعلا خالق الزمن ولأنه جل وعلا فوق الزمن . ثم إن علمه جل وعلا لا يُجبر البشر أو الملائكة على عمل شىء أو عدم عمل شىء . هم أحرار فيما يعملون ، وهم لا يعلمون الغيب . وهم مؤاخذون ومُحاسبون على ما يعملون بإختيارهم .

قال المذيع :  حين قالت الملائكة : ( أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ). ما هو المقصود ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : واضح تساؤلهم عن السبب فى خلق مخلوق جديد فى الأرض سيفسد فيها ويسفك الدماء ، أى سيكون مخلوقا عاصيا فاسدا ، ويرون أنهم الصالحون المطيعون الذين يسبحون بحمده جل وعلا ويقدسون له جل وعلا . وجاء الرد عليهم بأنه جل وعلا يعلم ما لا يعلمون ، ومن الذى لا يعلمونه أن من بينهم ملكا من الملائكة هو ابليس يضمر كبرا وعصيانا ، وسيفتضح أمره عندما يأمرهم الله جل وعلا بالسجود لآدم ، فيكون الوحيد الذى يأبى ويستكبر .   

قال المذيع : الملائكة لا تعلم الغيب ، فكيف عرفت أن أبناء آدم سيفسدون فى الأرض وسيسفكون الدماء ؟

قال النبى محمد عليه السلام : الملائكة لا تعلم الغيب ، ولا تتكلم عن المستقبل ، وربما لم يكن لديها علم بمعنى الدماء وسفك الدماء .    

قال المذيع : إذن على أى أساس قالوا هذا الكلام ؟ 

قال النبى محمد عليه السلام : على أساس أنهم رأوا خلقا يعيش فى الأرض يفسد فيها ويسفك الدماء ، وحين قال لهم رب العزة أنه سيجعل خليفة مكان هؤلاء الخليقة خشوا أن يكون هذا الخليفة على منوال السلف السابق له يفسد فى الأرض ويسفك الدماء .    

قال المذيع : ومن هم هؤلاء الخلق الذين كانوا فى الأرض يفسدون فيها ويسفكون الدماء قبل هبوط آدم وحواء ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : هم قوم يأجوج ومأجوج ؟   

قال المذيع : نعم ؟

قال النبى محمد عليه السلام : بإختصار : إن آدم أبا البشر كان خليفة ، ليس خليفة الله فى الأرض وإنما خليفة فى الأرض لخلق هائل هو يأجوج ومأجوج الذين كانوا يسيطرون على الأرض ونشروا فيها الفساد وسفك الدماء فحرمهم الله جل وعلا من خلافة الأرض ، وشاء الله تعالى أن يأذن بتغييب هذا الخلق فى جوف الأرض واستخلاف آدم وذريته مكانهم ، وسيظل الأمر كذلك إلى قبيل قيام الساعة ، وعندها يخرج يأجوج ومأجوج من باطن الأرض ويختلطون بالبشر وعندها يتم تدمير العالم .

قال المذيع : مهلا .. حين هبط آدم وحواء كان يأجوج ومأجوج فيها ومتحكمين فيها ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : نعم . فى أحدى ثنايا الكرة الأرضية توالد أبناء آدم ، كانوا قلة ضعافا ، وكان يعوق انتشارهم وسيطرتهم على الأرض وجود يأجوج ومأجوج فى تمام سيطرتهم وقوتهم وطغيانهم.

قال المذيع : كيف كان الحل ؟

قال النبى محمد عليه السلام : لكى يتاح لأبناء آدم فرصة للبقاء والتمكين والإستخلاف فى الأرض كان لابد من تدخل إلهى يترتب عليه حجز يأجوج ومأجوج فى باطن الأرض وترك سطح الأرض خاليا لأبناء آدم . وهذا ما جاء فى ثنايا قصة ذى القرنين.

قال المذيع : ذو القرنين ؟ من هو ذو القرنين ؟

قال النبى محمد عليه السلام :  كان هناك تساؤل عن ذى القرنين ، وروايات كثيرة عنه مختلطة بالأساطير والخرافات ، وقد سألونى عنه. وانتظرت الى أن نزلت الاجابة فى قول رب العزة:( وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً (83) الكهف ) ، أى فى القرآن الكريم مجرد لمحات عن ذى القرنين ، وبينها فراغات كثيرة غير مذكورة ، ولأنها غيب فلا يصح لأحد أن يتكلم فيها ، وإلا كان الكلام خرافة ، لأنه لا يعلم الغيب إلا الله جل وعلا .  

قال المذيع : وكيف إستطاع ذو القرنين هذا أن يتغلب على يأجوج ومأجوج ؟

قال النبى محمد عليه السلام : كانت معه قوته الذاتية وأتاه الله جل وعلا قوة أخرى خارقة ، وبها تفوق على هيمنة يأجوج ومأجوج، يقول تعالى عنه: (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا فَأَتْبَعَ سَبَبًا ) الكهف 84-85). واستخدم كل تلك القوة فى حجز يأجوج ومأجوج داخل جوف الأرض وإقامة سد أو ردم يحجز بينهم وبين سطح الأرض من حيث يوجد أبناء آدم فى طور بداياتهم فى الأرض . 

قال المذيع : وما هى الصلة بين يأجوج ومأجوج وحديث الملائكة مع الله حول خلق آدم ؟

قال النبى محمد عليه السلام : نتوقف مع قوله تعالى عن حوار جرى بين أبناء آدم وذى القرنين : ( قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا) الكهف 94 – 95).

قال المذيع : لا أفهم العلاقة .!

قال النبى محمد عليه السلام  : فى قولهم عن  يأجوج ومأجوج أنهم مفسدون فى الأرض يذكرنا بقول الملائكة لرب العزة جل وعلا حين قال لهم:( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)، حيث قالوا له:(أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء ) البقرة 30 ). يعنى أن الملائكة رأت يأجوج ويأجوج يفسدون فى الأرض ويسفكون الدماء ، فحكمت على من يخلفهم أن يكون مثلهم .

قال المذيع : أريد توضيحا للحوار الذى دار بين البشر من بنى آدم وذى القرنين

قال النبى محمد عليه السلام : عرضوا عليه أن يدفعوا خراجا أى مالا   مقابل أن يقيم سدا حائلا يحول بينهم وبين يأجوج ومأجوج . ونتأمل رد ذى القرنين:  (  ما مكنى ربى فيه خيرا )، فهذا تمكين إلهى لذى القرنين تمكن به من إقامة الردم أو السد الحاجز الذى سيظل مانعا لإختلاط يأجوج ومأجوج بالبشر إلى أن تقوم الساعة.

قال المذيع : هل هو ( سد ) أو ( ردم )

قال النبى محمد عليه السلام : هو الإثنان معا ( سد ) و ( ردم ) ، اى إنه حجزهم فى باطن الأرض يعيشون فيه وبنى فوقهم سدا أو ردما . ، ونقرأ قوله تعالى عن يأجوج ومأجوج وذلك الردم أو السد " فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ) الكهف 97 ) 

قال المذيع : ومتى سيظلون فى باطن الأرض ؟ 

 قال النبى محمد عليه السلام  : الى قبيل قيام الساعة   

قال المذيع : ماذا سيحدث ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : هم من علامات قيام الساعة فى القرآن الكريم ، سيخرجون من باطن الأرض ويختلطون بالبشر قبيل قيام الساعة . قال ذو القرنين للبشر بعد أن بنى سد يأجوج ومأجوج : ( قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ) وقال جل وعلا عما سيحدث وقتها ( وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا) الكهف 98-99 ) . أى أنه عندئذ سيترك يأجوج ومأجوج يموج بعضهم فى بعض فى ذعر وإضطراب ، ثم يكون الانفجار ــ  أو بتعبير القرآن الكريم ( نفخ فى الصور ) ــ وبه نهاية العالم .

 قال المذيع : وهل هناك منطقة معينة سيخرجون منها ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : لا تنس أنهم كانوا خلقا متقدما جدا قبل هبوط آدم الى الأرض ، وإستلزم التغلب عليهم إرسال ذى القرنين الذى لا نعرف هل هو من الملائكة أم من الجن . وبالتالى نتصورهم فى باطن الأرض وقد تأقلموا على الحياة فيها ، وتابعوا تطورهم ، وانتشروا فى باطنها ، وحين سيحسون بقرب زلزال الساعة سيخرجون ، ليس من نقطة معينة بل من نوافذ ومخارج من كل سطح الأرض ، بحيث تكون الأرض مثل ثمرة البرتقالة التى يخرج منه أفواج من الدود . يقول جل وعلا عن خروجهم كإحدى علامات الساعة : ( حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ ) ثم يقول :( وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ )الأنبياء 96- ) 

قال المذيع : العلم الحديث لا يأخذ بهذا . العلماء يريدون دليلا ماديا محسوسا . فهل من آثار تدل على وجود يأجوج ومأجوج ؟

قال النبى محمد عليه السلام : هناك آلاف الأدلة على حضارتهم فى الأرض قبل حجزهم فى باطن الأرض    

قال المذيع : مثل ماذا ؟

قال النبى محمد عليه السلام : الأثار الهائلة لحضارات كانت متألقة قبل وجود البشر ، وما فى هذه الحضارات من تقدم هائل لم يصل إليه البشر حتى الأن .   

قال المذيع : يقولون إنها من صنع كائنات من الفضاء الخارجى

قال النبى محمد عليه السلام : هذا مجرد إفتراض لم تثبت صحته . إذا كان أولئك الفضائيون هبطوا الأرض وأقاموا عليها هذه الحضارت قبل هبوط الانسان لماذا توقفوا من آلاف السنين ؟ وهل يُعقل أن يقيموا كل هذه الحضارات فى شتى أنحاء العالم وخلال قرون طويلة ثم يعودون الى الفضاء الخارجى ؟

قال المذيع : ولكن لم تنقطع زيارات الفضائيين للأرض وعلاقاتهم بأهل الأرض . هناك ظاهرة الأطباق الطائرة ، ويتم تسجيلها ونشر صورها على الانترنت . وهناك مناطق الاختفاءات فى العالم واشهرها مثلث برمودة المواجه للساحل الشرقى الأمريكى ، وقد تم توثيق ظاهرة الأختفاءات للطائرات والسفن والأشخاص التى تقع فى مثلث برمودة وهو أشهرها نظرا لأنه يقع فى منطقة مأهولة بالطيران والسفن ، وتحت أعين العالم التى ترصد ما يحدث فيه . وهناك غير مثلث برمودة منطقة بحر الشيطان بجوار اليابان. وقد إتضح وجود أماكن الاختفاءات برا وبحراعلى خطوط  طول متساوية الأبعاد عن بعضها . والآن ، تخصصت قنوات فضائية ومجموعات بحثية فى نشر المزيد عن الأطباق الطائرة وتصويرها وتصوير الآثار القديمة التى تتفوق على مستوانا الحضارى . 

  قال النبى محمد عليه السلام : وهل التفسير الوحيد أن هذه الأطباق الطائرة وتلك الاختفاءات بفعل كائنات فضائية ؟ ألا يوجد تفسير آخر ؟    

قال المذيع : فى الواقع هناك  الرأى السائد الآن ، وهو وجود هذا الجنس المتفوق فى باطن الأرض، وأنه يرسل مركباته وسفنه الفضائية أو أطباقه الطائرة تجوب القمر والمريخ ، وتقتنص بعض السفن والطائرات بل وبعض البشر لتجرى عليهم تجارب ثم تعيدهم فى حالة تشوش ,

قال النبى محمد عليه السلام  : وما الذى تفهمه أنت من هذا ؟ 

قال المذيع :  طبقا لهذا التفسير فإن هذا الجنس المتطور الذى يعيش فى باطن الأرض يريد الإطمئنان على حالة الكوكب الأرضى الذى تعودوا على الحياة في باطنه، ويتلاعب على سطحه البشر المتخلفون. جدير بالذكر وجود هذا الاهتمام من هذه المخلوقات عندما يحدث أمر جلل على سطح الأرض يزعج الساكنين فى باطنها ، سواء كان فيما شاهده كولومبس فى رحلته الى الساحل الشرقى للعالم الجديد ، وقد سجل ظهور ما يعرف الآن بالأطباق الطائرة ، الى تحليق تلك الأطباق فوق القواعد العسكرية وفى التفجيرات الكبرى والحروب الكبرى.  ولكن لدى سؤال حتى يطمئن قلبى  

قال النبى محمد عليه السلام : نعم    

قال المذيع : أنا قرآت فى القرآن ما يفيد بوجود حياة لكائنات فى الفضاء . آية  : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَوَاتِوَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ ) (49) النحل  ) ، وآية : (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29) الشورى ). هذا يفيد وجود دواب فى السماوات والأرض . والدابة مخلوق يدب ويتحرك ، أى مخلوق حىّ .!

قال النبى محمد عليه السلام : الكلام هنا على مخلوقات فى السماوات والأرض ، أى الانس والجن والملائكة ، وقد تكلمنا عن البرزخ ومستوياته الأرضية الست والسماوات وبرازخها السبع ، والملائكة تعيش فى هذه البرازخ  ، والجن والشياطين فى البرازخ الأرضية لا يستطيعون دخول برزخ السماوات .  

قال المذيع : وماذا عن الكواكب والنجوم والمجرات ؟ هل فيها حضارات متقدمة ؟.

قال النبى محمد عليه السلام : هذه ليست السماوات والأرض ، ولكنها ( ما بين السماوت والأرض ) ، وتتكرر الاشارة اليها فى القرآن الكريم ، مثل قول ربى جل وعلا : ( رَبِّ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (7)  الدخان ) (وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) الزخرف  ) . ما بين السماوات والأرض لا توجد فيها حضارات لمخلوقات .

 

النبى محمد فى حوار مع ال (سى إن إن ) (  السجود لآدم وعوالم البرزخ )  

 

قال المذيع : أجد صعوبة فى الترتيب الزمنى للاحداث ، هل يتمشى خلق آدم مع وجود يأجوج ومأجوج فى الأرض ، ثم طرد ابليس من الملأ الأعلى .   وهل يأجوج ومأجوج المفسدون فى الأرض كان الشيطان يغويهم ؟ لو قلت نعم فهذا ضد الترتيب المنطقى للاحداث . لأن ابليس لم يكن قد عصى وكان لا يزال ضمن الملائكة المقربين من الملأ الأعلى . فمتى أغوى الشيطان يأجوج ومأجوج ليكونوا مفسدين فى الأرض ؟

قال النبى محمد عليه السلام :   الأحداث وقعت فى اللازمن ، أو فى زمن برزخى لا ندركه ولا نتخيله ، ليس فيه ماضى أو حاضر أو مستقبل . لا تنس أن الله جل وعلا هو خالق الزمن وهو فوق الزمان والمكان .ثم إن ابليس فى جداله مع الرحمن جل وعلا توعد بإغواء بنى آدم ، وليس يأجوج ومأجوج .      

قال المذيع :  دعنا نستكمل الموضوع ، وهو  خلق آدم والأمر بالسجود له ، وطرد ابليس من السماوات . ثم حياة آدم وحواء فى الجنة وإغواء الشيطان لهما وهبوطهما الى الأرض ، ثم العظة من القصة .

قال النبى محمد عليه السلام : تكلمنا من قبل عن خلق آدم فى مرحلة خلق النفس الأولى وما إنبثق عنها من انفس البشر ، وكل نفس خلقت بصورتها وملامحها ،قال جل وعلا :( وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ) الاعراف) ، ثم خلق الله جل وعلا جسد آدم من صلصال من حمأ مسنون يشبه الفخار ، قال جل وعلا : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ) الحجر ) وقال جل وعلا:( خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14)  ) الرحمن ) ثم نفخ النفس فى جسد آدم فتحرك بشرا سويا . 

 قال المذيع : وبعدها ؟

قال النبى محمد عليه السلام : كان تعليم آدم الأسماء  ( وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ) البقرة ).

قال المذيع : أتذكر شرح هذه النقطة ، ولكن أتساءل عن هذا الاختبار الذى تفوق فيه آدم على الملائكة فيما يخص الأسماء .

قال النبى محمد عليه السلام :  الله جل وعلا غرس فى نفس آدم معرفة الأسماء ، اى القدرة على تسمية الأشياء . مثلا : الجبل الذى تراه هو بلا إسم يحدده ويميزه ، فتسميه جبلا ، ثم تضيف له إسما يميزه عن الجبال الأخرى ، فيصبح معروفا مميزا بهذا الاسم والوصف ، وهكذا أعضاء الانسان وعناصر الطبيعة والمخلوقات على تنوعها . الانسان يخترع لكل شىء يراه إسما له ووصفا ، وكلما رأى جديدا سمّاه ووصفه ، وتكاثرت الأسماء بتكاثر الأشياء وبتقسيماتها وبتنوعها ، وبإختلاف ألسنة البشر . وطبعا يضاف الى الأشياء المادية التى نراها غيرها من الأفعال ومن  الأشياء المعنوية التى نعقلها ونحددها بالأسماء ، مثل الشجاعة والجبن والبخل والكرم والجود والاسراف والاخلاص والغدر والخيانة   والقوة والضعف والخيانة والظلم ..الخ .

قال المذيع : يعنى هذه "> قال المذيع : وماذا كانت حُجّته ؟

قال النبى محمد عليه السلام : حجته أنه خير من آدم فكيف يسجد لآدم ؟   

قال المذيع : على أى اساس جعل نفسه خيرا من آدم ؟

قال النبى محمد عليه السلام : أنه مخلوق من نار بينما آدم مخلوق من طين . قال جل وعلا :  ( ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ) ( الأعراف ) ( فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ) ص ) (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ) ( الحجر ) 

قال المذيع : هل كان يحتقر آدم بسبب أنه مخلوق من طين ؟

قال النبى محمد عليه السلام   : نعم . وقالها مستنكرا:   (( أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا  ) الاسراء )

قال المذيع : هل كان يحقد مقدما على آدم ؟

قال النبى محمد عليه السلام : نعم ، لأنه إعتبر الأمر له بالسجود لآدم تفضيلا لآدم عليه ، لذا توعد بالانتقام من آدم وذريته : ( قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً  ) الاسراء ) 

قال المذيع : هذا التكبر من إبليس بإعتباره أرفع شأنا من آدم المخلوق من طين يحتاج تفصيلا

قال النبى محمد عليه السلام : عوالم البرزخ مخلوقة من نار ، وليس من طين . هذا يسرى على الجن .  قال جل وعلا : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ  ) الحجر )

 قال المذيع : يعنى أن الجن مخلوق من قبل خلق آدم ، ومن نار خاصة هى نار السموم .

قال النبى محمد عليه السلام : قال جل وعلا : ( خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15)  الرحمن )  . فالجن مخلوق من نار السموم أو من مارج من نار .

قال المذيع : ما هو الفرق بين مارج النار ، ونار السموم ؟

قال النبى محمد عليه السلام : نحن لا نعلم طبيعة هذه النار المخلوق منها الجن ، ولا نعرف معنى وصفها بالسموم أو بالمارج .

قال المذيع : ماذا عن نوعية خلق ابليس ؟

قال النبى محمد عليه السلام : نعرف أن ابليس مخلوق أيضا من نار ، وحين جادل رب العزة جل وعلا يعلل سبب عدم سجوده لآدم وأنه أفضل من آدم قال : ( قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ) الاعراف )( ص ) .

قال المذيع : ولكن كل المخلوقات مخلوقة من ماء .فى القرآن أية : (وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ  ) (30) الانبياء  )   وآية  (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ ) (45) النور )

قال النبى محمد عليه السلام : هناك مستويات مادية وبرزخية من الماء ، ومنها ماء نارى مخلوق منه الملائكة والجن، ومنها ماء مادى كالذى نعرفه، وكله يدخل تحت مسمى (الماء ) .

قال المذيع : لا أفهم أن يكون ماءا ونارا فى نفس الوقت ؟

قال النبى محمد عليه السلام : العلم فى عصركم وصل الى نوعيات من الماء مثل ماء النار ، والماء الثقيل فليس هناك نوعية واحدة من الماء  .

  قال المذيع : ماهى نوعية الماء النارى المخلوق منه الملائكة والجن ؟

قال النبى محمد عليه السلام : قد يعنى (الطاقة )  بمفهوم عصركم ، ولكنها ( طاقة برزخية) تختلف عن الطاقة المعروفة فى عالمنا المادى هذا. الطاقة فى عالمنا المادى هى صورة من المادة . الماء النارى المخلوق منه عوالم البرزخ هو طاقة خالصة لا مادية ، وهى فريدة لا نتصورها ، تجعلها ذراتها مختلفة عن ذرات عالمنا ، فى سرعة تحرك الذبذبات ، وسرعة إنطلاقها ،

قال المذيع : وهل هى نفس الطاقة لكل عوالم البرزخ ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : لكل برزخ مخلوقاته والسرعة التى تتحرك بها . وفارق بين سرعة الجن فى البرازخ الأرضية الست ، وسرعة الملائكة فى برازخ السماوات العلى .  ولنتذكر أن ابليس كان ضمن الملائكة المقربين فى الملأ الأعلى ، فلما عصى وإستكبر طرده الله جل وعلا من البرزح العلوى للسماوات ، ونزلت درجته الى مستوى الجن ، فأصبح شيطانا ، واصبح ضمن الجن فى منعه من العروج بل الاقتراب من برازخ السماوات ، قال ربى جل وعلا عن برزخ السماء الدنيا ( الأولى ) : ( إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإٍ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُوراً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10) الصافات )

قال المذيع : من هم الملأ الأعلى من الملائكة ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : هم الملائكة المقربون المذكورون فى قول ربى جل وعلا ( لَنْ يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً (172 ) النساء ) ، هم ملائكة الملأ الأعلى الذين يديرون العالم ، أو بالتعبير القرآنى ( يحملون العرش ). فى الدنيا قال عنهم رب العزة : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) غافر ) ، ويقول جل وعلا عنهم يوم القيامة حيث السلطان الأعظم له جل وعلا : ( وَحُمِلَتْ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتْ الْوَاقِعَةُ (15) وَانشَقَّتْ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18) الحاقة )

قال المذيع : الذى يقرأ ( يحملون العرش ) يتخيل الله جالسا على العرش وتحمله الملائكة . بل هذا بالفعل ما يعتقده السلفيون فى موضوع الاستواء على العرش ، يظنونه الجلوس على العرش .

قال النبى محمد عليه السلام : حين تقول جلس الملك فلان على العرش لا تعنى جلوسه على مقعد أو كرسى ، بل هو تعبير مجازى عن مباشرته للسلطة على الناس والدولة . فالعرش بالنسبة للرحمن يعنى ملكوته  فى السماوات والأرض . وهو جل وعلا يديره بالملائكة التى تحمل أوامره .   

قال المذيع :وكيف تدير الملائكة عرش الرحمن ؟

قال النبى محمد عليه السلام: العرش كما قلنا هو ملكوت السماوات والأرض، أى كل ما خلق الله جل وعلا . والملائكة تتحرك بسرعات لانهائية لا نتصورها فى تنفيذ أوامر الرحمن . وهذه السرعات اشار اليها رب العزة بلفظ ( الجناح ) نسبة الى جناح الطيران لدى الطيور . وإذا كنتم تقيسون سرعة السيارة بالميل وسرعة السفن بالعقدة فإن رب العزة يجعل وحدة القياس فى سرعة الملائكة بالجناح ، يقول جل وعلا : (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)  فاطر  ). أى من الملائكة من له مثنى ، ومنها ما له ثلاث ومنها ما له أربع ، ومنها ما لا حد اقصى لسرعته. ورب العزة يزيد فى خلقه ما يشاء .

   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

النبى محمد فى حوار مع ال (سى إن إن ) ( ابليس كان من الملائكة ثم عصى فأصبح من الجن  )  

 قال المذيع : هل كان ابليس من الملائكة ؟

قال النبى محمد عليه السلام : نعم كان من ملائكة الملأ الأعلى . ولهذا كان مأمورا ضمن الملائكة بالسجود لآدم . لأنه لو لم يكن من الملائكة  ما تعرض للعقوبة والطرد . يكفى قول الله جل وعلا : ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ . ) هذا يعنى أن ابليس من الملائكة .

قال المذيع : ولكن هناك أية تقول : (  وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ ) 50 الكهف ) ، أى إن ابليس كان من الجن وليس من الملائكة .!

قال النبى محمد عليه السلام  : ( كان ) هنا بمعنى ( اصبح ) أى إن ابليس حين رفض السجود لآدم أصبح من الجن .

قال المذيع : كيف تكون ( كان ) بمعنى أصبح فى اللغة العربية ؟

قال النبى محمد عليه السلام : للقرآن الكريم مفاهيمه الخاصة ، ويمكن فهمها من السياق . ومنها أن تأتى ( كان ) بمعنى  ( أصبح ) ، مثل قول رب العزة جل وعلا فى تشريع الصوم : ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) (184) البقرة ) ، أى من أصبح مريضا أو على سفر فله أن يفطر ويقضى الأيام التى أفطرها . ويقول  رب العزة جل وعلا : (  وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ  ) 196 ) البقرة ) ، أى من أصبح مريضا أو به أذى من رأسه . وبالتالى فإن ابليس حين أبى السجود لأدم كان من الكافرين ، أى أصبح من الكافرين ، كقول رب العزة جل وعلا : ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ (34)) البقرة ) ( فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ ) ص )

قال المذيع :  طالما أن ابليس من الملائكة وعصى ، كيف يتفق هذا مع المشهور من الملائكة لا تعصى ؟

قال النبى محمد عليه السلام :   الملائكة ليسوا معصومين من الخطأ . ولهذا عصى ابليس . 

قال المذيع : على هذا سيتم حسابهم يوم القيامة . أليس كذلك ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : الملائكة والجن والبشر سيؤتى بهم يوم الحساب فردا فردا وعدّا عدا .  قال ربى جل وعلا : (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً (95)  ) مريم ) ، فهذا يشمل الملائكة التى فى السماوات ، ستأتى يوم القيامة فردا فردا . وحين تأتى ستقف صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا شمل هذا ملائكة الملأ الأعلا ، ومنهم الروح جبريل ، قال جل وعلا عنهم : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفّاً لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً (38) ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا (39)  ) النبأ ) ، وهو نفس وقوف البشر صفا يوم الحساب ، قال جل وعلا عنهم : (وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (47) وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً (48) الكهف  ) ،  ومذكور الترتيب يوم الحساب : إذ يؤتى أولا بالنبيين والشهداء ، ثم ببقية البشر ، وفى النهاية يكون الحساب للملائكة ، قال الله جل وعلا : ( وَأَشْرَقَتْ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) الزمر ) . وبعد دخول اهل النار الى النار وأهل الجنة الى الجنة يكون حساب الملائكة ، قال جل وعلا : (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ إِلاَّ (75) ) الزمر ) .

قال المذيع :وماذا عن الآية التى تقول عن الملائكة إنهم لا يعصون الله ما أمرهم .؟

قال النبى محمد عليه السلام  :  قال جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)   ) التحريم ) ، هذا عن ملائكة النار الذين سيتم خلقهم مع النار ، وهذه النار لم تُخلق بعد لأن وقودها الناس والحجارة ، وبالتالى فهذه ملائكة لم يتم خلقها بعدُ. . 

قال المذيع : نعود الى ابليس ورفضه السجود لآدم . ماذا عن طبيعة هذا الرفض ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : هو رفض إرتبط بالاستكبار وليس بالاعتذار ، أى إنه كما قال جل وعلا ( أبى وإستكبر ) ، وكان تعبيره عن هذا الاستكبار أنه جادل رب العزة . لم يعص فقط بل برّر عصيانه عنادا وإستكبارا . قال له ربه جل وعلا  : ( مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ) الاعراف ) ( قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ) ص ) ( قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ) الحجر )(  قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا ) الاسراء ). وواضح أن إستكباره تركز على كراهيته لأدم .

قال المذيع : لذا طرده الله من الجنة ؟

قال النبى محمد عليه السلام : لم يطرده رب العزة من الحنة  بل من الملأ الأعلى ، فهبط الى برازخ الأرض ، ولم يعد له أن يكون فى السماوات .    

قال المذيع : هل هذا عقابه فقط ؟ أى الطرد ؟

قال النبى محمد عليه السلام   : ليس مجرد الطرد ، بل الطرد مع اللعنة والتحقير .  قال له رب العزة جل وعلا : ( قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ ) الاعراف ) ،( قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ) ص ) ،( قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ) الحجر )

قال المذيع : آدم وحواء طردهما الله من الجنة .. فهل هو نفس الطرد ؟

قال النبى محمد عليه السلام : الوضع هنا مختلف ، كان هبوطا لهما الى الأرض دون لعن ودون تحقير .   

قال المذيع : لماذا ؟

قال النبى محمد عليه السلام : إبليس عصى وإستكبر وجادل ، أما آدم وحواء فحين عصيا ندما وتابا .    

قال المذيع : كيف ؟

قال النبى محمد عليه السلام  :  حين عصيا وبدت لهما سوءاتهما ذكّرهما ربهما بأمره ونهيه فتابا ، قال جل وعلا :(  وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) الاعراف ) فتاب عليهما ربهما : ( فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) ( وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) طه )،

قال المذيع : ولكن عوقبا أيضا بالطرد من الجنة .!

قال النبى محمد عليه السلام  :  أهبطهما الله جل وعلا الى الأرض ليكون لهما فيها مستقر ومتاع الى حين الموت ، أى كان هبوطهما كريما مختلفا عن هبوط ابليس من الملأ الأعلى،قال جل وعلا لهما : ( اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ) ( البقرة )(  قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ ) الاعراف )

 قال المذيع : هما إثنان فقط ، فكيف يخاطبهما الله بصيغة الجمع ( اهبطوا )؟

قال النبى محمد عليه السلام: هبوطهما يعنى هبوط ذريتهما معهما ، أى ابناء آدم ، لذا قال  جل وعلا لهما : (َ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)  ) طه ). هنا كلام لجميع بنى آدم من خلالهما . والعداوة قائمة بين بنى آدم فى هذه الأرض .

 قال المذيع : نعود الى ابليس ..

قال النبى محمد عليه السلام : بعد إعلان طرده إستمر يجادل ربه جل وعلا ، طلب أن يؤجله ربه الى يوم القيامة ، فأجابه الله جل وعلا الى طلبه ، فكانت النتيجة أنه توعّد بنى آدم أن يضلّهم وأن يغويهم .   فكرّر الله جل وعلا طرده وتحقيره وتوعده له ولأتباعه من بنى آدم بالعذاب يوم القيامة . ونرى هذا الحوار فى قوله جل وعلا : ( قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ ) الاعراف) ( قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) ( 71 : 85 ) ص ) ( قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ )  ــ : 50 ) الحجر ) (  قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاء مَّوْفُورًا وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً   ) 61 : 65 ) الاسراء )

 

 

 

 

 

 

 النبى محمد فى حوار مع ال (سى إن إن )الشيطان يخدع آدم وزوجه ويتسبب فى هبوطهما من الجنة 

قال المذيع : عجيب أن يقول ابليس يواجه ربه قائلا : (فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ) (الاعراف ). . هل أغواه الله ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : حاش لله جل وعلا . لا توجد  غواية أصلا . لقد أمره الله جل وعلا ضمن الملائكة بالسجود لآدم ، فكان الوحيد من الملائكة الذى عصى الأمر واستكبر وجادل ربه جل وعلا . وتحقق فيه ما أنبأ رب العزة من قبل حين قال للملائكة (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ )

قال المذيع : متى وكيف ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : حين اخبرهم إنه سيجعل فى الأرض خليفة ، قال جل وعلا  (  وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) ( 30 ) البقرة ) . الملائكة كانت تتخوف من عصيان هذا الخليفة فى الأرض ، وهم لم يكونوا يعلمون أن واحدا منهم هو ابليس يضمر الاستكبار . وقد تم فضحه حين رفض السجود لآدم . ثم تم فضحه اكثر حين إتّهم ربه جل وعلا بأنه الذى أغواه . وليست هناك غواية اصلا .

قال المذيع : ربما فهم أن الأمر بالسجود لآدم كان غواية له ؟

قال النبى محمد عليه السلام : لماذا لم تفهم هذا بقية الملائكة ؟ الملائكة تفهم إن الله جل وعلا يأمر بالعدل والاحسان وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى .

قال المذيع : موقفه فعلا مناقض لبقية الملائكة .!

قال النبى محمد عليه السلام : يكفى أنه هو الذى هدد بإغواء بنى آدم ، أى إنه الذى يغوى وليس رب العزة جل وعلا : ( قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) الحجر )  

قال المذيع : : أى إن إبليس يناقض نفسه ، يعلن عزمه على غواية بنى آدم فى الوقت الذى يتهم فيه رب العزة أنه هو الذى أغواه .!

قال النبى محمد عليه السلام : حقيقة الأمر أن الشيطان هو الذى يأمر بالفحشاء . يقول جل وعلا يحذرنا : (  الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268) البقرة ) وهو الذى يغوى الناس ويضلهم . وهذا هو الذى توعد به ابليس بنى آدم الذين لم يقدموا له إساءة ، فلم يكونوا قد جاءوا بعد الى الوجود . ولكنه ـ ابليس  ــ نذر إن عاش الى يوم القيامة أن لا ييأس من إضلال بنى آدم ، قال ( فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ) الاعراف )

قال المذيع : هذا غلو وتطرف فى المعصية وبجاحة فى الخطاب مع الله . !

قال النبى محمد عليه السلام : لذا قال له ربه جل وعلا : (اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ ) الاعراف). 

 قال المذيع : ثم هذا الحقد على آدم وزوجه ليس له مبرر ، فلم يقدما له سوءا .

قال النبى محمد عليه السلام : ولهذا كان الرد الالهى تكريما لآدم وزوجه وإختبارا لهما فى نفس الوقت .

قال المذيع : كيف ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : أن يعيشا فى الجنة يتمتعان بما فيها مع إختبار لهما ألّا يأكلا من هذه الشجرة بالذات ، قال جل وعلا : ( وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ) ( البقرة ) ( وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ) الاعراف )

قال المذيع : كيف يكونان ظالمين لمجرد أن يأكلا من شجرة ؟

قال النبى محمد عليه السلام :   هنا نفس الاختبار . الأمر الالهى يجب تنفيذه حتى لو كان أمرا غريبا وغير مألوف . مثل الأمر الالهى بالسجود لآدم . ولأن إبليس وقع فى نفس الخطأ ورفض السجود لآدم فقد حذّر رب العزة مقدما آدم و حواء بألّا يخدعهما الشيطان ويجعلهما يعصيان ويأكلان من الشجرة المحرمة .قال جل وعلا : ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى (116) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنْ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى (119) طه )

 قال المذيع : متى كان هذا التحذير ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : مباشرة بعد الأمر بطرد ابليس من الملأ الأعلى ليصبح واحدا من الجن الذين يتجولون فى برازخ الأرض ، ومنها البرزخ الذى فيه الجنة التى عاش فيها آدم وزوجه .  

قال المذيع : كان وقتها إسمه (إبليس) ثم بعد طرده حمل إسما جديدا هو الشيطان حين اصبح من الجن ،. 

قال النبى محمد عليه السلام : نعم .    

قال المذيع : الله حذّر آدم ووصف الشيطان بأنه عدو له ولزوجه . ماذا عن ابناء آدم ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : هو نفس التحذير لنا ، وهو نفس الأمر لنا أن نتخذه عدوا لأنه إتخذنا عدوا ، قال رب العزة جل وعلا : (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6)  فاطر ) . وهذا ضمن أوجه العظة فى تكرار قصة آدم وهبوطه الى الأرض .  

قال المذيع : سنتحدث عن العظة فيما بعد . دعنا مع تسلسل الأحداث .

قال النبى محمد عليه السلام  :التسلسل كالآتى : رفض إبليس السجود فلعنه الله جل وعلا وطرده من الملائكة وجعل الجنة موطنا لآدم وزوجه وحذرهما من كيده حتى لا يتسبب كيده فى إخراجهما من الجنة فيتعرضان للظمأ والجوع والعرى والشقاء .

قال المذيع : وبعده ؟!

قال النبى محمد عليه السلام   : كانت غواية الشيطان لهما بأن جعلهما يأكلان من الشجرة المحرمة ، هذا مع وجود كل الأشجار الحلال وحقهما بالتمتع بلا حدود خارج الشجرة المحرمة ، والأهم من ذلك كله تحذير الرحمن لهما من قبل .  

قال المذيع : هذا أمر عجيب فعلا . كيف يعصيان مع كل هذا ؟ كيف اضلهما الشيطان ؟

قال النبى محمد عليه السلام :  خدعهما بالشكل وبالموضوع   

قال المذيع : كيف ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : بالشكل يعنى بالوسوسة والهمس والقسم لهما أنه لهما من الناصحين .  

قال المذيع : وماذا عن الموضوع ؟

قال النبى محمد عليه السلام : غرّهما بشيئين هما التملك والخلود . قال جل وعلا عما حدث : ( فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ ) الاعراف )( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى (120) ) 121 ) طه ) . تجد هنا الوسوسة ، والقسم لهما بأنه ناصح لهما (وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ) ثم الموضوع فى إغرائهما بالطمع فى شيئين : التملك والخلود ، نفهم هذا من قوله لهما : ( مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ) و (يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى ). 

قال المذيع : هذا يعنى أنهما كانا يعلمان أنهما سيموتان وسيتركان هذه الجنة ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : نعم ، بدليل حرصهما على التملك الى الأبد .  

قال المذيع : وهذا يعنى أن الشيطان كان يعلم بحرصهما على التملك الأبدى ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : نعم ، ولهذا إستغل نقطة الضعف هذه فى إغوائهما ، ونجح .

قال المذيع : واضح أنهما كانا يريان الشيطان .

قال النبى محمد عليه السلام : نعم ، فقد كان يحادثهما ويقسم لهما ويريهما الشجرة . إذ كانا وقتها يعيشان فى هذا البرزخ الأرضى يرون مخلوقاته ويرونهم .     

قال المذيع : ثم ماذا حدث ؟

قال النبى محمد عليه السلام : إختلف الوضع حين أكلا من الشجرة المحرمة .   

قال المذيع : وماذا حدث عندما أكلا من الشجرة ؟

قال النبى محمد عليه السلام : كانا مخلوقين من التراب والماء أى الطين . أى مواد عضوية مادية من الأرض . اى هوالجسد الذى نعيش فيه نحن أبناء آدم . وكونهما فى الجنة فى هذا المستوى البرزخى جعل جسديهما تغلفه وتغطيه طبقة نورانية من نفس نوعية المخلوقات فى هذا البرزخ ، من نبات وأحياء . حين أكلا من الشجرة ظهر وبرز الجسد المادى لكل منهما ، ولأنه جسد من طين أقل درجة من موجودات هذا البرزخ كان إسمه ( سوأة ). يقول جل وعلا : (  فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ) الاعراف ) ، ( فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) 121 ) طه ) .

قال المذيع : وماذا حدث لهما وقد ظهر لهما جسدهما فجأة ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : بدأ يظهر جسداهما الطينى فارتاعا وطفقا يغطيان ما يظهر منه بورق الجنة النورانى .  

قال المذيع : كان هذا فى حضور الشيطان ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : نعم  

قال المذيع : وماذا فعل الشيطان بعد أن نجح فى الايقاع بهما ؟

قال النبى محمد عليه السلام : أخذ يتشفى فيهما وهما فى ذعرهما وخجلهما من بداية ظهور جسديهما الطينى السوأة .   

قال المذيع : كيف ؟

قال النبى محمد عليه السلام : أخذ ينزع عنهما  ما تبقى من لباسهما النورانى الذى كان يغطى جسديهما ويعرفهما بأعضاء جسديهما  . قال جل وعلا : (يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا  ) الاعراف ) . 

قال المذيع : ثم ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : ناداهما رب العزة جل وعلا : ( وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ  ).

قال المذيع : يعنى إن الله قد قبل توبتهما ؟

قال النبى محمد عليه السلام : نعم . وأهبطهما الى الأرض .    

 

 

 

 

 

 

 

النبى محمد فى حوار مع ال (سى إن إن ) عن جنة آدم وحواء فى العهد القديم

قال المذيع : نقرأ الآن ما جاء فى العهد القديم عن حياة آدم وحواء فى الجنة . نقرأ فى الاصحاح الثانى :

المذيع يقرأ : ( 2 :8 و غرس الرب الاله جنة في عدن شرقا و وضع هناك ادم الذي جبله . 2 :9 و انبت الرب الاله من الارض كل شجرة شهية للنظر و جيدة للاكل و شجرة الحياة في وسط الجنة و شجرة معرفة الخير و الشر. 2 :10 و كان نهر يخرج من عدن ليسقي الجنة و من هناك ينقسم فيصير اربعة رؤوس . 2 :11 اسم الواحد فيشون و هو المحيط بجميع ارض الحويلة حيث الذهب . 2 :12 و ذهب تلك الارض جيد هناك المقل و حجر الجزع . 2 :13 و اسم النهر الثاني جيحون و هو المحيط بجميع ارض كوش . 2 :14 و اسم النهر الثالث حداقل و هو الجاري شرقي اشور و النهر الرابع الفرات .)

سكت المذيع ثم قال : وجهة نظرى أن كاتب العهد القديم متأثر بثقافة عصره ومعلوماته الجغرافية وقتها. فقد جعل الجنة فى ( عدن ) وجعلها فى الشرق ، ولا نعرف الشرق بالنسبة لماذا ؟ . وقال إن نهرا من عدن يسقى الجنة ويتفرع الى اربعة فروع : فيشون وجيحون وحداقل والفرات . وهو حدد موقع هذه الأنهار : فيشون محيط بأرض الحويلة التى بها الذهب ، وجيحون فى أرض كوش ( فارس ) وحداقل فى ارض أشور (العراق ) ، والفرات . أى نحن هنا أمام جغرافية أرضية ، أى إن جنة آدم هى هنا فى كوكب الأرض . والأماكن المذكورة هنا تحمل اسماء أماكن موجودة وقت كتابة العهد القديم وبمعلومات عصره . ومنها ما انتهى استعماله مثل ارض كوش وآشور وجيحون وفيشون ، ومنها ما لا يزال مستعملا مثل عدن و الفرات . والواضح أن هذه الثقافة الجغرافية لا تتفق مع المعروف فى عصرنا .

سكت النبى محمد عليه السلام ، ولم يرد .

إستأنف المذيع حديثه : ولكنهم ينسبون اليك فى حديث المعراج المذكور فى البخارى أنك رأيت فى السماء السابعة نهرين هما الفرات والنيل . هذا ما ذكره البخارى .

المذيع يفتح كتاب البخارى ويقرأ : ( فأتينا السماء السابعة، قيل: من هذا، قيل: جبريل، قيل: من معك، قيل: محمد، قيل: وقد أرسل إليه، مرحبا به ونعم المجيء جاء، فأتيت على إبراهيم فسلمت عليه، فقال: مرحبا بك من ابن ونبي، فرفع لي البيت المعمور، فسألت جبريل فقال: هذا البيت المعمور، يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم، ورفعت لي سدرة المنتهى، فإذا نبقها كأنه قلال هجر، وورقها كأنه آذان الفيول، في أصلها أربعة أنهار: نهران باطنان، ونهران ظاهران، فسألت جبريل، فقال: أما الباطنان ففي الجنة، وأما الظاهران النيل والفرات، ثم فرضت علي خمسون صلاة . )

قال النبى محمد عليه السلام : أنا برىء من هذا الإفك

قال المذيع : المضحك أن البخارى يتناقض مع نفسه . فى الحديث السابق يجعل نهرى النيل والفرات فى السماء السابعة . وفى رواية أخرى يجعله فى السماء الدنيا . وأقرأ لك هذه الرواية .

المذيع يفتح صفحة فى البخارى ويقرأ : (  ثم عرج به إلى السماء الدنيا، فضرب باباً من أبوابها، فناداه أهل السماء: من هذا؟ فقال: جبريل، قالوا: ومن معك؟ قال: معي محمد، قال: وقد بُعث؟ قال: نعم، قالوا: فمرحباً به وأهلاً، فيستبشر به أهل السماء، لا يعلم أهل السماء بما يريد الله به في الأرض حتى يعلمهم، فوجد في السماء الدنيا آدم، فقال له جبريل: هذا أبوك فسلِّم عليه، فسلَّم عليه وردَّ عليه آدم وقال: مرحباً وأهلاً بابني، نعم الابن أنت، فإذا هو في السماء الدنيا بنهَرين يطَّردان، فقال: ما هذان النهَران يا جبريل. قال: هذا النيل و الفرات عنصرهما، ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهَر آخر، عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد، فضرب يده فإذا هو أمسك أذفر، قال: ما هذا يا جبريل . قال: هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك، ثم عرج به إلى السماء الثانية . )

قال النبى محمد عليه السلام : المعراج إفتراء . وأنا برىء مما يفترون .   

قال المذيع : نرجع الى العهد القديم . ما رأيك فيما سمعت ؟ هل يتفق مع القرآن ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : تسمية جنة آدم بأنها جنة عدن يخالف القرآن الكريم ، لأن عدن هو إسم للجنة التى فى الآخرة للمتقين الذين سيفوزون بها بعد الحساب  . أى هى جنة ستوجد يوم القيامة وليست موجودة  الآن . وجاء  وصف الجنة بأنها ( عدن )  فى الآيات الكريمة الآتية : ( وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72) التوبة ) ( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) الرعد ) ( وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ (30) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ (31) النحل ) ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (30) أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً (31) الكهف ) ( جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً (61) مريم ) ( وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ الدَّرَجَاتُ الْعُلا (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76) طه ) ( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33) فاطر ) ( وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (49) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمْ الأَبْوَابُ (50) ص ) ( رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8) غافر ) ( يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) الصف ) ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8) البينة )

قال المذيع : ولكنهم ينسبون اليك أحاديث يظهر منها أن جنة عدن موجودة الآن . ففى البخارى مثلا : (أتاني الليلة آتيان، فابتعثاني، فانتهيا بي إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة، فتلقانا رجال: شطر من خلقهم، كأحسن ما أنت راء، وشطر كأقبح ما أنت راء، قالا لهم: اذهبوا فقعوا في ذلك النهر، فوقعوا فيه، ثم رجعوا إلينا، قد ذهب ذلك السوء عنهم، فصاروا في أحسن صورة، قالا لي: هذه جنة عدن، وهذاك منزلك، قالا: أما القوم الذين كانوا شطر منهم حسن، وشطر منهم قبيح، فإنهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا، تجاوز الله عنهم. )

قال النبى محمد عليه السلام : هذا إفتراء ، وأنا برىء مما يفترون . إن حديث رب العزة جل وعلا عن الجنة فى الاخرة هو حديث بأسلوب المجاز لتقريب المعنى لأذهاننا . أما حقيقة الجنة فلا نستطيع إدراكها ، قال ربى جل وعلا : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) السجدة )، فهو نعيم محفىّ عنا ولم يظهر بعد ، ولا تتصوره نفس بشرية .   

قال المذيع : نستأنف قراءة الاصحاح الثانى ونختار ما يخص حياة آدم وحواء فيها  لأن فيه تقديما وتأخيرا فى الأحداث :

المذيع يقرأ : ( 2 :15 و اخذ الرب الاله ادم و وضعه في جنة عدن ليعملها و يحفظها .)

قال المذيع : ما رأيك ؟

قال النبى محمد عليه السلام : المفهوم من القرآن الكريم أن آدم لم يكن يتعب فى الجنة بل كان يعيش فيه متمتعا بثمرها . قال له ربه جل وعلا : ( وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا ) 35 )  البقرة ) (إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى (119) طه ). 

المذيع يقرأ :

2 :16 و اوصى الرب الاله ادم قائلا من جميع شجر الجنة تاكل اكلا . 2 :17 و اما شجرة معرفة الخير و الشر فلا تاكل منها لانك يوم تاكل منها موتا تموت . 2 :18)

قال المذيع : هل هذا فى القرآن ؟ .

قال النبى محمد عليه السلام  :  ذكر رب جل وعلا فى القرآن الكريم :( وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ) 35 ) البقرة ) . ليس هنا تحديد لنوع الشجرة .

قرأ المذيع : (2 : 18  و قال الرب الاله ليس جيدا ان يكون ادم وحده فاصنع له معينا نظيره . 2 :19 و جبل الرب الاله من الارض كل حيوانات البرية و كل طيور السماء فاحضرها الى ادم ليرى ماذا يدعوها و كل ما دعا به ادم ذات نفس حية فهو اسمها . 2 :20 فدعا ادم باسماء جميع البهائم و طيور السماء و جميع حيوانات البرية و اما لنفسه فلم يجد معينا نظيره . )

قال المذيع : ماذا تقول فى هذا ؟

قال النبى محمد عليه السلام  :  سؤال آدم عن الأسماء مذكور فى القرآن الكريم ولكن بعد خلق آدم مباشرة ، قال ربى جل وعلا : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ).

قال المذيع : ما معنى تعليم الأسماء ؟

قال النبى محمد عليه السلام : كل شىء يحتاج الى إسم يمكن به التعرف عليه وتمييزه بهذا الاسم عن غيره من الأشياء . وهذا مرتبط بعقل الانسان وغريزة التمييز لديه ، ومرتبط أيضا بالنطق عند الانسان . وهذا ما خلقه الله جل وعلا فى آدم . وهو ما توارثه بنو آدم . فالطفل يولد لديه إستعداد للنطق ومعرفة اللسان الذى  ينطق به من حوله . وسرعان ما يتعلم اللسان أو اللغة التى ينطق بها من حوله ويستطيع تمييز الأشياء بأسمائها من الوالدين والأخوة الى الأشياء المحيطة بها ، وربما يعرف أكثر من لغة لو كان من حوله ينطقون بأكثر من لغة ويتكلمون باكثر من لسان ، ويتبع هذا أن يتعرف وأن يتعلم سريعا خلال السنوات الأولى من عمره .  هذه الغريزة أودعها الله جل وعلا آدم حين علمه السماء كلها ، وتوارثها أبناء آدم ، ولا توجد فى غيرهم من مخلوقات الأرض ، كما لم يكن الملائكة يعرفونها وقت خلق آدم .

 قال المذيع :   إذن فالأمر مختلف عن المذكور فى العهد القديم . لأن تعليم آدم الأسماء مرتبط بخلق حواء ، وأقرأ لك السياق بأكمله : (2 : 18  و قال الرب الاله ليس جيدا ان يكون ادم وحده فاصنع له معينا نظيره . 2 :19 و جبل الرب الاله من الارض كل حيوانات البرية و كل طيور السماء فاحضرها الى ادم ليرى ماذا يدعوها و كل ما دعا به ادم ذات نفس حية فهو اسمها . 2 :20 فدعا ادم باسماء جميع البهائم و طيور السماء و جميع حيوانات البرية و اما لنفسه فلم يجد معينا نظيره . )، أى لم يجد آدم نظيرا له ، لذا كان خلق حواء لتكون له نظيرا ، وهذا ما جاء بعدها . وأقرأ لك : ( 2 :21 فاوقع الرب الاله سباتا على ادم فنام فاخذ واحدة من اضلاعه و ملا مكانها لحما . 2 :22 و بنى الرب الاله الضلع التي اخذها من ادم امراة و احضرها الى ادم . 2 :23 فقال ادم هذه الان عظم من عظامي و لحم من لحمي هذه تدعى امراة لانها من امرء اخذت . 2 :24 لذلك يترك الرجل اباه و امه و يلتصق بامراته و يكونان جسدا واحدا . 2 :25 و كانا كلاهما عريانين ادم و امراته و هما لا يخجلان . ) 

 قال النبى محمد عليه السلام : مع هذا ففيه ما يتفق مع القرآن الكريم وفيه ما يختلف معه .   

قال المذيع : هذا صحيح . هل أجد إجابة عندك ؟

قال النبى محمد عليه السلام : القصص عن خلق آدم جاء فى القرآن الكريم وفيما سبقه من كتب سماوية ، وبعضها كان معروفا لدى العرب الأميين أنفسهم مع انه لم ينزل عليهم كتاب .  

قال المذيع : عرفنا إن التوراة الحقيقية كانت موجودة ومعروفة لدى أهل الكتاب فى عصرك .

قال النبى محمد عليه السلام : أكثر من هذا كانت صحف ابراهيم عليه السلام . كان العرب يعرفون صحف ابراهيم وصحف موسى .  

قال المذيع : هات دليلا من القرآن

قال النبى محمد عليه السلام   : حين جادل بعضهم يطلب آية أو معجزة حسية قال لهم رب العزة ألا يكفى أنه جاءهم فى القرآن الكريم بينة ما فى الصحف الأولى : ( وَقَالُوا لَوْلا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الأُولَى (133) طه )، أى نزل القرآن يبين لهم ما يعرفونه من صحف ابراهيم وموسى . 

قال المذيع : ولكن ليس هنا تحديد لهذه الصحف الأولى . وأنت تقول انها صحف ابراهيم وموسى

قال النبى محمد عليه السلام  : قال جل وعلا فى الرد على أحدهم : ( أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) النجم ) . هذا جاء حُجة عليه بأنه يعرف صحف ابراهيم وموسى .

قال المذيع : وماذا هذا الذى فى صحف ابراهيم وموسى وجاء الاحتجاج به على هذا الرجل ؟

قال النبى محمد عليه السلام : مذكور بعده فى القرآن الكريم ، منقولا عن صحف ابراهيم وموسى : قال ربى جل وعلا : (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33) وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى (34) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (35) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى (41) وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (42) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (43) وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (44) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى (45) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (46) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى (47) وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى (48) وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى (49) وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الأُولَى (50) وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى (51) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى (52) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى (53) فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى (54) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى (55) هَذَا نَذِيرٌ مِنْ النُّذُرِ الأُولَى (56 ) النجم ).

قال المذيع : يعنى إن الله استشهد بما فى صحف ابراهيم وموسى حجة عليهم لأنهم كانوا يعرفونها .

قال النبى محمد عليه السلام  : بل ونقل رب العزة من صحف ابراهيم وموسى سورة كاملة ، هى سورة : (سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) ) وفى نهايتها : (إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19)  ) الأعلى )

 قال المذيع : هذا معقول . الثقافة السائدة وقت كتابة العهد القديم كانت تختلط فيها ملامح من الكتب السماوية مخلوطة بأساطير . ونكتشف هذا فى الحضارات القديمة ، وفى كتابة العهد القديم . وهذا أشار اليه باحثون فى اللاهوت المسيحى واليهودى . لكن هل يوجد مثل هذا فى القرآن ؟ هل نقل القرآن معلومات عصره كما هى  بأغلاطها وخرافاتها ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : القرآن الكريم كتاب فى الهداية والاصلاح ، وفيه الرد على الأباطيل . وقصة آدم خير دليل . 

قال المذيع : نتابع معك ما قاله القرآن عن جنة آدم وحواء .

 

 

 

 

  النبى محمد فى حوار مع ال (سى إن إن ) عن جنة آدم وحواء فى القرآن الكريم

قال المذيع : من العهد القديم عرفنا أن هناك جنة فى هذه الأرض هى التى عاش فيها آدم وحواء . فهل هذا فى القرآن أيضا ؟ 

قال النبى محمد عليه السلام : نتعرف أولا على معنى كلمة ( الجنة ) فى القرآن الكريم حسب السياق    

قال المذيع : نعم .

قال النبى محمد عليه السلام : تأتى كلمة الجنة بمعنى الحديقة أو البستان . كان مشركو قريش فى عنادهم يطلبون أن تكون لى جنة أى حديقة أأكل منها بدلا من أذهب الى السوق واشترى طعاما أاكله .  ( وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً (7) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا ) (8) الفرقان). وطلبوا منى معجزات منها أن تكون لى جنة أى حديقة : ( وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنْ الأَرْضِ يَنْبُوعاً (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً (91) الاسراء ). جنة هنا بمعنى حديقة أو بستان كما يبدو من السياق . 

قال المذيع : واضح أن الجنة الموصوفة فى العهد القديم تنتمى الى هذا النوع .

قال النبى محمد عليه السلام  :  وتأتى   بمعنى جنة الخُلد أو جنة عدن التى ستكون للمتقين فى اليوم الآخر ، يقول ربى جل وعلا : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (82) البقرة ) 

قال المذيع : هذا لا ينطبق على جنة آدم لأننا فى الدنيا ، ولم تأت الآخرة بعد .

قال النبى محمد عليه السلام : وتأتى بمعنى جنة آدم وزوجه كما فى قول رب العزة  ( وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ (35) البقرة )

قال المذيع : نعم .

قال النبى محمد عليه السلام  : وهى تأتى بوصف ( جنة المأوى ) فى قول ربى جل وعلا :  ( عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) النجم )

قال المذيع : ما هى جنة المأوى ؟

قال النبى محمد عليه السلام   : هى التى أوى اليها آدم وزوجه ، وهى التى تأوى اليها أنفس الذين قُتلوا فى سبيل الله جل وعلا .  

 قال المذيع : مهلا ..أرجوك ..هل تعنى أن هذه الجنة موجودة الآن ؟

قال النبى محمد عليه السلام : نعم ..وأنا رأيتها .

قال المذيع : أين ؟

قال النبى محمد عليه السلام   : فى البرزخ  

قال المذيع : ومتى ؟

قال النبى محمد عليه السلام : عندما رأيت الروح جبريل .   

قال المذيع : متى وأين ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : رأيته مرتين . هبط فيها جبريل من مستواه البرزخى الأعلى فرأيته وتلاقينا فتم طبع القرآن الكريم وإنزاله كتابا مرة واحدة فى قلبى . 

قال المذيع : مهلا ..مهلا .. أرجوك .  هذه قضية أخرى تستلزم التوقف معها ، ولكن أحتاج الى توضيح لها سريعا .

قال النبى محمد عليه السلام : قال ربى جل وعلا :  ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18) النجم )

قال المذيع : نعم ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : ربى جل وعلا يُقسم بالنجم إذا هوى أننى ماضللت وما غويت حين نطقت لهم بالقرآن الكريم ، وان القرآن الكريم وحى ، أوحى إلى به ربى جل وعلا عن طريق الروح جبريل الموصوف هنا بأنه الذى علمنى القرآن الكريم وأنه شديد القوى ، ووصف ربى جل وعلا لقاءنا أن الروح جبريل إستوى وهو بالأفق الأعلى ثم دنا منى وتدلى وهبط .  

قال المذيع : اى إنك لم تعرج اليه ولم تصعد اليه بل هو الذى هبط وتدلى اليك ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : نعم .  تدلى وإقترب منى ، أنا بشر من الأرض وهو ملك من عوالم البرزخ من الملأ الأعلى البرزخى أى ينتمى كل منا الى مستوى مختلف وعالم مختلف ، وحين إقترب منى وكان قاب قوسين أو أدنى حدث تماس بين نفسى ـ والتى تنتمى أصلا الى عالم البرزخ ـ وجبريل الذى ينتمى الى عالم البرزخ ، وبهذا التماس بين نفسى وبين جبريل نزل القرآن الكريم كتابا مكتوبا فى فؤادى وقلبى ونفسى .

قال المذيع مقاطعا : تقول فؤادى وقلبى ونفسى .؟

قال النبى محمد عليه السلام  : النفس هذا الكائن البرزخى هى القلب وهى الفؤاد وهى ذات الصدور .

قال المذيع : فعلا  لابد أن نفهم القرآن بمصطلحاته .  

قال النبى محمد عليه السلام  يستأنف حديثه : وبهذا أوحى ربى الى عبده الذى هو أنا ما أوحى . ثم رأيت جبريل مرة أخرى أو نزلة أخرى ، نزل فيها من مستواه البرزخى الأعلى الى مستوى برزخى أدنى حيث توجد سدرة المنتهى أى الشجرة البعيدة المتناهية فى البُعد ، وعندها جنة المأوى .

قال المذيع : وكيف رايت كل هذا ؟

قال النبى محمد عليه السلام : لم أره بعينى . تجمدت عيناى وتوقفت عن النظر ، وهذا ما يصفه ربى جل وعلا فى قوله : ( مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ) . العادة أن العين لا بد أن ترمش ولا بد أن تتحرك . وهى لا تتوقف إلا عند موت الجسد . وأنا فى حالتى تلك كان جسدى أقرب الى الموت ، فلم تتحرك عيناى ، وما زاغ بصرى وما طغى .

قال المذيع : ثانيا ..و كيف رايت كل هذا ؟

قال النبى محمد عليه السلام :رأته نفسى أى قلبى أى فؤادى ، وهذا فى قول ربى جل وعلا : ( مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18) النجم ).

  قال المذيع : وماذا رأيت ؟ هل تستطيع وصف ما رأيت ؟

قال النبى محمد عليه السلام : لا يمكن للبشر ـ المخلوقين من المادة ـ أن ترى الملائكة على حقيقتهم ، لا يرونهم إلا عند الاحتضار حين يرون ملائكة الموت والنفس تفارق جسدها ، وفى اليوم الآخر . ابراهيم وزوجه ولوط وقومه رأوا الملائكة متجسدة فى صورة بشرية ، وكذلك مريم رات الروح جبريل وقد تمثل لها بشرا سويا . أما انا فقد رأت نفسى جبريل مرتين فى صورته الحقيقية ، وهذا معنى (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18) النجم ).

  قال المذيع : هل تستطيع وصف ما رأيت ؟

قال النبى محمد عليه السلام   : لا أستطيع التعبير عنها، ولو إستطعت التعبير عنها ما إستطاع البشر فهمها . كانوا يستفهمون من عمّا رأيت فقال ربى جل وعلا : ( أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) النجم )؟ . إنها هى آية خاصة بى ، قال عنها ربى جل وعلا : (  سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) الاسراء ) . ولهذا فهى فتنة للناس ، قال ربى جل وعلا عما رأيت ، أو عن تلك الرؤية  : ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ )(60)  الاسراء )

قال المذيع : هذا شىء عجيب

قال النبى محمد عليه السلام : البشر فى النوم تخرج أنفسهم الى البرزخ مهدها الذى أتت منه ثم تعود الى سجن الجسد فى اليقظة. وفى نومها تتجول فى برزخها ، ويستيقظ الانسان ويتذكر أحلاما ورؤى من تجوال نفسه فى برزخها.     

قال المذيع : العلم لا يعترف بما وراء الطبيعة ، ولكن بدأ يدقُّ ابوابها من طرق شتى ، منها بحث عوالم الأوتار الفائقة وما بعد المكونات المعروفة من الذرة حيث أبعاد ومستويات من الوجود لا يمكن أن نراها ، قد ينطبق عليها إسم البرزخ .

قال النبى محمد عليه السلام : فى القرآن الكريم إشارات علمية لم يصل اليها بعدُ علمكم الحديث ، ومنه عوالم البرزخ . 

قال المذيع : أعطنى لمحة عن عوالم البرزخ

قال النبى محمد عليه السلام  : يلفت النظر تكرار ربط السماوات بالأرض ، مع أن الأرض التى نعيش فيها ليست سوى ذرة رمل فى صحراء النجوم والمجرات والثقوب السوداء ، وهذه النجوم والمجرات والثقوب هى مجرد ما بين السماوات والأرض ، بمعنى أن السماوات شىء رهيب لا يمكن تخيله لأننا نقف مبهورين أمام ما نراه فى عوالم النجوم والمجرات التى هى لا شىء بالنسبة لعوالم السماوات .

قال المذيع : فعلا .. الأرض لا شىء ، فلماذا جعلها الله قرينة بالسماوات السبع ؟

قال النبى محمد عليه السلام : لأنها سبع أرضين .أرض مادية تتخللها ست أرضين برزخية .  نحن نعيش على أسفل أرض ، وهى الأرض المادية التى تتشابه فى ماديتها مع النجوم والمجرات . ولكن تتداخل مع هذه الأرض المادية ست أرضين لأن هناك سبع سماوات وسبع ارضين ، وامر الله جل وعلا نافذ يتخلل السبع سماوات والسبع أرضين ، قال ربى جل وعلا :  ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنْ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (12) الطلاق )

 قال المذيع : لا أفهم ؟!

قال النبى محمد عليه السلام : الأرض المادية هى الأرض الأولى،وتتخللها الأرض الثانية أو البرزخ الأول ، وتتخللها الأرض الثالثة بالبرزخ الثانى وما دونه وهكذا ، لكل أرض برزخها الذى يتخلل ما هو أسفل منه ويتخلله ما هو أعلى منه  ، ثم بعد الأرض السابعة تتخلل السماء الأول هذه الأرض السابعة وما دونها ، والسماء الثانية يتخلل برزخها السماء الأولى وما دونها من ارضين . وهكذا الى السماء السابعة وفيها الملأ الأعلى من الملائكة. والسماء السابعة بالملأ الأعلى من الملائكة تتخلل ما تحتها من السماوات الست والأرضين السبع . وأمر الله جل وعلا تحمله الملائكة من أعلى عليين فى السماء السابعة الى أرضنا المادية ، تخترق اثنى عشر برزخا .    

قال المذيع : يعنى أن الملائكة والشياطين والجن تعيش فى هذه البرازخ ؟

قال النبى محمد عليه السلام : نعم . قالت الجن : ( وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً (12) الجن ) ، هم يتحدثون عن الأرض البرزخية التى يعيشون فيها ولا يستطيعون الهرب من الرحمن جل وعلا .  ولا تستطيع الجن والشياطين التسلل الى برزخ السماوات . وعندما رفض ابليس السجود لآدم طرده الله جل وعلا من المستوى البرزخى الأعلى فأصبح فى المستولى البرزخى للجن ،واصبح اسمه الشيطان .    

قال المذيع : وفى أى برزخ كانت جنة آدم ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : فى البرزخ الأول ، فيه  كانت جنة آدم ، وهى لا تزال حتى الآن ، رأيتها أنا عندما رأيت سدرة المنتهى ، ويعيش فيها ألان الذين يُقتلون فى سبيل الله جل وعلا .   الله جل وعلا ينهى أن يقال عنهم أموات ، لأنهم احياء عند ربهم يرزقون : قال ربى جل وعلا : ( وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ (154) البقرة ).

قال المذيع :  نحن لا نشعر بهم ..كيف ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : لأننا لا نستطيع رؤيتهم .

قال المذيع :  وهل يستطيعون رؤيتنا

قال النبى محمد عليه السلام : نعم ويشعرون بنا . وهم يتمنون أن يلحق بهم أحباؤهم ، يقول ربى جل وعلا : ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171 ) آل عمران )

قال المذيع : بهذا التوصيف لعوالم البرزخ كيف نتعرف على جنة آدم وحواء ؟ أو جنة المأوى ، أو الجنة التى تأوى اليها انفس المقتولين فى سبيل الله ويكونون فيها احياء عند ربهم يُرزقون .

قال النبى محمد عليه السلام : دعنا نسترجع ما قاله رب العزة عن جنة آدم   

قال المذيع : نعم

قال النبى محمد عليه السلام   :  البداية فى رفض ابليس السجود لآدم 

قال المذيع : ليس هذا فى العهد القديم

قال النبى محمد عليه السلام  : نتكلم هنا عن القرآن الكريم . برفض ابليس السجود لآدم أتاح الله جل وعلا لآدم وزوجه الحياة فى تلك الجنة . قال جل وعلا :  ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ  وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ )  ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى (116) طه )  

قال المذيع . وبعدها ؟

قال النبى محمد عليه السلام : كان تحذير آدم وزوجه من الأكل من الشجرة المحرمة ومن طاعة ابليس : (فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنْ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117)  إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى (119) طه )  

قال المذيع : يعنى كانا يتمتعان فى الجنة بلا عمل وبلا شقاء ولا جوع ولا عُرى .

قال النبى محمد عليه السلام : كان إبليس قد طرده الله جل وعلا من البرزخ الأعلى من الملأ الأعلى وأصبح محرما عليه دخول برازخ السماء ، وتحول الى شيطان ، وصار مثل الجن . فتسلل الى آدم وزوجه وأغراهما بالأكل من الشجرة المحرمة . وحين أكلا منها بدا وظهر جسدهما المادى الذى كانت تغطيه أوراق الجنة البرزخية النورانية ، وحاولا ستر أنفسهما بأوراق الجنة فما إستطاعا بينما كان الشيطان يتشفى فيهما بأن يريهما جسدهما المادى ــ أو سوءاتهما .  يقول ربى جل وعلا : ( فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ  )   

قال المذيع : وبعدها ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : كان هبوط آدم الى الأرض المادية السفلى ، هذا الكوكب الأرضى . قال ربى جل وعلا : (  فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ) ( 39 ) البقرة ) ( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى (120) فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121).  طه )

قال المذيع : وحدث تغيير هائل لهما بهبوطهما الى الأرض .

قال النبى محمد عليه السلام : هبط فى داخلهما ذريتهما أبناء آدم ، يحملون العداء لبعضهم البعض تنافسا على ما على الأرض من زينة وزخرف .    

قال المذيع : وهبط معهما الشيطان الى الأرض . اليس كذلك ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : نعم ، ولكن مع فارق ، هو أن آدم وزوجه حين كانا فى البرزخ كانا يريان الشيطان وعوالم البرزخ الذى كان يعيشان فيه . فلما هبط الى الأرض أصبحا ـ وذريتهما من ابناء آدم ـ لا يرون عالم البرزخ ، لا يرون الشيطان ولا الجن ولا الملائكة . وبهذا جاء التحذير الالهى لأبناء آدم فى خطاب مباشر لهم من رب العزة جل وعلا ، قال : ( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ) الاعراف )

قال المذيع : (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ ). !!

قال النبى محمد عليه السلام  : لا يستطيع البشر رؤيتهم بينما هم يروننا . يوسوس لنا ولا نراه .   

قال المذيع : إذن هذه هى جنة آدم وحواء كما جاء فى القرآن ..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

النبى محمد فى حوار مع ال (سى إن إن ) عن هبوط آدم وحواء فى العهد القديم

قال المذيع : نقرأ الآن ما جاء فى العهد القديم عن هبوط آدم وحواء الى الأرض . نقرأ فى الاصحاح الثانى :

المذيع يقرأ :  ( 2 :16 واوصى الرب الاله ادم قائلا من جميع شجر الجنة تاكل اكلا . 2 :17 و اما شجرة معرفة الخير و الشر فلا تاكل منها لانك يوم تاكل منها موتا تموت . )

قال المذيع : أعتقد أنه نفس الأمر والنهى فى القرآن : الأكل من حميع الشجر إلا واحدة .

قال النبى محمد عليه السلام : هنا إختلافات  مع ما قاله رب العزة جل وعلا فى القرآن الكريم .

قال المذيع : ماهى  ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : قال ربى جل وعلا :   ( وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ) البقرة ) (  وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ  ) الاعراف ) . أى إن الأمر والنهى ليس لآدم فقط بل هو لآدم وزوجه . ثم النهى ليس مجرد الأكل فقط بل إجتناب هذه الشجرة وعدم الاقتراب منها اصلا . ثم ليس هناك تعريف بهذه الشجرة المحرمة كما قيل فى هذا العهد القديم ( شجرة معرفة الخير والشر ) . هذا التعريف مدح لهذه الشجرة ، بل إذا كانت دليلا يمكن به التعرف على الخير والشر فالأولى أن نقترب منها ونأكل منها لا أن يأتى النهى عنها . ثم ليس فى القرآن تعليل للنهى عن الأكل منها لو أكل منها سيموت ، بمعنى أنه حالد فى الجنة ، كما يقول هذا العهد القديم ( لأنك يوم تأكل منها موتا تموت ) . المفهوم من القرآن الكريم أن آدم كان يعرف أنه سيموت .

سكت المذيع متفكرا ، ثم قال : يبدو نقدك معقولا .

عاد المذيع الى العهد القديم يقرأ : ( 2 :18 و قال الرب الاله ليس جيدا ان يكون ادم وحده فاصنع له معينا نظيره . 2 :19 و جبل الرب الاله من الارض كل حيوانات البرية و كل طيور السماء فاحضرها الى ادم ليرى ماذا يدعوها و كل ما دعا به ادم ذات نفس حية فهو اسمها . 2 :20 فدعا ادم باسماء جميع البهائم و طيور السماء و جميع حيوانات البرية و اما لنفسه فلم يجد معينا نظيره .2 :21 فاوقع الرب الاله سباتا على ادم فنام فاخذ واحدة من اضلاعه و ملا مكانها لحما. 2 :22 و بنى الرب الاله الضلع التي اخذها من ادم امراة و احضرها الى ادم . 2 :23 فقال ادم هذه الان عظم من عظامي و لحم من لحمي هذه تدعى امراة لانها من امرء اخذت . 2 :24 لذلك يترك الرجل اباه و امه و يلتصق بامراته و يكونان جسدا واحدا. 2 :25 و كانا كلاهما عريانين ادم و امراته و هما لا يخجلان ).

قال المذيع : تعرضنا لهذا من قبل فى موضوع خلق حواء . هل لديك تعليق إضافى ؟

قال النبى محمد عليه السلام   : نعم . هنا إختلاف آخر مع القرآن الكريم فى موضوع الترتيب للأحداث .

قال المذيع : كيف ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : فى البداية : خلق آدم ، وتعليمه الأسماء ، وأمر الله جل وعلا الملائكة بالسجود له ، ورفض ابليس السجود ، وطرده من الملأ الأعلى ومن برزخ السماوات . ثم خلق زوج آدم  ، ثم الأمر والنهى لهما معا بالسكن فى الجنة والأكل منها مع عدم الاقتراب من تلك الشجرة .   نرى هذا فى قول رب العزة جل وعلا : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ) . 

قال المذيع : ولكن ليس فى هذه الآيات حديث عن خلق حواء . أول إشارة لها هو فى ( يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ) . 

قال النبى محمد عليه السلام  : مفهوم من هذه الإشارة وجود زوج آدم معه فى هذا الوقت ، أى تم خلقها بعد خلق آدم . وفى مواضع أخرى فى القرآن الكريم جاء الحديث عن خلقنا جميعا من نفس واحدة وخلق زوجها من هذه النفس . وقلنا إن منهج القرآن فى القصص هو التكرار والتفصيل لكى يتعظ الناس ولكى يتذكروا ، ولهذا تكررت قصة آدم لأنها موعظة كبرى للبشرية أبناء آدم . أما فى هذا العهد القديم فهو أسلوب سردى تاريخى ، ومع هذا فالأحداث فيه لا تخلو من التناقض .  

قال المذيع : كيف ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : يكفى فيما قرأته أنت آنفا ، من أن الأمر والنهى كان لآدم وحده ، ثم كان خلق ( حواء ) فيما بعد . وبالتالى فهذا الأمر والنهى لا يخص ( حواء ) هو لآدم فقط ، أى إذا أكلت حواء من الشجرة المحرمة فلا شىء عليها . ولكن ستقرأ أنها أكلت من الشجرة المحرمة وتسببت فى الخروج من الجنة .

قال المذيع : يبدو نقدك منطقيا . وأقرأ الان ما جاء فى الاصحاح الثالث : ( 3 :1 و كانت الحية احيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الاله فقالت للمراة احقا قال الله لا تاكلا من كل شجر الجنة . 3 :2 فقالت المراة للحية من ثمر شجر الجنة ناكل . 3 :3 و اما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تاكلا منه و لا تمساه لئلا تموتا . 3 :4 فقالت الحية للمراة لن تموتا . 3 :5 بل الله عالم انه يوم تاكلان منه تنفتح اعينكما و تكونان كالله عارفين الخير و الشر . 3 :6 فرات المراة ان الشجرة جيدة للاكل و انها بهجة للعيون و ان الشجرة شهية للنظر فاخذت من ثمرها و اكلت واعطت رجلها ايضا معها فاكل .)

قال المذيع : هنا ( الحية ) قالت لحواء : ( احقا قال الله لا تاكلا من كل شجر الجنة )، هذا مع أن حواء لم تكن مخلوقة وقت أن جاء الأمر والنهى لآدم وحده . هنا تناقض فعلا .

قال النبى محمد عليه السلام : بغض النظر عن هذه الحية التى تتكلم والموصوفة بأنها أكثر المخلوقات حيلة فى الأرض ، وبغض النظر عن كيف جاءت الى الجنة من بين كل حيوانات البرية ــ فإن الاختلاف الكبير مع القرآن الكريم فى أن الأمر والنهى لآدم وحواء معا ، وأن الشيطان ـ وليس الحية ـ هو الذى أغرى آدم وحواء معا بالأكل من الشجرة ، وأنهما معا أكلا من الشجرة . هذا العهد القديم يتحامل على حواء ويحمّل حواء الوزر كله ، يجعلها هى التى إنخدعت ، وانها التى أكلت وأنها التى أعطت آدم فأكل .     

قال المذيع : كيف

قال النبى محمد عليه السلام  : يقول ربى جل وعلا يحكى ما حدث : (  وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ) البقرة ) . الأمر والنهى لهما معا ،  والشيطان أزلهما معا ، وتسبب فى إخراجهما من الجنة معا . ولا تنس أن آدم هو المسئول الأول لأن الخطاب كان له مباشرا .

قال المذيع : هذا بلا شك إنصاف لحواء التى يعتقد الناس أنها وحدها المسئولة عن إخراج آدم من الجنة . ولكنهم ينسبون اليك حديثا رواه ابوهريرة وكتبه البخارى يقول : (  لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها ) يعنى إن حواء خانت زوجها فى موضوع الأكل من الشجرة المحرمة ، وعلى سُنّتها سارت النساء فى خيانة أزواجهن ، فهى مسئولة أيضا عن هذا . ونفس الحديث ذكره ( مسلم ) فى الرضاع، باب: ( لولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر. ) ؟ هل قلت هذا الكلام ؟،

قال النبى محمد عليه السلام   : أنا برىء من هذا الافتراء ، ولا علم لى بمن تسميه البخارى او مسلم .

 قال المذيع : نرجع الى الاصحاح الثالث من سفر التكوين .

 المذيع يقرأ :

 (  3 :7 فانفتحت اعينهما و علما انهما عريانان فخاطا اوراق تين و صنعا لانفسهما مازر . 3 :8 و سمعا صوت الرب الاله ماشيا في الجنة عند هبوب ريح النهار فاختبا ادم و امراته من وجه الرب الاله في وسط شجر الجنة . 3 :9 فنادى الرب الاله ادم و قال له اين انت . 3 :10 فقال سمعت صوتك في الجنة فخشيت لاني عريان فاختبات .)

توقف المذيع مبتسما ثم قال : كاتب العهد القديم يجعل الله بشرا يمشى فى الجنة ، ولا يرى آدم وزوجه وهو مختبئان منه ، ويسأل عن مكانهما . هذا يشبه لعب الأطفال .

المذيع يعود الى القراءة : ( 3 :11 فقال من اعلمك انك عريان هل اكلت من الشجرة التي اوصيتك ان لا تاكل منها . 3 :12 فقال ادم المراة التي جعلتها معي هي اعطتني من الشجرة فاكلت . )

توقف المذيع مبتسما ثم قال : كاتب العهد القديم يجعل  آدم بكل شهامة يتهرب وينسب الخطأ لزوجته .

المذيع يعود الى القراءة :( 3 :13 فقال الرب الاله للمراة ما هذا الذي فعلت فقالت المراة الحية غرتني فاكلت . 3 :14 فقال الرب الاله للحية لانك فعلت هذا ملعونة انت من جميع البهائم و من جميع وحوش البرية على بطنك تسعين و ترابا تاكلين كل ايام حياتك . 3 :15 و اضع عداوة بينك و بين المراة و بين نسلك و نسلها هو يسحق راسك و انت تسحقين عقبه .)

توقف المذيع مبتسما ثم قال : كاتب العهد القديم يجعل الله يلعن الحية ، ويجعلها تسعى على بطنها ويجعلها تأكل التراب ، ويقيم عداوة بين الحية والمرأة ، وبين نسل الحية ونسل المرأة . ابن آدم يسحق رأس الحية والحية تسحق ذريته . هذه ( كوميديا إلاهية ) ..معنى هذا أن الحية قبل ذلك كانت تسعى على قدمين أو أربع . ثم اصبحت تزحف على بطنها . وأصبحت تأكل التراب كل ايام حياتها ، وان الحية تسحق رأس البشر ويسحق البشر رأسها . لو عاش كاتب العهد القديم عصرنا وشاهد الأفلام التسجيلية عن الثعابين الضخمة والزواحف لشعر بالخجل من قوله هذا . ماذا تقول ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : قال ربى جل وعلا : (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (45) النور ) . آلاف الأنواع فى البحار والأنهار تمشى على بطنها ، من الأميبا الى الحوت الأزرق ، وهناك آلاف الأنواع من الثعابين من الثعابين الصغيرة الى ثعبان الأناكودا التى تلتهم التماسيح .  واضح أن كاتب العهد القديم متأثر بثقافة عصره والتى لا تخلو من تقديس للثعابين بإعتبارها إله الشّر الملعون .

المذيع يعود الى القراءة : ( 3 :16 و قال للمراة تكثيرا اكثر اتعاب حبلك بالوجع . تلدين اولادا و الى رجلك يكون اشتياقك و هو يسود عليك . 3 :17 و قال لادم لانك سمعت لقول امراتك و اكلت من الشجرة التي اوصيتك قائلا لا تاكل منها ملعونة الارض بسببك بالتعب تاكل منها كل ايام حياتك . 3 :18 و شوكا و حسكا تنبت لك و تاكل عشب الحقل . 3 :19 بعرق وجهك تاكل خبزا حتى تعود الى الارض التي اخذت منها لانك تراب و الى تراب تعود . 3 :20 و دعا ادم اسم امراته حواء لانها ام كل حي . 3 :21 و صنع الرب الاله لادم و امراته اقمصة من جلد و البسهما .) . ما رأيك فى هذا الكلام .

قال النبى محمد عليه السلام : يعنى معاقبة حواء بالولادة . وهذا ليس عقابا ، لأن الأنثى ـ كل انثى تحمل ، وتلد ، وهذه هى ميزتها وتخصصها ، وهى مخلوقة بعاطفة الأمومة . والله جل وعلا يقول : (اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8) الرعد) . وإشتياقها لزوجها ليس عقابا ، كما إن خضوعها لزوجها يكون بإرادتها ، ومن النساء من تسيطر على زوجها ويكون سعيدا بهذا . وأروع من هذا كله قوله جل وعلا : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) الروم ).المرأة زوج لرجلها والرجل زوج لإمرأته ، وينبغى أن تكون بينهما مودة ورحمة وسكن وسكينة . أما عن حياتهما فى الأرض فقد جاء هذا فى تحذير لآدم من قبل أنه إذا خرج من الجنة فسيشقى:( فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنْ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى (119) طه )

قال المذيع : هذا كلام رائع .!

المذيع يعود الى القراءة :( 3 :22 و قال الرب الاله هوذا الانسان قد صار كواحد منا عارفا الخير و الشر و الان لعله يمد يده و ياخذ من شجرة الحياة ايضا و ياكل و يحيا الى الابد . 3 :23 فاخرجه الرب الاله من جنة عدن ليعمل الارض التي اخذ منها . 3 :24 فطرد الانسان و اقام شرقي جنة عدن الكروبيم و لهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة. ).

سكت المذيع .. وتنهد .. ثم قال : ما رأيك فى هذا ؟

 قال النبى محمد عليه السلام : ما رأيك أنت ؟   

 قال المذيع : هنا تصريح خطير ، ينسب كاتب العهد القديم الى الخالق أن الانسان صار ( كواحد منا ) أى صار إلاها ، وصار يعرف الخير والشر . أى إن من يعرف الخير الشر يكون الاها ، أو كواحد من الآلهة.!! ثم هذا الانسان (يحيا الى الأبد ) ..!! أى هو الحى الذى لايموت ؟ كيف هذا .. ثم هنا تناقض ، الرب حذر آدم ـ طبقا لما قاله كاتب العهد القديم ـ من الأكل من الشجرة حتى لا يموت . ( 2 :16 واوصى الرب الاله ادم قائلا من جميع شجر الجنة تاكل اكلا . 2 :17 و اما شجرة معرفة الخير و الشر فلا تاكل منها لانك يوم تاكل منها موتا تموت . ) ، وبعد أن أكل منها يحيا الى الأبد .. !!

قال النبى محمد عليه السلام : لنرجع الى القرآن الكريم ففيه شفاء للناس .! .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


  النبى محمد فى حوار مع ال (سى إن إن )عن العظة من قصة آدم وحواء 

 قال المذيع : الواضح أن قصة آدم تكررت كثيرا فى القرآن

قال النبى محمد عليه السلام  : لأنها قصة البشر وبنى آدم . وفيها العظة والعبرة لهم .  

قال المذيع : وما هى العظة من قصة أبينا آدم ؟

قال النبى محمد عليه السلام: سأقول رأيى الشخصى     

قال المذيع : ماذا تعنى برأيك الشخصى ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : يعنى هو رأى بشرى يمكن ان يقوله أى بشر ، وليس دينا ، فدين الاسلام هو القرآن وفقط .   

قال المذيع : هل أورد القرآن أقوالا لك ؟

قال النبى محمد عليه السلام :  فى موقعة بدر قلت لأصحابى : " ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة ؟". وجاء هذا فى القرآن الكريم قولا منسوبا لى فى معرض المدح : ﴿إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ﴾ (آل عمران 124). وفى غزوات ذات العسرة تثاقل المنافقون عن الخروج بينما جاء بعض فقراء المسلمين يريدون الخروج ولكن ليس معهم راحلة ولا مئونة فاعتذرت لهم وقلت لهم "لا أجد ما أحملكم عليه" ونزل القرآن يروى الحادثة ﴿لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ  وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ ﴾ (التوبة 91: 92). قلت لهم في ذلك الموقف: " لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ " فأصبحت مذكورة فى القرآن الكريم .

قال المذيع : هل قلت قولا تعرضت بسببه الى اللوم ؟

قال النبى محمد عليه السلام : كان زيد بن حارثة ابنا لى بالتبنى ، ونزل تحريم التبنى ، وبالتالى لا يجوز التعامل معه كإبن حقيقى . وكان زيد متزوجا وزوجته تسىء معاملته ، وكان يأتينى يشكوها لى . ونزل الوحى يامر بأن يطلق زيد زوجته ثم أتزوجها أنا بعده حتى يتم التطبيق العملى بأن الابن بالتبنى شخص عادى يجوز لى التزوج بطليقته وليست له حقوق الابن للصلب ، وحتى لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم بعد طلاقهن .. وتحرجت من هذا ، وبدلا من تنفيذ الوحى كنت أنصح زيدا  حين يشكو لى زوجته بالابقاء على زوجته . كنت أقول له : (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ  ) . هذه الكلمة التى قلتها ذكرها رب العزة فى معرض اللوم لى ، قال لى جل وعلا : ﴿ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ﴾ (الأحزاب 37).

قال المذيع : إذن كانت لك أقوال فيها الخطأ وفيها الصواب ، حتى فيما أورده القرآن فى القصص عنك .!

قال النبى محمد عليه السلام  : نعم . أنا من البشر  ، وما أقوله خارج القرآن الكريم يمكن أن يقوله أى شخص ، فيه الخطأ وفيه الصواب . أما ما أنطق به بالقرآن فهو الاسلام .   

قال المذيع : وماذا عن السيرة التى كتبوها فى تاريخك ؟

قال النبى محمد عليه السلام : كانت حياتى نشطة فى الدعوة والجهاد  بالأفعال والأقوال، وكانت أقوالى وأفعالى مرتبطة بظروفها الزمانية والمكانية والشخصية ، وبالتالى تستحيل أن تتكرر نظرا لاختلاف الظروف . وهى ليست دينا على الاطلاق .

قال المذيع : وماذا عن مدى الصدق فى هذه السيرة التى كتبوها عنك ؟

قال النبى محمد عليه السلام : الذى يتفق منها مع القرآن الكريم يكون حقيقة تاريخية بشرية ، ولكن لا يمكن أن تكون دينا ، لأن الدين هو القرآن الكريم ، وفقط . أما الذى يخالف القرآن الكريم فهو إفتراء . 

قال المذيع : وماذا عن آرائك التى تقولها الآن ؟

قال النبى محمد عليه السلام : قلت هى آراء شخصية ليست دينا ، ويمكن أن يقولها أى شخص ، وهى تحتمل الخطأ والصواب .   

قال المذيع : حتى لو كانت تعقيبا على الآيات القرآنية ؟

قال النبى محمد عليه السلام : حتى لو كانت تعقيبا على الآيات القرآنية . 

قال المذيع : بعض الناس يستنكر كلامك معى لأنه لا يليق أن يقال ( قال النبى ) .   

 قال النبى محمد عليه السلام  : لأنه لا تزال فى قلوبهم رواسب تقديس للأنبياء ، يرونهم أعلى مستوى من البشر ، مع أننى بشر كنت آكل الطعام وأمشى فى الأسواق .   هذه المقالات تزيل رواسب التقديس للأنبياء وتؤكد على بشريتهم ، وأن الدين هو كلام الله جل وعلا فى القرآن فقط ، وما عداه هو كلام بشر يؤخذ منه ويُردُّ عليه .

قال المذيع : بعضهم يخشى أن يأتى وقت فى المستقبل ويأخذ الناس أقوالك معى على أنها ( أحاديث ) وأنها (سُنة ) .

قال النبى محمد عليه السلام : من يفعل هذا يتناسى كل التأكيدات التى أكررها من أننى بشر أخطىء وأصيب مثل بقية البشر ، وأن كلامى معك ليس دينا لأن الدين الاسلامى هو القرآن وفقط . وفى النهاية فلا تستطيع أن تمنع أحدا من الضلال ولا تستطيع ان تمنع أحدا من الهداية .

قال المذيع :هل نسكت ؟ ماذا نفعل مع أولئك المعترضين ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : نعظهم بالقرآن الكريم ، فإذا عاندوا نتركهم فى حالهم ونقول لهم : (اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121) وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ (122) هود  )

قال المذيع : فماذا إذا رفضوا رأيك ؟ هل يكونون كفارا ؟

قال النبى محمد عليه السلام : مطلقا  . هو رأى يحتمل الخطأ والصواب .  ليس دينا بل وجهة نظر .   

قال المذيع : ندخل بهذا على وجهة نظرك فى العظة من قصة آدم . ماذا ترى ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : أرى إن القضية الأساس هنا هى طاعة الأمر الالهى وموقفنا منه .  

قال المذيع : بمعنى ؟

قال النبى محمد عليه السلام : أمر الله جل وعلا الملائكة أمرا غريبا هو السجود لآدم المخلوق من طين ، وهم اعلى نوعية منه من حيث الخلق لأنهم مخلوقون من طاقة نارية وليس من طين . فى الاستجابة لهذا الأمر الغريب أطاع كل الملائكة إلا واحدا فقط هو ابليس . فأصبح لدينا موقفان : الطاعة السريعة للأمر الالهى دون سؤال عن السبب كما فعلت الملائكة، وموقف مناقض هو العصيان للأمر كما فعل ابليس .      

قال المذيع : رائع .

قال النبى محمد عليه السلام : ثم نهى الله جل وعلا آدم وزوجه عن الأكل من الشجرة المحرمة دون إبداء سبب تحريمها هى بالذات . وعصى آدم وزوجه ، ولكنهما أسرعا بالتوبة . وقبل الله جل وعلا توبتهما ، فأصبح لدينا موقف ثالث من الأمر الالهى ، هو التوبة بعد العصيان .    

قال المذيع : أى أصبح لدينا ثلاثة مواقف : أن تطيع ، أن تعصى ، أن تعصى ثم تتوب .

قال النبى محمد عليه السلام  : يمكن أن تقول فى العصيان أنه نوعان : أن تعصى وتبرر وتسوغ وتشرع عصيانك وبالتالى لا يمكن أن تتوب مثل ابليس ، وأن تعلم أنه عصيان فتتوب مثل آدم وحواء .   

قال المذيع : هذه المواقف الثلاث نراها فى حياتنا العملية . ولنتكلم هنا بثقافتنا . هناك من يفعل الخير طاعة للخالق . وهذا يشبه موقف الملائكة . وهناك من يخطىء فيؤنبه ضميره فيتوب مثلما فعل آدم وحواء، وهناك من يبرر جريمته بتبريرات مختلفة ، وحين يقع فى التبرير للخطأ لا يمكن أن يتوب مثل ابليس.

قال النبى محمد عليه السلام : هناك الأكثر إجراما .   

قال المذيع : من هو ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : الذى يرتكب الجرائم ثم يجعلها تشريعا إلاهيا ينسبه لرب العزة جل وعلا . وهذا ما حذر منه رب العزة جل وعلا فى سياق الوعظ بعد أن قصّ قصة آدم وخداع الشيطان له .  

قال المذيع : كيف ؟

قال النبى محمد عليه السلام  :   بعد أن قصّ جل وعلا قصة آدم وجّه حديثه لبنى آدم فقال لهم : ( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ )

قال المذيع : ما معنى هذا ؟ وما صلته بآدم وحواء ؟

قال النبى محمد عليه السلام : فى الجنة البرزخية كان آدم وزوجه يرتديان ثوبا نورانيا يستر جسدهما المادى فلما عصيا تمزق هذا اللباس النورانى وبدأ جسدهما المادى ( السوأة ) فى الظهور. الله جل وعلا  أنزل علينا لباسا نرتديه نغطى به جسدنا . وهو اللباس الذى نرتديه مصنوعا بأيدينا . ثم إن النفس حين ترتدى التقوى يكون خيرا لها .  

 قال المذيع : كيف يكون هذه البدلة التى أرتديها مُنزّلة علينا ؟ هى من قماش . هل القماش مُنزّل علينا من الله ؟ هو مصنوع من القطن والكتان والجلود والحرير .  

قال النبى محمد عليه السلام : الغلاف الجوى يغطى الأرض ، وكذا طاقة الشمس . وهى منزلة علينا من رب العزة جل وعلا . ومنها ينبت النبات ومنه يتغذى الحيوان .. ومنها الغذاء واللباس . 

قال النبى محمد عليه السلام : فى الآية التالة يقول جل وعلا  لنا : ( يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ). 

قال المذيع : هذا تحذير لنا من أن يخدعنا الشيطان كما خدع آدم وحواء من قبل . هذا مفهوم ، ولكن ما هو الغرض من التذكير بأن الشيطان كان هو الذى ينزع عن آدم وحواء لباسهما النورانى كى يريهما سواءاتهما ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : لعلك تذكر أنه ــ حين كان ابليس ورفض السجود لآدم ـ كان يحتج بأن آدم مخلوق من طين . وهذا الطين سوأة . لذا فى غمرة حقده وتشفيه فى آدم وزوجه كان هو الذى ينزع عنهما لباسهما  النورانى ليريهما ما تحته من جسد مخلوق من طين ، أى إنهما لا ينتميان الى هذا العالم البرزخى النورانى ولكن الى عالم أقل منه وهو العالم المادى الذى منه كان خلق آدم وزوجه .   

قال المذيع : فما مغزى أنه يرانا من حيث لا نراه ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : قول رب العزة لنا (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ  ) غاية فى الأهمية لنا . فإذا كان آدم وحواء فى الجنة البرزخية يستطيعان رؤية الشطان وقبيله أى من هم على شاكلته من مخلوقات البرزخ من ملائكة وجنّ فإننا فى عالمنا المادى لا نستطيع رؤيتهم . هم يروننا لأنهم فى مستوى أعلى منا وهو مستوى يتخللنا ، بينما لا نراهم لأننا فى مستوى ثقيل وأقل . وإذا كان الشيطان قد خدع آدم وزوجه وهما يريانه فهو أقدر على خداعنا وهو يرانا ونحن لا نراه بأعيننا المادية ، وبالتالى يكون نجاحه فى خداعنا أقوى . النفس البشرية التى ترتدى هذا الجسد السوأة تنتمى الى عالم البرزخ ، فيستطيع الشيطان أن يوسوس لها وأن يضلها ، وهى التى تتحكم فى الجسد وتقوده ، فإذا تحكم فيها الشيطان جعلها تقود جسدها الى المعصية بالقول وبالفعل .   وحين يحدث هذا تكون موالاة الشيطان قد تمت ، ولهذا قال رب العزة جل وعلا فى نهاية الآية : (إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ). 

 قال المذيع : هذا واضح فى جرائم البشر وسفك دماء بعضهم البعض . لا يخلو يوم من آلاف الجرائم الفردية والجماعية والدولية . لذا فإن أفضل إستثمار هو فى صناعة السلاح الذى يقتتل به أبناء آدم ، مع انهم أخوة من أب واحد وأم واحدة .

قال النبى محمد عليه السلام  : الخطيئة الكبرى أن بعضهم يرتكب الجرمة ويزعم أن الله جل وعلا أمره بهذا . بعد أن قال جل وعلا :( إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ) وصف أولياء الشيطان بأنهم ( وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا ) . يجعلون الجرائم عبادات وتشريعات إلاهية يزعمون أن الله جل وعلا أمر بها .

قال المذيع : هذا بالضبط ما يفعله الارهابيون فيما يسمونه بالجهاد وجهاد المناكحة ، والناس تسميهم ( إسلاميين ) لأنهم ينسبون أنفسهم الى الاسلام ، ويجعلون سفكهم الدماء ونهبهم الأموال وإسترقاقهم النساء شريعة اسلامية . بل وينسبون اليك أنك كنت تفعل هذا وانك قلت حديثا بكذا .

قال النبى محمد عليه السلام   : أنا برىء مما يفعلون . 

قال المذيع : كيف نرد عليهم ؟

قال النبى محمد عليه السلام : رب العزة جل وعلا ردّ عليهم مقدما . إقرأ قوله جل وعلا :   ( وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ )

قال المذيع : نصل الى أن العظة كانت تأتى تعقيبا على قصة آدم مع تكرارها حتى لا ينخدع أبناء آدم بالشيطان الذى خدع أباهم من قبل.

قال النبى محمد عليه السلام : هذا بالإضافة الى تنبيه لأبناء آدم بارسال الرسل اليهم  بالهدى ، قال جل وعلا : ( قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)  طه ) ( قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39) البقرة )

 قال المذيع : هذا خطاب بالانذار والتبشير .

قال النبى محمد عليه السلام  : وهناك خطاب الاهى آخر عاطفى وعقلى معا ، يقول فيه جل وعلا لأبناء آدم :  (  وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا  ) 50   ) الكهف ). أى كيف تتخذون من عدوكم الشيطان وذريته أولياء وتتركون الخالق وهو وليكم الأعظم الذى لا ولى سواه ولا إله غيره ؟ ما اسوأ هذا البدل .

 قال المذيع : من اسف أن كل هذا الثراء فى قصة آدم لا نجده فى العهد القديم

قال النبى محمد عليه السلام : لأن القرآن الكريم رسالة إلاهية فى الهداية ، وليس كتابا يسرد التاريخ .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

النبى محمد فى حوار مع السى ان ان حول وجود الشيطان

 

قال المذيع : لفت نظرى أن العهد القديم لم يذكر الشيطان مطلقا ، لا فى قصة آدم ولا فى غيرها ولا فى تشريعاته ولا فى وعظه . ولفت نظرى أيضا أن بعض المثقفين ينكرون وجود الشيطان . دعنا نناقش هذه القضية من منظور عقلى بدون الاستشهاد بالقرآن .

قال النبى محمد عليه السلام : القرآن الكريم دعوة للتعقل والتبصر والتفكر . وسأتكلم معك باسلوب عقلى ومع الاستشهاد بالقرآن فى إثبات وجود الشيطان وسيطرته على أتباعه من البشر . وأنا الذى اسألك وانت الذى تجيب .

قال المذيع : موافق

قال النبى محمد عليه السلام  : أمامك مستودع مواد بناء فيه خشب وطوب ورمل وزجاج وحديد  وأسمنت ..الخ . جاء رجل واشترى منه هذه المواد وبنى بها كازينو ، وجاء رجل آخر اشترى نفس المواد وبنى قبرا زعم ان تحته قديس أو ولى صاحب معجزات وكرامات . أسألك هل تختلف مواد البناء فى القبر المقدس عنها فى الكازينو ؟    

قال المذيع : لآ .

قال النبى محمد عليه السلام : لماذا يقدس الناس أحجار القبر المقدس وستائره وزجاجه بينما لا يحترمون نفس هذه الأشياء فى الكازينو ؟   

قال المذيع : لأن لديهم إعتقادا أن القبر المقدس يجلب لهم النفع والضرر .

قال النبى محمد عليه السلام : ولماذا لا تجلب مواد البناء فى  الكازينو النفع والضرر ؟   لماذا تكون أحجار القبر المقدس مقدسة ولا تكون كذلك فى الكازينو ؟  

قال المذيع : ربما لا يتعلق الأمر بمواد البناء فى القبر المقدس أو فى الكازينو ، ربما تكون القداسة من الولى المدفون تحت القبر المقدس .

قال النبى محمد عليه السلام : هل هذا يعنى أن القداسة والبركة زحفت من الولى المدفون الى أعلى لتنشر القداسة على القبر المقدس وأحجاره وزجاجه وستائره ؟   

قال المذيع : لا أدرى. ولكنهم يؤمنون بقداسة القديس المدفون أو الولى تحت القبر . وهو الأصل عندهم .

قال النبى محمد عليه السلام: إذا كان هذا هو أصل القداسة ، فلماذا لا يحفرون القبر وينالون من قداسته مباشرة ؟    

قال المذيع : لاأدرى .  

قال النبى محمد عليه السلام  : فماذا إذا خرج اليهم من القبر وفتح ذراعيه يرحب بمن يتبرك بقبره

قال المذيع : سيصرخون ويفرون هاربين منه .

قال النبى محمد عليه السلام  : هل ترى أى تعقل فى تقديس أشياء مصنوعة بيد البشر من مواد بناء يسير عليها البشر بأقدامهم ؟   هل يرضى الانسان العاقل أن يتبرك برفات ميت أو بأحجار ؟

قال المذيع : لا .

قال النبى محمد عليه السلام  : إذن من الذى أقنعه بأن يفعل ذلك ؟   

قال المذيع : تقصد أن الشيطان هو الذى صنع هذا ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : هذا ما قاله رب العزة جل وعلا ، حين أمر بإجتناب الأنصاب أى القبور المنصوبة للتقديس ، وقال إنها من ( عمل الشيطان ) ب قال جل وعلا : (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ (91) المائدة )

قال المذيع : ولكن الشيطان لم يصنع ذلك بنفسه

قال النبى محمد عليه السلام  : هو الذى أقنع البشر فعبدوا الأحجار من قبور وتماثيل وصور وأيقونات . هو الصانع الحقيقى لهذا الإفك الذى يرفضه العقل . هو مثل ( المخرج  ) فى العمل الدرامى ، لا يظهر فى الصورة ولكنه هو المتحكم فى المشهد كله . 

قال المذيع : صدقت . ودليلا على كلامك أننى أعرف شخصا مشهورا بالتدقيق فى الحسابات ، يراجع كل شىء فى حساباته وفى مشترواته . ومع ذلك فهو يتبرع لأى قبر مقدس يمرُّ به دون أن يدقق ، هل هو قبر حقيقى أو مزيف ، وهل صاحب القبر كان من الصالحين أم كان من الفاسقين . مجرد أن يُقال له ( تبرع يا أخى ) يسارع بالتبرع . بينما لو جئته تطلب قرضا سيطلب منك ضمانات وشهودا ..

 قال النبى محمد عليه السلام : فى هذا يقول رب العزة جل وعلا : ( وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56)) النحل ) ، أى لا يعلمون حقيقة ما تحت القبر ، ومع ذلك يجعلون له نصيبا من الرزق الذى رزقهم به الرحمن . 

قال المذيع : يعنى لو تُرك الانسان لعقله ما وقع فى عبادة الأحجار التى يسير عليها بقدميه . ولكن الشيطان يعمى العقل ويقوم بغسيل مخ للإنسان .

قال النبى محمد عليه السلام  :  أسألك عن هذه الأحاديث التى يزعمون أننى قلتها . 

قال المذيع : كتبها البخارى ومسلم وابن حنبل ، وقبلهم مالك والشافعى ..

قال النبى محمد عليه السلام : لا أعرف أحدا منهم ، ولم آذن لأحد منهم أن يكتب عنى هذا الكلام ، بل لم آذن لأصحابى بالكتابة عنى إلا القرآن الكريم . وهم بما يكتبون وبما يزعمون أنه وحى جاء لى إنما يتهموننى أننى لم أبلغ هذا الوحى وتركته لهم يدونونه بعد موتى بقرن وأكثر .  

قال المذيع :ولكنهم يقولون أنهم سمعوا هذا الكلام من فلان الذى سمعه من فلان الذى سمعه من فلان الذى سمعه من فلان الذى سمعه منك .

قال النبى محمد عليه السلام : وهل تصدق هذا الكلام ؟ هل يقبل عقل سليم أن مقولة واحدة فقط قالها واحد من الناس يتم تداولها شفويا عبر أجيال من الناس الى أن تتم كتابتها كما هى ؟ هذا عن مقولة واحدة ، فكيف عن آلاف المقولات والأحاديث ؟ هل تتذكر أنت كلمة قالها لك صديقك من عدة سنوات ؟ فكيف إذا قال لك صديقك إنه سمع هذه الكلمة من أبيه الذى مات ، وأن أباه الذى مات سمعها من أبيه الذى مات ،..,هكذا .. هل يمكن تصديق هذا الافتراء ؟   

قال المذيع : ولكنهم يصدقون هذا بل ويؤمنون به .!

قال النبى محمد عليه السلام : فى رأيك هذه الاسناد وتلك العنعنة الباطلة بمقياس العقل ، من الذى خدع الناس وجعلهم يصدقونها ويرفضون النقاش فى صُدقيتها .؟  

قال المذيع :تقصد الشيطان .

قال النبى محمد عليه السلام  :  بالتأكيد . والله جعل هذا وحيا من الشيطان لأوليائه ، وهو وحىُّ  مستمر بإستمرار الشيطان فى إضلال الناس . قال جل وعلا : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113) أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) الانعام ) 

 قال المذيع : أنت بذلك تجعل الشيطان أساس غواية البشر فى الدين ..  لأن أغلب المشاكل تأتى من الدين ، وبالتالى فإذا كان الدين الالهى يهدف الى العدل والاحسان فإن هناك أديانا أخرى تدفع الناس لقتل بعضهم فى حروب مذهبية ودينية ، وينسبون أنفسهم تملك الحقيقة المطلقة ويحكمون بكفر من يخالفهم وإستحلال دمه . وهذا هو ما يحدث الآن . ولو كان دينهم حقا لكانوا أرفع الناس أخلاقا وأرقّهم طباعا .

قال النبى محمد عليه السلام : هذا يؤكد لك أن الأديان الأرضية من تقديس للبشر والحجر ومن تقديس للأسفار وسفك للدماء ليست سوى صناعة شيطانية ، وهى أكبر دليل على وجود الشيطان .    

قال المذيع : خارج نطاق الدين ، سواء كان إلاهيا أم أرضيا .. ألا يوجد دور للشيطان ؟

قال النبى محمد عليه السلام : نعم . وأعطيك مثلا : حوهرة عثر عليها صياد ، رآها معه رئيس القرية فقتله وأخذها منه ، رآها رئيس المقاطعة فقتله وأخذها منه ، رآها رئيس الدولة فقتله و اخذها منه ، تحاربت من أجلها دول ، وأسرات حاكمة ، وعبر القرون تنتقل هذه الجوهرة من هذا الى ذاك ويموت فى سبيلها هذا وذاك . لا تزال الجوهرة موجود وقد مات حولها وفى سبيلها آلاف الأشخاص ، من جنود وقادة وملوك . هذه الجوهرة مجرد زينة لا تؤكل ولا تسمن من جوع . ما الذى جعل البشر يفقدون عقولهم وحياتهم من أجلها ؟    

 قال المذيع : الشيطان .. فعلا الشيطان . لأن الانسان لو تعقل ما أضاع حياته فى سبيل حجر ، سواء كان من الأحجار الكريمة أو الأحجار اللئيمة . كلها أحجار.. مجرد أحجار . 

قال النبى محمد عليه السلام : هى عبادة للاحجار ، سواء كانت أحجارا فى قبر مقدس أو فى صنم أو فى جوهرة للزينة .   

قال المذيع : كل الحروب كانت من اجل الذهب والأحجار الكريمة ، وكل ملك كان يزين تاج عرشه بها ثم يموت ويأتى سلفه يسير على طريقه ، ويأتى آخر فيُسقط هذا الحكم ويستولى عليه ويأخذ لنفسه الذهب والأحجار الكريمة ، ويظل الأمر هكذا تنتقل الأحجار الكريمة من فرد الى آخر ، ومن أسرة الى أخرى ، وهى لا تزال بيننا ، مع أن اصحابها ماتوا فى سبيلها واصبحوا ذكرى .

قال النبى محمد عليه السلام : كلهم مات .. هذا يدخل بنا على موضوع الموت . هل مات أبوك أم لا يزال حيا ؟   

قال المذيع : مات فى طفولتى .

قال النبى محمد عليه السلام :وهل مات جدك وأجدادك حتى آدم ؟    

قال المذيع : نعم .. طبعا .. ماذا تريد ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : هل ستموت مثلهم  ؟  

قال المذيع : نعم ، بالطبع .

قال النبى محمد عليه السلام  : وهل رتّبت حياتك على هذا الأساس ؟ أى على أساس أنك لا محالة ميّت ؟   

قال المذيع : لا أفهم .

قال النبى محمد عليه السلام  :   هل فى أى نزاع مع أحد قلت لنفسك : لماذا أتنازع معه ، ففى النهاية سنموت ونترك كل هذا ؟

 

قال المذيع : لم يخطر هذا على بالى . أقصد إن الانسان فى صراع مع أخيه الانسان ، وهو صراع يحدث يوميا فى البيوت وفى الشوارع وفى المحاكم وفى الحروب ..

قال النبى محمد عليه السلام : وينسى الجميع الموت ؟   

قال المذيع : نعم .

قال النبى محمد عليه السلام  : لماذا ؟    

قال المذيع : ستقول إنه الشيطان ؟

قال النبى محمد عليه السلام : نعم . هو الشيطان ، ومن أسف أنه يخدع أبناء آدم بما خدع به أباهم آدم من قبل . خدعه ب ( جنة الخُلد ومُلك لا يبلى ) . الناس يتصارعون حول ملكية أى شىء وملكية كل شىء ، وهم يعتقدون أنهم خالدون لا يموتون . ينسون الموت ، وينسون أنهم بالموت سيتركون ما ظنوه ملكية دائمة لهم . لو تعقلوا لاقتسموا الموارد بالعدل وتكافؤ الفرص وتمسكوا بحل النزاعات سلميا ليستمتعوا بحياتهم فى سلام وإطمئنان .    

قال المذيع : هذا معقول

قال النبى محمد عليه السلام  : هذه الفجوة بين التعقل البشرى وبين ما يرتكبه البشر تعنى وجود مخلوق أقوى من الانسان يمكنه السيطرة على الانسان ويدفعه الى أن يفتك بنفسه . مشكلة هذا المخلوق إنه يرانا من حيث لا نراه ، هو يحركنا من وراء ستار ، وهو عدوّ مبين لنا ، ولكن من أجله نعصى الله جل وعلا ..هذا المخلوق هو الشيطان .

 قال المذيع : وهو الذى يحرّك رجال الدين ورجال السياسة ورجال الحكم ورجال المال والأعمال والإعلام ورجال الحرب ..هم أولياء الشيطان ..ومع ذلك ينكرون وجود الشيطان.