دعنا نتخيل
ßÊÇÈ ج 1 من كتاب : دعنا نتخيل : حوارا حدث بين النبى محمد وال سى إن إن .!!
الفصل الأول : فى الحوار مع السى إن إن : لمحة عن الاسلام والنبى محمد عليه السلام

في الجمعة ١٩ - أبريل - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

الفصل الأول : فى الحوار مع السى إن إن :  لمحة عن الاسلام والنبى محمد عليه السلام

 

  النبى محمد فى اللقاء الأول مع ال سى إن إن عن تسامح الاسلام

 أولا : الشيوخ الأربعة فى قبضة الإف بى آى :

1 ـ جلس الشيخ بهلول الصوفى والشيخ  مسعود السنى والشيخ مندور الشيعى والشيخ  الغمدانى الوهابى يتناولون الطعام بنهم شديد وسعادة بالغة ، فجأة تحطم باب الغرفة ودخل جنود ملثمون على زيهم علامة الإف بى آى وأسلحتهم مشهرة ، وهم يصرخون فى المشايخ بالانبطاح أرضا . سقط الشيوخ مرة واحدة على الأرض يرتجفون والطعام يتساقط من أفواههم ، واسلموا أيديهم للقيود بكل ما يملكون من إستسلام .

2 ـ فى غرفة أخرى من نفس المنزل فى نفس المزرعة جلسوا على طاولة واحدة  كل منهم مقيد بالأصفاد ، وهم ينظرون فى خزى وخجل الى شاشة تعرض فضائحهم الجنسية ، وحساباتهم البنكية . وأمامهم محقق من الاف بى آى  يتفرس فيهم بإحتقار وغضب . انتهى العرض. وقال الضابط : أنتم متهمون بالتخطيط لإغتيال النبى محمد ، ويمكن سجنكم لمدة طويلة ، ويمكن أيضا فضحكم بهذه التسجيلات . ويمكن قتلكم ودفنكم فى هذه المزرعة النائية التى ظننتم أنها بعيدة عن متناولنا .

نظر بعضهم الى بعض فى رعب . قال لهم الضابط : هل نعقد إتفاقا ؟ تنافسوا فى الرجاء بعقد الاتفاق والرضى بأى شروط تُفرض عليهم . قال لهم الضابط  : "تقدمون لنا كل مانطلب من معلومات ، وسنفحص أقوالكم ، ولو تبين أى كذب فلن تخرجوا من هذه المزرعة أحياء ". قالوا معا : " نعم ". قال لهم: " وبدلا من السجن ستبقون فى هذه المزرعة ما بقى لكم من عُمر ، لن تروا أحدا ولن يراكم أحد ، وأنتم تحت مراقبة كاملة .". وقف ، واشار الى الخارج فدخل بضعة جنود ، قاموا بنزع القيود من أيديهم . نظر اليهم مبتسما وقال : "أهلا بكم عاملين معنا فى الاف بى آى " . 

ثانيا : ال : سى إن إن تعلن إستضافة النبى محمد عليه السلام فى لقاء خاص

1 ـ توالت البيانات من جماعات ومراكز مختلفة من  المحمديين يعلنون رفض الحوار مع النبى محمد  ويتهمونه بالكفر ، وإهتمت وسائل الاعلام بنشر بياناتهم ، فوجدتها جمعيات كثيرة وسيلة سهلة للشهرة وجمع الأموال ، فإزدادت البيانات وإزدادت نبرتها فى تكفير النبى محمد والهجوم عليه . وحرصت ال سى إن إن على نشر بعض هذه البيانات ، ورأى المسئولون فى السى إن إن أنها فرصة ثمينة لاحراز سبق صحفى بأن تحدد موعدا لإجراء مقابلة مع النبى محمد ليردّ على هذه البيانات .

2 ـ  عندها توقفت بيانات المحمديين بينما توالت الدعوات على ال سى إن إن تترقب رؤيته فى البرنامج ، واصبح واضحا أن المشاهدين سيكونون بالملايين .

ثالثا : النبى محمد عليه السلام فى اللقاء الأول مع ال سى إن إن :

 ظهر النبى محمد عليه السلام فى زى أمريكى أنيق ، جلس هادئا مبتسما . بدأ المذيع بالترحيب به فرد شاكرا بتواضع وأدب . سأله عن رأيه فى البيانات الى صدرت تهاجمه وتتهمه . بدأ فى الكلام فقال :

 فى البداية أضع القاعدة الأساس : ما أقوله بالآية القرآنية هو الاسلام . فالاسلام هو القرآن الكريم فقط  . ما أقوله إستنباطا من القرآن هو رأى شخصى وليس جزءا من الاسلام . بالنسبة لتلك البيانات التى تهاجمنى فالاسلام فى القرآن فيه الرد : فأنا مأمور بقول الحق القرآنى مع الاعراض عن الجاهلين ، يقول لى ربى جل وعلا : ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ 94  ) الحجر ). والاعراض عنهم مرتبط بالعفو عنهم ، يقول لى ربى جل وعلا :( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) الاعراف 199 )، ومرتبط بأن أتّبع الوحى القرآنى ، يقول لى ربى جل وعلا : ( اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) 106 : 107  الانعام ). مهما قالوا فانا أُعرض عنهم وأعفو عنهم متبعا أوامر ربى جل وعلا فى القرآن الكريم . 

قال المذيع : نفترض أنهم قابلوك فى الطريق وشتموك . كيف تردُّ عليهم ؟

قال النبى محمد عليه السلام : أنا من عباد الرحمن الذين قال جل وعلا فى صفاتهم : ( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا )63 ) الفرقان) . أى أرد عليهم بالسلام لأن الاسلام هو دين السلام . وهذا هو ما يجب على المؤمنين الحقيقيين ، يقول جل وعلا : ( وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ) 55  ) القصص ). هنا الإعراض عنهم يعنى مسئوليتهم على أعمالهم ومسئوليتنا عن أعمالنا ، فالحرية فى الدين تعنى مسئولية كل فرد حُرّ على إختياره الدينى . ونقول لهم ( سلام عليكم ) لأن الاسلام هو دين السلام .

قال المذيع : فماذا إذا تطاولوا عليك ؟

قال النبى محمد عليه السلام: الردُّ فى الاسلام فى قول ربى جل وعلا : ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ . ) 33 : 34  فصلت ) . يعنى أن أقابل السيئة منهم بأحسن ما يكون من الردّ الجميل . عندها سيضطر المعتدى الى أن يخجل من نفسه فيردُّ كأنه ولىُّ حميم .

قال المذيع : ولكن هذا يحتاج الى صبر هائل .!

قال النبى محمد عليه السلام : (الصبر ) من القيم الاسلامية العليا . وهو ( صبر ) إيجابى وليس صبرا سلبيا .

قال المذيع : ما هى ملامح هذا الصبر الايجابى فى الاسلام ؟

قال النبى محمد عليه السلام : ليس صبرا إنعزاليا ، بل صبر إيجابى بالاعراض عن المعتدين وهجرهم هجرا جميلا نبيلا، يقول لى ربى جل وعلا : ( وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلا ) 10  ) المزمل ) . وهو صبر مرتبط بطاعة الوحى القرآنى ، يقول لى ربى جل وعلا :( وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىَ يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ) 109 يونس )، وهو مرتبط بتسبيح رب العزة جل وعلا ، يقول لى ربى جل وعلا:( فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ )39 ) ق )، ( فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى ) 103 ) طه ). وبالاستغفار مع التسبيح ، يقول لى ربى جل وعلا : ( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ ) 55 ) غافر ).

قال المذيع : ولكن هل لا تتضايق من إتهاماتهم لك وما يقولونه عنك ؟

قال  النبى محمد عليه السلام : أنا بشر ، وكنت أتضايق من إفتراءاتهم وإتهاماتهم الظالمة . وقد قال لى ربى جل وعلا : ( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ  ) 97 : 99 ) الحجر ). ربى جل وعلا يعلم بما كان ينتابنى من ضيق فأمرنى بالعلاج من هذا الضيق ، وهو التسبيح والعبادة . ولأن الله جل وعلا مع الصابرين فقد نهانى عن الضيق من مكرهم وأمرنى بالتقوى لأن الله جل وعلا مع الذين إتقوا والذين هم محسنون ، قال لى ربى جل وعلا : ( وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ ) 127 : 128 ) النحل  ).

قال المذيع : هذا يذكرنا بالهجوم عليك بالكاريكاتير ، وما سبّبه هذا من مظاهرات غاضبة وإضطرابات . هل هو نفس موقفك من أولئك الذين سخروا منك بالكاريكاتير ؟

قال النبى محمد عليه السلام : هو نفس الموقف من الاعراض عنهم وهجرهم هجرا جميلا نبيلا والرد عليهم بالتى هى أحسن وإلقاء السلام عليهم لأن الاسلام هو دين السلام وهو دين الاحسان . 

قال المذيع :ما هو الأساس فى هذا النبل وهذا الإحسان الرائع فى التعامل مع من يسىء اليك ؟

قال النبى محمد عليه السلام : الأساس يقوم على الحرية الدينية والايمان بيوم الدين يوم لقاء الله جل وعلا .

قال المذيع : بمعنى ماذا ؟

قال النبى محمد عليه السلام : رب العزة جل وعلا وضع قاعدة إسلامية تقول : ( مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) 15 ) الاسراء ) .  فالهداية والضلال مسئولية شخصية ، فالمهتدى فهو يهتدى لنفسه وينال الجنة يوم القيامة ، والذى يختار الضلالة يختارها لنفسه ويدخل بها النار يوم القيامة ، وكل إنسان مرهون بعمله ولا شأن له بعمل غيره .

قال المذيع : وماذا يعنى هذا بالنسبة لك ؟

قال النبى محمد عليه السلام : إن مسئوليتى تنحصر فى تبليغ القرآن فقط ، فما على الرسول إلا البلاغ . ومن ثم تكون مسئولية كل فرد على نفسه .

قال المذيع :  يعنى لا سيطرة لك على من يرفض دعوتك الاسلامية ؟ 

قال النبى محمد عليه السلام : قال لى ربى جل وعلا : ( فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ إِلاَّ مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأَكْبَرَ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ) 21 :  26 الغاشية )

قال النبى محمد عليه السلام : لا شأن لى بمن يضل ، ولست مسئولا عنه . ومن هنا جاء فى سياق الأمر بالاعراض عن الرافضين للحق التأكيد على أننى لست حفيظا عليهم أو موكلا بهم ، أى لا شأن لى بهم على الاطلاق ، هم  وما يختارون لأنفسهم بمحض إختيارهم ، قال لى ربى جل وعلا : (  اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ  ) 106 : 107 الانعام ). و قال لى ربى جل وعلا :(  إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) 55 : 56 ) القصص )، أى لا أستطيع هداية أحد ، لأن الهداية مسئولية فردية شخصية ، والذى يختار الهداية يهده الله جل وعلا ، وهو جل وعلا أعلم بالمهتدين ، أما أنا فلا أعلم غيب القلوب .

قال المذيع : معنى هذا أنك حين تُعرض عن أذاهم وتتحمل سفالتهم فإنك تنتظر يوم الدين ؟

قال النبى محمد عليه السلام : نعم . قال لى ربى جل وعلا : ( فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانتَظِرْ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ ) 30 السجدة ). هنا يرتبط الإعراض عنهم بإنتظار يوم القيامة . وقال لى ربى جل وعلا : ( فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ) 49 هود ) . هنا يرتبط الصبر على أذاهم بالعاقبة أو الجزاء الحسن للمتقين يوم القيامة . وقال لى ربى جل وعلا : (وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ  )115  هود ). هنا يرتبط الصبر على أذاهم بالأجر الذى أعده ربى جل وعلا للمحسنين يوم القيامة .

قال المذيع : وما الذى سيحدث لهم يوم القيامة ؟

قال النبى محمد عليه السلام : لهم الحرية المطلقة فى مشيئة الايمان أو الكفر ، وبناءا على هذه الحرية تقع عليهم المسئولية ، ويوم القيامة سيؤتى بالبشر جميعا أمام الواحد القهار ، فالذى شاء الضلال والكفر سيكون عذابه شديدا ؛ النار تحيط بهم وماء الحميم يشوى وجوههم . قال لى ربى جل وعلا : ( وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا  ) 29 ( الكهف ).

قال المذيع : هذا شىء فظيع .!

قال النبى محمد عليه السلام : هو عذاب هائل ، وهو أيضا عذاب خالد ، لا تخفيف فيه ولا خروج منه .

قال المذيع : ألا تشعر مقدما بالشفقة عليهم ؟

قال النبى محمد عليه السلام : نعم ، وبالتاكيد ، ولهذا أصدع بالحق بكل ما أستطيع أملا فى هدايتهم . وكنت أحزن من أجلهم ، قال لى ربى جل وعلا :  ">  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

النبى محمد فى حوار مع ال سى إن إن حول حبّه لأعدائه

أولا : إستكمال الحوار السابق

1 ـ توقف المذيع متأثرا ، ثم تكلم وهو يكتم إنفعاله : يعنى أنك ترد على اذاهم بالصفح عنهم منتظرا يوم الدين ، وفى نفس الوقت تحزن بسببهم حين يسارع بعضهم بالكفر . هل معنى هذا أنك تحبهم ؟

2 ـ قال النبى محمد عليه السلام : نعم أحبهم  .

قال المذيع : إسمح لى .. ما هى نوعية هذا الحب ؟ هناك حب الرجل للمرأة وحب الصديق لصديقه ، وحب الأقارب ، وحب الوالدين للأولاد وحب الأولاد للآباء ، وهناك حبُّ الشهرة وحب الشهوة وحب المال وحب الجاه وحب الدنيا ..الخ .

قال النبى محمد عليه السلام : هو حبُّ من نوع خاص ، أقوى أنواع الحب ، وهو الاهتمام بمن تحب ( To care about them)، وهذا يعنى الحرص على هدايتهم خوفا عليهم من الخلود فى النار وأملا فى أن يتمتعوا بالخلود فى نعيم الجنة .

قال المذيع : وهل كنت تحرص على هدايتهم ؟ والى أى مدى ؟

قال النبى محمد عليه السلام : قد كنت أحرص على هدايتهم ـ وهم رافضون للهداية ـ الى درجة أن قال لى ربى جل وعلا : (إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ )37 )النحل ).

قال المذيع : هذا يذكرنى بالحب  الحقيقى الذى يشعر به الوالدان لاولادهم . هو حبُّ مبنى على الاهتمام والرعاية والحرص على ما فيه مصلحتهم . الروعة فيه أنه حبّ بلا مقابل ، هو عطاء بلا مقابل . الأروع أنك تحب أعداءك الذين يؤذونك .. أليس كذلك ؟

 قال النبى محمد عليه السلام : نعم .

قال المذيع: هل كان حبك لهم يظهر فى حوارك معهم ؟ بمعنى : هل كنت تتحبب لهم بالقول ؟

قال النبى محمد عليه السلام : كل نبى كان محبّا لقومه يخاف عليهم ، وبهذا كان يخاطبهم . يقول لهم ( يا قومى ) يعنى  (يا أهلى  ) .  نوح عليه السلام قالها لقومه :( يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) الاعراف 59 )، والنبى هود عليه السلام قالها لقومه عاد : ( إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ   ) 135 ) الشعراء ).

قال المذيع: من هو (هود ) ومن هم (عاد ) ؟

قال النبى محمد عليه السلام : ربى جل وعلا قصّ فى القرآن قصص أنبياء لم يذكرهم فى الكتاب الذى أنزله على موسى عليه السلام .

قال المذيع: هل منهم النبى هود وقومه عاد ؟

قال النبى محمد عليه السلام : نعم ، ومنهم النبى صالح وقومه ثمود ، والنبى شعيب وقومه مدين .

قال المذيع : واضح من أسمائهم أنهم كانوا من العرب القدماء ؟

قال النبى محمد عليه السلام : نعم . والنبى شعيب قال لقومه  يدعوهم الى الايمان برب العزة جل وعلا وحده وخوفا عليهم من عذاب الآخرة : (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ  ) 84 هود ).

قال المذيع : وماذا عن مصيرهم ؟ اعلم أن قوم نوح الكافرين أغرقهم الله بالطوفان . ؟

قال النبى محمد عليه السلام : عاندوا فأهلكهم الله جل وعلا . أهلك الله جل وعلا قوم ثمود ، فوقف النبى صالح عليه السلام حزينا عليهم ويرى جثثهم ويتأسّف على حالهم . يقول ربى جل وعلا عنه وعنهم : (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ )79 )الاعراف ). ونفس الحال مع النبى شعيب عليه السلام بعد إهلاك قومه مدين ، وقف يرثيهم . يقول ربى جل وعلا عنه وعنهم : ( فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ  )( 93 ) الاعراف ). هذا حبُّ هائل ..

قال المذيع : نعرف من العهد القديم قصة ابراهيم . فهل هى مذكورة فى القرآن الكريم ؟

قال النبى محمد عليه السلام : ذكرها ربى جل وعلا عدة مرات .

قال المذيع : هل كان محبا لقومه ايضا ؟.

قال النبى محمد عليه السلام : فى دعوته لأبيه الكافر كان رفيقا لينا ، قال لأبيه : ( يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا ) 45 ) مريم )، وردّ عليه أبوه بغلظة يهدده بالرجم : (قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا ) مريم ) وردّ عليه ابراهيم عليه السلام بالسلام : ( قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا )  مريم ) وظل يستغفر لأبيه حتى تبين له أن أباه عدو لله لا فائدة فيه . وقد وصف ربى جل وعلا  ابراهيم عليه السلام بالحلم ، فقال : (  وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ) 114 ) التوبة  ).  وعندما جاءت الملائكة فى هيئة بشر لتبشره وزوجه بميلاد إسحاق ثم يعقوب ، ثم لتخبره أنهم ذاهبون لاهلاك المعاندين من قوم لوط  عليه السلام ، ظل ابراهيم عليه السلام يجادلهم خوفا على قوم لوط عليه السلام ، فجاءه العتاب من رب العزة جل وعلا : ( فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ  ) 74 : 76 ) هود ). 

قال المذيع : نعود اليك . ونطرح نفس السؤال : هل كان حبك لهم يظهر فى حوارك معهم ؟ بمعنى : هل كنت تتحبب لهم بالقول ؟

قال النبى محمد عليه السلام : قلت لقومى نفس الكلام . قلت لهم : ( وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ) 3  ) هود  ). هو نفس الخوف عليهم من عذاب يوم كبير .

قال المذيع : وكيف كان رد فعلهم ؟

قال النبى محمد عليه السلام : كانوا يستخفون منى ، وكانوا يضعون ثيابهم على وجوههم حتى لا يرون مشاعر الحب فى وجهى . وصف هذا ربى جل وعلا فقال عنهم : ( أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) 5 ) هود ).

قال المذيع : وماذا أيضا ؟

قال النبى محمد عليه السلام : كنتُ إذا تلوت عليهم القرآن ظهرت على وجوههم الكراهية الهائلة لى وللقرآن الكريم . قال لى ربى جل وعلا : (وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ  ) 51 )  القلم ).

قال المذيع : وكيف كنت تتغلب على كراهيتهم لك ؟

قال النبى محمد عليه السلام : بالتحبب اليهم ، بتذكيرهم أننى صاحبهم الذى صحبوه وعرفوا صدقه وأمانته ، وبالتالى  بعد نزول القرآن الكريم لا يمكن ان يكون كذابا أو مجنونا كما يزعمون . وهذا هو الذى أمرنى رب العزة جل وعلا أن اقوله لهم : ( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ) 46 ) سبأ ). يعنى أعظهم بشىء واحد ؛ أن يقوموا ويتفكروا فى موضوعية وتجرّد فى أن صاحبهم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الذى عرفوا صدقه وعقله ونزاهته لا يمكن أن يكون مجنونا ، بل هو نذير لهم من عذاب الآخرة .

قال المذيع : وهل أوقعك حرصك على هدايتهم فى مشاكل ؟

قال النبى محمد عليه السلام : نعم .

قال  المذيع : مثلا ؟

قال النبى محمد عليه السلام :  كانوا يصممون على أن آتيهم بمعجزة حسية مادية مثل معجزات موسى وعيسى . وكان هذا ممنوعا إكتفاءا بمعجزة القرآن العقلية المتجددة الى نهاية الزمان . وبين غصرارهم على أن آتيهم بمعجزة حسية وإستحالة تحقيق هذا المطلب كنت أحزن ، فقال لى ربى جل وعلا :  ( قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ) ، يعنى إنهم يطلبون هذه المعجزة على سبيل العناد مع أنهم فى حقيقة الأمر يعرفون أننى هلى حق ولكنهم يجحدون هذا الحق ، وبالتالى فلن تُجدى المعجزة الحسية المادية فى هدايتهم . ثم قال لى ربى جل وعلا يأمرنى بالصبر على الأذى والتكذيب كما صبر الرسل السابقون : ( وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ  ). ثم قال لى ربى جل وعلا :  ( وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ  ) يعنى إذا كنتُ مصمما على الاتيان لهم بمعجزة حسية مادية ممّا يطلبون فعلىّ إذن أن أتصرف بنفسى ، ابحث لهم بنفسى عن آية ، أحفر فى نفق تحت الأرض أو اصعد بسُلّم الى السماء .

قال المذيع : هل هناك أمثلة أخرى .؟
قال النبى محمد عليه السلام : نعم . ظللت أستغفر لأقاربى الكفار حتى نزل العتاب من رب العزة . قال ربى جل وعلا : ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُولِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ  ) 113 ) التوبة ) .

قال المذيع : أمثلة أخرى ؟

قال النبى عليه السلام :  كان حبى لهم وحرصى على هدايتهم يجعلنى أحيانا أطيعهم ، وقد كان بعضهم يستميلنى بالناعم من القول وبالمداهنة فأستجيب له ، فنزل قول رب العزة لى ينهانى : ( فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ ) 8 : 16  ) القلم )

ثانيا :

أمام شاشة التليفزيون جلس الشيخ بهلول الصوفى والشيخ  مسعود السنى والشيخ مندور الشيعى والشيخ  الغمدانى الوهابى أمامهم ما لذّ وطاب من الطعام ، وهم ساهمون .. واضح انهم فيما سمعوا وفيما رأوا مشغولون .  

صرخ فيهم الشيخ بهلول :  إما نقول الكلام ده ونخسر كل حاجة ، وإما نكفر بالكلام ده وما نخسرش حاجة . تنهد الشيخ مندور الشيعى وقال : We are already losers. We are prisoners, idiot !! .

 

النبى محمد فى حوار مع السى ان ان حول : لا مهادنة ولا مداهنة فى الحق

 

 قال المذيع : البابوات وآيات الله والأئمة والشيوخ مهما تعظهم فأنت تهدد وجودهم ومكانتهم ، أنت ببساطة تقول لهم : أنتم أعداء الله وهم الذين أسّسوا مكانتهم على أنهم الممثلون لله فى الأرض ، تقول لهم : أنتم كاذبون مخادعون للناس وهم يزعمون أنهم الأبرار المتقون ، أنت تقول لهم : أنتم مُضلون وهم الذين يزعمون أنهم يملكون الهداية .

قال النبى محمد عليه السلام : الفيصل هو الحق .

قال المذيع : هذا من وجهة نظرك ، انك مع الحق ، وهم قد يعترفون بينهم وبين أنفسهم أنك على الحق ، ولكن الحق وحده لا يكفى ، لا بد من قوة تؤازره . وليست معك هذه القوة .

قال النبى محمد عليه السلام : كانت هذه محنتى مع قومى من قريش ..

قال المذيع : كيف ؟

قال النبى محمد عليه السلام : أمرنى ربى جل وعلا بأمرين متلازمين : قال لى ربى جل وعلا : (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) 94  ) الحجر )، أى أن أصدع بالحق ، أى أن أقول الحق كاملا عاليا قويا يصدع الحائط ، وفى نفس الوقت أُعرض عن المشركين المعتدين .

قال المذيع : وماذا يعنى هذا ؟

قال النبى محمد عليه السلام : يعنى لا مهادنة فى الحق مع التحمل والصبر ، ولهذا أمر ربى جل وعلا بالتواصى بالحق وبالصبر ، فالحق لا يستغنى عن الصبر. والمؤمنون الذين يتواصون بالحق والصبر هم المفلحون ، قال ربى جل وعلا : ( وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ).

قال المذيع : كيف كان موقف قومك منهم ؟

قال النبى محمد عليه السلام : قريش تحكمت فى التجارة القادمة من الهند عن طريق اليمن ، ومن الروم عن طريق الشام ، وكانت قوافلها تحمل التجارة من اليمن الى الشام ، وسيطرت على تجارة العرب فى الداخل . كانوا الأكثر ثراءا والأكثر دهاءا ، والأكثر مكرا ، وقد وصف ربى جل وعلا دهاءهم ومكرهم فقال : ( وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ) (46 ) ابراهيم ) . إستعملوا ضدى مكرهم ، ووزعوا بينهم الأدوار ؛ منهم من كان يستعمل العنف والاضطهاد ومنهم من كان يصطنع المداهنة والدهاء . وأنا ليس معى سوى الفقراء المُسالمين الذين وجدوا فى الاسلام حُلمهم فى العدل والمساواة والرحمة .

قال المذيع : ومع هذا فلا مهادنة ولا مداهنة بل عليك أن تصدع بالحق وأن تُعرض عن أذاهم ؟

قال النبى محمد عليه السلام : كنت أحاول دفع أذاهم عن أصحابى الفقراء المستضعفين فى الأرض بالتقرب الى من يصطنع المداهنة معى ، فقال لى ربى جل وعلا : ( فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ) ( 8 : 9 ) القلم ) .

قال المذيع : وكيف تصرفت ؟

قال النبى محمد عليه السلام : كان فى قريش المستكبرون وكان فيها المستضعفون ، ومعظم من آمن بالاسلام كانوا من المستضعفين الذين يحتقرهم سادتهم المستكبرين ، ووقعوا ضحية التعذيب.  كان المستكبرون يقولون عن المؤمنين المستضعفين : (أَهَؤُلاء مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا ) ( 53 ) الانعام ) يستكثرون عليهم الهداية ، ويرفضون أن يتساووا بهم . كنت أعلم أن دخول بعض ذوى الجاه فى الاسلام سيخفف إضطهاد المستضعفين ، ويعجّل بنشر الاسلام . لذا كنت أتحبب لمن يحاول مداهنتى من أصحاب الجاه المستكبرين .

قال المذيع : صحيح .

قال النبى محمد عليه السلام : صرخات المعذبين كانت تؤلمنى ، وحرصى على سلامتهم كان يؤرقنى ، وأملى فى إنقاذهم لم ينقطع ، وفى نفس الوقت كانت قريش بمكرها تعلم ذلك . كانت تضغط علىّ بتعذيب المؤمنين المستضعفين من اصحابى لأداهنهم وأنسى أمر ربى جل وعلا بالصدع بالحق .

قال المذيع : فماذا فعلت :

قال النبى محمد عليه السلام : كنتُ أطرد المستضعفين من المؤمنين من اصحابى أملا فى أن يرضى المستكبرون ، فقال لى ربى جل وعلا  ينهانى : ( وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ ) ( 52 ) الانعام ) .

قال المذيع : إسمح لى هذا خطأ كبير أن تطرد المستضعفين من مجلسك إرضاءا للمستكبرين .!

قال النبى محمد عليه السلام : كنت أطردهم حبا فيهم وخوفا عليهم وأملا فى إنقاذهم من العذاب . فى موقف كهذا فإن المستكبرين سيقومون بإضطهاد من يجلس معى من المستضعفين ، أى هناك خطورة محققة من إجتماعه بى . لهذا كنت أطردهم شفقة بهم .

قال المذيع : إذا كان موقفك صحيحا فلماذا تعرضت للعتاب من ربك ؟

قال النبى محمد عليه السلام : ربى جل وعلا هو الأعلم . أنا كنتُ أُفكّر بمدى علمى ، وهو علم قاصر . لذا أمرنى ربى جل وعلا أن أُرغم نفسى على مجالسة اصحابى المؤمنين المستضعفين ، ونهانى أن تتطلع عينى للمستكبرين ، قال لى ربى جل وعلا : ( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا  )( 28 ) الكهف ).

قال المذيع : هذا عن وجود المستضعفين عندك . فهل كنت تسعى الى لقاء المستكبرين بعيدا عن المستضعفين من أصحباك المؤمنين ؟ معلوم أنهم لا يمكنهم الذهاب الى مجالس المستكبرين ، وبالتالى يمكنك أن تتخلص من هذا الحرج وتذهب بنفسك الى الكبار ، وأنت من بنى هاشم ، أى أسرتك تتزعم قريش .

قال النبى محمد عليه السلام : كنت أذهب اليهم واسعى فى هدايتهم ، ولأنهم كانوا يأنفون من رؤية اصحابى المؤمنين المستضعفين فكنت أحاول أن أتفاداهم حتى أنجح فى إستمالة المستكبرين . حدث أن كنت مع أحد المستكبرين أتحاور معه عن الاسلام أرجو أن يهتدى ، فجاء مؤمن ضرير أعمى من المستضعفين يريد أن يتكلم معى ، لم يكن الوقت مناسبا ، فقطبت جبينى وحاولت الهرب من اسئلته حتى لا أفقد الغنى الثرى المستكبر الذى أتحاور معه . نزل على القرآن بعتاب من ربى جل وعلا يقول : ( عَبَسَ وَتَوَلَّى أَن جَاءَهُ الأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى ) ( 1 : 10 ) عبس ) .

قال المذيع : هذا درس عظيم بلا شك .!

قال النبى محمد عليه السلام : من اسف أننى لم أنتبه اليه . ظللت أذهب الى المستكبرين وأسعى اليهم وأحضر مجالسهم مع إن ربى جل وعلا أمرنى أن أتركهم يخوضون ويلعبون ، قال لى ربى جل وعلا مرتين :( فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ) 83 ) الزخرف ) ( فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ  ) 42 ) المعارج ).

قال المذيع : وهل نفّذت هذا الأمر ؟

قال النبى محمد عليه السلام : من اسف لم يحدث فى حينه ، لأن مهمتى التبليغ ، أى لا بد أن أُبلّغهم ، وأن أُلحّ عليهم . لذا كنتُ أحضر مجالسهم حتى وهم يخوضون فى القرآن تهكما ولغوا ولعبا ، فقال لى ربى جل وعلا : ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) 68 ) الانعام )

قال المذيع : ماذا يعنى هذا ؟

قال النبى محمد عليه السلام : يعنى أنه لا بأس أن اصدع بالحق عاليا فى وجوههم وفى وجودهم ، ولكن عندما أراهم يتندرون بالقرآن يجب أن أتركهم واُعرض عنهم ، الى أن يخوضوا فى حديث غيره . والله جل وعلا حذّرنى بألّا ينسينى الشيطان ، وألّا أقعد بعد هذه الذكرى مع القوم الظالمين الذين يتندرون بالقرآن الكريم . ثم قال جل وعلا :( وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَكِن ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ )69 ) الانعام )، يعنى أن المتقين قد يقعون فى الخطأ ولكن يحاسبون انفسهم أولا بأول ، ويراجعون أنفسهم فيتذكرون . ثم كرّر ربى جل وعلا الأمر لى بالاعراض عنهم فقال : (  وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ) ( 70 ) الأنعام ).

قال المذيع : واضح أنهم ضد القرآن أساسا . لذا كانوا يخوضون فيه لغوا ولعبا وسخرية .

قال النبى محمد عليه السلام : كانوا يعقدون مجالس للسمر يتهكمون بالقرآن . قال ربى جل وعلا عن مصيرهم يوم القيامة : ( حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُم مِّنَّا لا تُنصَرُونَ قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ  ) 64 : 67 ) المؤمنون ) . كانون ينكصون على أعقابهم عند سماع القرآن ، وفى نفس الوقت يتسامرون بالخوض فى آياته . لذا سيجأرون من عذاب النار يوم القيامة .

قال المذيع : هؤلاء المداهنون الماكرون الذين كانوا يتقربون منك ـ مع كراهيتهم للقرآن ـ هل نجحوا فى التأثير عليك ؟

قال النبى محمد عليه السلام : كادوا أن ينجحوا لولا حفظ الرحمن ، قال لى ربى جل وعلا : ( وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً إِذَاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا )73 : 75 ) الاسراء )

قال المذيع : ماذا يعنى هذا ؟
قال النبى محمد عليه السلام : يعنى أنهم حاولوا معى أن أفترى على الله كذبا حتى يتخذونى خليلا ، وأنقذنى ربى من مكرهم بعد أن كادوا ينجحون. ولو إستجبت لهم لكان عقاب ربى جل وعلا لى شديدا .

قال المذيع : هذه شهادة من الله بأنك بشر ممكن أن تخطىء ، وربك يتدارك الموقف لو كان الأمر متعلقا بالقرآن .

قال النبى محمد عليه السلام : عن القرآن وعنّى قال ربى جل وعلا  ( وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلا مَا تُؤْمِنُونَ وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ) 41 : 47 ). فالقرآن الكريم تنزيل من رب العالمين ، وأننى لو تقوّلت على رب العزة كلمة فى القرآن لأنزل ربى جل وعلا بى أشد العذاب أمام الناس ـ ولا يستطيع أحد إنقاذى من هذا العذاب .

قال المذيع : هذه أيضا شهادة من الله أنك لم تتقوّل على الله شيئا ، لأن هذا العقاب لم يقع بك . ولكن أسأل لمذا هذا الإصرار من مشركى قريش على الكفر بالقرآن ؟

قال النبى محمد عليه السلام : لأنّ لهم مكانة وجاها وثروة وسُلطة ترسخت بالدين القائم الظالم ، وقد إستخدموا هذا الدين الظالم فى تبرير ظلمهم وفى إستمرار سطلتهم وجاههم ، وتوالت السنين والعقود والقرون على هذا الوضع ، فأصبح من الثوابت ، وصار التسليم بما وجدوا عليه آباءهم لازما ، واصبح إتباع (السلف ) دينا ، والخروج عليه كفرا. وبالتالى فإن أى دعوة للإصلاح وإرساء قيم الحرية والعدل والمساواة تهدد وضع أولئك المستكبرين ، خصوصا إذا وصلوا من مجرد الثراء الى درجة الترف ، إى إحتكار الثروة على حساب الأغلبية الفقيرة .

قال المذيع : هذا يدخل فيما يسمى الآن بعلم الاجتماع .

قال النبى محمد عليه السلام : هى قاعدة ذكرها ربى جل وعلا فى القرآن الكريم .

قال المذيع : حقّا ؟

قال النبى محمد عليه السلام : ذكر ربى جل وعلا رفض قريش الاسلام والقرآن تمسكا بما وجدوا عليه آباءهم : ( بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ ) 22 ) الزخرف ) بعدها ذكر ربى جل وعلا أنها عادة سيئة لكل المترفين المسيطرين على أى مجتمع أنهم يرفضون دعوة الحق والعدل بحجة التمسك بما وجدوا عليه آباءهم ، وانهم متمسكون بسلفهم (الصالح ) ومقتدون بهداهم : (  وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ )(23 ) الزخرف ) .

ثانيا :

جلس الشيخ بهلول الصوفى والشيخ  مسعود السنى والشيخ مندور الشيعى والشيخ  الغمدانى الوهابى يتناولون الطعام . 

فجأة إنطلق الشيخ الغامدى فى نوبة صراخ هيستيرية  يصرخ : إقتلوه إقتلوه

إرتعب رفاقه ، حاولوا تهدئته ، فأفلت منهم ، وأخذ يضرب رأسه فى الحائط ، وهو يصرخ :إقتلوه إقتلوه

ظل يصرخ ويصرخ وهو يلطم ويضرب راسه بالحائط ، ثم توقف فجأة وهو يمسك مؤخرته . ثم صرخ : بواسير ..بواسير .. وسقط على الأرض فاقد الوعى .

فى دقيقة إنفتح الباب ودخل رجال اسعاف حملوا الشيخ الغامدى فى نقالة . غادروا .

فى المستشفى عملوا له 32 عملية بواسير . بعد أيام جىء به الى رفاقه . بمجرد أن رآهم هتف : إقتلوه إقتلوه . كل منهم أشهر فى وجهه أصبع السبابة مهددا . سكت الشيخ الغامدى  وقال : كفاية اللى حصل ..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

النبى محمد فى ال ( سى إن إن ) عن التفريق بين الأنبياء

قال المذيع : كل ( أمة ) تتفرق الى أحزاب . تفرقت أمة المسيح الى فرق وطوائف ، وتفرقت بنو اسرائيل الى فرق وطوائف ، وتفرقت أمة محمد الى فرق وطوائف ، وكل فرقة تقسمت الى مذاهب ، والانقسامات لا تزال مستمرة . هذا فعلا واضح ولا جدال فيه . أسألك عن السبب الأصيل فى هذا التفرق .

 قال النبى محمد عليه السلام : هو التفريق بين الأنبياء ، ورفع نبى فوق الأنبياء الآخرين وتميزه عليهم ، وبهذا يؤلهونه ، ثم يتبع هذا تأليه بعض أصحابه وتأليه أئمتهم ، ومع كل تأليه جديد يحدث الانقسام ويستمر الشقاق المذهبى ، وكل حزب بما لديهم فرحون ولغيرهم كارهون .   

قال المذيع : نحن نرى الشقاق بين الطوائف ، بين السنة والشيعة ، وقامت حروب بينهم ولا تزال ، وبين السنة والصوفية ، وبين الكاثوليك والبروتستانت ، وقامت حروب بينهم فى اوربا ، وقامت روما البيزنطية بإضطهاد الأقباط المصريين ، هذا بالاضافة الى الحروب الدينية بين  (أمة محمد : المحمديين ) وأمة المسيح ( الصليبيين ) وقد شكّلت تاريخ العالم فى العصور الوسطى والعصر الحديث . ماذا تقول فى هذا الشقاق الذى بسببه تندلع الحروب ويتأجّج الاضطهاد الدينى ومحاكم التفتيش والاتهام بالكفر والهرطقة ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : التفرق فى الدين يؤدى الى الشقاق . والحل الذى أمر به ربى جل وعلا هو أن نؤمن بكل الكتب السماوية التى أنزلها الله جل وعلا على كل الأنبياء ، وأن نُسلم قلوبنا لرب العزة جل وعلا وحده ، وألّا نُفرّق بين رُسل الله ، أى نؤمن بهم جميعا بلا تفضيل لأحدهم على الآخر . إن لم يحدث هذا سيكون الشقاق . هذا هو أمر الله جل وعلا لأهل الكتاب .

قال المذيع : هل قال الله هذا لأهل الكتاب فى القرآن ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : نعم . قال لهم فى خطاب مباشر : ( قُولُواْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ ) 136 : 137 ) .

قال المذيع : هذا أمر الاهى واضح بالايمان بكل ما نزل على كل النبيين ، ونهى واضح عن التفريق بينهم ، وتأكيد واضح على أن الذين لا يؤمنون بهذا الايمان والذين يفرقون بين الأنبياء يقعون فى الشقاق . وكان واضحا وقت نزول القرآن وجود ذلك الشقاق بين أهل الكتاب وإختلافاتهم فى طبيعة المسيح والشقاق بين طوائف بنى اسرائيل . أى مفهوم أن يأتى لهم الأمر فى القرآن بالحل لهذه الخلافات ، بالايمان بالله وحده الخالق وعدم التفريق بين الرسل والايمان بكل ما أنزل الله جل وعلا من كتاب . 

قال النبى محمد عليه السلام  : أمرنى ربى جل وعلا إن أُعلن الايمان بكل ما أنزل الله جل وعلا من كتاب : (وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ ) 15 ) الشورى ) .  

 قال المذيع : أفهم أن تعبير (أمة محمد ) لم يكن معروفا وقت نزول القرآن ، وإلا كان القرآن ينزل يعلّق على ذلك . وأفهم أيضا أنه وقت نزول القرآن لم يكن هناك شيعة ولا سُنّة ولا تصوف ولا سلفية ولا معتزلة ولا أشعرية ولا ماترودية ..الخ .. ولم يكن موجودا وقت نزول القرآن تفريق بين الأنبياء . كان هذا موجودا بين أهل الكتاب فقط . أليس كذلك ؟

قال النبى محمد عليه السلام : فى القرآن حديث عن أهل الكتاب وبنى اسرائيل والمؤمنين والكافرين والمنافقين .  والذين تتحدث عنهم الآن لم يكونوا موجودين وقت نزول القرآن .  

قال المذيع : إذن فقد نزل الأمر الالهى لأهل الكتاب فقط فى آية : ( قُولُواْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ ) 136 : 137 ) .

قال النبى محمد عليه السلام . نزلت آية أخرى بنفس الألفاظ تقريبا  تأمرنى والمؤمنين بنفس الأمر وتنهانى والمؤمنين بنفس النهى، قال لى جل وعلا: ( قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) 84  آل عمران ). نحن أيضا مأمورون بالايمان بالرسل جميعا وبالكتب السماوية كلها ومنهيون عن التفريق بين أحد من الأنبياء والرسل . كلهم عندنا سواء . هذا هو الايمان فى الاسلام .

قال المذيع : نزل هذا فى وقت لم يكن الصحابة يفضلونك على من سبقك من الأنبياء . فلماذا نزل إذن ؟

قال النبى محمد عليه السلام : لأنه أساس فى الاسلام . الاسلام دين عالمى نزلت به كل الرسالات السماوية  بكل الألسنة التى تكلم بها الأنبياء  ، فكل الأنبياء والرسل سواء ، والايمان بهم جميعا ، وهم جميعا (أُمّة واحدة ) وهم ومن يتبعهم بإحسان الى يوم الدين سيكونون رفيقا وفريقا وأُمّة واحدة فى الجنة . 

 قال المذيع : مهلا .. سنتوقف فيما بعد فى موضوع أن الاسلام هو الدين العالمى الذى نزلت به كل الرسالات السماوية . دعنا الآن فى موضوع النهى عن التفريق بين الرسل والأمر بالايمان بهم جميعا على قدم المساواة . مع أن الصحابة المؤمنين لم يفرقوا بين الرسل ولم يرفعوك فوق من سبقك من الأنبياء فقد نزل نفس الأمر والنهى الذى نزل على أهل الكتاب. هل هذا هو تحذير مسبق للأجيال الآتية من المؤمنين ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : نعم . والدليل هو أنّ شهادة الايمان فى الاسلام تتضمن عدم التفريق بين الرسل . قال ربى جل وعلا : ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)285 )البقرة ). 

 قال المذيع : معنى هذا أن المؤمنين حقا حين يُقال لهم : لا تفرقوا بين الرسل يقولون : سمعنا وأطعنا .! فماذا إذا رفضوا وجعلوك متميزا بين الرسل ورفعوك فوق مستوى من سبقك من الرسل والأنبياء ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : يكونون كافرين حقا .   

 قال المذيع : وما دليلك ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : يقول ربى جل وعلا:( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ) 150 : 153 ) النساء )   

قال المذيع : هذا يعنى أن الذين يكفرون بالله ورسله هم الذين يفرقون بين الله ورسله ، يؤمون ببعضهم ويكفرون ببعضهم ؟ ماذا يعنى هذا ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : جاء المعنى فى وصف المؤمنين حق الايمان فى قوله جل وعلا : ( وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ) . المؤمن حقا يؤمن بالاله الواحد الخالق جل وعلا ، ويؤمن بالرسل بشرا أوحى الله اليهم بالرسالة . والرسالات السماوية كلها تقول (لا إله إلا الله ) ، والايمان بهذه الرسالة التى نزلت على جميع الأنبياء يعنى  أن الرسل كلهم سواء وأن الأنبياء بهم جميعا سواء . أما الكافرون حقا الذين يفرقون بين الله ورسله فهم يرفعون نبيا فوق مستوى الأنبياء أى يؤمنون به إلاها مع الله ويكون إيمانهم به مختلفا عن إيمانهم ببقية الرسل ،لأنهم جعلوا بقية الرسل أقل مكانة من رسولهم الذى جعلوه إلاها . وفى كل هذا هم يزعمون أن الله جل وعلا هو الذى فضّل رسولهم على غيره ، أى يفرقون بين الله ورسله ، ويؤمنون بالوهية رسولهم ويؤمنون بأن الرسل الآخرين مجرد رسل فقط . هؤلاء هم الكافرون حقا ، وهم الذين أعدّ الله جل وعلا لهم عذابا مهينا . 

قال المذيع : هذا فعلا يعنى وحدة الدين الالهى :

قال النبى محمد عليه السلام  :   وحدة الدين الالهى تتجلى فى وحدة الوحى لكل الأنبياء ، قال لى ربى جل وعلا : ( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) 163 : 165 ) النساء )

قال المذيع : هذا عن وحدة الوحى لكل الأنبياء، فكيف بمضمون الرسالات السماوية ، هل هو واحد أيضا ؟

قال النبى محمد عليه السلام   : التشريع الالهى واحد فى أساساته .

قال المذيع : وما هى أساسات التشريع فى كل الدين الالهى وكل الرسالات السماوية .

قال النبى محمد عليه السلام  : هى إقامة الدين بالطاعة وعدم التفرق فى الدين ، قال جل وعلا للمؤمنين فى خطاب مباشر لهم : ( شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ) 13 ) الشورى )

قال المذيع : رجعنا ثانية الى التفرق فى الدين المنهى عنه .

قال النبى محمد عليه السلام  : حين يمتنع تقديس البشر ، وحين يؤمن الناس أن الأنبياء هم بشر يُوحى اليهم ، وأن الايمان هو بالرسالات السماوية التى نزلت عليهم وليس الايمان بهم كأشخاص عندها لا يكون تفريق بين الأنبياء والرسل . عندها يتحقق الايمان القلبى بالاله الواحد الأحد الصمد خالق كل شىء المستحق وحده للتقديس . وهذا معنى الايمان بالله جل وعلا ورسله . وهذا هو الايمان الذى أومن أنا به ، والذى جاء فى قول ربى جل وعلا:( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)285 )البقرة ). 

قال المذيع : ألا يقرأ المسلمون هذه الآية ؟ وهل عندما يقرأونها هل يقولون : سمعنا وأطعنا أم يقولون سمعنا وعصينا ؟ . أنا أسأل هذا لأنهم يجعلونك شريكا لله فى شهادة الاسلام ، فلا يقتنعون بقولهم ( لا إله إلا الله ) ويرفضونها وحدها ولا بد أن يضيفوا إسمك فيجعلوها شهادتين ، والشيعة يجعلونها شهادة ثلاثية . ثم يجعلونك شريكا لله فى التشريع وفى الصلاة وفى الحج وفى المساجد وفى الذكر ..

قال : أنا برىء مما يعملون .

ثانيا :

جلس الشيخ بهلول الصوفى والشيخ  مسعود السنى والشيخ مندور الشيعى والشيخ  الغمدانى الوهابى يتناولون الطعام 

قال الشيخ الغمدانى الوهابى : يعنى حبسونا هنا نسمع الكلام الكُفر ده طول العمر ؟ ده تعذيب يا عالم .!

قال الشيخ مسعود السُّنّى : الجدع المجنون ده  زى ما يكون متقصدنا إحنا بالذات .. هذا الروبيضة الكافر منكر السّنّة

قال الشيخ مندور الشيعى : لا .. هو ناصبى كافر ..يُناصب أهل البيت العداء

صرخ الشيخ الغمدانى : بل هو منكر السنة وكافر

صرخ الشيخ مندور : لا .. هو ناصبى كافر ..يُناصب أهل البيت العداء.

قال الشيخ بهلول الصوفى : نتفق يا إخواننا إنه عدو للأولياء ..ومن عادى وليا فقد آذنته بالحرب . مش ده حديث فى البخارى يا شيخ غمدانى ؟

قالوا له معا : إخرس يا حمار ..!!

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

النبى محمد فى حوار مع ال (سى إن إن) يتبرأ ممن يشهد أن ( لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله )

قال المذيع : يقولون عن أنفسهم ( أّمّة محمد ) ، وليس هذا فى القرآن الكريم ، وفى نفس الوقت يرفضون أن يقال عنهم ( محمديون ). وليس هناك فرق بين ( أمة محمد ) و ( المحمديون ).: المسيحيون صادقون مع انفسهم ، نسبوا أنفسهم الى المسيح ، ويفخرون بذلك ، ولا يرون فارقا بين كونهم ( مسيحيين ) وكونهم (أمة المسيح ) . ونفس الحال مع البوذيين .. ولكن (أمة محمد ) ترفض  لقب ( المحمديون ). هذا مع أنهم لا يقولون ( لا إله إلا الله ) فقط ، بل لا بد أن يضيفوا اليها ( محمد رسول الله ). ولو قلت لواحد من (أمة محمد ) قل ( لا إله إلا الله ) فقط دون أن تذكر ( محمد رسول الله ) سيرفض.

قال النبى محمد عليه السلام   : أنا برىء ممن يجعل شهادة الاسلام الواحدة شهادتين . شهادة الاسلام هى   شهادة واحدة  بالاله الواحد الذى آمن به كل الأنبياء وأنا منهم ، ولكنهم يجعلونها شهادتين . وهذا خروج عن الاسلام .

قال المذيع : لماذا ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : لأنه تفريق بين الرسل ، وربى جل وعلا نهى الله جل وعلا عن التفريق بين الرسل ، وجعله ربى جل وعلا صفة للكافرين حقا . بل إن التفريق بين الرسل يعنى تفضيل رسول على آخر بما يمهد لرفعه الى مستوى الالوهية مع الله جل وعلا .

قال المذيع : قد يقولون إنهم لا يقصدون التأليه

قال النبى محمد عليه السلام : لا عبرة بما يقولون ، فالمشركون سيأتون يوم القيامة يقسمون بالله جل وعلا أنهم ليسوا مشركين . 

قال المذيع : هذا غيب ، وأنت لا تعلم الغيب .

قال النبى محمد عليه السلام : هذا غيب أخبر به رب العزة فى القرآن الكريم ، قال ربى جل وعلا عنهم : ( وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ) 22 : 23  ). العبرة ليس بما يزعمون ، وبما يبررون به تصرفاتهم . العبرة بالاحتكام للقرآن الكريم . هل ما يفعلونه يتفق مع ملامح الايمان أم مع علامات الشرك . هل هم يطيعون الله جل وعلا يقولون سمعنا وأطعنا ، أم يقولون سمعنا وعصينا .

 قال المذيع : أتفق معك . تمييزهم (محمدا ) وحده بذكر اسمه مع الله تعالى فى شهادة الاسلام يتجلى فيه التفريق بين الرسل ، فلماذا نذكر محمدا دون عيسى أو موسى أو لوط أو ابراهيم أواسحق أو يونس ..الخ وتميز (محمد) بذكره وحده الى جانب الله تعالى فى شهادة الاسلام فيه تفضيل صريح لمحمد على من سبقه من الأنبياء و المرسلين ،وليس من حق أى مخلوق أن يفاضل بين الأنبياء ، ومن يفعل ذلك لا يكون فقط كافرا بالله تعالى ورسوله ولكن يكون أيضا مدعيا للالوهية دون أن يعلم وتميز (محمد) بذكره الى جانب الله تعالى فى شهادة الاسلام يجعل الاسلام دين محمد وحده دون بقية الأنبياء.

قال النبى محمد عليه السلام : كل هذا تناقض مع القرآن الكريم الذى يؤكد أن الاسلام هو دين الله تعالى الذى نزلت به كل الرسالات السماوية ، كل منها ينطق بلسان القوم الذين جاء منهم واليهم النبى أو الرسول ،الى أن نزل القرآن الكريم خاتما للرسالات السماوية بلسان عربى مبين

قال المذيع : فى قولهم ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) يقسمونها بالتساوى بينك وبين الله. هل ترضى بهذا ؟

قال النبى محمد عليه السلام : أنا برىء من هذا . أنا عبد الله ورسوله ، هذا تأليه ، وأنا أرفض أى تأليه لمخلوق.

قال المذيع : هل يمكن لرسول أن يخون دعوته ورسالته القائمة على ( لا إله إلا الله ) فيدعو الناس لأن يعبدوه من دون الله ؟

قال النبى محمد عليه السلام : ليس متصورا من نبى تقوم دعوته على انه لا إله ألا الله ، ثم يدعو الناس لتقديسه ، يقول ربى جل وعلا . (مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ ) 79 : 80   ) آل عمران )

قال المذيع : وماذا عنك أنت ؟

قال النبى محمد عليه السلام : منذ أصبحتُ رسولا وحياتى مقترنة بأنه  ( لا إله إلا الله ) ، من أجلها جاهدت وأوذيت وهاجرت وعانيت . هى محور حياتى ، فكيف أخون ( لا إله إلا الله ) وأجعل نفسى إلاها مع الله ؟! لقد  قال لى ربى جل وعلا : (  فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ) 19 ) محمد ). ، وأمرنى ربى بالتمسك ب ( لا إله إلا الله ) وحذرنى من الوقوع فى الشرك ، وتكرر هذا فى قول ربى جل وعلا لى محذرا : ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ 65   ) الزمر )، وأمرنى ربى جل وعلا أن أعبد الله مخلصا له الدين ، وأن أعلن خوفى منه جل وعلا إن عصيته : ( قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) 11 : 15الزمر ). وحذرنى من الوقوع فى الشرك فقال لى : ( وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ  ) 87 : 88 ) القصص ) ( وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ ) 105 : 106 )  يونس ).

قال المذيع : قد يقال إن هذا كان فى مكة ، ولكنك بعدها أصبحت قائدا ، وربما إختلف الأمر.

قال النبى محمد عليه السلام : بالعكس . بسبب ( لا إله إلا الله ) هاجمتنا قريش فى المدينة فإضطررنا للقتال دفاعا ، وإستمرت معاناتنا ، ولقد تمسكت بهذا الى أن نزل التبشير لى بالجنة ومعى المؤمنون الصادقون المجاهدون ـ فى أواخر ما نزل من القرآن الكريم ، قال ربى جل وعلا :  ( لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ  ) 88 : 89 )التوبة ) .

قال المذيع : من الأدلّة على تأليههم لك أنه لا يخلو ذكر لله تعالى من وجود إسمك ( محمد ) معه كأنما يستكثرون ذكر اسم الله تعالى وحدهوالغريب أنهم يهتفون دائما ( الله أكبر ) ويفتتحون الصلاة ب ( الله أكبر ) أى (أكبر) مطلقا من أن يكون الى جانبه مخلوق آخر ،أو (أكبر) من أن (نذكر) معه شيئا آخر، ثم يناقضون مفهوم (الله أكبر ) حين يضيفون للأكبر جل وعلا واحدا من مخلوقاته،وهم بذلك ما قدروا الله تعالى حق قدرهبل إنهم فى دينهم الواقعى يقدسونك أكثر من تقديسهم لله ، لأنه عندما يُذكر إسم الله يصمتون ، ولكن عندما يُذكر إسمك يهتفون بالصلاة عليك عبادة وتقديسا لك . هذا هو دينهم العملى .

قال النبى محمد عليه السلام : هو نفس ما كانت تفعله قريش . قال ربى جل وعلا عنهم : ( وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ) 45 ) الزمر ) .

قال المذيع : هل جاء فى القرآن تحديد شهادة الاسلام ؟

قال النبى محمد عليه السلام : شهادة الاسلام جاءت فى صيغتها الصحيحة فى قوله جل وعلا : (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلامُ )( 18 : 19) آل عمران  ) .

قال المذيع :كيف تكون هذه الآية دليلا على شهادة الاسلام ؟

قال النبى محمد عليه السلام :فيها شهادة أنه لا اله إلا الله مؤكدة من رب العزة ، ومن الملائكة ومن أولى العلم ، وفى نفس الآية تتكرر شهادة أنه لا اله الا الله مرتين مع وصفه جل وعلا بالعزيز الحكيم ، وتقرير أن الدين عند الله هو الاسلام ،أى إن هذه هى شهادة الاسلام الذى نزلت به كل رسالات السماء و قال بها كل الأنبياء . وليس فى هذه الشهادة بالاسلام سوى (لا اله إلا الله ) ، وليس فيها محمد أو غيره. وقوله جل وعلا فى سياق هذه الشهادة (قَائِمًا بِالْقِسْطِ ) إشارة الى أن العبث بهذه الشهادة الالهية للاسلام هو نقيض القسط ،اى هو ظلم للخالق جل وعلا حين نضع الى جانب إسمه العظيم أسما لمخلوق من مخلوقاتههنا شهادة الاسلام ( لا اله الا الله ) شهادة واحدة  بتأكيد رب العزة والملائكة والمؤمنون القائمون بالقسط . وعنى هذا أن الذى لا يؤمن بشهادة الاسلام الواحدة ليس من المؤمنين أولى العلم ، أى هو (جاهل ) ، وقد أمرنى ربى جل وعلا أن أقول للمشركين الذين يقدسون البشر : (  قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ ) 64 ) الزمر )  . الجاهلون من صفات المشركين كما أن ( أولى العلم ) من صفات المؤمنين .

قال المذيع : لنفترض ــ مجرد فرض ـ أنه جاءت الشهادة فى القرآن ( شهد الله أنه لا إله إلا هو وان محمدا رسول الله ) . ماذا سيكون الحال ؟

 قال النبى محمد عليه السلام :  ولو قال رب العزة ( شهد الله أنه لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله ...) لأصبح ذلك تناقضا فى القرآن الكريم ، فكيف ينهى الله تعالى عن التفريق بين الأنبياء ثم يقوم هو جل وعلا بوضع هذا التفريق فى شهادة الاسلام.؟ .. وكيف يأمرنى ربى جل وعلا أن أعلن أننى لست متميزا عن الرسل ، قال لى ربى جل وعلا : (قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ ) 9) الأحقاف ) ثم يجعلنى مميزا بين الرسل بإقتران إسمى بإسمه جل وعلا فى جعل شهادة الاسلام شهادتين .  ليس فى الاسلام عوج أو تناقض . قال ربى جل وعلا : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا قَيِّمًا )( 1 : 2 ) الكهف ) ( قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) 28 ) الزمر  )

قال المذيع : كل دين له شهادة إيمانية . يوجد هذا فى المسيحية وفى غيرها . يوجد لدى المحمديين الشهادتان ، يجعلونها ثنائية . وبعضهم مثل الشيعة يضيف ( واشهد أن عليا ولىُّ الله ). ما هى صلة شهادة الاسلام  بعقيدة الاسلام  ؟

قال النبى محمد عليه السلام : الايمان فى الاسلام ليس بشخص النبى أو شخص الرسول ، ولكن بما نزل على ذلك النبى وذلك الرسول ، يقول جلا وعلا :(آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ)( البقرة 285 ـ ). أى أن الرسول نفسه آمن ـ ليس بشخصه ونفسه ولكن ـ بما أنزله الله تعالى عليه فى الكتاب السماوى. وبنفس الايمان ونوعيته آمن المؤمنون :(وَالْمُؤْمِنُونَ ) أى آمن المؤمنون بما أنزله الله تعالى على الرسول ، وليس ايمانهم متعلقا بشخص الرسول واسمه وتاريخه ولكن بما أنزله الله جل وعلا عليهولأنها قضية ايمان وكفر فقد قال ربى جل وعلا : (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ) فلم يقل ( آمنوا بمحمد ) ولكن قال (وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ). وبالتالى فالشهادة هنا ممنوع أن يوجد فيها غير الله جل وعلا وما أنزله على رسوله ،أى ممنوع أن يوجد فيها اسم مخلوق من البشر أو من الملائكة
 قال المذيع :  من هنا فالشهادة فى أى دين تعبر عن طبيعة الاعتقاد لأصحاب هذا الدين .

قال النبى محمد عليه السلام  : نعم . فالشهادة فى العقيدة تعبر عن عقيدتهم فى رب العزة . هل هو واحد لا شريك له فتكون الشهادة واحدة ( لا إله إلا الله ) أن إضافة مخلوق اليه شريكا أو إبنا ..أى أنت تعلن شهادتك بما تؤمن به ، فالذى يؤمن بمحمد أفضل من الأنبياء وشريكا لله تعالى فى دينه وفى ملكه وملكوته يتجلى هذا فى شهادته بأن يجعلها مثناة ، والذى يضيف الى محمد أهل بيته أو الأولياء وكراماتهم يجعل شهادته ثلاثية . ولو كنت مؤمنا صحيح الايمان فلن يكون أى مخلوق محلا لإيمانك .

قال المذيع :  على هذا فمن المضحك أن نتصورك تنطق شهادة الاسلام فتقول ( أشهد أنه لا اله إلا الله وأننى محمد رسول الله ).

قال النبى محمد عليه السلام  : أنا أول من يلتزم بقول ربى جل وعلا : (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ ) أى   بالشهادة الاسلامية الصحيحة التى شهد بها الله جل وعلا ، وشهد بها معه الملائكة وأولو العلم قياما بالقسط والعدل.، حيث التأكيد على أن شهادة الاسلام شهادة واحدة فقط تقصر الألوهية على الله تعالى وحده ، دون ذكر اسم بشر معه من الرسل والأنبياء . يكفيك قوله تعالى : (وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ) (النحل 51 ـ 53). تجد هنا معنى أن تقتصر شهادة الاسلام على أنه لا اله الا الله فقط دون رفع بشر الى مرتبة الاقتران بالله جل وعلا ، فهو وحده مالك السماوات والأرض ، وهو وحده الذى يملك الدين ، وهو وحده الذى يجب أن نتقيه ونخشاه ، وهو وحده الذى يملك النفع والضرر. وأنا أول من يُسلم وجهه لرب العالمين . وهذا ما أمرنى ربى جل وعلا أن أعلنه : ( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ) 162 : 164 ) الأنعام   ) ، وليس هناك مخلوق شريكا لله جل وعلا فى أى شىء مما سبق ، فكيف تقرنه برب العزة     

 قال المذيع : وأين الايمان برسالتك ونبوتك طالما أن لا يوجد إسمك فى شهادة الاسلام :

قال النبى محمد عليه السلام  : حين تقول : "اشهد ان لا اله الا الله" تكون قد نطقت بصحيح الايمان المذكور فى قوله جل وعلا : (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ)(285  ) البقرة 285) ، وتكون أيضا قد آمنت بكل كتاب سماوى جاء به الأنبياء جميعا، وتكون قد آمنت بهم جميعا لأن كل واحد منهم جاء مبعوثا بهذه الحقيقة السامية، وهذا ما قاله لى رب العزة سبحانه وتعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) الأنبياء 25 )

قال المذيع : على هذا فإنّ (أمة محمد ) تؤمن بإله مسيطر متحكم يملك يوم الدين إسمه ( محمد ) ، وقد جعلوا له دينا تفرّع الى أديان مصنوعة ، لها أحاديثها وشرائعها وعقائدها . وإنعكس هذا على الشهادة عندهم ، فليست ( لا إله إلا الله ) بل يضيفون اليها محمدا الذى صنعوا شخصيته من أهوائهم . 

قال النبى محمد عليه السلام  : ليست لى علاقة بهذا ( المحمد ) الذى صنعوه وكتبوا سيرته ونسبوا اليه الأحاديث والتشريع . أنا برىء مما يعملون .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 النبى محمد فى حوار مع السى إن إن عن حبّه للناس بلا أجر يأخذه منهم  

مقدمة

فى فترة الاعلانات الكثيرة بين فقرات الحوار دار حوار آخر بين الشيوخ الأربعة فى تلك المزرعة النائية المحبوسين فيها . تنهد الشيخ مسعود السنى فى حسرة .

قال له الشيخ الغمدانى الوهابى : مالك يا شيخ مسعود ، هل فيه زفت تانى أكتر من اللى إحنا فيه ؟

قال مسعود : بأفكر فى حالنا فى الحبس هنا يوكلونا ويعلفونا  زى المواشى ويحلبوا منا المعلومات . إفتكرت  الشيخ أغبر خان الواد الباكستانى اللى كان بيخدمنى فى المسجد ، وضحك على شوية هنود  خدوه الى مدينة صغيرة فى ولاية أيداهو  وفتحوا له بيزينيس فيها .

قال الشيخ بهلول الصوفى : تقصد عملوا له مسجد هناك .

قال مسعود : ونجح المشروع ، ومسجده إمتلأ بالنسوان اللى عايزين يدخلوا فى الاسلام ، وابن العفريتة دخل فيهم شمال ، وإشترى بيت ومزرعة هناك .. وعامل نفسه سنى معتدل ابن اللئيمة .

قال الشيخ مندور الشيعى : كفاية حقد على الناس يا شيخ مسعود .. مفيش حد قدك فى الأموال والأتباع.

قال مسعود : فين الأموال والأتباع وأنا مسجون هنا ؟؟ وابن اللئيمة الهندى اللى انا عملته عايش حُرّ ، والنسوان حواليه والناس بتبوس إيديه .

انتهت فترة الاعلانات ، وعاد المذيع يحاور النبى محمدا عليه السلام .

تكملة الحوار :

قال المذيع : عرفنا حبك لأعدائك الذين إضطهدوك وآذوك . هذه حقيقة غريبة أعرفها لأول مرة لأن الفكرة السائدة عنك أنك نبى محارب شديد البأس ، لم أكن اعرف أنك بهذا النبل فى العفو وفى الصفح عن خصومك المعتدين . إن حبك لهم مثل حب الأب الحانى على أولاده . أعظم أنواع الحب هو الحب الذى  بلا مقابل . المرأة تحب الرجل لأجل منفعة ، والصديق يحب صديقة من أجل منفعة ، وكل علاقات البشر قائمة على أساس المقابل ، لا أحد يحب أحدا بلا مقابل ، لا بد من الأجر .

تنبه المذيع الى فكرة جديدة ، ولمعت عيناه وهو يقول : تعرف .. هذا يدخلنا فى موضوع جديد . الدين فى عصرنا عنصر عظيم التأثير ، أو قل هو سوق كبير ، مؤثر فى السياسة وفى الاقتصاد ، وفيه بيزينيس هائل ، وأرباب الأديان هم من أثرى أثرياء العالم ، وهم يكسبون البلايين بلا عمل حقيقى يقدمونه للناس الذين يعتقدون فيهم .  هم يبيعون لمن يؤمن بهم الوهم ويمتصون عرقهم وتعبهم ، مع الزعم أنهم يحبون أولئك التعساء ، وأنهم سيدخلونهم الملكوت والجنة . وحتى فى دنيا السياسة نجد إستغلال الدين للوصول للحكم شائعا ربما يفوق إستغلال الدين لجمع الثروة .. عرفنا أنك تحب أعداءك خصومك وتقلق عليهم وتعمل لهدايتهم خوفا عليهم من الخلود فى النار وأملا فى أن يتمتعوا بالنعيم الأبدى . هل مع هذا الحب النبيل والفريد تطلب منهم اجرا ؟

قال النبى محمد عليه السلام : هذا هو الفرق بينى وبينهم ، هذا هو الفرق بين الاسلام الحقيقى الذى نزل به القرآن الكريم وبين الآخرين الذين يصنعون دينا يخدعون به الناس ويأكلون أموالهم بالباطل .

قال المذيع : ما هو الأساس فى هذا الفارق بينك وبينهم ؟

قال البنى محمد عليه السلام : الفارق هو فى الايمان باليوم ألاخر . من يؤمن باليوم الآخر وما يعنيه من خلود فى الجنة أو خلود فى النار يدعو الى الله جل وعلا يطلب الجنة ، وهى أعظم اجر يبتغيه ، ويرجو أن يتزحزح عن النار وهذا أعظم فوز يرتجيه . الذى لا يؤمن باليوم الآخر ولا يعمل له سيكون من الخاسرين الذين سيأتون يوم القيامة يحملون أوزارهم على ظهورهم ، يقول ربى جل وعلا : (  قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ ) 31 ) الأنعام  ). هؤلاء هم الضالون العاديون الذين خدعهم المضلون . المُضلون هم الذين يبيعون الحق بثمن قليل يخدعون به الناس وبأكاذيب يجعلونها دينا ، ويفترون على الله جل وعلا كذبا بهذه المفتريات والخرافات . هؤلاء المضلون المُخادعون مهما كسبوا من كنوز الدنيا ومهما أحرز من ثرواتها فهو (ثمن قليل ) لأنهم عمّا قليل سيتركون كل هذا وسيموتون ، ويأتون يوم القيامة يحملون على ظهورهم أوزارهم وأوزار أتباعهم الذين اضلوهم فى حياتهم الدنيا بغير علم . يقول ربى جل وعلا عنهم : ( لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ ) ( 25 ) النحل ). 

قال المذيع : هذا يعنى أنك لم تطلب منهم أجرا . أى تحبهم بلا مقابل ، وتقلق عليهم بلا أجر تأخذه منهم ؟

 قال النبى محمد عليه السلام : كل نبى من الأنبياء الذين سبقونى كانوا لا يطلبون أجرا من أقوامهم ، وكانوا يؤكدون أن أجرهم على الله جل وعلا ، أى هو جل وعلا الذى يعطيهم أجرهم ، وأعظمه النجاة من النار والفوز بالخلود فى الجنة .

قال المذيع : أعطنى أمثلة .

قال النبى محمد عليه السلام : النبى نوح  عليه السلام قال لقومه حين صدوا عنه إنه لا يسألهم اجرا لأن أجره على الله جل وعلا : (  فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ ) ( 72 ) يونس ) وقال لهم : ( وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ) 109 ) الشعراء ) وقال لهم : (  وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ ) 29 ) هود ).

والنبى هود  عليه السلام قال لقومه (عاد ): ( يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ) 51 ) هود ) وقال لهم : ( وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ) 127  ) الشعراء ). والنبى صالح  عليه السلام قال لقومه ( ثمود ) نفس القول : ( وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ  ) 145 ) الشعراء ). والنبى لوط  عليه السلام قال لقومه نفس القول (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ  ) 164 ) الشعراء )، ونفس الحال مع النبى شعيب  عليه السلام وقوله لقومه (مدين) : (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ )( 180 ) الشعراء ).

قال المذيع : كلهم قالوا نفس القول مع إختلاف المكان والزمان واللسان والأقوام .

قال النبى محمد عليه السلام : نعم .

قال المذيع :  وماذا عنك وأنت خاتم الأنبياء ؟

قال النبى محمد عليه السلام : أمرنى ربى جل وعلا أن أقول لهم إننى لا أسالهم أجرا : ( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا ) ( 57 ) الفرقان ).

قال المذيع : ما معنى : (إِلاَّ مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا  ). ؟

قال النبى محمد عليه السلام : يعنى أننى لا أخذ أجرا . من يهتدى هو الذى يأخذ أجره من الله جل وعلا بالجنة بالايمان والعمل الصالح يكون قد شاء الى ربه جل وعلا سبيلا . ومثلا فإن الذى يهتدى يكون بارّا بذوى القربى من اهله هو . وهذا عمل صالح سيأخذ عليه الأجر يوم القيامة . قال لى جل وعلا أن اقول للمؤمنين : ( قُل لّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) 23 ) الشورى )، وأمرنى ربى جل وعلا أن اقول للجميع : (  قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ  ) 47 ) سبأ ). أى إن الأجر لكم أنتم إذا آمنتم وإستحققتم دخول الجنة ، وأنا مثلكم أجرى على الله جل وعلا .

قال المذيع : هذا واضح تماما .

قال النبى محمد عليه السلام : يزيد فى وضوحه التأكيد بالتكرار . أمرنى ربى جل وعلا أن اقول لهم أيضا : (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ  ) 86 ) ص )، يعنى لا أكلفكم شيئا . وأيضا : (  قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ ) 90 ) الأنعام )

قال المذيع : وهل طبقت هذه الأمر ؟

قال النبى محمد عليه السلام : نعم ، فأنا أتّبع ما يوحى الىّ من ربى .

قال المذيع : وما هو الدليل على أنك لم تسألهم أجرا ؟

قال النبى محمد عليه السلام : الدليل هو أن رب العزة جل وعلا هو الذى أثبت هذا فى كتابه الكريم فقال لى :( وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ )  ( 104 ) يوسف ). أى إننى لم أسألهم مطلقا أى أجر .

قال المذيع متعجبا : واضح أنك تتبع أوامر ربك وتنفذ ما يوحى اليك . ولكن المشكلة فيهم هم . رأوك تدعوهم الى الهدى حبا فيهم وخوفا عليهم ودون أن تطلب منهم أجرا ، ومع ذلك أعرضوا عنك بل وإضطهدوك .. هذا غير معقول .!!

قال النبى محمد عليه السلام : ولهذا قال جل وعلا فى صيغة تعجب يخاطبنى فى شأنهم العجيب ، قال لى ربى جل وعلا عنهم : (أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ ) 40 ) الطور ). وكرّر هذا أيضا : ( أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ  ) 46 ) القلم ).وبنفس المعنى قال لى ربى جل وعلا عنهم : ( أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) 72 ) المؤمنون ).

قال المذيع : ما تفعله خارق للعادة . لا أتصور بشرا يكون بهذا السُّموّ الخلقى ، يحب أعداءه بلا مقابل ويجهد نفسه فى إصلاحهم خوفا عليهم دون أن يأخذ منهم أجرا .

قال النبى محمد عليه السلام : ليس هذا أمرا خارقا للعادة ، وليس فوق طاقة البشر ، لأن ربى جل وعلا لا يكلف نفسا فوق وسعها أو فوق طاقتها ، يقول ربى جل وعلا : (  لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ) 286 البقرة ) . وأنا بشر من البشر ، وكان هذا فى طاقتى ، وبالتالى فهو فى طاقة أى بشر لو شاء أن يدعو الى الله جل وعلا على بصيرة حُبّا فى الناس وخوفا عليهم من عذاب يوم القيامة .

قال المذيع : هل هناك من المؤمنين من غير الأنبياء من طبّق هذا الأمر ؟

قال النبى محمد عليه السلام : قصّ رب العزة جل وعلا فى القرآن الكريم قصة قرية جاءها ثلاثة من المرسلين ، فرفضت القرية الهداية فجاءها رجل يسعى يدعوهم الى طاعة رب العزة ، وقال لهم أن يتبعوا من لا يسألهم أجرا ، قال ربى جل وعلا : (  وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ  ) 20 : 21 ) يس ).

قال المذيع : ما معنى : (اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ  )؟

قال النبى محمد عليه السلام : هو وصف للمرسلين الثلاثة ، ووصف أيضا لكل من يدعو الى الهداية دون أن يسأل الناس أجرا ، وفى نفس الوقت يكون مهتديا.

قال المذيع : كيف يكون مهتديا ؟

قال النبى محمد عليه السلام : يكون مهتديا يطبق ما يدعو اليه إذا دعا الى الايمان برب العزة جل وعلا وحده إلاها فلا يمكن أن يقدس مخلوقا ولا يمكن أن يدعو الناس الى تقديسه هو ، يقول ربى جل وعلا : (مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ  ) 79 : 80 ) آل عمران ). وفى نفس الوقت يأمرهم بالتقوى فى العبادة وفى حُسن التعامل مع الناس ويكون قدوة لهم فى هذا . بالتالى لا يأخذ أجرا وهو متمسك بالهداية .

قال المذيع : يبقى دليل واقعى من الناس العاديين .

قال النبى محمد عليه السلام : فى قصة موسى وفرعون مثل واقعى . فرعون إستقدم السحرة المصريين الماهرين فى السحر ليغلبوا موسى . طلبوا منه أجرا إن غلبوا موسى ، فوعدهم فرعون بالأجر وبأن يكونوا من حاشيته المقربين .  يقول ربى جل وعلا : ( وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُواْ إِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ) 113 : 114 الأعراف ). رأى السحرة عصا موسى وقد تحولت الى ثعبان حقيقى يلتهم حبالهم وعصيّهم ، فآمنوا بأن موسى رسول حقيقى من الله جل وعلا وليس ساحرا مثلهم ، فسجدوا مؤمنين برب العالمين ، هددهم فرعون بتقطيع أيديهم وأرجلهم من خلاف وصلبهم ، وهم يعرفون جبروته ووحشيته ، مع ذلك صمموا على الايمان وتحملوا التقطيع والصلب ، يقول ربى جل وعلا : ( وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلافٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ قَالُواْ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ 120 :  126 ) الأعراف ).. هم فى البداية طلبوا الأجر من فرعون . ثم لمّا آمنوا طلبوا الأجر من الله جل وعلا وضحُوا بأموال فرعون وجاهه وتحملوا نقمته وعذابه .

قال المذيع : هذا مثال رائع من المصريين القدماء ، ولكن لا يلتفت اليه احد .

 

 

 

النبى محمد فى حوار مع السى ان ان حول علاقته بأصحابه المؤمنين :

 

قال المذيع : عرفنا علاقتك بالمستكبرين فى مكة ، وحرصك على هدايتهم ، وتقربك اليهم حتى يخفّ إضطهادهم لأصحابك المؤمنين المستضعفين . نتكلم الآن عن علاقتك بأصحابك المؤمنين المستضعفين . وأفهم أن مجتمع قريش كان مجتمعا طبقيا ، فيه السادة المترفون وفيه الفقراء المستضعفون وفيه العبيد . وأفهم أن معظم أتباعك فى مكة كانوا من الفقراء المستضعفين . فى إجتماعاتك بهم كيف كنت تتعامل معهم ؟

قال النبى محمد عليه السلام : فى أوائل ما نزل علىّ من القرآن وأنا فى مكة قول ربى جل وعلا لى:(وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُون ) 215 : 216 الشعراء). أمرنى ربى بالتواضع مع أتباعى من المؤمنين ، سواء كانوا أشخاصا عاديين أم مستضعفين فى الأرض . ليس الأمر كونى قائدا وهم أتباع للقائد ، بل أنا أتبع القرآن الكريم ، وبهذا أمرنى ربى جل وعلا ، وهم معى يتبعون القرآن ، أى نحن معا أتباع للقرآن . فإذا عصونى ولم يتبعوا القرآن فأنا مأمور بالتبرؤ من عصيانهم ، وليس التبرؤ منهم  كاشخاص .

قال المذيع : إسمح لى .. هذا يستلزم الشرح .

قال النبى محمد عليه السلام : إذا أخطأ أحد منهم فأنا برىء من خطئه ، ولا أؤيده فى خطئه ، ولكن تظل علاقتى به وثيقة ، فكل إنسان يخطىء ويصيب ـ بما فيهم الأنبياء . وإذا أخطأ أحد أصحابى المؤمنين أحافظ على علاقتى الطيبة به ، فهذا يساعده على التوبة من خطئه .

قال المذيع : هذا شىء عجيب ، لأننى أعلم الفظاظة والغلظة التى يتعامل بها قادة الجماعات المتطرفة مع أتباعهم ، وهم يزعمون أنفسهم جماعات إسلامية . هم يتعاملون بمنطق العنف ، ومن يختلف معهم يكون كافرا مرتدا ، وإن لم يقتلوه يضربونه بالسلاسل والجنازير .

قال النبى محمد عليه السلام : أنا لا علم لى بهم ، ولا شأن لى بهم .

قال المذيع : ماذا إذا زارك هؤلاء المخطئون . هل تلومهم على خطئهم ؟

قال النبى محمد عليه السلام : العادة أن القادم الزائر يُلقى السلام ، والجالس يتلقى السلام من الزائر ويرد عليه ، ولكن أمرنى ربى جل وعلا بأن أُلقى السلام على أصحابى المؤمنين إذا زارونى ، وإن كانوا مخطئين فعلىّ أن أُبشرهم بالمغفرة من رب العزة إذا تابوا وأصلحوا . قال لى ربى جل وعلا : ( وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) 54 ) الانعام )

قال المذيع : هل تغيّر موقفك من أصحابك المؤمنين وأنت فى دولتك فى المدينة ؟

قال النبى محمد عليه السلام : كنتُ مجرد نبى ورسول فى مكة . إختلف الأمر فى المدينة ، أصبحتُ قائدا لدولة مُحاطة بالأعداء وتواجهها التحديات فى الداخل وفى الخارج . على حدود المدينة كانت توجد قبائل يهودية متآمرة ، وحول المدينة قبائل عربية معادية تتزعمها قريش التى كانت تقوم بغرات هجومية علينا قبل أن ينزل لنا الإذن بالقتال الدفاعى  ، وفى الداخل مهاجرون لا يزالون يحنُّون لأهاليهم القرشيين فى مكة ، وأنصار مؤمنون ، وفريق منافقون معارضون متآمرون ، منهم من فضحته تصرفاته وأقواله ، ومنه من كتم نفاقه ، ثم داخل المؤمنين كات هناك درجات مختلفة من الايمان ، منهم السابقون إيمانا وعملا ومنهم من توسط ، ومنهم ضعاف الايمان ، ومنهم من خلط عملا صالحا وآخر سيئا ، ومنهم من كان يؤذينى وهم مؤمنون ، بل كان منهم من يؤمن ثم يعلن كفره .

قال المذيع : نتوقف مع احوال المؤمنين أولا . هل هناك بعد الهجرة مؤمنون من أتباعك كفروا بعد إيمانهم ؟

قال النبى محمد عليه السلام : نعم . وكان يحزننى كفرهم الى درجة ان قال لى ربى جل وعلا مرتين . ( وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) 176 ) آل عمران ) ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ ) (41 )المائدة )

قال المذيع : يعنى أنك إكتفيت بالحزن عليهم ، ولم تتخذ ضدهم إجراءا إنتقاميا ؟

قال النبى محمد عليه السلام : ماذا تعنى ؟

قال المذيع : بدلا من الحزن عليهم كان يمكنك أن تأمر بقتلهم لأنهم إرتدوا عن الاسلام

قال النبى محمد عليه السلام : ليس فى الاسلام قتل لإنسان مسالم لم يقتل نفسا بريئة .

قال المذيع : يعنى ليس هناك حد الردة ؟

قال النبى محمد عليه السلام : لا أعرف هذا .

قال المذيع : هذا مفهوم لأنك أشرت سريعا الى من يؤذيك من المؤمنين ، يعنى لو كان عندك حد الردة لقتلتهم بسهولة .

قال النبى محمد عليه السلام : الله جعلنى سهلا لينا فى التعامل مع أهل المدينة ، ولو كنتُ فظّا غليظ القلب لإنفضوا من حولى وتركونى وحيدا . قال لى ربى جل وعلا : ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) 159 ) آل عمران )

قال المذيع : يعنى أنت مأمور بالعفو عنهم إذا أساءوا اليك

قال النبى محمد عليه السلام : نعم .

قال المذيع : هل كانوا يكثرون من الاساءة اليك

قال النبى محمد عليه السلام : نعم . لقد قال لهم ربى جل وعلا يحذرهم : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا )(69)الاحزاب).

قال المذيع : هذا يعنى أنهم إتهموك تهما باطلة مثلما فعلت بنواسرائيل بموسى . ولكن هل هناك حالات محددة من إيذائهم لك ؟

قال النبى محمد عليه السلام : تسامحى وكرمى معهم شجّع بعضهم على التمادى فى التطفل ، وكنت أستحى من توضيح خطئهم واصبر على تطفلهم . كانوا يدخلون بيتى بلا إستئذان  يأكلون ويجلسون يتحدثون ويتسامرون ينتهكون خصوصية بيتى ويتحدثون مع زوجاتى بدون إذنى ، وأتحرّج من تنبيههم الى خطئهم ، وظل هذا سائدا الى أن خاطبهم ربى جل وعلا ،يقول لهم : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا  ) 53 ) الاحزاب ).

قال المذيع : أتخيل حاكما من حُكام اليوم .. مستحيل أن يحدث معه هذا . فكيف بك وأنت نبى رسول وقائد . 

قال النبى محمد عليه السلام : بعضهم كان يزايد علىّ فأتحملهم الى أن قال لهم ربى جل وعلا فى خطاب مباشر لهم   ينهاهم عن هذا:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) 1 ) الحجرات )، وبعضهم كان يرفع صوته فوق صوتى ويجهر لى بالقول متناسيا أننى رسول الله ، وأننى القائد لهم ، وكنت أتحملهم إلى أن قال جل وعلا  فى خطاب مباشر لهم   ينهاهم عن هذا:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ . إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ )، كانت أبواب بيتى مفتوحة بلا حُرّاس وبلا حُجّاب . وكان مفترضا أن يستأذنوا بأدب ، ولكن بعضهم كانوا يصرخون ينادوننى وأنا فى بيتى يتعجلون خروجى اليهم دون صبر. وتحملت الى أن قال جل وعلا لى عنهم :( إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) 2 : 5 )الحجرات ).

قال المذيع : حقا لا يوجد مثيل لك بين القواّد ، وليس هذا غريبا فأنت نبى ورسول . ولقد قرأت فى القرآن آية تقول : (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ) 124 ) الأنعام ).

قال النبى محمد عليه السلام : فى أواخر ما نزل من القرآن قول ربى جل وعلا يخاطب المؤمنين قائلا لهم عنى : (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ  ) 128) التوبة ).

قال المذيع : هذا مدح هائل لك من ربك ، فقد وصفك بأنك يعزُّ عليك أى مشقة يقعون فيها ، وأنك حريص على هدايتهم ، وأنك بهم رءوف رحيم . لا أدرى لماذا يتجاهلون هذه الآية ؟

ثانيا :

جلس الشيخ بهلول الصوفى والشيخ  مسعود السنى والشيخ مندور الشيعى والشيخ  الغمدانى الوهابى يتناولون الطعام  .

قال الشيخ الغمدانى : أُبشركم أنه ليس مشكلتنا وحدنا . هو مشكلة تهدد العالم كله .

قال : الشيخ بهلول : أفهم إزاى ؟

قال الشيخ مسعود : إذا كان واحد شيخ صوفى معفّن جاهل مثلك والمريدين بيركعوا له ييجى الراجل المجنون ده يقول إن الصحابة كانوا بيعملوا مع النبى كده . إزاى تكون المقارنة بينك يا معفن وبين النبى ؟

قال الشيخ مسعود . وإزاى تكون المقارنة بين النبى وبين ولى الأمر من الحكام عندنا . الراجل المجنون ده بيقول كلام خطير ينشر الفتن فى العالم ويشجع الناس على الثورة على الحكام والأسياد .

قال الشيخ مندور الشيعى : حيضيعنا وحيضيّع مكانتنا عند الناس .

قال الشيخ الغمدانى : عشان كده قلت لكم إنه مشكلة للعالم كله . وأبشركم .. نهايته قرّبت .. صدقونى .

 

 

 

النبى محمد يتحدث عن أخطائه فى حوارمع ال (سى إن إن )

قال المذيع : أمرك الله أن تقتدى بهدى الأنبياء السابقين وأن تتبع ملة ابراهيم الحنيفية ، فماذا كانت درجة تطبيقك لأوامر الله ؟ هل طبقت الأوامر الالهية بدرجة 100 % ؟

قال النبى محمد عليه السلام  :  لا يوجد بشر معصوم من الخطأ ، حتى الأنبياء .

قال المذيع :وماذا عن العصمة من الخطأ التى ينسبونها اليك ؟

قال النبى محمد عليه السلام : هى من ملامح التأليه التى صنعوها لاله سمُّوه محمدا ، ولا صلة له بى. 

قال المذيع : أسألك بالتحديد :هل أنت معصوم من الوقوع فى الخطأ ؟

قال النبى محمد عليه السلام :  قال لى ربى جل وعلا : ( مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ) 79 ) النساء ) ، أى لو أصابتنى مصيبة فمن خطأ أنا وقعت فيه ، وإن أصابتنى حسنة فمن ربى جل وعلا .

قال المذيع :يعنى أنك تقع فى الذنوب ؟

قال النبى محمد عليه السلام :  نعم ، وأنا مأمور بالاستغفار من ذنوبى ، قال لى ربى جل وعلا : ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ ) 19 محمد )( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ) 3 ) النصر )

قال المذيع : وكنت تستغفر ربك . فهل غفر لك ربك ؟

قال النبى محمد عليه السلام :  نعم . قال لى ربى جل وعلا : (  لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا  ) 2 الفتح ) . وقال لى ربى جل وعلا : ( لَقَد تَّابَ اللَّه عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ  ) 117 التوبة )

قال المذيع : هل وقوعك فى الخطأ أثّر فى تبليغك القرآن ؟

قال النبى محمد عليه السلام : ربى جل وعلا تولى حفظ القرآن الكريم من مرحلة الوحى الى مرحلة قيامى بتبليغه . قال جل وعلا : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) 9 الحجر ).

قال المذيع : أريد توضيحا

قال النبى محمد عليه السلام :المرحلة الأولى فى الوحى هى إنتقاله من العالم العلوى ( حيث الملائكة فى ( الملأ الأعلى ) جبريل ومن معه ) الى الأرض عبر المستوى البرزخى للجن والشياطين ، وحتى لا يحدث تداخل فإن الله جل وعلا منع الجن والشياطين من التسمع الى الملأ الأعلى حفظا للوحى وقت نزوله ، وشعر بهذا الجن فقالوا : ( وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا ) 8 : 9 ) الجن ) 

قال المذيع :وماذا عن حفظه عند وصوله اليك ؟

قال النبى محمد عليه السلام :   كان الحفظ الالهى للوحى القرآنى يمنع ضعفى البشرى فيما يخص التبليغ  

قال المذيع :كيف ؟

قال النبى محمد عليه السلام : لو طرأ لى خاطر بالإفتراء على الله كذبا ـ أى أن أقوم بإدخال كلام ليس فى القرآن على أنه من القرآن ــ عندئذ تتدخل قدرة الله جل وعلا لتمنع ذلك.

قال المذيع : أعطنى مثلا .

قال النبى محمد عليه السلام :حين زعموا أننى أنا الذى إفتريتُ القرآن وكتبته من عندى ، فقال لى ربى جل وعلا عنهم : ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِن يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) 14 ) الشورى ). يعنى أننى لو حاولت ـ فرضا ـ أن أفترى على الله كذبا فإن الله جل وعلا سيتدخل ليمحو هذا الباطل ويحق الحق القرآنى . وقال ربى جل وعلا عن القرآن الكريم : ( تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ) 43 : 47 ) الحاقة ). وهذا دليل على أننى بلّغتُ القرآن بلا زيادة ولا نقصان .

قال المذيع : قال المذيع : فماذا إذا حاول كفار قريش التأثير عليك .؟

قال النبى محمد عليه السلام : أنا إنسان من البشر ، وقد قال جل وعلا : ( وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا )28 ) النساء ) ، وقد كاد كفار قريش أن يؤثروا علىّ مستغلين ضعفى البشرى ، ولكن حفظ الله جل وعلا كان اسرع من مكرهم ، قال لى ربى جل وعلا :   ( وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً إِذَاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا  ) 73 : 75 ) الاسراء ).

قال المذيع :  فماذا إذا حاولوا قتلك ؟

قال النبى محمد عليه السلام :  ضمن الله جل وعلا حمايتى بحيث لا أتعرض لما يعوقنى عن تبليغ الرسالة ، قال لى ربى جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) 67 ) المائدة ). عصمنى ربى جل وعلا من الناس أى حفظنى من كيدهم حتى أقوم بتبليغ القرآن الكريم .

قال المذيع : هذا عن عصمتك فيما يخص تبليغ القرآن ، وهى عصمة تتخطى ضعفك البشرى . فهل لهذه العصمة تأثير فى سلوكك ؟

قال النبى محمد عليه السلام : مثل أى بشر كنتُ أخطىء ، وكان الوحى القرآنى ينزل بإصلاحى وهدايتى ، وهكذا فهدايتى بالوحى القرآنى ، وإن وقعت فى ضلال فهذا كان من نفسى ، وهذا الذى أمرنى ربى جل وعلا أن أُعلنه ، قال لى ربى جل وعلا : ( قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي  ) 50  سبأ )

قال المذيع : ما معنى أن يكون وقوعك فى الضلال من نفسك ؟

قال النبى محمد عليه السلام :  كل نفس بشرية ألهمها الله جل وعلا الفجور  والتقوى ، ثم يختار كل فرد أن يصلح نفسه أو يهبط بها الى الفجور .( الشمس 7 : 10 ).  يسرى هذا على كل البشر بما فيهم الأنبياء . وكل نفس يوم القيامة ترى ما عملته من خير مُحضرا وما عملته من سوء محضرا تتمنى أنه ليس موجودا ( آل عمران  30) ، يسرى هذا على كل البشر بما فيهم الأنبياء . وعند الحساب تأتى كل نفس تجادل عن نفسها ( النحل : 111) يسرى هذا على كل البشر بما فيهم الأنبياء .

قال المذيع : ما هى رؤيتك لأخطائك ؟

قال النبى محمد عليه السلام :  ترجع الى البيئة التى نشأت فيها  

 قال المذيع : وهل يتأثر النبى ببيئة  قومه ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : نعم . أنا رجل من قريش ، وقد قال جل وعلا : (أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ ) 2 يونس ) ، ولهذا ـ مثلا ــ إختلفت نشأتى عن نشأة عيسى عليه السلام .   

قال المذيع : كيف ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : عيسى عليه السلام وُلد فى بيئة تقية ، أمّا أنا فقد وُلدت فى بيئة مشركة تحترف التجارة بالبيت الحرام والحج وقد شوّهت ملة ابراهيم . تشربت هذا فى طفولتى ونشأتى فكنت  ضالا الى أن هدانى الله جل وعلا ، وقد إمتنّ جل وعلا علىّ فقال:( وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ) 7 الضحى )، وجعلنى جل وعلا خاتم النبيين ، ونزلت الآيات تأمرنى بالتمسك ب ( لا إله إلا الله ) وتنهانى عن الوقوع فى الشرك حتى لا أكون من الظالمين ، قال لى ربى جل وعلا :( وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ ) 105 : 106 ) يونس )،وقال لى جل وعلا أيضا ينهانى ويأمرنى :( فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِّلْكَافِرِينَ وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ  ) 86 : 88 ) القصص )

قال المذيع : وماذا كان موقف قومك وقد رأوك تهجر ما تعودت عليه من عبادة الأوثان ؟.

 قال النبى محمد عليه السلام : كانوا يأمروننى بالرجوع الى عبادة الأوثان ، فأمرنى ربى أن أقول لهم : (قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ ) وقال لى ربى جل وعلا يحذرنى من الوقوع فى الشرك : ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) وأمرنى بعبادة الله جل وعلا وحده : ( بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ ) 64 : 66 )، وأن أقول لهم إننى أمرنى ربى أن أعبده مخلصا له دينى وأن أكون اول المسلمين وأن أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم : ( قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) 11 : 15 ) الزمر ).

قال المذيع : وهل تركوك فى حالك أم ظل لديهم الأمل فى أن تعود الى عبادة أوثانهم ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : لم يفقدوا الأمل ، لذا أمرنى ربى جل وعلا  أن اُعلن لهم إن ربى جل وعلا قد نهانى عن عبادة الأوثان لما جاءتنى البينات من ربى وأن ربى جل وعلا أمرنى أن أُسلم قلبى له رب العالمين :  ( قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) 66 ) غافر )، وأننى لا أتبع أهواءهم ، ولئن إتبعتها اكون ضالا : ( قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ قُل لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ ) 56 الانعام ).

قال المذيع : بهذا فهمت آية : ( قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي  ) 50  سبأ )، وتأكدت أنك لم تتدخل فى القرآن ولم تكتم تلك الآيات ، لأن فيه هذه الآيات التى تذكر أنك كنت ضالا فهداك الله ، هذا بينما مذكور فى القرآن قصة إمرأة عمران حين وهبت ابنتها لربها ، وكيف نشأت مريم فى بيئة تقية وكفلها زكريا ، وكيف كانت الملائكة تكلمها ثم كيف حملت بلا زوج . هذه معلومات لم يكن لك أن تعرفها .

قال النبى محمد عليه السلام  : قال لى ربى جل وعلا : ( ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) 44 ) آل عمران )

قال المذيع : ولم تكتم الآيات التى نزلت لوما وتأنيبا لك مثل آيات : ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا   ) 37 الاحزاب  ) و (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ )  1 التحريم ) ( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ  ) 67 : 68 الانفال )

قال النبى محمد عليه السلام   : صدق الله العظيم . 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

النبى محمد فى حوار مع ال سى إن إن يتبرأ ممن يقول عنه ( أشرف المرسلين ) 

قال المذيع : يقولون إنك ( أشرف المرسلين )

قال النبى محمد عليه السلام  : ولم يرد مطلقا كلمة ( شرف ) وملحقاتها فى القرآن الكريم .  ثم : إننى برىء مما يقولون . هذا إفتراء عظيم على غيب الله جل وعلا . هل هم يعرفون عدد الأنبياء والمرسلين ؟ هل يعلمون غيب حياتهم وأعمالهم ؟ وهل قاموا بتقييم أعمال كل نبى وتحققوا من الترجيح بينهم ؟ وهل يعرفون سريرتى وسرائر الأنبياء ؟ الله جل وعلا هو الأعلم حيث يجعل رسالته ، قال ربى جل وعلا (  (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ) 124 ) الانعام ) )  الأنعام ) ، وكل الأنبياء شرفاء وأشرف بنى آدم . ولكن التفاضل بينهم مرجعه لرب العزة وحده ، وليس هذا للبشر

قال المذيع : هل قلت: ( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع وأول مشفع  ) وهل قلت : ( أنا سيد ولد آدم ولا فخر ، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر ، وأنا أول من يأخذ بحلقة باب الجنة ولا فخر ، ولواء الحمد بيدى ولا فخر .)

قال النبى محمد عليه السلام  : أنا برىء من هذا الافتراء . المؤمن لا يزكى نفسه ولا يمدحها فكيف بالأنبياء ؟ ثم كيف يمدح إنسان نفسه بهذه الدرجة يجعل نفسه سيد البشر ثم يقول ( ولا فخر ) .؟ لقد قال لى ربى جل وعلا : ( قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ  ) 9 ) الأحقاف ) ، أى لست متميزا عن الرسل ولا أدرى ماذا سيحدث لى ولا لغيرى ، وأنا مجرد نذير ، وأنا متبع للقرآن فقط ، فلا يمكن أن أقول هذا الكلام .

قال المذيع : هل قلت : ( أعطيت خمسا ، لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي : نُصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل ، وأحلت لي المغانم ، ولم تحل لأحد قبلي ، وأعطيت الشفاعة وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة ، وبعثت إلى الناس عامة . )

قال النبى محمد عليه السلام  : لم أقل هذا الكلام ، وأنا برىء من هذا الكلام . أنا لا علم لى بعدد الأنبياء الذين أتوا من قبلى ، قال ربى جل وعلا لى : ( وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ) 164  ) النساء )، فكيف يكون لى علم بما آتاهم الله جل وعلا . ورب العزة أكّد فى القرآن الكريم أنه لا شفاعة لنفس بشرية فى نفس بشرية أخرى ، وقال لى ربى جل وعلا :  ( أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ )( 19 ) الزمر )، فمن يدخل النار لا أستطيع إنقاذه ، بل سأكون خصما لمن إتخذ القرآن مهجورا ، وسأتبرأ منه يوم الدين . وكيف أقول أننى نُصرت بالرعب مسيرة شهر ، وقد جاءت جيوش الأحزاب وحاصرت المدينة ، وقال ربى جل وعلا عنهم : (  إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا ) 10 : 11 ) الأحزاب )

قال المذيع :ولكنك خاتم النبيين وأنت النذير للعالمين ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : كونى خاتم النبيين لا يفيد تفضيلا ، فهناك أول نبى ورسول للبشر ، ولا يعنى أنه أفضلهم . أول المرسلين وخاتم الأنبياء مجرد أوصاف . والقرآن الكريم هو النذير للعالمين وهو الرحمة للعالمين ، فانا بشر ولست خالدا فى الدنيا ، أما القرآن فهو المحفوظ من لدن رب العالمين الى قيام الساعة نذيرا للعالمين ورحمة للعالمين .

قال المذيع : ينسبون لك أنك نهيت عن التخيير بين الأنبياء ، قالوا : ( بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس جاء يهودي فقال يا أبا القاسم ضرب وجهي رجل من أصحابك فقال من قال رجل من الأنصار قال ادعوه فقال أضربته قال سمعته بالسوق يحلف والذي اصطفى موسى على البشر قلت أي خبيث على محمد صلى الله عليه وسلم فأخذتني غضبة ضربت وجهه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تخيروا بين الأنبياء فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من تنشق عنه الأرض فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أكان فيمن صعق أم حوسب بصعقة الأولى. )

قال النبى محمد عليه السلام : هذا حديث كاذب ، فهم ينسبون لى كلاما عن غيب قيام الساعة وأول من يصعق ، وهذا إفك لم أقله .   

 قال المذيع : ربما ثار جدل حول تفضيلك أو عدم تفضيلك ، فصنع بعضهم أحاديث فى تفضيلك فردّ عليهم آخرون بهذا الحديث الذى يشير الى تفضيل موسى عليك .   ولكن هل قلت : (  انى فرط لكم وانا شهيد عليكم وانى والله لانظر الى حوضى الان وانى اعطيت مفاتيح خزائن الارض  ) وهم يعتبرون هذا تفضيلا لك على الأنبياء ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : أنا شهيد على قومى فقط الذين شهدتهم فى حياتى . وليست لى كنوز فى الأرض . أمرنى ربى جل وعلا أن أُعلن أنه ليس عندى خزائن الأرض و ليس عندى علم الغيب ، ولست ملاكا من الملائكة ، بل أنا متبع للقرآن الكريم فقط . قال لى ربى جل وعلا :( قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ )50 ) الأنعام ). فالذين إفتروا هذا الكلام لا علم لهم بالقرآن الكريم. وهم لم يقرأوا ماذا وهب الله جل وعلا للرسولين داود وسليمان عليهما السلام . قال جل وعلا : (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ) 10 : 13) سبأ ) (  وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ) 15 : 17 ) النمل ). ( اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ ) 17 : 20 ) ص )( وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ  ) 34 : 40 ) ص ). لم يهبنى جل وعلا شيئا مما أعطاهم.

قال المذيع :  ولكن الذين يفضلونك على الأنبياء السابقين يستشهدون بالقرآن

قال النبى محمد عليه السلام  : مثل ماذا ؟

قال المذيع : يستشهدون بقول الله لك ( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) 72 ) الحجر )، يقولون إن الله أقسم بحياتك ، وهذا تفضيل لك على الأنبياء السابقين .

قال النبى محمد عليه السلام : وما أدراهم أن الله جل وعلا قال هذا لى وحدى ؟ هل قرءوا كل الرسالات السماوية وهل عرفوا كل خطاب خاطبه رب العزة لكل نبى ؟ ثم إن القسم بشىء لا يفيد تفضيلا له . فالله جل وعلا أقسم بالشمس وبالليل وبالضحى وبالتين والزيتون .. 

قال المذيع : قالوا : ( من شرف النبى عليه الصلاة والسلام وعلو مقامه على سائر الانبياء والمرسلين ان الله تعالى ما نادى عليه باسمه مجردا ما قال يا محمد انما قال يا ايها النبى يا ايها الرسول )

قال النبى محمد عليه السلام :  وما أدراهم أن الله جل وعلا قال هذا لى وحدى ؟ هل قرءوا كل الرسالات السماوية وهل عرفوا كل خطاب خاطبه رب العزة لكل نبى ؟ . ثم إن ربى جل وعلا عندما عاتبنى وأنّبنى قال ( يا أيها النبى ) . قال لى ربى جل وعلا : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ) 1 ) الاحزاب ) (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ) 1 ) التحريم ) . والنداء ب ( يا أيها ) لا يفيد تكريما . فالكافرون قالوا لى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ ) 6 ) الحجر )، وفى تأنيب المؤمنين قال جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ ) 2 : 3 ) الصف )، وقال جل وعلا للكافرين ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) 7 ) التحريم )

قال المذيع :  فى تفضيلك على الأنبياء السابقين يستدلون بآية : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ )

قال النبى محمد عليه السلام : قال جل وعلا : ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) 252 : 253 )البقرة )، واضح أن قوله جل وعلا ( تلك الرسل ) إشارة للرسل السابقين المذكورين فى الآيات السابقة من رسل بنى اسرائيل . لا علاقة لى بهذا التفضيل بين الأنبياء والرسل .

قال المذيع : ماذا عن آية: ( وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ )(55 ) الاسراء)، وهى هنا تتكلم عن كل الأنبياء بما فيهم أنت؟

قال النبى محمد عليه السلام : قال جل وعلا :( وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ)(55 )الاسراء). أسألك أنا : من له القدرة على التفضيل بين الأنبياء ؟ من له وحده العلم بغيب الأنبياء ؟ من له وحده الحكم عليهم ؟ من الذى سيحاسبهم يوم القيامة ؟ هل هو رب العزة أم أولئك المفترون ؟ إن الذى يعطى نفسه القدرة على التفضيل بين الأنبياء إنما يجعل نفسه فوق الأنبياء ، أى يؤلّه نفسه . قد يكون عاديا أن يحكم الوالد على بنيه من هو الأفضل فيهم ، وقد يخطىء فى حكمه وقد يصيب ، وهو أبوهم وهو الذى رباهم وهو الذى يعايشهم ، ومع ذلك لايكون حكمه صائبا بالضرورة لأنه لا يعلم سرائر أبنائه . فكيف بمن يتصرف كمن يستعرض كل الأنبياء أمامه ثم يختار أحدهم يجعله افضلهم . هل هذا يجوز ؟

قال المذيع : ولكن الله مدح بعض الأنبياء

قال النبى محمد عليه السلام  : المدح لا يفيد التفضيل  . نفترض أن لديك خمسة من الأولاد ، وقد مدحت هذا ومدحت ذاك . لكنك لم تقل إن فلانا بالذات هو الأفضل .  

قال المذيع : أعطنى أمثلة من مدح بعض الأنبياء

قال النبى محمد عليه السلام   : عن ابراهيم قال جل وعلا :  ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ  ) 120 : 123 ) النحل ). هنا مدحه الله جل وعلا بصفات فريدة ، ثم جاء الأمر لى بإتباع ملة ابراهيم حنيفا .وقال جل وعلا عن ملة ابراهيم : ( وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ) 130 ) البقرة ). ( وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّه وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً   ) 125 ) النساء )

قال المذيع : فماذا عنك ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : أولئك أنبياء ماتوا وتحددت درجاتهم ، وتمّ قفل كتاب أعمالهم  وأنزل الله جل وعلا القرآن بعدهم يتحدث عنهم،وأمرنى جل وعلا أن أقتدى بهُداهم ، قال لى ربى جل وعلا : ( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ) 90 ) الأنعام ). بينما نهانى أن أفعل مثلما فعله من أخطأ منهم مثل يونس صاحب الحوت ، قال لى ربى جل وعلا : ( فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ لَوْلا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ  ) 48 : 50 ) القلم ).

قال المذيع : أيضا أسألك : فماذا عنك ؟

قال النبى محمد عليه السلام  : حين نزل علىّ القرآن كنتُ حيا ، وكتاب أعمالى مفتوحا ، ثم إنتهى القرآن نزولا ، ولم يأت فيه كيف تحددت درجتى بين الأنبياء . كل هذا سيكون معلوما يوم القيامة .