دعنا نتخيل
ßÊÇÈ ج 1 من كتاب : دعنا نتخيل : حوارا حدث بين النبى محمد وال سى إن إن .!!
فصل تمهيدى : النبى محمد من مصر لأمريكا

في السبت ٢٠ - أبريل - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

 فصل تمهيدى : النبى محمد من مصر لأمريكا

ماذا يحدث للنبى محمد عليه السلام إذا تجول فى القاهرة ؟ 

سيقتله ( أتقياء ) السلفيين إن لم يلقونه فى السجن بتهمة إزدراء الدين .!!

أولا : كيف سيبدو النبى محمد عليه السلام وهو يسير فى شوارع القاهرة ؟

1 ـ لن يكون فى الصورة المرسومة عنه فى خيالات المحمديين ، لن يسير ومعه جبريل والملائكة وهالات النور تشعّ منه وتحيط به ، لن يكون فى موكب نورانى والجماهير تتقاتل من حوله لتحظى برؤيته وتتبرك بلمس التراب الذى يمشى عليه وصيحات المجاذيب تهتف : إسعى وصلى على النبى .. لن يكون هكذا . هذا فى تخيل المشركين فقط ، ولهذا عارضوا بشرية النبى محمد : (وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً ) الاسراء  )

2 ـ سيكون شخصا عاديا بسيط المظهر ( يشبه أغلبية المصريين من الطبقة المتوسطة ) يأكل الطعام وهو يمشى فى الأسواق ، أى سيقف الى جانب عربة فول وياكل مع الآكلين ، وقد يدخل مطعم فول وفلافل ليشترى الافطار ، وربما يجلس فى مطعم كشرى ينتظر أن يأتيه طبق الكشرى التكملة ، وربما يقف على ناصية الشارع يأكل سندوتش حواوشى ، أو يقف أمام بائع الخضار يشترى منه بطاطس وطماطم ، أو يقف محترما فى طابور (العيش / الخبز ) حتى يأتى دوره فى حصة التموين .

3 ـ سيتكلم باللهجة المصرية ( القاهرية غالبا )، لأن كل رسول كان يتكلم بلسان قومه (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ) ابراهيم  4) . وسيرتدى البنطلون والقميص الشائع لدى المصريين اليوم ، لأن كل رسول كان يرتدى لباس قومه . قريش كانت ترفض النبى لأنه بشر بسيط المظهر فطلبوا أن يكون الرسول ملكا سماويا ، يقول جل وعلا : (وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ  ) الانعام  8 : 9). أى لو رأوا ملكا من الملائكة فهذا يعنى الموت ( ملائكة الموت ) . وحتى لو أرسل الله جل وعلا لهم ملكا فلن يكون فى صورته الملائكية الحقيقية ، بل سيكون متجسدا فى صورة بشرية ، بل ويرتدى نفس الملابس التى يرتدونها . ولو كان فى الأرض ملائكة متجسدين فى صورة بشرية لأنزل الله جل وعلا عليهم ملكا مثلهم رسولا . فالعادة السيئة لدى البشر أنهم يتخيلون الرسول النبى فوق مكانة البشر ، ويكفرون به لأنه بشر مثلهم ، يقول جل وعلا : (وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَّسُولاً ) ويأتى الرد : ( قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاء مَلَكًا رَّسُولاً  ) الاسراء 94 : 95 ).

ثانيا : ماذا سيكون موقف المصريين وهم يرون النبى شخصا عاديا مثلهم ؟

1 ـ مظهر النبى محمد كبشر بسيط سيجعل المصريين يكفرون به مقدما ، فهكذا فعلت قريش أن تعجبت إن الوحى نزل على ( رجل منهم ) : (أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ ) يونس 2 )، وإستكثروا عليه أن ينزل عليه الوحى من بينهم (أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا ) ص 8  ).

2 ـ ونظروا الى مظهره المتواضع وهو ليس من أكابر القوم و ( عظمائهم ) بالمفهوم الطبقى الاجتماعى الاقتصادى الثروى (  من الثروة ) فقالوا يحسدونه على نعمة القرآن الكريم  : (وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) الزخرف 31 ) . هو ليس عظيما بمقياسهم لأن العظمة عندهم فى الثراء والجاه والتكبر والبغى والظلم .

3 ـ  ولأن هذا الرجل البسيط المتواضع كان جريئا فى قول الحق وتوضيح أن قبورهم المقدسة هى رجس من عمل الشيطان ، فقد تناولوه بالسخرية والاستهزاء ، يقولون : أهذا الشخص هو الذى يعيب أئمتنا وآلهتنا وأوليائنا ؟ (وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُم بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ  ) الانبياء 36 ) . وإذا نظروا الى بساطة مظهره وتواضعه فى ملبسه ومسكنه تندروا عليه قائلين : أهذا هو الذى بعثه الله رسولا : (وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولا  ) الفرقان  41). وإذا رأوه يأكل الطعام ويمشى فى الأسوا سخروا منه قائلين : (وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ   )الفرقان 7 ) وطلبوا منه أن يكون معه ملك من السماء أو أن يكون غنيا ثريا : (لَوْلا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلا مَّسْحُورًا ) ( الفرقان  ) 7 : 8 ) ويأتى الرد من رب العزة ، ومنه التأكيد بأن كل الأنبياء والمرسلين كانوا بشرا يأكلون الطعام ويمشون فى الأسواق : (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ )الفرقان 20  ).

ثالثا : ماذا سيفعل النبى حين يتجول فى القاهرة ؟

1 ـ لن يتعرض النبى لأى أذى من المصريين لو إقتصر على ألا يكون نبيا ـ بمعنى إذا عاش فى حاله قائلا العبارة المصرية المشهورة ( وأنا مالى )، و(مشى جنب الحيط ) و ( مالوش دعوة ). أما لو ( كان له دعوة ) وتمسك بها وواجه بها المصريين فسينتهى مصيره الى القتل على أيدى الأبرار المجاهدين أو السجن بتهمة إزدراء الدين . ! لم يحدث هذا للنبى محمد عليه السلام وهو فى مكة لأن قريشا كانت تتحسّب لأسرته بنى هاشم ، ولسبب أكبر وهو أن الله جل وعلا ضمن حفظه بحيث لا يمنعه مانع من تبليغ الرسالة (  يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ  ) المائدة 67 ). ولكننا نفترض هنا فى هذه المقالة الخيالية أن يتجول فى القاهرة يدعو بالقرآن فى دولة العسكر والأزهر ، متعرضا لأذاهم ونقمتهم .

2 ـ  تخيل النبى يتجول فى منطقة الدرّاسة بالقاهرة ، حيث يوجد أكبر معقلين من معاقل الشيطان ، وهما الجامع الأزهر ومسجد الحسين . وكلاهما من منشئات الدولة الفاطمية الشيعية ، ولا يزالان يمارسان دورهما الضّال فى القاهرة ( المُعزّية ) وسائر مصر ( المحروسة ) بالحرامية والأفّاقين . 

رابعا : النبى وضريح الحسين معبد الصوفية

1 ـ تخيل النبى يرى تدافع الناس على ( ضريح الحسين ) أو ( مقام الحسين ) أو ( قبر الحسين ) حيث يُقال أنه مبنى على ( رأس الحسين )، مع أنه هناك مساجد اخرى مُنشأة على (رأس الحسين ) بما يعنى أن للحسين رءوسا متعددة . وطبعا لا يجوز لك أن تسأل عن قرون مضت بين قتل الحسين وتأسيس قبره على ما يُقال أنها رأسه ؟ أو كيف تعرفوا على رأسه ؟ وهل الذى تعرف عليها هل كان يعرف الحسين شخصيا وعاش قرونا حتى عثروا على رأسه ؟ وهل ظلت هذه الرأس بملامحها أم صارت جمجمة محايدة بلا ملامح شأن أى جمجمة ؟ وإذا كانت هذه الرأس قد قطعها سيف فى يد من قتل الحسين ، أى هى (رأس ) لم تستطع مقاومة السيف الذى قطعها ، ولم يستطع الحسين حماية نفسه وأهله فى مذبحة كربلاء ، فكيف تحمى (جمجمته ) ملايين الحمقى الذين يتبركون بها ويتخذونها إلاها يستمدون منها المدد .

2 ـ :من المنتظر أن يقول النبى محمد هذا للمصريين الصوفية الذين يتزاحمون على قبر ( رأس الحسين ) . وسيقول لهم إنه ( النبى محمد ) نفسه وهو جدُّ الحسين لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعا ولا ضرا ، وأن رب العزة جل وعلا قال له : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ ) آل عمران 128 ) .

3   :وإذا سمع الأذان فى تمجيد الحسين مقترنا بالتبرك بقبره فسيقول لهم : (  وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ) الجن 18 ) عندها سيتجمع حوله  المصريون يريدون الفتك به ، وهذا ما حدث فعلا للنبى محمد فى مكة ، يقول جل وعلا : ( وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا ) الجن 19 ) . وقد ردّ عليهم بما أمره ربه جل وعلا أن يقول : ( قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا إِلاَّ بَلاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ) الجن 20 : 23  ).

4 :  قريش أعطت النبى محمدا الفرصة لأن يلتقط أنفاسه وأن يقول هذا وأن ينجو بحياته . يكفى أن الله جل وعلا هو الذى أمره أن يقول هذا وهو الأعلم أن رسوله محفوظ بقدرته جل وعلا من أن يمسّه سوء يحول بينه وبين تبليغ دعوته . ولكن فى تخيلنا هنا ـ الذى لا يكون فيه النبى محفوظا من أذى المصريين ـ فكيف سينتهى به الحال ؟ . هل سيسمحون له أن يصف ضريح الحسين بأنه رجس من عمل الشيطان ، وأن يدعوهم الى إجتنابه ؟ إذا أفلت بحياته من نقمة الصوفية المُسالمين فهل سينجو من غضبة السلفيين وعُتاة الأزهريين ؟

خامسا : النبى وشيخ الأزهر :

1 ـ تخيل النبى محمدا عليه السلام يخطو الى جامعة الأزهر ويدخل كلية اصول الدين ، حيث تقوم على حفظ وتوقير أسفار وكتب (السُّنة ) فى أقسام الحديث والسُنة والتفسير والدعوة والتصوف ..الخ . كلها تطعن فى الاسلام وهى تزعم الانتماء الى الاسلام .

2 : سيقول لهم إن القرآن الكريم هو أحسن الحديث الذى تلين له قلوب المؤمنين وتقشعر منه جلودهم ، فهو هدى الله جل وعلا   (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) الزمر 23 )

3 ـ: سيقول لهم أن القرآن وحده هو الأصدق حديثا (  وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا النساء 87   ) والأصدق قولا : (  وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً ) النساء 122 ) ،وإن الحديث الذى يجب الايمان به وحده هو حديث الله جل وعلا فى القرآن الكريم ، ولا إيمان بحديث آخر معه : (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ) الاعراف 185 ) (  فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ) المرسلات 50). وأنه كما أنه لا إله إلا الله فلا حديث فى الاسلام الا حديث الله فى القرآن الكريم ، وكما يؤمن المسلم بالله جل وعلا وحده إلاها فهو يؤمن بالقرآن وحده حديثا :  (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ) الجاثية 6 ) . والويل لمن يؤمن بحيث آخر مكذبا بالقرآن وحده حديثا ، هو الأفاك الأثيم ، وله الويل : ( وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ مِن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُوا شَيْئًا وَلا مَا اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مَّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ ) ( الجاثية 7 : 11 ).

4   : وسيقول لهم إنه مأمور بألا يتحرّج من الإنذار بالقرآن ، وكذا كل مؤمن : ( كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ) الاعراف ) وأن موجز الدعوة هى فى الأمر بإتباع القرآن وحده والنهى عن إتباع غيره من كلام الأئمة والأولياء : ( اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ) الاعراف 2 ). وأنه قد توالت الأوامر له بإتباع القرآن الكريم وحده : ( وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا  ) (  الاحزاب 2 ) (قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) الاعراف 203  )

5: وسيقول لهم : ولأنه متّبع للقرآن الكريم ومجرد نذير مبين فهو  يعلن أنه ليس متميزا على الرسل ، وأنه لا يدرى غيب المستقبل وما سيحدث له أو لغيره : ( قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ  ) الاحقاف 9 ). وبهذا فهو ينكر كل الأحاديث التى تفضله على الأنبياء والأحاديث التى تنسب له علم الغيب بالمستقبل .

6 . وسيقول لهم إنه متبع للوحى وليس عنده خزائن الله ولا يعلم شيئا من غيب الله جل وعلا : ( 
قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ ) الانعام 50  ).

7 : وسينكر أساطيرهم فى شفاعته ، فهو لا يعلم الغيب كما لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا إلا ماشاء الله ، ولو كان يعلم الغيب لأستكثر من الخير وما مسّه السوء ، فهو مجرد بشير ونذير لقوم يؤمنون : ( قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) الاعراف 188  ).

8 ـ : وسيقول لهم إنه والد كان له ابناء وبنات ، وهو مولود كان له أب وأم ، وهو لن يغنى شيئا عن والديه وعن أولاده ، فهذا هو ما حذّر منه رب العزة جل وعلا : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ) لقمان 33 ). بل إنه سيهرب منهم وسيفر يوم القيامة : ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ) عبس 34 : 37 )

9 ـ : وسيقول لهم إنه  لن ينفع أصحابه يوم الحساب ولن ينفعوه : (  مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ ) الانعام 52 )

10 ـ  : وسيقول لهم إنه نفس بشرية لا تملك شيئا لأى نفس بشرية أخرى : ( يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ) الانفطار 19   )

11 ـ : وسيقول لهم إنه لا يستطيع أن ينقذ أحدا من النار : (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ ) الزمر ).

أخيرا: موقف شيخ الأزهر

المنتظر أن شيخ الأزهر سيأمر أمن الدولة بإعتقال النبى بتهمة إزدراء الدين .

 

 النبى محمد عليه السلام فى الحبس الاحتياطى فى مصر

مقدمة :

1 ـ   الشيطان يسعى فى مصر ينشر الفساد سائرا على قدمين هما ( الأزهر ) و ( ضريح الحُسين ) . أقامتهما الدولة الفاطمية ، وهى التى أقامت مدينة (القاهرة ) وجعلتها عاصمة لمصر . ومع أن معنى ( القاهرة ) أى المنتصرة التى تقهر خصومها إلا إن تاريخ القاهرة يشهد أنها أكثر عاصمة تعرضت للقهر والغزو والإذلال . هذا بسبب وجود قاعدتى للشيطان فيها : الأزهر وضريح الحسين .

2 ـ فى مقالنا الذى نتخيل فيه أن النبى محمدا عليه السلام ظهر فى القاهرة متجولا فيها ـ كان لا بد أن يصدمه وجود قاعدتى أو قدمى الشيطان ( الأزهر وضريح الحسين ) ، ولأنه عليه السلام مأمور أن يصدع بالحق (أى أن يقول كلمة الحق عالية مدوية تتصدع بها الجدران ) فقد أعلنها صراحة أن كل قبر مقدس إنما هو رجس من عمل الشيطان وأن الاسلام لا يعرف مناهج الأزهر وما يُعرف بالسنة والتصوف والتشيع . كانت آراؤه صدمة للمؤسسة الدينية الأزهرية وللجماعات السلفية الوهابية وللطرق الصوفية بل والطوائف الشيعية. وكان واضحا أن الجميع تآلبوا عليه .

أولا : سجن النبى محمد والآثار المترتبة على ذلك

1 ـ  بأوامر من شيخ الأزهر والسفارة السعودية بالقاهرة قامت السلطات المصرية بإعتقال النبى محمد وحبسه إحتياطيا بتهمة إنكار السُّنة وإزدراء الدين والدعوة الى الخروج على (ثوابت الأمة ) والإجماع و المعلوم من الدين بالضرورة. واضافوا تهما أخرى معتادة هى الحض على كراهية النظام وتهديد الوحدة الوطنية وإشاعة الفتن وتكدير صفو المجتمع  والسّلم العام ، وإشاعة ( جوّ تشاؤمى ) يعرقل الاستثمار ، وتشويه سُمعة مصر فى الداخل والخارج وتلقى تمويلات أجنبية .

2 ـ إمتلأت شوارع القاهرة والمدن الكبرى والمدن الصغرى فى مصر وفى قُراها بمظاهرات تأييد لاعتقال من أسموه ب ( مدعى النبوة  عدو الله ورسوله )، وتطالب بقتله بحدّ الردة. وامتدت المظاهرات الى السعودية وايران وباكستان واليمن والسودان وأفغانستان وتركيا والخليج والصومال وليبيا وتونس والجزائر والمغرب ، وفى مجتمعات المسلمين فى اوربا والأمريكيتين .

 3  ـ وهبّت طائفة قليلة تدافع عن النبى ، تؤكد أنه يقول بالقرآن ،وأنه لا يجحد القرآن إلا الكافر به ، وأن خصوم النبى إختلفوا فى كل شىء وتقاتلوا وتصارعوا ولكنهم إتّحدوا فى مواجهته لأنه قال الحق القرآنى الذى لا يؤمنون به مع زعمهم أنهم مسلمون ، أى إنه فضحهم جميعا سواء كانوا سنيين أو شيعة أو صوفية لذا خرجوا جميعا فى مظاهرات تطالب بقتله .

4 ـ أثار هذا جمعيات حقوق الانسان فى الغرب وفى المنظمات الدولية ، خصوصا مع تسريبات تؤكد تعرض النبى محمد فى سجنه الإنفرادى الى تعذيب وصعق بالكهرباء بما يهدد حياته . صدرت البيانات الساخطة من دول الغرب ومنظمات حقوق الانسان ، وأعقبتها تهديدات بعقوبات إقتصادية عاجلة ووقف المساعدات والمنح ، بل تلميح بإحالة رئيس الدولة الى المحكمة الجنائية الدولية ، خصوصا وأن سجل النظام المصرى فى عهده مثقل باتهامات مثبتة ومؤكدة من عشرات المنظمات الدولية الحقوقية بالاختفاء القسرى والتعذيب والقتل الجماعى والمذابح .  وهذه الاتهامات تجعل من السهل ملاحقة الرئيس المصرى واعمدة حكمه، وهذا يتوقف على الارادة السياسية للدول الكبرى . الرئيس المصرى مرعوب دائما من إحتمال محاكمته دوليا ويؤرقه أن تنقلب عليه أمريكا فيحدث له ما حدث للرئيس صدام حسين أو للزعيم الليبى معمر القذافى .  لذا سارع بإصدار قرار باطلاق سراح النبى محمد من ( الحبس الاحتياطى ).

ثانيا : النبى محمد يرفض إطلاق سراحه تمسكا بإطلاق سراح المحبوسين إحتياطيا

1 ـ رفض النبى محمد الخروج من السجن والحبس الاحتياطى إلا بعد إطلاق سراح كل سجناء الحبس الاحتياطى فى كل السجون المصرية وفى كل السجون السرية الخاصة بأمن الدولة . وعددهم بمئات الألوف .

2 ـ ونقلوا عن بعض أتباعه تفسيرا لموقفه .

2 / 1 : قالوا إن الاسلام مؤسّس على العدل والقسط والحرية الدينية والسياسية ، وأن الاسلام ضد الظلم والبغى والقهر والاستبداد والفساد وحُكم المترفين المفسدين . ووجود هذا الحبس الاحتياطى أبرز مظهر للخروج عن الاسلام .

2 / 2 : وقالوا إن رب العزة جل وعلا لم يأمر بإعتقال المحارب فى جيش يعتدى على الدولة الاسلامية ، إذا توقف هذا المحارب وإستجار بالمسلمين ، وإنه مهما قتل من المسلمين فى المعركة فإن الله جل وعلا أوجب إجارته وحمايته وإسماعه كلام الله فى القرآن ليكون هذا القرآن حُجة عليه يوم الحساب ، ثم توصيله لمأمنه آمنا سالما ، قال جل وعلا : (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ ) التوبة 6  ) . فكيف بنظام حكم مفروض أن يوفر للمواطنين الأمن والعدل والحرية والعيش والكرامة الانسانية ، وبدلا من ذلك يضع الأبرياء المسالمين  فى السجن بزعم الحبس الاحتياطى ، لمجرد إختلافهم معه ؟ .

2 / 3 : وقالوا إن المحارب فى جيش يعتدى على الدولة الاسلامية يتم حقن دمه فى أرض المعركة إذا نطق بكلمة السلام أو قال ( السلام عليكم ) . يقول جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا  ) النساء  94). فكيف بنظام حكم مفروض أن يوفر للمواطنين الأمن والعدل والحرية والعيش والكرامة الانسانية ، وبدلا من ذلك يضع الأبرياء والمختلفين سياسيا معه فى السجن بزعم الحبس الاحتياطى ، او بمجرد تحريات ملفقة أو بتهم زائفة ؟ .

2 / 4 : وقالوا فى تفسير موقف النبى فى رفض الخروج إلا بخروج كل المظاليم من الحبس الإحتياطى إن الله جل وعلا يحرّم ويجرّم أى إضرار بالكاتب والشاهد فى أى قضية لأن الكاتب والشاهد محايد ولكل منهما حصانة . فإذا تعرض أحدهما الى ضرر فهذا يعنى وجود فساد فى بنية المجتمع وفى نظام الحكم ، قال جل وعلا : ( وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ ) البقرة 282 )  . وهنا الأمر أبشع وأفظع حيث يوضع الأبرياء فى سجن لمجرد الاختلاف السياسى أو بتهم زائفة أو ملفقة .

2 / 5 : وقالوا إن النظام مجرم قد أدمن تلفيق التهم الى الأبرياء ، وأن الله جل وعلا حرّم وجرّم تلفيق  التهمة للبرىء ، يقول جل وعلا : ( وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ) النساء 112 ) . هذا عن الشخص الواحد ، فكيف بنظام حكم يعمل فيه ملايين .

2 / 6 ـ وقالوا إن النظام العسكرى ارتكب العديد من المذابح العلنية فى القاهرة وغيرها تحت سمع وبصر العالم ، وأنه منع من التحقيق الجدّى فيها ، وأنه أصدر أحكاما قضائية غير مسبوقة بإعدام المئات من خصومه فى محاكمات هزلية ، ثم إنه تحت التعذيب فى السجون يموت كثيرون ، وهذا كله قتل متعمد ، يقول جل وعلا عن قتل مؤمن واحد : (  وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) النساء 93 ) . وهذا حُكم على مئات الألوف من المجرمين القتلة الذين يقتلون الأبرياء فى السجون وفى الشوارع والمظاهرات وحتى فى المراكب والسفن والقطارات ووسائل المواصلات .

3 ـ  خبر رفض النبى محمد الخروج من السجن إلا بعد إطلاق سراح كل المحبوسين إحتياطيا والمساجين ظلما وصل هذا الى الاعلام العالمى فتعاطف معه ومع المساجين المصريين مئات الجمعيات الحقوقية ، وإهتزت أجهزة الاعلام الغربية بهذا ، وقامت حملة عالمية تطالب بالافراج عن كل المعتقلين المصريين فى الحبس الاحتياطى ، والذين يُلقى بهم فى السجن بتهم ملفقة ، ويعيشون تحت التعذيب شهورا وسنوات بلا محاكمة ، وذكرت صحف الغرب أن الداخلية المصرية  إعتادت أنه إذا اصدرت النيابة قرارا بالافراج عن بعضهم إعترض وزير الداخلية ، أو أعاد إعتقالهم بعدها وأرجعهم الى سجن اسوأ واضل سبيلا .

4 ـ إحتجت وزارة الخارجية المصرية على المطالبة بإطلاق سراح المحبوسين فى الحبس الاحتياطى ، وقالت إنها قامت ببناء سجون إضافية وتوسيع السجون القائمة ، وهذا يهدد بإخلاء معظم السجون المصرية وتسريح حوالى نصف مليون من العاملين في وزارة الداخلية ، وإحالتهم الى المعاش يزيد من الأعباء الاقتصادية .

5 ـ  وإحتجت وزارة الخارجية المصرية بشدة لأن هذه المطالب تعتبر تدخلا سافرا فى الشأن المصرى الداخلى وتهديدا لمبدأ سيادة الدولة المصرية ، وأن الدولة المصرية لا تتدخل فى الشئون الداخلية فى الدول الأخرى فيجب على الدول الأخرى ألا تتدخل فى شئونها .

 6 ـ وإحتجت الرئاسة المصرية بأن معايير حقوق الانسان فى الغرب لا تسرى على مصر ولا تلائم المصريين ، لأن الانسان المصرى مختلف عن الانسان الغربى وأقل شأنا منه ، فإذا كانت للإنسان الغرب حقوق ويتمتع بالاحترام فإن الانسان المصرى لم يصل بعدُ الى هذا المستوى ، وهو لا يستحقّه . بل إن الانسان المصرى لا يزال فى مرحلة وسطى بين الانسان العادى والحيوان المركوب الذى لا بد من قرعه بالعصا حتى يظل مركوبا . وقالت مصادر قريبة من الرئاسة المصرية إنها من خلال خبرة فى حكم المصريين وتعذيبهم من عام 1952 ترى أن الأفضل فى معاملة المصريين هو الاستعباد والاستبعاد والاذلال والتعذيب. ولهذا فإن الحبس الاحتياطى المقصود والعشوائى ودون تهمة حقيقية هو ضرورة لإخضاع المصريين . وبدونه تتحول مصر الى فوضى مثل سوريا وليبيا واليمن والصومال.

7 ـ لم تكتف الحكومة المصرية بالرفض والتنديد الذى صدر من أجهزتها السيادية ( الرئاسة والخارجية والداخلية ) بل أصدرت قرارا بنقل النبى محمد الى سجن سرّى تابع لسجون (أمن الدولة ) مع تشديد الحراسة عليه ، ثم إعتقلت مؤيديه وأنصاره الذين دافعوا عنه ، وادخلتهم ضمن المحبوسين إحتياطيا ، وتعرضوا لتعذيب هائل .

8 ـ هللت  جموع المصريين للإجراءات الانتقامية للحكومة المصرية ، وهاجموا أتباع النبى محمد وأتهموهم بالعمالة بالغرب وبالاستقواء بالعدو الأجنبى . وإنضم اليهم دول الخليج والسعودية وإعتبروها دليلا على إستقلال القرار المصرى وعدم تبعيته للتوجيهات الغربية والأمريكية ، وانه بداية للتحرر الوطنى من أمريكا والغرب . وتعالت الأصوات فى الخليج بمنح مصر مساعدات بالبلايين حتى تصمد فى وجه الغرب وأمريكا وربيبتها إسرائيل . وبدأت حملة للتبرع لمصر ، وتم فتح حسابات لهذا كانت تصبّ مباشرة فى جيوب ــ لا قاع لها ــ لدى أولى الأمر فى مصر .

9 ـ  ثم أطلقت مصر بالتعاون مع السعودية ودول الخليج وغيرها حملة إعلامية صحفية تهاجم من اسموه ( مدعى النبوة ، منكر السنة ، مزدرى الدين ، عميل أمريكا . ) وظهر شيوخ الوهابية وشيوخ الأزهر على شاشات القنوات الفضائية يدعون الى قتله لأنه مرتد وزنديق . وما لبث أن لحق بهم الشيعة بسبب أن النبى محمدا أنكر تقديس ضريح الحسين فى مصر وتقديس القبر المنسوب اليه . فقالوا لو جاء الى العراق فسينكر ما نفعله فى كربلاء وفى النجف ، ولو جاء الى ايران فسيرفض ما ننفعله فى (ٌقُم ) . إتفق الجميع على ضرورة قتله بتهمة الردة. وقالت إيران إنها اصدرت فتوى بقتل سلمان رشدى ، وأن هذا الذى يدعى النبوة أخطر من سلمان رشدى . وبسبب النبى محمد بدأت بوادر تقليل العداء بين الرياض وطهران ، وبدأ حديث خافت عن ضرورة طىّ صفحة الصراع السُّنّى الشيعى ، وحل الخلافات السياسية بين السُّنّة والشيعة ، وتكاتف كل (أُمّة محمد ) ضد (أمة المسيح ) وضد مدعى النبوة الذى تدافع عنه أمريكا بحجة حقوق الانسان وحرية الأديان .  

10 ، بهذا ظهر وضع جديد أصبح حتما على الغرب التعامل معه .. ماذا فعل الغرب ؟

 

 أمريكا تنقذ النبى محمدا عليه السلام من الحبس الاحتياطى فى مصر

 1 ـ إتحد ( المحمديون ) ضد (النبى محمد ) تمسكا بعبادة ( إله ) وهمي مصنوع من أوهامهم أسموه (محمدا )، جعلوه حيا لا يموت ، يعمل ليل نهار فى قبره يستغفر لهم ويرد تحيتهم ، وجعلوه أشرف الأنبياء وسيد المرسلين  والمتحكم بشفاعته يوم الدين . هذا يتناقض مع حقيقة النبى محمد المذكورة فى القرآن الكريم . رفضوا الرسالة القرآنية التى نزلت على الرسول محمد تمسكا منهم بأساطير السنة والتشيع والتصوف . وعندما ظهر النبى محمد يذكّرهم بالقرآن الذى إتخذوه مهجورا ثاروا عليه وسجنوه وهددوا بقتله ، فلم يجد من يدافع عنه سوى الغرب الذى يؤمن بالحرية الدينية والحرية السياسية والعدل و كرامة الانسان وحقوقه .

2 ـ على أن الغرب لا يخلو من شياطين الإنس المتعاملين مع  خدمهم شياطين الانس الحكام المستبدين والمسيطرين على الثروة والسلطة فى بلاد المحمديين . شياطين الانس فى الغرب تتضخم بلايينهم بصناعة السلاح والتجارة والشركات العملاقة ، وهؤلاء مصلحتهم فى إستمرار الحروب فى الشرق الأوسط ليبيعوا السلاح للمستبدين  وللفرقاء المتشاكسن فيه ، وهو سلاح بعضه فائض لم يعد يُجارى العصر، وبعضه لا يزال فى دور التطوير والتجريب ويحتاجون مدن المحمديين وأجسادهم ليجربوا فيه هذا السلاح الجديد الذى يُستعمل بعد . شياطين الانس فى الغرب يبيعون السلاح لشياطين الانس فى بلاد المحمديين ليقتتلوا به ، وفى نفس الوقت يعطى شياطين الانس فى الغرب عمولات لشياطين الانس فى بلاد المحمديين لتوضع فى بنوك الغرب تحت وصاية الغرب . والتنافس قائم فى إستنزاف أموال الشرق الأوسط  ودماء أبنائه تحت شعار : طالما يريدون قتل أنفسهم فلماذا لا نساعدهم على هذا .!

3 ـ ظل هذا الوضع سائدا ومستمرا ومستقرا حتى ظهر النبى محمد فى القاهره يسعى فى الاصلاح السلمى ، يجهر بالحق ويُعرض عن الجاهلين . ولكن شيخ الأزهر زعيم الجاهلين ومعه رفاقه فى السعودية وغيرها أبوا إلا أن يوضع النبى محمد فى السجن توطئة لمحاكمته صوريا وتسليط من يقتله فى السجن ويتم تمييع القضية ثم الاعتراف بعدم الاستدلال على القاتل ، وحتى لو قبضوا على القاتل فسيحكمون ببراءته حيث أنه إرتكب فقط تهمة الأفتئات على السُّلطة .!. على أن تعاطف الغرب وامريكا جعل المحمديين يتحدون ضد أمريكا والغرب ، ويحولون الموضوع من قضية حقوق إنسان الى كرامة وطنية ورفض للتدخل الأجنبى .

4 ـ هذا التوحد بين المحمديين أدى الى التقارب بين السنة الوهابية والشيعة ، وبين الرياض وطهران . وسيكون لهذا إنعكاساته على الأوضاع فى سوريا والعراق واليمن وليبيا ومصر ـ إقليميا وعلى الغرب وروسيا دوليا . شياطين الانس فى الغرب يريدون إستمرار الوضع المتفجر فى الشرق الأوسط حفاظا على مصالحهم ، والقوى المؤيدة لحقوق الانسان تريد إنقاذ النبى محمد وتحريره من الحبس الاحتياطى وتضغط بقوة على صُنّاع السياسة الأمريكية وفى اوربا لتضع حدا نهائيا لانتهاكات حقوق الانسان فى بلاد المحمديين . والنبى محمد يرفض الخروج من الحبس الاحتياطى وحده ، وهو يصمم على تحرير كل الأبرياء فى السجون المصرية ليخرج بهم أحرارا . وهذا مستحيل لأن الحكام المستبدين يرفضون هذا لأنه يعنى أن تشمل دعوته إطلاق سراح كل الأبرياء فى دول الشرق الأوسط وبدء إصلاح يطيح بعروشهم . عروشهم قائمة على إرهاب شعوبهم بالتعذيب والقتل والاختفاء القسرى والحبس الاحتياطى . لو إقتصر دخول السجن على المجرمين الجنائيين ــ يدخلونه بمحاكمة عادلة  ــ فهذا العدل يعنى زوال المستبدين وأتباعهم من خريطة الشرق الأوسط السياسية .

5 ـ ولأن المجتمع الدولى تقوده أمريكا فقد وضعت أوربا المشكلة فى يد واشنطون ، ودارت مشاوات سرية بين مسئولين من البنتاجون والمخابرات المركزية والخارجية الأمريكية ، ورأوا أن المصلحة تستوجب إنقاذ النبى محمد  وتحريره من السجن و( الهجرة ) به من مصر الى أمريكا .!.ليس هذا حبا في النبى محمد ،  ولا إيمانا بالاسلام ولكنه نزع فتيل ( الاتحاد ) الذى يوشك أن يوحّد المحمديين ليعودوا الى خلافاتهم وحروبهم وسفك دمائهم ، وحاجتهم الى السلاح . تكونت مجموعة من الخبراء وضعت خطة عمل ، وبدأ فورا تنفيذها .

5 ـ طبقا للخطة وصل مبعوث أمريكى إجتمع مع الرئيس المصرى وهدّده ضاغطا على العصب الحسّاس لديه ، وهو المحاكمة الجنائية الدولية وتجميد أرصدته فى أمريكا ، وصولا الى العمل على إغتياله كحلّ أخير . وأوضح له أن من مصلحته التخلص من المشكلة بالموافقة على تهريب النبى محمد من الحبس الاحتياطى ، ثم بعدها يعمل على تهدئة الأوضاع ، وإفتعال مشكلة أخرى ينشغل بها الرأى العام   وينسى موضوع تهريب النبى محمد من زنزانته . تمسك الرئيس المصرى بأهمية ألّا يؤثر أى إجراء أمريكى على سُمعته وصورته فى مصر والعالم العربى بإعتباره الحكيم وطبيب المشاكل والذى يستمع اليه خبراء العالم مندهشين متعجبين مسبهلّين مبهورين .!. وأخذ المبعوث الأمريكى من هذا موافقة ضمنية على الاجراء الأمريكى ، فدخل المبعوث الأمريكى بالمفاوضات الى مستوى أعلى ، وهو قيام الرئيس المصرى شخصيا بإتاحة التسهيلات فى مصر أمام الفرقة الأمريكية التى ستأتى لانقاذ النبى محمد من محبسه . وفى الحقيقة رفض الرئيس المصرى هذا بعناد وتمسك بإستقلالية قراره وبما تفرضه أعمال السيادة المصرية ، ولكنه غمز بعينيه أيضا،ووعد بغض البصر عما سيحدث وشغل الرأى العام بأزمة إقتصادية أخرى تجعل المصريين يصرخون ويجأرون ، عن العملية الأمريكية فى مصر ينشغلون .

6 ـ غادر المبعوث الأمريكى فاتصل برؤسائه لتنفيذ الخطة  . مباشرة بعدها اتصل عنصر أمريكى  فى مصر بضابط عميل له فى المخابرات المصرية ،  وقام بالتنسيق معه فى تحرير النبى محمد من المكان السرى الذى يحتجزونه فيه .

7 ـ وفوجىء هذا الضابط المصرى ( العميل ) بإستدعاء له من مؤسسة عليا . كان يرتجف وهم يضعون عصابة على عينيه،فقد أيقن أن أمره  ــ كجاسوس ــ قد  إفتضح . إقتادوه الى سيارة ليموزين سوداء ، وانطلقوا به فى جنح الظلام. بعد أن طافوا به ساعتين فى ميدان فى مدينة نصر دخلوا الى معسكر ، ثم توقفوا ودخلوا به الى قاعة وأجلسوه على كرسى وتركوه ، وتحسس الكرسى الذى يجلس عليه فعلم أنه فى مكان أنيق فاخر . رفعوا العصابة عن وجهه فوجد الرئيس المصرى يحملق فيه مبتسما بهدوء .  

8 ـ قال له الرئيس المصرى : " أنا رأيت فى المنام جبريل عليه السلام يقول لى أن الامريكان قد إتّصلوا بك ، وقد طلبوا منك أن تساعدهم فى خطف النبى محمد من زنزانته .". تأهب الضابط للكذب ولأن يقسم بأغلظ الأيمان أن هذا لم يحدث . اسرع الرئيس يقول له : " وفّر عليك الكذب، لأن جبريل لا يكذب . وأبشّرك أن جبريل أمرنى أن أأمرك بطاعة الأمريكان مع إبقاء الأمر فى طىّ الكتمان .".  خرج الضابط منتشيا وأعطى الضوء الأخضر لبدء العملية .

9 ـ تحركت مجموعة من البحرية الأمريكية ، ومعهم العميل المصرى ، إصطحبهم  الى السجن السرى ثم الى الزنزانة ، ودخل معهم على النبى محمد ، فوجدوه مقيدا معصوب العينين فاقد الوعى ، وينهال عليه جندى أمن مركزى بالضرب ، بينما يقف زميله يشتم النبى بأقذع الألفاظ . فوجى ءالجنديان بالقوة تدخل عليهما والضابط المصرى ( العميل ) يصرخ فيهما يأمرهما بالخروج . خرجا ينتفضان من الخوف ، وقام الضابط المصرى بقيادة النبى محمد وهو معصوب العينين  الى خارج السجن بلا أى عوائق ، إذ كان واضحا أن تعليمات سيادية عليا قد وصلت الى مأمور السجن وضباطه بالتغاضى عما يحدث والانشغال بالهزيمة الاخيرة للاهلى امام الزمالك وما فيها من عظات وعبر .

10 ـ فتح النبى محمد عينيه فوجد نفسه فى سرير نظيف وحوله طبيب يقوم بفحصه ، وأجهزة المحاليل متصلة بذراعه . سأل معترضا ماذا حدث وماذا يحدث. رجل يقف الى جانب السرير أشار للطبيب ، قام الطبيب بحقن النبى بحقنة فدخل فى غيبوبة .

11 ـ تحركت طائرة مروحية بالنبى محمد وهو لا يزال فى غيبوبة ، وانطلقت من القاهرة الى البحر المتوسط حيث هبطت فوق سطح سفينة من الاسطول السادس الأمريكى .

12  ـ فى غرفة ما جلس النبى محمد وحوله أشخاص يتكلمون العربية . رحبوا به وأفهموه انهم إضطروا للتدخل لانقاذه ، لأن حياته كانت فعلا فى خطر ، وقالوا له أن دعوته الاصلاحية فى مصر وفيما يعرف ببلاد المسلمين مقدر لها الفشل الحتمى ،  فالجميع نسوا خلافاتهم وإتحدوا ضده ، وإتفقوا على التخلص منه ومن الأقلية القليلة التى تناصره ، والتى سيكون مصيرها الإستئصال . وبالتالى فإن إصراره على البقاء فى مصر محبوسا حتى يتم الافراج عن آلاف المحبوسين إحتياطيا قد دخل فى نوع من التحدى للحكام وللجماهير التى أصبحت تؤيدهم . وقد يؤدى هذا التحدى الى الزجّ بآلاف الأبرياء الى الحبس الاحتياطى إستغلالا للموقف ، فسيستغلها الرئيس المصرى للتخلص من خصوم مفترضين   . أى إن إصراره على موقفه سيضر بآلاف الأبرياء ولن يستفيد هو منه . ثم إنه سبق أن هاجر بدعوته من مكة الى المدينة بعد أن يأس من قريش بكفرها وبغيها ، والان أصبح واضحا مما حدث له فى مصر أن من يسمون انفسهم بالمسلمين هم أشد كفرا من قريش وأسوأ منهم أخلاقا .

13 ـ  سألهم عن مصلحتهم فى إنقاذه وهم على غير دينه الاسلامى ، فقالوا إن لديهم سببين : الأول : أنهم سمعوا آراء مختلفة عن الاسلام ، منها أن الاسلام دين الرحمة والعدل والسلام والحرية الدينية ، ورأى آخر أقوى يؤكد أن الاسلام هو المسئول عما يحدث من إرهاب وإستبداد وتخلف وظلم فى بلاد المسلمين ، وهم يريدون معرفة رأيه بإعتباره نبى الاسلام . السبب الآخر هو إن المنظمات المعنية بحقوق الانسان وحرية الكلمة وحرية التعبير تضغط عليهم لانقاذ النبى .

14 ـ سألهم عن مدى تقبلهم للقيم العليا من الحرية الانسانية والعدل  والسلام والرحمة وكرامة الانسان وحقوقه.  فقالوا إنهم يعتبرونها القيم العليا التى تتمحور حولها قوانينهم وبها يتعاملون فى المجتمع الأمريكى . قال لهم من السهل الزعم بهذا . القضية هى فى التطبيق . قالوا هناك خروقات وإنتهاكات تحدث ويتم علاجها أولا بأول فى مجتمع مفتوح ورقابة الصحف وأجهزة الاعلام التى تتمتع بالحرية فى الرأى وفى الحصول على المعلومات .

15 ـ سألهم : كيف يمكن له التأكد من هذا ؟ قالوا إنهم سيتيحون له الفرصة للتأكد بنفسه من هذا على المستوى النظرى العلمى المكتوب فى الدستور الأمريكى والقوانين الأمريكية وعلى المستوى الواقعى فى الشارع الأمريكى وفى الحياة الأمريكية ، وأن له الحرية فى مقابلة من يشاء والتحدث الى من يشاء ، فى الشارع وفى النوادى وفى الكونجرس وفى البيت الأبيض ووزارة الخارجية وأجهزة المخابرات وفى السجون ومراكز الشرطة وأجهزة الاعلام .

16 ـ  سألهم عن حقه فى إعلان رأيه وتوضيح حقائق الاسلام فقالوا إنهم يريدون هذا بشدة ، وعليه أن يكون جاهزا لأسئلة مُحرجة عن الاسلام والقرآن وعن أحاديثه وسيرته النبوية وعن أصحابه الذين حكموا من بعده ، وعما يحدث الآن من المسلمين الراديكاليين وعن طوائفهم وعن صراعاتهم .

17 ـ صمت النبى محمد وابتسم قائلا : ما سأقوله بالقرآن هو الاسلام . أمّا ما سأقوله تعليقا عما أراه فليس جزءا من الاسلام بل هو وجهة نظر بشرية وشخصية ، نسبة الحق فيها بمقدار قُربها من القرآن الكريم ، ولكن لا يمكن أن تكون جزءا من الاسلام لأن الاسلام ليس إلا القرآن كلام رب العالمين ، وهو الذى سيحاسبنى وسيحاسبكم يوم القيامة . أقوالى  وأفعالى خارج القرآن الكريم ليست من الاسلام بل تدخل فى التاريخ . ولا يخلو التاريخ من تزييف . التاريخ الحقيقى لكل إنسان سيأتى يوم القيامة فى كتاب أعماله ليتم حسابه عليه أمام الواحد القهار مالك يوم الدين . فى هذا لا فارق بين النبى وأى بشر ، كل نفس بشرية ستأتى يوم الحساب تجادل عن نفسها ثم تُوفّى عملها بالعدل والقسط .

18 ــ قالوا له : إستعد لمواجهة العالم الحُر ، وسيكون ما تقول موضحا لقضيا خلافية كبرى، منها : هل الاسلام صالح لكل زمان ومكان أم هو حالة تاريخية كانت فى عصرها ثم انتهت ولا تصلح لعصرنا ؟ .

19 ـ إبتسم النبى محمد وقال : (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) هود 88 )

 

 أمريكا عندما جاءها النبى محمد عليه السلام 

أولا : تعقد الموقف السياسى الأمريكى حول الاسلام

1 ـ وصل النبى محمد الى العاصمة واشنطن ، وأمريكا تعيش من سنوات جدلا مستمرا حول الاسلام .

2 ـ هو جدل شبّ وإستعر لهيبه بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر ، ووصل الى الذروة مع ظهور داعش وخطرها على الغرب وأمريكا ، ودخول الهجوم الارهابى ـ بها ـ الى مستوى آخر ، هو تجنيد المسلمين الأمريكيين للقيام بأعمال إرهابية ، وإستغلال المساجد (ألأمريكية ) فى إستقطاب الأنصار وتحويلهم الى إرهابيين إنتحاريين . هو نفس ما تفعله داعش فى أوربا .

3 ـ وساعد على نجاح داعش الاستغلال السياسى الأمريكى والغربى لجماعات الارهاب وضربها ببعضها لتحقيق إنتصارات فى سوريا والعراق واليمن وليبيا ، فى سياسات معقدة تتداخل فيها عومل محلية وإقليمية ودولية ، هذا مع محاولات أمريكا وأوربا ألا ينعكس هذا الاستغلال للإرهابيين فى الشرق الأوسط فى تهديد أمنها فى الداخل . وهذا مستحيل تجنبه فى القرية الكونية الحالية وفى الحرب الفكرية التى تشنها داعش واخواتها بالانترنت تصل به مباشرة الى قلوب وعقول الشباب السُّنّى المولود فى أمريكا وفى أوربا ، والذى يعانى من التهميش والفقر فلا يجد ذاتيته إلا فى المسجد ، فيكون فريسة سهلة لقادة الارهاب . وبات عجيبا أن تتحالف امريكا فى سوريا مع جماعة ارهابية تنتمى الى القاعدة بينما تحارب القاعدة فى الأراضى الأمريكية ، وأن تساعد السعودية داعش فى العراق وسوريا مع العداء المستحكم والمعلن بينهما . وأن تحارب روسيا داعش فى سوريا وتتصالح مع جماعات إرهابية أخرى فى سوريا تناوىء وتحارب داعش ، وروسيا نفسها تواجه خطر الارهاب السنى فى أرضها وفى الدول التابعة لها فى آسيا الوسطى . وجود خسائر بشرية فى الغرب وأمريكا ، لا يزعج صانعى السياسة فى امريكا وموسكو والعواصم الأوربية ، لأنهم يؤمنون بأنه فى هذه الحروب لا بد من تحمل قدر من الضحايا بين مواطنيهم مقابل ربح بالبلايين من بيع السلاح .

ثانيا : إستقطاب إعلامى وثقافى فى أمريكا حول الاسلام

 1 ـ على المستوى الاعلامى يوجد إستقطاب بين رأيين ينتهيان الى نتيجة واحدة ، هى تحميل الاسلام مسئولية ما تفعله داعش . فى هذا الاستقطاب قلّما يُشار الى الوهابية التى خرجت من عباءتها كل تيارات الارهاب ، وقلما يشار الى أنه يوجد فى أتباع كل دين ارهابيون ومتعصبون ومتطرفون . النغمة السائدة هى أن الاسلام هو المسئول ، وأن تلك الجماعات ( إسلامية ) والسائد هو ( الاسلام الراديكالى ) و( الجهاد الاسلامى ) .

2 ـ  فى هذا يقف طرفان متناقضان : السعودية والدول السُّنية التى تدور فى فلكها ، والتى تؤمن بالوهابية على أنها الاسلام الصحيح ، والطرف الآخر هم المتعصبون من المسيحيين والعلمانيين فى أمريكا والغرب والذين يكرهون إسم الاسلام وإسم المسلمين ، والذين رضعوا ثقافة الصراع العربى الغربى من عهد الفتوحات الى الحروب الصليبية الى الاستعمار . هم يرون الاسلام العدو الأكبر ، ولا يعرفون عنه إلا الفتوحات العربية والعثمانية والتى توغلت فى اوربا واستعمرت أجزاء منها وجاء الرد بالحروب الصليبية ثم بالاستعمار الأوربى الغربى.  يلتقى الطرفان النقيضان فى أن ما يحدث هو شريعة الاسلام ، وبشعار الاسلام وأنها سُنّة النبى محمد عليه السلام . وهنا تأتى أهمية وجود النبى بنفسه للتوضيح .

ثالثا : إستقطاب وجهل على مستوى المعرفة بالاسلام ــ فى أمريكا

1ـ لا يختلف الأمر كثيرا فى أقسام الدراسات الاسلامية والعربية والشرق أوسطية فى الجامعات الأمريكية وفى المراكز البحثية المستقلة . كان  معظم الأساتذة المتخصصين فى هذه المجالات من اليهود ، ولديهم بعض من الحياد والموضوعية ، ويرون الاسلام أقرب اليهم من المسيحية من حيث الايمان بالوحدانية ورفض الثالوث ، وكثرة الحديث فى القرآن عن  ابراهيم وموسى وبنى إسرائيل وأنبيائهم وقصصهم ، بما يتفق فى الكثير مع ما لديهم فى التوراة . ثم عدم تعرض اليهود فى تاريخ المسلمين الى إضطهاد دينى وعرقى بنفس ما حدث فى أوربا المسيحية . سيطر اليهود على أقسام الدراسات الاسلامية فى الجامعات الأمريكية ، خصوصا فى فترة الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتى وحيث لم يكن الاسلام وقتها ظاهرة جدلية خلافية ، ولم يكن للسعودية نفوذ ولا دور ضاغط .

2 ــ إختلف الأمر بعد حرب اكتوبر وإستعمال الملك فيصل لسلاح البترول ورفع ثمنه أضعافا مضاعفة وإمتلاء الخزانة السعودية بفوائض النقد ، وإحتلالها مركز القيادة للعرب والمسلمين على حساب مصر التى بدأت تتدهور بإضطراد خلال عهد السادات ومن جاء بعده . الملك فيصل إستغل فوائض عائدات البترول فى نشر الوهابية ( باسم الاسلام وسُنّة النبى عليه السلام ) فى أمريكا والغرب ، فظهرت سريعا آلاف المساجد الوهابية فى أمريكا وآلاف الجمعيات والجماعات التى تستغل المناخ الحُرّ والديمقراطية الأمريكية والاموال السعودية .

3 ـ ولأن الجامعات الأمريكية تعتمد على التبرعات ، فقد تدفقت الأموال السعودية والخليجية عليها ، واصبح من أسرع الطرق للثراء إنشاء مراكز إسلامية بحثية داخل تلك الجامعات وعقد مؤتمرات تستقطب الأساتذة . وتكاثرت المنح الدراسية مدفوعة الأجر واضحت الرياض مقصدا يحج اليها أساتذة أمريكيون لا يعرفون عن الاسلام سوى بضع سطور ولا يعرفون من العربية سوى بضع عبارات ، ويظهر الى جانبهم مرتزقة سماسرة من العرب والباكستانيين والهنود واليهود ، وبسرعة يتم إنشاء مركز بحثى أو قسم للدراسات الاسلامية أو العربية أو الشرق أوسطية ، وتنهال عليه التبرعات بالملايين .

4 ــ  بعد 11 سبتمبر ظهرت الحاجة الى دراسة (هذا الاسلام ) . ولم تعد هذه الدراسة ترفا فكريا بل أضحت ضرورة علمية وأمنية فى الجامعات الأمريكية. ولأنه ممنوع مقدما أى إنتقاد للوهابية أو مجرد بحثها موضوعيا فإن كل تلك الأقسام فى الدراسات الاسلامية والعربية والشرق أوسطية تجاهلت الموضوع مكتفية ببحث القشور . من هنا ظهر البديل فى مراكز علمية ليست بعيدة عن الأجهزة الأمنية ، تبحث فى الوهابية على انها الاسلام ولا ترى فارقا بينه وبين الوهابية ، وتتخذ منه موقفا عدائيا مسبقا فهو الذى أنتج القاعدة وهو الذى ترعرع فيه ابن لادن .

5 ــ وكالعادة فى الدراسات الاجتماعية والسياسية لا يوجد إهتمام ببحث جذور الموضوع . وهذا خطأ فادح حتى فى بحث الشيوعية ذات الجذور القريبة التى تنتمى الى قرنين فقط  ، فكيف بظاهرة تنتمى للماضى وهى ( ظاهرة سلفية ) و ( ماضوية ) ويأتى إلهامها من مؤلفات صيغت فى العصور الوسطى وتهدف الى إرجاع المسلمين الى عصور الخلافة فى القرون الوسطى . هنا لا بد من التركيز على الجذور الأصولية والتاريخية التى نبتت فيها تلك الحركات الوهابية الارهابية . تلك المراكز البحثية المستقلة نظرت الى شجرة الارهاب فلم يستحوذ على إهتمامها سوى الثمرة الوليدة ، ولم تر الورقة ولا الأغصان ولا الساق ولا الجذور . رأت فى  ثمرة الارهاب السامة المتفجرة شخصية مرسومة للنبى محمد وسُنّته . وهى نفس الرؤية السعودية الوهابية . وهنا تأتى أهمية وجود النبى بنفسه للتوضيح .

رابعا : جهل بالاسلام وتعصب بين خبراء السياسة الأمريكيين ( السنيين والصليبيين )

1 ـ العادة أن الخبراء فى موضوع الاسلام يؤتى بهم من تلك المركز البحثية وأقسام الدراسات الاسلامية والعربية والشرق أوسطية . وهم المُستشارون فى البنتاجون والخارجية الأمريكية والكونجرس و الأجهزة الأمنية .. والبيت الأبيض .  يجمع بينهم جميعا إتقان اللغة الانجليزية والجهل بالاسلام والمسلمين ، وعدم وضع فاصل بين الاسلام كدين والمسلمين كبشر.

2 ـ منهم مسلمون ( معظمهم هنود وباكستانيون لا يعرفون العربية ) وهم جميعا سنيون محافظون نشأوا تعلموا فى الحقبة النفطية السعودية التى قدمت الوهابية على أنها الاسلام والسُّنّة الصحيحة  ، ولا يعرفون عن القرآن إلا ما يقرأونه من الترجمات ، وأبرزها الترجمات الصادرة عن السعودية والتى تحمل فى هوامشها تأويلات الوهابية للقرآن الكريم . وإختصارا نقول عنهم ( الخبراء السنيون ) .  ومنهم مسيحيون وعلمانيون كارهون لاسم الاسلام وكارهون للقرآن ، ومعلوماتهم عنه جاءت من الرؤية الوهابية ومن معاناتهم من الارهاب الوهابى والفساد السعودى والعربى. وإختصارا نقول عنهم: ( الخبراء الصليبيون ).  

3 ـ فى إجتماعات مغلقة لأولئك الخبراء ( السنيين والصليبيين ) وفى حضور صانعى السياسة الأمريكية جرى إستعراض مجىء النبى محمد الى أمريكا ، ودرجة الاستفادة منه . كان اللوبى السعودى قد إستخدم كل نفوذه فى الإعلام الأمريكى فى الهجوم على النبى محمد ووصفه بأنه ( كذاب ) و ( ساحر ) و ( كاهن ) بنفس ما كانت تفعله قريش . وقد إتفق الخبراء السنيون والصليبيون مع اللوبى السعودى فى الهجوم على النبى وفى رفض دعوته وحضوره الى أمريكا ، وطالبوا بترحيله لأن وجوده سيعقّد الأزمة ، وتوقعوا أن داعش ستنتقم من أمريكا لأنها تدخلت لإنقاذه من الحبس الاحتياطى ، وقد تحاول إغتياله فى الأرض الأمريكية ، والسعودية الحليفة الكبرى لأمريكا آلمها تدخل أمريكا لانقاذ من تعتبره ساحرا كاذبا مدعيا للنبوة . أما وقد جاء النبى محمد فعلا الى أمريكا فلا بد من كشف مزاعمه وفضح إدعائه بالنبوة . وقدم الخبراء السنيون والصليبيون رؤيتهم  الموحدة فى النقاش مع النبى محمد . ووضعوا برنامجا لندواته التى ستنقلها أجهزة الاعلام الأمريكية والعالمية . وقالوا إنه بدلا من قتله جسديا ــ كما كان الرئيس المصرى يريد ــ فالأفضل قتله معنويا بفضحه أمام أعين العالم . وبهذا تعود الأمور فى الشرق الأوسط الى ما كانت عليه من نزاع وحروب وشقاق .

4 ـ  طلب صانعو السياسة الأمريكية من الخبراء السنيين والصليبيين إعداد تقرير بنموذج للأسئلة ، وفوجئوا بأن الخبراء قد جلسوا معا وأعدوا هذا النموذج للاسئلة . توزعت نُسخ التقرير على صانعى السياسة الأمريكية ، وإرتفعت لدى كل منهم ــ وهو يقرأ ــ (حاجب الدهشة ) من براعة الأسئلة وخبثها ومكرها .

خامسا :

1 ـ كل هذا والنبى محمد يتجول فى واشنطن تحت حراسة غير ظاهرة وبعيدا عن ملاحقة الاعلام . كان يرتدى زيا أمريكيا عاديا بحيث لم يستطع أن يعرف عليه أحد .

2 ـ فى واشنطن  رأى البيت الأبيض والبنتاجون و الخارجية الأمريكية والكونجرس ، وطاف بالمتاحف ودخل المتاجر والمنتزهات  والمكتبات وبعض الجامعات . تكلم مع الناس بلسان إنجليزى سليم ، أدهش مرافقيه وجعلهم يرونها معجزة ، إذ كيف تعلم الانجليزية بهذه السرعة ، وهو ينطق بها بلا لحن شأن أى أمريكى عريق .بعد واشنطن زار نيويورك وبوسطن وهيوستون ولوس انجليس .

3 ــ  لوحظ أنه رفض دخول أى مسجد سُنّى أو شيعى ، وكان يصلى منفردا فى غرفة الفندق . وأنه كان يغض البصر عندما يرى إمرأة كاسية عارية ، ولكنه كان يغضب ـ دون كلام ـ حين يرى إمرأة منقّبة أو رجلا ملتحيا يرتدى جلبابا سعوديا أو باكستانيا .

4 ــ قضى شهرين فى هذه الجولات ، والجدل قائم حوله يملأ مقدما الصحف و مواقع الانترنت والقنوات الفضائية . أغلبها هجوم عليه وتعليقات على الهجوم ، وهو يقرؤها ويبتسم . والجميه يترقب الندوات التى سيعقدها والأسئلة التى سيحاصره بها الصحفيون و( العارفون ) بالاسلام .  

موقف المحمديين من وجود النبى محمد فى أمريكا

أولا : مظاهرات المحمديين فى أمريكا ضد النبى محمد

1 ـ أثناء تجوال النبى محمد فى الساحل الشرقى أمريكا ثارت دعوات للإتحاد بين الأمريكيين السنيين والشيعة والصوفية ضد من أسموه بالدجال مدعى النبوة عميل المخابرات . وتنادى زعماء المحمديين فى أمريكا لنبذ خلافاتهم الدينية والمذهبية والعرقية فى مواجهة خطر  (مدعى النبوة ). وتم عقد مؤتمرات وإجتاعات تبحث كيفية التصدى لهذا الخطر .

2 ـ وإتخذوا قرارات عاجلة بتسيير مظاهرات عارمة تطالب بترحيله ، وعند رفض ترحيله تقوم مظاهرات ضده فى أى ندوة يلقيها أو مؤتمر يتحدث فيه . وتوحدت دعوتهم فى المساجد تشحن رواد المساجد وتؤجّج غضبهم وتجهزهم للمظاهرات المرتقبة . وأثناء تجوال النبى محمد فى الساحل الغربى إندلعت المظاهرات فى شتى المدن الآمريكية الكبرى فى توقيت موحد ترفع شعارات التنديد بوجود النبى وتتهمه بالكذب وإنتحال النبوة وأنه دجال ساحر ، وتدعو لطرده من أمريكا .

ثانيا : جدل فى اسى إن إن حول النبى محمد فى أمريكا

1 ـ وإستضافت قناة ال (سى إن إن ) زعماء  المحمديين السنيين والشيعة والصوفية ، وكانوا ثلاثة مختلفى المظهر ولكن تشابهت أقوالهم وتوحدت مطالبهم بضرورة طرد النبى محمد أو ما أسموه محمدا الكذاب .

2 ـ وأوقعوا أنفسهم فى مأزق ، إنتهزه مقدم البرناج فقال لهم إن أغلبهم أصلا مهاجرون جاءوا من بلادهم يطلبون اللجوء السياسى لأمريكا بمزاعم صحيحة أو ملفقة ، فحصلوا على اللجوء ، وأُتيحت لهم وفق القانون الأمريكى حرية التعبير وحرية الدين وحرية نشر دينهم  فى أمريكا ، بل وإستغل السنيون منهم هذه الحرية فى الإضرار بأمريكا بالتحريض على إرتكاب أعمال إجرامية ارهابية . وقال لهم إن الذي يتهمونه بالكذب وزعم النبوة تعرض للسجن والاضطهاد  لأنه أعرب عن رأيه ومعتقده ، وأنه بغض النظر عن الصحة أو البطلان فيما يقول ، فإن من حقه التعبير عن رأيه سلميا ، ومن حق الآخرين الردّ عليه الرأى بالرأى . وقال لهم مقدم البرنامج إن الواضح مما قاله أن حُجّته قوية بدليل أن شيخ الأزهر وعلماء السعودية وأئمة الشيعة عجزوا عن مواجهته بالحجة والبرهان فطالبوا بسجنه ، وحبسته الحكومة المصرية ووجهت له تهما مطّاطة لا وجود لها إلا فى دول الاستبداد والفساد . وقال لهم المذيع الأمريكى  إنه لولا تدخل أمريكا وإنقاذه لتعرض للقتل . وقال لهم على سبيل التوبيخ ـ غير المباشر ـ أنه من العجيب أن تهبّ الجمعيات الحقوقية فى أمريكا والعالم المتحضر للدفاع عن النبى ـ وأغلب أعضائها ليسوا مسلمين ، بل وبعضهم ملحدون ولا دينيون ، بينما يطالب ( المسلمون ) بطرده ، وهو الذى يستشهد فى كلامه بالقرآن الذى لا تؤمن به تلك الجمعيات الحقوقية بينما يؤمن به ( المسلمون ) . وأيضا وعلى سبيل التوبيخ  ــ غير المباشر ــ  كرّر لهم أنه من العجيب أن يتمتع المسلمون الأمريكيون ــ ومن بينهم السنيون المتطرفون  ـ بحرية التعبير وحرية الدين ويطالبون بمنعها عن النبى محمد . 

3 ـ وقد دافع زعماء المحمديين عن وجهة نظرهم بأن هذا الذى يدعى النبوة كذاب ويقوم بتشويه الاسلام ورفض السُّنّة النبوية ، وأنه مهما إستشهد بالقرآن فسيأتى الوقت الذى ينكر فيه السُّنة النبوية كما أنكر القرآن لأنه عندهم من أنكر السنّة سينكر القرآن . وتعجب مقدم البرنامج من حكمهم المسبق عليه بأنه سيأتى الوقت الذى سينكر فيه القرآن ، وقال لهم أن هذا الحكم الغيبى باطل لأنه يفترض أشياء لم تحدث بعد ،ويؤاخذه مقدما بشىء لم يفعله زاعما أنه سيفعله فى المستقبل ، وقال إن قولهم هذا مثل الذى يحكم بقتلكم الآن زاعما أنكم فى المستقبل ستقومون بأعمال إرهابية ، وسألهم : فهل ترضون بهذا ؟. ثم إستطرد المذيع قائلا : لا أعتقد أن الذى يبنى حجته على القرآن لن يأتى فى المستقبل لينكر هذا القرآن لأنه ببساطة يحكم على نفسه بالفشل .

4 ـ وعاد زعماء المحمديين يتهمون النبى أنه كذّاب ، فقال لهم مقدم البرنامج إذن بدلا من المطالبه بطرده وترحيله يمكنهم أن تواجهوه بما تشاءون من أتهامات وتدعونه الى مناظرة ، وال (سى إن إن ) مستعدة لاستضافتكم  (أنتم وهو ) فى هذه المناظرة وقتما تشاءون ، وقال لهم إنها ستكون مناظرة عادلة يلتزم فيها مدير المناظرة بالحياد ، وفق المعمول به فى مناظرات ال ( سى إن إن ) فى الانتخابات الرئاسية . قالوا أنه لا داعى لهذه المناظرة ، وأن معهم قائمة بالاتهامات وممكن أن يسلموها لمقدم البرنامج الآن . وأخرج كل منهم ورقة قدمها لمقدم البرنامج . نظر في كل منها مليا ثم ردها اليهم مبتسما قائلا : " هى تقريبا نفس الاتهامات . وليس لى أن أوجهها أنا له ، فأنا لا أتهمه ، أنتم الذين تتهمونه وعليكم أن تواجهوه بها . الأفضل أن تحتفظوا بها ، وتستفيدون بها فى المناظرة معه ". بدا عليهم الارتباك ، وتبادلوا النظرات . سألهم المذيع : ماذا ؟ قالوا إنهم لم يأتوا هنا لعرض المناظرة معه ، ولكن لإثبات كفره وكذبه وإنكاره للسُّنّة والحديث والشريعة . قال لهم المذيع : إذن أمامكم الفرصة لهذا فى مواجهته فى المناظرة ". قالوا إنهم يكتفون بتوجيه الاتهانات فقط . قال لهم : "وماذا عن حقه فى الدفاع عن نفسه والرد على هذه الاتهامات . وكما أنه من حقكم إتهامه فمن حقه الدفاع عن نفسه ، هذه هى الديمقراطية ، وهذا هو الحوار.!". قالوا إنهم لا يستطيعون اخذ قرار بالمناظرة معه إلا بعد الرجوع الى جمعياتهم وهى التى تقرر القبول أو الرفض . وانتهى اللقاء بتأكيد مقدم البرنامج على إستعداد السى إن إن عقد هذه المناظرة . وإن رفضوا فستدعو النبى محمدا ليرد على أتهاماتهم فى لقاء خاص .

5 ـ أحدث خوف زعماء المحمديين من مناظرة النبى محمد ردّ فعل هائلا ، وبدأ الرأى العام يميل اليه ، خصوصا مع جهود ال ( سى إن إن ) فى إذاعة أخبار ما حدث له فى مصر ، وأصبحت تستضيف خبراء مستقلين فى الاسلاميات وفى السياسة وفى حقوق الانسان تناقش معهم وضع النبى محمد فى أمريكا وسبب خوف زعماء المسلمين من مواجهته ، وخوف أئمة المسلمين فى الشرق الأوسط من الجدال معه . وأتفق الجميع على أهمية إتاحة الفرصة للنبى محمد أن يعبر عن الاسلام الذى يؤمن به ، وان يجيب بنفسه على هذه الأسئلة ، وتنبأوا بأن وجوده مهم فى مواجهة الارهابيين ( الاسلاميين ).

6 ــ زاد إنزعاج زعماء المحمديين من إهتمام ال (سى إن إن ) بالموضوع ، وأفزعهم أن القنوات الأمريكية الأخرى ـ خصوصا فوكس نيوز بدأت تنافس سى إن إن ، وتبعتها قنوات أخرى . قرروا عقد لقاء خاص لبحث الأمر .

ثالثا : زعماء المحمديين فى ( دار الندوة ) يتآمرون على النبى محمد :

1 ـ فى مزرعة نائية فى ولاية فيرجينيا عقدوا إجتماعا ضم أربعة من رؤساء منظماتهم وجمعياتهم ومساجدهم ، من السنيين والشيعة والصوفية . وكان عنوان الاجتماع : كيف يتصرفون فى مواجهة هذا الخطر . ومن الذى يتطوع بأن يناظر عدوهم هذا الذى جاء الى أمريكا يسبُّ آلهتهم ويسفّه أحلامهم ويسخر من عقائدهم .

2 ـ إتجهت الأنظار الى أكبر عالم سُنّى . إرتعب وقال : " لا تنظروا إلىّ . فقد خاف شيخ الأزهر نفسه من مناظرته ، وكذلك فعل مفتى السعودية وسائر أئمة أهل السُّنّة والجماعة . وهؤلاء هم شيوخنا ونحن تلامذتهم فكيف نجرؤ على ما عجزوا عنه ؟ " ثم أردف : " ماذا إذا إستشهد بما جاء فى صحيح البخارى وفضح ما فيه من الأحاديث الجنسية ؟ ماذا إذا أظهر ما فيه من طعن فى القرآن ؟ ماذا إذا أظهر ما فى أحاديثه من تناقض ؟ . أنا لا طاقة لى بهذا الرجل . "

3 ـ ثم إلتفت وأشار الى شيخ بجانبه وقال ساخرا : "قد يستطيع هذا شيخ الصوفية الشيخ بهلول بعلمه اللدنى وكراماته التى يخدع بها السذّج من مريديه " . ثار الشيخ الصوفى قائلا : " هل تتندر على يا شيخ مسعود ؟ هل نسيت أننى أعلم بعلاقاتك النسائية وزوجاتك العشرين حتى الآن ، وأن كل من تريد الدخول فى الاسلام تعاشرها جنسيا لتجعلها مسلمة بحجة تعليمها الاسلام على الطبيعة ؟" . هب الشيخ مسعود السُنّى صارخا : " أنت الذى بدأت هذا وتعلمناه منك يا شيخ بهلول . هل نسيت غرامياتك بين مريداتك ؟ . إنك لم تترك هذا إلا بعد أن أصبحت عجوزا . لا تنس أن لدى نساء دخلن الاسلام على يديك الكريمتين ـ ولا داعى لأن أقول غير هذا .! ..أنت تحقد على شبابى وصحتى .!" . 

4 ـ أشار اليهم الشيخ الشيعى مهدئا ، وقال : " كل منا يحتفظ للآخرين بتسجيلات وملفات ، والمباحث الفيدرالية تحتفظ لنا كلنا بتسجيلات أفظع ، لا فرق بين تسجيلات السرير أو حسابات البنوك والتحويلات من الخارج ولقاءاتنا فى المساجد والحوزات والبيوت ومع الأصدقاء والجيران والخلان . والمباحث الأمريكية لم تشأ أن تفضحنا لأننا تحت رحمتهم وتحت مراقبتهم ، فأرجوكم لا تفضحوا أنفسكم بأنفسكم ." سكتوا ، فقال الشيخ الشيعى : " لقد تعبت حتى إهتديت الى هذه المزرعة النائية لنجتمع فيها بعيدا عن مراقبة وتسجيل أجهزة الأمن الأمريكية . نحن الآن بمأمن من تجسسهم علينا ، وربما يهتدون الى هذا المكان بعد ذلك ، فلننتهزها فرصة الآن ونتفق على طريقة ننجو بها من خطر هذا النبى . من سوء حظنا أنهم لم يقتلوه هناك فاصبح مشكلة لنا ، فهو الآن فى حماية الأمريكان وله مثلنا حق التعبير . وواضح أننا نعجز عن مواجهته بالحجة . أنا شخصيا لا أستطيع الرد عليه لو تكلم معى عن كتاب ( الكافى ) للامام ( الكلينى ).

5 ـ قال الشيخ مسعود السُّنى : " كتاب الكلينى ملىء بالخرافات والأكاذيب ياشيخ مندور " . قال الشيخ مندور الشيعى : " كتاب الكلينى ( الكافى ) لا يختلف عن البخارى فى الخرافات والأكاذيب والأسانيد . ولا يمكن فهمه بالعقل ، ولا يجوز مناقشته بالعقل . بل المطلوب التصديق به كما هو . " قال الشيخ بهلول الصوفى : " هو نفس الحال مع كتاب (إحياء علوم الدين ) لسيدى أبو حامد الغزالى . " قال الشيخ مندور الشيعى : " هنا تتضح مشكلتنا مع هذا النبى ، أو أى شخص آخر إذا ناقشنا فى كتبنا المقدسة وهو لا يؤمن بها مثلنا . سيفضحنا. ". تنهد الشيخ مندور وقال : " المشكلة ليست فى أن هذا هو النبى محمد حقيقة أو كذبا ، ليست المشكلة فى نبوته أو كونه دجالا كاذبا . المشكلة أن أى شخص يناقش عقائدنا بالعقل ويعرضها على القرآن سيكتشف أننا نكرر ما كان يفعله مشركو قريش تماما . أى شخص لا يؤمن بما نؤمن به يمكن أن ينسف عقائدنا وأن يفضحنا بمجرد أن يقرأ المكتوب فى صحيح البخارى أو الكافى للكلينى أو الاحياء للغزالى. بل المشكلة ستكون اكبر لو أظهر ما فى كتب الشريعة السنية من تحريض على الارهاب . يكفى ما كتبه ابن تيمية وابن عبد الوهاب " والتفت الى الشيخ مسعود قائلا : : اليس كذلك يا شيخ مسعود ؟ " . سكت الشيخ مسعود يائسا .

36 ـ  إتجهت أنظارهم الى شيخ ساكت صامت . قالوا له معا : " ما رأيك يا شيخ غمدانى ؟ ". تنهّد الغمدانى وقال : " لا مفر من اللجوء لفتوى ابن تيمية والتى كررها الشيخ أبو بكر الجزائرى فى كتابه ( منهاج المسلم ) والشيخ سيد سابق فى  كتابه (فقه السُّنّة ) " . قال الشيخ بهلول الصوفى : " وما هى ؟ " . قال الشيخ غمدانى : " تقول الفتوى بقتل الزنديق بلا محاكمة ، وقتله عند العثور عليه ، وقتله حتى لو تاب . " . نطقوا جميعا فى صوت واحد : ( ينصر دينك يا غمدانى . ).!!

أخيرا

فى غرفة مغلقة وأمام شاشات جلس ثلاثة رجال يشاهدون هذا الاجتماع وفوقهم العلم الأمريكى ، ويظهر فى الشاشات من زوايا مختلفة شيوخ المحمديين الأربعة يعانق بعضهم بعضا . يجلسون مبتهجين ، والشيخ الغمدانى يقول : " جهزوا شابا يتطوع لينسف هذا النبى ومن حوله ، وتكلموا مع هذا الشاب المجاهد الاستشهادى فى عدد الحور العين اللائى ينتظرنه ." . قال الشيخ مسعود السُّنّى :" لدينا الكثير من هذه الحمير .!!" .