عرش الرحمن

آحمد صبحي منصور في الأحد ١٤ - يناير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
ما معنى الاية الكريمة (وكان عرشه على الماء) وما معنى العرش عموما ما معنى ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ) ؟
آحمد صبحي منصور
العرش هو السلطان المعنوى ، أو هو التحكم . وهذا هو الاستعمال السائد لكلمة العرش فى الاستعمال التاريخى والسياسى ، تقول ( تولى فلان العرش ) ( استولى على العرش ) ( جلس على العرش ) . ليس المقصود مجرد كرسى مادى أو عرش مادى ولكن التحكم ومباشرة السلطة . والله تعالى استعمل نفس المعنى.فى قوله تعالى ( ثم استوى على العرش ). ومعنى كون عرش الرحمن على الماء أن الماء هو البنية الحقيقية للخلق ، طبعا مع اختلاف مستويات ذلك الماء ، و من الماء المعروف لدينا خلق تعالى كل شىء حى نراه. ولذلك فان تحكم الخالق فى مخلوقاته بدأ ويبدأ بذلك الماء. هذا مبلغ علمنا ، والله تعالى هو الأعلم. وتفصيل القول فى ( الماء ) سيأتى فى ( القاموس القرآنى ) فى الموقع قريبا ان شاء الله تعالى.

ج : كما قلنا من قبل فان العرش هو السلطان والتحكم وممارسة السيطرة. والله تعالى ترك لنا جانبا من القوة والسيطرة نمارسه فى هذه الحياة الدنيا ، ونحن مساءلون يوم القيامة عن حريتنا وقدرتنا على ممارسة هذه القوة ، وذلك هو الاختبار الذى سنواجهه يوم القيامة. وفى يوم القيامة ـ بل عند الموت والاحتضار ـ وعند البعث و الحشر و العرض أمام الله تعالى و الحساب ـ نفقد حريتنا واختيارنا ، فيتم سوقنا و يجاء بنا الى الحساب ، وفى هذا اليوم تكون كل القوة و كل السيطرة لله تعالى وحده بعد أن انتهت الدنيا و انتهى اختبارنا فيها وتحدد يوم حسابنا على ما كان الله تعالى قد خولنا فيه من ثروة وقوة و حرية اختيار ، أى انتهى الاختيار وجاء موعد الاختبار, وفيه يكون الملك لله تعالى الواحد القهار ( لمن الملك اليوم ؟ لله الواحد القهار ) وبعد انتهاء الحساب يظل أهل النار فاقدين لحريتهم وهم تحت عذاب خالد أبدى فى النار ، بينما يستعيد أهل الجنة حريتهم وهم يتمتعون بنعيم أبدى.

فى تصوير تمام التحكم الالهى يوم القيامة يستعمل القرآن العزيز أسلوب المبنى للمجهول ، فيقول ( وجىء بالنبيين والشهداء ) ( وسيق الذين كفروا ) ( وسيق الذين أتقوا ربهم ) ( وجىء يومئذ بجهنم ) ويستعمل القرآن أساليب أخرى منها قوله تعالى ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ) ثم يقول بعدها مستعملا اسلوب المبنى للمجهول ( يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ) ففى الدنيا هناك سرائر ونفاق وأعمال ظاهرة ورياء و أحاسيس متوارية. وهى تمثل أهم عناصر القوة للانسان فى الدنيا حيث لا يستطيع أحد أن يتحكم فى سريرة الانسان وما يحب وما يكره سوى الانسان نفسه ، وهو الأعلم بما يخبئه فى سريرته. ولكن يوم القيامة كل انسان يصبح مكشوفا مفضوحا للآخرين لا تخفى من أعماله خافية ، تحمل نفسه كل ما كسبت يداه فى جسده الأخروى حيث يكون الجسد الجديد هو نفس عمله الذى عمله فى الدنيا ويكون هو مؤهله للجنة أو للنار ، وتلك قصة أخرى.

اجمالي القراءات 28202